أبوبكر بن سالم باجنيد
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 13 يوليو 2009
- المشاركات
- 2,540
- التخصص
- علوم
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. أما بعـد:
فقد يظن قارئ كريم أنني بصدد الترجيح في المسألة من خلال موضوعي هذا، والحق أن هذه المسائل من المُحَال أن يقطع فيها الخلاف ما دامت الأدلة محتملة والمدارك مختلفة، والترجيح فيها لمن كان أهلاً للترجيح أمر محمود لا يذم.
ولكنني هنا أرمي إلى نقطة متعلقة بفقه الخلاف والتعامل مع المخالف، وبتجلية بعض الأمور التي قد تسكن مما نراه اليوم من مظاهر التراشق الملتهب في مثل هذه المسائل بين بعض المبيحين وبعض الموجبين.
أولاً: الحجاب على المؤمنات -أمام غير محارمهن ونسائهن- فرض في الإسلام، والخلاف في فرضيته خلاف غير سائغ، لا ينبغي الالتفات إليـه؛ لمخالفته الأدلة الظاهرة المحكمة.
ثانياً: الخلاف في حكم تغطية الوجه (النقاب وما في حكمه) خلاف معتبر، فلا يجوز إقصاء القول بجواز كشف الوجه ولا التهكم بقائله إن كان من أهل العلم والدين ومجانبة الهوى، والتهويشُ بأنه قول مخالف للإجماع غلط، كما أن دعوى الإجماع العملي في صدر الأمة على تغطية الوجه ليست صواباً؛ لأن ذلك يحتمل -على فرض ثبوته- أن يكون على فعلٍ مستحب، فلا دلالة في هذا على قطع النزاع في المسألة.. كما لا يجوز القول بأنه ليس مع الموجب دليل البتة، أو أنه يصدر عن موروثاته، ولا التهويش بأن القول بوجوب تغطية الوجه مخالف للإجماع أيضاً.
ثالثاً: لا شك أن تغطية المرأة وجهها عن الأجانب أفضل، وهذا الأمر ينبغي أن يكون متفقاً عليه بين الفريقين لاعتبارات عدة من جهة عمل السلف، ومن جهة النظر.
رابعاً: ليعلم الناظر أن كثيراً من الأدلة التي يستدل بها الموجبون: هي ذاتها ما يستدل به المبيحون، وعلى هذا يجب أن يتعامل مع هذا الخلاف بنفس أصولي متزن يعلم أن لكل قول مستنده الشرعي ونظره المرعي، ويوقن بأن الأدلة محتملة.
خامساً: لا يجوز الطعن في عالم أخذ بأحد القولين باذلاً جهده، لا رمي الموجِب بالتشدد والرجعية، ولا رمي المبيح بالإباحية والتساهل؛ لأن هذا الخلاف قائم بين أئمة الإسلام كما لا يخفى، والطعن في أحدهما لذلك بغي وعدوان لا يحل لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر.
ولئن كان بعض أعداء الإسلام قد أرادوا نزع النقاب عن وجوه المسلمات، وأثاروا الشبه حول المنتقبات، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن يكون القائل بالإباحة سائراً في صفهم، أو أسيراً لعولمتهم.
وإن كنا ندعوا أخواتنا المسلمات إلى الأخذ بالأفضل والأحوط عند الفريقين، فلا ننسى أنه لا يحل عِرض الموجب أيضاً، ولا أن يدعى -تخرصاً وظناً- أن قوله نابعٌ عن عادة قومه، صادرٌ عن تقاليد ورثها عن آبائه.. (( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً* يصلِح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع اللهَ ورسولَه فقد فاز فوزاً عظيماً ))
فالطرفان هنا فريقان بغى بعضهما على بعض، والوسط فريق عرف فقه الخلاف، ووزن الأمور على وجهها الذي يقتضيه الإنصاف. والله أعلم
فقد يظن قارئ كريم أنني بصدد الترجيح في المسألة من خلال موضوعي هذا، والحق أن هذه المسائل من المُحَال أن يقطع فيها الخلاف ما دامت الأدلة محتملة والمدارك مختلفة، والترجيح فيها لمن كان أهلاً للترجيح أمر محمود لا يذم.
ولكنني هنا أرمي إلى نقطة متعلقة بفقه الخلاف والتعامل مع المخالف، وبتجلية بعض الأمور التي قد تسكن مما نراه اليوم من مظاهر التراشق الملتهب في مثل هذه المسائل بين بعض المبيحين وبعض الموجبين.
أولاً: الحجاب على المؤمنات -أمام غير محارمهن ونسائهن- فرض في الإسلام، والخلاف في فرضيته خلاف غير سائغ، لا ينبغي الالتفات إليـه؛ لمخالفته الأدلة الظاهرة المحكمة.
ثانياً: الخلاف في حكم تغطية الوجه (النقاب وما في حكمه) خلاف معتبر، فلا يجوز إقصاء القول بجواز كشف الوجه ولا التهكم بقائله إن كان من أهل العلم والدين ومجانبة الهوى، والتهويشُ بأنه قول مخالف للإجماع غلط، كما أن دعوى الإجماع العملي في صدر الأمة على تغطية الوجه ليست صواباً؛ لأن ذلك يحتمل -على فرض ثبوته- أن يكون على فعلٍ مستحب، فلا دلالة في هذا على قطع النزاع في المسألة.. كما لا يجوز القول بأنه ليس مع الموجب دليل البتة، أو أنه يصدر عن موروثاته، ولا التهويش بأن القول بوجوب تغطية الوجه مخالف للإجماع أيضاً.
ثالثاً: لا شك أن تغطية المرأة وجهها عن الأجانب أفضل، وهذا الأمر ينبغي أن يكون متفقاً عليه بين الفريقين لاعتبارات عدة من جهة عمل السلف، ومن جهة النظر.
رابعاً: ليعلم الناظر أن كثيراً من الأدلة التي يستدل بها الموجبون: هي ذاتها ما يستدل به المبيحون، وعلى هذا يجب أن يتعامل مع هذا الخلاف بنفس أصولي متزن يعلم أن لكل قول مستنده الشرعي ونظره المرعي، ويوقن بأن الأدلة محتملة.
خامساً: لا يجوز الطعن في عالم أخذ بأحد القولين باذلاً جهده، لا رمي الموجِب بالتشدد والرجعية، ولا رمي المبيح بالإباحية والتساهل؛ لأن هذا الخلاف قائم بين أئمة الإسلام كما لا يخفى، والطعن في أحدهما لذلك بغي وعدوان لا يحل لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر.
ولئن كان بعض أعداء الإسلام قد أرادوا نزع النقاب عن وجوه المسلمات، وأثاروا الشبه حول المنتقبات، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن يكون القائل بالإباحة سائراً في صفهم، أو أسيراً لعولمتهم.
وإن كنا ندعوا أخواتنا المسلمات إلى الأخذ بالأفضل والأحوط عند الفريقين، فلا ننسى أنه لا يحل عِرض الموجب أيضاً، ولا أن يدعى -تخرصاً وظناً- أن قوله نابعٌ عن عادة قومه، صادرٌ عن تقاليد ورثها عن آبائه.. (( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً* يصلِح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع اللهَ ورسولَه فقد فاز فوزاً عظيماً ))
فالطرفان هنا فريقان بغى بعضهما على بعض، والوسط فريق عرف فقه الخلاف، ووزن الأمور على وجهها الذي يقتضيه الإنصاف. والله أعلم
التعديل الأخير: