محمد بن سعيد الغامدي
:: متخصص ::
- إنضم
- 18 ديسمبر 2009
- المشاركات
- 45
- التخصص
- السياسة الشرعية
- المدينة
- مكة المكرمة
- المذهب الفقهي
- الدراسة حنبلية ... و التطبيق نبوي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله الأمين و على آله و صحبه أجمعين ،، و بعد
تحدثت في مقالي السابق عن الاتجاهات السياسية التي تتخذها الحكومات منذ بدأ الخليقة إلى اليوم .. و سنبدأ بعرض لأصول و قواعد السياسية الدينية (الشرعية) فأقول :
إن أفضل من بين مكانة الحكومة الاسلامية و اهدافها هو الامام الماوردي رحمه الله تعالى حيث قال (الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين و سياسة الأمة به) فإمام المسلمين له مهمتان رئيسيتان :
الأولى حراسة الدين : و حراسة الدين تكون بأمرين : أ) نشر الدين و إرسال الدعاة و حمايتهم و دعمهم . ب) الدفاع عن الدين وحماية بيضة المسلمين .
الثانية : سياسية الأمة بالدين وهذه السياسة تكون بأمرين : أ) التحاكم إلى شرع الله سبحانه و تعالى دون غيره من الشرائع . ب) قمع البدع و أهلها و رفع شأن أهل العلم .
لذا فمهمة إمام المسلمين عظيمة .. و همه أعظم .. و إن لم يقم بما أوجبه الله عليه استحق عقاب الله تعالى عليه لقوله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته) .. أما إذا أخذها بحقها و قام بما اوجبه الله عليه فيها فهو من السابقين الأولين يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل ..) … و إذا كانت هذه مهمته فما هي القواعد التي يجب على الامام أن يسير عليها ؟؟
باختصار هناك أربع ركائز أساسية للحكم الإسلامي و التي إذا اختل أحد هذي الأربعة سقطت الحكومة أو آذنت بالسقوط و هذه الأربعة هي :
1. الشورى : وهي لغة : استخراج الرأي ، و في الاصطلاح : استطلاع الآراء في مسألة عامة لم يرد بها نص صريح في الكتاب أو السنة وصولا إلى الأصوب ثم اتباعه يقول الله عز وجل حاثا نبيه صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر وهو من هو (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) و من السنة قول أبي هريرة (مارأيت أحاد أكثر مشورة لأصحابه من النبي صلى الله عليه وسلم) .
و أهل الشورى هم أهل الحل و العقد في الأمة وهم أهل العلم و الفضل و الحكمة وأهل الخبرة بأمور الأمة و أعرافها و يشترط أن يكونوا من الذكور العدول و أهم ما يشترط فيهم ألا يكونوا معينين من قبل الإمام بل توكلهم الأمة عنها ينوبون عنها في أمورهم .
ولبيان عظم الشورى يقول القرطبي في الجامع (و الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام و من لا يستشير أهل العلم و الدين فعزله واجب وهذا مما لاخلاف فيه) .
2. العدل : وهو قوام الدول و أساسها فالدولة الظالمة لا تستمر مهما كانت يقول شيخ الاسلام (إن الله لينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة و يخذل الدولة الظالمة و إن كانت مؤمنة) .
3. الحرية : و أعني بها أنه لا يحق لأحد أن يستعبد أحدا أو أن يسخره لما جاء في الحديث (لاسخرة في الاسلام) و أنه يحق لكل إنسان ان يتملك ما يشاء و يبيع و يشتري ما يشاء و يتصرف كما يشاء ضمن أطر الشريعة الاسلامية و قواعدها و لا يحق لأحد أن يحجر على أحد فيما سوى ذلك .
4. المساواة : وأعني بالمساواة أن يكون الناس سواسية أمام شرع الله عز وجل صغير الناس و كبيرهم أميرهم و حقيرهم يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) .
ما ذكرناه من هذه الركائز هو من باب التنظير لا أكثر .. فإذا استقرأنا التاريخ نجد أن خلفاء الأمة الاسلامية متى تفاوت تطبيقهم لهذه الركائز تفاوت خطر سقوط دولتهم و متى زادوا عن الحد سقطت .. فالأمة في عصر النبوة و الخلافة الراشدة كانت مطبقة لهذا الأمر فكانت في أوج عزها ثم بدأ الأمر ينحسر شيئا فشيئا حتى وصلت إلى عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله فارتفعت و علت و أجمع المؤرخون على انه لم يكن في زمنه من يستحق الزكاة حتى عده العلماء خامس الخلفاء الراشدين و كذا كان الوضع في عهد نور الدين محمود زنكي رحمه الله ثم في عهد محمد الفاتح و هكذا تمر الأمة بين صعود و هبوط .. و الصعود و الهبوط يكون بالتزام الحكام بهذه الركائز .
خاتمة مبكية : الأمة كان لديها أمران مهمان لم تفقدهما منذ ولاية أبي بكر حتى سقوط الدولة العثمانية أولهما : اتحاد الأمة تحت خليفة واحد و ثانيهما : تحكيم الشريعة الاسلامية في جميع أمور الأمة ، وما وصلت الأمة إلى هذا التشرذم و التفكك و الانحطاط إلا لفقدان هذين الأمرين فهما من الركائز التي لا مجال للنقاش فيها و لا مجال لانعدامها في الأمة لذا لم أناقشها ولم أدرجها ضمن الركائز التي يقوم عليها الحكم الاسلامي .
مقالي القادم إن شاء الله عن أصول السياسة المتمسحة بالدين و ما أدت إليه .. أسأل الله التوفيق .
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله الأمين و على آله و صحبه أجمعين ،، و بعد
تحدثت في مقالي السابق عن الاتجاهات السياسية التي تتخذها الحكومات منذ بدأ الخليقة إلى اليوم .. و سنبدأ بعرض لأصول و قواعد السياسية الدينية (الشرعية) فأقول :
إن أفضل من بين مكانة الحكومة الاسلامية و اهدافها هو الامام الماوردي رحمه الله تعالى حيث قال (الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين و سياسة الأمة به) فإمام المسلمين له مهمتان رئيسيتان :
الأولى حراسة الدين : و حراسة الدين تكون بأمرين : أ) نشر الدين و إرسال الدعاة و حمايتهم و دعمهم . ب) الدفاع عن الدين وحماية بيضة المسلمين .
الثانية : سياسية الأمة بالدين وهذه السياسة تكون بأمرين : أ) التحاكم إلى شرع الله سبحانه و تعالى دون غيره من الشرائع . ب) قمع البدع و أهلها و رفع شأن أهل العلم .
لذا فمهمة إمام المسلمين عظيمة .. و همه أعظم .. و إن لم يقم بما أوجبه الله عليه استحق عقاب الله تعالى عليه لقوله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته) .. أما إذا أخذها بحقها و قام بما اوجبه الله عليه فيها فهو من السابقين الأولين يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل ..) … و إذا كانت هذه مهمته فما هي القواعد التي يجب على الامام أن يسير عليها ؟؟
باختصار هناك أربع ركائز أساسية للحكم الإسلامي و التي إذا اختل أحد هذي الأربعة سقطت الحكومة أو آذنت بالسقوط و هذه الأربعة هي :
1. الشورى : وهي لغة : استخراج الرأي ، و في الاصطلاح : استطلاع الآراء في مسألة عامة لم يرد بها نص صريح في الكتاب أو السنة وصولا إلى الأصوب ثم اتباعه يقول الله عز وجل حاثا نبيه صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر وهو من هو (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) و من السنة قول أبي هريرة (مارأيت أحاد أكثر مشورة لأصحابه من النبي صلى الله عليه وسلم) .
و أهل الشورى هم أهل الحل و العقد في الأمة وهم أهل العلم و الفضل و الحكمة وأهل الخبرة بأمور الأمة و أعرافها و يشترط أن يكونوا من الذكور العدول و أهم ما يشترط فيهم ألا يكونوا معينين من قبل الإمام بل توكلهم الأمة عنها ينوبون عنها في أمورهم .
ولبيان عظم الشورى يقول القرطبي في الجامع (و الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام و من لا يستشير أهل العلم و الدين فعزله واجب وهذا مما لاخلاف فيه) .
2. العدل : وهو قوام الدول و أساسها فالدولة الظالمة لا تستمر مهما كانت يقول شيخ الاسلام (إن الله لينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة و يخذل الدولة الظالمة و إن كانت مؤمنة) .
3. الحرية : و أعني بها أنه لا يحق لأحد أن يستعبد أحدا أو أن يسخره لما جاء في الحديث (لاسخرة في الاسلام) و أنه يحق لكل إنسان ان يتملك ما يشاء و يبيع و يشتري ما يشاء و يتصرف كما يشاء ضمن أطر الشريعة الاسلامية و قواعدها و لا يحق لأحد أن يحجر على أحد فيما سوى ذلك .
4. المساواة : وأعني بالمساواة أن يكون الناس سواسية أمام شرع الله عز وجل صغير الناس و كبيرهم أميرهم و حقيرهم يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) .
ما ذكرناه من هذه الركائز هو من باب التنظير لا أكثر .. فإذا استقرأنا التاريخ نجد أن خلفاء الأمة الاسلامية متى تفاوت تطبيقهم لهذه الركائز تفاوت خطر سقوط دولتهم و متى زادوا عن الحد سقطت .. فالأمة في عصر النبوة و الخلافة الراشدة كانت مطبقة لهذا الأمر فكانت في أوج عزها ثم بدأ الأمر ينحسر شيئا فشيئا حتى وصلت إلى عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله فارتفعت و علت و أجمع المؤرخون على انه لم يكن في زمنه من يستحق الزكاة حتى عده العلماء خامس الخلفاء الراشدين و كذا كان الوضع في عهد نور الدين محمود زنكي رحمه الله ثم في عهد محمد الفاتح و هكذا تمر الأمة بين صعود و هبوط .. و الصعود و الهبوط يكون بالتزام الحكام بهذه الركائز .
خاتمة مبكية : الأمة كان لديها أمران مهمان لم تفقدهما منذ ولاية أبي بكر حتى سقوط الدولة العثمانية أولهما : اتحاد الأمة تحت خليفة واحد و ثانيهما : تحكيم الشريعة الاسلامية في جميع أمور الأمة ، وما وصلت الأمة إلى هذا التشرذم و التفكك و الانحطاط إلا لفقدان هذين الأمرين فهما من الركائز التي لا مجال للنقاش فيها و لا مجال لانعدامها في الأمة لذا لم أناقشها ولم أدرجها ضمن الركائز التي يقوم عليها الحكم الاسلامي .
مقالي القادم إن شاء الله عن أصول السياسة المتمسحة بالدين و ما أدت إليه .. أسأل الله التوفيق .