عبدالله حامد العفرى
:: متابع ::
- إنضم
- 21 أبريل 2010
- المشاركات
- 23
- التخصص
- هندسة
- المدينة
- دمنهور
- المذهب الفقهي
- حنفى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البدعة كلمة من احرف أربعة تعد هى بحق اكثر ما يشغل أبناء الصحوة الاسلامية فمن مضيق الى موسع الى متحدث بعدل وانصاف دون افراط او تفريط وفى خضم كل هذه المعارك العلمية
جاء هذا البحث ليضيف - برأيي المتواضع - كتبا هاما الى مكتبة الحديث فى المسألة جاء ليضيف اضافة حقسقية
سيكون حديثنا فى هذا الكتاب الرائع عن اصول المسألة لا الفروع
سيكون حديثنا هذه المرة بلغة الأصولى لا الداعية او حتى الفقيه
سيكون حديثنا هذه المرة حديثا يحمل النظرة الشمولية للعلماء وليس النظرة الجزئية للجهلاء
سيكون حديثنا هذه المرة حديثا علميا بحت
دون سب دون لعن دن تجريح
دون اتهام للمخالف فى النوايا
وبكل احترام للأئمة وعلماء الاسلام على سواءا اختلفنا معهم ام اتفقنا
ورحم الله الامام المجدد الشهيد حسن البنا اذ قال (( و الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين، و لا يؤدي إلي خصومة أو بغضاء، ولكل مجتهد أجره، و لا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله ، والتعاون علي الوصول إلي الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلي المراء المذموم و التعصب . )) أ.هــــ
وهذه مقدمة الكتاب لندرك اهمية المسالة وخطورتها
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، شهادة عالم بربوبيته ، عارف بوحدانيته .
وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، اصطفاه لوحيه وختم به أنبياءه، وجعله حجة على جميع خلقه، "ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بينة " سورة الأنفال .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلي الله عليه و سلم) : " إن الله تعالى لا ينزع العلم منكم بعد ما أعطاكموه انتزاعا ولكن يقبض العلماء ويبقى الجهال فيسألون فيفتون فيضلون ويضلون " . رواه الطبراني في الأوسط .
ولا شك أن زماننا الحاضر اتسم بقلة العلماء ومدارس العلم ، وانتشار الجهل في العلوم الشرعية ، فكثير من السنن التي كانت معروفة هجرت ، وكثير من الأحكام التي كانت من البديهيات أصبحت من البدع المحرمات وما ذاك إلا لغياب العلم والعلماء ، ولقد مرت بلاد الإسلام بعصر ازدهار علمي في جميع مجالات الحياة بلغ فيه علماء المسلمون الغاية العظمى والمثال الذي يُحتذَي فأثروا العلم والمعرفة ، وخلفوا لنا الكثير من المصنفات في جميع مجالات العلوم الشرعية والإسلامية تشبع كل طالب منها وناهل .
ونحن إذ نقوم بنشر أقوالهم في بعض مسائل العلم لا ندعي زيادة علم أو اتساع فهم بل نحن (ويعلم) الله مجرد نقلة وعالة على موائد السابقين رضي الله عنهم وأرضاهم .
البدعة ذلك المبنى الصغير للمدلول الكبير ، أدرك رسمَه العلماء ، وخلط فيه غيرُهم ، فحملَّوه ما ليس فيه ولا هو منه ، فما يحمله معناه الاصطلاحي يشوبونه بشائبة معناه اللّغوي ، وما كان في معناه اللّغوي ربما حملوه على الاصطلاحي وهكذا …
فلم يتنازع المسلمون قديماً ولا حديثاً في كون البدعة في الدين محرمة مذمومة.
وإنما وقع النزاع في الأعمال المعينة: هل تُعتبر بدعة، أو أنها صحيحة مشروعة، ومنشأُ هذا النزاع عدمُ اعتبار القواعد والضوابط.
وإذا ضاعت الأصول وقع الاضطراب في الحكم على القضايا المعينة؛ فترى الناس يفرقون بين المتماثلات، ويجمعون بين المتناقضات، فإن كثيراً من تنازع الناس إنما هو بين مألوف ومألوف؛ لا بين اجتهادين معتبرين.
ويضيع التحقيق العلمي بين أقدام وجلبة المتعصبين فيصير الأمر أشبه بتنازع السوقة والدهماء؛ لا أهل الفقه والعلماء.
وتسببوا في اضطراب الناس فيما تدخله البدعة وما لا تدخله، أو ما هو محل جريانها ؟، و خاض بعض من لا فقه عنده في مسألة البدعة، وقد أبان تشنجه عند الحديث عنها مدى سطحية الفكر وضحالة المعالجة، التي صارت منهج من ابتلي بهم زماننا ممن يخوضون في أمور الدين، والذين لا يملكون من مقومات الخوض فيها إلا مجرد حيازة بعض كتب السلف، دون معرفة بما تشتمل عليه أو تبصر بكيفية الإبحار فيها، والذين يمثلون معاول هدم للإسلام من داخله، والذين منعوا بضيق أفقهم وجهلهم بسطاء الناس عن فهم صحيح الدين.
و مسألة "البدعة" مسألة شديدة الأهمية , عظيمة الخطر, فهى مظهر من مظاهر تسربالهوى والتخليط إلى ديباجة الشريعة النقية, وصفحتها البيضاء , وبقدر وجوب الاهتمامبدفعها ودحضها , يجب الاهتمام بفهم معناها والتدقيق فى حدّها وتوصيفها وبيانها حتىلا تلتبس بسواها..
فالحدّ الفاصل بين ما أباحه لنا الشارع سبحانه وجعله عفوامباحا , وبين ما حظر اقترافه وحرّم اعتناقه من دواخل الهوى والتحريف حد دقيق, إذالم يحرره "المجتهد" الناظر فى النوازل والمستجدات وقع فى تخليط كبير أحل فيه حراماوحرم فيه حلالا, وحادّ أناسا وسالم غيرهم على غير بصيرة ولا هدى من الله تعالى ..
وقد قرّر العلماء أن الحوادث والنوازل غير متناهية, وأن نصوص الشريعة مضبوطةمحدودة, فلابد إذن من تغطية ما يستجد من أمور بإلحاقه بالنصّ الملائم له , الذىيعرّفنا حكم الله تعالى فيه, أو أن نجتهد فى نسبته إلى أقرب ضوابط الشريعة إليه إذاما اتفقت العلّة وانتفت الفوارق ..
وعلى هذا ينجلى الحال عن:
1- أمور منصوصعليها.
2- أمور ملحقة بالمنصوص.
3- أمور مسكوت عنها وهى عفو كما نص المعصوم - صلى الله عليه وسلم.
والحاصل من كل ذلك أن الغور عميق والأمر دقيق لا يتكلم فيهإلا أهله ولا يسلّم قياده إلا لذويه, ممن تفرغوا لدراسة علوم الشريعة وفهمها زماناومارسوا الفتوى واختلطت علوم الاستنباط بلحمهم ودمهم.
فإذا تبين لنا عمق الأمرودقته عرفنا مدى خطورة ما استجدّ فى أيامنا من إثارة هوجاء لمسائل دقيقة , وأخرىمسكوت عنها أمرها محمول-أصلا- على السعة والتيسير.
وقد قال ابن تيمية فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيها فيما يأمر به , فقيها فيما ينهى عنه.
ويجب أن ننبه على كلمة عبادة لأن ما لا يدخل في العبادة لا يدخل في البدعة.
وهذه إشكالية عند المولعين بالتبديع يضعون العادات في مصاف العبادات ثم يدخلونها في أبواب البدعة، ويحكمون على الخلق بالبدعة والضلال.
إن الصحوة الإسلامية في هذا العصر بحاجة ضرورية إلى تضييق معنى البدعة والاقتصار على الكتاب والسنة ومفهوم الصحابة - رضي الله عنهم - وليس التبديع بأقوال كل من هبّ ودبّ.
لأن كثيراً من معالم البدعة التي نسمع عنها ونجدها ما هي إلا قضايا اجتهادية جاءت من رؤى وآراء مختلفة تستحق المراجعة والتمحيص.
لأن العلماء الذين جاءوا بها لم يجمعوا على كثير منها، ولأن كلاً منهم ينطلق من قواعد تختلف عن الآخر.
وكل عالم له تصور عن البدعة فهذا مضيق في منهج البدعة وذاك موسع وهذا متسرع متشدّد وذاك متأن معتدل وغيره بطيء متساهل.
من أجل ذلك فليس كل من حكم على اعتقاد أو عمل بالبدعة نجعله حجة على الخلق، ولا يصح أن نجعل عالماً من العلماء أو إماماً من الأئمة ميزاناً لباقي الأمة كلها.
ومن أخطاء الصحوة أن كل قطاع منها يتخذ إماماً من الأئمة ليقيس الأمة كلها عليه ومن خرج عنه فهو على خطر عظيم،
فالإمام الغزالي له أتباع، والإمام ابن رشد له أتباع، والإمام ابن حزم له أتباع، والإمام الجيلاني له أتباع، والإمام ابن تيمية له أتباع، والإمام ابن حجر له أتباع، وغير هؤلاء لهم أتباع رضي الله عنهم جميعاً.
الحل الوحيد هو أن يقاس كل هؤلاء على الكتاب والسنة فإن اختلفت أفهامنا للكتاب والسنة فلنرجع إلى السواد الأعظم وما أجمعت عليه الأمة في القرون الثلاثة فإن تعذّر الإجماع والسواد الأعظم، فليس لإمام فضل على إمام ويدخل الجميع في باب الاجتهاد المغفور والمأجور.
وكعادتنا في بحوثنا نلقي الضوء على ما خفي في المسألة مكتفين بنقل أقوال الأئمة أهل الاختصاص.
وحسبنا أن نبين الرأيَ الآخرَ والذي في الغالب ما يكون إجماعاً أو قول الجمهور .
قال تعالى : ( ولا تقولن لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون).
تعتبر البدعة من المعاصي الكبيرة التي نصَّ على حرمتها الكتاب الكريم وسُنّة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهي ضلالة تؤدي بصاحبها إلى سواء الجحيم .
ذلك لاَن المبتدع في الدين مفترٍ على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذَّب بآياته إنّه لا يفلح الظالمون ) .
ولأنه يسوق الاُمّة وفقاً لاَهوائه إلى سبيل منحرف ينتهي إلى الفرقة والتناحر والاقتتال ، بدلاً عن السبيل السوي الذي اختاره تعالى لسعادة البشرية (وان هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) .
لذا نرى من الواجب المناط بأهل العلم والمعرفة رسم الصورة الحقيقية للسُنّة المباركة وتخليصها من كلِّ دخيل وتمحيصها من الابتداع والإحداث في الدين بالعرض على الكتاب والسُنّة ، دون ان يكون لدواعي الهوى أثر في اعتبارات البدعة ومواردها المختلفة .
وللأسف نرى أن أغلب من يتصدىللكلام فيها أناس لا علم عندهم, وليس لهم فى فهم علوم الاستنباط سوابق , فدخل فىالأمر من ليس له أهل, وكثر الترامى بالابتداع وأثيرت عواصف التفسيق, وألقيت هناوهناك الاتهامات التى ليس وراءها إلا قلّة العلم, والمسارعة إلى التهجم, والولوج فىمضايق يحجم عن الدخول فيها الراسخون فى العلم تهيّبا لها وإعظاما..
وعلى كلّ فإنالدعوة قائمة وملحة على وجوب تحاشى الكبار والصغار, والدارسين والأغرار عن الإدلاءفى أمور إذا لم تعالج بالنظر العلمى المحرّر الهادئ أثمرت عن فرقة ومحادّةوشقاق.
ونحن اليوم إذ نعيش حالة من الفوضى الفكرية واختلاط المعالم وتداخلالفهوم والأبحاث وتناقض التحرير فى العلوم فسأحاول بعون الله وقدرتهأن أوضح الصواب فى مسألة البدعة وأنواعها مستعينا فى ذلك بعد ربىسبحانه بما جادت به قرائح علماء الأمة الأفاضل من السلف والخلف المشهود لهمبالإمامة فى الدين ..
وينبغى للفقيه أن ينتبه أن المسائل الخلافية فى الأحكام ما بين مانع ومجيز ليست محلاّ للإرغام بالقوة ولا التشهير بها ولا الزّجر عليها.
والله تعالى نسأل الهدايةوالتوفيق , ونعتصم به من الغواية والزلل.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد ..
البدعة كلمة من احرف أربعة تعد هى بحق اكثر ما يشغل أبناء الصحوة الاسلامية فمن مضيق الى موسع الى متحدث بعدل وانصاف دون افراط او تفريط وفى خضم كل هذه المعارك العلمية
جاء هذا البحث ليضيف - برأيي المتواضع - كتبا هاما الى مكتبة الحديث فى المسألة جاء ليضيف اضافة حقسقية
سيكون حديثنا فى هذا الكتاب الرائع عن اصول المسألة لا الفروع
سيكون حديثنا هذه المرة بلغة الأصولى لا الداعية او حتى الفقيه
سيكون حديثنا هذه المرة حديثا يحمل النظرة الشمولية للعلماء وليس النظرة الجزئية للجهلاء
سيكون حديثنا هذه المرة حديثا علميا بحت
دون سب دون لعن دن تجريح
دون اتهام للمخالف فى النوايا
وبكل احترام للأئمة وعلماء الاسلام على سواءا اختلفنا معهم ام اتفقنا
ورحم الله الامام المجدد الشهيد حسن البنا اذ قال (( و الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين، و لا يؤدي إلي خصومة أو بغضاء، ولكل مجتهد أجره، و لا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله ، والتعاون علي الوصول إلي الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلي المراء المذموم و التعصب . )) أ.هــــ
وهذه مقدمة الكتاب لندرك اهمية المسالة وخطورتها
مقدمة الكتاب
الحمد لله الأول القديم، الواحد الجليل، الذي ليس له شبيه ولا نظير، أحمده حمداً يوافي نعمه ويبلغ مدى نعمائه.
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، شهادة عالم بربوبيته ، عارف بوحدانيته .
وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، اصطفاه لوحيه وختم به أنبياءه، وجعله حجة على جميع خلقه، "ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بينة " سورة الأنفال .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلي الله عليه و سلم) : " إن الله تعالى لا ينزع العلم منكم بعد ما أعطاكموه انتزاعا ولكن يقبض العلماء ويبقى الجهال فيسألون فيفتون فيضلون ويضلون " . رواه الطبراني في الأوسط .
ولا شك أن زماننا الحاضر اتسم بقلة العلماء ومدارس العلم ، وانتشار الجهل في العلوم الشرعية ، فكثير من السنن التي كانت معروفة هجرت ، وكثير من الأحكام التي كانت من البديهيات أصبحت من البدع المحرمات وما ذاك إلا لغياب العلم والعلماء ، ولقد مرت بلاد الإسلام بعصر ازدهار علمي في جميع مجالات الحياة بلغ فيه علماء المسلمون الغاية العظمى والمثال الذي يُحتذَي فأثروا العلم والمعرفة ، وخلفوا لنا الكثير من المصنفات في جميع مجالات العلوم الشرعية والإسلامية تشبع كل طالب منها وناهل .
ونحن إذ نقوم بنشر أقوالهم في بعض مسائل العلم لا ندعي زيادة علم أو اتساع فهم بل نحن (ويعلم) الله مجرد نقلة وعالة على موائد السابقين رضي الله عنهم وأرضاهم .
البدعة ذلك المبنى الصغير للمدلول الكبير ، أدرك رسمَه العلماء ، وخلط فيه غيرُهم ، فحملَّوه ما ليس فيه ولا هو منه ، فما يحمله معناه الاصطلاحي يشوبونه بشائبة معناه اللّغوي ، وما كان في معناه اللّغوي ربما حملوه على الاصطلاحي وهكذا …
فلم يتنازع المسلمون قديماً ولا حديثاً في كون البدعة في الدين محرمة مذمومة.
وإنما وقع النزاع في الأعمال المعينة: هل تُعتبر بدعة، أو أنها صحيحة مشروعة، ومنشأُ هذا النزاع عدمُ اعتبار القواعد والضوابط.
وإذا ضاعت الأصول وقع الاضطراب في الحكم على القضايا المعينة؛ فترى الناس يفرقون بين المتماثلات، ويجمعون بين المتناقضات، فإن كثيراً من تنازع الناس إنما هو بين مألوف ومألوف؛ لا بين اجتهادين معتبرين.
ويضيع التحقيق العلمي بين أقدام وجلبة المتعصبين فيصير الأمر أشبه بتنازع السوقة والدهماء؛ لا أهل الفقه والعلماء.
وتسببوا في اضطراب الناس فيما تدخله البدعة وما لا تدخله، أو ما هو محل جريانها ؟، و خاض بعض من لا فقه عنده في مسألة البدعة، وقد أبان تشنجه عند الحديث عنها مدى سطحية الفكر وضحالة المعالجة، التي صارت منهج من ابتلي بهم زماننا ممن يخوضون في أمور الدين، والذين لا يملكون من مقومات الخوض فيها إلا مجرد حيازة بعض كتب السلف، دون معرفة بما تشتمل عليه أو تبصر بكيفية الإبحار فيها، والذين يمثلون معاول هدم للإسلام من داخله، والذين منعوا بضيق أفقهم وجهلهم بسطاء الناس عن فهم صحيح الدين.
و مسألة "البدعة" مسألة شديدة الأهمية , عظيمة الخطر, فهى مظهر من مظاهر تسربالهوى والتخليط إلى ديباجة الشريعة النقية, وصفحتها البيضاء , وبقدر وجوب الاهتمامبدفعها ودحضها , يجب الاهتمام بفهم معناها والتدقيق فى حدّها وتوصيفها وبيانها حتىلا تلتبس بسواها..
فالحدّ الفاصل بين ما أباحه لنا الشارع سبحانه وجعله عفوامباحا , وبين ما حظر اقترافه وحرّم اعتناقه من دواخل الهوى والتحريف حد دقيق, إذالم يحرره "المجتهد" الناظر فى النوازل والمستجدات وقع فى تخليط كبير أحل فيه حراماوحرم فيه حلالا, وحادّ أناسا وسالم غيرهم على غير بصيرة ولا هدى من الله تعالى ..
وقد قرّر العلماء أن الحوادث والنوازل غير متناهية, وأن نصوص الشريعة مضبوطةمحدودة, فلابد إذن من تغطية ما يستجد من أمور بإلحاقه بالنصّ الملائم له , الذىيعرّفنا حكم الله تعالى فيه, أو أن نجتهد فى نسبته إلى أقرب ضوابط الشريعة إليه إذاما اتفقت العلّة وانتفت الفوارق ..
وعلى هذا ينجلى الحال عن:
1- أمور منصوصعليها.
2- أمور ملحقة بالمنصوص.
3- أمور مسكوت عنها وهى عفو كما نص المعصوم - صلى الله عليه وسلم.
والحاصل من كل ذلك أن الغور عميق والأمر دقيق لا يتكلم فيهإلا أهله ولا يسلّم قياده إلا لذويه, ممن تفرغوا لدراسة علوم الشريعة وفهمها زماناومارسوا الفتوى واختلطت علوم الاستنباط بلحمهم ودمهم.
فإذا تبين لنا عمق الأمرودقته عرفنا مدى خطورة ما استجدّ فى أيامنا من إثارة هوجاء لمسائل دقيقة , وأخرىمسكوت عنها أمرها محمول-أصلا- على السعة والتيسير.
وقد قال ابن تيمية فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر: لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيها فيما يأمر به , فقيها فيما ينهى عنه.
ويجب أن ننبه على كلمة عبادة لأن ما لا يدخل في العبادة لا يدخل في البدعة.
وهذه إشكالية عند المولعين بالتبديع يضعون العادات في مصاف العبادات ثم يدخلونها في أبواب البدعة، ويحكمون على الخلق بالبدعة والضلال.
إن الصحوة الإسلامية في هذا العصر بحاجة ضرورية إلى تضييق معنى البدعة والاقتصار على الكتاب والسنة ومفهوم الصحابة - رضي الله عنهم - وليس التبديع بأقوال كل من هبّ ودبّ.
لأن كثيراً من معالم البدعة التي نسمع عنها ونجدها ما هي إلا قضايا اجتهادية جاءت من رؤى وآراء مختلفة تستحق المراجعة والتمحيص.
لأن العلماء الذين جاءوا بها لم يجمعوا على كثير منها، ولأن كلاً منهم ينطلق من قواعد تختلف عن الآخر.
وكل عالم له تصور عن البدعة فهذا مضيق في منهج البدعة وذاك موسع وهذا متسرع متشدّد وذاك متأن معتدل وغيره بطيء متساهل.
من أجل ذلك فليس كل من حكم على اعتقاد أو عمل بالبدعة نجعله حجة على الخلق، ولا يصح أن نجعل عالماً من العلماء أو إماماً من الأئمة ميزاناً لباقي الأمة كلها.
ومن أخطاء الصحوة أن كل قطاع منها يتخذ إماماً من الأئمة ليقيس الأمة كلها عليه ومن خرج عنه فهو على خطر عظيم،
فالإمام الغزالي له أتباع، والإمام ابن رشد له أتباع، والإمام ابن حزم له أتباع، والإمام الجيلاني له أتباع، والإمام ابن تيمية له أتباع، والإمام ابن حجر له أتباع، وغير هؤلاء لهم أتباع رضي الله عنهم جميعاً.
الحل الوحيد هو أن يقاس كل هؤلاء على الكتاب والسنة فإن اختلفت أفهامنا للكتاب والسنة فلنرجع إلى السواد الأعظم وما أجمعت عليه الأمة في القرون الثلاثة فإن تعذّر الإجماع والسواد الأعظم، فليس لإمام فضل على إمام ويدخل الجميع في باب الاجتهاد المغفور والمأجور.
وكعادتنا في بحوثنا نلقي الضوء على ما خفي في المسألة مكتفين بنقل أقوال الأئمة أهل الاختصاص.
وحسبنا أن نبين الرأيَ الآخرَ والذي في الغالب ما يكون إجماعاً أو قول الجمهور .
قال تعالى : ( ولا تقولن لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون).
تعتبر البدعة من المعاصي الكبيرة التي نصَّ على حرمتها الكتاب الكريم وسُنّة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهي ضلالة تؤدي بصاحبها إلى سواء الجحيم .
ذلك لاَن المبتدع في الدين مفترٍ على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذَّب بآياته إنّه لا يفلح الظالمون ) .
ولأنه يسوق الاُمّة وفقاً لاَهوائه إلى سبيل منحرف ينتهي إلى الفرقة والتناحر والاقتتال ، بدلاً عن السبيل السوي الذي اختاره تعالى لسعادة البشرية (وان هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) .
لذا نرى من الواجب المناط بأهل العلم والمعرفة رسم الصورة الحقيقية للسُنّة المباركة وتخليصها من كلِّ دخيل وتمحيصها من الابتداع والإحداث في الدين بالعرض على الكتاب والسُنّة ، دون ان يكون لدواعي الهوى أثر في اعتبارات البدعة ومواردها المختلفة .
وللأسف نرى أن أغلب من يتصدىللكلام فيها أناس لا علم عندهم, وليس لهم فى فهم علوم الاستنباط سوابق , فدخل فىالأمر من ليس له أهل, وكثر الترامى بالابتداع وأثيرت عواصف التفسيق, وألقيت هناوهناك الاتهامات التى ليس وراءها إلا قلّة العلم, والمسارعة إلى التهجم, والولوج فىمضايق يحجم عن الدخول فيها الراسخون فى العلم تهيّبا لها وإعظاما..
وعلى كلّ فإنالدعوة قائمة وملحة على وجوب تحاشى الكبار والصغار, والدارسين والأغرار عن الإدلاءفى أمور إذا لم تعالج بالنظر العلمى المحرّر الهادئ أثمرت عن فرقة ومحادّةوشقاق.
ونحن اليوم إذ نعيش حالة من الفوضى الفكرية واختلاط المعالم وتداخلالفهوم والأبحاث وتناقض التحرير فى العلوم فسأحاول بعون الله وقدرتهأن أوضح الصواب فى مسألة البدعة وأنواعها مستعينا فى ذلك بعد ربىسبحانه بما جادت به قرائح علماء الأمة الأفاضل من السلف والخلف المشهود لهمبالإمامة فى الدين ..
وينبغى للفقيه أن ينتبه أن المسائل الخلافية فى الأحكام ما بين مانع ومجيز ليست محلاّ للإرغام بالقوة ولا التشهير بها ولا الزّجر عليها.
والله تعالى نسأل الهدايةوالتوفيق , ونعتصم به من الغواية والزلل.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد ..