العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

منهج الدراسة الفقهية لطالب الفقه الحنفي لأبي يوسف محمد رشيد الحنفي

عثمان عمر شيخ

:: مشارك ::
إنضم
12 يوليو 2009
المشاركات
276
الإقامة
كندا
الجنس
ذكر
التخصص
الكومبيوتر
الدولة
كندا
المدينة
كندا
المذهب الفقهي
الشافعي

منهج كتبه الأستاذ ابو يوسف محمد رشيد الحنفي الأزهري في منتدي الشريعة في عام 2006


نقلته هنا للفائدة جزاه الله خيرا

====================
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته

أما بعد ،،

فهذه مقدمة مختصرة أقدمها لطلبة الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله تعالى ورضي عنه ـ عن أفضل مختصر للمبتدئين يمكنهم أن يحفظوه و يتخذوه أصلا يبنى عليه تفريعهم الفقهي في هذه المدرسة الفقهية .

فنقول و بالله تعالى التوفيق :

في المذهب الحنفي اعتمد الأصحاب أربعة متون تجمع بين الاعتماد للفتوى على ظاهر الرواية ، و بين كونها موضوعة للمبتدئين :

1 ـ الكتاب ( مختصر القدوري ) ـ 428 هـ ـ

وهو متن سهل العبارة جدا ، ويعد أكثر متون المذهب تداولا واشتهارا ، وصفه اللكنوي بقوله : " أحسن متون الفقه وأفضلها وأتمها فائدة وأكلمها "

يعرف هذا المتن بـ ( الكتاب ) فإذا أطلق ( الكتاب ) لدينا ـ نحن الحنفية ـ فينصرف إلى هذا المختصر .

من أفضل شروحه وأشهرها : " اللباب شرح الكتاب " لعبد الغني الميداني ـ وهو مطبوع متوفر ـ


2 ـ المختار للفتوى للموصلي ـ 683 هـ ـ

وهو الكتاب الذي كنت ـ ومازلت ـ أتربى عليه في مذهبنا الحنفي ، يتميز باختصاره وسهولته ، و قد جمله ورفع شأنه شرحه لذات المؤلف : " الاختيار لتعليل المختار " شرح في غاية من الروعة و الدقة ؛ حيث ما يكاد يترك فرعا فقهيا إلا علله بنص أو قياس أو إجماع ، وتعليلاته على دقتها واختصارها شديدة الوضوح ، و التمارس فيه ينمي الملكة الفقهية ؛ حيث لا يوصم بما شهرت به كتب المتأخرين من جمود في الاستدلال ، حيث ترك الاستدلال أو ذكر الدليل مع عدم بيان وجه الاستدلال ، فتلك سمة الكتب المتأخرة للمذاهب ، إلا أن المطلع على هذا الكتاب ليشهد عجبا من الاستدلال ، سواء وافق أو خالف ، حيث يعد كتاب استدلال بالفعل ، ولا يعزل الفرع الفقهي عن بيان وجهه من الدلالة لا الاقتصار على ذكر الدليل ، وأنا أنصح بالتمرس فيه ـ للطالب الحنفي ـ فهو وإن ساواه كتاب " الهداية " للمرغيناني بل زاد عليه ، إلا أنه بزّ بسهولة عبارته ولطافتها .

3 ـ كنز الدقائق للنسفي ـ 710 هـ ـ

وهو يلي مختصر القدوري في الشهرة و التداول
متن مختصر جدا للنسفي ، قصره على ذكر ما عمّ وقوعه وكثر وجوده وتتوفر عائدته كما ذكر ذلك النسفي في مقدمته

وقال كذلك : " وهو وإن خلا عن العويصات والمعضلات ، فقد تحلى بمسائل الفتاوى والواقعات "

4 ـ الوقاية لمحمود المحبوبي ـ 673 هـ ـ

وهو مختصر من " الهداية " الذي هو شرح البداية ، كلاهما للمرغيناني .
وقد استمد اعتماده من أصله " الهداية " و الذي يعد من أكثر الكتب الحنفية اعتمادا عامة ، وبلاد ما وراء النهر خاصة ؛ حيث قد اعتني علماء بلاد ما وراء النهر بالهداية غاية الاعتناء ، فكانت لهم نبع فقههم ، ومصدر تشريعهم ، ولازالت " الهداية " من أكثر الكتب اعتمادا لدى متأخري الحنفية ، ومن أكثرها اعتمادا ومرجعية .
وهو لايوجد متوفرا كمتن مستقل ، بل طبع مع شرح له لحفيد المؤلف .

هذه هي المتون الأربعة المعتمدة التي اعتمد الحنفية على تدريسها و شرحها ، و فسحة الاختيار بينها واسعة ، وهي متقاربة .

إلا أن التباين اليسير بين هذه المتون الأربعة ، قد ميزها بنوع خيار وتيسير لما في تباين بعض المبتدئين في بداياتهم .

فمن كان معدوم الخلفية في علم الفروع ، الذي هو بالتالي يستثقله ولو في البدايات ، فيناسبه " كنز الدقائق " للنسفي

ومن أوتي نوع فقه و ملك القدرة على فهم التعليل وأوجهه فيناسبه " المختار " بشرحه " الاختيار "
وكذلك " مختصر القدوري " بشرحه اللباب

و الوقاية فوق ذلك يسيرا .

و تعد كافة لمرتبة المبتدئين ـ بشروحها المختصرة اليسير ـ

وأنا أنصح بـ " المختار للفتوى " حيث توفرت عليه همم شيوخ الأزهر سنينا طويلة ، ودرسناه ـ ومازال يدرس ـ بالأزهر خلال المرحلة الثانوية .

فالمختار ألفه علماء الأزهر فمظنة تحقق وجود شارحيه أظهر ـ في نظري ـ
وهو مطبوع بشرحه الاختيار في مؤسسة مصطفى الحلبي في خمسة أجزاء ، مجلدة في جزء واحد ، وكذلك مطبوع بنفس المؤسسة كمتن مستقل في غلاف لطيف .
ـــــــــــــــــــــــــــ

لو أتقن طالب الفقه الحنفي متنا من هذه المتون الأربعة بشرح وافي كاف لها ، فهو على فقه عظيم ، و فهم سديد ، وملكة راسخة ، و يملك تعيين ما ينتقل إليه و ما يطلع فيه من مصنفات المذهب بعد ؛ حيث ملك عين التمييز ، وبصر ما يؤول بمعرفته إلى تخير النافع والأنفع .

إلا أن خيار الطالب لن يشرد بعيدا عن " الهداية شرح البداية " ـ المرغيناني ـ

فليملكها طالب الفقه الحنفي بشرحها " فتح القدير " لابن الهمام محمد بن عبد الواحد السيواسي الحنفي ـ مجتهد الحنفية ـ لكن لا ينظر في هذه المرحلة في هذا الشرح إلا في المواضع التي ذكر فيه المرغيناني خلاف الشافعي للحنفية ، فهو في الخلاف العالي ، و التحقيق العميق ، فقها وحديثا ، فيناسب مرحلة تلي تلك المرحلة .

بدراسة أحد المتون الأربعة بشرح له ، يكون الطالب متأسسا في فروع المذهب الحنفي إجمالا ، و باطلاعه على الهداية و تحقيقات شرحها لابن الهمام يثبت الطالب الحنفي ما تشربه عقله من تحقيقات استدلالية من منصوص ومعقول ـ لا سيما في الاختيار لتعليل المختار ـ و يفتح جيوبا في عقله كانت ملتصقة ، بتحقيقات لم أر لها مثيلا في كتاب آخر من كتب الخلاف العالي ، فأبين من انتصار ابن الهمام لمذهبه ، هو تدقيقه وتحقيقه بما يثبت للطالب تحقق أبعاد للفقه غير تلك السائدة .

وفي أثناء ذللك ، بدءا من أحد المتون الأربعة ، مرورا بالهداية والفتح ، لا يمكن لطالب الفقه بحال أن يكون في غنى عن حاشية : " رد المحتار على الدر المختار " للإمام المحقق محمد أمين بن عمر عابدين ، فما اطلعت في خلال دراساتي في كتب الفروع مسمى حاشية تماثل شيئا من هذه الحاشية التي أثنى عليها الحنفي و غيره ، والتي يسلم الجميع بالنهل من فوائدها .

حاشية " رد المحتار على الدر المختار " و المشتهرة بـ " حاشية ابن عابدين " هي المعتمد الأول لدى الحنفية في الفتوى ، و عليه فتاوى كافة المتأخرين ، فلا يمكن نسب فتوى حنفية واعتمادها دون مراجعة هذه الحاشية ، وتوثيق الاعتماد منها . وسرد هذه الحاشية فيه الخير العظيم الذي لمسته بنفسي بسرد أجزاء منها ، و الذي شهد به غير الحنفية كذلك ؛ لما فيها من تحقيقات لواقعات ، فهو أول من تكلم على معاملة ( التأمين ) ، علاوة على تناوله لكثير من منثورات من علوم أخرى ، فهي بحق ليس من اليسير مثيلها .

وطبعتها التي اعتمدها الأكثرون هي طبعة مؤسسة مصطفى الحلبي ، والتي تقع في ثمانية مجلدات ضخام ، ومازلت متوفرة لدى المؤسسة المذكورة .

كذلك " مجلة الأحكام العدلية " عليها الفتوى في المعاملات .

وننصح بقوة ـ لترسيخ ملكة إناطة الفروع بالضوابط الكلية ـ بشرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد بن الشيخ محمد الزرقا ، فهو شرح قوي متين مظهر لمناطات الفروع بالأصول الكلية و الضوابط المرعية في شريعتنا لا سيما في المعاملات . وقد قضى المؤلف طوال عمره يشرح هذه القواعد المورودة في مجلة الأحكام العدلية ويكررها ، و ليس له مؤلف في حياته إلا هذا الكتاب .
ــــــــــــــــــــــــــ

نسأل الله تعالى لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح

===================
كتبه محمد رشيد الأزهري الحنفي
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى