العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

كلمات للميداني في منهج فهم الكتاب أضعها للتأمل

إنضم
14 نوفمبر 2009
المشاركات
350
التخصص
الفقه والأصول والبحث القرآني
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الحنفي
الكلمة الأولى :


قال الشيخ المفسر الفقيه عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني رحمه الله حول ما يتعلق بتحصيل أقوال المفسرين:

وينبغي النظر أيضا فيما ورد من آراء المفسرين المعتمدين، وأقوال أهل التأويل المعتبرين ومفاهيمهم، فمن شأن هذا النظر أن يبصر المتدبر بجوانب قد تغيب عنه ولا تخطر على باله.

وليس معنى النظر فيما ورد من آراء المفسرين وأقوال أهل التأويل أن يتاثر المتدبر تاثرا كاملا، ولكن أن يتأمل ويحرر ويميز المقبول من المردود.

وليس علم التدبر حشرا لأقوال وآراء أهل التأويل، والإكثار من عرض ما قال الناس، فلا يكون المتدبر متدبرا حقا حتى يعرف ما ينتقي من آراء أهل التأويل، ويعرف ما يدع ويعرف ما هو ساقط مردود، وما هو محتمل، وما هو راجح، وما هو حق لا رد له، وما هو بعض المعنى المراد، وما لا يمكن أن يكون مرادا. أي: أن تكون لديه الملكة لذلك، وإن كان عرضة للخطأ في بعض الأحيان.

ويتصور بعض الباحثين أن كثرة العلم بكثرة جمع أقوال الناس في المسألة، وكثرة حفظ هذه الأقوال.

وأرى أن وفرة العلم إنما تكون باستجلاء ما هو الحق، أو ما هو أقرب إليه إن لم يتيسر معرفة الحق تماما.

وأما ما عدا هذا فمن الخير ألا يشغل مساحة من الفكر، ولا من أوراق الكتاب، وأن لا يأخذ قدرا من الجهد، ولا قدرا من الوقت، إلا أن يكون رأيا ثابتا لمعارض مبطل، فيجب تفنيده وإسقاطه حتى لا يؤثر على عقول المتعلمين. ص 133 - 134


الكلمة الثانية :

يقول حول ما يؤخذ من معرفة المكي والمدني ومراعاة قضية التشريع :

إن مراعاة مراحل التنزيل وأزمانه، وملاحظتها لدى التدبر، تحمي من أخطاء تفسيرية قد يقع بها بعض المفسرين. فبعضهم قد يأتي بقصص مدنية فيضعها شرحا أو سببا لنص مكي، ويحمل ذلك النص القرآني ما لا يحمل، وقد يقع من جراء ذلك في خطأ فادح.

وقد يأتي بحادثة مكية فيجعلها سببا لنزول نص مدني لا علاقة له بهذه الحادثة.

ص 152

الكلمة الثالثة :

يقول حول اعتبار السياق القرآني وما يخالفه من أقوال المفسرين :

وكثير مما يذكره المفسرون على أنه سبب لنزول آية من الآيات ليس له سند صحيح يثبت، كما أنه قد يكون غير صالح لإلقاء الضوء على المعنى المراد، بل قد يحوّل فكر المتدبر لكلام الله عن الفهم الصحيح المتسق مع جملة ما جاء في كتاب الله. وقد يصادف المطالع في كتب التفسير حادثة مكية ذكر بعض المفسرين أنها سبب لآية مدنية، أو العكس...

لذلك لا يصح اعتماد جميع ما ذكره المفسرون على أنه من أسباب النزول، واعتباره أساسا لتحديد معاني النصوص، إلا أن ثيبت بسند صحيح، ولا يتنافى مع تاريخ نزول النص أو يكون منسجما مع دلالات النص الواضحة دون أن يكون فيه ما يخدش اعتباره سببا لنزول النص الموضوع للتدبر.

ص 205


الكلمة الرابعة :

يقول حول التضمين وخضوعه للفنون البيانية لا النحوية :

من ظواهر الإيجاز البديع في التعبير القرآني ظاهرة التضمين، وهو أن تذكر كلمة ذات معنى، وتضمن في معناها معنى كلمة أخرى، ثم يبنى عليها كلام على أساس معنى الكلمة الأخرى التي ضمّنها إياها صاحب البيان، كالتعدية بالحروف المناسب لمعنى الكلمة المضمّنة.

وقد حل الزمخشري في تفسيره "الكشاف" كثيرا من الإشكالات في تعدية الأفعال وما يعمل عملها على غير طريقتها في الاستعمالات العربية العادية، بقاعدة التضميم هذه، لدى تفسير نصوص ظهر له فيها تعدية فعل أو ما يعمل عمله بحرف فعل آخر.

ويقول النحاة : إن التضمين سماعيّ لا يقاس عليه.

وأقول : التضمين لا يخضع لأصول النحاة التي استخرجوا على أساسها قواعدهم، إذ هو فن رفيع من الفنون البيانية، التي لا تخضع لقواعد الاستعمالات العربية الجامدة التقليدية، بل هو لمح ابتكاري يلاحظه البليغ . . .

ولدى تحليل التضمين يظهر لنا أنه صنف من أصناف الحذف، الذي يترك في اللفظ ما يدل عليه.

فالفعل المذكور يدل بحسب تعديته العربية على معموله المحذوف، والمعمول المذكور مع قرائن النص يدل على عامله المحذوف، وينتج عن ذلك أداء موجز بليغ، اعتمد على أسلوب بيانيّ ذكي.

ص 296 - 297
 
إنضم
28 ديسمبر 2007
المشاركات
677
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
حنبلي
كلام رائع ..


وشكر الله للشيخ الكلام، وشكر لكم النقل والانتقاء، وإن جودة انتقاء المرء شهادة على جودة عقله .
 
أعلى