د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
هذا بحث مطول لابن رجب نصر فيه قول الجمهور بإدراك الركعة بالركوع ورد على قول البخاري ومن معه أن الركعة لا تدرك إلا بإدراك قراءة الفاتحة
فدونك البحث، وقد كسلت عن تلخيص أو ذكر أهم معالم البحث ، أو حتى طريقة سير البحث
فلعل بعض الإخوة يقرأ هذا العلق النفيس ويلخصه لنا على أحد الأوجه السابقة
ـــــــ
في فتح الباري لابن رجب في كتاب الأذان:
باب إذا ركع دون الصف
حدثنا موسى بن إسماعيل : ثنا همام ، عن الأعلم - وهو : زياد - ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ، أنه انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكع ، فركع قبل أن يصل إلى الصف ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : ((زادك الله حرصاً ولا تعد )) .
قال ابن رجب رحمه الله:
وقد استدل بهذا الحديث على مسألتين .
المسألة الأولى :
من أدرك الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة ، وإن فاته معه القيام وقراءة
الفاتحة .
وهذا قول جمهور العلماء ، وقد حكاه إسحاق بن راهويه وغيره إجماعا من
العلماء . وذكر الإمام أحمد في رواية أبي طالب أنه لم يخالف في ذلك أحد من أهل الإسلام ، هذا مع كثرة اطلاعه وشدة ورعه في العلم وتحريه .
وقد روي هذا عن عليٍ وابن مسعود وابن عمر وزيد بن ثابتٍ وأبي هريرة - في رواية عنه رواها عبد الرحمن بن إسحاق المديني ، عن المقبري ، عنه .
وذكر مالك في ((الموطأ )) أنه بلغه عن أبي هريرة، أنه قال : من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة .
وهو قول عامة علماء الأمصار .
ثم من رأى أن القراءة لا تجب على المأموم استدل به على أن القراءة غير لازمة للمأموم بالكلية ، ومن رأى لزوم القراءة له كالشافعي قال : إنها تسقط ها هنا للضرورة وعدم التمكين منها .
وجعله إسحاق دليلاً على أن القراءة لا تجب إلا في ثلاث ركعاتٍ من الصلاة .
ولازم هذا : أنه لو أدرك الركوع في ركعةٍ من الصبح أنه لا يعتد بها ؛ لأنه فاتته القراءة في نصف الصلاة .
وهذا التفصيل محدث مخالف الإجماع .
وقد روي أن الصلاة التي ركع فيها أبو بكرة هي صلاة الصبح ، وسيأتي - إن شاء الله
وذهبت طائفة إلى أنه لا يدرك الركعة بإدراك الركوع مع الإمام ، لأنه فاته مع الإمام القيام وقراءة الفاتحة ، وإلى هذا المذهب ذهب البخاري في (( كتاب القراءة خلف الإمام )) ، وذكر فيه عن شيخه علي بن المديني أن الذين قالوا بإدراك الركعة بإدراك الركوع من الصحابة كانوا ممن لا يوجب القراءة خلف الإمام ، فأما من رأى وجوب القراءة خلف الإمام ، فأنه قال : لا يدرك الركعة بذلك ، كأبي هريرة ، فأنه قال : للمأموم : أقرأ بها في نفسك . وقال : لا تدرك الركعة بإدراك الركوع .
وخرَّج البخاري في ((كتاب القراءة )) من طريق ابن إسحاق : أخبرني الأعرج ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام : قائماً قبل أن تركع .
ثم ذكر أنه رأى ابن المديني يحتج بحديث ابن إسحاق ، ثم أخذ يضَّعف عبد الرحمن بن إسحاق المديني الذي روى عن المقبري ، عن أبي هريرة خلاف رواية ابن إسحاق ، ووهَّن أمره جداً .
وقد وافقه على قوله هذا ، وأن من أدرك الركوع لا يدرك به الركعة ، قليل من المتأخرين من أهل الحديث ، منهم : ابن خزيمة وغيره من الظاهرية وغيرهم وصَّنف فيه أبو بكر الصبغي من أصحاب ابن خزيمة مُصنفاً .
وهذا شذوذٌ عن أهل العلم ومخالفةٌ لجماعتهم .
وقد روي عن زيد بن وهب ، أنه أدرك الركوع وقضى تلك الركعة ، وهذا يحتمل أنه شك في إدراكها إدراكاً يعتد به ، فلا ينسب به إليه مذهب .
وقد روي عن ابن عمر ، أنه إذا امترى : هل ركع قبل رفع إمامه أم لا ، لم يعتد بتلك الركعة ، وهو قول جمهور العلماء .
وأيضا ؛ فقد قال زيد بن وهب : إنه كان وابن مسعودٍ ، وإنهما ركعا دون الصف ، قال : فلما فرغ الإمام قمت أقضي ، وأنا أرى أني لم أدرك .
فقال ابن مسعودٍ : قد أدركته.
فتمام الرواية يدل على أن ما فعله قد أنكره عليه ابن مسعود ، ولم يكن أحد من التابعين يصر على فعله مع إنكار الصحابة عليه .
والمروي عن أبي هريرة قد اختلف عنه فيه ، وليس عبد الرحمن بن إسحاق المديني عند العلماء بدون ابن إسحاق ، بل الأمر بالعكس ؛ ولهذا ضَّعف ابن عبد البر وغيره رواية ابن إسحاق ، ولم يثبتوها ، وجعلوا رواية عبد الرحمن مقدمة على روايته .
قال ابن عبد البر في المروي عن أبي هريرة : في إسناده نظر . قال :
ولا نعلم أحداً من فقهاء الأمصار قال به . وقد روي معناه عن أشهب .
وعبد الرحمن بن إسحاق هذا يقال له : عباد . وثَّقه ابن معين . وقال أحمد : صالح الحديث .
وقال ابن المديني : هو عندنا صالح وسط -: نقله عنه أبو جعفر بن أبي شيبة ، وأنه قال في محمد بن إسحاق كذلك : إنه صالح وسط .
وهذا تصريح منه بالتسوية بينهما .
ونقل الميموني ، عن يحيى بن معين ، أنه قال في محمد بن إسحاق :
ضعيف . وفي عبد الرحمن بن إسحاق الذي يري عن الزهري : ليس به بأس . فصرح بتقديمه على ابن إسحاق .
وقال النسائي : ليس به بأس . وقال أبو داود : محمد بن إسحاق قدري معتزلي ، وعبد الرحمن بن إسحاق قدري ، إلا أنه ثقة .
وهذا تصريح من أبي داود بتقديمه على ابن إسحاق ، فأنة وثقه دون ابن إسحاق ، ونسبه إلى القدر فقط ، ونسب ابن إسحاق إلى القدر مع الاعتزال .
وعامة ما أنكر عليه هو القدر ، وابن إسحاق يشاركه في ذلك ويزيد عليه ببدع أخر كالتشيع والاعتزال ؛ ولهذا خرَّج مسلم في (( صحيحه )) لعبد الرحمن بن إسحاق ولم يخّرج لمحمد بن إسحاق إلا متابعة .
وأيضاً ؛ فأبو هريرة لم يقل : إن من أدرك الركوع فاتته الركعة ؛ لأنه لم يقرأ بفاتحة الكتاب كما يقوله هؤلاء ، إنما قال : لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائماً قبل أن يركع ، فعلل بفوات لحوق القيام مع الإمام .
وهذا يقتضي أنه لوكبر قبل أن يركع الإمام ، ولم يتمكن من القراءة فركع معه كان مدركاً للركعة ، وهذا لا يقوله هؤلاء ، فتبين أن قول هؤلاء محدث لا سلف لهم
به .
وقد روي عن أبي سعيد وعائشة : لا يركع أحدكم حتى يقرأ بام القرآن .
هذا - إن صح - محمول على من قدر على ذلك وتمكن منه .
وقد أجاب البخاري في (( كتاب القراءة)) عن حديث أبي بكرة بجوأبين :
أحدهما : أنه ليس فيه تصريح بأنه اعتد بتلك الركعة .
والثاني : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاه عن العود إلى ما فعله .
فأما الأول ، فظاهر البطلان ، ولم يكن حرص أبي بكرة على الركوع دون الصف إلا لإدراك الركعة ، وكذلك كل من أمر بالركوع دون الصف من الصحابة ومن بعدهم أنما أمر به لإدراك الركعة ، ولو لم تكن الركعة تدرك به لم يكن فيه فائدة بالكلية ، ولذلك لم يقل منهم أحد : أن من ادركه ساجداً فأنه يسجد حيث أدركته السجدة ، ثم يمشي بعد قيام الإمام حتى يدخل الصف ، ولو كان الركوع دون الصف للمسارعة إلى متابعة الإمام فيما لا يعتد به من الصلاة ، لم يكن فرق بين الركوع والسجود في ذلك .
وهذا أمر يفهمه كل أحد من هذه الأحاديث والآثار الواردة في الركوع خلف الصف ، فقول القائل : لم يصرحوا بالاعتداد بتلك الركعة هو من التعنت والتشكيك في الواضحات ، ومثل هذا إنما يحمل عليه الشذوذ عن جماعة العلماء، والأنفراد عنهم بالمقالات المنكرة عندهم .
فقد أنكر ابن مسعود على من خالف في ذلك ، واتفق الصحابة على موافقته ، ولم يخالف منهم أحدٌ ، إلا ما روي عن أبي هريرة ، وقد روي عنه من وجه أصح منه أنه يعتد بتلك الركعة .
واما الثاني ، فإنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكرة عن الإسراع إلى الصلاة ، كما قال : ((لا تأتوها وأنتم تسعون )) ، كذلك قاله الشافعي وغيره من الأئمة ،وسيأتي الكلام على ذلك فيما بعد - إن شاء الله تعإلى .
وكان الحامل للبخاري على ما فعله شدة إنكاره على فقهاء الكوفيين أن سورة الفاتحة تصح الصلاة بدونها في حق كل أحدٍ ، فبالغ في الرد عليهم ومخالفتهم ، حتى التزم ما التزمه مما شذ فيه عن العلماء ، واتبع فيه شيخه ابن المديني ، ولم يكن ابن المديني من فقهاء أهل الحديث ، وأنما كان بارعا في العلل والأسانيد .
وقد روي عن النبي ، أن (( من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة )) ، من حديث أبي هريرة ، وله طرق متعددة عنه . ومن حديث معاذ وعبد الرحمن بن الأزهر وغيرهم . وقد ذكرناها مستوفاة في (( كتاب شرح الترمذي )) .
وأكثر العلماء على أنه لا يكون مدركا للركعة إلا إذا كبر وركع قبل أن يرفع إمامه ، ولم يشترط أكثرهم أن يدرك الطمأنينة مع الإمام قبل رفعه .
ولأصحابنا وجه باشتراط ذلك .
ومن العلماء من قال : إذا كَّبر قبل أن يرفع إمامه فقد أدرك الركعة ، وإن لم يركع قبل رفعه ، منهم : ابن أبي ليلى والليث بن سعد وزفر ، وجعلوه بمنزلة من تخَّلف عن إمامه بنومٍ ونحوه .
ولكن الجمهور إنما قالوا بالمتخلف بالنوم ونحوه أنه يركع ثم يلحقه ؛ لأنه كان متابعاً له قبل الركوع فيغتفر في الاستدامة ما لا يغتفر في الابتداء .
وروي عن هؤلاء الثلاثة - أيضاً.
وعن الحسن بن زياد -أيضاً - : أنه إذا كبر بعد رفع رأسه من الركوع قبل أن يسجد اعتد له بالركعة .
وقد تقدم عن الشعبي ، أنه قال : إذا أنتهيت إلى الصف المؤخر ، ولم يرفعوا رءوسهم ، وقد رفع الإمام رأسه ، فركعت معهم ، فقد أدركت ، لأن بعضهم أئمة لبعض .