العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دراسة رسالة ابن رجب "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة"

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هذا جزء من بحث أعده حاليا - سأخبركم عنه لاحقا بإذن الله حال الانتهاء منه
واستعجلت إنزال هذا المطلب منه بسبب شدة الحاجة إليه لاسيما مع هذا الموقع المتخصص في الدراسات الفقهية، والذي تقوم أقسام منه على الدراسة المذهبية التخصصية.
فدفعا ورفعا:
لما وقع أو قد يقع من إشكالية الدراسة المذهبية إما على جهة الإفراط أو التفريط
نطرح في هذا الموضوع في دراسة رسالة ابن رجب المعروفة بـ "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة"
كما أن هذا الموضوع يصلح أن يكون رافدا لموضوع أخي رأفت المصري "الاجتهاد والتقليد"
وهذا أوان الشروع في دراسة هذا الكتاب ، وأتمنى أن تمهلوني في الملاحظات والمناقشات إلى أن أفرغ منه إلا ما لا بد منه.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى.
----------------
المطلب الرابع: موقف ابن رجب من اتباع غير المذاهب الأربعة:
لابن رجب رحمه الله رسالة معروفة اسمها "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" كشف فيها عن موقفه تجاه قضيتين اثنتين:
1- حكم اتباع المذاهب الأربعة.
2- حكم اتباع غير المذاهب الأربعة.
وسنحاول في هذا المطلب أن نخط المعالم الرئيسة لرأي ابن رجب في هذه الرسالة فنقول وبالله التوفيق:
رأي ابن رجب باختصار:
1- وجوب تقيد غالب الناس بالمذاهب الأربعة، وليس لأحد أن يتخير من مذاهب غيرهم إلا أن يكون عالما متبحرا وصل إلى رتبتهم، وهذا النوع نادر ويكاد ألا يوجد.
2- لا يسوغ تقليد غير الأئمة الأربعة لأنها لم تشتهر ولم تنضبط.

اعتمد ابن رجب في رأيه هذا على جمع الصحابة - رضي الله عنهم - الناس على القراءة بمصحف عثمان في سائر البلدان؛ لما رأوا أن المصلحة لا تتم إلا بذلك، وأن الناس إذا تركوا يقرؤون على حروف شتى وقعوا في أعظم المهالك."
يقول ابن رجب رحمه الله:

" فكذلك مسائل الأحكام وفتاوى الحلال والحرام"
ثم دلل على ذلك رحمه الله بأنه:
1- لو لم تضبط الناس فيها بأقوال أئمة معدودين لأدى ذلك إلى فساد الدين.
2- وأن يعد كل أحمق متكلف طلبت الرياسة نفسه من زمرة المجتهدين.
3- وأن يبتدع مقالة ينسبها إلى بعض من سلف من المتقدمين:
أ‌- فربماكان بتحريف يحرفه عليهم كما وقع ذلك كثيراً من بعض الظاهريين.
ب‌- وربما كانت تلك المقالة زلة من بعض من سلف قد اجتمع على تركها جماعة من المسلمين.
4- فلا تقضي المصلحة غير ما قدره الله وقضاه من جمع الناس على مذاهب هؤلاء الأئمة المشهورين - رضي الله عنهم - أجمعين."

فإن قيل:
الفرق بين جمع الناس على حرفٍ واحد من الحروف السبعة من أحرف القرآن وبين جمعهم على أقوال فقهاء أربعة:
أن تلك الحروف السبعة كان يقال:
معناها واحد أو متقارب والمعنى حاصل بهذا الحرف
هذا بخلاف قول الفقهاء الأربعة:
فإنه يجوز أن يتفقوا على شيء ويكون الحق خارجاً عنهم.
قيل:
هذا قد منعه طائفة من العلماء، وقالوا:
إن الله لم يكن ليجمع هذه الأمة على ضلالةوفي ذلك أحاديث تعضد ذلك.
وعلى تقدير تسليمه:
فهذا إنما يقع نادراً ولا يطلع عليه إلا مجتهد وصل إلى أكثر مما وصلوا إليه، وهذا أيضاً مفقود أونادر.

قال أبو فراس:
ويمكن تلخيص ما سبق بأن ابن رجب رحمه الله يرجع سبب وجوب تقييد الناس بالمذاهب الأربعة إلى أمرين:
1- أمر مصلحي: وهو أن عدم ذلك يؤدي إلى فساد الدين من ترؤس الجهال والحمقى وابتداعهم ما أجمع السلف على تركه كما وقع ذلك من بعض الظاهريين.
3- ترتيبه هذا الأمر المصلحي على أمر قدري: وهو اعتباره أن المصلحة هي ما قدره الله وقضاه من جمع الناس على هؤلاء الأئمة المشهورين، كما قد جمعوا على حرف واحد لأن المصلحة لا تتم إلا بذلك، وأن الناس إذا تركوا يقرؤون على حروف شتى وقعوا في أعظم المهالك.
-----------
اعترض على ابن رجب:
بأن الحق قد يقع خارج أقوال الأئمة الأربعة.
فمنع ابن رجب من وقوع ذلك:
لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة.
وعلى تقدير تسليمه:
1- فإنه يقع نادرا.
2- ولا يطلع إلا مجتهد وصل إلى أكثر مما وصلوا إليه وهذا مفقود أو نادر.
3- وعلى تقدير وجود هذا ففرضه اتباع ما ظهر من الحق وأما غيره ففرضه التقليد وهو سائغ.
ومنع ابن رجب من كون قوله بوجوب اتباع الأئمة الأربعة يفضي إلى اتباع الأئمة على الخطأ:
لأنه لا يقول القول الحق جميع الخلق.
قال أبو فراس:
يعني ابن رجب رحمه الله أن الخطأ واقع ولا بد منه إن من الأئمة وإن من غيرهم ولا يحيط بالصواب إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان لا مفر من الوقوع في الخطأ فإنه حينئذ لا يكون سببا للمنع من القول الذي رجحه من وجوب اتباع المذاهب الأربعة وإن أدَّى ذلك إلى اتباعهم في بعض أخطائهم، ولأن الخروج عنهم لن يؤدي إلى العصمة من الخطأ الذي فرَّوا منه.
---------
محل جواز وقوع الحق خارج أقوال الأئمة الأربعة:
هو في المسائل التي قل وقوعها، فأما المسائل التي يحتاج المسلمون إليها عموماً فلا يجوز أن يعتقد أن الأئمة المقتدى بهم فيالإسلام في هذه الأعصار المستطالة اجتمعوا فيها على الخطأ؛ فإن هذا قدح في هذه الأمة وقد أعاذها الله منه.

وعلة منع ابن رجب من تقليد غير الأئمة المشهورين:
هو أن "مذاهب غير هؤلاء لم تشتهر ولم تنضبط، فربما نسب إليهم ما لم يقولوه أو فهم عنهم ما لم يريدوه، وليس لمذاهبهم من يذب عنها وينبه على ما يقع من الخلل فيها بخلاف هذه المذاهب المشهورة."
وأورد ابن رجب على قوله هذا إيرادا فقال:
"فإن قيل:
فما تقولون في مذهب إمام غيرهم قد دون مذهبه وضبط وحفظ كما حفظ مذاهب هؤلاء؟
فأجاب ابن رجب عن هذا الإيراد:
1- بأن "هذا لا يعلم وجوده الآن.
2- وإن فرض وقوعه الآن وسلم جواز اتباعه والانتساب إليه، فإنه لا يجوز ذلك إلا لمن أظهر الانتساب إليه والفتيا بقوله والذب عن مذهبه.
ثم استطرد ابن رجب إلى بيان حكم:
"من أظهر الانتساب إلى بعض الأئمة المشهورين وهو في الباطن منتسب إلى غيرهم معتقد لمذهب سواه.
فقال:
إن هذا لايسوغ له ذلك البتة.
وذكر لذلك أمرين اثنين:
1- أنه من نوع النفاق والتقية.
2- لما فيه من أخذ الأموال المختصة بأصحاب ذلك الإمام المشهور من الأوقاف أو غيرها.
ثم ذكر ابن رجب صورة لمن ينتسب في الظاهر إلى إمام معين، وهو في الباطن ينتسب إلى غيره، فقال رحمه الله:
"لو كان الكتاب المصنَّف لا يختص بمذهب معين، إلا أن المصنِّف في الظاهر ينتسب إلى مذهب إمام معين وفي الباطن إلى غيره. فيذكر فيه أقوال من ينتسب إليه باطناً من غير بيان لمخالفتها لمذهب من ينتسب إليه ظاهراً.
فكل هذا ا إيهام وتدليس غير جائز.
ثم ذكر ابن رجب أن في هذا الصنيع (أعني تصنيف من ينتسب في الباطن إلى غير إمامه في الظاهر) مفسدة ثالثة وهي:
أن هذا الصنيع يقتضي خلط مذاهب العلماء واضطرابها.

------------------
ــــــــــــ

يقول ابن رجب في سياق ذكره لشرط من ادعى الاجتهاد فسوغ لنفسه الخروج عن أقوال الأئمة الأربعة:
" فإن ادعى مدعي ذلك الاجتهاد كان أدهى وأمر، وأعظم فساداً وأكثر عناداً، فعليه لا يسوغ ذلك مطلقاً إلا لمن كملت فيه أدوات الاجتهاد:
من معرفة الإجماع والاختلاف، وبقية شرائط الاجتهاد المعروفة. وهذا يدعي اطلاعاً كثيراً على السنة، ومعرفة صحيحها من سقيمها،ومعرفة مذاهب الصحابة والتابعين والآثار المنقولة عنهم في ذلك. ولهذا كان الإمام أحمد يشدد أمر الفتيا، ويمنع منها من يحفظ ألف حديث ومائتي ألف حديث وأكثر منذلك.
وعلامة صحة دعواه:
أن يستقل بالكلام في المسائل كما استقل غيره من الأئمة، ولا يكون كلامه مأخوذاً من كلام غيره.
فأما من اعتمد على مجرد نقل كلام غيره، إما حكماً أو حكماً ودليلاً: كان غاية جهده أن يفهمه، وربما لم يفهمه جيداً أو حرفه وغيره. فما أبعد هذا عن أبعد هذا عن درجة الاجتهاد كما قيل:
فدع عنك الكتابة لست منها *** ولو سودت وجهك بالمداد
ثم ذكر ابن رجب رحمه الله اعتراضاً على قوله ، وهو أن يقال:
بأن الإمام أحمد كان ينهى عن آراء الفقهاء والاشتغال بها ويحض على آثار الصحابة والتابعين دون من بعدهم ومعرفة صحة ذلك من سقيمه والمأخوذ منه والقول الشاذ المطرح منه.
فأجابه ابن رجب بـ:
أن هذا ممايتعين الاهتمام به والاشتغال بتعلمه أولاً قبل غيره فمن عرف ذلك وبلغ النهاية من معرفته فقد صار علمه قريباً من علم أحمد.
فهذا لا حجر عليه ولا يتوجه الكلام فيه، إنما الكلام في منع من لم يبلغ هذه الغاية ولا ارتقى إلى هذه النهاية ولا فهم من هذا إلا النزر اليسير كما هو حال أهل هذا الزمان بل هو حال أكثر الناس منذ أزمان
قال أبو فراس:
لم يتبين لي جواب الإمام ابن رجب رحمه الله على هذا الإشكال.
فالإشكال منشؤه: نهي الإمام أحمد عن كتابة آراء الفقهاء والاشتغال بها والاقتصار على السنن وأقوال الصحابة والتابعين.
فكيف يصح هذا من الإمام أحمد مع ما انتهى إليه ابن رجب من وجوب اتباع أحد المذاهب الأربعة.
فأجاب ابن رجب:
بأن هذا هو المتعين أولاً قبل غيره، وأن من بلغ هذه الرتبة صار علمه قريبا من علم الإمام أحمد فلا يتوجه إليه هذا الكلام وإنما الكلام في من لم يبلغ هذه الرتبة وهو حال أكثر الناس منذ أزمان.
قلت: لم يتبين لي جواب ابن رجب على هذا الاعتراض لأمور:
أولاً: أن ابن رجب رحمه الله حمل نهي الإمام أحمد عن كتابة آراء الفقهاء على أن قصده بذلك أنه مما يتعين الاهتمام به وتعلمه قبل غيره.
ولو سلمنا أن هذا مراد أحمد:
فإن تقديم تعلم هذا أعني السنن والآثار يضاد التمذهب.
ثانياً: أنه حمل كلام أحمد على من بلغ رتبة الاجتهاد وصار قريبا من علمه وهذه رتبة نادرة الوجود كما تقدم عن ابن رجب قريبا فلا يمكن حمل كلام الإمام أحمد عليها.
والذي يبدو لي والله أعلم:
أن ابن رجب أنكر من أهل زمانه ركوب الآراء الشاذة فأراد حصر الناس في المذاهب المشهورة لجملة من المصالح فتكلف في الجواب على الإيرادت التي ترد على قوله من حث الأئمة على اتباع الدليل وذم التقليد.
---------
دراسة الكتاب لم تنته بعد، والله يعين وييسر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم أعني على إتمام دراسة هذا الكتاب إنك أنت العليم الحكيم والقوي العزيز.
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الشكر على طرح الموضوع وبيان رأيي

الشكر على طرح الموضوع وبيان رأيي

ما شاء الله شيخنا فؤاد على طرحكم المبارك ،وأرى أنه إذا كان العلماء اختلفوا في حجية الإجماع إذا خالف الواحد والاثنين فكيف بقول الأئمة الأربعة فقط ،و ليس جميع الأئمة ، ومن يقول خلاف الواحد والاثنين يخرق الإجماع فيدخل عنده من باب أولى عدم حجية قول الأئمة الأربعة ، و من يقول خلاف الواحد و الاثنين لا يخرق الإجماع فقوله ليس بصواب فالله سبحانه إنما أخبر عن عصمة الأمة عند الاجتماع فدل على جواز الخطأ على بعضهم‏ فقد قال تعالى : ﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً ﴾ النساء115 ولا شك أن مشاقة الرسول وحدها موجبة للعذاب فما دام أن الله جمع لذلك أيضاً اتباع غير سبيل المؤمنين دل ذلك على أن هذا موجب للعذاب أيضاً ، فلو كان اتباع غير سبيل المؤمنين مباحاً لما جمع بينه وبين المحظور كما لا يجوز أن يقال إن زنيت وشربت الماء عاقبتك فثبت أن متابعة غير سبيل المؤمنين محظورة ، و متابعة غير سبيل المؤمنين عبارة عن متابعة قول أو فتوى غير قولهم وفتواهم ، وإذا كانت تلك محظورة وجب أن تكون متابعة قولهم وفتواهم واجبة ضرورة أنه لا خروج من القسمين و كلمة سبيل لا تتأتى إلا فيما أجمعوا عليه أما الذى اختلفوا فيه فليس سبيل بل سبل ، فالأمة معصومة باجتماعها فقط
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع بيان رأيي

تابع بيان رأيي

،والكثرة لاحجة فيها بدليل قوله سبحانه وتعالى : ﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ ﴾ الأنعام من الآية 116ويقول أيضاً :﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ يوسف آية 103 ،وقال صلى الله عليه وسلم : (( بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كم بدأ ؛ فطوبى للغرباء )) رواه مسلم ، فهذا الحديث دليل على قلة أهل الحق فالكثرة ليست دليلآ قاطعاً على الصواب ، و مع احتمال خطأ الكثرة يسقط الاستدلال بها ، وقد دل القرآن والسنة على عدم اعتبار الكثرة فى الدلالة على الصواب
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع بيان رأيي

تابع بيان رأيي

فإن قيل اتفاق الأكثرين يشعر بأن الحق معهم فيندر فى العادة أن يكون المخالف هو الراجح قلنا ليس هذا نادراً فقد دل القرآن والسنة على التزام الحق ،وإن خالف الأكثرون ،ولذلك لا يكون قول الأكثرين أولى بالإتباع، لأن الترجيح بالكثرة ، و إن كان حقا في باب رواية الأخبار لما فيه من ظهور أحد الظنين على الآخر، فلا يلزم مثله في باب الاجتهاد ، لما فيه من ترك ما ظهر له من الدليل لما لم يظهر له فيه دليل ، أو ظهر ، غير أنه مرجوح في نظره.
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع رأيي

تابع رأيي

فقول من جوز الإجماع مع مخالفة الواحد والاثنين فاسد من وجوه :

الأول : الآية حرمت مخالفة سبيل المؤمنين ،وبوجود مخالف يكون هناك أكثر من سبيل فتنتفى الحرمة.

الثانى : جرى فى عصر الصحابة خلاف الواحد منهم ،ولم ينكروا عليه بل سوغوا له الاجتهاد فيما ذهب إليه مع مخالفة الأكثر، ولو كان إجماع الأكثر حجة ملزمة للغير لأخذ به، لأنكروا على المخالف ،ولو أنكروا لنقل إلينا ذلك ،والمنقول عنهم الإقرارفدل هذا على أن إجماع الكثرة ليس بحجة،ومن ذلك اتفاق أكثر الصحابة على امتناع قتال ما نعي الزكاة مع خلاف أبي بكر لهم، وكذلك خلاف أكثر الصحابة لما انفرد به ابن عباس في مسألة العول وتحليل المتعة وأنه لا ربا إلا في النسيئة ،وكذلك خلافهم لابن مسعود فيما انفرد به في مسائل الفرائض، ولزيد بن أرقم في مسألة العينة، ولأبي موسى في قوله: النوم لا ينقض الوضوء، ولأبي طلحة في قوله بأن أكل البرد لا يفطر، إلى غير ذلك ،ولو كان إجماع الأكثر حجة، لبادروا بالإنكار والتخطئة، فإن قيل قد أنكروا على ابن عباس خلافه في ربا الفضل في النقود، وتحليل المتعة، والعول نقول بأن إنكار الصحابة على ابن عباس فيما ذهب إليه لم يكن بناء على إجماعهم واجتهادهم، بل بناء على مخالفة ما رووه له من الأخبار الدالة على تحريم ربا الفضل ونسخ المتعة، على ما جرت به عادة المجتهدين في مناظراتهم، والإنكار على مخالفة ما ظهر لهم من الدليل حتى يبين لهم مأخذ المخالفة فما وجد منهم من الإنكار في هذه الصور لم يكن إنكار تخطئة بل إنكار مناظرة في المأخذ، كما جرت عادة المجتهدين بعضهم مع بعض. الثالث :قالr: (( إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة )) حديث حسن بمجموع طرقه فى صحيح الجامع رقم 1786،ولفظ الأمة عام يشمل كل الأمة ،ومن قال المراد غالب الأمة فقد أخرج اللفظ عن ظاهره ،وإخراج اللفظ عن ظاهره يحتاج لقرينة ، فالأمة معصومة فى اجتماعها لا فى آحادها ،وعلى هذا فالكثرة ليست دليلاً على الصواب فمَنْ يَقُولُ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْجَمِيعِ ، وَلَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِالتَّحَكُّمِ بَلْ بِدَلِيلٍ وَضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ هَهُنَا ، وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَقَلَّ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَتَمَيَّزُ الْبَعْضُ الْمُرَادُ عَمَّا لَيْسَ بِمُرَادٍ وَلَا بُدَّ مِنْ إجْمَاعِ الْجَمِيعِ لَيُعْلَمَ أَنَّ الْبَعْضَ الْمُرَادَ دَاخِلٌ فِيهِ ، كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ أَهْلِ الْحَقِّ.

الرابع : قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الله لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة ويد الله مع الجماعة ومن شذ شذ إلى النار)) [ حديث صححه الألبانى فى جامع الترمذى رقم 2167 ] ،فقوله شذ يدل على أن العبرة بموافقة الجميع فالشاذِ عبَارَةٌ عَنْ الْخَارِجِ عَنْ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا ، وَمَنْ دَخَلَ فِي الْإِجْمَاعِ لَا يُقْبَلُ خِلَافُهُ بَعْدَهُ وَهُوَ الشُّذُوذُ ، أَمَّا الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ أَصْلًا فَلَا يُسَمَّى شَاذًّا فالشاذ هو المخالف بعد الموافقة، لا من خالف قبل الموافقة فالمخالفة قبل الموافقة تقتضى عدم الإجماع فلا حجة فى إجماع الأكثر مع مخالفة الواحد.

الخامس: قوله تعالى :﴿ ومَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ [ سورة الشورى من الآية 10] فدلت الآية أن عند الاختلاف يرد الحكم إلى الله أى أن قول أحد ليس حجة على أحد ،ومَفْهُومُهُ : أَنَّ مَا اتَّفَقْ المسلمون فِيهِ فَهُوَ حَقٌّ .

السادس: قوله تعالى : ﴿ َفإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [ سورة النساء من الآية 59] فدلت الآية أنه عندالاختلاف حتى وإن كان من واحد يرد الحكم إلى الكتاب والسنة أى ليس قول أحد حجة على أحد أما إذا اتفقوا فقولهم حق بدليل المخالفة
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع رأيي

تابع رأيي

وانظر إلى هذا الكلام النفيس لابن حزم : (( فصل في من قال بأن خلاف الواحد من الصحابة أو ممن بعدهم لا يعد خلافاً وأن قول من سواه فيمن خالفهم فيه إجماع قال أبو محمد: ذهب محمد بن جرير الطبري إلى أن خلاف الواحد لا يعد خلافاً، وحكى أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي : أن أبا حازم عبد العزيز بن عبد الحميد القاضي الحنفي فسخ الحكم بتوريث بيت المال ما فضل عن ذوي السهام وقال : إن زيد بن ثابت لا يعد خلافا على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم . قال أبو محمد: فيقال لهم: ما معنى قولكم لا يعد خلافا ؟ أتنفون وجود خلاف ؟ فهذا كذب تدفعه المشاهدة والعيان، أم تقولون: إن الله تعالى أمركم ألاتسموه خلافا ؟ أو رسوله صلى الله عليه وسلم أمركم بذلك ؟ فهذه شر من الأولى، لأنه كذب على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم أم تقولون: إن قائل ذلك الخلاف من الضعة والسقوط في المسلمين - إما لفسقه وإما لجهله - بحيث لا يكون وجود قوله إلا كعدمه ففي هذا ما فيه، إذ ينزلون زيد بن ثابت أو ابن عباس أو غيرهما من التابعين الأئمة في هذه المنزلة. ولعمري إن من أنزل عالما - من الصحابة رضي الله عنهم أو من التابعين أو من أئمة المسلمين - هذه المنزلة لاحق بهذه الصفة وأولى بها، ولا يخرج قولكم من إحدى هذه الثلاث قبائح، إذ لا رابع لها. فإن قالوا: إنما قلنا: إنه خطأ وشذوذ قلنا : قد قدمنا أن كل من خالف أحداً فقد شذ عنه، وكل قول خالف الحق فهو شاذ عن الحق، فوجب أن كل خطأ فهو شذوذ عن الحق، وكل شذوذ عن الحق فهو خطأ، وليس كل خطأ خلافا للإجماع، فليس كل شذوذ خلافاً للإجماع ، ولا كل حق إجماعا، وإنما نكلمكم ههنا في قولكم: ليس خلافا، ولكون ما عداه إجماعا، فقد ظهر كذب دعواهم وفسادها ،والحمد لله رب العالمين ))
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع رأيي

تابع رأيي

وممن قال بعدم انعقاد الإجماع مع مخالفة الواحد والاثنين الجمهور كالآمدى فى الإحكام ،والرازى فى المحصول والغزالى فى المستصفى وأبو إسحاق الشيرازى فى اللمع .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
أخي ربيع بارك الله فيك
مسألة الكتاب هي الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة
وهي غير مسألة الإجماع أو بم يحصل الإجماع.
وإن كان المخالف لرأي ابن رجب يدرج مسألة الإجماع ضمن حججه أو على رأس حججه
فعلك تمهلني - وقد أشرت إلى طلب المهلة في صلب الموضوع - حتى أفرغ من الموضوع ثم ألخص الموضوع ونحدد رأي ابن رجب بالضبط
ثم نناقش رأيه على ضوء ما تقدم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول ابن رجب رحمه الله في معرض ثنائه على أحمد وتقديمه على غيره :
" وكان أشد الناس اتباعاً للسنة إذا صحت ولم يعارضها معارض قوي. وإنما ترك الأخذ بما لم يصح، وبما عارضه معارض قوي جداً."
إذا فشرط الإمام أحمد في الأخذ بالحديث:
1- أن يكون صحيحا.
2- ألا يعارضه معارضه قوي.
----------------
ثم واصل ابن رجب رحمه الله سرده لحججه وبراهينه على صحة ما بنى عليه كتابه فقال:
إن الصحابة والتابعين ومن بعدهم اختلفوا في كثير من المسائل، وكان كل من اشتهر بالعلم والدين يفتي بما ظهر له أنه الحق، مع إنكارهم على من شذ منهم عن الجمهور، كما كان ينكر على ابن عباس في مسائل متعددة تفرد بها، وأنكر على أتباعه أشد من الإنكار عليه كابن جريج.
والشاهد من النقل السابق:
أنه لم يخل من كان يشذ عن الجمهور من إنكار العلماء عليه.
ثم استدل ابن رجب على قوله هذا بأنه:
1- كان ينكر على ابن عباس رضي الله عنه - مسائل متعددة.
2- وأنكر ذلك على أتباعه أشد من الإنكار عليه، حتى كان ابن جريج لما قدم البصرة إذا رآه الناس دخل المسجد الجامع رفعوا أيديهم ودعوا الله عليه لشذوذه بتلك المسائل التي تلقى عن أصحاب ابن عباس، حتى أنه رجع عن بعضها قبل أن يخرج من عندهم.
ونبه ابن رجب إلى:
أن هذا الإنكار وقع من أولئك في تلك الأزمان التي كان الغالب عليها الدين والورع "فكان ذلك يريحهم عن أن يتكلم أحدهم بغير علم، أو ينصب نفسه للكلام وليس هو لذلك بأهل.
ثم قل الدين والورع، وكثر من يتكلم في الدين بغير علم ومن ينصب نفسه لذلك وليس هو له بأهل."

فلما سلَّم ابن رجب:
بأنه كان في الصدر الأول كل أحد من أهل العلم يفتي بما يدعي أنه يظهر له أنه الحق
قرر أنه مع ذلك فـ:
1- إن السلف أنكروا على من وقع منه الشذوذ.
2-وإن الغالب عليهم كان الدين والورع.
فبين ابن رجب رحمه الله بعد ذلك أنه:
- لو استمر الحال في هذه الأزمان المتأخرة على ما كان عليه الصدر الأول بحيث يفتي كل أحد بما يدعي أنه يظهر له أنه الحق لاختل به نظام الدين لا محالة ولقال من شاء ما شاء
- فاقتضت حكمة الله أن نصب للناس أئمة اجتمعوا على علمهم ودرايتهم وبلوغهم الغاية القصوى فصار الناس كلهم يعولون في الفتاوى عليهم، وأقام الله من يضبط مذاهبهم ويحرر قواعدهم، وكان ذلك من لطف الله بعباده المؤمنين.
- ولولا ذلك:
لرأى الناس العجاب، من كل أحمق متكلف معجبٍ برأيه جريء على الناس وثاب.
- فيدعي هذا أنه إمام الأئمة، ويدعي هذا أنه هادي الأمة وأنه هو الذي ينبغي الرجوع دون الناس إليه والتعويل دون الخلق عليه
- ولكن بحمد الله ومنته انسد هذا الباب الذي خطره عظيم وأمره جسيم، وانحسمت هذه المفاسد العظيمة وكان ذلك من لطف الله - تعالى - لعباده وجميل عوائده وعواطفه الحميمة. ومع هذا فلم يزل يظهر من يدعي بلوغ درجة الاجتهاد، ويتكلم في العلم من غير تقليدٍ لأحد من هؤلاء الأئمة ولا انقياد.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ثم باح ابن رجب عن واقع مدعي الاجتهاد في أيامه، مما يفسر سبب تأليفه لهذه الرسالة، يقول رحمه الله:
ومع هذا فلم يزل يظهر من يدعي بلوغ رتبة الاجتهاد، ويتكلم في العلم من غير تقليد لأحد من هؤلاء الأئمة:
- فمنهم من يسوغ له ذلك لظهور صدقه فيما ادعاه.
- ومنهم من رد عليه قوله وكذب في دعواه.
------------------

ثم رجع ابن رجب إلى تأصيل المسألة فبين:
أن سائر الناس ممن لم يصل إلى هذه الدرجة فلا يسعه إلا تقليد أولئك الأئمة والدخول فيما دخل فيه سائر الأمة.
ـــــــــــــــــــــــــ

وبين ابن رجب منهج السلف في التعامل مع الأحاديث الشاذة فقال:
كان السلف - رضي الله عنهم - لقرب عهدهم بزمن النبوة وكثرة ممارستهم كلام الصحابة والتابعين ومن بعدهم يعرفون الأحاديث الشاذة التي لم يعمل بها،ويطرحونها ويكتفون بالعمل بما مضى عليه السلف. ويعرفون من ذلك ما لم يعرفه من بعدهم، ممن لم تبلغه السنن إلا من كتب الحديث لطول العهد وبعده.
====
وخلاصة هذه القراءة من ابن رجب لفهم السلف في التعامل مع الأحاديث الشاذة:
1- أنهم يعرفون الأحاديث الشاذة.
2- أن الأحاديث الشاذة هي التي لم يعمل بها.
3- أن السلف كانوا يطرحون هذه الأحاديث الشاذة لمعرفتهم بها ما لم يعرفه من بعدهم ممن لم تبلغه السنن إلا من كتب الحديث لطول العهد وبعده.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ثم سجل ابن رجب نصيحته بعد بيانه ما سبق:
إذا فهمت هذا وعلمته: فهذه نصيحة لك أيها الطالب لمذهب هذا الإمام أؤديها إليك خالصة لوجه الله - تعالى - فإنه لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
إياك ثم إياك:
أن تحدث نفسك أنك قد اطلعت على ما لم يطلع عليه الإمام، ووصلت من الفهم إلى ما لم يصل إليه هذا الذي ظهر فضل فهمه على من بعده من أولي الإفهام.

ثم أسهب ابن رجب في تفصيل نصيحته في اتباع إمام المذهب أحمد بن حنبل حتى قال:
ولتكن همتك كلها مجموعة على فهم ما أشار إليه من الكتاب والسنة على الوجه الذي سبق شرحه.

ثم بعد ذلك:
ليكن همك في فهم كلام هذا الإمام في جميع مسائل العلم، وفي علم الآفاق أعني: مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم والآخر، وهوالعلم المسمى في اصطلاح كثير من العلماء بعلم السنة.
فإن هذا الإمام كان غاية في هذا العلم، وقد امتحن بسبب مسائل منه وصبر لله على تلك المحنة، ورضي المسلمون كلهم بقوله الذي قاله ومقامه الذي قامه وشهدوا أنه إمام السنة وأنه لولاه لكفرالناس.
قال أبو فراس:
واضح أن هذه الجملة فيها مبالغة واضحة بل أمنا من ضياع هذا الدين بحفظ الله له، وقد تنبه لها الإمام ابن حزم – مع بالغ تعظيمه للإمام أحمد - فكان هذا الموضع في جملة المواضع التي استدركها ابن حزم على مقلدة الحنابلة
قال في الرسالة الباهرة:
"وأما قولهم: لولا أحمد بن حنبل لكفر الناس ولصاروا كلهم جهمية، فأشهر من أن يحتاج إلى تكلف إيراده"

ثم قال ابن حزم في عموم المقلدة:

"وكل هذا حماقة وضلالة لا معنى له، ولا فائدة فيه، وما غلا أحد قط - ولله الحمد - في أبي بكر وعمر وعثمان وسائر الصحابة رضي الله عنهم هذا الغلو، إلا أن الرافضة غلت في علي أضعاف هذا، فحسبنا الله ونعم الوكيل"
------- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نرجع إلى كلام ابن رجب في ثنائه على الإمام أحمد، قال رحمه الله:
فمن كانت هذه منزلته في علم السنة، كيف يحتاج إلى تلقي هذا العلم من أحد من العلماء غيره، لاسيما لمن ينتسب إلى مذهبه.
فليتمسك بكلامه في عامة هذا الباب، ويعرض عما أحدث من فضول المسائل التي أحدثت.
وليس للمسلمين فيما أحدث حاجة بل تشغل عن العلم النافع، وتوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين، وتوجب كثرة الجدل والخصومات في الدنيا مما هو منهي عنه عند هذا الإمام وغيره من السلف الماضين.

والآن بدأ ابن رجب رحمه الله في بيان منهج الإمام أحمد في الفتوى في المسائل المحدثة فقال:
1-أما علم الإسلام:
فكان يجيب فيه عن الحوادث الواقعية مما لم يسبق فيها كلام؛ للحاجة إلى ذلك.
2- مع نهيه لأصحابه أن يتكلموا في مسائل ليس لهم فيها إمام.
3- وإنما كان يجيب غالباً عما سبق الكلام فيه، وفيما يحتاج ولا بد لوقوعه ومعرفة حكمه.
4- فأما ما يولده الفقهاء من المسائل التي لا تقع أو لا تكاد تقع إلا نادراً:
فكان ينتهي كثير عن الكلام فيها:
أ‌- لأنه قليل الفائدة.
ب‌- ويشتغل عما هو أهم منه مما يحتاج إلى معرفته.
5- وكان - رضي الله عنه -: لا يرى كثرة الخصام والجدال، ولا توسعة لقيل أو لقال في شيء من العلوم والمعارف والأحوال.
6- إنما يرى الاكتفاء في ذلك بالسنة والآثار، ويحث على فهم معاني ذلك من غير إطالةٍ للقول والإكثار.
7- ولم يترك توسعة الكلام بحمد الله عجزاً ولاجهلاً، ولكن ورعاً وفضلاً واكتفاء بالسنة فإن فيها كفاية، واقتداءً بالسلف الصالحمن الصحابة والتابعين فبالاقتداء بهم تحصل الهداية.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول ابن رجب رحمه الله:
1- فأما الأئمة وفقهاء أهل الحديث إنهم يتابعون الحديث الصحيح ؛ حيثكان إذا كان معمولاً به ( عند الصحابة ومن بعدهم ) ( أو عند طائفة منهم)
2- وأما ما اتفق السلفعلىتركه فلا يجوز العمل به لأنهم ما تركوه إلاَّعلىعلم أنه لا يعمل به.
قال عمر بن عبد العزيز: خذوا من الرأي ما وافق من كان قبلكم ؛ فإنهم كانوا ألمَّ منكم، فأما ما خالف أهل المدينة من الحديث فهذا كان مالك يرى الأخذ بعمل أهل لمدينة والأكثرون أخذوا بالحديث.
ثم يقول ابن رجب دارء شبهة وإيرادا على قوله الذي بنى عليه كتابه:
وقدابتلينا بجهلةٍ من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلمممن تقدم:
أ‌- فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدَّم من الصحابة ومنبعدهم ؛ لكثرة بيانه ومقاله.
ب‌- ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورينالمتبوعين.
وهذا يلزم منه ما قبله ؛ لأنَّ هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعينأكثر قولاً ممن كان قبلهم فإذا كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله كان أعلم ممنكان أقل منهم قولاً بطريق الأولى ؛ كالثوري والأوزاعي والليث وابن المبارك وطبقتهم، وممن قبلهم من التابعين والصحابة أيضاً ؛ فإنَّ هؤلاء كلهم أقل ممن جاءبعدهم
إلى أن قال :
وفي زماننا يتعيَّن كتابة كلام أئمةالسلف المقتدى بهم إلى زمن الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد.
وليكن الإنسانعلىحذرٍ مما حدث بعدهم ؛ فإنه حدث بعدهم حوادث كثير، وحدث من انتسب إلى متابعة السن والحديث ، من الظاهرية ونحوهم ، وهو أشد مخالفةلها ؛ لشذوذه عن الأئمة وانفراده بفهم يفهمهأو يأخذ ما لم يأخذ به الأئمةمن قبله.
-------------
العلم النافع:
قال رحمه الله:
( فالعلم النافع من هذه العلوم كلها:
1- ضبط نصوص الكتاب والسنة ، وفهم معانيها.
2- والتقيِّد في ذلك بالمأثور عنالصحابة التابعين وتابعيهم في معاني القرآن والحديث وفيما ورد عنهم من الكلام فيمسائل الحلال والحرام والزهد والرقائق والمعارف وغير ذلك.
3- الاجتهاد على تمييز صحيحه من سقيمه أولاً ، ثم الاجتهاد على الوقوف على معانية وتفهُّمه ثانياً.
وفي ذلك كفاية لمن عقل ، وشغل نفسه بالعلم النافع عنيواشتغل، ومن سلك طريقه لطلب العلم على ما ذكرناه تمكن من فهم جواب الحوادث الواقعة غالباً ؛ لأن أصولها توجد في تلك الأصول المشار إليها
ولابد أن لايكون سلوك هذا الطريق خلاف أئمة أهل الدين المجمع على هدايتهم ودرايتهم ؛ كالشافعي وأحمد وإسحق وأبي عبيد ،ومن سلك مسلكهم فإن من ادعى سلوك هذا الطريق على غير طريقهم وقع في مفاوز ومهالك ، وأخذ بما لا يجوز الأخذ به ، وترك ما يجب العمل به.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مادة البحث كتبتها قبل عدة أشهر ثم لخصتها والحمد لله في الفترة السابقة
والأن أنا أبحث عن الكتاب في مكتبتي لأتأكد من استيفاء عناصر البحث وأطرافه وألا أكون أهملت ما يؤثر في سلامة التلخيص السابق.
لكن لي يومان وأنا أبحث عن الكتاب في مكتبتي ولم أجده
فلعلكم تعذروني حتى تتم مراجعة الرسالة السابقة.
ومن نشط لقراءة الكتاب وإضافة ما لم يتم ذكره لكان أحسن وأجمل لاسيما مع صغر حجم الرسالة.
وأظن أن الكتاب موجود على الشبكة فأتمنى إنزال الرابط في هذا الموضوع.
بارك الله فيكم
 
التعديل الأخير:

طالب علم

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
18 فبراير 2008
المشاركات
2
وفقك الله على هذا الأسلوب الجيد والطرح الشيق
وأما استشكال فضيلتكم في عدم فهم كلام ابن رجب رحمه الله في توجيه كلام الإمام أحمد في الحث على تعلم كلام الصحابة
وهو استشكال وارد لكني من خلال كلامكم الأخير في ترتيب كلام ابن رجب زال عني الاشكال وهذا نص الكلام : العلم النافع:
قال رحمه الله:
( فالعلم النافع من هذه العلوم كلها:
1- ضبط نصوص الكتاب والسنة ، وفهم معانيها.
2- والتقيِّد في ذلك بالمأثور عن الصحابة التابعين وتابعيهم في معاني القرآن والحديث وفيما ورد عنهم من الكلام في مسائل الحلال والحرام والزهد والرقائق والمعارف وغير ذلك.
3- الاجتهادعلى تمييز صحيحه من سقيمه أولاً ، ثم الاجتهاد على الوقوف على معانية وتفهمه ثانيا. " وهذا توجيه كلام الإمام أحمد"وفي ذلك كفاية لمن عقل ، وشغل نفسه بالعلم النافع عنيواشتغل، ومن سلك طريقه لطلب العلم على ما ذكرناه تمكن من فهم جواب الحوادث الواقعة غالباً ؛ لأن أصولها توجد في تلك الأصول المشار إليها
ولابد أن لايكون سلوك هذا الطريق خلاف أئمة أهل الدين المجمع على هدايتهم ودرايتهم ؛ كالشافعي وأحمد وإسحق وأبي عبيد ،ومن سلك مسلكهم فإن من ادعى سلوك هذا الطريق على غير طريقهم وقع في مفاوز ومهالك ، وأخذ بما لا يجوز الأخذ به ، وترك ما يجب العمل به. " وهذا توجيه كلام ابن رجب رحم الله الجميع" وأسأل الله أن يوفقك لكل خير
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
سبب كتابة الرسالة:
هو ما بلغ ابن رجب :
من إنكار بعض الناس على إنكاره على بعض من ينتسب إلى مذهب الإمام أحمد وغيره من مذاهب الأئمة المشهورين في هذا الزمان: الخروجَ عن مذاهبهم في مسائل.
وأن هذا المنكر على ابن رجب زعم:
أن هذا لا ينكر على من فعله وأن من فعله قد يكون مجتهداً متبعاً للحق الذي ظهر له أو مقلدا لمجتهد آخر فلا ينكر ذلك عليه.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هذه مشاركة أقتبستها من مشاركة أخينا أبي الطيب الجزائري من إحدى مشاركاته في ملتقى أهل الحديث:

أبو الطيب الجزائري;750371 قال:
فقد التمستُ من شيخنا الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع من سنين رأيَه في رسالة (الرد على من اتبع غير المذاهب الأربع) للحافظ الإمام ابن رجب الحنبلي، فأجابني بما صورته:

((..وأمّا رسالة ابن رجب، فلم أطَّلع عليها.
وجملةُ رأيي في المذاهب الأربعة واتباعها قد أبنتُ عنه باختصارٍ في مبحث (الاجتهاد والتقليد) في كتابي ((تيسير علم أصول الفقه)، فليراجع.))انتهى.


وبعد أن أطلعتُه عليها؛ أجابني مرّة أخرى فضيلتُه بما يلي:

((..قرأتُ رسالة ابن رجب في التقليد، ونَفَسُها نفسُ ابنِ رجب، والعبارةُ عبارتُه،

وهو ينعى حالَ أهلِ زمانه، ويَعيب المتطاولين على الشريعة،

وانطلق في إيجاب التقليد من أصل حفظ الدين أن لا يقول فيه من شاء ما شاء، وهو مقصدٌ صحيح، على أنك لو تأمَّلت تجده صار إلى المذهب الذي اختاره باجتهادٍ لا بتقليد،

وفي عباراته ما يُبْقي هذا الحق للأمة، لكن حين يملك الشخصُ الأسبابَ المؤهِلة، ولذا ضَرب المثل بأحمد بن حنبل وما كان قد آتاه الله عز وجل من المكنة في العلم وآلة الفهم.

فهي رسالةٌ صالحة لأكثر من يتعرض للفقه من أهل هذا الزمان، بل هم أولى بها من أهل زمان ابن رجب حيث الأرض خصبة يومئذ ومع ذلك قال ما قال، فكيف بأرضنا السبخة المجدبة؟!!)).

انتهى المقصود من جوابه بنصه حفظه الله.
وكتبه: أبو الطيب عبد الرحمن حمّادو الجزائري
 

حسين محمد اركي

:: متابع ::
إنضم
16 يناير 2009
المشاركات
4
التخصص
حقوق
المدينة
بيروت
المذهب الفقهي
جعفري
وفقكم الله على طرح هكذا موضوع لانه يلامس واقع الحال في مسألة الاجتهاد والتقليد.
واول ما يخطر ببالي مسالة انه لا تجتمع الامة على ضلالة وفي هذا المورد يمكن التأكيد على مسألة مفادها انه في العديد من الاحكام التفصيلية نجد خلافا فقهيا بين المذاهب بسبب الاجتهاد وآليته من جهة وطريقة فهم النصوص والاحاديث من جهة ثانية وهو ما يؤكد بان الاجماع في كثير من هذه المسائل مفقود وبالتالي فلا مورد لهذا القول بان الامة لا تجتمع على ضلالة وخير ما يدل على ذلك هو الخلاف القائم بين المذاهب الفقهية.
وحيث ان المذاهب الاربعة قامت على مبدأ الاجتهاد وهو مبدأ محكوم بآليات التفكير فانه من الممكن لهذه الاليات ان تتطور وتتقدم وهو ما يدفع بالاجتهاد الى التقدم والتطور بنحو لا يصح معه تجميد الفكر الانساني في مسألة الاجتهاد وربطها بزمن من الازمنة بحجة خوف الفساد على الدين خصوصا اذا ما علمنا بان الاجتهاد بطبيعته ينهض على المقدرات الذاتية وهو يتفاوت بين شخص وآخر ومن ثم فهو يختلف عن الوحي او النص الذي لا تصح مخالفته فلماذا نبقى اسرى الاجتهاد المقيد ولا نطلق العنان للفكر الانساني ضمن قيود وشروط في اخذ النصوص من منابعها والتحري عن صحتها قبل الاعتماد عليها وبالتالي فلا محل معه للقول بفساد الدين والدنيا بل ان من شأن ذلك يكون اصلاح الدين والدنيا وليس العكس فتأمل.
 

خالد محمد المرسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
101
التخصص
لم يحن وقته
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
حيث مادار الدليل بفهم المتنورين
ثم.
5- وكان - رضي الله عنه -: لا يرى كثرة الخصام والجدال، ولا توسعة لقيل أو لقال في شيء من العلوم والمعارف والأحوال.
6- إنما يرى الاكتفاء في ذلك بالسنة والآثار، ويحث على فهم معاني ذلك من غير إطالةٍ للقول والإكثار.
7- ولم يترك توسعة الكلام بحمد الله عجزاً ولاجهلاً، ولكن ورعاً وفضلاً واكتفاء بالسنة فإن فيها كفاية، واقتداءً بالسلف الصالحمن الصحابة والتابعين فبالاقتداء بهم تحصل الهداية.
لى سؤال مهم جدا بالنسبة لى
هو اننى لاافهم معنى هذا الكلام ومقصده اذ اننا نعرف ان الاجمال فى موضع يحتاج لتفصيل لايسمن ولايغنى من جوع
والخطاب الاسلامى لابد وان يكون مقنعا
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هذا كلام ابن رجب، وليس بالضرورة أن يكون الخطاب مقنعاً لكل أحد، فعدم قناعة فلان من الناس بأمر لا يعني أن الأمر ليس مقنعاً في نفسه.
وعدم فهم كلام الائمة لا يجيز القدح في كلامهم، والأولى إرجاع القصور إلى الذات.
 
أعلى