العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

روايات طاووس عن معاذ

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
روايات طاووس عن معاذ

مستل من موضوع سابق
https://feqhweb.com/vb/threads/725

أورد البخاري في هذا الباب بعض الآثار والنصوص، وإليك ما ذكره، رحمنا الله وإياه:


1- قال طاووس: قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة.


قال ابن حجر في الفتح:
"هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاووس لكن طاووس لم يسمع من معاذ فهو منقطع.
فلا يغتر بقول من قال:
ذكره البخاري بالتعليق الجازم فهو صحيح عنده لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا.
إلا أن إيراده له:
في معرض الاحتجاج به يقتضي قوته عنده، وكأنه عضده عنده الأحاديث التي ذكرها في الباب

قال ابن حزم رحمه الله، وهو يجيب عن حديث معاذ:



"وهذا لا تقوم به حجة لوجوه:



أولها: أنه مرسل، لأن طاووسا لم يدرك معاذا، ولا ولد إلا بعد موت معاذ.







ما ذكره ابن حزم رحمه الله صحيح، فطاووس لم يدرك معاذا ولا ولد إلا بعد موته، ولهذا حكم أهل العلم على رواية طاووس عن معاذ بالإرسال والانقطاع.



قال علي ابن المديني: لم يسمع طاووس من معاذ بن جبل شيئا.([1])



قال أبو زرعة: طاوس عن معاذ مرسل. ([2])



ولهذا تعقب كثير من الشراح روايات طاووس عن معاذ وأعلوها بالإرسال لأن طاووسا لم يدرك معاذا فضلا أن يسمع منه.



بينما ذهب آخرون: إلى قبول روايات طاووس عن معاذ مع التسليم بأنه لم يسمع منه، ومن هؤلاء الشافعي الإمام فإنه قال في "الأم":



"وطاوس عالمٌ بأمر معاذ وإن كان لم يلقه على كثرة من لقي ممن أدرك معاذا من أهل اليمن فيما علمت...



ثم قال الشافعي رحمه الله مؤكِّداً صحة رواية طاووس عن معاذ بن جبل رضي الله عنه:



وأخبرني غير واحد من أهل اليمن عن عدد مضوا منه:



أن معاذا أخذ منهم صدقة البقر على ما روى طاووس ...



أخبرنا بعض أهل العلم والأمانة: عن يحيى بن سعيد عن نعيم بن سلامة:



أن عمر بن عبد العزيز دعا بصحيفة فزعموا أن النبي صلى الله عليه و سلم كتب بها إلى معاذ بن جبل فإذا فيها [ في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة ]



قال الشافعي: وهو ما لا أعلم فيه بين أحد لقيته من أهل العلم خلافا وبه نأخذ."([3])







إذن مع تسليم الشافعي بأن رواية طاووس عن معاذ مرسلة إلا أنه يصححها لمعانٍ خمسة:



المعنى الأول: أن طاووسا عالمٌ بأمر معاذ.



المعنى الثاني: أن طاووساً لقي نفراً كثيرا ممن أدرك معاذا من أهل اليمن فيما علمه الشافعي.



المعنى الثالث: ما ذكره الشافعي مِنْ أنه: أخبره عددٌ من أهل اليمن قد مضوا ما يصدِّق هذه الرواية المعينة من رواية طاووس عن معاذ.



المعنى الرابع:أن الشافعي رحمه الله قد أخبره بعض أهل العلم والأمانة عن قصة لعمر بن عبد العزيز أنه دعا بصحيفة قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب بها إلى معاذ، وهذه الصحيفة تصدِّق رواية طاووس عن معاذ.



المعنى الخامس: أنه لا يعلم خلافا بين أحد لقيه من أهل العلم في صحة هذه الرواية ، أو أن الشافعي قصد أنه لا يعلم خلافا في صحة الحكم الذي اشتملت عليه هذه الرواية.







ومما يدل على أن طاووساً عالمٌ بأمر معاذ كما قال الشافعي هي الإشارة الخاطفة من حافظ المغرب أبي عمر ابن عبد البر القرطبي فإنه بعد أن انتهى من ترجيح قول الجمهور في ما يوافق إحدى روايات طاووس عن معاذ: قال:



" قال ابن جريج وقال عمرو بن شعيب: أن معاذ بن جبل لم يزل بالَجَند منذ بعثه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى اليمن حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ثم قدم على عمر فرده على ما كان فيه عليه.



قال أبو عمر:



الجَنَد من اليمن: هو بلد طاووس، وتوفي طاووس سنة ست ومائة وتوفي معاذ سنة خمس عشرة أو أربع عشرة في طاعون.



وقال أيضاً:



حديث طاوس هذا عندهم عن معاذ غير متصل والحديث عن معاذ ثابت متصل من رواية معمر والثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بمعنى حديث مالك.(4)







فكأن ابن عبد البر بما ذكر أن معاذا نزل بالجَنَد بلدة طاووس، وأنه لم يزل بها منذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن مات عليه الصلاة والسلام بل وإلى زمن عمر.

ثم اعتبر أن روايته هذه محفوظة لموافقتها رواية الثقات الموصولة


وهذا يدل على قرب طاووس الشديد من الذين أخذوا عن معاذ إذ هم أهل بلدته والتي قد طال مقام معاذ بها.



ويمكن أن نستشهد أيضاً:



بما قيل في رواية مسروق عن معاذ، وإن كان هناك فرق جوهري وهو في إدراك مسروق لمعاذ بخلاف طاووس الذي ولد بعد وفاة معاذ إلا أنه مع ذلك فثمة قواسم مشتركة من شهود عمل معاذ المشهور في الزكاة في اليمن، وإداركه نقل الكافة عن معاذ:



قال ابن حزم في معرض حديثه عن رواية مسروق عن معاذ في الزكاة:



" ثم استدركنا فوجدنا حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر، وهو بلا شك قد أدرك معاذا وشهد حكمه وعمله المشهور المشهور، فصار نقله لذلك ولأنه عن عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم: نقلا عن الكافة عن معاذ بلا شك، فوجب القول به."([5])



فعلَّق الملا علي قارئ في "مرقاة المفاتيح" بعد نقله كلام ابن حزم السابق:



"وحاصله: أنه يجعل بواسطة بينه وبين معاذ وهو ما فشا من أهل بلده أن معاذا أخذ كذا وكذا والحق قول ابن القطان أنه يجب أن يحكم بحديثه عن معاذ على قول الجمهور في الإكتفاء بالمعاصرة ما لم يعلم عدم اللقاء."










فهاتان روايتان من رواية طاووس عن معاذ سبق تناولهما قد تقاسم الإمامان: الشافعي وابن عبد البر في الحكم عليهما بأنهما محفوظتان من وجوه ذكروها.



وقد تتبعت روايات طاووس عن معاذ فلم يظهر لي ما يستنكر منها، لاسيما وأن كثيرا منها في أبواب الزكاة وهو ألصق الأبواب:



1- بمعاذ



2- وبطاووس.



3- وباليمن.



ورأيت كثيرا من الشرَّاح إنما يقتصرون في الإعلال فقط على مجرَّد الإرسال، ولا يستنكرون من متون الروايات شيئا.



فإن صحت المعاني التي ذكرها الشافعي رحمه الله مضافا إلى ما ذكره ابن عبد البر رحمه الله، وتتبعنا روايات طاووس عن معاذ فلم نجد ما يستنكر منها من جهة العموم فإن قبولها متجه ظاهر مع التسليم بأن هذه الروايات مرسلة ، ولكنها مرسلة محفوظة، مثل روايات أبي عبيدة عن أبيه ابن مسعود فإنه مع إرسالها إلا أنها محفوظة إذ أخذها عن الثقات مِنْ أهل بيته.

قال السخاوي في فتح المغيث:
فإن قيل: هذا منقطع لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا
يقال: نحن لم نحتج به من هذه الجهة إنما احتججنا به لأن مثل أبي عبيدة على تقدمه في العلم وموضعه من عبد الله وخلطته بخاصته من بعده لا يخفى عليه مثل هذا من أموره فجعلنا قوله حجة لهذا من أمور فجعلنا قوله لا من الطريق التي وصفت

ونحوه قول الشافعي رحمه الله:
في حديث لطاووس عن معاذ طاووس لم يلق معاذا لكنه عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه لكثرة من لقيه ممن أخذ عن معاذ وهذا لا أعلم من أحد فيه خلافا وتبعه البيهقي وغيره
ومن الحجج لهذا القول:
أن احتمال الضعف في الواسطة حيث كان تابعيا لا سيما بالكذب بعيد جدا بإنه صلى الله عليه و سلم أثنى على عصر التابعين وشهد له بعد الصحابة بالخيرية ثم للقرنين كما تقدم بحيث استدل بذلك على تعديل أهل القرون الثلاثة وإن تفاوتت منازلهم في الفضل فإرسال التابعي بل ومن اشتمل عليه باقي القرون الثلاثة الحديث بالجزم من غير وثوق بمن قاله مناف لها هذا مع كون المرسل عنه ممن اشترك معهم في هذا الفضل ....."



ولذا فأجدني أرتضي هذه الرواية المذكورة في المسألة لاسيما مع احتجاج البخاري بها وما ذكره من النصوص التي تؤكد الحكم الذي اشتملت عليه.



والتي استطردنا منها للبحث في حال هذه الرواية، وللتفتيش عن قبولها مع التسليم بإرسالها، هذا والله أعلم.



([1]) المراسيل لابن أبي حاتم.


([2]) المراسيل لابن أبي حاتم.


([3]) الأم - (ج 2 / ص 12)

([4]) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - (ج 2 / ص 276)

([5]) المحلى - (ج 6 / ص 16)
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الاعتراض الثاني الذي ذكره ابن حزم على أثر معاذ رضي الله عنه أنه قال:



والثاني:أنه ليس لو صح لما كانت فيه حجة، لأنه ليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حجة إلا فيما جاء عنه عليه السلام.




وهذه المسألة قد نحيلها إلى اختلاف أهل العلم في حجية قول الصحابي.



وقد نقول: بل هي أدق، فمعاذ رضي الله عنه في اليمن هو الوكيل عن النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ شرعه، ومنها أحكام الزكاة، كما أنه وكيله ووكيل الخليفتين من بعده: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.



الأمر الأخر: إن الأثر لو صح فإنه يفيد أن معاذا كان يرسل الصدقة التي قبلها إلى الأنصار والمهاجرين في المدينة فلو كانت غلطا لشاع وذاع ، ولنبهه كبار الصحابة لاسيما الخليفة الذي وكله ، ثم استقبل منه الصدقات...



فحكم معاذ – إن صح لأن النقاش مع ابن حزم وهو لا يصحح الأثر، لكن يناقش تنزلاً – يكتسب قوة من هذه الجهات التي ذكرنا ، فالحكم فيها يكون قريبا من الإجماع، وهو معتضد بإقرار الخليفة الراشد.

وقد ذكر ابن حجر في الفتح اعتراضا يقرب من اعتراض ابن حزم إذ قال:
وقيل في الجواب عن قصة معاذ أنها إجتهاد منه فلا حجة فيها
فأجاب ابن حجر:
وفيه نظر لأنه كان أعلم الناس بالحلال والحرام وقد بين له النبي صلى الله عليه و سلم لما أرسله إلى اليمن

وقال د. يوسف القرضاوي في كتابه "فقه الزكاة" 2/807:
وعمل معاذ في اليمن وأخذه القيمة دليل على أنه لا يجد في ذلك معارضة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي جعل اجتهاده في المرتبة الثالثة بعد القرآن والسنة.
وعدم إنكار أحد من الصحابة عليه يدل على موافقتهم الضمنية على هذا الحكم
 
التعديل الأخير:

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,140
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
شيخنا الكريم فؤاد: لعلك تقارب بين الأسطر؛ حتى لا تتأذى العين حال القراءة.
وشكر الله لكم.
 

طليعة العلم

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
25 أبريل 2010
المشاركات
670
التخصص
فقه
المدينة
في السعودية
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: روايات طاووس عن معاذ

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
 
إنضم
6 سبتمبر 2014
المشاركات
15
الكنية
ابو عمر
التخصص
بريد
المدينة
كفر الشيخ
المذهب الفقهي
مع الدليل
رد: روايات طاووس عن معاذ

جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل علي ما تفضلت به
ولكن اذا ثبت الانقطاع لديك بين معاذ وطاووس فلا بد ان هناك واسطة بينهما وهذا بديهي وكوننا لا نعلم الواسطه بين معاذ وطاووس يحول بيننا وبين قبول الرواية من الاساس
تماما كما لو كان في السند راوي مجهول واستبعاد الكذب في التابعين ليس دفعا في عدمه أو عدم الضبط أو الاختلاط وخلافه من قوادح الروايه
واما العمل فبالروايات الصحيحة الموصولة المحفوظة لا بالمقطوعة
ثم ان قبلنا رواية طاووس عن معاذ مطلقا وقد تحمل هذه الروايات احكاما شرعية طبعا فيوقعنا قبول الرواية المنقطعة هذه في ضرورة الالتزام بالاحكام التي فيها وهذا مخالف لما قرره اهل العلم من الاحتياط لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم
واخيرا قبول رواية طاووس عن معاذ يوقعنا في اشكالايات اخري
فمثلا في رواية عن طاووس يقول أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مات قبل قدوم معاذ واخري عن بن عباس انه قدم قبل وفاته صلي الله عليه وسلم
فكيف نرجح رواية طاووس المنقطعة علي الاخري
هذا والله أعلم ورد العلم اليه اسلم
 
أعلى