العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هجرة الحاج محمد جعمات من دار الغرور الى دار السرور

أبوبكر الأغواطي محمد

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
34
التخصص
دراسات لغوية وقرآنية
المدينة
الوسط
المذهب الفقهي
مالكي
هجرة الحاج محمد جعمات ( أبو درهم )
من دار الغرور إلى دار السرور
من مواليد 1917 م
الحمد لله الحي الذي لا يموت ، وصلى الله على أفضل خلق الله محمد بن عبد الله ، أشرف مخلوق ، خاطبه ربه بأشرف كلام ، فقال عز من قائل : (( إنك ميت وإنهم ميتون ))
في ثالث أيام محرم من السنة الهجرية الجديدة 1431 وقبيل شروق الشمس غابت شمس عالم من علماء الأغواط ، فهاجر الحاج محمد جعمات إلى ربه ، وخرجت مدينة الأغواط شيبا وشبانا تشيع جثمانه الطاهر ، وغادر بيته وزغاريد النساء يتردد صداها في الأفق العالي كأنها توافق فرحة ملائكية بروحه الطاهرة .
وراحت مواكب المشيعين تتدافع فوجا بعد فوج بخطى متسارعة ، وصمت مهيب يكاد يصرخ في كل نفس برهبة الانتقال من دار الغرور إلى دار السرور ، كان الجميع منبهرا من جلال الموقف ورهبة الجنازة و فجاءة الموت التي خطفت هذا الشيخ العزيز دون سابق إنذار .
ولعل مشهد الجنازة وحده كاف للتعبير عن مكانة الرجل في قلوب الناس ، فلقد كان حبيبا للبعيد قبل القريب ، بشوشا تظهر ملامح الابتسام على وجهه وإن كان عبوسا ، وفي صوته حشرجة تزيد من فصاحته حسنا وجمالا ، فقد كان فصيحا صحيحا صريحا ، يحب اللغة العربية حبا جما ، ويحفظ من الشعر ما يحفظ ، فله في كل مقام شاهد من الشعر أو الحكمة ، و له لكل اسم بيتا من الشعر يبادر به صاحبه كلما لقيه ، فقد كنت كلما زرته خاطبني ببيت من الشعر محلى بروحه الخفيفة وابتسامته الحانية محورا شعر عمرو بن كلثوم قائلا : أبا بكر فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا ، وسمعت عن الدكتور سليمان بن علي أنه كان يخاطبه ببيت من الشعر أيضا ..
إن الكلام عن تاريخ الرجل بحاجة إلى جمع و ضبط وتأريخ وتحقيق ، وما أورده في هذا المقال ما هو إلا نزر قليل مما تناهى إلى أسماعنا عنه بحكم الجيرة وملازمة الوالد له ، وما هو إلا فيض مشاعر جادت بها نفوسنا الحزينة على فراق الشيخ ، ولمّا نستفد منه علما وأدبا بعدُ بما يكفي للسير في هذه الحياة .
بعد يوم واحد من وفاته – رحمه الله – ذهب صاحبه الملازم له ( الحاج الجنيدي ) لمواساة أولاده والاطمئنان عليهم ، وعندما دخل الحجرة التي كان يجالسه فيها صدم لهول ما رأى من فراغ يلف تلك الحجرة – رغم أنها كانت تضيق بالمعزين – ولم يصرف نظره عن المكان الذي كان الشيخ يجلس فيه حتى انهمرت عيناه بالدموع ، ثم انصرف عن المكان وكأنه لم يصدق بوفاة صاحبه إلا في تلك اللحظة .
نعم لقد كان فراغا كبيرا تركه الشيخ .. فراغا في المكان وفراغا في الزمان ، بعد أن عمّر القلوب بالحب ، والعقول بالعلم ، فلا يخلو قلب من حبه ، ولا عقل من فائدة جليلة حصلها منه .
ومما يعرف عنه – رحمه الله – أنه كان عضوا في هيئة التدريس بجمعية العلماء المسلمين بالأغواط ، فهو رجل من رجال التربية الأوائل الذين تربى على أيديهم أجيال وأجيال من أبناء الأغواط ، وكان صحفيا كاتبا بجريدة البصائر أيام الاستعمار ، فكان لسانه سيفا قاطعا ، وقلمه سهما مصوبا نحو صدور الكافرين ، وكانت تتقفى آثاره أيادي الاستعمار الخفية وتسأل عن صاحب الاسم المستعار في الجريدة التي كانت تقض مضجع المستدمر الغاشم .
كما أنه أسس جريدة الشط ، اللسان الناطق باسم جمعية العلماء في الأغواط لتثبيت القيم الإسلامية والثوابت الوطنية في نفوس أهل الأغواط وضواحيها .
وقد كانت له علاقة خاصة مع أعلام جمعية العلماء ومنهم أبو بكر الحاج عيسى الأغواطي والشيخ بن عزوز رحمهم الله جميعا ، ومما سمعته عن والدي أنه سمع عن الشيخ الحاج محمد جعمات رحلته مع الشيخ الحاج عيسى أبوبكر الأغواطي على الدراجات الهوائية إلى منطقة آفلو لزيارة الشيخ الإبراهيمي في منفاه .
فرحم الله هذا الرمز الشامخ من رموز الأغواط الولودة بالعلماء في كل جيل ووقت ،
وإنه والله لم يمت في قلوبنا فذكراه حية ما بقي في هذا الجسد روح .
و والله إن هذه الكلمات القليلة والمعلومات الشحيحة لا تستطيع أن تقدم بعض الوفاء لهذا الرجل ، غير أنها محاولة لتعريف الناس ببعض ما له من فضل .
والله أسأل أن يتغمد فقيدنا برحمته الواسعة وأن يجمعنا به في مقعد صدق عند مليك مقتدر رفقة سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم .
ملاحظة :
أرجو من كل من قرأ هذا المقال وله ملاحظات أو إضافات عن حياة الشيخ أن يفيدنا بها مأجورا مشكورا بإذن الله .
أبوبكر الأغواطي
الأغواط في : 05 محرم 1431 هـ

 

أبوبكر الأغواطي محمد

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
34
التخصص
دراسات لغوية وقرآنية
المدينة
الوسط
المذهب الفقهي
مالكي
و قد ترك ذرية من بعده
هم من خيرة الرجال والنساء وأغلبهم من رجال التربية والتعليم
مازالوا ينشرون رسالة العلم في أوساط الشباب
 

أبوبكر الأغواطي محمد

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
25 أبريل 2009
المشاركات
34
التخصص
دراسات لغوية وقرآنية
المدينة
الوسط
المذهب الفقهي
مالكي
حفظ القرآن الكريم في كوردان ( عين ماضي ) حيث كان مقيما مع والده ، ثم قفل راجعا إلى مدينة الأغواط بالشطيط الغربي ، فانخرط مع شباب المدينة في نشاط ثقافي وعلمي،
غير أن نشاطه الثقافي هذا لم يكن يضمن له لقمة العيش في ظل الاستدمار ، فتعلم حرفة النجارة والميكانيك ، وعرف عنه أنه كان ميكانيكيا بارعا ، وكان إذا فرغ من عمل يومه توجه إلى المدرسة الحرة أو النادي الأدبي الذي كانت تعقده جمعية العلماء مدرسا أو متعلما، حتى استقلت الجزائر فانخرط في التعليم وترك المهنة .
ملاحظات :
* - جريدة الشط التي تكلمنا عنها في المقال لم تكن مكتوبة توزع على الناس حذرا من غدر الاستعمار وتتبع أصحابها ، وإنما كانت تلقى على مسامع الحاضرين في النادي الأدبي مشافهة، ولا يسمح بتناقلها مكتوبة حتى لا يتعرض أصحابها للاعتقال من قبل الاستعمار، وكانت تقدم على أنها مجلة من إخوانهم في ليبيا ، فكانت تبدأ بتقديم التحية والمساندة المعنوية من الليبيين تمويها وتضليلا لعيون الاستعمار، ولم يكن يعرف هذا السر إلا الخاصة من أصحاب جمعية العلماء .
*- كان الشيخ محمد جعمات يلقي الدروس في مسجد الشيخ المبروك كويسي رحمه الله تعالى وهذا الأخير كان صاحب نزعة متصوفة فهو ابن الزاوية العزوزية وهو أحد مشايخ الأغواط في تحفيظ القرآن الكريم وخدمة العلم .
ورغم أن الحاج محمد جعمات كان كثيرا ما يحتدم النقاش بينه وبين الشيخ مبروك كويسي إلا أن هذا النقاش والحوار لم يكن يفسد الود بينهما، فقد كان يختلف معه وسرعان ما يعود إليه مبتسما ويلقي الدروس في مسجده .
فهذه الصورة تدل على سعة صدريهما ووسع علميهما فكلاهما من أعلام الأغواط وعلمائها رحمهما الله تعالى .
كما سمعت عن والدي أنه أقام مأدبة عشاء ذات مرة عندما اشتد الخلاف بين الشيخين للإصلاح بينهما حضرها الشيخ أبوبكر الحاج عيسى الأغواطي رحمه الله تعالى والشيخ محمد بن عزوز ، والشيخ الطيب لحيرش رحمهم الله جميعا .
*- ورد ذكر الشيخ محمد بن عزوز رحمه الله تعالى على أنه من أعلام جمعية العلماء ، وهو بالفعل كذلك غير أنه اعتزل عنها وأنشأ مدرسة خاصة .
ورغم أنه انفصل تنظيميا عن جمعية العلماء غير أنه ظل ثابتا على منهجها في الدفاع عن ثوابت الأمة ، وظل يسير على خطاها خاصة في التعليم الحر الذي يحصن أبناء الجزائر من التعليم الفرنسي الذي كان يهدف إلى مسخ الهوية الوطنية واستئصال حب الدين من قلوب الجزائريين
 
أعلى