العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ندوة: مناهج البحث في فقه الحديث النبوي .. ملخص

إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
ندوة علمية نظمتها :
جامعة ابن زهر ـ أكادير
كلية الآداب والعلوم الإنسانية
شعبة الدراسات الإسلامية
المملكة المغربية
بتعاون مع :
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية


العنوان​


مناهج البحث

في فقه الحديث النبوي الشريف



25 ـ 26 ربيع الأول1427هـ
الموافق: 24 ـ 25 أبريل2006م

محتويات التقرير :





ـ البرنامج

ـ تقرير مفصل عن أعمال الندوة
ـ التوصيات



ورقة تعريفية بالندوة:


عُرِف منهج علماء الحديث بالريادة والسبق، والدقة والضبط، مما جعل البحث في مناهجهم ضرورة ملحة يفرضها تطلع علماء الأمة اليوم نحو معرفة دقائق مناهج العلوم الإسلامية والإفادة منها في بناء منهج فكري سليم يقوم في وجه التحديات الفكرية المعاصرة.

وفي هذا الإطار انعقدت ندوة مناهج البحث في فقه الحديث النبوي في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير بتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يومي24 ـ25 أبريل2006م التي رافقها معرض لبيع منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بأسعار مخفضة، وعرفت الندوة تقديم أزيد من عشرين بحثا من قبل أساتذة متخصصين من مختلف الجامعات الوطنية، أبرز فيها الأساتذة الباحثون مدى عناية المحدثين بفقه الحديث، ونفضوا الغبار عن مناهجهم العامة والخاصة في استنباط الأحكام الشرعية من الحديث النبوي، واستخلاص الفوائد التربوية والسلوكية منه.
وكشفت كثير من الأبحاث المقدمة في هذه الندوة عن قواعد المحدثين وضوابطهم في التعامل مع الحديث النبوي فقها واستنباطا، وقدمت إجابات عن عدد من القضايا المهمة المرتبطة بفقه الحديث النبوي.



بسم الله الرحمن الرحيم


في إطار تنفيذ توصية اجتماع رؤساء شعب الدراسات الإسلامية بالجامعات المغربية بتخصيص هذه السنة سنة السيرة النبوية تحت شعار: (الرسول والرسالة) نظمت شعبة الدراسات الإسلامية ندوة علمية وطنية في موضوع مناهج البحث في فقه الحديث النبوي، بتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يومي 25 و26 ربيع الأول1427هـ الموافق24 ـ25 أبريل 2006م، بمشاركة أكثر من عشرين أستاذا باحثا من مختلف الجامعات المغربية.

وفي صبيحة يوم الإثنين 25 ربيع الأول 1427هـ افتتحت أشغال الندوة بالجلسة الافتتاحية على الساعة: 30h9 بكلمة للسيد عميد كلية الآداب بأكادير الدكتور أحمد صابر رحب فيها بضيوف الندوة، وأكد فيها على أهمية موضوع الندوة وضرورته في الوضع الراهن الذي يشن فيه البعض هجوما على قيم الإسلام ورموزه، وقدم شكره لشعبة الدراسات الإسلامية على ما تبذله من جهود وازنة في مجال التكوين والبحث في العلوم الإسلامية، وشكر أيضا اللجنة التنظيمية للندوة على حسن إعدادها لإنجاح أعمال الندوة، كما قدم شكره البالغ لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لمبادرتها بدعم الندوة وإقامة معرض لمطبوعاتها في رحاب الكلية.
ثم تلا ذلك كلمة مندوب وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية الدكتور الحسين بلوش أشار فيها إلى جهود وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دعم البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.
ثم كانت كلمة السيد رئيس اللجنة المنظمة ورئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بأكادير الدكتور الحسين أصبي الذي عرض لجهود الشعبة في مجال تنظيم الندوات العلمية واهتمامها بإثارة موضوع مناهج البحث في العلوم الإسلامية ورحب بدوره أيضا بالباحثين لمشاركين في الندوة الذين قدم كثير منهم من مدن بعيدة كفاس والرباط والدار البيضاء وبني ملال ومراكش وشكر بدوره وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على اهتمامها بتشجيع كافة الأنشطة العلمية البناءة، ومنها هذه الندوة . بعد ذلك انصرف الحضور لزيارة فضاء الثقافة بمقر الكلية حيث أقامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية معرضا لمطبوعاتها، وقد استمر المعرض مفتوحا في وجه الزائرين طيلة يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء، وعرف إقبالا كبيرا واستحسانا من قبل جميع الزوار، بعدها انصرف ضيوف الندوة إلى قاعة الأساتذة لتناول الشاي.
وفي الساعة: 40h10 افتتحت
الجلسة الأولى من أشغال الندوة عن مناهج علماء الغرب الإسلامي في فقه الحديث برئاسة الدكتور عبد الرزاق هرماس، الذي عرف بالأساتذة الباحثين أصحاب البحوث المقدمة، ثم الكلمة لصاحب البحث الأول الدكتور محمد زين العابدين رستم (كلية الآداب ـ بني ملال) في موضوع: منهج أبي عبد الله محمد بن أبي صفرة الأندلسي( ت 420هـ) في شرح صحيح البخاري. ويتعلق الأمر بمحمد بن أبي صفرة، وهو عالم أندلسي مغمور، عكس أخيه المشهور المهلب بن أبي صفرة، والمعلومات عنه شحيحة في كتب التراجم. حمل صحيح البخاري عن الإمام الأصيلي والقابسي.
أجاب البحث عن سؤال: هل للمؤلف شرح للجامع الصحيح؟. فكتب التراجم لم تشر إلى أي شيء من ذلك، والشراح لم ينقلوا عنه شيئا، سوى ابن بطال القرطبي الذي صرح بالنقل عنه في ثلاثين موضعا قام الباحث باستخراجها ودراستها، فتوصل إلى تحديد بعض ملامح منهج ابن أبي صفرة في شرحه، ومن هذه الملامح شرحه ما يقع للبخاري في التراجم من إشكالات، وتنزيله قول المذهب المالكي على الترجمة، ودفعه وهم التعارض بين الأحاديث، وبيانه أوهام الرواة.
وخلص الباحث إلى استمداد ابن أبي صفرة للأحكام الفقهية من أحاديث البخاري وفق المذهب المالكي، ويتميز منهج ابن أبي صفرة بالإطلاع على قواعد الاستنباط كما كان ملما بأصول الفقه وقواعده، رابطا الفقه المستنبط بواقعه الذي عاش فيه، محتجا بأقوال أعلام المذهب المالكي المجتهدين.
أما البحث الثاني فكان للأستاذ الدكتور الحسين أصبي(كلية الآداب ـ أكادير) في موضوع: فقه الحديث عند أبي الحسين علي بن خلف بن بطال القرطبي المالكي( ت 449هـ) من خلال كتابه شرح صحيح البخاري؛ قضايا ومناهج. استهل الباحث بذكر مكانة صحيح البخاري عند علماء الأمة واهتمامهم بشرحه من جميع جوانبه التاريخية والحديثية والفقهية، ثم عرّف بشخص ابن بطال وحياته وشيوخه ومؤلفاته، ومن أشهرها (شرحه لصحيح البخاري) الذي يُعد من أنفس المصادر في المكتبة الإسلامية، ونقل عنه جميع شراح البخاري من بعده، وبلغت هذه النقول عند ابن حجر في شرحه فتح الباري ألفين وثلاثمائة وخمسين نصا، ثم تناول الباحث نماذج من القضايا التي تطرق إليها ابن بطال، وانفرد بها عن غيره:
ففي مجال العقيدة بسط ابن بطال القول في قضايا العقيدة وفق مذهب أهل السنة والجماعة مثل الإيمان، محاججا أهل البدع بأدب وعلم. وفي علوم القرآن استعان ابن بطال بأسباب النزول في شرحه للبخاري والناسخ والمنسوخ، مرجحا للأقوال في قضايا الفقه والأحكام. وفي السياسة الشرعية اهتم بمحاور الحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وشروط الحاكم وكيفية اختياره وعزله، وإلزامية الشورى للحاكم، معتبرا أن السلطة والحكم أمر مفوض تدبيره لنظر عامة الأمة.
ثم ختم الباحث بذكر أصالة ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري وسعة علمه واطلاعه، وكثرة اعتنائه بالأحكام الفقهية الفرعية.
ثم تلتها مشاركة الدكتور حسن منصور(كلية الآداب ـ أكادير) ببحث في موضوع: السنة النبوية وحي إلهي منزل؛ قراءة في استنباطات الحافظ ابن عبد البر في التمهيد. قدم الباحث بمقدمة في بيان منزلة الحديث عند أهل الغرب الإسلامي، وغزارة مؤلفاتهم في هذا العلم الشريف، ما بين مضيق وموسع ومختصر ومستفيض، ليخلص بعد ذلك إلى ابن عبد البر وكتابه التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، فعرف به وبين مكانته ومكانة كتابه التمهيد.
ثم تحدث عن منزلة السنة النبوية بوصفها وحيا إلهيا تتساوى مع القرآن في هذه المنزلة، موردا نصوصا لابن عبد البر في هذا الأمر معتبرا أن التكذيب بالسنة تكذيب لله تبارك وتعالى.
أما المشاركة الأخيرة في هذه الجلسة فكانت للأستاذ الدكتور العربي البوهالي(كلية الآداب ـ مراكش) في موضوع: منهج أبي الوليد الباجي (ت 474هـ) في كتاب المنتقى شرح الموطأ.
أكد الباحث على وجوب بيان مناهج العلماء، وبين مكانة الباجي العلمية، ومنزلة كتابه المنتقى، وكشف عن سبب تأليفه، وأهم ما ميز منهجه التأليف على طريقة النظار المجددين التي أخذها من رحلته المشرقية. وأفاد الباحث أن المنتقى مختصر لكتاب الباجي الأول والأوسع (الاستيفاء). ثم تحدث الباحث عن هدف الباجي من التأليف، ومنهجه في استنباط الأحكام، حيث يورد الحديث، ثم يستنبط الحكم، ويعزز استدلاله بأصول الفقه وأقوال الأئمة والفقهاء، محسنا ومتقنا التبويب، مع القدرة على التفريع والتقسيم، موظفا مؤهلاته اللغوية والفقهية في الاستنباط، وأشار الباحث إلى عناية الباجي في شرحه بضبط الرواية الحديثية وكذا روايات الموطأ، وإلى استعمال الأدلة والقواعد الأصولية والفقهية، والمصالح، والحس النقدي، والاحتياط.
وعقب هذه المشاركات التي انتهت في الساعة: 30h12 فتح رئيس الجلسة الباب للمشاركين والحاضرين للمناقشة والمدارسة، والتي كانت في مجملها إضافات وتساؤلات وتصحيحات، أغنت العروض الملقاة،
ومن القضايا التي أثيرت ما يلي:
- عدم كفاية نصوص محدودة لاستخراج منهج المؤلف.
- بعض الأمثلة المستدل بها في العرض المتعلق بابن أبي صفرة لا تسعف الباحث في ادعاء وجود شرح البخاري من تأليف أبي عبد الله محمد بن أبي صفرة.
- لابد للبحوث والدراسات المقدمة للندوة أن تخلص إلى نتائج علمية بينة يستفاد منها عمليا.
- الاختلاف ليس كله مذموما، ولا يقتضي كونه رحمة أن الاتفاق سخط.
- بيان الموقف من بعض الدراسات الحديثة للرافضين للفقه الإسلامي وتسعى إلى هدمه.
- أثيرت قضية عدم إحالة العلماء إلى من ينقلون عنهم، وأن الباجي كان يعتمد في تعليل الأحكام الشرعية على القاضي عبدالوهاب دون أن يشير إليه، على أن هذه المسألة المنهجية المهمة يجب فهمها في ضوء طريقة الأقدمين في تحمل العلم.
- عدم إضاعة الوقت في مقدمات البحوث والدراسات المقدمة للندوة.
وفي جواب د. محمد رستم : أكد أن بحثه جديد في بابه لذلك كان مثيرا للنقاش، وأنه في بحثه أزاح الستار عن شارح مغربي لصحيح البخاري طواه النسيان واستطاع أن يميز بينه وبين أخيه المهلب الذي هو أيضا شارح للبخاري. أما د. الحسين أصبي فأكد أن ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري يسمي المهلب بن أبي صفرة عند النقل عنه باسمه فيقول : قال المهلب.
وأجاب د. العربي البوهالي بأن تأثر الباجي بعلماء الشرق من شيوخه وغيرهم، ومنهم الشيرازي، وفي المنتقى أحيانا ينقل النص من دون إحالة، ولكن هذا لا يعني أن كل ما يقوله الباجي يعتمد بعض القياسات الفاسدة مثل قياسه المرأة على الكافر في إمامة الصلاة.
وختمت أشغال هذه الجلسة على الساعة .13h
وفي الفترة المسائية من اليوم الأول للندوة انطلقت الجلسة الثانية على الساعة الثالثة بعد الزوال برئاسة الدكتور محمد بنتهيلة، وكانت البداية مع بحث ألقاه الدكتور أحمد امحرزي علوي(كلية الآداب ـ مراكش) في موضوع: فقه الحديث عند أبي بكر بن العربي المعافري المالكي(ت543هـ). قدم الباحث لموضوعه بالإجابة عن بعض الأسئلة أولها : متى بدأ الاشتغال بفقه الحديث في الغرب الإسلامي؟ ثم أجاب الباحث أن سفيان الثوري كان إماما في الحديث، وأن الأوزاعي إمام في السنة، في حين كان الإمام مالك إماما فيهما معا. وقد اجتهد الدارسون في الجمع بين الحديث والسنة، ونشبت معركة بين أهلها في القرن الثاني، مما حذا بالشافعي في الرسالة، وابن قتيبة في "مختلف الحديث" أن يجعلا من شروط المحدث أن يكون فقيها، والفقيه محدثا.
ثم طرح سؤالا آخر: هل الذين حملوا الفقه المالكي حازوا مكانة الجمع بين الحديث وبين فقه الحديث؟ وأجاب أن صعصعة بن سلام (197هـ) هو أول من أدخل مذهب مالك، ومذهب الأوزاعي إلى الأندلس، لكن الذين حملوا فقه مالك، حملوا نصوصا وسماعات، وكانت المدونة أكبر تحول إلى الجانب الفقهي عن الجانب الحديثي. ثم نشطت حركة الحديث في منتصف القرن الثالث، وتكونت شبه مدرسة في الحديث وضع لها النواة بقي بن مخلد، وابن وضاح اللذان لقيا معارضة شديدة من قبل الفقهاء، لكن بقيا انتصر على معارضيه بتشجيع الأمير محمد بن عبد الرحمن بن الحكم.
وكان كتاب أبي داود أول كتب الحديث دخولا إلى الغرب الإسلامي، وكان أهل هذا الغرب في معزل عن معرفة الصحيح، وبعد عن صناعة الحديث. وكانت القرون الآتية: الرابع والخامس والسادس بداية الاعتناء بفقه الحديث، فأول من رفع العناية به أبو عمر ابن عبد البر، والباجي، وابن العربي. واعتبر الباحث الإمام ابن العربي من العلماء الأفاضل الكبار، ومنهجه واضح في شرحه على جامع الترمذي المسمى عارضة الأحوذي. أما كتابه القبس في شرح كوطأ مالك بن أنس فمختصر جدا لا يفي بالغرض، وكتابه "المسالك على الموطأ" عبارة عن جمع بين التمهيد والمنتقى، ولخص الباحث منهج أبي بكر ابن العربي في فقه الحديث في كونه يعرض الحديث مختصرا لا يضمه الإسناد إلا لبيان مبهم مثلا، وبين أنه يتناول الصناعة الحديثية باقتضاب، وأنه يورد مختلف الحديث ويعتمد الترجيح، كما يلاحظ عنايته بإثارة القضايا اللغوية. ويتناول ابن العربي المسألة الفقهية مفصلة بالدليل، وينبه على الإجماع، لكن إجماعاته نقدها ابن حجر في الفتح. كما يتناول الخلاف داخل المذاهب أو خارجه، وحينما يتحدث عن الخلاف داخل المذهب لا يذكر الأدلة، في حين يتعرض إلى آراء فقهاء الأمصار برمتهم ولا يقتصر على الأربعة حينما يتحدث عن الخلاف خارج المذهب، ليضع القارئ على طريق الاستنباط والاجتهاد.
وخلص الباحث إلى أن فترة آخر الدولة المرابطية وبداية الدولة الموحدية كانت من أنشط فترات الفقه المالكي وامتازت مدرسة الغرب الإسلامي بتوسيع دائرة حكاية الخلاف من خلال النقل عن فقهاء المذاهب الأخرى، مع هجرهم فقه الشيعة، وامتازت هذه الفترة أيضا بتصحيح الروايات وتوجيهها.
بعد ذلك تفضل الدكتور المهدي السعيدي (أستاذ بشعبة اللغة العربية بكلية الآداب بأكادير) بتقديم عرضه عن:
فقه الحديث في الترجمة الأمازيغية لرياض الصالحين لعبد الله بن علي الدرقاوي(1323هـ ـ1415 هـ) فقدم نبذة عامة عن حركة التأليف بالأمازيغية في منطقة سوس، وذكر أن هناك 50 عنوانا في مختلف العلوم ترجم إلى "تشلحيت" خاصة علم الفقه، ومن أمثلة هذه الترجمات : كتاب "الحوض" نظم مختصر خليل للهوزالي. و أشار الأستاذ الباحث إلى أن علم الحديث لم يكن يحظى باهتمام كبير لدى السوسيين لأسباب عديدة؛ أهمها: تأخر دخول كتب الحديث إلى بلاد المغرب، إضافة إلى غلبة البداوة على أهل سوس، ولم تكن بلادهم مستقرة سياسيا، وشغلوا بتنزيل الفقه على الواقع مما دفعهم إلى الاهتمام بالفروع دون الأصول؛ بيد أن هناك علماء قلائل اعتمدوا الأصول: مثل : محمد بن سليمان الروداني، والحضيكي، والصوابي.
بعد هذه المقدمة تحدث عن حياة عبد الله الدرقاوي، وذكر أن والده يعد من زعماء الزاوية الدرقاوية، وقد ولد عبد الله في منطقة "دوكادير" سنة 1323 هـ وتلقى العلم في زاوية والده، ثم رحل إلى أماكن أخرى يتزود منها العلم والمعرفة مثل المدرسة الايغاشنية، وأيت خميس بأزيار بإدوتنان، دومنت بحاحا، وفاس، وتطوان. وكان مشرفا على الزاوية الدرقاوية بدوكادير، وبعد ثورة البوشراوي بأيت باها، أجبرته الحماية الفرنسية على الإقامة الجبرية. وذكر الباحث من مؤلفاته : ترجمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني إلى تشلحيت، وترجمة "نور اليقين" للخضر بك إلى تاشلحيت أيضا.
وأما كتاب الدراسة وهو ترجمة "رياض الصالحين" لعبد الله الدرقاوي، فهو مخطوط يقع في 1020 صفحة في ثمانية أجزاء. شرع المؤلف تأليف ترجمة كتاب "رياض الصاحين" للنووي في الرابع من رمضان عام 1404 هـ. وتتمحور موضوعات الكتاب حول مقدمة الترجمة بين فيها المترجم عمله، بالتعريف برياض الصالحين بتشلحيت، أما منهجه في الترجمة فقد اعتمد شرح الفوالحي، وكتب أخرى، وكان يورد كلام النووي.
والتزام المترجم بإيراد الأبواب الواردة في الكتاب الأصلي، وهي 372 بابا، مراعيا في الترجمة عنصر اللغة من بيئة اللغة العربية إلى بيئة لغة يومية شفاهية، ينقل بها بيان معاني الحديث إلى عامة الناس بشرح مبسط، مستحضرا انفعالاته كواعظ يربط النص الحديثي بعامة الناس.
ترجم الدرقاوي الآيات القرآنية التي أوردها النووي في مقدمة كتابه، إضافة إلى ترجمته الأبيات الشعرية الوارد في المقدمة، وفي خاتمة العرض أشار الباحث إلى أهمية الترجمات الأمازيغية للكتب الشرعية في نشر المعرفة الإسلامية عامة، وفقه الحديث خاصة. ونبغ بسبب هذه الكتب طائفة من الأميين الذين امتلكوا معرفة عميقة تضاهي أحيانا معرفة العلماء الحفاظ.
وأما المشاركة الثالثة، فكانت للأستاذ الدكتور إحيا الطالبي (أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بأسفي) في موضوع:
فقه الحديث عند علماء شنقيط. وقد عرضه الباحث في مقدمة ومحورين، أولهما : عرض نماذج من علماء شنقيط في فقه الحديث، والثاني : الاستدلال بالسنة عند علماء شنقيط، ثم خاتمة البحث. وفي البداية نفى الباحث صحة ما يتردد لدى بعض الباحثين من أن الحركة الحديثية لم تكن مزدهرة في الصحراء قبل القرن الثاني عشر الهجري، باستثناء الموطأ والصحيحين. وأكد اهتمام علماء الصحراء بالمصنفات الحديثية قبل هذا القرن؛ بدليل ما جاء في أجوبة الإمام السيوطي في القرن التاسع، وتحديدا سنة 898 هـ حول مطلب من بلاد (التكرور)، مفاده أن علماء القوم لا يبالون بالكتاب والسنة إلا مع الدرهم والدينار (وهي ضمن كتاب الحاوي)، وذكر الولاتي في " فتح الشكور" غلبة النزعة الفروعية لدى علماء (التكرور).
وأشار الباحث إلى ظهور الحركة السلفية في القرن الحادي عشر بالصحراء بزعامة ناصر الدين، واقتفى أثره المجيبري (1204 هـ) بتأسيسه مدرسة تأخذ بالكتاب والسنة في كل مناهجها، وتنبذ التعصب المذهبي، وتحارب البدع. كما تصدى الشيخ الكنتي لدعاة الفروع باعتماده الأصلين – أي الكتاب والسنة – واعتبر خليلا جامعا للمذهب، ومن
نماذج علماء شنقيط في فقه الحديث الذين عرف بهم الباحث :
أ ـ يحيى الولاتي ( 1330 هـ) وله مصنفات غزيرة منها "نور الحق الصبيح في شرح الجامع الصحيح" و"العروة الوثقى" و"اختصار الموطأ"، ويكمن منهجه في التأصيل للأحكام الشرعية.
ب ـ المجيبري (1205 هـ) وكان محدثا وأصوليا، ومنددا بالمذهبية.
ج ـ بابا سيدي (1342 هـ) جمع بين الفقه والحديث، من تأليفه : إرشاد المصلحين، أرجحية سنية اليدين والقبض.
د ـ محمد بن قصير (ما زال حيا): له كتاب أسنى المسالك.
هـ ـ أحمد بن الحضرمي الجيلاني: له كتاب يتناول الجانب الفقهي في ضوء المذاهب الأربعة دون استعراض للأسانيد، وخلص الباحث إلى أن علم الحديث وفقهه انتعش لدى المتأخرين، وقد ذكر المختار السوسي أن تندوف كانت مركز حديث.
بعد إلقاء هذه العروض الثلاثة فتح باب المناقشة وإلقاء التساؤلات والتعقيبا ت، وقد أجاب عنها الأساتذة الكرام.
وبعد استراحة قصيرة انطلقت أشغال
الجلسة الثالثة في موضوع: مناهج المصنفين في فقه الحديث على الساعة الخامسة مساء برئاسة الدكتور عبد الله البخاري، الذي أعطى الكلمة للأستاذ الدكتور محمد خرشافي(أستاذ بكلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء) ليقدم بحثه في موضوع: منهج المالكية في الأخذ بخبر الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة، فبين أقسام عمل أهل المدينة و حجيته عند مالك.
بعد ذلك تفضل الدكتور جمال اسطيري(أستاذ بكلية الآداب ـ بني ملال) بإلقاء عرض حول بحثه في موضوع:
مصدرية القرآن الكريم في فقه الحديث عند الإمام البخاري من خلال جامعه الصحيح فبين اعتماد البخاري على الدليل القرآني و دلالة ألفاظه على الأحكام.
وقد جاءت مشاركة الدكتور إبراهيم الوافي بعد ذلك في موضوع: فقه الحديث بين البخاري و ابن حجر، فبين حسن تبويب البخاري لجامعه، وترتيبه، واستدلالاته، واستنباطاته. وأشار إلى ردود ابن حجر على كثير من تقولات العلماء في حق البخاري الذين خفيت عليهم أسرار البخاري في تسمية بعض أبوابه وترتيبها.
ثم ألقى الدكتور ناجي لمين(أستاذ بدار الحديث الحسنية بالرباط) بحثه في موضوع:
منهج الإمام الشافعي في علم مختلف الحديث، وبين أن الشافعي كان يجمع بين الحديثين الصحيحين المختلفين، أو يرجح بينهما اعتمادا على القرآن أو السنة أو القياس أو الترجيح بزيادة الثقة، ولا يحكم بالنسخ إلا بوجود دلالة على ذلك.
واستأنفت أعمال اليوم الثاني من الندوة يوم الثلاثاء 26 ربيع الأول 1427هج الموافق 25 أبريل 2006 على الساعة التاسعة صباحا انطلقت
الجلسة الرابعة للندوة برئاسة الدكتور إبراهيم الوافي، وكانت البداية مع الأستاذ الدكتور زين العابدين بالافريج (أستاذ بكلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء)في موضوع: جمع أحاديث الباب الواحد وأثره في فقه الحديث: حديث النهي عن صيام يوم السبت نموذجا، وفيها بين الأستاذ بالافريج فوائد جمع أحاديث الباب الواحد وضبط طرق الحديث والعلم بالمعارض إن وجد، والكشف عن علل التشريع من النهي الوارد في الحديث عن صيام يوم السبت، وبيان القرينة الواردة فيه، والمتعلقة بأن الأصل في النهي التحريم كالذي قصد بصيام يوم السبت تعظيمه.
ثم تلا ذلك مشاركة الدكتور إبراهيم أزوغ(أستاذ بكلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء) ببحث عن:
أهمية علوم اللغة العربية في فقه السنة وضرورتها في علم الحديث والفهم عن الشارع، وفيه بيّن الأستاذ الباحث خطر هجران اللغة العربية على العلوم الإسلامية عامة وعلم الحديث خاصة، وأشار إلى مكانة اللغة العربية عند علماء الإسلام واهتمامهم باكتسابها وقدرتهم على الإفادة منها في دراسة السنة النبوية، كما أشاد الباحث بكتاب ابن الأزرق المسمى روضة الإعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام.
بعد ذلك تحدّث الدكتور عبد اللطيف الجيلاني(أستاذ بكلية الآداب ـ أكادير) في موضوع:
تراجم الأبواب في المصنفات الحديثية وأهميتها في دراسة فقه الحديث . واعتبر ظاهرة الاهتمام بتراجم وعناوين الأبواب من دلائل عناية المحدثين منذ وقت مبكر بفقه الحديث، ثم أبان عن معنى الترجمة لغة واصطلاحا، وفصّل القول في أركان الترجمة، وشرط صحتها، وكيفية إدراك المناسبة بينها وبين ما تحتها من الأحاديث، ثم عرض لظاهرة استئثار تراجم صحيح البخاري بالاهتمام والإفراد بالتأليف في إيضاح المشكل منها دون سائر المصنفات الحديثية، ودعا في ختام بحثه إلى الاهتمام بفقه أئمة الحديث من خلال تراجم أبواب مصنفاتهم الحديثية.
وقد تلت المداخلات تساؤلات وتعقيبات أجاب عنها الأساتذة الفضلاء .
بعد استراحة قصيرة انطلقت أشغال
الجلسة الخامسة للندوة على الساعة h2011 برئاسة الدكتور عبد اللطيف الجيلاني الذي عرّف بمحور الجلسة وأنه تتميم لما دار في الجلسة الرابعة من التعريف ببعض مناهج البحث المعتبرة عند العلماء في فقه الحديث، ثم عرّف بالأساتذة أصحاب الأبحاث المقدمة، وأعطى الكلمة للأستاذ الدكتور عبد الواحد الإدريسي(أستاذ بكلية الآداب ـ أكادير) الذي قدم ورقة علمية في موضوع: الضوابط المنهجية في فقه السنة النبوية، افتتحها بمقدمة وبعدها نبّه إلى ضوابط ستة وهي:
- إخلاص النية وانبعاث الافتقار للقلب، ويرى الباحث وجوب وجود هذا الضابط لدى كل من يتصدى لتفسير النصوص الشرعية قرآنا كانت أم سنة.
- اطمئنان النفس لحكم رسول الله  وإذعانها لهديه.
- وجوب تفسير ما يروى عن النبي  بالدليل هو أهدى.
- فقه الحديث في ضوء المقاصد والمصالح مع التقيد بقواعد أصول الفقه.
- ضم أطراف السنة بعضها لبعض.
- ترك الأخذ بظاهر الحديث لما يحتمله من التأويل.
وأنهى الباحث حديثه بخاتمة ضمنها اقتراحاته داعيا إلى تأسيس مجمع للعلماء يتداولون فيه ما يتعلق بمسائل الاجتهاد.
بعد ذلك تفضل الدكتور عبد الله البخاري(أستاذ بكلية الآداب ـ أكادير) بتقديم بحثه في موضوع:
مشكل الحديث ومناهج العلماء في توجيهه: دراسة في ضوء مجموعة من الأحاديث العقدية؛ عرض الباحث في بحثه إلى أسباب وقوع البعض في استشكال بعض الأحاديث، وذكر أن الإشكال قد يكون بين نصين من نصوص الحديث، وذكر بعضا من كتب الحديث التي تناولت المشكل، كمشكل الحديث للطحاوي، وذكر أيضا بعض المصادر المتعلقة بمشكل القرآن، وأبان عن سبب عناية العلماء بالتأليف في هذا الموضوع، ونبّه إلى أن جل الإشكالات ناشئة عن عدم جهل اللغة العربية أو بسبب أغراض فاسدة. ثم فرق الباحث في بين نوعين من المشكل، فهناك استشكال يطرح عن حسن النية، كاستشكال الصحابة في بعض الأحاديث، وهناك استشكال يطرح عن سوء النية، الذي يصدر عن المعادين للإسلام والملحدين. وعرض أيضا لأقسام المشكل وأن منه مشكل نسبي: يزول بسؤال أهل العلم، ومشكل حقيقي: يقول فيه الإنسان آمنا كل من عند ربنا.
وقدم بعد ذلك قواعد في التعامل مع مشكل الحديث ممثلا بالأحاديث الواردة في قول لا إله إلا الله وأنه يجب فيها تسليم الأمر إلى الله ورسوله في النصوص التي لا تدركها عقولنا، وأنه لا يجوز الاشتغال بإشكالات لا فائدة منها. ولذلك يرى الباحث أن من المشكل ما يجوز البحث فيه، ومنها ما لا يجوز البحث فيه. وختم بذكر منهج العلماء في دفع التعارض والإشكال عن الأحاديث وأنهم يسلكون في ذلك طرقا منها جمع الأحاديث الواردة في الباب، ودراسة الأسانيد، وتحرير المصطلحات الشرعية وتحديدها، وعرض أقوال العلماء. وغيرها من القواعد أفاض الباحث في ذكرها.
ثم جاءت مشاركة الأستاذ الدكتور: حسن الباز في موضوع:
أثر الاستدلال بالسنة في اختلاف الفقهاء، افتتحها بمقدمة ذكر فيها باعتناء المسلمين بالسنة بمختلف شرائحهم الاجتماعية وبمختلف لغاتهم. وذكر أيضا اهتمام الجامعات بالسنة النبوية في الآونة الأخيرة، ثم بين أن أسباب اختلاف الفقهاء في استدلاهم بالسنة يرجع إلى أسباب معرفية، وأسباب نقدية، وأسباب لغوية. وأن من الأسباب المعرفية اختلاف الفقهاء في اطلاعهم على السنة، وتفاوتهم في المدارك والفهم، والقدرة على التحصيل. وأن من الأسباب النقدية اختلافهم في نقد المتن والإسناد، ومثّل لذلك بموقفهم من خبر الواحد عند معارضته القرآن الكريم، فالأحناف في هذه الحالة ردوا الخبر، وكذلك المالكية يردون خبر الواحد إذا عارض القرآن الكريم أو القواعد العامة. وتناول أيضا باستفاضة قضية مخالفة خبر الواحد لعمل أهل المدينة. وقضية خبر الواحد إذا خالف القياس فبين هنا أن مالكا وأبا حنيفة يتركانه، ومثل أيضا بنصوص لما إذا عمل الراوي بخلاف ما روى.
أما الأسباب اللغوية فذكر الباحث بعض الأمثلة على ذلك كرواية الأحاديث بالمعنى، ومشكل الحديث، وقضية النسخ، والعموم والخصوص...
ثم أعطى رئيس الجلسة الكلمة للأستاذ الدكتور: محمد الوثيق(أستاذ بكلية الشريعة ـ أكادير) الذي قدم بحثا في موضوع:
السياق وأثره في فهم الحديث، افتتحه بالتعريف بمصطلح السياق، وبين أنه ينقسم إلى: السياق الداخلي، والسياق الخارجي، وعرّف كلا منهما تعريفا مركزا. وأشار الباحث إلى أن أسباب النقول جزء من السياق، ومن ثمة فمعرفة سبب نزول نص قرآني أو سبب ورود نص حديثي يرفع الإشكال. وأبدى الباحث بعض الملاحظات المنهجية منها تصرف الرواة في النص الحديثي دون استيعابهم له، كما تطرق أيضا إلى أثر الخلل في عدم معرفة السياق: وذكر من صوره : الجهل بالسياق، والتصرف في السياق، واللبس في السياق. وتعرض أيضا للعلاقة بين السياق وتقسيم السنة من الناحية التشريعية. وأسهب القول في المسألة مدعما كلاكه بالأمثلة، وأخيرا ختم عرضه بخلاصة بين فيها أن السياق يخرج بالعديد من الإشكالات، وأننا في أمس الحاجة إلى استقراء كل النصوص الحديثية...
ولأن الوقت لم يسمح بالمناقشة، فإن اللجنة المنظمة أرجأت النقاش إلى الفترة المسائية.
وفي الساعة h005 انطلقت
الجلسة السادسة برئاسة الأستاذ الدكتور عبد الكريم عكوي، وبعد الافتتاح أعطى السيد الرئيس الكلمة لصاحب البحث الأول الدكتور محمد بن عبد الكريم الفيلالي الذي ألقى كلمته في موضوع: أثر المذاهب الفقهية في فقه أحاديث المواريث . أشاد الباحث في بداية حديثه بالندوة وموضوعها، وذكّر بسياقها والظروف التي تنعقد فيها من هجوم على دين الإسلام من قبل أعدائه وأدعيائه، وبين أهمية هذه الندوات في الذود عن حمى الدين والوقوف في وجه دعاوى الانسلاخ منه. ثم انتقل إلى الحديث عن أهمية فقه المواريث وعظمة موضوعه، كما بين أن جله مبين بنصوص القرآن الكريم، وأنه وجد بالتتبع والاستقصاء 22 حديثا فقط هي التي تتحدث عن هذا الفقه وأن معظمها في نصيب الجدة وبنت الابن.كما قارن بين مناهج المحدثين ومناهج الفقهاء في تناول الموضوعات الفقهية ومثل للمحدثين بكتاب "نيل الأوطار" للشوكاني، ولمنهج الفقهاء ب"بداية المجتهد" لابن رشد. وانتقل بعد ذلك إلى بيان المنهج السديد في التعامل مع الأحاديث واستنباط الفقه منها: وذلك بتعظيم النص أولا، ومحاولة تكييف الواقع معه لا تكييفه هو مع الواقع، ثم بين خطورة تبديل الشرع، كما ركز على أهمية الإيمان في استنباط فقه الحديث، وجمع أحاديث الباب الواحد والمقارنة بينهما؛ ملحا بذلك على أهمية التأني والتروي والتبصر في استنباط الأحكام.
ثم أعطى رئيس الجلسة الكلمة للدكتور محمد السرار(أستاذ بكلية الشريعة ـ فاس) الذي قدم بحثا في موضوع:
ملامح من منهج الحافظ بن حجر في فقه الحديث من خلال فتح الباري. بين الباحث في مطلع كلامه أثر اختلاف الروايات في استنباط فقه الحديث، وما يطرحه هذا الاختلاف من إشكالات، وما يقع فيه من خلاف في الاجتهادات، وانتقل إلى بيان منهج الحافظ ابن حجر في وضع الإشكالات التي قد يطرحها اختلاف الروايات، وما توهم به من تعارض، ثم نبه الباحث إلى أنه من خلال تتبعه لمنهج ابن حجر في دفع هذه الإشكالات ظهر له اعتماده قاعدة اتحاد المخرج ووجوب المصير إليها لدفع الاختلاف في ألفاظ الحديث عوض القول بتعدد الواقعة وتكررها، وهو مذهب مجموعة من الأئمة في دفع إشكالية اختلاف الألفاظ سيما إذا كانت متعارضة وتعذر الجمع. ومثل الباحث لهذه القاعدة بنصوص متعددة من فتح الباري لابن حجر، وأثبت من خلالها رسوخ هذه القاعدة في منهج الحافظ رحمه الله، وخلص الباحث إلى أن الحافظ ابن حجر كان يقدم الجمع بين السياقات المختلفة للحديث، ولم يكن يجازف بالقول بالتعدد. وأن هذا المنهج كان فيه وفيا لما تلقاه على شيوخه العلائي وابن دقيق العيد.
ثم جاء دور بحث الأستاذ الدكتور محمد ناصيري(أستاذ بدار الحديث الحسنية بالرباط) في موضوع:
فقه الحديث بين المحدثين والفقهاء. وألقاه بالنيابة عنه نظرا لتعذر حضوره الدكتور الناجي لمين الأستاذ بنفس الدار. في البداية بين الباحث المقصود من اصطلاحي أهل الحديث وأهل الفقه، كما أرّخ للمصطلحين وبين منطلقات كل فريق وسبب التمايز بينهما. وانتقل الباحث بعدها لبيان منهج المحدثين خاصة العلائي وتلاميذه في دفع إشكال الأحاديث المختلفة. وعدم التسرع في القول بتعدد الوقائع، خاصة إذا اتحد المخرج وتقاربت الألفاظ، أما عند تعدد المخرج، واختلاف الألفاظ فهنا يمكن القول بتعدد الوقائع، وتعدد الأحاديث. كما بيّن التحجيم الذي وقع في فقه الحديث عبر تاريخ الأمة الإسلامية في مقابل إعلاء شأن المفتين والفقهاء المقلدين؛ مما جنى على الحديث وأهله، وقلّص من دورهم في تجديد الدين وتطوير مناهج الاجتهاد، وبيّن في المقابل قلة باع الفقهاء في الحديث، وتقصيرهم في استنباط الأحكام، بتخليهم عن الرجوع إلى الأحاديث وفقهها، وألحّ الباحث في خاتمة عرضه على ضرورة إعادة الاعتبار للحديث وفقهه، وباعتباره آلية مهمة لتطوير الاجتهاد.
وبعد الإنصات لكلمات السادة الأساتذة، فتح السيد الرئيس باب المناقشة و المدارسة والتعقيب على أشغال الجلسة والجلسة التي سبقتها، وهي في مجملها إضافات وملاحظات وتوصيات.
ثم ختمت أشغال الندوة بالجلسة الختامية على الساعة 18:50، وبعد الاستماع إلى آيات من الذكر الحكيم، تقدم السيد نائب عميد كلية الآداب بأكادير الدكتور عبدالكريم مادون بكلمة تقدير وشكر للجنة المنظمة ولشعبة الدراسات الإسلامية بالكلية، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وأشاد بعمل الباحثين والأساتذة المشاركين وركز على أهمية البحوث المعروضة ودورها في الدفاع عن الإسلام وتراثه، وشجع مبادرات الشعبة، وألح على طبع بحوث الندوة ونشرها مع ترجمتها إلى اللغات الحية.
ثم تفضل السيد مندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بإلقاء كلمة تقدير واعتزاز بأشغال الندوة وموضوعها وبحوثها، ووعد بطبع أعمالها.
وختم رئيس اللجنة المنظمة الدكتور الحسين اصبي أشغال الندوة، بقراءة التوصيات التي خرجت بها الندوة والعزمات التي قررها الأساتذة المشاركون.
يوم الأربعاء27 ربيع الأول 1427هـ
نظمت اللجنة التنظيمية لفائدة الأساتذة المشاركين بالندوة زيارة ترفيهية لمعالم مدينة أكادير وبعض المناطق المجاورة استحسنها الجميع وكان لها أبلغ الأثر في نفوسه، والحمد لله رب العالمين


برنامج الندوة


اليوم الأول: الإثنين24 أبريل2005م

الفترة الصباحية:
09:00 الجلسة الافتتاحية:
ـ تلاوة آيات عطرة من القرآن الكريم.
ـ كلمة السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير.
ـ كلمة المندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
ـ كلمة اللجنة المنظمة للندوة.

09:30 ـ حفل شاي.
ـ زيارة معرض مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بفضاء الثقافة المقام بمناسبة الندوة.

10:40 الجلسة الأولى: فقه الحديث عند علماء الغرب الإسلامي
رئيس الجلسة: د . عبدالرزاق هرماس مقرر الجلسة: د. علي بنبريك
11:00 ـ د. محمد زين العابدين رستم (كلية الآداب ـ بني ملال): منهج أبي عبدالله محمد بن أبي صفرة الأندلسي (ت420هـ) في شرح صحيح البخاري.
11:20 ـ د. الحسين اصبي (كلية الآداب ـ أكادير): فقه الحديث عند أبي الحسن علي بن خلف بن بطّال القرطبي المالكي (ت449هـ) من خلال كتابه شرح صحيح البخاري: قضايا ونماذج.
11:40 ـ د. حسن منصور (كلية الآداب ـ أكادير): السنة النبوية وحي إلهي منزل: قراءة في استنباطات الحافظ ابن عبدالبر في كتابه التمهيد.
12:00 ـ د. العربي البوهالي(كلية الآداب ـ مراكش): مسلك أبي الوليد الباجي في فقه الحديث.
12:20 ـ مداخلات وتعقيبات.

الفترة المسائية:

03:00 الجلسة الثانية: : فقه الحديث عند علماء الغرب الإسلامي
رئيس الجلسة: د. محمد بنتهيلة مقرر الجلسة: د. بوشعيب شبون
03:10 ـ د. أحمد امحرزي علوي (كلية الآداب ـ مراكش): فقه الحديث عند أبي بكر ابن العربي المعافري.
03:30 ـ د. المهدي السعيدي(كلية الآداب ـ أكادير): فقه الحديث عند عبدالله بن علي الدرقاوي من خلال ترجمته الأمازيغية لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي.
03:50 ـ د. إحيا الطالبي(الكلية المتعددة الاختصاصات بأسفي): فقه الحديث عند علماء شنقيط.
04:10 ـ مداخلات وتعقيبات.
04:20 استراحة
05:00 الجلسة الثالثة: مناهج المصنفين في فقه الحديث
رئيس الجلسة: د. عبدالله البخاري مقرر الجلسة: د. عبدالواحد جهداني
05:00 ـ د. محمد خرشافي (كلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء): منهج المالكية في الأخذ بخبر الآحاد إذا خالف عمل أهل المدينة.
05:20 ـ د. الناجي لمين (دار الحديث الحسنية ـ الرباط): منهج الإمام الشافعي في علم مختلف الحديث.
05:40 ـ د. جمال اسطيري(كلية الآداب ـ بني ملال): مصدرية القرآن الكريم في فقه الحديث عند الإمام البخاري من خلال جامعه الصحيح.
06:00 ـ د. إبراهيم الوافي(كلية الآداب ـ أكادير): فقه الحديث بين البخاري وابن حجر.
06:20 ـ د. محمد مشان (كلية الآداب ـ المحمدية): نحو فقه جديد لجمال البنا: مقاربة نقدية
06:40 ـ مداخلات وتعقيبات.
اليوم الثاني: الثلاثاء 25 أبريل2006م
الفترة الصباحية:
09:00 الجلسة الرابعة: ملامح من مناهج البحث في فقه الحديث النبوي
رئيس الجلسة: د. إبراهـيم الوافي مقرر الجلسة: د. الحسن بنعبو
09:10 ـ د. زين العابدين بالافريج(كلية الآداب ـ عين الشق): جمع أحاديث الباب الواحد وأثره في فقه الحديث: حديث النهي عن صيام يوم السبت نموذجا.
09:30 ـ ذ ـ إبراهيم أزوغ(كلية الآداب ـ ظهر المهراز ـ فاس): أثر علوم اللغة العربية في دراسة فقه الحديث.
09:50 ـ د. عبداللطيف الجيلاني (كلية الآداب ـ أكادير): تراجم الأبواب في المصنفات الحديثية وأهميتها في دراسة فقه الحديث.
10:10 ـ مداخلات وتعقيبات.
10:30 استراحة

11:00 الجلسة الخامسة: ملامح من مناهج البحث في فقه الحديث النبوي
رئيس الجلسة: د. عبداللطيف الجيلاني مقرر الجلسة: د. حسن منصور
11:05 ـ د. عبدالواحد الإدريسي (كلية الآداب ـ أكادير): ضوابط منهجية في فقه السنة النبوية. 11:25 ـ د. الحسن الباز (كلية الآداب ـ أكادير): اختلاف مناهج النقد الحديثي وأثره في اختلاف الفقهاء.
11:45 ـ د. عبدالله البخاري (كلية الآداب ـ أكادير): مناهج العلماء في توجيه مشكل الحديث: (دراسة تحليلية لمجموعة من الأحاديث الواردة في العقيدة).
12:05 ـ د. الحسن الباز(كلية الآداب ـ أكادبر): أثر الاستدلال بالسنة في اختلاف الفقهاء.
12:25 ـ د. محمد الوثيق (كلية الشريعة ـ أكادير): السياق وأثره في فهم الحديث.



الفترة المسائية:

05:00 الجلسة السادسة: أثر المذاهب الفقهية في منهج فقه الحديث النبوي
رئيس الجلسة: د. عبدالكريم عكيوي مقرر الجلسة: د. علي بنبريك
05:10 ـ د. محمد بنعبدالكريم فيلالي(كلية الآداب ـ عين الشق ـ الدار البيضاء): أثر المذاهب الفقهية في فقه أحاديث المواريث.
05:30 ـ د. محمد السرار: ملامح من منهج الحافظ ابن حجر في فقه الحديث من خلال فتح الباري.
05:50 ـ د. محمد ناصيري (دار الحديث الحسنية ـ الرباط): فقه الحديث بين المحدثين والفقهاء.(ألقاه عنه بالنيابة الدكتور لمين الناجي)
06:10 ـ مداخلات وتعقيبات.

06:30 ـ الجلسة الختامية:
ـ تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم.
ـ كلمة السيد عميد كلية الآداب بأكادير.
ـ كلمة المندوبية الجهوية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
ـ كلمة رئيس اللجنة المنظمة للندوة وتلاوة التوصيات.

اليوم الثالث: الأربعاء 26 أبريل2006م


رحلة لزيارة معالم مدينة أكادير وضواحيها لفائدة الأساتذة المشاركين في الندوة.


الأنشطة الموازية للندوة:


أقيم معرض بمناسبة الندوة لمطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بفضاء الثقافة بمقر الكلية.


أعضاء اللجنة التنظيمية:

ـ د. الحسين اصبي.
ـ د. عبدالله البخاري.
ـ د. مولاي إدريس الودغيري.
ـ د. عبدالكريم عكوي.
ـ د. عبداللطيف جيلاني.

منقول من الأخ الطيب وشنان في ملتقى أهل الحديث
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
أسأل: هل يعلم بمصير أبحاثها أحد الإخوة ؟
 

قنوان دانية

:: متابع ::
إنضم
28 مارس 2012
المشاركات
21
الكنية
ام عبد البر
التخصص
فقه و اصوله
المدينة
reo
المذهب الفقهي
مالكي
رد: ندوة: مناهج البحث في فقه الحديث النبوي .. ملخص

بورك فيكم
 
إنضم
29 مارس 2015
المشاركات
13
التخصص
مصمم
المدينة
انقرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: ندوة: مناهج البحث في فقه الحديث النبوي .. ملخص

جزاك الله خيرا
 
أعلى