العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

للتحميل والمناقشة: الاحتفال بذكرى المولد النبويّ في ميزان الكتاب والسنّة

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

عمرو علي بسيوني

:: متابع ::
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
42
التخصص
لغة عربية
المدينة
...
المذهب الفقهي
شافعي
الحمد لله وحده .

تتمة ردي الأخير الموضوعي​


أما تحريري للبدعة الشرعية فأقول : هي كل عبادة لم ينص عليها الشارع بأصل عام ـ إن كانت مما لا يعتبر كيفه و وسيلته ـ ، أو بأصل خاص ـ إن كانت مما يعتبر كيفه و وسيلته ـ بشرط ثبوت مقتضيها وانتفاء مانعها في زمن التشريع !


كان ذلك ما ذكرته من تعريف البدعة ، وهاكم محترزاته وقيوده :

1 ـ قولي ( كل ) عمدة صيغ العموم وأقواها ، فاستغرقت الأفراد .
2 ـ قولي : ( عبادة ) خرجت بها العادات من حيث هي عادات .
3 ـ قولي : ( لم ينص عليها الشارع بأصل عام ) فيما أمر به الشارع أمرا عاما مطلقا لم يعتبر فيه وسيلته ، كمطلق الذكر ، ومطلق التنفل ، وجمع الزكاة ، وأدائها .
فمثل هذه العمومات لا تقع إلا مخصصة ، لأن امتثال المكلف لها يقتضي التشخيص ، وهذا في نفسه تخصيص ، وذلك التخصيص يكون : اتفاقيا ، أو عاديا ، أو لمصلحة .
فالاتفاقي : مباح في نفسه ، مالم يحظره حاظر ، كتنفل في وقت النهي .
والعادي : مباح في نفسه ،ما لم يحظره حاظر أيضا كسابقه ، والفارق بينه وبين الأول أن الإنسان يواظب عليه بمحض العادة ولا يلزم هذا في الاتفاقي .
والمصلحي : إما لمصلحة معتبرة كتخصيص ساعة من ثلث الليل الأخير بقراءة القرآن ، أو مرسلة كتخصيص قراءة في وقت اجتماع ناس ، أو وقت فراغ ، ونحوه
فإن خصص اعتقادا منه بفضل ذلك التخصيص شرعا ، خرج عن الثلاثة الأنواع ، ودخل في حد البدعة ( الإضافية ) .
4 ـ قولي ( لم ينص عليها الشارع بأصل خاص ) فيما أمر به الشارع أمرا مقيدا اعتبرت فيه هيئته ، كأغلب العبادات .
فمن زاد على تلك الهيئة مطلقا فهو ( بدعة إضافية) ، كتسويد الرسول في التشهد ، وزيادة الصلاة على الرسول في الأذان .
5 ـ قولي ( بشرط ثبوت المقتضي و انتفاء المانع في زمن الرسول ) خرج به ما لم يثبت مقتضاه كجمع القرآن على حرف واحد في مصحف واحد ، وما لم ينتف مانعه كاستمرار التراويح في عصره ، وإقامة البيت على قواعد إبراهيم ،إذ قام المانع منه في عصره .
فإن قام المقتضى وانتفى المانع في عصره ولم يفعله ، دل أن تركه مقصود وسنة ،وهي التي تعرف بالسنة التركية ، فإن فعلها المكلف كان فعله بدعة أيضا .



1- من الذي يقول في هذه العبادة إنّ الشارع قد اعتبر كيفيّتها ووسيلتها، أم لا؟ صحيح أنّ أكثر العبادات متّفق على اعتبار كيفيّتها ووسيلتها، لكنّ مواضع الخلاف في كثيرٍ من الأحكام ممّا يدور بحث المجتهد فيه حول اعتبار الشارع لكيفها أو وسيلتها.




غير صحيح ، بل هذا واضح ، فالعبادات التي أتى الشرع ببيان هيئتها و أركانها و واجباتها و سننها ومستحباتها ومكروهاتها ومحرماتها و نواقضها و وقتها الواجب والمستحب والمحرم،هي التي يعتبر فيها الشارع ذلك ـ فمن خالف ذلك دخل في ( المكروه أو المحرم بمفرده ، أو بمجامعة البدعة مع ذلك )

والتي لم يأت فيها الشارع بذلك ، فإنها تكون مطلقة عامة، فإن خصصها فعلى الضابط الذي ذكرته فوق في المحترزات والقيود ، فأين الاجتهاد في ذلك ؟؟



2
- ومن الذي يُقرّر ثبوت المقضي ... فأنا مثلاً أقول: لم تكن بالصحابة حاجة إلى تذكيرهم بنبيّهم وصفاته فهم يعرفونها ... بينما استجدّت هذه الحاجة بعد ذلك بعصور ممّا جعل تعريف المسلمين بنبيّهم وصفاته عن طريق تدارس تلك الصفات الخلقيّة والخُلقيّة أمرٌ واجبٌ على هذه الأمّة، فاجتماع المسلمين لتدارس تلك السيرة والتعريف بالصفات لم يقم مقتضاه في العصر الأوّل ...




أما بمجرد الدعاوي فلا يثبت شيء ولا ينتفي .

وإنما بالعلم والحكمة من المتأهل المتجرد عن الهوى ، فإن بذل وسعه وصحت نيته فدائر بين الأجر والأجرين ، وإن لم يكن متأهلا فمأزور ، وإن كان غاويا لم يدع الهوى فمأزور ، وإن كان متأهلا وشاب اجتهاده نوع هوى وشهوة مع قصد حق فله من كلٍ نصيب بحسبه ، وعفو الله واسع ، والحسنات الماحية تعمل في مثل هذا أيضا .



أما دعواك عدم قيام المقتضي في عصره عليه السلام فمنقوضة بالإجماع ، فلا عصر ولا جيل أحب الرسول وعزره وعظمه ونصره أكثر من الصحابة وتابعيهم بإحسان .
أما أنه ما قامت الحاجة لتذكيرهم فمنقوض بالكتاب العزيز والسنة الشريفة و الإجماع والعقل .
فالكتاب قوله ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) وهذه نزلت في الصحابة اصالة ولمن بعدهم تبعا بلا شك ، فإما أن الرسول لم يذكرهم ، وإما أن النفع لا يتحقق لهم !! ، وإما أن الحاجة لم تقم والأمر لا مدلول له لعدم الحاجة إليه في عصرهم .
نكتة : من أدلة المجوزين قوله تقدس ( وذكرهم بأيام الله ) قالوا منها يوم مولد وبدر الكبري ونحوه من المناسبات الدينية ، وهذا ينقض كلام الدكتور أنه لم تقم الحاجة إليه في عصره ، فإما أن الرسول لم يمتثل ، وإما أن الأمر لا مدلول له في عصرهم .
تنبيه شريف : وهذا يجلي لك معنى قول مالك أن من ابتدع في الدين فقد اتهم محمدا بالخيانة !!!
أما السنة فقوله ( ما من أمر يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به ) ، فإما أن يكون المولد والاختفال به مما يقرب إلى الله أو لا ؟
فإن كان الأول فأين الأمر به ، وإن كان الثاني فهو المطلوب .
وقوله ( ذروني ما تركتكم ).
والحاجة ثابتة لهم ، فما لا يحصى من السنن في ذكره عليه الصلاة والسلام فضائله ومناقبه الشريفة ، وأنه سيد ولد آدم ، وأول شافع وأول مشفع ، وأول من يقرع باب الجنة ، وأنه أتقانا لله، وهذا كله في الحقيقة ـ مع كونه إخبارا ـ إلا أنه يشتمل على التنويه بشأنه الرفيع ، والتنبيه على منزلته عند ربه ، فهل كان ذلك لحاجة أم لا ؟
نكتة لطيفة : في مناقشة لي قديمة مع أحد المجوزين ، قال : يا أخي كيف كنت تريد من النبي أن يقول لهم احتفلوا بمولدي ، أين التواضع وهضم النفس ؟ فقلت له : هل الأمر يكون من الله أم الرسول ، قال من الله ، فقلت له لو أمره الله به لبلغه ، وما منعه التواضع وهضم النفس ، وهلا منعه التواضع وهضم النفس من أن يصلي على نفسه في الصلاة ويأمر به أصحابه ويصف تاركه بالبخل ، فقال ـ متفقها ـ هذا لأن الصلاة عليه النفع فيها ليس خاصا به بل يعود على المصلي ، قلت له وكذلك المولد يعود النفع فيه على المحتفل أكثر من المحتفل به ن بينما الصلاة على الرسول يعود نفعها على المصلي والمصلى عليه ، فالاحتفال أحرى بالأمر به وتبيين فضله! ،وذكرت له ما سبق بيانه من أن التواضع لم يمنع الرسول من بلاغ ما أمر ببيانه من مناقبه و فضائله ، فانقطع !



معارضة : لا نسلم أصلا أن المقتضي يجب أن يكون لغفلة عن شأن الرسول وتعظيمه وحاجة للتذكير به ، بل المحب للرسول الذاكر له المتعلق به قلبه أحرى بالاحتفال بالمولد على أصولكم أنها من علامات حبه الظاهرة ـ اللهم صل عليه زنة عرشك ـ وهذا مما لا ينبغي أن ينازع فيه، وعلى ذلك المقتضى يشمل تذكير الغافل وزيادة الذاكر إيمانا ومحبة ( ذلك ذكرى للذاكرين ) ، فإذا كان ذلك كذلك فالصحابة ومن بعدهم أولى به ممن بعدهم .
أما الإجماع فلإجماع المسلمين على فضل الصحابة لى من بعدهم ، والتابعين على من بعدهم ، وتابعي التابعين على من بعدهم ، من حيث الجملة ، وذلك لنص الحديث ( خير القرون ـ أصحابة أمنة)، ودلالات القرآن ( كنتم خير أمة ـ ولتكن منكم ـ كونوا مع الصادقين ، محمد رسول الله والذين معه ..، لقد تاب الله على النبي ـ ... الآيات ) ، ولا يعرف ذلك فيهم ، وتقدم تبيين قيام المقتضي في حقهم من التذكير ، وزيادة المحبة ، ونهنا وجه آخر دقيق جدا ، لو سلم تنزلا عدم قيامه في حق الصحابة أجمعين ـ تصور ـ فإنه قام فيمن بعدهم ، إذ ظهرت البدع الكبار منذ عصر عثمان نفسه ، فلم لم يأمر به الصحابة من بعدهم ، و لا التابعون من بعدهم ، ولا تابعوا التابعين من بعدهم ، ولا الفقهاء الأربعة من بعدهم ، ولا أي أحد من بعدهم !!! حتى أمر به العبيديون الكفار تمويها على العوام وتغريرا بهم !!
ـ وهذا القدر من الإجماع مسلم بين الطرفين ، فالمجوزون والمانعون متفقون على أن المولد بدعة محدثة .



ويتبع ،
والله أعلم



قلتم إن تدارس سيرته الشريفة وصفاته ومآثره لم يقم مقتضاه في العصر الأول ،،،،
سؤال : المناقب والصفات والشمائل والسيرة ، كيف وصلتنا إذن ؟
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

عمرو علي بسيوني

:: متابع ::
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
42
التخصص
لغة عربية
المدينة
...
المذهب الفقهي
شافعي
مازلنا مع النقطة الأولى للدكتور التي سميتها :الشبهة الأولى..
يقول الدكتور:ولما كان تركه للاحتفال محتملا لهذه الأشياء لم يصح أن يبدع فاعله..
ولنر هذه الأشياء التي عددها الدكتور وفقه الله لقول الحق
1-النسيان..ومثل بنسيانه صلاة ركعتين !
2-عدم الحاجة ..كعدم الخوض في اللغة العربية
3-لم تكن من عادة قومه
4-لم تكن مخترعة في زمانه كالسيارة
5-خوفا على قومه لإسلامهم حديثا


جزى الله الشيخ منيبا على رده المفيد .

ولكن لم أتمالك نفسي أمام النقطة الأولى ، فهي باطلة بطلانا شنيعا ظاهرا ، وما أظن أخانا الكريم ذكرها إلا ناسيا ، وإلا لو علم لوازمها لما وضع سوداءها في بيضاء الملتقى !
1 ـ القول بتجويز نسيان الرسول شيئا من أمر البلاغ منقوض بإجماع أهل القبلة ـ سنييهم وأشعرييهم وماتريدييهم ومعتزليهم و حرورييهم ورافضييهم ـ بعصمة الأنبياء في التبليغ .
2 ـ في تجويز ذلك نقض لجانب الشريعة ـ والعياذ بالله ـ وفتح لباب الإلحاد والزندقة ، فقد يدعي أي مدع أن الأمر الفلاني نسيه النبي ، سواء كان الشيء وجوديا أو عدميا ، أو تقييدا ، أو تخصيصا ، أو وصفا ، وهلم جرا ( لم أرد أن أقول أو قرآنا حفاظا على مشاعركم ).
3 ـ اتفق العلماء رحمهم الله أن الأنبياء إن أخطأوا أو نسوا أنهم لا يقرون على ذلك ، فلو قيل بنسيانه أو سهوه أو خطئه في اجتهاد فإنه لا يقر عليه البتة ، بل أبعد من ذلك لو أنسى الله نبيه من القرآن شيئا فإن ذلك يكون رفعا للقرآن !! ( انظر غير مأمور كلام أهل العلم على حديث ( رحم الله فلانا ذكرني آية كذا وكذا كنت أنسيتها ـ وقوله ( ما ننسخ من آية أو ننسها ) ـ وقوله ( سنقرئك فلا تنسى إلا ماشاء الله ) عند من يرى الاستثناء متصلا ) .


ــ أما عدم الحاجة فقد استوفيت الكلام عليها في كلامي السابق قريبا .
ـ أما بقية ما ذكر فمتهافت جدا رده الشيخ منيب ، والحقيقة ماكان يحتاج ردا .
يعني على سبيل المثال ( أنه لم يكن من عادة قومه ) وهل كل ما أتى به الرسول كان من عادة قومه ؟؟
بل إن الرسول أهدر عادة عادة قومه في أشياء كثيرة ( العمرة في الأشهر الحرم ـ إتيان البيوت من ظهورها ـ السعي بين الصفا والمروة ـ وغيرها كثير !!!)
فمتى كانت العادة حاكمة على الشرع !! سبحانك اللهم !


نكتة : قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تجعلوا قبري عيدا ) يخرج عليه حرمة الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام .

والله أعلم .
 
إنضم
26 أغسطس 2009
المشاركات
120
التخصص
فقه مقارن
المدينة
حماة
المذهب الفقهي
حنفي.. مالكيّ
غير صحيح ، بل هذا واضح ، فالعبادات التي أتى الشرع ببيان هيئتها و أركانها و واجباتها و سننها ومستحباتها ومكروهاتها ومحرماتها و نواقضها و وقتها الواجب والمستحب والمحرم،هي التي يعتبر فيها الشارع ذلك ـ فمن خالف ذلك دخل في ( المكروه أو المحرم بمفرده ، أو بمجامعة البدعة مع ذلك )

والتي لم يأت فيها الشارع بذلك ، فإنها تكون مطلقة عامة، فإن خصصها فعلى الضابط الذي ذكرته فوق في المحترزات والقيود ، فأين الاجتهاد في ذلك ؟؟



في الصورة التي ذكرتها لا اجتهاد لكن:

الاجتهاد -الذي عنيتُهُ لنقض ضابطكم- في بيان هل اعتبر الشارع الكيفيّة والوسيلة أم لم يعتبرها:

مثال هذا: المشي إلى الصلاة عبادة ... والخطوات لها حسنات .... فهل الركوب بالسيارة إلى المسجد عبادةٌ أيضًا ؟؟ وكيف تكون الحسنات وحطّ الخطيئات في هذه الحالة؟ وهل يشمل الراكب وعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم للمشّائين إلى المساجد في الظلمات بالنور التامّ يوم القيامة من ركب السيارة إلى المسجد وأنار مصابيحها؟؟؟


أما بمجرد الدعاوي فلا يثبت شيء ولا ينتفي .


أما دعواك عدم قيام المقتضي في عصره عليه السلام فمنقوضة بالإجماع ، فلا عصر ولا جيل أحب الرسول وعزره وعظمه ونصره أكثر من الصحابة وتابعيهم بإحسان .

قلت: (لم تكن بالصحابة حاجة إلى تذكيرهم بنبيّهم وصفاته فهم يعرفونها) ...وهو بين ظهرانيهم يرونه فلم يصِفُونه؟؟ فأين هذا من محبّته وتعزيره وتعظيمه ونصرته ؟؟؟ لا أدري ... هو في غير موضع النزاع..


أما أنه ما قامت الحاجة لتذكيرهم فمنقوض بالكتاب العزيز والسنة الشريفة و الإجماع والعقل .
فالكتاب قوله ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) وهذه نزلت في الصحابة اصالة ولمن بعدهم تبعا بلا شك ، فإما أن الرسول لم يذكرهم ، وإما أن النفع لا يتحقق لهم !! ، وإما أن الحاجة لم تقم والأمر لا مدلول له لعدم الحاجة إليه في عصرهم .

وهل الأمر بالتذكير -في الآية- أمرٌ بالتذكير بخصوص صفاته الخلقيّة والخلقيّة ؟؟؟ غريب هذا الخلط ؟؟؟ ذُكّر الصحابة وذُكّر المؤمنون جميعًا بآلاف المسائل ... وقد كان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم دائم التذكير لهم ... لكنّه لم يُذكّرهم بطول جسمه ولا بعرض منكبيه ولا بعدد شعراته التي فيها شيبٌ ... هذه صفاته الخلقيّة .. ولم يقم الداعي لتذكيرهم بها ... أمّا نحن فلم نره فالداعي لتذكيرنا بتلك الصفات قائم .. أرجو أن تكون الصورة قد وضحت.

نكتة : من أدلة المجوزين قوله تقدس ( وذكرهم بأيام الله ) قالوا منها يوم مولد وبدر الكبري ونحوه من المناسبات الدينية ، وهذا ينقض كلام الدكتور أنه لم تقم الحاجة إليه في عصره ، فإما أن الرسول لم يمتثل ، وإما أن الأمر لا مدلول له في عصرهم .

بل ذكّر النبيّ بأيّام الله يوم صام يوم مولده ويوم صام يوم نجاة سيّدنا موسى عليه السلام ويوم أخبر عن خلق آدم يوم الجمعة وغير ذلك ... وهذا كلّه من المناسبات الدينيّة التي يُمكن أن يُقاس على أصلها التذكير بأيّام الله تعالى التي كانت ما تزال تحدث في زمانه ...


تنبيه شريف : وهذا يجلي لك معنى قول مالك أن من ابتدع في الدين فقد اتهم محمدا بالخيانة !!!

تجلية هذا المعنى أكبر فيمن اخترع عبادة جديدة لم يأت بها شرعٌ، كما لو تعبّد الله تعالى بخلع نعليه قبل صلاة المغرب، مثلاً.... فهذا كأنّه والعياذ بالله يقول: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قصّر في تبليغ هذه العبادة. حاشاه... روحي فداه.

أما السنة فقوله ( ما من أمر يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به ) ، فإما أن يكون المولد والاختفال به مما يقرب إلى الله أو لا ؟
فإن كان الأول فأين الأمر به ، وإن كان الثاني فهو المطلوب .
وقوله ( ذروني ما تركتكم ).

فإن كان عادةٌ . ..... ؟؟؟؟؟ فهل يلزمنا هذا أيضًا.. وهل ينبغي أن يبيّن لنا العادات أيضًا؟؟

والحاجة ثابتة لهم ، فما لا يحصى من السنن في ذكره عليه الصلاة والسلام فضائله ومناقبه الشريفة ، وأنه سيد ولد آدم ، وأول شافع وأول مشفع ، وأول من يقرع باب الجنة ، وأنه أتقانا لله، وهذا كله في الحقيقة ـ مع كونه إخبارا ـ إلا أنه يشتمل على التنويه بشأنه الرفيع ، والتنبيه على منزلته عند ربه ، فهل كان ذلك لحاجة أم لا ؟

وهذا كلّه لا علاقة له بموضع الدعوى ... قلت لم يكن بهم حاجة إلى معرفة صفاته التي يرونها .... لا ما أخبرهم عن نفسه من مناقبه الشريفة. فداه أبي وأمّي.


نكتة لطيفة : في مناقشة لي قديمة مع أحد المجوزين ، قال : يا أخي كيف كنت تريد من النبي أن يقول لهم احتفلوا بمولدي ، أين التواضع وهضم النفس ؟ فقلت له : هل الأمر يكون من الله أم الرسول ، قال من الله ، فقلت له لو أمره الله به لبلغه ، وما منعه التواضع وهضم النفس ، وهلا منعه التواضع وهضم النفس من أن يصلي على نفسه في الصلاة ويأمر به أصحابه ويصف تاركه بالبخل ، فقال ـ متفقها ـ هذا لأن الصلاة عليه النفع فيها ليس خاصا به بل يعود على المصلي ، قلت له وكذلك المولد يعود النفع فيه على المحتفل أكثر من المحتفل به ن بينما الصلاة على الرسول يعود نفعها على المصلي والمصلى عليه ، فالاحتفال أحرى بالأمر به وتبيين فضله! ،وذكرت له ما سبق بيانه من أن التواضع لم يمنع الرسول من بلاغ ما أمر ببيانه من مناقبه و فضائله ، فانقطع !

هذه حجّة باهتة، وفي استدلالات العوام ما يشير إلى شدّة توقيرهم لرسول الله، دون أن يعرفوا حجّة في مقام الاحتجاج لشيء ممّا يتعلّق بذلك التوقير كالاحتفال بذكرى مولده (في نظرهم).


معارضة : لا نسلم أصلا أن المقتضي يجب أن يكون لغفلة عن شأن الرسول وتعظيمه وحاجة للتذكير به ، بل المحب للرسول الذاكر له المتعلق به قلبه أحرى بالاحتفال بالمولد على أصولكم أنها من علامات حبه الظاهرة ـ اللهم صل عليه زنة عرشك ـ وهذا مما لا ينبغي أن ينازع فيه، وعلى ذلك المقتضى يشمل تذكير الغافل وزيادة الذاكر إيمانا ومحبة ( ذلك ذكرى للذاكرين ) ، فإذا كان ذلك كذلك فالصحابة ومن بعدهم أولى به ممن بعدهم .

ليس في موضع الدعوى ... التذكير بصفاته لم تكن لهم به حاجة؛ لرؤيتهم لجنابه الشريف.

أما الإجماع فلإجماع المسلمين على فضل الصحابة لى من بعدهم ، والتابعين على من بعدهم ، وتابعي التابعين على من بعدهم ، من حيث الجملة ، وذلك لنص الحديث ( خير القرون ـ أصحابة أمنة)، ودلالات القرآن ( كنتم خير أمة ـ ولتكن منكم ـ كونوا مع الصادقين ، محمد رسول الله والذين معه ..، لقد تاب الله على النبي ـ ... الآيات ) ، ولا يعرف ذلك فيهم ، وتقدم تبيين قيام المقتضي في حقهم من التذكير ، وزيادة المحبة ، ونهنا وجه آخر دقيق جدا ، لو سلم تنزلا عدم قيامه في حق الصحابة أجمعين ـ تصور ـ فإنه قام فيمن بعدهم ، إذ ظهرت البدع الكبار منذ عصر عثمان نفسه ، فلم لم يأمر به الصحابة من بعدهم ، و لا التابعون من بعدهم ، ولا تابعوا التابعين من بعدهم ، ولا الفقهاء الأربعة من بعدهم ، ولا أي أحد من بعدهم !!! حتى أمر به العبيديون الكفار تمويها على العوام وتغريرا بهم !!

كلام مكرّر ... لا نتحدّث عن قيام مقتضى الاحتفال ... إذ هو ليس عبادة ... نحن نتحدّث عن قيام مقتضى التذكير ... وقد كان ... وقد فعله كتّاب السير بعد العصر الأوّل.

ـ وهذا القدر من الإجماع مسلم بين الطرفين ، فالمجوزون والمانعون متفقون على أن المولد بدعة محدثة .


مسلّم أنّه محدثٌ ... لكنّ إطلاق التسليم بأنّه بدعة إلزام بما لم يلتزمه أحد.


ويتبع ،
والله أعلم



قلتم إن تدارس سيرته الشريفة وصفاته ومآثره لم يقم مقتضاه في العصر الأول ،،،،
سؤال : المناقب والصفات والشمائل والسيرة ، كيف وصلتنا إذن ؟


1- ثمّة فرقٌ بين النقل والتدارس.

2- ما لم يقم مقتضاه قد يُفعل على سبيل الندب أو الإباحة... لكن بعد قيام المقتضي قد يصير واجبًا؛ فعدم قيام المقتضي لا يعني عدم الفعل. بل نُقلت سيرته وتدارسوها دون قيام مقتضاها ...


وقد كان مثالي في سبيل نقض قيدكم: (بشرط ثبوت مقتضيها وانتفاء مانعها). وقلت لكم: من الذي يحدّد قيام المقتضي ... فأخذ منكم كلّ هذا الوقت ....

نسأل الله أن يبارك لنا ولكم في أوقاتنا... ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.


يتبع .... فقد أزف النوم، وزاغت العين، وتعب الفكر.
أكرّر اعتذاري لوضع تعليقي في خضمّ كلامكم.... نفع الله به وبكم.

أ
 

عمرو علي بسيوني

:: متابع ::
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
42
التخصص
لغة عربية
المدينة
...
المذهب الفقهي
شافعي
ما رد به الدكتور على كلامي دال أنه ما قرأه جيدا .
لاسيما قوله أنهم كانوا يرون جنابه فليسوا بحاجة للتذكير ، والطريف أنني أورد هذا ورددته قبل أن يكتبه .

ورحم الله شوقيا إذ يقول :

دقات قلب المرء قائلة له .... إن الحياة دقائق وثواني

وقد أبنت عن تحريري ، الذي لم يقابل بمثله ولا قريب منه ، ومن يطلع أدنى اطلاع على ما يورد على كلامي عرف الفرق بين التحريرين !

قول الدكتور أن هناك فرقا بين النقل والتدارس لا يعرفه علماء الإسلام ، وما نبس به أحد ممن كتب في تاريخ التشريع ، بل ماكان التفقه ينفك عن الرواية في عصر صدر الإسلام ، فالدكتور يتصور أنه في عصر الصحابة فمن بعدهم من الصدر الأول كانت لهم مجالس ينقلون فيها الأخبار فقط ، ومجالس أخرى بعد ذلك أحدثت لتدارسها ، فسبحان من علم الإنسان ما لم يكن يعلم !
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
هنا أقول: كل من الطرفين قد بين وجهة نظره وأدلته
وللقارئ الكريم أن ينظر في ذلك ويتخير ما عساه يكون ألصق بأدلة الشرع

وبما أن عدد المشاركات قد زاد على المائة هنا، فنقدم اعتذارنا في غلق الموضوع، ويمكن إتمام الحوار في موضوع: https://feqhweb.com/vb/threads/513
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى