أبو يوسف محمد يوسف رشيد
:: متفاعل ::
- إنضم
- 14 نوفمبر 2009
- المشاركات
- 350
- التخصص
- الفقه والأصول والبحث القرآني
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- الحنفي
[font="]بسم الله الرحمن الرحيم[/font]
[font="]الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، لك الحمد ربنا كما ينبغي لجلال وجه ولعظيم سلطانك، نحمدك ربنا لا نحصي ثناء عليك، أنت كما اثنيت على نفسك، وصل اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.[/font]
[font="]أما بعد..[/font]
[font="]فإن فقهاء الأمة غير المبتورين، من تناقلوا الدين بالأسانيد والأجيال المتواليين، فقهاء المذاهب الأربعة، لما رسموا المناهج التي يتلقى الطلاب من خلالها فروعهم، لم يكن ذلك اتفاقا غيرمقصود، وإنما هو منهج لفقهاء بالنفس والآخرة، قبل أن يكونوا فقهاء بالفروع والمسائل، فما الفروع والمسائل مجردة إلا مدخلات وبيانات تتفق للتقي، والفاسق، والكافر، وإنما فقه الآخرة، وفقه النفس ورياضتها وفق أصول علم الآخرة، هي ما يثقل الفروع، وكما يقول المثل الشامي (الحجر بمكانه قنطار) وإن الفروع الفقهية لو نزعت من مكانها في علم الآخرة وأدرجت في علوم المسائل المجردة، خفت، وخفت، وخفت، حتى صارت هباء منثورا.[/font]
[font="]ومن فقه الفقهاء أن وضعوا الشيء في مكانه، فعلموا ما يصح به قلب المبتدي وما يفسده، فرسموا رسمه، ووضعوا متنه، وألزموا الطالب إلزاما لا يتعداه، فإن صبر نال مبتغاه، وإن تعجل وفتّش تاه.[/font]
[font="]وقد بزّ قلم الغزالي في بيان الغرض، وفضح المرض، فشرح المسألة بكلام لا يعترض، فكأنه تحيّن، ثم علل وبيّن، فوافق مشرطه الداء، وفي الله الرجاء، بتمام الهداية والشفاء.[/font]
[font="]يذكر رحمه الله من وظيفة المتعلم : [/font]
[font="]أن يحترز الخائض في العلم في مبدأ الأمر عن الإصغاء إلى اختلاف الناس سواء كان ما خاض فيه من علوم الدنيا أو من علوم الآخرة فإن ذلك يدهش عقله ويحير ذهنه ويفتر رأيه ويؤيسه عن الإدراك والاطلاع بل ينبغي أن يتقن أولا الطريق الحميدة الواحدة المرضية عند أستاذه ثم بعد ذلك يصغي إلى المذاهب والشبه وإن لم يكن أستاذه مستقلا باختيار رأي واحد وإنما عادته نقل المذاهب وما قيل فيها فليحذر منه فإن إضلاله أكثر من إرشاده فلا يصلح الأعمى لقود العميان وإرشادهم ومن هذا حاله يعد في عمى الحيرة وتيه الجهل ومنع المبتدىء عن الشبه يضاهي منع الحديث العهد بالإسلام عن مخالطة الكفار وندب القوى إلى النظر في الاختلافات يضاهي حث القوى على مخالطة الكفار ولهذا يمنع الجبان عن التهجم على صف الكفار ويندب الشجاع له ومن الغفلة عن هذه الدقيقة ظن بعض الضعفاء أن الاقتداء بالأقوياء فيما ينقل عنهم من المساهلات جائز ولم يدر أن وظائف الأقوياء تخالف وظائف الضعفاء وفي ذلك قال بعضهم من رآني في البداية صار صديقا ومن رآني في النهاية صار زنديقا إذ النهاية ترد الأعمال إلى الباطن وتسكن الجوارح إلا عن رواتب الفرائض فيتراءى للناظرين أنها بطالة وكسل وإهمال وهيهات فذلك مرابطة القلب في عين الشهود والحضور وملازمة الذكر الذي هو أفضل الأعمال على الدوام وتشبه الضعيف بالقوي فيما يرى من ظاهره أنه هفوة يضاهي اعتذار من يلقى نجاسة يسيرة في كوز ماء ويتعلل بأن أضعاف هذه النجاسة قد يلقى في البحر والبحر أعظم من الكوز فما جاز للبحر فهو للكوز أجوز ولا يدري المسكين أن البحر بقوته يحيل النجاسة ماء فتنقلب عين النجاسة باستيلائه إلى صفته والقليل من النجاسة يغلب على الكوز ويحيله إلى صفته ولمثل هذا جوز للنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يجوز لغيره حتى أبيح له تسع نسوة إذ كان له من القوة ما يتعدى منه صفة العدل إلى نسائه وإن كثرن وأما غيره فلا يقدر على بعض العدل بل يتعدى ما بينهن من الضرار إليه حتى ينجر إلى معصية الله تعالى في طلبه رضاهن فما أفلح من قاس الملائكة بالحدادين. [/font]
[font="](انتهي من كتاب العلم / إحياء علوم الدين)[/font]