العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مسألة ائتمام المسافر بالمقيم

إنضم
1 سبتمبر 2008
المشاركات
111
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
الإمام أحمد بن حنبل

لا يخلو حال المسافر في هذه المسألة من أمرين:
-
أن يبتدئ الصلاة مع المقيم، وفي هذه الحالة وقع خلاف يسير:
القول الأول: يجب عليه الإتمام، وهو قول الأئمة الأربعة، وأكثر العلماء، وحكاه الشافعي وابن عبد البر إجماعاً.
واستدلوا بما يأتي:
1. عن موسى بن سلمة قال: كنا مع بن عباس بمكة فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين. قال: تلك سنة أبى القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد، وصححه الألباني، وحسنه الأرناؤوط.
2. وفي رواية له: سئل ابن عباس ط: ما بال المسافر إذا صلى وحده صلى ركعتين -يعني قصر- وإذا صلى خلف إمام يتم أتم؟! قال: تلك السنة.
3. روى مسلم عن نافع قال: كان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلاها أربعاً، وإذا صلَّى وحده صَلاَّها ركعتين.
4. وما رواه مالك عن نافع أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته .
القول الثاني: يجب عليه القصر، وهو قول ابن حزم.
واستدل بما يأتي:
1. أن الواجب في حق المسافر القصر يستوي في ذلك المنفرد والمأموم والإمام.
2. قياساً على المقيم إذا صلى خلف المسافر فإنه يجب عليه الإتمام ولا يجوز له القصر لأن فرضه الإتمام، فكذلك المسافر إذا صلى خلف المقيم يجب عليه الإتمام؛ لأن فرضه القصر.
القول الثالث: يجوز له القصر، وهو قول إسحاق،
واستدل بنحو الدليل الثاني للقول الثاني.

-
أن يأتم المسافر بالمقيم في أثناء الصلاة، فلا يخلو الأمر من حالين:
o أن يدرك معه ركعة فأكثر فالحكم فيه على نحو الأقوال السابقة.
o أن يدرك معه أقل من ركعة، فوقع الخلاف فيه بين القائلين بوجوب الإتمام على قولين:
القول الأول: يجب الإتمام، وهو قول الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
القول الثاني: يجوز له القصر، وهو قول المالكية.
ولم أر من استدل لأحد القولين في هذه المسألة بخصوصها، ويمكن أن يستدل لأصحاب القول الأول بما استدلوا به سابقاً.
وهذه المسألة مبنية -والله أعلم- على مسألة ما تدرك به الجماعة فالجمهور على أن الجماعة تدرك بإدراك أي جزء من الصلاة، بخلاف المالكية فهم يرون أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة من الصلاة، والترجيح في هذه المسألة ينبني عليه الترجيح في مسألتنا.

تنبيه: هذا التفصيل – أي ما إذا ائتم المسافر بالمقيم أثناء الصلاة- مخصوص بما إذا كان المسافر يعلم أو يغلب على ظنه أن الإمام مقيم كما لو كان قد صلى في مسجد للحاضرة، أما إذا علم أنه مسافر أو غلب على ظنه ذلك كما لو كان قد صلى في مسجد يصلي فيه المسافرون غالباً أو شك في ذلك فإنه يجوز له القصر؛ لأن الأصل في حق المسافر القصر، ولا صارف لهذا الأصل. والله أعلم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بارك الله ونفع بكم، وجعلكم قرة عين لأمتكم.
قيدت تعليقات يسيرة في الاقتباس فلعلها تضيف شيئا في المسألة.

لا يخلو حال المسافر في هذه المسألة من أمرين:
- أن يبتدئ الصلاة مع المقيم، وفي هذه الحالة وقع خلاف يسير:
القول الأول: يجب عليه الإتمام، وهو قول الأئمة الأربعة، وأكثر العلماء، وحكاه الشافعي وابن عبد البر إجماعاً.

ولك أن تقول:
هو إجماع عامة الفقهاء، وفي طليعتهم صحابة رسول الله صلى الله وسلم، ومنهم الموجبون للقصر، وعليه انعقدت مذاهب الفقهاء الأربعة.

ونوقش هذا الإجماع:
بخلاف إسحاق وابن حزم، وإليه ميل ابن المنذر، وقد غلَّط بدوره مدعي الإجماع في المسألة، ومنع آخرون أصل اقتداء المسافر بالقيم للمخالفة في العدد والنية، منهم الشعبي وطاووس وداود.

قلت: قول إسحاق ومن بعده ابن حزم مسبوق بالإجماع القديم، وإن أشهر القائلين بوجوب القصر هم جماعة من الصحابة رضوان الله عنهم، الذي جاء عنهم التشديد في القصر، ومع ذلك رأوا أن المسافر لو صلى وراء مقيم فإنه يتم معه، ومنهم من أضاف الإتمام إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم.









القول الثاني: يجب عليه القصر، وهو قول ابن حزم.
واستدل بما يأتي:
1. أن الواجب في حق المسافر القصر يستوي في ذلك المنفرد والمأموم والإمام.
2. قياساً على المقيم إذا صلى خلف المسافر فإنه يجب عليه الإتمام ولا يجوز له القصر لأن فرضه الإتمام، فكذلك المسافر إذا صلى خلف المقيم يجب عليه الإتمام؛ لأن فرضه القصر.
القول الثالث: يجوز له القصر، وهو قول إسحاق، واستدل بنحو الدليل الثاني للقول الثاني.

يبدو أن إسحاق يقول بوجوب القصر لا الجواز.
يقول ابن المنذر في الأوسط 4/392:
قال إسحاق في المسافر يدخل في صلاة المقيم وينوي صلاة نفسه: يصلي ركعتين ويجليس ويسلم ويخرج، وإن أدرك المقيم جالسا في آخر صلاته فعليه صلاة المسافر.
قال ابن المنذر: فمن ادعى الإجماع في المسافر يدخل في صلاة المقيم مع ما ذكرناه من الاختلاف فهو قليل المعرفة بالإجماع والاختلاف في هذه المسألة.

فإن كانت لديكم نقول أخرى عن إسحاق فآمل إفادتي، بارك الله فيكم، ونفع بكم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هذا نقل مفصل عن إسحاق يؤيد أن رأيه هو التخيير بين القصر والإتمام إذا أدرك الصلاة من أولها، وبهذا يكون المخالف الوحيد في المسألة هو ابن حزم الظاهري، أما ابن المنذر فلم يصرح برأيه.

في مسائل إسحاق بن منصور1/252، 253:
قال إسحاق بن راهويه: كلما دخل المسافر في صلاة المقيمين فنوى أن يصلي صلاتهم لزمه ذلك، وله أن ينوي صلاة نفسه، ويدخل مع المقيم، فإذا صلى ركعتين وجلس سلم وخرج، وإن شاء تطوع معه فيما بقي.
فأما إذا أدرك المقيم جالسا في آخر صلاته فعليه صلاة المسافر لأن المقيم قد فرغ كالجمعة إذا أدركهم جلوساً.
 
إنضم
26 مارس 2009
المشاركات
753
الكنية
أبو عمر
التخصص
(LL.M) Master of Laws
المدينة
القريات
المذهب الفقهي
حنبلي
هل يجري الخلاف المذكور هنا فيما لو ائتم المسافر بمقيم يصلي ركعتين كالفجر أو ثلاث كالمغرب؟
 
إنضم
1 سبتمبر 2008
المشاركات
111
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
الإمام أحمد بن حنبل
ولك أن تقول:
هو إجماع عامة الفقهاء، وفي طليعتهم صحابة رسول الله صلى الله وسلم، ومنهم الموجبون للقصر، وعليه انعقدت مذاهب الفقهاء الأربعة.

ونوقش هذا الإجماع:
بخلاف إسحاق وابن حزم، وإليه ميل ابن المنذر، وقد غلَّط بدوره مدعي الإجماع في المسألة، ومنع آخرون أصل اقتداء المسافر بالقيم للمخالفة في العدد والنية، منهم الشعبي وطاووس وداود.

قلت: قول إسحاق ومن بعده ابن حزم مسبوق بالإجماع القديم، وإن أشهر القائلين بوجوب القصر هم جماعة من الصحابة رضوان الله عنهم، الذي جاء عنهم التشديد في القصر، ومع ذلك رأوا أن المسافر لو صلى وراء مقيم فإنه يتم معه، ومنهم من أضاف الإتمام إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم.




بارك الله فيكم شيخي الكريم، ووفقكم.

الذي يظهر أن حكاية الإجماع في هذه المسألة من جهة كونه دليلاً محل نظر؛ لوجود الخلاف عند أئمة السلف ممن سبق من حكى الإجماع، كالشعبي وطاوس وتميم بن حذلم وهؤلاء ممن أدركوا بعض الصحابة.



هذا نقل مفصل عن إسحاق يؤيد أن رأيه هو التخيير بين القصر والإتمام إذا أدرك الصلاة من أولها، وبهذا يكون المخالف الوحيد في المسألة هو ابن حزم الظاهري، أما ابن المنذر فلم يصرح برأيه.

الخلاف ثابت في مسألة ابتداء الصلاة ومن أدرك ركعة فأكثر عن غير ابن حزم.
لكن السؤال هنا: هل يمكن أن يفرق بين من ابتدأ الصلاة وبين من أدرك بعض الصلاة؟
فابن المنذر يقول حكاية لقول طاوس وتميم والنخعي: وفيه قول ثالث: في المسافر يدرك من صلاة المقيم ركعتين تجزئانه. هكذا قال طاوس، وبه قال النخعي وتميم بن حزلم. (والصحيح: حذلم)
ويقول قبل هذا: وقالت طائفة إذا أدرك المسافر بعض صلاة المقيمين صلى بصلاتهم، وإن أدركهم جلوساً صلى ركعتين، هذا قول الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والزهري، وقتادة.
والنووي يقول حكاية لقول إسحاق: وقال إسحاق بن راهويه: له القصر خلف المتم بكل حال.
والأثر الوارد عن ابن عمر هو فيمن أدرك بعض الصلاة، والأثر الوارد عن ابن عباس يفهم منه العموم (إذا دخل المسافر في صلاة المقيمين صلى بصلاتهم)



هل يجري الخلاف المذكور هنا فيما لو ائتم المسافر بمقيم يصلي ركعتين كالفجر أو ثلاث كالمغرب؟

قال النووي: (ولو نوى الظهر مقصورة خلف من يصلي العصر مقصورة جاز له القصر بلا خلاف لأنه لم يقتد بمتم , ولو نوى الظهر مقصورة خلف من يقضي الصبح فثلاثة أوجه ( أصحها ) باتفاقهم لا يجوز القصر , وبه قطع الشيخ أبو حامد والبندنيجي والقاضي أبو الطيب والأكثرون لأنه مؤتم بمتم ( والثاني ) يجوز لاتفاقهما في العدد , حكاه البغوي وغيره ( والثالث ) : إن كان الإمام مسافرا فللمأموم القصر وإلا فلا , وبهذا قطع المتولي وهو ضعيف جدا , لأن الصبح لا يختلف المسافر والمقيم فيها ولو نوى الظهر مقصورة خلف الجمعة - مسافرا كان إمامها أو مقيما - فطريقان ( المذهب ) وهو نصه في الإملاء - وبه قطع المصنف والأكثرون : لا يجوز القصر لأنه مؤتم بمتم ( والثاني ) : إن قلنا : هي ظهر مقصورة جاز القصر , كالظهر مقصورة خلف عصر مقصورة , وإلا فهي كالصبح , وممن حكى هذا الطريق البغوي والرافعي , ولو نوى الظهر خلف من يصلي المغرب في الحضر أو السفر لم يجز القصر بلا خلاف , ذكره البغوي وغيره )

 
إنضم
1 سبتمبر 2008
المشاركات
111
التخصص
فقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
الإمام أحمد بن حنبل
ويمكن أن تقسم هذه المسائل (توضيحاً لها فقط) إلى ما يأتي:
1. اتفاق المسافر والمتم في الصلاة كمن صلى الظهر قصراً خلف من صلاها متماً، ولها ثلاث حالات:
أ. أن يدركه في ابتداء الصلاة.
ب. أن يدركه في ركعة وأكثر.
ج. أن يدركه في التشهد.
2. اختلاف المسافر والمتم في الصلاة، ولها حالان:
أ. أن يستوي في أحد الصلاتين السفر والحضر، وهذه لها حالتان أيضاً:
- أن تتفق الصلاتان في عدد الركعات كمن صلى الظهر قصراً خلف من صلى الصبح.
- أن تختلفا في عدد الركعات كمن صلى الظهر قصراً خلف من صلى المغرب.
ب. ألا يستوي فيهما السفر والحضر كمن صلى الظهر قصراً خلف من صلى العصر متماً.

 
أعلى