العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

د. إحسان عباس يجري عملية قيصرية في استخراج المعنى من بطن الشاعر

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
د. إحسان عباس
يجري عملية قيصرية
في استخراج المعنى من بطن الشاعر:

يقول رحمه الله في كتابه "اتجاهات الشعر العربي المعاصر":

وحين آخذت في هذه الدراسة كنت أعلم يقينا ؟سواء اعتمدت التبسيط أو لم أعتمده - أنني رضيت بالحد الأدنى من دور الناقد التحليلي التشريحي، وكنت كذلك أعلم علما ليس بالظن، أن هذا الناقد يعاني أزمة بالنسبة للشعر الحديث، ذلك لأنه يحاول ويفسر، وقسم كبير من هذا الشعر يستعصي على التحليل والتفسير، وأن هذا الناقد يتقدم من الشعر مزودا بقيم ومعايير ومقاييس آلفها، ودرج على استعمالها، وأنه لا يستطيع أن يتخلى عنها، لا لجمود فيه، أو انغلاق في نظرته، بل لأنه يعجز أن يطور كل يوم قيمة جديدة، لو كان تقييم الشعر الحديث أو ذلك الجانب منه ؟يعتمد فيها جديدة - ثم أنه لا يستطيع أن يعمل دون قيم في ميدان يرفض كل تقييم " من الخارج " .


ذلك أنه بتأثر من السريالية قد جدت أشياء كثيرة في النظر إلى الشعر ومهمته: إذ لم يعد الشعر صورة من صور الأدب بل أصبح شيئا مستقلا، والفرق بينهما:


أن الأدب نتاج فعل الموهبة داخل حدود مرسومة.


وأن الشعر كشف ذو مهمتين، تحويل العالم وتفسير العالم، أو كما يقول بريتون: " أن دور الشعر أن يظل يتقدم دون توقف، أن يكتشف مجال الإمكانات في كل وجهة، وأن يبدو دائما ؟مهما يحدث من أمر - قوة تحريرية ورصدية " .


وعلى هذا الأساس يصبح انفتاح الشعر للفهم هو الدور الأكبر للكشف، لأن مهمة الشاعر الأولى هي إخراج اللفظة من الحيز العقلي، حتى تصبح الكلمة قادرة على أن تعبر " عن فعالية الروح وحاجتها " أي تصبح ثورة، وتصبح " لعبة الكلمات " ، بما فيها من إيحاءات صوتية، أهم بكثير من قيمتها السمانتية (الدلالية).


ولهذا يتسم جانب كبير من الشعر الحديث بالغموض لأن الشعر لا يخضع للمواصفات العقلية، أي لا يقصد فيه التوصيل المباشر بين الشاعر والجمهور، وإنما يكون هذا التوصيل بمقدار ما تتمتع به لغة الشاعر من نزعة ثورية، بل أن هذا التوصيل غير وارد إذا لم يكن هنالك جمهور يستطيع ذلك، لأن هذا الجمهور سيتكون مع الزمن.

مثل هذا الموقف يحدد دور الناقد التحليلي، فيكون ما يقوله في تحليل هذا الشعر تسورا منه على حمى ذلك الفن، أو شيئا لا يثير الاهتمام، لأنه مرتبط بمعايير لا يقرهاأصحاب هذا الشعر.
غاية ما يمكن هذا الناقد أن يقوله:
هو أن يبين ميزة الشعر بخروجه على المألوف، أو يصوغ نقده في شكل شعري، فيصبح النقد لونا من الشعر، يتحدث فيه الناقد بلغة شبه خاصة، خارجة عن حدود الفهم أو الحيز العقلي أيضا.
وقد شاع هذا اللون من النقد، في الأيام الأخيرة، حتى كاد يحجب ما عداه. وهو لا يلغي دور الناقد وحسب، بل يوقع الدراسات الجامعية للشعر، في ظل الاستخفاف والاستهانة. غير أن مما يشفع لهذه الدراسة ويسوغ وجودها أن هذا التيار لا يمثل كل الشعر الحديث، حتى اليوم، وأن كان يبدو تيارا قويا، يضم عددا كبيرا من الشعراء، ولقوته استطاع أن يستميل إليه بعض الذين كانوا يسيرون في تيار الوضوح، ويتجهون بالشعر نحو غايات أخرى، ويقيمون جسورا متينة بينهم وبين الجمهور المتلقي للشعر.

ومهما يكن من شيء فإن الدارس الذي يقدم لهذا الجمهور نفسه كتابا مبسطا، لا بد من أن يدرك حدود مهمته، وهو إذ لم يكن مؤرخا متزمتا - يستطيع أن يجعل " قيمه ومعاييره " مرنة " ، فيعالج التيارات والاتجاهات بقبول " فكري " ، متخطيا بذلك كل الأغلال " المعيارية " التي قد تحول دون ذلك.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يقول إحسان عباس مبرهنا على صدق ما قال:

" 1 "

نظرة تاريخية موجزة


كان ذلك في سنوات الحرب، وكنا يومئذ ما نزال نستقبل أنباء المعارك الأدبية بشيء من المتعة التي تستقبل بها أفلام العنف في هذه الأيام، وقد استوقف انتباهنا خبر نشرته مجلة الرسالة المصرية في عددها (568)، توقعناه بداية لمعركة تستشري، ويملأ الآفاق غبارها، وكان عنصر التحدي يلتمع في هذه الكلمات القليلة: " وأتعهد بجائزة مالية قدرها خمسة جنيهات مصرية أدفعها إلى من يستطيع فهم معاني تلك القصيدة وشرحها " ، وأعجبنا التحدي، دون أن يكون لنا مطمع في الجائزة، وكانت يومئذ مغرية، وأغرب كثيرون منا في الضحك، وهم يقرأون القصيدة التي يدور حولها التحدي، بعنوان " إلى زائرة " :


لو كنت ناصعة الجبين ... هيهات تنفضني الزياره


ما روعة اللفظ المبين ... السحر من وحي العباره


ظل على وهج الحنين ... رسمته معجزة الإشاره


خط تساقط كالحزين ... أرخى على العزم انكساره


ماذا بوجد المحصنين ... صوت شبح خلف الستاره


غيبت في العجب الدفين ... معنى براعته البكاره


درا يقوت الناظمين ... ونهضت تهديني بحاره


خطوات وسواس حزين ... وهب تعميه الطهاره


وحين استحال رنين الضحكات إلى صدى باهت، بدأ صوت النقد محتجا، مجلجلا، فتسمع واحدا يقول: مشكلتي في هذه الأبيات أنني لا أستطيع أن استكشف العلاقة بين واحدها والآخر، وثانيا يقول، ما العلاقة بين نصاعة الجبين والزيارة التي تنفض، (وكيف تفعل الزيارة ذلك، أتراها تيارا كهربائيا؟!) وثالثا يقول: كيف يكون الظل على الوهج، وكيف يتساقط الخط، ورابعا يقول: ربما كان في هذه الأبيات إشارات غريبة إلى البكارة المطلقة في الكون والأشياء، ومن ثم يكون وجد المحصنين، ويكون الدر المغلق في بحار لا نهائية، وتكون الطهارة هي الهدية الكبرى من هذه البكارة الكلية، ولكن؟ لا أدري، ثمة علاقات بين الألفاظ والجمل والصور لا أستطيع أقامتها على نحو مقنع.


وخاب فألنا، لا لأن أحدا منا لم يستطع أن يحظى بالجائزة المرصودة، بل لأن ذلك التحدي لم يجر إلى معركة، تتناثر فيها الأشلاء يمينا وشمالا، إلا أن ذلك التحدي، فتح الباب واسعا، للتذمر مما كان يحاول الشعر أن يروده وأن يحققه،
ذلك أن مجلة الرسالة نفسها نشرت ؟بعد عددين - تحديا آخر ممهورا بإمضاء (أ.ع) حول قصيدة بعنوان " من خريف الربيع " لمحمود حسن إسماعيل، يقول كاتبه: " فليتفضل منهم متفضل فيشرح لي هذه القصيدة شرحا تلتئم به أجزاؤها وتجتمع أوصالها، وتتكشف به غرائب مجازاتها وعجائب استعاراتها وبدائع أسرارها " ، وكانت مجلة الرسالة قد نشرت هذه القصيدة نفسها في عدد سابق، وفي ما يلي مقطعان منها:


ذهبت للروض في الصباح ... مقيد اللحن والجناح


وفيه ما من أغان ... مطولة الشدو بالجراح
أوتار أطياره سكارى ... يعزفن وجد الخميل نارا ... سعيرها خمرة الحيارى ...


حثت إليه الرؤى خطاها ... وخلفها انسابت الدموع


سيان في قبضة الرياح ... شوك الجلاميد والأقاحي


فكم رحيق بلا دنان ... وكم دنان بغير راح
وكم ربيع لنا توارى ... تود لو كانت العذارى ... لسحره الغائب انتظارا ...


ماتت لياليه في صباها ...
فهل لأحلامها رجوع بين الاحتجاجين ؟رغم تفترتهما - علاقة اساسية، فكلاهما يلح على إيجاد شرح يجعل القصيدة مفهومة، أي يوضح الصلات المعنوية بين أجزائها، من خلال تبيان العلاقات اللغوية والنحوية والمنطقية، وبالتالي العلاقات الفكرية، وتلك ظلت تلازم الشعر العربي في جميع عصوره، وتخضع البيت أو القطعة أو القصيدة لهذا السؤال الخالد: ما معنى هذا البيت أو هذه القطوعة؟ وماذا يعني الشاعر حين يقول كذا وكذا؟ ورغم شيوع الحديث في أوساط النقد الرومنطقي يومئذ عن تأثير الشعر في الشعور وعن قدرة الشعر على الإيحاء الذي يعز على الفهم أحيانا ظل المقياس الأول في النظرة إلى الشعر هو مدى قابليته للفهم وقبوله للتفسير.


ويزيد الاحتجاج الثاني على الأول أمرين آخرين، فهو يتطلب إلى جانب الفهم وحدة في القصيدة من نوع ما يسميها " التئام الأجزاء " ويضيف كلاما مبهما عن " غرابة المجازات والاستعارات " ، وكلا الأمرين يرتدان إلى قضية الفهم أيضا، فأما التئام الأجزاء فأنه يعبر عن ضيق بما يمكن أن يسمى التفكك الظاهري ي قصيدة محمود حسن أسماعيل، وعن حيرة إزاء الوثبات التخيلية فيها، دون أن يعني الناقد نفسه بالبحث عن استمرارية السياق. ا، أن يفتش فيها عن روابط داخلية، أو لعلع بحث وفتش أدركه الإعياء والعجز. وأما غرابة المجازات والاستعارات فأنها هي التي ألقت القصيدة ؟في نظر ذلك القارئ - بين ضباب الغموض، ولعله تساءل: كيف تكون الأغاني مطولة الشدو بالجراح؟ وكيف يكون للرؤى خطى؟ وكيف يكون للخميل وجد، وإذا كان ذلك جائزا فكيف يعزف ذلك الوجد نارا؟ ونتذكر في هذا المقام تلك الأسطورة الجميلة التي تقول أن رجلا بعث إلى أبي تمام يسأله زجاجة مملوءة بماء الملام فأجابه الشاعر أنه لا يرى بأسا بذلك على شرط أن يبعث إليه ذلك الرجل بريشة من جناح الذل: قضية أخرى كبيرة واكبت الشعر العربي في جميع عصوره، ولعلها أن تكون أرسخ القواعد التي أسست عليها فكرة عمود الشعر، أعني: المقاربة في التشبيه ومناسبة المستعار منه للمستعار له، وكأني بالاحتجاجين يقولان: حذار! أن الشعر المعاصر يومئذ قد أخذ يخرج على عمود الشعر حين جنح إلى مبارحة دائرة الفهم فإن القصيدتين ممعنتان في المحافظة: إحداهما تجري على قافية في الصدر وقافية في العجز، وهو أمر يوحي بالتزمت في التزام نغمتين على طول المقطوعة، وأما الثانية فإنها رغم إفساح القافية في كل مقطوعة منها ؟على حدة - ترسف قس قيود التكرار بحيث تجيء كل مقطوعة مشابهة للأخرى في ما التزمته من تقفية (1) .


ومن الغريب أن ريح الثورة لم تهب من هذا المنطلق، أعني منطلق الصراع بين الفهم والإيحاء، وبين بعد الاستعارات أو قربها، وإنما انبعثت لتحطم تلك الإنضباطية في الشكل، سواء أكان ذلك الشكل قائما على شطرين أو على أساس توشيحي متنوع متكرر، كالذي تمثله القصيدتان، وكأنما كان الشعر يفتش عن طريقة تخلصه من الشكل الصارم، في القصيدة والموشح على السواء، وتمنح العبارة امتدادا والتصوير استقصاء دون التخلي عن نوع الإيقاع المنظم بادئ ذي بدء - . وقد أصبح من المعروف أن الرواد العراقيين: نازك والسياب والبياتي كانوا هم رسل هذه الثورة بتأثير من الشعر الإنكليزي، وكانت ثورتهم في شكلها الأولي تمثل تخلصا من رتابة القافية الواحدة (دون الاستغناء عن القافية تماما) وتنويعا في عدد التفعيلات في السطر الواحد (دون مبارحة الإيقاع المنظم)، وليس من هم هذا البحث الموجز رصد المحاولات السابقة في تاريخ الشعر العربي للتخلص من أسر الشكل الصارم، وإنما الذي يميز هذه الحركة عن كل ما سبقها أن اعتمادها للشكل الشعري الجديد أصح مذهبا لا استطرافا، وأن إيمانها بقيمة هذا التحول كان شموليا لا محدودا، وأن أفرادها في حماستهم لهذا الكشف الجديد رأوا وما زالوا يرون ؟عدا استثناءات قليلة - أن هذا الشكل يصلح دون ما عداه وعاء لجمع أنواع التجربة الإنسانية إذا أريد التعبير عنها بالشعر.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
يرفع للفائدة
 

عمار محمد مدني

:: عضو مؤسس ::
إنضم
14 ديسمبر 2007
المشاركات
721
التخصص
هندسة صناعية
المدينة
مكة المكرمة + الظهران
المذهب الفقهي
حنبلي
ما أخبار الشاعر بعد هذه العملية؟! :d
 
أعلى