طارق عبد المنعم عبد العظيم
:: مشارك ::
- إنضم
- 29 أبريل 2010
- المشاركات
- 201
- التخصص
- هندسة ميكاترونيات
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- الشافعي
منقول من موقع ملتقى أهل الحديث بقلم الأخ أمجد الفلسطيني:
الحمد لله وحده...هذا نقل اعترضني البارحة فوقفت عنده طويلا لنفاسته
قال شيخ الحرمين أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكَرَجي في كتابه الذي سماه " الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول " وكان من أئمة الشافعية :" ...فإن قيل: فهلا اقتصرتم إذا على النقل عمن شاع مذهبه وانتُحل اختياره من أصحاب الحديث وهم الأئمة: الشافعي ومالك والثوري وأحمد إذ لا نرى أحدا ينتحل مذهب الأوزاعي والليث وسائرهم؟. قلنا : لأن من ذكرناه من الأئمة - سوى هؤلاء - أرباب المذاهب في الجملة إذ كانوا قدوة في عصرهم ثم اندرجت مذاهبهم الآخرة تحت مذاهب الأئمة المعتبرة . وذلك أن ابن عيينة كان قدوة ولكن لم يصنف في الذي كان يختاره من الأحكام وإنما صنف أصحابه وهم الشافعي وأحمد وإسحاق فاندرج مذهبه تحت مذاهبهم . وأما الليث بن سعد فلم يقم أصحابه بمذهبه قال الشافعي: " لم يرزق الأصحاب " إلا أن قوله يوافق قول مالك أو قول الثوري لا يخطئهما فاندرج مذهبه تحت مذهبهما . وأما الأوزاعي فلا نرى له في أعم المسائل قولا إلا ويوافق قول مالك أو قول الثوري أو قول الشافعي فاندرج اختياره أيضا تحت اختيار هؤلاء. وكذلك اختيار إسحاق يندرج تحت مذهب أحمد لتوافقهما . قال:" فإن قيل: فمن أين وقعت على هذا التفصيل والبيان في اندراج مذاهب هؤلاء تحت مذاهب الأئمة ؟ قلت: من التعليقة للشيخ أبي حامد الإسفرائيني التي هي ديوان الشرائع وأم البدائع في بيان الأحكام ومذاهب العلماء الأعلام وأصول الحجج العظام في المختلف والمؤتلف. قال:" وأما اختيار أبي زرعة وأبي حاتم في الصلاة والأحكام مما قرأته وسمعته من مجموعيهما فهو موافق لقول أحمد ومندرج تحته وذلك مشهور . وأما البخاري فلم أر له اختيارا ولكن سمعت محمد بن طاهر الحافظ يقول: استنبط البخاري في الاختيارات مسائل موافقة لمذهب أحمد وإسحاق . فلهذه المعاني نقلنا عن الجماعة الذين سميناهم دون غيرهم إذ هم أرباب المذاهب في الجملة ولهم أهلية الاقتداء بهم لحيازتهم شرائط الإمامة وليس من سواهم في درجتهم وإن كانوا أئمة كبراء قد ساروا بسيرهم.ا.هـ
نقلته من مجموع فتاوى أحمد ابن تيمية رحمه اللهــــــــــــــــــــ
قلت فيه فوائد جمة أذكر بعضها وأترك بعضها للنظار
1) فيه ذكر بعض مذاهب العلماء المندثرة كابن عيينة والليث والأوزاعي دون الثوريفإما أن يكون ذلك لأنه آخرها إندثارا وأقربها تواجدا إلى عهد الكرجيأو يكون عنده غير مندثر لكثرة المنقول عنه من اختياراتهأو كان في عهده من ينتحل مذهب الثوريولعل الأول أقوى والثاني قوي يدل عليه كلامه عن مذهب الليث
(2) فيه أن المذاهب الثلاثة (مذهب مالك والشافعي وأحمد)معدودة في مذاهب أهل الحديثفيكون أتباعهما كذلك أي في المنهج الفقهيوهذا ظاهر إلا في بعض الأفراد قلة
(3) فيه أصالة المذاهب الأربعة المشهورة وأنها امتداد لفقه أئمة الإسلام المتقدمين إذ هي تمثل مجمع أراء واختيارات ومناهج أئمة الإسلام والسلف إذ كانت مذاهب غيرهم من الفقهاء مندرجة فيها مضمنة فيها كما ذكر الكرجيولم يذكر مذهب النعمان في هذا المقام من أجل أنه لم يذكره في أول كتابه مع الأئمة الذين نقل عنهم أصول الاعتقاد إذ هذا الاستطراد كان جوابا على اعتراض مبني على ذكر هؤلاء الأئمة دون غيرهمهذا ظاهر نقل شيخ الإسلام ابن تيميةلكن قال ابن كثير في طبقاته له كتاب الفصول في اعتقاد الأئمة الفحول حكى فيه عن أئمة عشرة من السلف الأئمة الأربعة وسفيان الثوري والأوزاعي وابن المبارك والليث وإسحق بن راهوية أقوالهم في أصول العقائد.ا.هـفإن لم يهم فيكون عدم ذكره في هذا المقام من أجل أن السؤال كان عن أئمة أهل الحديث وأبو حنيفة رحمه الله يصنف في أئمة أهل الرأيومذهب النعمان يندرج فيه مذهب شيوخه وأكثر أئمة العراق من تلامذة ابن مسعود إلى من دونهم مما هو معروف مشهور عند أهل العلم.
(4) فيه أن مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق يمثل مذهب ابن عيينة واختياراته إذ هم طلابه وحاملي علمه وفقهه واختياراتهوالحميدي راوية ابن عيينة وأثبت الناس فيه وأعلمهم به كان مصاحبا للشافعي وابن المديني راوية ابن عيينة وثاني أثبت الناس فيه كان مصاحبا لأحمد وإسحاقوفقه ابن عيينة _وكان مقلا من الفتوى_ من فقه مدرسة أهل الحجاز تفقه بعمرو بن دينار وغيره وعمرو بجابر وابن عباس وغيرهماولولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز كما قال الشافعيومن هذه المدرسة تخرج الشافعي في بداية أمرهوكان لها أكبر الأثر في فقه أحمد وإسحاق وإن كانت بداية إسحاق على فقه أهل العراق.
(5) فيه أن ابن عيينة لم يصنف في كتبا في الأحكام وهو كذلك قال النديم في الفهرست:"وكان فقيها مجودا ولا كتاب له يعرف وانما كان يسمع منه له تفسير معروف".ا.هـأما الجامع فهو في الحديث ولعله من جمع بعض تلامذته فليحرر.
(6) فيه أن قول الليث يوافق قول مالك والثوري لا يخطئهما يعني والله أعلم أن قوله إما أن يوافق قول مالك أو الثوري لا يخرج عنهما إلا نادراولعل كلمة (نادرا) لا يرتضيها الكرجي بدليل كلامه عن قول الأوزاعي فالله أعلمولعل من يدرس فقه الليث ينتبه إلى هذا ويثبته أو ينفيه بعد الاستقراء والتتبعوفيه أن فقه الليث تأثر بمدرسة أهل الحجاز (مالك) وأهل العراق (الثوري) وفيه قرب مذهب الليث من مذهب مالك ولعل هذا ما وطأ لفقه مالك أن ينتشر في مصر قبل أن يرحل إليها الشافعيكان ابن وهب يُقرأ عليه مسائل الليث فمرت به مسألة فقال رجل من الغرباء: أحسن والله الليث كأنه كان يسمع مالكاً يجيب فيجيب.فقال ابن وهب للرجل: بل كان مالك يسمع الليث يجيب فيجيب والله الذي لا إله إلا هو ما رأينا أحداً قط أفقه من الليث.وهذا يدل على كثرة موافقتهما كما قاله الكرجي ويدل على دقة كلام الكرجي المنقول وصحة نظره الذي استخلصه من النظر في تعليقة أبي حامد
(7) فيه أن فقه الأوزاعي تأثر بفقه أهل الحجاز والعراق وكان يمثل الفقه في تلك العصور مدرستان مدرسة في الحجاز ومدرسة في العراق أو الكوفة لكثرة الصحابة المفتين النازلين في كل من المصرين مقارنة بغيرهمافكان على غيرهما من أهل الأمصار الأخرى الرحلة لهما والاستفادة منهمابينما كان أغلب الحجازيين والكوفيين يكتفي كل واحد منهما بما عنده في بلده من الفتيا والعلم لشدة تمسكه به وظنه الاستغناء به عن غيرهوفيه موافقة الأوزاعي في أكثر أقواله لمالك والثوري والشافعي لا أبي حنيفةفيقال الأوزاعي أقرب لفقه أهل الحجاز من فقه أهل العراقوماذا عن الثوري؟
(8) قوله مذهب إسحاق يندرج تحت مذهب أحمد هو واضح من عدة كتب أولها مسائل الكوسجوفيه أن مراد الكرجي من حكاية الاندراج أي في الأعم الأغلب لأن لإسحاق مخالفات لأحمد لا تخفى.
(9) فيه أن أبا حاتم وأبا زرعة أقرب لمذهب أحمد من الشافعي وكل قريب قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: اختيار أحمد وإسحاق أحب إلي من قول الشافعي، وما أعرف في أصحابنا أسود الرأس أفقه من أحمد.فعدهم في الحنابلة أولى من عدهم في الشافعية أي في الأصولوقد كان مذهب أحمد لا يميز عن مذهب الشافعي في بدايته
(10) وفيه عد الرازيين من أئمة الفقهاء والمعروف أنهما من أئمة المحدثين وليس كذلكقال أبو زرعة الرازى أول شيء أخذت نفسي بحفظه من الحديث حديث مالك فلما حفظته ووعيته طلبت حديث الثورى وشعبة وغيرهما فلما تناهيت فى حفظ الحديث نظرت فى رأى مالك والثورى والأوزاعى وكتبت كتب الشافعىوفيه أن لهما اختيارات فقهية كانت معروفة ولعلها كانت مجموعةوهذا ما لا نعرفه نحن اليوم لضياع بعض كتب الخلافوالله المستعان
(11) قول الكرجي :لم أر للبخاري اختيارا .لا أظنه يريد مذهبا ولكن لعله يريد أقوالا تُذكر في كتب الخلافوقول ابن طاهر لم يذكره من تكلم عن مذهب البخاري فيما أعلموالمعروف عن البخاري أنه مجتهد مطلقولا يعارض هذا ما قاله ابن طاهر عند التدقيقوالبخاري تفقه على إسحاق ثم أحمد وهو من مدرستهماولعل هذا يصلح في الرد على الحافظ ابن رجب عندما عاب البخاري في تركه التفقه على أحمد وهذه الاختيارات والاستنباطات التي ذكر ابن طاهر ممكن أن تكون في تراجم الصحيحفيكون صالحا للتتبع والاستقراءوقد يكون كتابا في الاختيارات وقد يكون أخذه من بعض كتب البخاري التي فقدت منذ زمن كالمبسوطفالله أعلمــــــــ
ـ(12) فيه ما دهشني واستغربته جدا وأثار شجوني وحزنيوهو أن كتاب التعليقة لأبي حامد الإسفراييني شيخ الشافعية في عصره كتاب جليل القدر رفيع المنزلة من أعظم كتب الخلاف الفقهي وأوسعهاقال أخبر الناس بكتب الشافعية الإمام النووي :"واعلم أن مدار كُتب أصحابنا العراقيين أو جماهيرهم مع جماعات من الخراسانيين على تعليق الشيخ أبى حامد، وهو فى نحو خمسين مجلدًا، جمع فيه من النفائس ما لم يشارك فى مجموعه من كثرة المسائل والفروع، وذكر مذاهب العلماء، وبسط أدلتها، والجواب عنها، وعنه انتشر فقه طريقة أصحابنا العراقيين......واعلم أن نُسَخ تعليق أبى حامد تختلف فى بعض المسائل، وقد نبهت على كثير من ذلك فى شرح المهذب، والله أعلم.ازهـوهذه التعليقة الكبرى لعلها تتكون من عدة تعاليق تختلف باختلاف الآخذين عن المؤلف فلسليم الرازي عنه تعليقةولابن المحاملي عنه تعليقة أيضا تنسب إليه وللبندنيجي عنه تعليقةوقد كان يحضر في مجلس الشيخ أبي حامد أكثر من 700 فقيه وكان كثير الأصحابقال الشيخ أبو إسحاق:"وعلق عنه تعاليق في شرح المزني".ويمكن أن تكون تعليقة واحدة لكنها كبيرة جدا فكان بعض تلاميذه يعلق عنه بعضا منها لا كلهافقد قال سليم الرازي :علقت عن شيخنا أبي حامد جميع التعليقة.وقال السبكي وقفت على أكثر تعليقة الشيخ أبي حامد بخط سليم الرازي وهي الموقوفة بخزانة المدرسة الناصرية بدمشق والتي علقها البندنيجي عنه ونسخ أخر منها وقد يقع فيها بعض تفاوتوقد ذكر النووي أنها في 50 مجلداوقال الفقيه نصر المقدسي الشافعي:"درست على الفقيه سليم الرازي من سنة سبع وثلاثين وأربع مئة إلى سنة أربعين، ما فاتني منها درس، ولا وجعت إلا يوما واحدا، وعوفيت.وسألته في كم التعليقة التي صنفها ؟ قال: في نحو ثلاث مئة جزء، ما كتبت منها حرفا إلا وأنا على وضوء، أو كما قال.ولعلي إن نشطت أفردت مقالا عن هذه التعليقة وعن كتب التعليق في المذاهب فائدة ختامية: أسند ابن الصلاح :أن المحاملى لما عمل (المقنع) كتابه المشهور، أنكر عليه شيخه أبو حامد الإسفراينى لكونه جَرَّد فيه المذهب، وأفرده عن الخلاف، وذهب إلى أن ذلك مما يقصر الهمم عن تحصيل الفنين، ويحمل على الاكتفاء بأحدهما، ومنعه من حضور مجلسه، حتى احتال لسماع درسه من حيث لا يحضر المجلس.
وقد كان فقهاء تلك الطبقة يعتنون بمعرفة الخلاف كثيراوهذا مثال آخر:شراء القفال كتاب الاختلاف لابن المنذر من أجل الوقوف على سلف لقول
والله أعلم
__________________
انتهى كلامه.
الحمد لله وحده...هذا نقل اعترضني البارحة فوقفت عنده طويلا لنفاسته
قال شيخ الحرمين أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكَرَجي في كتابه الذي سماه " الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول " وكان من أئمة الشافعية :" ...فإن قيل: فهلا اقتصرتم إذا على النقل عمن شاع مذهبه وانتُحل اختياره من أصحاب الحديث وهم الأئمة: الشافعي ومالك والثوري وأحمد إذ لا نرى أحدا ينتحل مذهب الأوزاعي والليث وسائرهم؟. قلنا : لأن من ذكرناه من الأئمة - سوى هؤلاء - أرباب المذاهب في الجملة إذ كانوا قدوة في عصرهم ثم اندرجت مذاهبهم الآخرة تحت مذاهب الأئمة المعتبرة . وذلك أن ابن عيينة كان قدوة ولكن لم يصنف في الذي كان يختاره من الأحكام وإنما صنف أصحابه وهم الشافعي وأحمد وإسحاق فاندرج مذهبه تحت مذاهبهم . وأما الليث بن سعد فلم يقم أصحابه بمذهبه قال الشافعي: " لم يرزق الأصحاب " إلا أن قوله يوافق قول مالك أو قول الثوري لا يخطئهما فاندرج مذهبه تحت مذهبهما . وأما الأوزاعي فلا نرى له في أعم المسائل قولا إلا ويوافق قول مالك أو قول الثوري أو قول الشافعي فاندرج اختياره أيضا تحت اختيار هؤلاء. وكذلك اختيار إسحاق يندرج تحت مذهب أحمد لتوافقهما . قال:" فإن قيل: فمن أين وقعت على هذا التفصيل والبيان في اندراج مذاهب هؤلاء تحت مذاهب الأئمة ؟ قلت: من التعليقة للشيخ أبي حامد الإسفرائيني التي هي ديوان الشرائع وأم البدائع في بيان الأحكام ومذاهب العلماء الأعلام وأصول الحجج العظام في المختلف والمؤتلف. قال:" وأما اختيار أبي زرعة وأبي حاتم في الصلاة والأحكام مما قرأته وسمعته من مجموعيهما فهو موافق لقول أحمد ومندرج تحته وذلك مشهور . وأما البخاري فلم أر له اختيارا ولكن سمعت محمد بن طاهر الحافظ يقول: استنبط البخاري في الاختيارات مسائل موافقة لمذهب أحمد وإسحاق . فلهذه المعاني نقلنا عن الجماعة الذين سميناهم دون غيرهم إذ هم أرباب المذاهب في الجملة ولهم أهلية الاقتداء بهم لحيازتهم شرائط الإمامة وليس من سواهم في درجتهم وإن كانوا أئمة كبراء قد ساروا بسيرهم.ا.هـ
نقلته من مجموع فتاوى أحمد ابن تيمية رحمه اللهــــــــــــــــــــ
قلت فيه فوائد جمة أذكر بعضها وأترك بعضها للنظار
1) فيه ذكر بعض مذاهب العلماء المندثرة كابن عيينة والليث والأوزاعي دون الثوريفإما أن يكون ذلك لأنه آخرها إندثارا وأقربها تواجدا إلى عهد الكرجيأو يكون عنده غير مندثر لكثرة المنقول عنه من اختياراتهأو كان في عهده من ينتحل مذهب الثوريولعل الأول أقوى والثاني قوي يدل عليه كلامه عن مذهب الليث
(2) فيه أن المذاهب الثلاثة (مذهب مالك والشافعي وأحمد)معدودة في مذاهب أهل الحديثفيكون أتباعهما كذلك أي في المنهج الفقهيوهذا ظاهر إلا في بعض الأفراد قلة
(3) فيه أصالة المذاهب الأربعة المشهورة وأنها امتداد لفقه أئمة الإسلام المتقدمين إذ هي تمثل مجمع أراء واختيارات ومناهج أئمة الإسلام والسلف إذ كانت مذاهب غيرهم من الفقهاء مندرجة فيها مضمنة فيها كما ذكر الكرجيولم يذكر مذهب النعمان في هذا المقام من أجل أنه لم يذكره في أول كتابه مع الأئمة الذين نقل عنهم أصول الاعتقاد إذ هذا الاستطراد كان جوابا على اعتراض مبني على ذكر هؤلاء الأئمة دون غيرهمهذا ظاهر نقل شيخ الإسلام ابن تيميةلكن قال ابن كثير في طبقاته له كتاب الفصول في اعتقاد الأئمة الفحول حكى فيه عن أئمة عشرة من السلف الأئمة الأربعة وسفيان الثوري والأوزاعي وابن المبارك والليث وإسحق بن راهوية أقوالهم في أصول العقائد.ا.هـفإن لم يهم فيكون عدم ذكره في هذا المقام من أجل أن السؤال كان عن أئمة أهل الحديث وأبو حنيفة رحمه الله يصنف في أئمة أهل الرأيومذهب النعمان يندرج فيه مذهب شيوخه وأكثر أئمة العراق من تلامذة ابن مسعود إلى من دونهم مما هو معروف مشهور عند أهل العلم.
(4) فيه أن مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق يمثل مذهب ابن عيينة واختياراته إذ هم طلابه وحاملي علمه وفقهه واختياراتهوالحميدي راوية ابن عيينة وأثبت الناس فيه وأعلمهم به كان مصاحبا للشافعي وابن المديني راوية ابن عيينة وثاني أثبت الناس فيه كان مصاحبا لأحمد وإسحاقوفقه ابن عيينة _وكان مقلا من الفتوى_ من فقه مدرسة أهل الحجاز تفقه بعمرو بن دينار وغيره وعمرو بجابر وابن عباس وغيرهماولولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز كما قال الشافعيومن هذه المدرسة تخرج الشافعي في بداية أمرهوكان لها أكبر الأثر في فقه أحمد وإسحاق وإن كانت بداية إسحاق على فقه أهل العراق.
(5) فيه أن ابن عيينة لم يصنف في كتبا في الأحكام وهو كذلك قال النديم في الفهرست:"وكان فقيها مجودا ولا كتاب له يعرف وانما كان يسمع منه له تفسير معروف".ا.هـأما الجامع فهو في الحديث ولعله من جمع بعض تلامذته فليحرر.
(6) فيه أن قول الليث يوافق قول مالك والثوري لا يخطئهما يعني والله أعلم أن قوله إما أن يوافق قول مالك أو الثوري لا يخرج عنهما إلا نادراولعل كلمة (نادرا) لا يرتضيها الكرجي بدليل كلامه عن قول الأوزاعي فالله أعلمولعل من يدرس فقه الليث ينتبه إلى هذا ويثبته أو ينفيه بعد الاستقراء والتتبعوفيه أن فقه الليث تأثر بمدرسة أهل الحجاز (مالك) وأهل العراق (الثوري) وفيه قرب مذهب الليث من مذهب مالك ولعل هذا ما وطأ لفقه مالك أن ينتشر في مصر قبل أن يرحل إليها الشافعيكان ابن وهب يُقرأ عليه مسائل الليث فمرت به مسألة فقال رجل من الغرباء: أحسن والله الليث كأنه كان يسمع مالكاً يجيب فيجيب.فقال ابن وهب للرجل: بل كان مالك يسمع الليث يجيب فيجيب والله الذي لا إله إلا هو ما رأينا أحداً قط أفقه من الليث.وهذا يدل على كثرة موافقتهما كما قاله الكرجي ويدل على دقة كلام الكرجي المنقول وصحة نظره الذي استخلصه من النظر في تعليقة أبي حامد
(7) فيه أن فقه الأوزاعي تأثر بفقه أهل الحجاز والعراق وكان يمثل الفقه في تلك العصور مدرستان مدرسة في الحجاز ومدرسة في العراق أو الكوفة لكثرة الصحابة المفتين النازلين في كل من المصرين مقارنة بغيرهمافكان على غيرهما من أهل الأمصار الأخرى الرحلة لهما والاستفادة منهمابينما كان أغلب الحجازيين والكوفيين يكتفي كل واحد منهما بما عنده في بلده من الفتيا والعلم لشدة تمسكه به وظنه الاستغناء به عن غيرهوفيه موافقة الأوزاعي في أكثر أقواله لمالك والثوري والشافعي لا أبي حنيفةفيقال الأوزاعي أقرب لفقه أهل الحجاز من فقه أهل العراقوماذا عن الثوري؟
(8) قوله مذهب إسحاق يندرج تحت مذهب أحمد هو واضح من عدة كتب أولها مسائل الكوسجوفيه أن مراد الكرجي من حكاية الاندراج أي في الأعم الأغلب لأن لإسحاق مخالفات لأحمد لا تخفى.
(9) فيه أن أبا حاتم وأبا زرعة أقرب لمذهب أحمد من الشافعي وكل قريب قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: اختيار أحمد وإسحاق أحب إلي من قول الشافعي، وما أعرف في أصحابنا أسود الرأس أفقه من أحمد.فعدهم في الحنابلة أولى من عدهم في الشافعية أي في الأصولوقد كان مذهب أحمد لا يميز عن مذهب الشافعي في بدايته
(10) وفيه عد الرازيين من أئمة الفقهاء والمعروف أنهما من أئمة المحدثين وليس كذلكقال أبو زرعة الرازى أول شيء أخذت نفسي بحفظه من الحديث حديث مالك فلما حفظته ووعيته طلبت حديث الثورى وشعبة وغيرهما فلما تناهيت فى حفظ الحديث نظرت فى رأى مالك والثورى والأوزاعى وكتبت كتب الشافعىوفيه أن لهما اختيارات فقهية كانت معروفة ولعلها كانت مجموعةوهذا ما لا نعرفه نحن اليوم لضياع بعض كتب الخلافوالله المستعان
(11) قول الكرجي :لم أر للبخاري اختيارا .لا أظنه يريد مذهبا ولكن لعله يريد أقوالا تُذكر في كتب الخلافوقول ابن طاهر لم يذكره من تكلم عن مذهب البخاري فيما أعلموالمعروف عن البخاري أنه مجتهد مطلقولا يعارض هذا ما قاله ابن طاهر عند التدقيقوالبخاري تفقه على إسحاق ثم أحمد وهو من مدرستهماولعل هذا يصلح في الرد على الحافظ ابن رجب عندما عاب البخاري في تركه التفقه على أحمد وهذه الاختيارات والاستنباطات التي ذكر ابن طاهر ممكن أن تكون في تراجم الصحيحفيكون صالحا للتتبع والاستقراءوقد يكون كتابا في الاختيارات وقد يكون أخذه من بعض كتب البخاري التي فقدت منذ زمن كالمبسوطفالله أعلمــــــــ
ـ(12) فيه ما دهشني واستغربته جدا وأثار شجوني وحزنيوهو أن كتاب التعليقة لأبي حامد الإسفراييني شيخ الشافعية في عصره كتاب جليل القدر رفيع المنزلة من أعظم كتب الخلاف الفقهي وأوسعهاقال أخبر الناس بكتب الشافعية الإمام النووي :"واعلم أن مدار كُتب أصحابنا العراقيين أو جماهيرهم مع جماعات من الخراسانيين على تعليق الشيخ أبى حامد، وهو فى نحو خمسين مجلدًا، جمع فيه من النفائس ما لم يشارك فى مجموعه من كثرة المسائل والفروع، وذكر مذاهب العلماء، وبسط أدلتها، والجواب عنها، وعنه انتشر فقه طريقة أصحابنا العراقيين......واعلم أن نُسَخ تعليق أبى حامد تختلف فى بعض المسائل، وقد نبهت على كثير من ذلك فى شرح المهذب، والله أعلم.ازهـوهذه التعليقة الكبرى لعلها تتكون من عدة تعاليق تختلف باختلاف الآخذين عن المؤلف فلسليم الرازي عنه تعليقةولابن المحاملي عنه تعليقة أيضا تنسب إليه وللبندنيجي عنه تعليقةوقد كان يحضر في مجلس الشيخ أبي حامد أكثر من 700 فقيه وكان كثير الأصحابقال الشيخ أبو إسحاق:"وعلق عنه تعاليق في شرح المزني".ويمكن أن تكون تعليقة واحدة لكنها كبيرة جدا فكان بعض تلاميذه يعلق عنه بعضا منها لا كلهافقد قال سليم الرازي :علقت عن شيخنا أبي حامد جميع التعليقة.وقال السبكي وقفت على أكثر تعليقة الشيخ أبي حامد بخط سليم الرازي وهي الموقوفة بخزانة المدرسة الناصرية بدمشق والتي علقها البندنيجي عنه ونسخ أخر منها وقد يقع فيها بعض تفاوتوقد ذكر النووي أنها في 50 مجلداوقال الفقيه نصر المقدسي الشافعي:"درست على الفقيه سليم الرازي من سنة سبع وثلاثين وأربع مئة إلى سنة أربعين، ما فاتني منها درس، ولا وجعت إلا يوما واحدا، وعوفيت.وسألته في كم التعليقة التي صنفها ؟ قال: في نحو ثلاث مئة جزء، ما كتبت منها حرفا إلا وأنا على وضوء، أو كما قال.ولعلي إن نشطت أفردت مقالا عن هذه التعليقة وعن كتب التعليق في المذاهب فائدة ختامية: أسند ابن الصلاح :أن المحاملى لما عمل (المقنع) كتابه المشهور، أنكر عليه شيخه أبو حامد الإسفراينى لكونه جَرَّد فيه المذهب، وأفرده عن الخلاف، وذهب إلى أن ذلك مما يقصر الهمم عن تحصيل الفنين، ويحمل على الاكتفاء بأحدهما، ومنعه من حضور مجلسه، حتى احتال لسماع درسه من حيث لا يحضر المجلس.
وقد كان فقهاء تلك الطبقة يعتنون بمعرفة الخلاف كثيراوهذا مثال آخر:شراء القفال كتاب الاختلاف لابن المنذر من أجل الوقوف على سلف لقول
والله أعلم
__________________
انتهى كلامه.