أبوبكر بن سالم باجنيد
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 13 يوليو 2009
- المشاركات
- 2,540
- التخصص
- علوم
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
ورد في السُّنَّة النهي عن لبس المعصفر للرجال وهو المصبوغ بالعُصفُر، وهو نبات يستخرج من زَهْرِه صبغ فيه حُمْرَة.
وقد اختلف العلماء في لبس المعصفر للرجال على ثلاثة أقوال :
القول الأول : التحريم ، وهو مذهب الظاهرية، واختيار ابن القيم والشوكاني وابن عثيمين.
لما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
( رَأَى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – عَلَيَّ ثَوبَينِ مُعَصفَرَينِ فَقَالَ :
إِنَّ هَذِهِ مِن ثِيَابِ الكُفَّارِ فَلا تَلبَسهَا )
وفي رواية : ( أَأُمُّكَ أَمَرَتكَ بِهَذَا ؟ قُلتُ : أَغسِلُهُمَا ؟ قَالَ : بَل احرِقهُما )
وما رواه مسلم عن علي - رضي الله عنه - قال : نهاني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن التّختّم بالذّهب ، وعن لباس القَسِّيّ ، وعن القراءة في الرّكوع والسّجود وعن لباس المعصفر.
القول الثاني : الكراهة ، وهو مذهب الحنفية والمالكية، وهو المذهب عند الحنابلة .
قالوا : والنهي السابق محمول على الكراهة ؛ لما ثبت عن البراء بن عازب – رضي الله عنه - قال : ( رَأَيتُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – فِي حُلَّةٍ حَمرَاءَ ) متفق عليه.
القول الثالث : الجواز ، وهو قول الشافعي.
جاء في "الاستذكار" للحافظ ابن عبد البر أن لباس المعصفر والمفدَّم -شديد الحمرة- مختلف فيه؛ أجازه قوم من أهل العلم وكرهه آخرون.
قال: ولا حجة عندي لمن أباحه مع ما جاء في حديث هذا الباب من نهيه علياً عن لبس المعصفر، إلا أن يدعى أن ذلك خصوص لعلي وحده؛ لقوله: نهاني رسول الله، ولا أقول نهاكم..
وبعضهم يقول فيه: نهاني، ولا أقول نهى الناس..
وهذا اللفظ محفوظ في حديث علي هذا من وجوه
وليس دعوى الخصوص فيه بشيء؛ لأن الحديث في النهي عن لباس المعصفر والقسي وتختم الذهب - كل ذلك - للرجال دون النساء صحيح مروي من وجوه ثابتة
وقد ذكرنا في "التمهيد" حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا أركب الأرجوان، ولا ألبس المعصفر ). أهـ
وكأن ابن عبد البر يرد قول الإمام الشافعي -رحمه الله- : إنما أرخصت في المعصفر لأني لم أجد أحداً يحكي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عنه، إلا ما قال علي رضي الله عنه: "نهاني، ولا أقول نهاكم".
وأما النساء؛ فقد روى أبو داود عن عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى النساء في إحرامهن ، عن القفازين والنقاب , وما مس الورس والزعفران من الثياب , ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب من معصفر , أو خز , أو حلي , أو سراويل , أوخف.
وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : أقبلنا مع رسول الله من ثنية أذاخر – من أودية المدينة – فالتفت إليَّ وعليَّ رَيْطَة مدَرَّجة بالعصفر فقال : ( ما هذه ؟ ) فعرفت ما كره . فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورهم ، فقذفتها فيه . ثم أتيت من الغد . فقال : ( يا عبد الله : ما فعلت الريطة ؟ ) فأخبرته ، فقال : ( ألا كسوتها بعض أهلك). وزاد ابن ماجه: ( فإنه لا بأس بذلك للنساء ). وحَسَّنه جماعة من أهل العلم.
وهل النهي لأجل كونه مصبوغاً بالعصفر؟ أم للون الحمرة التي فيه؟ طريقان للعلماء في هذا.
والذي يظهر لي من السنة: أن النهي هنا متعلق بذات الصبغ بالعُصفُر؛ لأنه لباس الكفار كما في حديث عبد الله بن عمرو، ولأنه لباس النساء. والله أعلم
وعليه؛ فالأقوى هو التحريم، لا سيما أنه جاء فيه من التغليظ ما لم يجئ في غيره من المنهيات كالأمر بإحراق الثوبين، وكونه من التشبه الممنوع يزيد ذلك قوة.
وعذر من لم يقل بالتحريم أمور، منها:
1. دعوى الخصوصية، أعني: اختصاص أولئك الذين نهاهم بذلك دون غيرهم، وقد نقلنا ردها عن ابن عبد البر رحمه الله تعالى.
2. الآثار عن جمع من الصحابة والتابعين، ولتنظر "المصنَّف" مشكوراً.
3. الأصل في اللباس
يقول الإمام مالك -رحمه الله- في "موطئه": لا أعلم من ذلك شيئاً حراماً، وغير ذلك من اللباس أحب إلي.
4. اعتبار أن العلة في النهي هي اللون، أي الحمرة، وقد جاء ما يفيد جواز لبس الأحمر، فصُرِف ذلك عن التحريم.
وأما الثوب المزعفر للرجال في غير الإحرام، فقد اختلف العلماء في حكمه، بعد اتفاقهم على أنه لا يجوز لبسه للمحرِم، على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التحريم، وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة.
والدليل على ذلك ما جاء عن أنس – رضي الله عنه – قال :
( نَهَى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – أَن يَتَزَعفَرَ الرَّجُلُ ) متفق عليه.
القول الثاني: الكراهة، وهو مذهب الحنفية والحنابلة.
القول الثالث: الجواز، وهو مذهب المالكية.
وسنزيد المسألة إيضاحاً إن شاء الله
وقد اختلف العلماء في لبس المعصفر للرجال على ثلاثة أقوال :
القول الأول : التحريم ، وهو مذهب الظاهرية، واختيار ابن القيم والشوكاني وابن عثيمين.
لما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
( رَأَى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – عَلَيَّ ثَوبَينِ مُعَصفَرَينِ فَقَالَ :
إِنَّ هَذِهِ مِن ثِيَابِ الكُفَّارِ فَلا تَلبَسهَا )
وفي رواية : ( أَأُمُّكَ أَمَرَتكَ بِهَذَا ؟ قُلتُ : أَغسِلُهُمَا ؟ قَالَ : بَل احرِقهُما )
وما رواه مسلم عن علي - رضي الله عنه - قال : نهاني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن التّختّم بالذّهب ، وعن لباس القَسِّيّ ، وعن القراءة في الرّكوع والسّجود وعن لباس المعصفر.
القول الثاني : الكراهة ، وهو مذهب الحنفية والمالكية، وهو المذهب عند الحنابلة .
قالوا : والنهي السابق محمول على الكراهة ؛ لما ثبت عن البراء بن عازب – رضي الله عنه - قال : ( رَأَيتُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – فِي حُلَّةٍ حَمرَاءَ ) متفق عليه.
القول الثالث : الجواز ، وهو قول الشافعي.
جاء في "الاستذكار" للحافظ ابن عبد البر أن لباس المعصفر والمفدَّم -شديد الحمرة- مختلف فيه؛ أجازه قوم من أهل العلم وكرهه آخرون.
قال: ولا حجة عندي لمن أباحه مع ما جاء في حديث هذا الباب من نهيه علياً عن لبس المعصفر، إلا أن يدعى أن ذلك خصوص لعلي وحده؛ لقوله: نهاني رسول الله، ولا أقول نهاكم..
وبعضهم يقول فيه: نهاني، ولا أقول نهى الناس..
وهذا اللفظ محفوظ في حديث علي هذا من وجوه
وليس دعوى الخصوص فيه بشيء؛ لأن الحديث في النهي عن لباس المعصفر والقسي وتختم الذهب - كل ذلك - للرجال دون النساء صحيح مروي من وجوه ثابتة
وقد ذكرنا في "التمهيد" حديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا أركب الأرجوان، ولا ألبس المعصفر ). أهـ
وكأن ابن عبد البر يرد قول الإمام الشافعي -رحمه الله- : إنما أرخصت في المعصفر لأني لم أجد أحداً يحكي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عنه، إلا ما قال علي رضي الله عنه: "نهاني، ولا أقول نهاكم".
وأما النساء؛ فقد روى أبو داود عن عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى النساء في إحرامهن ، عن القفازين والنقاب , وما مس الورس والزعفران من الثياب , ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب من معصفر , أو خز , أو حلي , أو سراويل , أوخف.
وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : أقبلنا مع رسول الله من ثنية أذاخر – من أودية المدينة – فالتفت إليَّ وعليَّ رَيْطَة مدَرَّجة بالعصفر فقال : ( ما هذه ؟ ) فعرفت ما كره . فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورهم ، فقذفتها فيه . ثم أتيت من الغد . فقال : ( يا عبد الله : ما فعلت الريطة ؟ ) فأخبرته ، فقال : ( ألا كسوتها بعض أهلك). وزاد ابن ماجه: ( فإنه لا بأس بذلك للنساء ). وحَسَّنه جماعة من أهل العلم.
وهل النهي لأجل كونه مصبوغاً بالعصفر؟ أم للون الحمرة التي فيه؟ طريقان للعلماء في هذا.
والذي يظهر لي من السنة: أن النهي هنا متعلق بذات الصبغ بالعُصفُر؛ لأنه لباس الكفار كما في حديث عبد الله بن عمرو، ولأنه لباس النساء. والله أعلم
وعليه؛ فالأقوى هو التحريم، لا سيما أنه جاء فيه من التغليظ ما لم يجئ في غيره من المنهيات كالأمر بإحراق الثوبين، وكونه من التشبه الممنوع يزيد ذلك قوة.
وعذر من لم يقل بالتحريم أمور، منها:
1. دعوى الخصوصية، أعني: اختصاص أولئك الذين نهاهم بذلك دون غيرهم، وقد نقلنا ردها عن ابن عبد البر رحمه الله تعالى.
2. الآثار عن جمع من الصحابة والتابعين، ولتنظر "المصنَّف" مشكوراً.
3. الأصل في اللباس
يقول الإمام مالك -رحمه الله- في "موطئه": لا أعلم من ذلك شيئاً حراماً، وغير ذلك من اللباس أحب إلي.
4. اعتبار أن العلة في النهي هي اللون، أي الحمرة، وقد جاء ما يفيد جواز لبس الأحمر، فصُرِف ذلك عن التحريم.
وأما الثوب المزعفر للرجال في غير الإحرام، فقد اختلف العلماء في حكمه، بعد اتفاقهم على أنه لا يجوز لبسه للمحرِم، على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التحريم، وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة.
والدليل على ذلك ما جاء عن أنس – رضي الله عنه – قال :
( نَهَى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – أَن يَتَزَعفَرَ الرَّجُلُ ) متفق عليه.
القول الثاني: الكراهة، وهو مذهب الحنفية والحنابلة.
القول الثالث: الجواز، وهو مذهب المالكية.
وسنزيد المسألة إيضاحاً إن شاء الله
التعديل الأخير: