العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

القائلون بطهارة المني كيف ينفصلون من نجاسة المذي وهو من جنسه؟

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.

القائلون بطهارة المني كيف ينفصلون من نجاسة المذي وهو من جنسه؟

القائلون بطهارة المني وهم الحنابلة والشافعية كيف ينفصلون من إلزام الحنفية والمالكية بأن المني من جنس المذي فكان نجساً مثله، فالمذي يخرج عند مقدمات الشهوة، والمني أصل المذي عند استكمالها وهو يجري في مجراه ويخرج من مخرجه فإذا نجس الفرع فلأن ينجس الأصل أولى .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
جزاك الله خيراً، وهذه المسألة من المسائل الكبرى التي جرت فيها المناظرات الفقهية بين المذاهب المتبوعة

قالوا: إن المني يخرج من غير مخرج البول، وعلى فرض خروجه من مخرجه فإنه لا ينجس؛ لأن نجاسة الباطن لا عبرة بها، كما أن لبن الميتة يلاقي الضرع النجس ولا ينجس عند جمع من العلماء، والعرق يخرج من الفرج وليس بنجس..
ولو كان ينجس بملاقاته مخرج البول لم يجزئ فركه.

والعجيب أن أبا الخطاب الكلوذاني لم يسلم بنجاسة المذي، وهي رواية محكية في المذهب، وقال: بل هو طاهر، واعتبر القول بنجاسة المذي عن الإمام أحمد محمولاً على الرواية التي قال فيها بأن المني نجس!!!
ثم قال: ومن سلَّم -أي بنجاسة المذي- قال: ليس من جنس المني صفة وحكماً.. إلى أن قال: واستواؤهما في الشهوة لا يوجب التساوي في الحكم، كما أن الماء يحلِّل العرق والبول، وهما يختلفان. والله أعلم بالصواب. أهـ من "الانتصار في المسائل الكبار"
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيراً، وهذه المسألة من المسائل الكبرى التي جرت فيها المناظرات الفقهية بين المذاهب المتبوعة

قالوا: إن المني يخرج من غير مخرج البول، وعلى فرض خروجه من مخرجه فإنه لا ينجس؛ لأن نجاسة الباطن لا عبرة بها، كما أن لبن الميتة يلاقي الضرع النجس ولا ينجس عند جمع من العلماء، والعرق يخرج من الفرج وليس بنجس..
ولو كان ينجس بملاقاته مخرج البول لم يجزئ فركه.

والعجيب أن أبا الخطاب الكلوذاني لم يسلم بنجاسة المذي، وهي رواية محكية في المذهب، وقال: بل هو طاهر، واعتبر القول بنجاسة المذي عن الإمام أحمد محمولاً على الرواية التي قال فيها بأن المني نجس!!!
ثم قال: ومن سلَّم -أي بنجاسة المذي- قال: ليس من جنس المني صفة وحكماً.. إلى أن قال: واستواؤهما في الشهوة لا يوجب التساوي في الحكم، كما أن الماء يحلِّل العرق والبول، وهما يختلفان. والله أعلم بالصواب. أهـ من "الانتصار في المسائل الكبار"

جزاك الله خيرا ولا عدمنا فوائدكم، استفدت هذا النقل النادر ووثقته من كتابه الانتصار لعزة القائل بالطهارة
---
الاتجاهات في المسألة ثلاثة:
الاتجاه الأول:نجاسة المني والمذي.
وهذه طريقة الحنفية والمالكية.
الاتجاه الثاني:طهارة المني ونجاسة المذي.
وهذه طريقة الشافعية والحنابلة.
الاتجاه الثالث:طهارة المني والمذي.
وهذه رواية عن أحمد اختارها أبو الخطاب ومال إليها ابن تيمية.


وهاهنا تعليقان:

الأول: حكي في نجاسة المذي عدة إجماعات معروفة، فهل تقف أمامها رواية أحمد؟

الثاني: القول المطرد بطهارة المني والمذي أو بنجاستهما أحظى قياساً، فما المذي إلا جزء من أجزاء المني، وهو من مقدماته، وما ذُكِرَ من الفروق بينهما في الوصف أو الحكم لا يكفي في المفارقة بينهما في باب الطهارة والنجاسة، والأدلة الشرعية ساوت بينهما في "التطهير" سواء كان ذلك بسبب النجاسة أو القذارة، وإن كان قد يقع الفرق بينهما في التخفيف أو في طريقة التطهير.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
بارك الله فيكم

الإشكال هنا أيضاً عند المالكية القائلين بنجاسة المني، مع أنهم لا يرون إزالة النجاسة بغير الماء، وقد ثبت فيه الفرك.
فالحنفية يرون أن النجاسة تزال بغير الماء، كالفرك، فلا إشكال على مذهبهم، وقولهم مطرد هنا.
والشافعية والحنابلة -كالمالكية- يرون أنها لا تزال بغير الماء في الأصل، ولكنهم يرون طهارة المني، فلا يشكل عليهم؛ لأن الفرك عندهم لا يطهر، وإنما هو من باب النظافة.

والإشكال على المالكية هنا.. إلا أنهم رجحوا حديث الغسل على الفرك، واعتذروا عن حديث الفرك بما اعتذروا به.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,140
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
بارك الله فيكم

الإشكال هنا أيضاً عند المالكية القائلين بنجاسة المني، مع أنهم لا يرون إزالة النجاسة بغير الماء، وقد ثبت فيه الفرك.
فالحنفية يرون أن النجاسة تزال بغير الماء، كالفرك، فلا إشكال على مذهبهم، وقولهم مطرد هنا.
والشافعية والحنابلة -كالمالكية- يرون أنها لا تزال بغير الماء في الأصل، ولكنهم يرون طهارة المني، فلا يشكل عليهم؛ لأن الفرك عندهم لا يطهر، وإنما هو من باب النظافة.

والإشكال على المالكية هنا.. إلا أنهم رجحوا حديث الغسل على الفرك، واعتذروا عن حديث الفرك بما اعتذروا به.

بارك الله في الشيخين الكريمين على هذه المدارسة الماتعة؛ وقد انبثق منها وخطر ببالي فكرة:)!.
ما رأيكم في استفتاح سلسلة تلفت طلبة العلم إلى أهمية النظر إلى اطراد الأقوال في المذهب بدءاً وانتهاءً. وكذا لوازم الأقوال والمذاهب.
ألا ترون أنها تفتح أبواباً رحبة لطالب العلم في تناول المسائل، وتكوّن لديه ملكة فقهية؟!.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
وأوسع من الدورة التي اقترحها أبو أسامة .. هي دورة في فقه الخلاف والتعامل معه .. لا سيما مع المسائل التي استقر فيها الخلاف منذ العصور الأولى ...
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
بارك الله في الشيخين الكريمين على هذه المدارسة الماتعة؛ وقد انبثق منها وخطر ببالي فكرة:)!.
ما رأيكم في استفتاح سلسلة تلفت طلبة العلم إلى أهمية النظر إلى اطراد الأقوال في المذهب بدءاً وانتهاءً. وكذا لوازم الأقوال والمذاهب.
ألا ترون أنها تفتح أبواباً رحبة لطالب العلم في تناول المسائل، وتكوّن لديه ملكة فقهية؟!.

وفيك بارك اللهُ..
الشيخ أبو أسامة -جزاه الله خيراً- كعادته يفتق الموضوعات -بل المشروعات- طويــلة المدى.:)
 
إنضم
1 سبتمبر 2008
المشاركات
111
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
الإمام أحمد بن حنبل
بارك الله فيكم يا شيخ فؤاد ونفع بكم..


الاتجاه الثالث:طهارة المني والمذي.
وهذه رواية عن أحمد اختارها أبو الخطاب ومال إليها ابن تيمية..

ما مستندك في حكاية الميل لهذا القول عن ابن تيمية؟
هل هو فقط ما جاء في اختيارات البعلي أم أنك وقفت على مصدر آخر؟
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
[quote=ناصر عبد الرحمن;25889]

بارك الله فيكم يا شيخ فؤاد ونفع بكم..



ما مستندك في حكاية الميل لهذا القول عن ابن تيمية؟


هل هو فقط ما جاء في اختيارات البعلي أم أنك وقفت على مصدر آخر؟


[/quote]



أدرك وجه الاستغراب من نسبة هذا القول إلى ابن تيمية ولو كان على جهة الميل، وهو أنه غير مشهور ولا متداول بين المعاصرين المهتمين بتراث ابن تيمية رحمه الله.



ما في الاختيارات ربما يكون هو أصرحها فإنه قال:

  • لا يجب غسل الثوب والبدن من المذي والقيح والصديد.
  • ولم يقم دليل على نجاسته.
  • وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته.
  • والأقوى في المذي: أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد.
الموضع الثاني في الفتاوى: فإنه لما حكى إلزام القائلين بنجاسة المني أنه من جنس المذي...


فإنه صدر صوابه بقوله:


(وأما الوجه الثالث: وهو إلحاقه بالمذي، فقد منع الحكم في الأصل على قول بطهارة المذي، والأكثرون سلموه وفرقوا بافتراق الحقيقتين، ....)



ويظهر هذا الجواب حين نعرف أن القول بطهارة المذي غير مشهور، ولا هو من مثارات الخلاف، وفي المسألة عدة إجماعات، لكن ابن تيمية رحمه الله كأنه اعتبر وجاهة القول بطهارته، لاسيما مع انتصاره للقول بطهارة المني، وكأنه لا يمانع من القول بطهارة المذي أيضاً إذا ثبت كونه لازماً للقول بطهارة المني.



وأما الموضع الثالث فهو في اختيارات ابن تيمية لابن عبد الهادي (رقم 74):



- وذهب إلى أن المذي يجزئ فيه النضح، قال: وقد روي عن أحمد أنه طاهرٌ كالمني، و [على] القول بنجاسته فهل يُعفى عن يسيره؟ على قولين هما روايتان عن أحمد.



وأما الموضع الرابع: فهو في شرح العمدة فإنه قال: (1 / 104، 105):


وأما المذي فيعفى عنه في أقوى الروايتين؛ لأن البلوى تعم به ويشق التحرز منه فهو كالدم بل أولى للاختلاف في نجاسته والاجتزاء عنه بنضحه.


والموضع الخامس والأخير في شرح العمدة أيضاً (1 / 100، 101):


وظاهر المذهب: أنه نجس.


وعنه: أنه طاهر اختاره أبو الخطاب في خلافه:


- لما روى سهل بن حنيف قال: ( كنت القي من المذي شدة وكنت أكثر من الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: يجزيك من ذلك الوضوء. فقلت: يا رسول الله كيف أصنع بما يصيب ثوبي؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه) رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد ولفظه ( فتمسح ) بدل قوله ( فتنضح به)، والأثرم ولفظه ( يجزئك أن تأخذ حفنة من ماء فترش عليه فلم يأمره بغسل فرجه منه )


- ولو كان واجبا لأمره.


- ويحمل الأمر بالنضح وبالغسل في حديث علي على الاستحباب .


- ولأنه جزء من المني إذا يخرج بسبب الشهوة من مخرج المني لكنه لم يستحكم بكمال الشهوة.


ثم قال ابن تيمية:


(والأول هو المشهور لكن يكفي نضح المحل منه في إحدى الروايتين كما ذكره الشيخ للحديث المذكور


وحمله على هذا أولى من حمله وسكوته عن غسله على مجرد الاستحباب؛ فإن الأصل في الأمر الوجوب لاسيما في مثل هذا


وسكوته عن غسل الفرج منه قد يكون لعلم المستمع فإنه كان عالما بنجاسته ولكن سأل عن موجب خروجه وعن كيفية التطهر منه


ولأنه متردد بين المني لأنه جزء منه وبين البول لكونه لم يكمل وهو مما يشق التحرز منه فأجرا فيه النضح كبول الغلام والأخرى لا يجزئ إلا الغسل لما روي عن علي قال كنت رجلا مذاء فاستحييت أن اسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمرت المقداد فسأله فقال يغسل ذكره ويتوضأ وإذا أمر بغسل الذكر فكذلك سائر المحال.)


في الموضع الأخير من شرح العمدة وهو من كتبه المتقدمة ربما بدا منه منه ميل إلى القول بنجاسة المذي والاجتزاء منه بالنضح مع اعتباره واستدلاله للقول بطهارة المذي.
لكن مجموع النقولات السابقة تفيد ميله إلى القول بطهارة المذي لاسيما أنه لم يقم عنده دليل على نجاسته، وأنه لازمٌ قوي للقول بطهارة المني الذي انتصر له ابن تيمية، ويتأكد نسبة القول بطهارة المذي إلى ابن تيمية لو كان قائلاً أن ما يعفى عنه لمشقة التحرز عنه هو طاهر، فإن للفقهاء اتجاهين اثنين، فإن كان الأمر كذلك فقد أشار ابن تيمية رحمه الله إلى ظهور هذا المعنى في المذي.


 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
لا أظن ابن تيمية -رحمه الله- يقول بأن ما يعفى عنه لمشقة التحرز عنه هو طاهر، بل أظن ذلك بعيداً جداً
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
قال ابن قدامة في المغني (1|413): «وروي عن أحمد –رحمه الله– "أنه (أي المذي) بمنزلة المني" (أي كلاهما طاهر). قال –في رواية محمد بن الحكم– إنه سأل أبا عبد الله (الإمام أحمد) عن المذي أشد أو المني؟ قال (الإمام): "هما سواء: ليسا من مخرج البول، إنما هما من الصلب والترائب، كما قال ابن عباس: هو عندي بمنزلة البصاق والمخاط". وذكر ابن عقيل نحو هذا. وعلّل بأن المذي جزء من المني، لأن سببهما جميعا الشهوة، ولأنه خارج تحلله الشهوة أشبه المني».

قال ابن حجر في الفتح: «وخرج ابن عقيل الحنبلي من قول بعضهم: "إن المذي من أجزاء المني" رواية بطهارته. وتعقب بأنه لو كان منياً لوجب الغسل منه». قلت: هذا تعقبٌ ضعيفٌ لأنه لم يقل أحدٌ أن المذي كالمني، وإنما المذي جزء من أجزاء المني. فالقول بطهارة المني يقتضي القول بطهارة أجزاءه ومنها المذي. أما إيجاب الغسل من المني فلا يفيد الغسل من المذي، لأنه مجرد جزء منه وليس كله. مع العلم أن ابن عقيل ليس أوّل من علّل بهذا، بل سبقه أبو حفص البرمكي –وهو أقدم منه– إذ نقل عنه ابن القيم في بدائع الفوائد (4|892): «يجزئ في المذي النضح لأنه ليس بنجس، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ذاك ماء الفحل، ولكل فحل ماء". فلما كان ماء الفحل طاهراً –وهو المني–، كان هذا مثله، لأنهما ينشآن من الشهوة».
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
وهذه مشاركة لأحد الأخوة ( أبو الفرج مهدي ) في ملتقى اهل الحديث :

تصحيح تصحيف في اختيارات ابن تيمية الفقهية للبعلي


- جاء في الاختيارات للبعلي:"ولا يجب غسل الثوب والبدن من المذي والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد" (الاختيارات الفقهية للبعلي ص26).
بناء على هذا النقل من البعلي نسب كثير من أهل العلم إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يقول بطهارة المذي, وهذا خلاف المشهور عنه ولهذا سنبين موضع الخطأ في هذا النقل.
*كلام البعلي السابق في نقل مذهب ابن تيمية عليه انتقادات عدة وهي:
1)من يقرأ هذا الكلام لا يفهم أن المذي طاهر وإنما يفهم أن الصديد طاهر لأنه قال:"لم يقم دليل على نجاسته" فالضمير يعود على أقرب مذكور وهو الصديد فجعله يعود على المذكور الأول يحتاج إلى دليل.
وإن كان يقصد أن كل المذكورات طاهرة فيجب أن يقول:"لم يقم دليل على نجاستها" لأنها متغايرة في حقيقتها.
حتى إن فرضنا أنه يقصد المذي بقوله:"لم يقم دليل على نجاسته" فالأولى أن يقول بعده:" والأقوى فيه" ولا يقول:"والأقوى في المذي" لأن هذا تكرار لا فائدة فيه.(هذا من حيث اللفظ)
2)الكلام السابق فيه تناقض:
-فقد قال:" لم يقم دليل على نجاسته" وهذا معناه أن المذي طاهر على قول من فهم هذا عنه.
-وقال:" والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح" وهذا يقتضي أن المذي نجس لأنه لو كان طاهرا لما وجب فيه شيء ولأجزأ فيه تركه على ما هو عليه ففي قوله:"يجزئ فيه" دليل على وجوب إزالته.
3)لو كان يقصد طهارة المذي لذكر أنه رواية عن أحمد عوض أن يذكر أنه منقول عن بعض أهل العلم.
4)قول ابن تيمية أن المذي طاهر - على قول من فهم ذلك - لم ينقل إلا في هذا الموضع ونقل عنه أنه يقول بنجاسته في مواضع كثيرة وهي:
•قال ابن تيمية:" وتكفي غلبة الظن بإزالة نجاسة المذي أو غيره وهو قول في مذهب أحمد ورواية عنه في المذي". (وهذا صريح في القول بنجاسته ومن الغريب أن هذا القول موجود قبل القول المشتبه السابق بصفحة فقط الاختيارات الفقهية للبعلي ص25).
•قال:"التوضؤ من خروج النجاسة مع الوضوء من القبلة فإنه قد يقبل فيمذي وقد يقبل فلا يمذي وقد يمذي من غير مباشرة فإذا قدر أنه لا وضوء من مس النساء لم ينف الوضوء من المذي وكذلك بالعكس وهذا بين" (مجموع الفتاوى 21/264)
•وقال:"قال مدعي نجاسة المني أنه نجس كالمذي لأن المني أصل المذي وهو جار في مجراه ويخرج من مخرجه فإذا نجس الفرع فلأن ينجس الأصل أولى"
فأجاب ابن تيمية:"وأما كونه فرعا فليس كذلك بل هو بمنزلة الجنين الناقص كالإنسان إذا أسقطته المرأة قبل كمال خلقه فإنه وإن كان مبدأ خلق الإنسان فلا يناط به من أحكام الإنسان إلا ما قل ولو كان فرعا فإن النجاسة استخباث وليس استخباث الفرع بالموجب خبث أصله كالفضول الخارجة من الإنسان" (مجموع الفتاوى 21/596-598)
•قال ابن تيمية عن المذي:" وظاهر المذهب أنه نجس وعنه أنه طاهر اختاره أبو الخطاب في خلافه لما روى سهل بن حنيف قال كنت ألقى من المذي شدة وكنت أكثر من الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يجزيك من ذلك الوضوء فقلت يا رسول الله كيف أصنع بما يصيب ثوبي قال يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن صحيح وأحمد.... فلم يأمره بغسل فرجه منه ولو كان واجبا لأمره ويحمل الأمر بالنضح وبالغسل في حديث علي على الاستحباب ولأنه جزء من المني إذ يخرج بسبب الشهوة من مخرج المني لكنه لم يستحكم بكمال الشهوة والأول هو المشهور لكن يكفي نضح المحل منه في إحدى الروايتين".... ثم قال:" النجاسات على قسمين ما يبطل الصلاة قليلها وكثيرها وما يعفى عن يسيرها أما المذي فيعفى عنه في أقوى الروايتين لأن البلوى تعم به ويشق التحرز منه فهو كالدم بل أولى للاختلاف في نجاسته والاجتزاء عنه بنضحه" (شرح العمدة 1/100-105)
•قال تلميذه ابن القيم:" فصل ومن ذلك أشياء سهل فيها المبعوث بالحنيفية السمحة فشدد فيها هؤلاء..... فصل ومن ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن المذي فأمر بالوضوء منه فقال كيف ترى بما أصاب ثوبي منه قال تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه رواه أحمد والترمذي والنسائي فجوز نضح ما أصابه المذي كما أمر بنضح بول الغلام قال شيخنا وهذا هو الصواب لأن هذه نجاسة يشق الاحتراز منها لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب فهي أولى بالتخفيف من بول الغلام ومن أسفل الخف والحذاء" (إغاثة اللهفان 1/150)
5)قلت جل هذا ثم وقفت على ما يحل المشكل من كلام ابن تيمية من أصله فقارن بينه وبين ما سأنقله:
-قال البعلي في اختيارات ابن تيمية الفقهية:" ولا يجب غسل الثوب والبدن من المذي والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد"
- وقال ابن القيم:" وقال شيخنا لا يجب غسل الثوب ولا الجسد من المدة والقيح والصديد قال ولم يقم دليل على نجاسته وذهب بعض أهل العلم إلى أنه طاهر حكاه أبو البركات" (إغاثة اللهفان 1/151)
-و قال المرداوي:"وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ مِنْ الْمِدَّةِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ. حَكَى جَدُّهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ طَهَارَتَهُ"(الإنصاف 1/ 327)
-وقال المرداوي أيضا:" تَنْبِيهٌ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله: أَنَّ الْقَيْحَ وَالصَّدِيدَ وَالْمِدَّةَ نَجِسٌ, وَهُوَ صَحِيحٌ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ طَهَارَةُ ذَلِكَ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. فَقَالَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ مِنْ الْمِدَّةِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ." (الإنصاف للمرداوي 1/330 ولبيان من قال بطهارة هذه الثلاث انظر المغني 1/725)
فحاصل القول أن كلام ابن تيمية المشتبه وقع فيه تصحيف المدة إلى المذي (والتصحيف أو الخطأ يستبعد أن يكون من البعلي لأنا قد نقلنا سابقا أنه ذكر أن ابن تيمية يرى نجاسة المذي وهذا ذكره قبل صفحة فقط من الكلام الذي وقع فيه الخطأ).
وأوضح الفيومي معنى المدة فقال:" وَالصَّدِيدُ الدَّمُ الْمُخْتَلِطُ بِالْقَيْحِ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ هُوَ الْقَيْحُ الَّذِي كَأَنَّهُ الْمَاءُ فِي رِقَّتِهِ وَالدَّمُ فِي شُكْلَتِهِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ فَإِذَا خَثُرَ فَهُوَ مِدَّةٌ." (المصباح المنير للفيومي 335 الصاد مع الدال وما يثلثهما)
فكلام ابن تيمية الصحيح هو:"ولا يجب غسل الثوب والبدن من المدة والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد"
فبين أن المدة والقيح والصديد طاهر ولم يقم دليل على نجاسته, ويصح في هذه الحال إرجاع ضمير المفرد على كلها لأن حقيقتها واحدة وهي "ما يتولد عن الدم" فكأنه قال:"وما يتولد عن الدم لم يقم دليل على نجاسته".

 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
جزاك الله خيرا أخي الكريم فهد، ونفع بك

ونريد رأي الشيخ فؤاد في الملون بالأحمر من كلام ابن تيمية -رحمه الله- ليرى تعلقه بعنوان موضوعنا هذا:

:"قال مدعي نجاسة المني أنه نجس كالمذي لأن المني أصل المذي وهو جار في مجراه ويخرج من مخرجه فإذا نجس الفرع فلأن ينجس الأصل أولى"
فأجاب ابن تيمية:"وأما كونه فرعا فليس كذلك بل هو بمنزلة الجنين الناقص كالإنسان إذا أسقطته المرأة قبل كمال خلقه فإنه وإن كان مبدأ خلق الإنسان فلا يناط به من أحكام الإنسان إلا ما قل ولو كان فرعا فإن النجاسة استخباث وليس استخباث الفرع بالموجب خبث أصله كالفضول الخارجة من الإنسان" (مجموع الفتاوى 21/596-598)
 
إنضم
9 فبراير 2010
المشاركات
166
التخصص
الهندسة المدنية-منهج الظاهرية في كافة العلوم
المدينة
طنطا
المذهب الفقهي
أهل الحديث (ظاهري)

أحمد بن فخري الرفاعي

:: مشرف سابق ::
إنضم
12 يناير 2008
المشاركات
1,432
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
باحث اسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
شافعي
القائلون بطهارة المني كيف ينفصلون من نجاسة المذي وهو من جنسه؟

القائلون بطهارة المني وهم الحنابلة والشافعية كيف ينفصلون من إلزام الحنفية والمالكية بأن المني من جنس المذي فكان نجساً مثله، فالمذي يخرج عند مقدمات الشهوة، والمني أصل المذي عند استكمالها وهو يجري في مجراه ويخرج من مخرجه فإذا نجس الفرع فلأن ينجس الأصل أولى .

سبحان الله!
هذا السؤال جال في ذهني قبل نحو من ثلاثين سنة ، فسألت طبيبا من المختصين في المسالك البولية ، فقلت له ما رأيك في هذا من الناحية الطبية ؟
فقال :
المذي تفرزه غدة تُسمى: غدة كوبر، وهو يساعد على تطهير قناة الإحليل من بقايا البول والبكتيريا، وتساعد لزوجته أيضاً في تسهيل عملية الجماع.
والمني يخرج عندما تكون القناة طاهرة تماما.
فالمذي يخالط بقايا البول بخلاف المني .

قلت: وهذا من تمام لطف الله ورحمته وتكريمه للانسان.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مع العلم أن ابن عقيل ليس أوّل من علّل بهذا، بل سبقه أبو حفص البرمكي –وهو أقدم منه– إذ نقل عنه ابن القيم في بدائع الفوائد (4|892): «يجزئ في المذي النضح لأنه ليس بنجس، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ذاك ماء الفحل، ولكل فحل ماء". فلما كان ماء الفحل طاهراً –وهو المني–، كان هذا مثله، لأنهما ينشآن من الشهوة».

جزاك الله خيرا، على هذه الأعلاق النفيسة، فبارك الله فيكم ونفع بكم.
أستفسر عن صحة الحديث "ذاك ماء الفحل، ولكل فحل ماء"، ومحقق البدائع "الشيخ علي العمران" خرجه عن أحمد (2/399، رقم1238) من حديث علي
وخرجه عن أحمد (31/346 رقم 19007)، وأبي داود (رقم211)، من حديث عبد الله بن سعد الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك مذي المذي، وكل فحل يمذي".
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وهذه مشاركة لأحد الأخوة ( أبو الفرج مهدي ) في ملتقى اهل الحديث :

تصحيح تصحيف في اختيارات ابن تيمية الفقهية للبعلي


- جاء في الاختيارات للبعلي:"ولا يجب غسل الثوب والبدن من المذي والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد" (الاختيارات الفقهية للبعلي ص26).
بناء على هذا النقل من البعلي نسب كثير من أهل العلم إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يقول بطهارة المذي, وهذا خلاف المشهور عنه ولهذا سنبين موضع الخطأ في هذا النقل.
*كلام البعلي السابق في نقل مذهب ابن تيمية عليه انتقادات عدة وهي:
1)من يقرأ هذا الكلام لا يفهم أن المذي طاهر وإنما يفهم أن الصديد طاهر لأنه قال:"لم يقم دليل على نجاسته" فالضمير يعود على أقرب مذكور وهو الصديد فجعله يعود على المذكور الأول يحتاج إلى دليل.
وإن كان يقصد أن كل المذكورات طاهرة فيجب أن يقول:"لم يقم دليل على نجاستها" لأنها متغايرة في حقيقتها.
حتى إن فرضنا أنه يقصد المذي بقوله:"لم يقم دليل على نجاسته" فالأولى أن يقول بعده:" والأقوى فيه" ولا يقول:"والأقوى في المذي" لأن هذا تكرار لا فائدة فيه.(هذا من حيث اللفظ)
2)الكلام السابق فيه تناقض:
-فقد قال:" لم يقم دليل على نجاسته" وهذا معناه أن المذي طاهر على قول من فهم هذا عنه.
-وقال:" والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح" وهذا يقتضي أن المذي نجس لأنه لو كان طاهرا لما وجب فيه شيء ولأجزأ فيه تركه على ما هو عليه ففي قوله:"يجزئ فيه" دليل على وجوب إزالته.
3)لو كان يقصد طهارة المذي لذكر أنه رواية عن أحمد عوض أن يذكر أنه منقول عن بعض أهل العلم.
4)قول ابن تيمية أن المذي طاهر - على قول من فهم ذلك - لم ينقل إلا في هذا الموضع ونقل عنه أنه يقول بنجاسته في مواضع كثيرة وهي:
•قال ابن تيمية:" وتكفي غلبة الظن بإزالة نجاسة المذي أو غيره وهو قول في مذهب أحمد ورواية عنه في المذي". (وهذا صريح في القول بنجاسته ومن الغريب أن هذا القول موجود قبل القول المشتبه السابق بصفحة فقط الاختيارات الفقهية للبعلي ص25).
•قال:"التوضؤ من خروج النجاسة مع الوضوء من القبلة فإنه قد يقبل فيمذي وقد يقبل فلا يمذي وقد يمذي من غير مباشرة فإذا قدر أنه لا وضوء من مس النساء لم ينف الوضوء من المذي وكذلك بالعكس وهذا بين" (مجموع الفتاوى 21/264)
•وقال:"قال مدعي نجاسة المني أنه نجس كالمذي لأن المني أصل المذي وهو جار في مجراه ويخرج من مخرجه فإذا نجس الفرع فلأن ينجس الأصل أولى"
فأجاب ابن تيمية:"وأما كونه فرعا فليس كذلك بل هو بمنزلة الجنين الناقص كالإنسان إذا أسقطته المرأة قبل كمال خلقه فإنه وإن كان مبدأ خلق الإنسان فلا يناط به من أحكام الإنسان إلا ما قل ولو كان فرعا فإن النجاسة استخباث وليس استخباث الفرع بالموجب خبث أصله كالفضول الخارجة من الإنسان" (مجموع الفتاوى 21/596-598)
•قال ابن تيمية عن المذي:" وظاهر المذهب أنه نجس وعنه أنه طاهر اختاره أبو الخطاب في خلافه لما روى سهل بن حنيف قال كنت ألقى من المذي شدة وكنت أكثر من الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يجزيك من ذلك الوضوء فقلت يا رسول الله كيف أصنع بما يصيب ثوبي قال يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن صحيح وأحمد.... فلم يأمره بغسل فرجه منه ولو كان واجبا لأمره ويحمل الأمر بالنضح وبالغسل في حديث علي على الاستحباب ولأنه جزء من المني إذ يخرج بسبب الشهوة من مخرج المني لكنه لم يستحكم بكمال الشهوة والأول هو المشهور لكن يكفي نضح المحل منه في إحدى الروايتين".... ثم قال:" النجاسات على قسمين ما يبطل الصلاة قليلها وكثيرها وما يعفى عن يسيرها أما المذي فيعفى عنه في أقوى الروايتين لأن البلوى تعم به ويشق التحرز منه فهو كالدم بل أولى للاختلاف في نجاسته والاجتزاء عنه بنضحه" (شرح العمدة 1/100-105)
•قال تلميذه ابن القيم:" فصل ومن ذلك أشياء سهل فيها المبعوث بالحنيفية السمحة فشدد فيها هؤلاء..... فصل ومن ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن المذي فأمر بالوضوء منه فقال كيف ترى بما أصاب ثوبي منه قال تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه رواه أحمد والترمذي والنسائي فجوز نضح ما أصابه المذي كما أمر بنضح بول الغلام قال شيخنا وهذا هو الصواب لأن هذه نجاسة يشق الاحتراز منها لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب فهي أولى بالتخفيف من بول الغلام ومن أسفل الخف والحذاء" (إغاثة اللهفان 1/150)
5)قلت جل هذا ثم وقفت على ما يحل المشكل من كلام ابن تيمية من أصله فقارن بينه وبين ما سأنقله:
-قال البعلي في اختيارات ابن تيمية الفقهية:" ولا يجب غسل الثوب والبدن من المذي والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد"
- وقال ابن القيم:" وقال شيخنا لا يجب غسل الثوب ولا الجسد من المدة والقيح والصديد قال ولم يقم دليل على نجاسته وذهب بعض أهل العلم إلى أنه طاهر حكاه أبو البركات" (إغاثة اللهفان 1/151)
-و قال المرداوي:"وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ مِنْ الْمِدَّةِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ. حَكَى جَدُّهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ طَهَارَتَهُ"(الإنصاف 1/ 327)
-وقال المرداوي أيضا:" تَنْبِيهٌ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله: أَنَّ الْقَيْحَ وَالصَّدِيدَ وَالْمِدَّةَ نَجِسٌ, وَهُوَ صَحِيحٌ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ طَهَارَةُ ذَلِكَ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. فَقَالَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ مِنْ الْمِدَّةِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ." (الإنصاف للمرداوي 1/330 ولبيان من قال بطهارة هذه الثلاث انظر المغني 1/725)
فحاصل القول أن كلام ابن تيمية المشتبه وقع فيه تصحيف المدة إلى المذي (والتصحيف أو الخطأ يستبعد أن يكون من البعلي لأنا قد نقلنا سابقا أنه ذكر أن ابن تيمية يرى نجاسة المذي وهذا ذكره قبل صفحة فقط من الكلام الذي وقع فيه الخطأ).
وأوضح الفيومي معنى المدة فقال:" وَالصَّدِيدُ الدَّمُ الْمُخْتَلِطُ بِالْقَيْحِ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ هُوَ الْقَيْحُ الَّذِي كَأَنَّهُ الْمَاءُ فِي رِقَّتِهِ وَالدَّمُ فِي شُكْلَتِهِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ فَإِذَا خَثُرَ فَهُوَ مِدَّةٌ." (المصباح المنير للفيومي 335 الصاد مع الدال وما يثلثهما)
فكلام ابن تيمية الصحيح هو:"ولا يجب غسل الثوب والبدن من المدة والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد"
فبين أن المدة والقيح والصديد طاهر ولم يقم دليل على نجاسته, ويصح في هذه الحال إرجاع ضمير المفرد على كلها لأن حقيقتها واحدة وهي "ما يتولد عن الدم" فكأنه قال:"وما يتولد عن الدم لم يقم دليل على نجاسته".

بارك الله فيكم جميعاً، في الحقيقة البراهين قوية على وقوع التصحيف في الاختيارات، والاختيارات عموماً فيه اختصار وتصرف في عبارات ابن تيمية فهو لا يصلح أن يكون مرجعاً أصيلاً لاختيارات ابن تيمية لاسيما عند التعارض، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك.
يتبين لي والله أعلم أن ابن تيمية رحمه الله لم يشأ أن يخرج عن قول عامة أهل العلم في نجاسة المذي، ولم يجد من الأدلة ما يكفي للقول بطهارته، خصوصاً أن في المسألة إجماعات محكية، ومع ذلك فهو يعرف الخلاف في المسألة ويشير إليه، ويبين وجهه وجعله أحد الأوجه في الجواب عن إلزامات الحنفية والمالكية في التفريق بينه وبين المذي، وكأنه لا يرى مانعاً من القول به إذا كان من لازم القول بطهارة المني، لكن وجد عنده من الأجوبة والتخريجات ما تكفي للتفريق بينهما فآثر البقاء على القول بالتفريق بينهما وإن كان يؤثر في عادته الاطراد.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جزاك الله خيرا أخي الكريم فهد، ونفع بك

ونريد رأي الشيخ فؤاد في الملون بالأحمر من كلام ابن تيمية -رحمه الله- ليرى تعلقه بعنوان موضوعنا هذا:

:"قال مدعي نجاسة المني أنه نجس كالمذي لأن المني أصل المذي وهو جار في مجراه ويخرج من مخرجه فإذا نجس الفرع فلأن ينجس الأصل أولى"
فأجاب ابن تيمية:"وأما كونه فرعا فليس كذلك بل هو بمنزلة الجنين الناقص كالإنسان إذا أسقطته المرأة قبل كمال خلقه فإنه وإن كان مبدأ خلق الإنسان فلا يناط به من أحكام الإنسان إلا ما قل ولو كان فرعا فإن النجاسة استخباث وليس استخباث الفرع بالموجب خبث أصله كالفضول الخارجة من الإنسان" (مجموع الفتاوى 21/596-598)

هذه مناسبة لطيفة في عدم لزوم الأصل حكم الفرع، ويبقى أنه أقوى منه أن الأصل أن الفرع يأخذ حكم الأصل، أليس كذلك؟
ثم إن الحنفية والمالكية يقولون: إنهما من جنس واحد فلا فرق بينهما من هذا الوجه.
 
أعلى