رد: سلسلة نتائج الكتب (2) كتاب التجديد والمجددون في أصول الفقه لأبي الفضل عبدالسلام محمد عبدالكريم ...
http://al-maqasid.net/ar/news.php?id=152
تطور علم أصول الفقه وتجدده
د. عبد السلام بلاجي
دار الوفاء للطباعة والنشر- المنصورة- مصر،
ط1، 1428هـ/2007م
عدد الصفحات : 355 صفحة
هذا الكتاب في أصله أطروحة دكتوراه قُدمت لشعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة محمد الخامس بالرباط.
ويتكون الكتاب من مدخل وثلاثة أبواب. ويبدأ المؤلف مدخله بطرح عدة تساؤلات، هي:
1- هل المباحث الكلامية لازمة ولصيقة بعلم الأصول؟ أم إن بعضها زائد يمكن الاستغناء عنه دون أن يحدث ذلك فراغًا أو تأثيرًا سلبيًا على علم الأصول؟
2- ما مدى تأثير هذه المباحث على علم أصول الفقه؟ وهل التأثير إيجابي أم سلبي؟ وفي حالة كونه إيجابيًا ما هي الحدود التي يجب أن تلزمها هذه المباحث، وفي حالة كونه سلبيًا، هل يمكن تجريد علم أصول الفقه منها؟
3- ما هي الصورة التي ينبغي أن تكون عليها المباحث الأصولية حتى تؤدي وظيفتها الاستنباطية العملية، وتغني علم أصول الفقه كمنهج استنباطي لأحكام الفقه العملية؟
ويجيب الباحث أن الإمام الجويني عندما تحدث عن علم الكلام واستمداد علم أصول الفقه منه أسهب في المباحث التي تتعلق به. فهو يقطع بأن علم أصول الفقه مستمد من علم الكلام واللغة العربية وعلم الفقه. لكنه يتوسع في المضامين الكلامية التي يجب أن ينطوي عليها علم أصول الفقه.
أما ابن برهان البغدادي (ت 518هـ) وهو أصولي متكلم كان حنبليًا ثم تحول إلى المذهب الشافعي، فإنه يقرر استمداد علم الأصول من عدة علوم من بينها علم الكلام، إلا أنه يضيق هذا المجال الكلامي اللازم لعلم أصول الفقه.
أما الآمدي (551هـ-631هـ) فهو يؤكد أن علم الكلام مصدر أساسي من مصادر الفقه، نظرًا لتوقف العلم بكون أدلة الأحكام مفيدة لها شرعًا على معرفة الله تعالى وصفاته وصدق رسوله فيما جاء به، وغير ذلك مما لا يُعرف في غير علم الكلام.
أما أبو إسحاق الشاطبي (ت 790هـ) فرغم كونه مالكيًا مصنفًا ضمن طائفة المتكلمين، فقد قرر في مقدماته لكتاب «الموافقات» أن كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأن كل مسألة موسومة في أصول الفقه لا يبنى عليها فروع فقهية، أو آداب شرعية، ولا تكون عونًا في ذلك فوضعها في أصول الفقه عارية.
بل إن الشاطبي يرى أنه لا فائدة من الجدل الكلامي حتى لو كان الموضوع المتجادل فيه يساعد بشكل ما على استنباط فقه حقيقي عملي، ما دام هذا الجدل غير ضروري لذلك الاستنباط. وهكذا ينادي بضرورة استبعاد كل ما لا يُبنى عليه عمل. وعلى رأس ذلك معظم المسائل الكلامية من مجال أصول الفقه، لأنها ليست ضرورية لقيام هذا العلم بمهمته الاستنباطية الفقهية، وهي إضافات مكانها الحقيقي هو علم الكلام.
الباب الأول عنوانه «مراحل تطور أصول الفقه» ويشتمل الباب على فصلين، وهذا الباب ينقب في تاريخ تطور علم أصول الفقه، وخصوصًا من الجانب المرتبط بموضوع الدراسة، ويشمل الحديث عن ثماني مراحل أساسية:
1- مرحلة ما قبل تدوين علم الأصول.
2- مرحلة التدوين أو مرحلة «رسالة» الإمام الشافعي.
3- مرحلة ردود الفعل على الرسالة.
4- مرحلة إدخال علم الكلام إلى أصول الفقه.
5- مرحلة الجدل الكلامي الترفي.
6- مرحلة محاولة تخليص الأصول من الزوائد (أو منهج الشاطبي).
7- مرحلة اليقظة الحديثة والمعاصرة.
8- المرحلة الراهنة أو مرحلة الدعوة إلى تجديد أصول الفقه.ويتناول المؤلف جهود الشاطبي في تجديد هذا العلم عندما سيطر الركود والتقليد على الحياة العلمية للمسلمين، ومسّ أصول الفقه كغيره من العلوم.
فبعد أن وصل هذا العلم إلى حالة من التردي والدوران في الفراغ، تركزت جهود الشاطبي في إعادة الحياة لهذا العلم، وربطه بالحياة والعمل والتطبيق، وذلك في كتابه «الموافقات»، وكان واعيًا تمام الوعي بأن عمله هذا يدخل في باب الابتكار وأنه سيواجه كما توقع «الإنكار» والنقد الشديد. أما أهم المحاور في كتاب «الموافقات» فهي:- تجديد البناء الهيكلي أو المنهجي لعلم أصول الفقه.- إدخال المقاصد كمبحث أساسي في علم الأصول.- التقديم للكتاب بمدخل منهجي أو مقدمات منهجية عملية تصلح لكل علوم الشريعة.
1- فيما يخص هيكلة الكتاب وتقسيمه وترتيبه أشار الشاطبي في المقدمة إلى أنه سيقسمه إلى خمسة أقسام هي: المقدمات العملية، الأحكام، مقاصد الشريعة، الأدلة، الاجتهاد.
2- وأما المقاصد فقد خصص لها مجلدًا كاملاً من المجلدات الأربعة، وهو المجلد الثاني، حيث قسمه إلى قسمين: القسم الأول، عالج فيه مقاصد الشارع، وهي أربعة أنواع: مقاصد وضع الشريعة ابتداء، ومقاصد وضع الشريعة للإفهام، ومقاصد وضع الشريعة للتكليف، ومقاصد وضع الشريعة للامتثال. أما القسم الثاني فيعالج فيه مقاصد المكلف. 3- وأما المقدمات المنهجية العملية، فإنها من بين أغنى ما قدمه الشاطبي في كتابه «الموافقات»، فعلى مدى أكثر من سبعين صفحة استعرض ثلاث عشرة مقدمة منهجية تصلح لكل العلوم الشرعية، وربما تتعداها إلى غيرها من العلوم الإنسانية والاجتماعية. وفيما يلي أهم المقدمات التي لها اتصال بموضوع أصول الفقه. ويضع المؤلف عناوين مقترحة لها وهي:
أ - رفض المسائل التي ليست لها وظيفة استنباطية.
ب - استبعاد المسائل التي لها وظيفة مساعدة غير أصلية.
ج - تجريد أصول الفقه من المسائل المقحمة فيه.
د - تقرير المسائل المساعدة للأصول في علومها الأصلية.
هـ- تجريد أصول الفقه من الخلاف الكلامي.
و - استعمال المنهج العملي المستحسن شرعًا.
والباب الثاني عنوانه «امتزاج المنهجين الكلامي والأصولي» ويشتمل على ثلاثة فصول، الأول: ظروف وملابسات نشأة علم الكلام. الفصل الثاني كيفية إقحام المسائل الكلامية في أصول الفقه. الفصل الثالث: تقويم امتزاج الأصلين. وهذا الباب يعالج الظروف والملابسات التي أحاطت بنشأة علم الكلام، ويتناول المؤلف فيها ما كان له ارتباط بعلم أصول الفقه. الباب الثالث عنوانه «تجديد أصول الفقه وآفاقه» ويتكون من فصلين: الأول الاتجاهات التجديدية، والفصل الثاني مستقبل أصول الفقه. ويشير المؤلف إلى أن من أهم القضايا التي استأثرت باهتمام دعاة التجديد، ولها جدوى في عملية وظيفة أصول الفقه وبنائه وإعادة صياغته، قضيتان رئيسيتان هما: مقاصد الشريعة، والقواعد الشرعية أو القواعد الفقهية العامة، حيث يرى عدد من الدارسين ضرورة إدراجهما ضمن أصول الفقه، وإعطائهما أهمية بارزة في مباحثه. ويتناول المؤلف هذا الموضوع في مبحثين: المبحث الأول: مركزية المقاصد عند الأصوليين المحدثين والمثقفين، حيث انطلقت دعوة إدراج المقاصد ضمن الأصول مبكرًا عند الأصوليين المعاصرين منذ النصف الأول من القرن العشرين، عند الشيخ عبد الله دراز، والشيخ محمد أبو زهرة وغيرهما. وقد تزايد اهتمام المثقفين من مختلف الاتجاهات الفكرية بأهمية مراعاة المقاصد الشرعية في الاجتهاد والتشريع للقضايا الطارئة والمستجدة، وتختلف نظرتهم إلى المقاصد ومفهومها وطرق مراعاتها حسب قربهم أو بُعدهم من الفكر الإسلامي.
المبحث الثاني عن أهمية القواعد الفقهية الكلية في الاجتهاد والإفتاء. وينادي المؤلف بضرورة إدخال مبحث مقاصد الشريعة الإسلامية إلى أصول الفقه، وأيضًا ضرورة إدخال مبحث القواعد الشرعية العامة، أو القواعد الفقهية الكلية وضمها إلى مباحث الفقه، وذلك لأنها تساعد الفقيه والأصولي على الاجتهاد والاستنباط.