العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

معارج الأنس في فقه تزكية النفس

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
بسم الله الرحمن الرحيم
النفس مثقلة بالآفات التي توردها المهالك إذا هي لم تلتفت لذاتها, والإنسان بطبعه مجبول على جملة من الأخلاق التي تجذبه لمادته الطينية وتسفل به نحو الدون, فكان لابد من أن يحلق في السماء لدرك النعيم السرمدي ولا يمكنه ذلك إلا بوقاية نفسه من عوائق التزكية وتخليصها من علائق التدسية
ولما كان إمام الحنفاء خليل الله إبراهيم مدركاً لجوهر الرسالات كان أجلّ دعاء له "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ" فكان أن استجاب الله- تقدس اسمه- له بعد أكثر من ألفي عام فقال سبحانه:"كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ "
ويهمني التنبيه هنا على أمرين :-
الأول-أن إبراهيم الخليل جعل التزكية من أعظم مقاصد الرسالة الخاتمة.
والثاني-أنه عليه السلام قدم في دعائه تعليم الكتاب والحكمة على التزكية في حين قدمها الله تعالى على التعليم, والنكتة اللطيفة هنا :أن إبراهيم راعى في دعائه بذل السبب المؤدي لزكاة النفس وهو العلم بالكتاب والسنة وسؤال الله الإعانة على طاعته أو تحقيق مرغوباته أشرف من سؤاله إياه الجنة مباشرة, أما الله تعالى فقدم التزكية لأنها الثمرة المرجوة والغاية المطلوبة..ولهذا لما ذكر بعضهم معروفًا الكرخي عند الإمام أحمد بقلة العلم ,قال :إنما نطلب العلم لنكون مثله!..أونحو هذا..
فهذه سلسلة متواضعة في الإشارة لبعض المعاني , بحسب ما ما يفتح الله به ويفسح من زمان على سبيل التراخي, غير أني أذكر إخواني بأمر مهم..وهو أن من يكتب في الزهد مثلا -كالإمام ابن المبارك أو أحمد بن حنبل -فلا يعني بذلك أنه يقدم نفسه زاهداً للناس, فشتان بين مداد القلم وحقيقة ما يقوم بالنفس من دماء زكية أو خبيثة أو بين بين
وغيرٌ تقيّ يأمر الناس بالتقى,,طبيبٌ يداوي الناسَ وهْو عليلُ
وإن كنا نظن في هؤلاء الأئمة معاليَ الأمور وأشرافها وفيهم يصدق قول الله "ألئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده"
وربما يتساءل بعضنا عن سر عدم خشوعه عند تلاوة القرآن أو غير ذلك ,فليثر الموضوع بسؤاله فإن كان لي فيه علم اجتهدت وأجبتْ وإلا سكتُّ أو أحلت
والله أسأل أن يطهر قلوبنا من الزيف
وجوارحنا من الحَيْف
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
نحو صناعة طالب علم مخلص:-
يحصل أن أحدا قد يضع سؤالاً فيبادر أحدنا للتصدر لإجابته بأن يستفتي سماحة العلامة جوجل..(ومن الطريف أن الشيعة إذا أرادوا التندر سموه آية الله العظمى جوجل!) أو يسأل أقراصه الصلبة التي عليها آلاف المجلدات وبكسبة زر يمثل أمامه علماء الإسلام!
ثم ينقل الجواب كما وجده من فوره بطريقة توهم أنه بذلك ضليع خبير, مع أنه لم يكن قادرًا في الأصل على الجواب لولا ذلك ..وهذا في حقيقة الأمر ضربٌ من التدليس والتعالم ,وفيه مافيه من دخن الرياء الكاذب الخفي..فالرياء قد يكون صادقاً,,وهو مع هذا شرك وهو أخوف ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة
وأعني بالصادق ما كان مضمونه ليس تدليسا بأن يكون عالماً حقاً بالمسألة أصالة فيعرض الجواب وفي نفسه
آثار :أنا ابنُ اعرفوني..فكيف بالله عليك إن كان الرياء كاذباً , ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : المتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور..ويندرج تحت الباب دقائق كثيرة يأنسها من نفسه من لم يُحرم مرتبة يقظة القلب ,فربما يكون كان كاتب هذه السطور وأشباهها من أشد الناس بعداً عن تحقيق ما يدعو إليه ولايحصي خواطر النفس التي يوحي بها الشيطان فيؤز النفس أزاً ,-وقد تكون دون وسوسة منه إذ النفس مجبولة على الاستشراف للمدح- لحثها على الظهور إلا الله تعالى..وليس هذا استعلانا بالتواضع فيكون من باب ذم النفس أمام الناس ليؤول مدحاً..ولكن يعلم الله كم هو شديد معالجة النية , إنها حقيقة خالصة أقر بها أئمة الإخلاص والزهد
قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى:ماعالجت شيئا أشد عليّ من نيتي..فكيف بنا أبناء هذا الزمان..؟ ولا أزعم أن كل رجوع للجوجل يتضمن هذا فيبقى أن المرء يراقب ربه ويلحظ قلبه ..
وإنما ضربت هذا المثال لمناسبة المقام وهو أن الموقع فقهي..وإلا فالصور لا تنتهي فعليها قس, فإني أذكر نفسي وإياكم بهذا
ومن الخطرات التي تعرض حين كتابة شيءفيحسن مجاهدتها:-
-حسّن عبارتك وجوّد ألفاظ ليثنوا عليك خيراً
-أكثر من الاستشهاد بفلان وعلان ليقال هذا موسوعيّ قد هضم علم هؤلاء...
-استعمل عبارات فخمة تدل على سعة العلم نحو :ولا أعلم فيه كذا...
-قل كذا لتنال عند مشرفي الموقع حظوة خاصة..فيكون لهم بك عناية..
-..إلخ
والمقصود هنا ما كان دالاً بخيط دقيق إلى حظ النفس ولو بأدنى سبب..وإلا فقد تصدر عبارات كثيرة لم يقلها أصحابها إلا بعفوية
والأصلُ حسن الظن حتى يثبت العكس


 
أعلى