العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إعلان الحرب من الله..حكم ولطائف

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
-قال الله عز وجل : (فإن لم تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ )
-روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله قال : ( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ) وهو من أفراده لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة

يتبين من مجموع الوحيين :أن الذين أعلن الله الحرب عليهم صنفان
-المرابي
-المعادي لولي من أولياء الله..فهل لذلك سر؟
هو ما سأحاول الجواب عليه باختصار مستعينا بالله عز وجل:

أولا-الربا..
بعد كلام له نفيس في بيان معايب الربا الكارثية ومعاندة النظام الربوي للنظام الرباني يقول سيد قطب رحمه الله مشخصا مآلات النظام الجاهلي "الربوي" :وليس هذا وحده هو كل ما للربا من جريرة. فإن قيام النظام الاقتصادي على الأساس الربوي يجعل العلاقة بين أصحاب الأموال وبين العاملين في التجارة والصناعة علاقة مقامرة ومشاكسة مستمرة. فإن المرابي يجتهد في الحصول على أكبر فائدة. ومن ثم يمسك المال حتى يزيد اضطرار التجارة والصناعة إليه فيرتفع سعر الفائدة ويظل يرفع السعر حتى يجد العاملون في التجارة والصناعة أنه لا فائدة لهم من استخدام هذا المال ، لأنه لا يدر عليهم ما يوفون به الفائدة ويفضل لهم منه شيء .. عندئذ ينكمش حجم المال المستخدم في هذه المجالات التي تشتغل فيها الملايين وتضيق المصانع دائرة إنتاجها ، ويتعطل العمال ، فتقل القدرة على الشراء. وعند ما يصل الأمر إلى هذا الحد ، ويجد المرابون أن الطلب على المال قد نقص أو توقف ، يعودون إلى خفض سعر الفائدة اضطرارا.
فيقبل عليه العاملون في الصناعة والتجارة من جديد ، وتعود دورة الحياة إلى الرخاء .. وهكذا
دواليك تقع الأزمات الاقتصادية الدورية العالمية. ويظل البشر هكذا يدورون فيها كالسائمة! ثم إن جميع المستهلكين يؤدون ضريبة غير مباشرة للمرابين. فإن أصحاب الصناعات والتجار لا يدفعون فائدة الأموال التي يقترضونها بالربا إلا من جيوب المستهلكين ، فهم يزيدونها في أثمان السلع الاستهلاكية فيتوزع عبؤها على أهل الأرض لتدخل في جيوب المرابين في النهاية. أما الديون التي تقترضها الحكومات من بيوت المال لتقوم بالإصلاحات والمشروعات العمرانية فإن رعاياها هم الذين يؤدون فائدتها للبيوت الربوية كذلك. إذ أن هذه الحكومات تضطر إلى زيادة الضرائب المختلفة لتسدد منها هذه الديون وفوائدها. وبذلك يشترك كل فرد في دفع هذه الجزية للمرابين في نهاية المطاف .. وقلما ينتهي الأمر عند هذا الحد ، ولا يكون الاستعمار هو نهاية الديون .. ثم تكون الحروب بسبب الاستعمار! ونحن هنا - في ظلال القرآن - لا نستقصي كل عيوب النظام الربوي فهذا مجاله بحث مستقل)

والشاهد المهم هنا أن الربا- من حيث هو نظام- يؤدي إلى الحروب..
فهو سبب عظيم لمناقضة عمارة الأرض المأمور بها شرعاً "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها"..وهذا من مقاصد الشارع الحكيم
أما المقصد الثاني وهو الأول في الرتبة فهو إقامة العبودية لله سبحانه "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"..فكان من عادى الأولياء الذين يمثلون النماذج العملية لهذا المقصد سببا عظيما لمعاندة المقصد الأول..فاقتضى أيضا أن يؤذنه الله تعالى بالحرب لأن الأولياء بتعريف الله سبحانه هم "الذين آمنوا وكانوا يتقون" ومن ناحية أخرى:
فإن الحرب التي يعلنها أعداء الله تعالى إنما هي مختصة في الغالب بأوليائه وهي سنة التدافع بين أهل الحق والباطل
فهذه الحروب "الاستعمارية" التي ساهم في إشعال فتيلها النظام الربوي بنحو كبير
يعلنها أصحابها في الغالب على بلاد مسلمة وأولياء الله لا يكونون إلا مسلمين بل مؤمنين
والمحصل أنهم حاربوا الله مرتين :مرة بمحادته في شرعته وأشركوا به في تقنين الربا نظاماً
ثم حاربوه أخرى حين أدى بهم نظامهم هذا لإعلان الحرب على أوليائه والتي نجمت عن الفساد الأول..

وثم نكتة لطيفة ..وهي أن الله في الربا آذن متعاطيه بحرب من الله ورسوله في حين اكتفى بمعاداة أوليائه بذكر حرب الله وحده له..وفيها فائدتان:-
-أن تشريع النظام الربوي بحيث يسن قانوناً هو شرك بالله سبحانه وهو القائل "ولا يشرك في حكمه أحدا" بخلاف معاداة أوليائه فقد لايكون شركاً
-وأنه في حالة التشريع يناسب الأمر ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا لقوله تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم" بخلاف معاداة وليٍ من أوليائه فإن نصرته متمحضة في عناية الله به ,فحتى لو أنه قتل كان ذلك إحدى الحسنيين وهي الشهادة

كانت خاطرة..
والله أعلم
 
أعلى