الأستاذة الفاضلة سمية بارك الله فيكم
وفيكم بارك الرحمن
هل ما بين الأقواس من تعليقكم ؟
المالكية لهم رأيان في مسألة ( هل الأيمان مبينة على الألفاظ أو المعاني ؟ ) :
معظم المالكية يرى أنها مبنية على المعاني وهذا مراده هنا بقوله : ( وإن كان فيه خلاف ما لقيته بناءً على قول من يقول به من أهل المذهب وغيرهم ) أي خلاف المشهور في المذهب .
نعم، هو من تعليقي، وما أشرتم له هو عين ما أردت بناءً على فتوى ابن لب، وإن أغفلت تحديده بمشهور المذهب.
يقول ابن العربي عن مقاصد اليمين : " إنها عند جميع العلماء أو معظمهم متعلقة بالألفاظ ، فما اقتضى اللفظ منها لغةً قضي به ، وما خرج عن اللغة لم يلتفت إليه ، واضطربت في ذلك رواية علمائنا فمنهم من قال : إنها محمولة على المعنى ، وهو المعظم ، وروي عن مالك t أيضاً في مسائل الأيمان أنه أجراها على الألفاظ
وهو ما اعتبره ابن رشد الجد خروج عن أصول المذهب حينما قرر: إن كل ما يوجد في المذهب من الاعتبار في الأيمان بما يقتضيه مجرد الألفاظ دون مراعاة المعاني والمقاصد فيها، ليس على أصل مذهب مالك، وإنما هو على مذهب أهل العراق.
وتعلق الأيمان عند علمائنا بالمعاني هو الذي أوجب اضطراب أقوالهم ، وقد كان الأشبه بالخلق والأرفق بالناس تعلقها بالألفاظ إلا أن الأدلة تقوى في المعاني قوة كثيرة .." .
وقوله : ( الأرفق بالناس ) هو معنى قول ابن لب : ( قصدي التخفيف فيها ) .
ثم ذكر عن بعض علماء المالكية قولهم : " المعول عليه في مذهب مالك t في الأيمان على النيَّة فإن لم يكن فالسبب فإن لم يكن فالبساط فإن لم يكن فالعرف فإن لم يكن فاللغة " القبس ( 2 / 674 )
وهو ما صاغه المقري في قواعده (ق: 465) قال: مشهور مذهب مالك ترتيب مقتضيات البر والحنث هكذا: النية إذا كانت مما تصلح أن يراد اللفظ بها مساوية أو زائدة أو ناقصة. ثم البساط لأن القاصد لابد له من نية، وقد ينساها فيدل بالمحرك عليها، إلا أنه قد يظهر مقتضاه ظهوراً بيِّناً، وقد يخفى، وقد يكون ظهوره و خفاؤه بالإضافة. ثم العرف أعني ما عرف من مقاصد الناس في أيمانهم، ثم مقتضى اللفظ لغة، وقيل لا يعتبر العرف. قال ابن بشير: إذا فقدت النية والبساط، فهل يحمل على مقتضاه لغة أو عرفاً أو شرعاً إن كان، ثلاثة أقوال. قال ابن رشد: هذا فيما إذا كان مظنوناً، فأما المعلوم كقوله: لأقودنه كما يقاد البعير، ولأعرضن عليه النجوم في القائلة، وشبه ذلك، فهذا يعلم أن المقصود به خلاف اللفظ، فلا خلاف أنه يحمل على القصد.
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي : " الأيمان عند المالكية مبنيَّة على الألفاظ والمقاصد معاً " الإشراف ( 2 / 234 )
وينظر : الكافي لابن عبد البر ( 1 / 49 ) مقدمات ابن رشد ( 1 / 310 ) بداية المجتهد ( 1 / 354 ) القوانين الفقهية لابن جزي ( ص 160 – 163 ) المعيار المعرب للونشريسي ( 2 / 65 – 66 ) .
وعموما يظهر ارتباط هذا الأمر بمراعاة الخلاف وهو اصل عظيم عند المالكية في التعامل مع الوقائع والنوازل الحادثة .
ويدل على ذلك قول الشاطبي:...سؤال أفتى فيه بمراعاة اللفظ، والميل إلى جانبه. وقول ابن لب:...بناءً على من يقول به من أهل المذهب وغيرهم.
وهذه القاعدة في الفتوى ينبغي ان تكون منضبطة بما لا يخالف نصوص الشارع ومقاصد الشريعة ويتوافق مع قواعدها العامة .
ينظر في ضبط الفتوى بمثل هذه الضوابط في باب التخفيف والتشديد ونحو ذلك ما كتبه أ . د عبد الله الدرعان في كتابه ( الفتوى في الإسلام : أهميتها - ضوابطها آثارها ) فقد أجاد في هذا الموضوع وهو من مطبوعات مكتبة التوبة ويقع في نحو 680 صفحة .
مع مراعاة أن من أصول المالكية: من ادعى نية مخالفة لظاهر لفظه أنه لا يصدق فيما يقضى به عليه، إلا أن يأتي مستفتياً.
لذا قال: إن العلماء ما كانوا يشددون على السائل، إن جاء مستفتياً. وقال قبل هذا: بسط لنا ما يقتضي الاعتماد على ألفاظ الحالف، و إن كان فيه خلاف ما لقيته ( ولعلها:خلاف نيته)