العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

النص والعقل .. أصول الفقه كنموذج

إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل
النص والعقل .. أصول الفقه كنموذج


لقد عُني علم أصول الفقه أول ما عُني بإيضاح مصادر التشريع الإسلامي، وعلى رأسها: القرآن الكريم والسنة النبوية.

والركيزة الأساسية للتصديق بهذين المصدرين المقدسين هي (ركيزة إيمانية) .. وعلم أصول الفقه اقترب من هذا (المجال الإيماني) بـ (منهج عقلي) يتعلق (بالثبوت) .. والثبوت مسألة معرفية .. فالقرآن الكريم ثابت بطريق "التواتر"، والتواتر هو ما ينقله جماعة يستحيل تواطؤهم على كذب .. وهذا منهج عقلي
أشد صرامة من "المعرفة الاجتماعية" - التي يقول الناس بها الآن- التي تصل للفرد منا ويصدق بها من غير أن يختبر بنفسه أدلة صوابها و/أو ثبوتها، مكتفيا بأنها تنتقل إليه من مصادر شتى

ثم أجرت علوم المنهج - أصول الفقه وعلوم الحديث- معايير (التحقيق العقلي) على الأحاديث السنة النبوية المطهرة التي لا تتوافر لثبوتها درجة التواتر؛ من حيث (الضبط) و(التحقيق) بمنهج
أكثر صرامة في نسقه العقلي من أساليب تحقيق الوقائع التاريخية، بل من كافة أساليب التحقيق التي عرفها البشر على امتداد تاريخ الإنسانية .. وهنا نلحظ أن النصوص الأساسية هذه، وهي إيمانية في التصديق بها، قد صارت عقلية في ثبوتها (أي قد تخللها العقل من هذا الوجه المعرفي)، ثم بدأ هذا التخلل يفرض سلطانه - الشرعي- على ما يتلو هذين المصدرين من مصادر أخرى .. فمن المعروف أن النصوص محدودة، سواء نصوص القرآن الكريم أو نصوص السنة النبوية المطهرة، فتفتقت أذهان العلماء عن مصادر أخرى فرعية -استنبطوها من مقررات الكتاب والسنة- .. وفي غالبها -بل في جميعها- نلمس دورا نامياً وفعالاً للعقل في تفاعله مع الواقع المعيش؛

فـ "القياس" مثلاً .. وهو منهج عقلي معرفي -مستمد من أصول التشريع الإسلامي- يتعلق بإدراك وجه الشبه الفعال بين الظواهر التي وردت فيها أحكام في القرآن أو السنة، والظواهر التي لم ترد فيها أحكام فيهما .. والمهم هنا هو المنهج المعرفي الذي وُضع لإدراك الشبه الفعال، وهو منهج يُعمِل الاستقراءَ لإدراك خواص الظواهر التي تعتبر "علة" للحكم، أي سبباً له، وهو ما يسمى بـ "المناط". وهنا نلحظ وجوه تجريبٍ واستقراءٍ وملاحظةٍ، ثم استخلاصٍ للصفةِ العلةِ وبلوغٍ للمشتَرَكِ الحاكمِ لما يمكن أن نعتبره متماثلا.

و"الاستصحاب" .. وهو منهج عقلي معرفي -مستمد من أصول التشريع الإسلامي- ومؤداه هو بقاء الحال على ما كان حتى يقوم دليل يغيره، فهو يتعلق "بالإدراك" البشري للواقع، ومؤداه أنه عند التيقن من وجود أمر ما، فنحن نتصرف على أساس أنه موجود بعد ذلك حتى يتبين لنا أن ثمة تغييرا أو تعديلا حدث. وما ثبت باليقين من ذلك لا يزول إلا بيقين مغاير.

و"الاستصلاح" أو المصالح المرسلة .. وهو منهج عقلي معرفي -مستمد من أصول التشريع الإسلامي- وحاصله هو التصدي المباشر للواقع الحادث والعمل بما فيه مصلحة الناس، وذلك فيما ليس فيه أمر أو نهي ديني ورد بالقرآن أو السنة. والنظر في هذا الشأن يكون بملاحظة أن كل الأوامر والنواهي الدينية إنما قُررت من الله سبحانه لنفع الناس ولإصلاح شؤونهم.

والفقه الإسلامي - كما هو معلوم- يقوم على نوعين من المبادئ:

أ- مبادئ مستقاة من الوحي: قرآنا وسنة (باعتبارها - أي هذه المبادئ- مجسدةً للشريعة مقاصداً وضوابطاً)

ب- ومبادئ مستمدة من الخبرة التاريخية (لما تفيده في تعيين آليات تحقيق المقاصد وإعمال الضوابط)

وكلا الأمرين يتدخل فيه العقل (بمعنى أن للعقل في تلك الأمور عملاً يؤديه) بشكل كبير .. بدءً من فهم الوحي قرآناً وسنة .. ومروراً باستلهام المبادئ المستمدة من
الخبرة التاريخية (العلمية والعملية .. النظرية والتطبيقية .. الأكاديمية والواقعية)
لتحقيق المقاصد وإعمال الضوابط.

وإنما قصدت سوق الأمثلة للأساليب والمناهج التي يتفاعل بها الفكر الديني (بنصوصه الثابتة)
، مع مناهج إعمال العقل من ناحية، ومع أساليب التعرف على الواقع ومناهجه من ناحية أخرى .. وذلك كله ينفي قطعاً توهم وجود إشكالية في العلاقة بين (النص) و (العقل) .. بل يؤكد أن للعقل أهمية كبرى في التعميق التأسيسي والتأصيلي والتفريعي للفقه الإسلامي.

أما من يضع (العقل) نداً (لله) تعالى
، فلا نقاش له معنا، ولا نقاش لنا معه؛ لأنه مطيع لعقله لا مطيع لربه !! ولا أعلم لماذا آمن بالله أصلاً ؟!!

والله تعالى أعلى وأعلم


****************

المصادر والمراجع

1- ملامح البنية الأساسية للتفكير الإسلامي
، أستاذنا الجليل المستشار طارق البشري، موقع إسلام أون لاين, 5/ 9/ 2004م.

2- الإسلام والعقل
، يحيى رضا جاد. وهي دراسة ما تزال في طور الإعداد.

3- تجديد منهج النظر في النظام السياسي الإسلامي
، سامر رشواني، موقع إسلام أون لاين, 13/ 5/ 2005م.
 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل
طبعاً سيعترض عدد من القراء؛ كيف تنقل عن هذا الطاغوت ؟!!

والحق أن ما شاع عن عبد الرزاق السنهوري في كتابات بعض من ينسب نفسه للسلف والسلفية؛ هي كذب محض؛ لأن كاتبها لم يلم بمشروع السنهوري ولا بكتاباته ولا بمراحل تطوره الفكري ولا بتدرجه في خطوات الإصلاح (أعني أخذه بسنة التدرج في الإصلاح) .. وللتفصيل مقام آخر .. والإشارة تكفي.

وقليل من التفصيل يصلح الموقف العقلي :

الإسلام على الإنترنت -

مع ملاحظة أن السنهوري يستخدم لفظ (الشريعة) في بعض الأحيان قاصداً به (الفقه الإسلامي).
 
أعلى