العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دورة محظورات الإحرام- 2/5

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
المحظور الثالث:
أجمع العلماء على أنه لا يحل للمحرِم الذَّكَر تغطية رأسه بملاصق من دون عذر

دليله:
ما روى ابن عباس–رضي الله عنهما-أن رجلاً وقصه بعيره ، ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيباً ، ولا تخمِّروا رأسه ، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبداً . متفق عليه

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَلْبَسُ الْقُمُصَ ، وَلا الْعَمَائِمَ ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ ، وَلا الْبَرَانِسَ ، وَلا الْخِفَافَ ) متفق عليه.


حكى الإجماعَ ابنُ المنذر وابنُ عبد البر وغيرُهما، وقال ابن تيمية في "شرح العمدة": ( وجملة ذلك أن تغطية الرأس على المحرِم حرام بإجماع المسلمين ).
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
واختلفوا في تغطية الأذنين؛ فمنهم من قال بأنه محظور، وهو قول المالكية والحنابلة؛ لحديث: ( الأذنان من الرأس ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، والصواب أنه موقوف ولا يصح مرفوعاً.
وعند الشافعية: أنه يحرم تغطية البياض الذي وراء الأذنين
وقال آخرون: لا يحرم ستر الأذنين.


واختلفوا في تغطية الوجه؛ فمنهم من قال بأنه محظور
لرواية جاءت لحديث ابن عباس، وفيه: ( ولا تخمِّروا وجهـه ) مسلم وغيره.
نقل ابن المظفر عن البخاري أنه قال: ( والصحيـح : لا تخمروا رأسه )، وقال البيهقي: ( ذكر الوجه على شك فيه في متنه ورواية الجماعة الذين لم يشكوا وساقوا المتن أحسن سياقة أولى أن تكون محفوظة ) ، وقال أيضاً: ( ورواية الجماعة في الرأس وحده وذكر الوجه غريب ).

نسبة أقوال العلماء في تغطية الوجه للمحرِم:
قال الموفق في "المغني": ( وفي تغطية المحرم وجههروايتان :
إحداهما :
يباح ذلك ، روي ذلك عن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بنعوف وزيد بن ثابت وابن الزبير وسعد بن أبي وقاص وجابر والقاسم وطاووس والثوري والشافعي.
الثانية :
لا يباح ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك؛ لما روي عن ابن عباس أن رجلاً وقع عن راحلته فوقصته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اغسلوهبماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة يلبيولأنه محرم على المرأة فحرم على الرجل كالطيب.
ولنا ما ذكرنا من قول الصحابة ولم نعرف لهم مخالفاً في عصرهم فيكون إجماعاً، ولقوله عليه الصلاة والسلام: ( إحرام الرجلفي رأسه وإحرام المرأة في وجهها )، وحديث ابن عباس المشهور فيه: ( ولا تخمروا رأسه)هذا المتفق عليه.
وقوله: ( ولا تخمروا وجهه ). فقال شعبة: حدثنيه أبو بشر. ثم سألته عنهبعد عشر سنين، فجاء بالحديث كما كان يحدِّث، إلا أنه قال: ( ولا تخمروا وجهه ورأسه )، وهذا يدلعلى أنه ضعف هذه الزيادة، وقد روي في بعض ألفاظه: ( خمروا وجهه ولا تخمروا رأسه ) فتتعارض الروايتان. وما ذكره يبطل بلبس القفازين ).

الراجح: أن تغطية الوجه مباحة للمحرم الذكر، كما هو قول الشافعية والرواية المعتمدة في مذهب الحنابلة، وأن اللفظة التي اعتمد عليها من منع من ذلك شاذة، وقد صح المنقول عن عثمان وزيد بن ثابت وابن الزبير، وصح عن جابر أنه قال: يغتسل المحرم ويغسل ثيابه، ويغطي أنفه من الغبار، ويغطي وجهه وهو نائم .


وأما ما ذكره ابن قدامة: ( إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها ) فضعيف مرفوعاً، وصححه البيهقي وابن حجر موقوفاً على ابن عمر.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
المقدار الذي تجب به الفدية في تغطية الرأس:

المذاهب الأربعة –فيما أعلم- على أنه لا يشترط لوجوب الفدية ستر جميع الرأس، كما لا يشترط في فدية الحلق استيعابه[font=times new roman(arabic)]..[/font]

- قال الأحناف: تجب إن غطى رأسه بالعمامة ونحوها مما يقصد به التغطية، وأما ما لا يقصد به التغطية فغير محظور، و لو حمل على رأسه شيئاً فإن كان مما يقصد به التغطية من لباس الناس فلا يجوز له ذلك وتجب به الفدية.

- قال المالكية: تجب إن غطى بعضه، ولو استظل بغير ملاصق كالشمسية فكذلك، عدا الأبنية كالبيوت والسقائف والجدران والأخبية كالخيام والشجر، فيباح لانفصاله. ولو حمل على رأسه شيئاً لحاجته أو حاجة دوابه فلا بأس، وإن كان لغيره دون حاجة نفسه فممنوع.

- قال الشافعية: تجب بستر قدرٍ يُقصَد ستره لغرض، كشد عصابة وإلصاق لصوق لِشَجَّة ونحوه.
قال في الروضة:( ولو توسد وسادة أو وضع يده على رأسه أو انغمس في ماء أو استظل بمحمل أو هودج فلابأس، سواء مس المحمل رأسه أم لا ).

- قول الحنابلة: تجب إن غطى بعض رأسه، ولو بعصابة أو خرقة أو قرطاس أو حناء، ولو استظل بغير ملاصق فكذلك على المعتمد، واستثنوا ما لا يقصد به التغطية من حمل متاع على رأسه لنقله؛ لأن المقصود النقل لا التغطية، وكذا الاستظلال بالأبنية والأخبية.


وأما الساتر التابع، غير المنفصل، كالمراكب التي تصنَع على الإبل وغيرها مِثل المحمل والهودج، فمذهبهم كمذهب المالكية في كونه محظوراً يوجب الفدية، خلافاً للحنفية والشافعية.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
واستدل المانعون بما أخرجه النسائي والبيهقي بإسناده صحيح أن ابن عمر –رضي الله عنهما- أبصر رجلا ًعلى بعيره وهو محرم قد استظل بينه وبين الشمس ، فقال: اضْحِ لمن أحرمت له.
وابن عمر من أعلم الناس بالسنة، ولم ينكر عليه هذا أحد من المسلمين في موسم الحج.

وذهب الآخرون إلى ما روى مسلم وغيره عن جابر -رضي الله عنه- قال: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فرأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخِذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة .
قال الشوكاني: ( ويجاب بأن قول ابن عمر لا حجة فيه)، وكأنه يرى أنه ندب منه إلى الأفضل عنده.


فائدة: قال القرطبي: في الحديث أن ابن عمر رأى رجلا محرما قد استظل ، فقال : أَضحِ لمن أحرمت له. هكذا يرويه المحدثون بفتح الألف وكسر الحاء من أضحيت . وقال الأصمعي: إنما هو إضح لمن أحرمت له ؛ بكسر الألف وفتح الحاء من ضحيت أضحى ؛ لأنه أمره بالبروز للشمس ؛ ومنه قوله تعالى: ((وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى)). أهـ
وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في "شرح العمدة" في تصويب قول الأصمعي.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
تنبيهات وتتمات:

1- بعض الأحناف يروون حديثاً: (إحرام الرجل في رأسه و وجهه)، ولا أعرف له أصلاً بهذا اللفظ، ومن وجد له أصلاً فليفدني به.


2- يقول الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير": (والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه: رواية أبي الشعثاء جابر بن زيد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في محرِم خر من راحلته، فوُقِص، فمات: ( لا تخمروا رأسه، وخمروا وجهه )، ولأنه إجماع الصحابة، لأنه مروي عمن ذكرنا منهم، وليس يعرف لهم مخالف، وما حكي عن ابن عمر فليس بمخالف لهم، لأن عنده ما فوق الذقن من الرأس، فهو إنما أوجب كشفه لوجوب كشف الرأس، ولأنه شخص محرم، فوجب أن لا يلزمه كشف عضوين ).

أ. قلت: ترى أن هذه الرواية التي ذكرها الماوردي -رحمه الله- تخالف الرواية عند مسلم التي حكم بشذوذها جمع من أهل العلم، وفيها: (ولا تخمِّروا وجهه)..
ورواية: ( وخمِّروا وجهه، ولا تخمِّروا رأسه ) في "الأم" للشافعي، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، وعند البيهقي، باب لا يغطي المحرم رأسه..
وقد أشار الموفق ابن قدامة في المغني إليها -كما نقلنا آنفاً- حيث قال: ( وقد روي في بعض ألفاظه‏:‏ ‏(‏خمروا وجهه ولا تخمروا رأسه‏)‏ فتتعارض الروايتان ).
قال الحافظ في "الفتح": (قال منصور: ‏"‏ولا تغطوا وجهه ‏"‏، وقال أبو الزبير: ‏"‏ ولا تكشفوا وجهه ‏"‏).

ب. أما ما أجاب به الماوردي عن قول ابن عمر –رضي الله عنه- فمحتمل، وليس مجزوماً به، وأشار إلى ما رواه مالك والبيهقي من قول ابن عمر: ( ما فوق الذَّقَن من الرأس فلا يخمِّره المحرِم ).

3- أجاب النووي وغيره عن حديث النهي عن تغطية الوجه، وهذا جواب من قَبِلَ تلك الزيادة أو فَرَضَ أنها محفوظة، فقال في "المجموع شرح المهذب": ( إنما نهى عن تغطية وجهه لصيانة رأسه، لا لقصد كشف وجهه، فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمَن أن يغطوا رأسه ).
قلت: وهذا الجواب فيه تكلف كما هو ظاهر، والله أعلم.. وقد قال الشوكاني في "نيل الأوطار": ( وهذا التأويل لا يلجِئ إليه ملجِئ ).

4- الخلاف في حكم تغطية الوجه والأذنين إنما هو في حق الذكر، كالحال في تغطية الرأس، وأما المرأة فيأتي الكلام على حكمها إن شاء الله.

5- أجمعوا على منع المحرِم من تغطية الرأس كما تقدم، وإنما محل هذا الإجماع فيما إذا كان المحرِم حياً..

وأما من مات محرِماً؛ فاختلفوا فيه:
فقال الحنفية والمالكية: يجوز أن يغطى رأسه.
لما روي عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المحرم يموت : (خمِّروهم ولا تشبهوهم باليهود) رواه الدارقطني، ولكنه ضعيف.

وقال الشافعية والحنابلة: بل لا يجوز ذلك، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما، وهو الحق إن شاء الله.

وأجاب بعض من قال بالأول بأن حديث ابن عباس في الذي وقصته دابته إنما كان واقعة عين، هي واقعة عين لا عموم فيها؛ لأنه علل ذلك بقوله ‏"‏ لأنه يبعث يوم القيامة ملبيا ‏"‏ وهذا الأمر لا يتحقق وجوده في غيره فيكون خاصاً بذلك الرجل؛ ولو استمر بقاؤه على إحرامه لأمر بقضاء مناسكه.
وقال أبو الحسن بن القصار‏:‏ لو أريد تعميم الحكم في كل محرم لقال: ‏"‏ فإن المحرم ‏"‏ كما جاء: ‏"‏ أن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دما‏ً"‏.

وأجيب بأن الحديث ظاهر في أن العلة في الأمر المذكور كونه كان في النسك وهي عامة في كل محرم، والأصل أن كل ما ثبت لواحد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت لغيره حتى يتضح التخصيص. وانظر الفتح.


 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
المحظور الرابع:
أجمع العلماء على حرمة لبس المخِيط في حق المحرِم الذكر دون عذر

دليله: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَلْبَسُ الْقُمُصَ ، وَلا الْعَمَائِمَ ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ ، وَلا الْبَرَانِسَ ، وَلا الْخِفَافَ، إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفلَ من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس ) متفق عليه.

قال ابن تيمية في "شرح العمدة": ( فنهى النبي r عن خمسة أنواع من اللباس تشمل جميع ما يحرم، وقد أوتي جوامع الكَلِم، وذلك أن اللباس إما أن يصنَع [للبدن] فقط فهو القميص، وما في معناه من الجبة والفروج ونحوهما، أو للرأس فقط وهو العمامة وما في معناه، أو لهما وهو البُرْنُس وما قي معناه، أو للفخذين والساق وهو السراويل وما في معناه من تبّان ونحوه، أو للرِّجلين وهو الخف ونحوه، وهذا مما أجمع عليه المسلمون )
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ليتك تعرِّج على الخلاف الواقع فيمن لم يجد النعلين فلبس الخفين، أو من لم يجد الإزار فلبس السراويل، هل يجب القطع؟ وهل تجب الفدية إذا لم يقطع؟
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
ليتك تعرِّج على الخلاف الواقع فيمن لم يجد النعلين فلبس الخفين، أو من لم يجد الإزار فلبس السراويل، هل يجب القطع؟ وهل تجب الفدية إذا لم يقطع؟

لا بد من ذلك يا شيخ.. لكنني شغلت عن إتمام الدورة بدخول ليلة عرفة..
وأسأل الله أن ييسر لي التمام

وأمنيتكم هذه توجب علي البداءة بهذه المسألة.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
والمخيط، يريدون به المُحِيـط بالمهملة، وهو اللباس المصنوع على قدر العضو، واللباسُ المعتادُ.. سواء أحاط ببدنه كله أو بعضو منه.

وأما ما لم يكن مفصلاً على قدر العضو، فليس بمحظور، ولو كان فيه خياطة.

قال العثيمين -رحمه الله- في "الشرح الممتع": ويذكر أن أول من عبَّر بلبس المخيط إبراهيم النخعي ـ رحمه الله ـ، وهو من فقهاء التابعين؛ لأنه في الفقه أعلم منه في الحديث، ولهذا يعتبر فقيهاً، فقال: «لا يلبس المخيط» ، ولما كانت هذه العبارة ليست واردة عن معصوم صار فيها إشكال:
أولاً: من حيث عمومها.
والثاني: من حيث مفهومها.
لأننا إذا أخذنا بعمومها حرمنا كل ما فيه خياطة؛ لأن المخيط اسم مفعول بمعنى مخيوط، ولأن هذه العبارة توهم أن ما جاز لبسه شرعاً في الإحرام إذا كان فيه خياطة فإنه يكون ممنوعاً، أي: لو أن الإنسان عليه رداء مرقع، أو رداء موصول وصلتين بعضهما ببعض، فهل هو مخيط أو لا؟.
الجواب: هو لغة مخيطٌ خِيْطَ بعضه ببعض، وهذا ليس بحرام، بل هو جائز.
فالتعبير النبوي أولى من هذا، لأن فيه عدًّا وليس حدًّا وليس فيه إيهام. أهـ

وأما إذا طرح القَباء على كتفيه دون أن يدخل يديه ففي ذلك خلاف بين أهل العلم، والأظهر جوازه بلا فدية كقول الحنفية ورواية عن أحمد، وأما الرواية المعتمدة في مذهب أحمد فلزوم الفدية، كقول مالك والشافعي.

والقَبَاء: عباءة أو ثوب مفتوح من الأمام، وقد جاء ذكره في رواية عند الدارقطني والبيهقي لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، فيها: ( ولا يلبس القباء ).

ولا يجوز لبس الخفين إلا إذا عدم النعلين عند الجمهور، فإذا عدمهما جاز أن يلبس الخفين، لما في حديث ابن عمر: (إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفلَ من الكعبين ) متفق عليه
وفي حديث ابن عباس: سَمِعْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بعَرَفَاتٍ : ( مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَس خُفَّيْن، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارَاً فَلْيَلْبَسْ سَراوِيلَ ) رواه مسلم. وحديث جابر مرفوعاً: ( من لم يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل ) رواه مسلم.
وأوجب بعض العلماء الفدية إذا لبس الخفين لعدم وجود النعلين، ودليلهم أن هذا مقيس على ما لو احتاج لحلق رأسه ففعل، فعليه الفدية بالنص والإجماع.. ولأنه جاء عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.


واختلف العلماء :هل يلزمه أن يقطعهما كما في حديث ابن عمر؟ أو لا يلزمه لإطلاق حديث ابن عباس وجابر؟
- فقول أبي حنيفة ومالك والشافعي ورواية عن أحمد: أنَّ قطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين شرطٌ في جواز لبسهما.
واستدلوا بأن حديث ابن عباس مطلق عن قيد القطع، وحديث ابن عمر مقيد بشرط القطع، فيحمل المطلق في عرفات على المقيد في المدينة.

-والمشهور عن أحمد، وهو من مفردات الحنابلة، ونصره ابن تيمية أنه لا يقطعهما؛ لأن في ذلك إفساداً وإضاعة للمال، واستدلوا لذلك بدعوى أن حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- ناسخ لحديث ابن عمر –رضي الله عنهما- لتأخره عنه، لا سيما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله في جمع عظيم بعرفات ولم يبين لهم أن القطع لازم ولا أن فيه الفدية، وتأخير البيان عن وقت الحاجة إليه لا يجوز وقوعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكروا أن ابن عمر كان يفتي بالقطع، ثم رجع عنه لما بلغه الترخيص في لبسهما دون قطع.

قال الخطابي:العجب من أحمد في هذا فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه وقلت سنة لم تبلغه.
قال الزركشي: ( قلت: والعجب من الخطابي في توهمه عن أحمد مخالفة السنة أو خفاؤها ). قال: ( فقد اطلع على السنة، وإنما نظر نظراً لا ينظره إلا الفقهاء المتبصرون، وهذا يدل على غايته في الفقه والنظر ).

ومال ابن الجوزي في "التحقيق"إلى إعلال حديث ابن عمر بالوقف، وهذا عجيب منه رحمه الله تعالى، حتى قال ابن الملقن في "الإعلام": ( وإنما فعل هذا هنا نصرةً لمذهبه ).

قال الموفق ابن قدامة: ( والأَولى قطعُهما، عملاً بالحديث الصحيح وخروجاً من الخلاف وأخذاً بالاحتياط ).

وقد رأيتَ أن الحكم والسبب فيهما متحدان، وإذا كان الأمر كذلك فحمل المطلق على المقيد لازم. إلا أن الحنابلة قد اعترضوا بأن قوله بعرفات قد شهده جمع غفير من حديثي العهد بالإسلام، وأكثرهم من غير المدينة وفيهم الأعراب، وقد أمرهم أن يأخذوا عنه مناسكهم، فكيف يجوز أن يكون الأمر مقيداً بقيد سابق لم يشهده أكثرهم، ولا سبيل لهم إلى العلم به غالباً؟! وما كان كذلك فلا يصح أن يكون مقيَّداً بما هو دونه.

قال ابن القيم: ( فدل على أن هذا الجواز لم يكن شرع بالمدينة، وأن الذي شرع بالمدينة هو لبس الخف المقطوع، ثم شرع بعرفات لبس الخف من غير قطع ).
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
وأما السراويل ؛ فأكثر العلماء على أنه لا يلزم فتقه إذا لم يجد الإزار، فإنه إذا كان بفتقه يصير إزاراً فلا فدية إجماعاً كما قال ابن تيمية.

فأما عدم لزوم الفتق مطلقاً؛ فلأنه لم يرد الأمر بذلك في حديث ابن عباس ولا في حديث جابر ولا في غيرهما، ولا يجوز حمل كلامه صلى الله عليه وسلم فيهما على الخف المقطوع أو السراويل المفتوق دون قرينة.

وخالف في ذلك محمد بن الحسن من الحنفية، والجويني من الشافعية، وغيرهما فاشترطوا فتق السراويل ليباح لبسه، على أن الموفق ابن قدامة قد قال في "المغني": ( لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أن للمحرِم أن يلبس السراويل إذا لم يجد الإزار ).
ومسلك هؤلاء طردُ القياس، فكما أنه أُمِر أن يقطع في الخفين، فالسراويل مثلهما ولا فرق.

ولذا فبعض الحنابلة ألزموا الجمهور بطرد القياس كما طرده هؤلاء؛ فكما أنهم أجازوا لبس السراويل بلا فتق عند عدم الإزار، فليجيزوا لبس الخفين بلا قطع.

إلا أن للجمهور أنه لا قياس مع النص، وأن السراويل إذا فُتِق لم يبق سراويل.
ولكنَّ ابن القيم في "تهذيب السنن" قال: (ولا يسلم من مخالفة النص والقياس إلا من جوز لبسهما بلا قطع)

وإذا لبس السراويل عند عدم الإزار فهل تلزمه الفدية؟ أم لا تلزمه ؟

فعند الحنفية والمالكية: لزومها كمن جاز له حلق شعر رأسه للعذر.
وعند الشافعية والحنابلة: عدمه.

- أما المالكية فاعتبروا لبس السراويل محظوراً مطلقاً ولو عدم الإزار؛ لعموم حديث ابن عمر، وفيه: ( ولا السراويلات ).. وفي الموطأ أن مالكاً سئل عن حديث ابن عباس فقال: لم أسمع بهذا.

- والحنفية اعتمدوا النهي المطلق في حديث ابن عمر واعتبروه محظوراً إلا أنه يجوز فعله للإذن بلبسه، كما جاء الإذن بارتكاب المحظورات للعذر.

- والشافعية أجازوا أن يلبس عند عدم الإزار، دون فدية؛ لأنها ضرورة.. ووافقهم الحنابلة في هذا القول

1- وفرقوا بين ما جاز لمرض ونحوه وبين ما جاز للضرورة: بأن الحاجة تدفع الإثم دون الفدية كحاجته لحلق رأسه، وأن الضرورة تدفعهما،كعدم وجود السراويل.

2- واحتجوا على الحنفية بأنهم قد جعلوا لبس السراويل بدلاً عن الإزار عند عدمه، والبدل يجب أن يكون له حكم المبدل، فينبغي أن لا تجب فيه الفدية مثله.

3- وفرقوا بين ما أبيح لمعنى فيه، وما أبيح لمعنى في غيره.

نظير ما إذا خرج بعينه شعر فأزاله فلا فدية عليه، أما لو حلق رأسه لتأذيه بالقمل والوسخ فدى؛ لأن الأذى من غير الشعر.. وكذا لو قتل صيداً صال عليه فخافه على نفسه فلا فدية، وأما لو قتل حيواناً لغيره في مخمصة ليحيي به نفسه ضمنه، ومن ذلك أيضاً: لو قلع شوك الحرم لأذاه لم يضمنه، ولو احتاج إلى إيقاد غصن شجرة ضمنه.

فمن أتلف شيئاً لدفع أذاه له لم يضمنه، وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه.

وانظر القاعدة السادسة والعشرين من قواعد ابن رجب رحمه الله تعالى.

والراجح -عندي- قول الشافعية والحنابلة؛ لما تقدم، ولأن النصوص المبيحة لذلك لم يأت فيه ما يشير إلى لزوم الفدية؛ إذ المباح لا تجب فيه الفدية إلا إن كان في معنى ما وجبت فيه من كل وجه. والله تعالى أعلم.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
النقاب والقفازان للمرأة المحرمة:
جاء في بعض روايات حديث ابن عمر –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: ( لا تنتقبِ المرأةُ المحرِمة، ولا تلبسِ القفازين ) رواه البخاري وغيره.

قال الشيخ عبد الله السعد في "الحج أحكامه وصفته" حاشية 29: (روى هذه الزيادة البخاري في «صحيحه»(1838) من طريق الليث عن نافع عن عبدالله بن عمر , وقال بعدها : ( تابعه موسى بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية وابن إسحاق في النقاب والقفازين,وقال عبيد الله : ولا ورس , وكان يقول : لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين , وقال مالك عن نافع عن ابن عمر : لا تتنقب المحرمة , وتابعه ليث بن أبي سليم ) .

وشرح الحافظ ابن حجر في «الفتح» كلام البخاري هذا , وملخص كلامه أن هذه الزيادة فيها أربعة أوجه :
الأول : من روى هذه الزيادة ضمن الحديث المرفوع , ورواه على هذا الوجه : الليث وموسى بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية .
الثاني : من روى هذه الزيادة مرفوعة ولكن جعلها في أول الخبر , ورواه على هذا الوجه : ابن إسحاق .
الثالث : من روى هذه الزيادة لوحدها موقوفة , ورواه على هذا الوجه : الإمام مالك وفضيل بن غزوان وليث بن أبي سليم .
الرابع : من روى الحديث فجعل أول الخبر مرفوعا , ووقف هذه الزيادة على ابن عمر , ورواه على هذا الوجه : عبيد الله بن عمر العمري .

قال الحافظ ابن حجر : ( الثقات إذا اختلفوا وكان مع أحدهم زيادة قدمت ولا سيما إن كان حافظا ولا سيما إن كان أحفظ , والأمر هنا كذلك فإن عبيد الله بن عمر في نافع أحفظ من جميع من خالفه , وقد فصل المرفوع من الموقوف , وأما الذي اقتصر على الموقوف فرفعه فقد شذ بذلك وهو ضعيف , وأما الذي ابتدأ في المرفوع بالموقوف فإنه من التصرف في الرواية بالمعنى , وكأنه رأى أشياء متعاطفة فقدم وأخر لجواز ذلك عنده , ومع الذي فصل زيادة علم فهو أولى , أشار إلى ذلك شيخنا في «شرح الترمذي» ) ا.هـ .

قلت : هذه الزيادة إن كانت ثابتة مرفوعة فلا كلام , وإن كانت موقوفة فمثل هذا قد لا يقال بالرأي , ويؤيد ذلك ما سيأتي ذكره عن عائشة والحسن وعطاء ) أهـ كلام السعد

قال الشوكاني: ( والانتقاب: لبس غطاء للوجه فيه نقبان على العينين تنظر المرأة منهما )

وقال في القُفَّاز: ( ما تلبسه المرأة في يديها فيغطي أصابعها وكفها عند معاناة الشيء كغزل ونحوه، وهو لليد كالخف للرِّجل )، وقال الحجاوي في "الإقناع" وغيره : ( وهما: كل ما يُعمَل لليدين إلى الكوعين، يُدخِلهما فيه، يسترهما من الحر، كالجورب للرِّجلَين، كما يعمل البُزاة ). والبُزاة هم الذين يحملون البازي والصقر للصيد، وقد اعتادوا أن يضعوا على أيديهم شيئاً ليقف عليه الصقر.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
أقوال العلماء في المسألة:

ذهب جمهور العلماء إلى منع المحرمة من لبس القفازين، وأباحه الحنفية، وهو قول عند الشافعية. وحكي جواز ذلك عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وعن الثوري رحمه الله تعالى، وحكي عن علي وعائشة وابن عمر رضي الله عنهم قولان كالمذهبين.

ولعل حجة المجيزين ما جاء من أن إحرام المرأة في رأسها، وما جاء عن بعض الصحابة من إباحة ذلك.
قال الحافظ ابن عبد البر: ( وأما القفازان فاختلفوا فيهما أيضاً، وروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يلبس بناته وهن محرمات القفازين، ورخصت فيهما عائشة أيضاً، وبه قال عطاء والثوري ومحمد بن الحسن، وهو أحد قولي الشافعي وقد يشبه أن يكون مذهب ابن عمر لأنه كان يقول إحرام المرأة في وجهها.
وقال مالك: إن لبست المرأة قفازين افتدت، وللشافعي قولان في ذلك: أحدهما تفتدي، والآخر لا شيء عليها.
قال أبو عمر -هو ابن عبد البر-: الصواب عندي قول من نهى المرأة عن القفازين وأوجب عليها الفدية؛ لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ) .

واتفقوا على أن للمحرمة أن تغطي رأسها وتلبس المخيط، والخلاف في النقاب والبرقع والقفازين، والخَلْخال والسوار وما شابههما من الحلي، والكحل.

وحكي الإجماع على أنها يحرم عليها أن تغطي وجهها إلا لحاجة؛ فإحرامها في وجهها كما أن إحرام الرجل في رأسه. حكاه ابن المنذر، وابن عبد البر، وابن قدامة، وابن حجر، وابن رشد .. أما اليدان فلها أن تغطيهما بثوب أو عباءة أو خمار.

ونازع في ذلك ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وجمع من المتأخرين.
قال شيخ الإسلام: ( ولأن وجه المرأة كبدن الرجل وكيَدِ المرأة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين"، ولم ينهها عن تخمير الوجه مطلقاً، فمن ادعى تحريم تخميره مطلقاً فعليه الدليل، بل تخصيص النهي بالنقاب وقرانه بالقفاز دليل على أنه إنما نهاها عما صنع لستر الوجه كالقفاز المصنوع لستر اليد والقميص المصنوع لستر البدن.
فعلى هذا يجوز أن تخمره بالثوب من أسفل ومن فوقما لم يكن مصنوعاً على وجه يثبت على الوجه، وأن تخمره بالملحفة وقت النوم، ورأس الرجل بخلاف هذا كله، وقال ابن أبي موسى: ومتى غطت وجهها أو تبرقعت افتدت ).

وقال ابن القيم في "بدائع الفوائد": (ومن قال إن وجهها كرأس المحرم فليس معه بذلك نص ولاعموم ولا يصح قياسه على رأس المحرم؛ لما جعل الله بينهما من الفرق ).

وقال في "تهذيب السنن": ( وأما نهيه في حديث ابن عمر المرأة أن تنتقب وأن تلبس القفازين، فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه, فيحرم عليها فيه ما وضع وفُصِّل على قدر الوجه كالنقاب والبرقع , ولا يحرم عليها ستره بالمقنعة والجلباب ونحوهما , وهذا أصح القولين ).

وقال الصنعاني في "سبل السلام": (ومن قال إن وجهها كرأس الرجل المحرم لا يغطى شيء فلا دليل معه ).
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
قد رأيتَ في المشاركة السابقة أن بعض أهل العلم جنح إلى أن المرأة المحرِمة إنما نُهِيَت عن تغطية وجهها "بأشياء مخصوصة"، لا أن المنهي عنه مطلق تغطية الوجه، كما أن الرجل منهي عن تغطية البدن بأشياء مخصوصة..
على أن الجمهور، وحكاه كثيرون إجماعاً، يرون المحرِمةَ منهيةً عن تغطية الوجه مطلقاً بأي شيء إلا لحاجة، كما أن الرجل منهي عن تغطية رأسه مطلقاً.


وللجمهور ما جاء عن محمد بن المنكدر قال: رأى ابن عمر امرأة قد سدلت ثوبها على وجهها وهي محرمة، فقال لها: اكشفي وجهك فإنما حرمة المرأة في وجهها. وصححه ابن حزم.
وعند الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر قال: إحرام المرأة في وجهها،واحرام الرجل في رأسه. وصححه البيهقي وابن حجر، وقد جاء مرفوعاً ولا يصح.
وظاهر ما رواه أحمد وأبو داود والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه. وهو ضعيف

وأجيب عن قول الجمهور بأجوبة:
الأول: أن ابن عمر رضي الله عنهما قد خالفته عائشة زوج النبي وأسماء وهما أعلم بأحكام النساء في هذا الباب منه رضي الله عنه، ثم إن ابن عمر قد خالف جمهورالصحابة في كثير من مسائل الإحرام لما عرف عنه من الورع، فقد ذكر ابن حزم في "المحلى" عن معاذة العدوية قالت:سئلت عائشة أم المؤمنين : ما تلبس المحرمة؟ فقالت : لا تنتقب ولا تلثم وتسدل الثوب على وجهها.
وروى ابن ابي شيبة عن عائشة قالت :تلبس المحرمة ما شاءت من الثياب إلا البرقع والقفازين ولاتنقب.


ونوقش بأن ابن عمر رضي الله عنهما هو راوي: (ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)، وهو أعلم بمرويِّه فلا يصح الانتقال عن قيله ما لم تتحقق مخالفة الصحابة له.. فلا يُعتَرَض بمثل آرائه الاجتهادية التي نقلتموها وثبت مخالفتها للحديث، أو ثبت (وتحقق) أن من الصحابة من خالفه فيها.
ثم قد ثبت أن أسماء -رضي الله عنها- إنما كانت تغطي وجهها من الرجال:
فقد روى علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمشط قبل ذلك في الإحرام. أخرجه الحاكم، وقال : صحيح على شرط الشيخين. قال الألباني: ووافقه الذهبي وهو كما قالا.

فقول الموفق -رحمه الله- في "المغني"(3/305) : ( لا نعلم في هذا خلافاً إلا ما رُوي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة.
ويحتمل أنها كانت تغطيهِ بالسدل عند الحاجة فلا يكون اختلافاً )
فها هو قد جاء ما يقوي هذا الاحتمال الذي ذكره وأنها إنما كانت تغطي وجهها من الرجال، فلا ينخرم الإجماع المحكي بمثل هذا، ولا يجوز طعنٌ في إجماعٍ منقولٍ من أئمةٍ معتبرين إلا بما لا يتطرق إليه احتمالٌ مما هو منسوب صراحةً إلى قائليه من أهل العلم.
قال الباجي بعد ذكر أثر أسماء: ( وإنما يجوز أن يخمرن وجوههن على ما ذكرنا بأن تسدل ثوباً على وجهها تريد الستر، ولا يجوز أن تسدله لحر ولا لبرد، فإن فعلت ذلك فعليها الفدية ).

واعتُرِض بأن زيادة "من الرجال" في هذه الرواية عند الحاكم مرجوحة؛ لأنه من الكوفيين، ورواية أهل المدينة عن هشام أثبت من رواية أهل الكوفة؛ لتغير هشام.

الثاني: كيف تكون تغطية الوجه من المحظورات مع أنه لم يرد في المسألة شيء مرفوع، ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي اللهعنهم ما يوجب كشف الوجه على المحرمة إلاهذا الأثر.

وجوابه : أن هذا ليس بغريب، بل إبطال الحج بالجماع وفدية ذلك لم يرد فيه شيء مرفوع، وتقليمالأظفار لم يرد فيه شيء مرفوع..
والمرفوع : (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) يحصل به المقصود عن بُعد، وكون المرفوع الآخر لا يثبت سنداً: لا يعني أنه لا يمكن أن يكون قد سمعه ابن عمر فيأخذ موقوفه حكم الرفع. والله أعلم.

الثالث: أن اعتماد قول ابن عمر: إحرام المرأة في وجهها، يلزم منه أنه يباح لها لبس القفازين؛ لأنهما في اليدين لا في الوجه.

ويناقش بأن قوله بأن إحرامها في وجهها لا يستلزم هذا، كما أن قوله: "إحرام الرجل في رأسه" لا يستلزم عدم المنع من لبس المحرم للخفين.

أقول: لا شك أن ما ذكره من خالف الجمهور قويٌّ من جهة النظر، ولكنَّ الإجماع المدعى يوجب أن يتهيب المرء المخالفةَ، لا سيما أن المذكور عن الصحابة غير ابن عمر -رضي الله عنهما- يدخله الاحتمال، ولو كان صريحاً عنهم -رضي الله عنهم- في المسألة لكان للطعن في الإجماع المذكور مستمسَك، والله أعلم.
وكأن المخالف لهذا الإجماع لم يرتضِه، ولذا جرى الخلاف فيها.
 
إنضم
1 سبتمبر 2008
المشاركات
111
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
الإمام أحمد بن حنبل
بارك الله فيكم

تنبيهات وتتمات:

1- بعض الأحناف يروون حديثاً: (إحرام الرجل في رأسه و وجهه)، ولا أعرف له أصلاً بهذا اللفظ، ومن وجد له أصلاً فليفدني به.
من ذكر ذلك؟

بحثت في كثير من كتب الحنفية فلم أجد له ذكراً بهذا اللفظ.
 
أعلى