العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بين وكيع بن الجراح والفهم المتوحش

إنضم
30 ديسمبر 2007
المشاركات
9
التخصص
فقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
بين وكيع بن الجراح والفهم المتوحش

وكيع بن الجراح أحد الأئمة الأعلام والحفاظ الكرام محدث العراق ، قال عنه الإمام المبجل أحمد بن حنبل : ( ما رأيت أحداً أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع ) ، وقال أيضاً ( ما رأيت قط مثل وكيع في العلم والحفظ والإسناد والأبواب مع خشوع وورع ) ، وكان رحمه الله مع ذلك كثير الصلاة والصيام والقيام ، وكان يغشى عليه إذا سمع القرآن .
إلا أن هذا العالم العابد الإمام وقع في محنة غريبة تورط فيها ولم يرد منها إلا خيراً !!
وذلك أنه كان يحدِّث في مكة خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلمعن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي: ( أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فأكب عليه، فقبله، وقال: " بأبي وأمي، ما أطيب حياتك وميتتك "، ثم قال البهي: وكان تُركَ يوما وليلة حتى ربا بطنه، وانثنت خنصراه ) !!
فاجتمع قريش وأهل مكة عليه وأرادوا صلبه لمقالته هذه في وصف النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يليق ! فحُبس وعُزم على قتله ونصبوا خشبة لصلبه ، فعَلِم بحاله سفيان بن عيينة الإمام الحجة ، وجاء إلى والي مكة وقال له : الله الله!! هذا فقيه أهل العراق ، وابن فقيهه ، إني لك لناصح ، هذا رجل من أهل العلم ، وله عشيرة ، ووالده بباب أمير المؤمنين ... وهذا حديث معروف ، ثم قال سفيان : ( ولم أكن سمعته – أي الحديث – إلا أني أردت تخليص وكيع ) !!
قال الذهبي معقباً على ذلك : ( فهذه زلة عالم، فَمَا لِوَكِيْعٍ ولرواية هذا الخبر المنكر المنقطع الإسناد ! كادت نفسه أن تذهب غلطاً ، والقائمون عليه معذورون ، بل مأجورون ، فإنهم تخيلوا من إشاعة هذا الخبر المردود ، غضّاً ما لمنصب النبوة ، وهو في بادئ الرأي يوهم ذلك ، ولكن إذا تأملته ، فلا بأس إن شاء الله بذلك ، فإن الحي قد يربو جوفه ، وتسترخي مفاصله ، وذلك تفرع من الأمراض ، و " أشد الناس بلاء الأنبياء " ، وإنما المحذور أن تجوز عليه تغير سائر موتى الآدميين ورائحتهم ، وأكل الأرض لأجسادهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم فمفارق لسائر أمته في ذلك ، فلا يَبْلى ، ولا تأكل الأرض جسده ، ولا يتغير ريحه ، بل هو الآن ، وما زال أطيب ريحاً من المسك ، وهو حي في لحده حياة مثله في البرزخ ، التي هي أكمل من حياة سائر النبيين ، وحياتهم بلا ريب أتم وأشرف من حياة الشهداء الذين هم بنص الكتاب .. ) .
فانظر إلى هذا العالم الورع يروي فقط خبراً يُروى في وصف وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يليق بمقام النبوة - وقطعاً أن مقصده حسن، ونيته سليمة – ومن أسندَ فقد بَرِئَت ذمته ، ومع ذلك تألّب عليه الناس وغضبوا ، وكاد أن يُقتل وتذهب نفسه !!
فما بال من يصف معاني الأحاديث الصحيحة والصريحة بالتوحش، وكيف يتجرأ الجهال و الأقزام في هذا الزمن بالعبث بكلام النبوة....!؟ من أجل أنها تصطدم مع أهوائهم ، ورغبات شهواتهم ونزواتهم ، ودعواتهم التغريبية ، فيسعون جهداً للطعن والتأويل الفاسد ، ثم بعد ذلك يدَّعون عند المواجهة والمناقشة بالحجج والبراهين الساطعة الناصعة حسن المقصد بتنزيه الشارع عما لا يليق !! هكذا تُرد الأحاديث وتعطل الأحكام بمقولة تنزيه الشرع ؟! فأي جرأة هذه ؟ ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا ) ، وأي الفريقين أحق بالعقوبة ؟

وكتبه : عبد العزيز بن سعود عرب
 
أعلى