أبو عبد الله المصلحي
:: متخصص ::
- إنضم
- 4 فبراير 2010
- المشاركات
- 785
- التخصص
- شريعة
- المدينة
- ------
- المذهب الفقهي
- اهل الحديث
هذا احد البحوث التي نشرتها في ملتقى اهل الحديث بتاريخ 13/12/2006 اعدت نشره هنا لتعم الفائدة.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, ومن يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد إن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وبعد :
فهذه هي الرسالة الثالثة وقد تقدمتها رسالتان :
الأولى – التلخيصات والعليقات على كتاب افعال الرسول .
الثانية – الترك انواعه وأحكامه.
وهي بفضل الله مثل سابقتيها لا تخلو من المباحث الأصولية الجليلة, والمسائل المهمة, والترجيحات المبنية على صحيح المنقول وصريح المعقول, وغير ذلك من الفوائد التي تجدها, ما تقربه عين الناظر فيها. ومنهجي في ذلك إني اقتصرت على القول الراجح بدليله دون التطرق إلى ذكر الخلافيات إلا إذا رأيت المناسبة تدعو إلى ذلك. كما إني تركت مسائل الاستثناء التي لا علاقة لها بالأصول التي موضعها علم النحو. وقد رتبتها على شكل مسائل, وقد استفدت كثيرا من كتابين أثنين أولهما كتاب الاستغناء في أحكام الاستثناء للإمام القرافي, والثاني كتاب الاستثناء عند الأصوليين للدكتور أكرم بن محمد بن حسين, وهي رسالة ماجستير مطبوعة. أقول ذلك للأمانة العلمية. أضف إلى ذلك المصادر التي تراها أثناء البحث.
وأخيرا أسأل الله تبارك وتعالى الصدق والإخلاص في القول والعمل.
مسائل الاستثناء
في علم اصول الفقه
المسألة الأولى
تعريف الاستثناء لغةﹰ
الاستثناء لغة مصدر استثنى من الثني. وللثني في اللغة معان منها :
• الصرف : تقول ثنيته عن حاجته إذا صرفته, وفي الحديث : (( من قال قبل أن يثني رجله )) (1). أي يصرفها عن موضعها الذي كانت عليه في التشهد (2).
فالمتكلم يصرف كلامه بالاستثناء عن وجهه الأول إلى وجه آخر. فان كان الكلام إثباتا جعله نفيا, وبالعكس (3).
• العطف : تقول ثنيت الحبل, إذا عطفت بعضه على البعض (4).
وفي الشعر :
لعمرك إن الموت ما أخطا الفتى لكا لطول المرخى وثنياه باليد (5)
أي : طرفاه المعطوفان.
وفي الآية : ألا أنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه .
أي : يعطفونها عليه استخفاء من الله (6).
فالمتكلم يعطف على المستثنى ليخرجه من حكم المستثنى منه.
• القطع : ومنه ثني الحبل والوادي وهو منقطعهما (7). والمتكلم يقطع المستثنى من حكم المستثنى منه.
• التكرير : ومن هذا المعنى سميت الفاتحة بالسبع المثاني لأنها تعاد وتكرر في كل ركعة أو لأنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة (8).
وفي الحديث (( لا ثنى في الصدقة )) (9). أي لا تؤخذ الصدقة في السنة مرتين.
فالمتكلم يذكر المستثنى مرتين من حيث شمول المستثنى منه له أولا والنص عليه ثانيا.
والاسم من الاستثناء هو ( الثنيا ) و ( الثنوى ) كالفتيا والفتوى (10). وثنيا الجزور : قوائمه ورأسه, لأن بائع الجزور في الجاهلية كان يستثنيها من البيع. وقال تعالى : اذا أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون أي : لا يخرجون نصيب المساكين الذي كان أبوهم يخرجه من ثمرة البستان, أو معنى لا يستثنون لا يعلقون ذلك. بمشيئة الله سبحانه (11).
المسألة الثانية
تعريف الاستثناء إصلاحا
اختلفت عبارات العلماء في تعريف الاستثناء إصلاحا وذلك بحثا منهم عن تعريف جامع مانع. فقد عرفه القاضي أبو يعلى (12) بأنه كلام ذو صيغ محصورة تدل على إن المذكور فيه لم يرد بالقول الأول (13). وعرفه الغزالي (14) بالتعريف الذي ذكره القاضي مع تصرف قليل فقال : وحده أنه قول ذو صيغ مخصوصة محصورة دالة على إن المذكور فيه لم يرد بالقول الأول (15).وعرفه الرازي (16) بتعريفين فقال انه : إخراج بعض الجملة من الجملة بلفظ ( الا ) أو ما يقوم مقامه. وقال أنه : مالا يدخل في الكلام إلا لإخراج بعضه بلفظة ولا يستقل بنفسه (17). وعرفه الامدي (18) بأنه : عبارة عن لفظ متصل بجملة لا يستقل بنفسه دال بحرف ( الا ) أو أخواتها على إن مدلوله غير مراد مما اتصل به, ليس بشرط ولا صفة ولا غاية (19).
وعرفه ابن حاجب (20) بأنه : إخراج بـــ ( الا ) وأخواتها (21).
وعرفه البيضاوي (22) بأنه : الإخراج بـــ ( الا ) غير الصفة ونحوها (23).
وعرفه القرافي (24) بأنه : إخراج بعض الجملة أو ما يعرض لها من الأحوال والأزمنة والبقاع والمحال (25).
وعرفه الزركشي (26) بأنه : الحكم بإخراج الثاني من الحكم الأول بواسطة موضوعة لذلك (27).
وعرفه أبو الحسين البصري (28) بأنه : عبارة عما يخرج من الكلام ما لولاه لدخل تحته (29).
هذا ولا يوجد تعريف الا وعليه إيرادات, لأن الحدود على مقتضى الشرائط التي وضعها المتكلمون عسيرة ولا تكاد تحصل, وقد صرح بذلك جماعة من العلماء, وعلى كل حال, فأن المطلوب فهم المراد, وليس الاعتناء بالألفاظ, بل ذاك أصل وهذا تبع, وهو أسلوب العرب في مخاطباتها, وما جرى عليه المعهود في كلامها, وانظر طرفا من ذلك الموافقات للشاطبي رحمه الله , وهو غاية الشافعي رحمه الله من وضع الرسالة. وبعد هذا يمكن القول بأن الاستثناء هو إخراج بلفظ موضوع لذلك, والله اعلم.
المسألة الثالثة
أدوات الاستثنــاء
وهي اثنتا عشرة أداة في ستة أقسام من حيث النوع.
1- حرف : وهو ( الا ) وهي الأصل في أدوات الاستثاء.
2- اسم : وهو ( غير – سوى – بيد ).
3- أفعال : وهي ( ماعدا – ماخلا – ليس – لا يكون ).
4- اتفقوا على حرفيته, واختلفوا في فعليته : وهو ( حاشا ).
5- متردد بين الحرفية والفعلية : وهو ( عدا – خلا ).
6- مركب من الاسم والحرف : وهو ( لا سيما ).
فائدة ( 1 ) أما ( سوى ) فهي تساوي ( غير ) مطلقا في الاستثناء وغيره. وأما ( بيد ) فهي تساوي ( غير ) في الاستثناء المنقطع فقط مضافة إلى ( أن ) وما بعدها, تقول : المسلمون كثير عددهم بيد أنهم غثاء كغثاء السيل.
فائدة ( 2 ) جاء في ( سوى ) أربع لغات :
1- كسر السين مع القصر ( سوى ).
2- كسر السين مع المد ( سواء ).
3- ضم السين مع القصر ( سوى ).
4- فتح السين مع المد ( سواء ).
فائدة ( 3 ) جاء في ( لا سيما ) ثلاث لغات :
1- لا سيما – بالتشديد.
2- لا سيما – بالتخفيف.
3- لا سواء ما.
فائدة ( 4) اختلف أهل اللغة في مجيء ( لا سيما ) للاستثناء, فذهب سيبويه إلى أنها ليست من أدوات الاستثناء. وذهب الكوفيون وجماعة من البصريين إلى أنها تأتي للاستثناء (30).
المسألة الرابعة
شروط الاستثنـاء
وفيه شرطان ونتناول في هذه المسألة الشرط الأول
شرط الاتصال
للعلماء هنا عدة أقوال في اعتبار هذا الشرط, وقد تصل إلى ستة أقوال, والصحيح منها إن الاتصال شرط في صحة الاستثناء مطلقا اتصالا عاديا.
والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة والإجماع المعقول.
أما الكتاب :
قوله تعالى لأيوب ( ) : وخذ بيدك ضغثا فأضرب به ولا تخنث .
وجه الدلالة : انه لو جاز تأخير الاستثناء لما أمر الله تعالى أيوب ( ) بذلك ولقال له : استثن. أو لخيره بين الاستثناء والضرب لأنه أسهل.
وأما السنة : فقوله ( ) : ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ). (31).
وجه الدلالة : لو كان تأخير الاستثناء جائزا لما عين الكفارة, ولأمر بالاستثناء للخروج من الحنث لأنه أسهل, فلما ترك ذلك وأمر بالكفارة, دل على عدم جواز فصل الاستثناء.
وأما الإجماع :
فقد ذكر العلماء إجماع أهل اللغة على وجوب اتصال الاستثناء بالمستثنى منه, فلو قال : له عشرة دراهم. ثم قال بعد أيام : إلا ثلاثة. فأنه لا يعد هذا الكلام منتظما, بل يعد لغوا لا يعتد به.
وأما المعقول :
فانه لو حكم بصحة الفصل لتعذر ثبوت الأحكام الفقهية من البيوع والنكاح وغير ذلك, وهذا يؤدي إلى فساد الحياة. ويذكر إن بعض الناس قال للمنصور, الخليفة العباسي, إن أبا حنيفة يخالف جدك أبن عباس في عدم تجويزه الاستثناء المنفصل وقد قال به أبن عباس (رضي الله عنهما). فعتب الخليفة أبا حنيفة, فأجابه الإمام رحمه الله : إن الذي قام بالسعاية إليك في هذه المسألة يريد إفساد دولتك عليك. فقال المنصور وكيف ؟ قال له : إن صحة فصل الاستثناء تؤدي إلى جواز نقض بيعتك بعد فترة لمن بايعك الآن !
وهذا القول هو مذهب جمهور العلماء (32).
تنبيه : المراد بالاتصال ما يحكم به العرف أنه اتصال مما لا يخل بنظم الكلام عند أهل اللغة, وأما الفصل اليسير مثل سعال أو انقطاع نفس ونحو ذلك فلا يضر.
المسالة الخامسة
الشرط الثاني
شرط عدم الاستغراق
لا يجوز أن يكون الاستثناء مستغرقا للمستثنى منه, لأنه إقرار منطوق به والمنطوق به لا يرفع كليا, وإلا لكان كلاما هدرا وباطلا من القول. قال القرافي : ( فإذا قلت له عندي عشرة أمتع, لأنه نطق بالهدر ومالا فائدة فيه, لأنك أبطلت عين ما أثبت ) (33). وأيضا فإن المستثنى جزء من المستثنى منه ,فلو جاز الاستغراق لصار كلا لا جزءا وبطل أن يكون إخراج شيء من شيء, فيبطل مونه استثناءا. ومنع الاستغراق مطلقا هو مذهب الجمهور. وأما الحنفية فعندهم في ذلك تفصيل, لكن ليس عليه أي دليل (34).
المسألة السادسة
الاستثناء من الجنس
وهو متفق عليه بين جميع العلماء نحو قولك : جاءني القوم إلا زيدا. والدليل على ذلك عدم ذكرهم الخلاف في الاستثناء من الجنس (35).
المسألة السابعة
الاستثناء من غير الجنس
وهو جائز في أصح قول العلماء ومن الأدلة على ذلك :
قوله تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه استثنى إبليس من الملائكة وهو ليس من جنسهم. وقال تعالى حكاية عن إبراهيم ( عليه السلام ) فإنهم عدو لي وإلا رب العالمين وليس سبحانه تعالى من جنس المخلوقين.
وقال تعالى وما لهم به من علم إلا إتباع الظن والظن ليس من جنس العلم. قوله تعالى لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما غلا قيلا سلاما سلاما والسلام ليس من جنس اللغو. وقوله تعالى لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم والتجارة عن تراض ليست من الأكل بالباطل. وقوله تعالى لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم الله ومن رحمه الله معصوم لا عاصم. وقوله تعالى فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلا رحمه منا والرحمة ليست من جنس الصريخ والإنقاذ.
وقد وقع الاستثناء من غير الجنس في الشعر العربي ومنه قول الشاعر :
وبلدة ليست بها أنيس إلا اليعافير والا العيس (36)
حيث استثنى اليعافير والعيس من الأنيس, وليست من جنسه, لأن الأنيس من المؤانسة, وهي تحصل بذوي العقول.
وقال النابغة الذبياني :
لا عيب فيهم غير إن سيوفهم بعن فلول من قراع الكتائب (37)
استثنى الفلول من العيب, وهي فخر لأصحاب السيوف وليست بعيب, فهو استثناء من غير الجنس.
ومنه :
وهذا هو مذهب أصحاب أبي حنيفة وأصحاب مالك وبعض الشافعية وبعض الظاهرية وجماعة من المتكلمين وهو قول الشافعي وقال به أبو حنيفة في المكيل والموزون فقط (39).
المسألة الثامنة
هل الاستثناء من غير الجنس وهو الاستثناء المنقطع ؟
أكثر العلماء على عدم التفريق بينهما, وقد ذهب القرافي إلى الفرق بينهما على النحو التالي :
الاستثناء المنقطع ينقسم الى قسمين :
الأول : ما يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه كقولك رأيت أخوتك إلا ثوبا, فهذا استثناء منقطع واستثناء من غير الجنس في نفس الوقت.
الثاني : ما يكون المستثنى من جنس المستثنى منه كقولك رأيت أخوتك إلا زيدا ولم يسافر. فهذا استثناء منقطع لكنه استثناء من الجنس.
وهذا يعني أن الاستثناء من غير الجنس أحد أنواع الاستثناء المنقطع (40).
المسألة التاسعة
تكرر الاستثناء بالعطف
إذا تكرر الاستثناء بواسطة حرف العطف فأن جميع جميع الاستثناءات تتبع الاستثناء المعطوف عليه في العود أصل الكلام ( المستثنى الأول ). فإذا قال قائل له على مائة إلا ثلاثة, وإلا اثنين عاد الاستثناء الى صدر الكلام, فيلزمه خمسة وتسعون. وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم (41).
المسألة العاشرة
تكرر الاستثناء بدون العطف
إذا تكرر الاستثناء بغير العطف فانه كان مستغرقا للاستثناء الذي قبله فهو راجع إلى صدر الكلام لما تقدم من بطلان الاستثناء المستغرق. سواء كان الاستثناء المستغرق مساويا لمتلوه كقولك : له علي عشرة إلا أثنين إلا اثنين. أو أكثر قولك : له علي عشرة إلا أثنين إلا ثلاثة ففي كل من المثالين يرجع الاستثناء إلى صدر الكلام فيلزم المقر في المثال الأول ستة وفي المثال الثاني خمسة. أما وان لم يكن مستغرقا وأمكن استثناؤه من متلو فأصح أقوال أهل العلم إن كل استثناء يعود إلى ما قبل لا إلى صدر الكلام, وذلك لأن رجوع الاستثناء إلى متلوه أقرب من رجوعه إلى أصل الكلام, وترجيح القريب على البعيد قاعدة في لسان العرب. وهذا هو قول النحاة البصريين, والكسائي من الكوفيين, وجماعة من الأصوليين, كالرازي وأبي يعلى والقرافي (42).
المسألة الحادية عشرة
استثناء النصف والأكثـر
تقدم بيان بطلان الاستثناء المستغرق. وقد اتفق العلماء على جواز استثناء الأقل من النصف, وأما استثناء النصف أو الأكثر فقد اختلفوا فيه إلى ثلاثة مذاهب. والراجح هو جواز ذلك والدليل عليه قوله تعالى : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاويين والغاوون أكثر الفريقين لقوله تعالى : لكن أكثر الناس لا يؤمنون وقوله : وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين فباستثناء الغاوين من العباد, وهم أكثر من نصف العباد بشهادة القرآن على ذلك ثبت وقوع استثناء الأكثر والوقوع دليل الجواز. وهو بدوره يدل على جواز استثناء النصف من باب أولى.
والى هذا ذهب جمهور العلماء من الأصوليين والفقهاء والنحاة الكوفيين (43).
المسألة الثانية عشرة
الاستثناء من الإعداد
الاستثاء من الإعداد إذا لم يكن مستغرقا جائز مطلقا على الصحيح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة.
قال القرافي : ( ما علمت في لغة العرب لفظا لا يدخله الاستثناء ) (44)
قال الاسنوي : ( الاستثناء من الإعداد جائز كما جزم به الإمام (45) والامدي وغيرهما ولا فرق بين أن يكون معين أم لا ) (46) , ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى : فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما وقوله ( ) : ( إن لله تسعة وتسعين إسما مائة إلا واحدا ) (47).
هذا هو مذهب جمهور العلماء وماعدا ذلك من الأقوال فضعيف (48).
المسألة الثالثة عشرة
قاعدة : الاستثناء من النفي أثبات ومن الإثبات نفي. وذهب الجمهور إلى القول بهذه القاعدة وذهب أبو حنيفة رحمه الله وأكثر أصحابه إلى أن الاستثناء لا يفيد نفيا ولا أثباتا وإنما غاية ما يدل عليه هو أن ما بعد المستثنى غير داخل في المستثنى منه إنما نفي هذا الحكم عنه أو إثبات حكم أخر له فهذا لا يدل عليه الاستثناء.
وهذا الذي نقلناه من مخالفة الحنفية للجمهور في طرفي القاعدة هو الصحيح الموافق لكت الحنفية وأقوال المحققين منهم (49). وبه يظهر لك ما نقله بعض العلماء (50) من إن مذهب الحنفية يخالف في طرف واحد وهو كون الاستثناء من النفي إثبات ويوافق الجمهور في إن الاستثناء من الإثبات نفي, نقل غير محرر.
وبعد هذا كله كان من مقتضى الخلاف بين الجمهور والحنفية أن يقع الخلاف بينهم في جميع الأحكام الشرعية الفرعية التي دخلها الاستثناء لكن شي من ذلك لم يكن سوى مسائل قليلة, والواقع إن الطرفين متفقان في كثير من المسائل وان طال بينهما الجدل (51).
ثم إني أقول إن الأولى أن يكون البحث منصبا على تلك المسائل القليلة التي حصل فيها الاختلاف, وأن يترك البحث في القواعد العامة التي توضع لهذه المسائل القليلة, وذلك لان هذا يحصر الخلاف, ويحدد موضع النزاع, وأيضا فان ذلك أدعى لفهم المسألة بعينها من أن تناقش على صورة قاعدة عامة, وخلاصة القول إن البحث في مثل هذه الأوجه من الاختلافات أن يتم النزول إلى الجزئيات, وتترك الكليات, هذا ما أرى والله أعلم.
المسالة الرابعة عشرة
الاستثناء الوارد عقب جملتين فصاعدا
قبل الخوض في هذه المسالة نذكر شيئا عن ترجمتها .
قال الامدي ) الجمل المتعاقبة بالواو إذا تعقبها الاستثناء رجع إلى جميعها ).(52)
وكذالك قال كثيرون ،وتعقب ذالك القرافي من ثلاثة وجوه :
الأول : إن تخصيص تعاقب الجمل بالواو يفهم منه عدم وجود الخلاف في حروف العطف الأخرى ، وليس بصحيح إذ الخلاف جار في حكم الاستثناء الواقع بعد الجمل المتعاقبة بحروف العطف الأخرى .
الثاني : إن عبارة الامدي توهم إن الخلاف يكون بين الجمل المتعاطفة فقط وليس بصحيح بل الخلاف يجري أيضا بين الجمل المتعاقبة بدون عطف مثل الجمل المتعاقبة على سبيل التعداد .
الثالث : إن لفض الجمل يشعر إن الخلاف لا يجري في الجملتين وليس بصحيح بل الخلاف حاصل بين الجملتين كذالك .
ولهذا فالصواب إن يقال في ترجمه هذه المسالة ما قدمناه أعلاه والله اعلم .إذا فهم ذالك نقول :
إذا ورد الاستثناء بـــ (إلا) أو إحدى أخواتها عقب جملتين فصاعدا وهناك دليل يدل على رجوع الاستثناء إلى إحدى الجمل فالعلماء متفقون على العمل . بمقتضى ذالك الدليل
أمثله : مثال (1)
قوله تعالى إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني إلا من اغترف غرف بيده ) فالاستثناء ( إلا من اغترف غرفه بيده ) راجع إلى الجملة الأولى (فمن شرب منه فليس مني )(53).
مثال (2) :
قوله تعالى ( لا يحل لك النساء من بعد ولا إن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ) فالاستثناء (إلا ما ملكت يمينك )
راجع إلى (النساء) لا إلى (الأزواج) لان الأزواج لا يدخل تحتها ملك اليمين من الإماء ، بعكس لفض النساء يشتمل الأزواج وملك اليمين (54)
مثال (3) :
قوله تعالى ( ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنه ودية مسلمه إلى أهله إلا إن يصدقوا ) فالاستثناء (إلى إن يصدقوا ) راجع إلى الدية دون ألكفاره وهي عتق الرقبة لان أهل المقتول لهم الحق يتصدقوا بالدية وإما ألكفاره فهي من حق الله سبحانه فليس لهم الحق في إسقاطها (55).
مثال (4) :
قوله تعالى ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا إن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أين ينفوه من الأرض ذالك لهم فالدنيا خزي وله فالاخره عذاب عظيم إلى الذين تابوا) فالاستثناء (إلا الذين تابوا) راجع إلى كل الجمل السابقة. ونقل ابن النجار عن السمعاني الإجماع على ذالك (56) .
وإما إذا تجرد الكلام عن قرينه فقد اختلف أعلماء في ذالك إلى تسعة أقوال والصحيح منها إن الاستثناء يعود إلى جميع الجمل المتقدمة وهو قول مالك والشافعي واحمد وابن حزم وابن تيميه رحمهم الله تعالى (57)
والدليل على ذالك :
1- إن الشرط إذا ورد عقب جمل متعددة فانه يعود على الجميع اتفاقا، فكذالك الاستثناء لان الاستثناء كالشرط من حيث المعنى إلا ترى إن قوله تعالى ( أولائك هم الفاسقون إلا الذين تابوا ) بمعنى أولائك هم الفاسقون إن لم يتوبوا.
2- إن حرف العطف جعل الجمل المتعددة كالجملة الواحدة وكما إن الاستثناء يرجع إلى جميع أجزاء الجملة الواحدة فكذالك هو يرجع إلى جميع الجمل المتعددة.
3- إن الاستثناء صالح للعود على الجميع فتخصيص ذالك ببعض الجمل دون بعض تحكم.
4- قال ابن حزم :
إن كل ألفاظ جمعت في حكم واحد فلم يكمل بعد أمرها حتى ينقضي الكلام فإذا جاء يعقبها استثناء فقد صح الاستثناء يقينا وإذا صح يقينا فقد حصل التخصيص بالنص وصار الاقتصار به على بعض ما قبله دون بعض دعوى مجرده لا دليل عليه (58) .
5- قال ابن النجار :
واحتج الشيخ تقي الدين فقال : من تأمل غالب الاستثناء في الكتاب وألسنه واللغة وجدها للجميع والأصل إلحاق المفرد بالغالب (59).
ثمرة الخلاف:
قال تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلده ولا تقبلوا لهم الشهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ألا الذين تابوا من بعد ذالك وأصلحوا فان الله غفور رحيم ). ذهب جمهور العلماء إلى قبول شهادة المحدود في حد القذف إذا تاب وقالوا إن الاستثناء ( إلا الذين تابوا ) راجع إلى جميع الجمل المتقدمة . وذهب الحنفية إلى عدم قبول شهادته لان الاستثناء راجع إلى الجملة الاخيره فقط وان التوبة ترفع الفسق فقط . والصحيح هو قول الجمهور كما قدمنا أنفا ، وان التوبة ترفع الفسق وتقبل الشهادة بها .
فان قيل: يلزم الجمهور القول بسقوط الحد بالتوبة أي إن الاستثناء يعود إلى الجملة ( فاجلدوهم ثمانين جلده ) وهو ليس بصحيح ؟
فالجواب : إن الجمهور يقولون إن الاستثناء يقولون يرجع إلى جميع الجمل المتقدمة مال لم يمنع من ذالك مانع هو إن الحد من حقوق الآدمي ليسقط بالتوبة على ما قد علو في موضعه .
وانظر هذه المسألة في المصادر التالية :
إحكام بن حزم (4/22) إلام للشافعي (7/45) تفسير الطبري (18/76) المصنف لعبد الرزاق (8/362) التخليص ألحبري (4/204)
المسألة الخامسة عشر
استثناء المجهولات
الأول : إن يكون المستثنى والمستثنى منه معلومين ،كقولك :
أعتقت عبيدي كلهم إلا زيدا
الثاني : إن يكون المستثنى منه معلوما والمستثنى مجهولا كقولك :
له علي مائة درهم إلا دينار
الثالث : إن يكون المستثنى منه مجهولا والمستثنى معلوما كقولك :
له عندي نقودا ألا دينارا.
الرابع : إن يكون المستثنى والمستثنى منه مجهولين كقولك :
له علي إلف إلا ثيابا
فالقسم الأول لا خلاف في جوازه وإما بقيه الأقسام فقد حصل فيها خلاف على ثلاثة أقوال : الجواز مطلقا ،؟المنع مطلقا ،الجواز إذا أفاد الاستثناء.
وتجد هذه المسالة في كتب الأصول مترجمه بـ ( الاستثناء من المنكرات ) وخلاف العلماء حول إفادة الجمع المنكر للعموم .
وبالرغم من الاختلاف الأصولي في هذه المسالة إلا إن أي اثر لم يترتب على ذالك من الناحية الفقهية ، فالجميع متفقون على الحكم ،لكن يختلفون في مأخذه إي طرق إثباته . فالمنكرين لهذه القاعدة والمثبتين لها قالوا جميعا بقبول الجهالة في الاقارير والطلاق ونحوها إلا إن المثبتين للقاعدة يأخذون الحكم من الاستثناء والنافين للقاعدة يلغون الاستثناء ويأخذون الحكم من طريق أخر وهو الرجوع إلى المقر نفسه بتوضيح ما أبهمه ، وتفصيل ما أجمله ففي شرح الهدايه : ( إن جهالة المقر به لا تمنع صحة الإقرار ولكن جهالة المستثنى تمنع صحة الاستثناء لأن جهالة المستثنى تورث جهالة في المستثنى منه فبقى المقر به مجهولا ) (60). وهذه المسألة تشبه المسألة الثالثة عشرة (61).
المسألة السادسة عشرة
هل الاستثناء من أدلة التخصيص ؟
قولان لأهل العلم. ذهب الجمهور إلى الاســـتثناء من أدلة التخصيص المتصلة بينما ذهب الحنفية إلى انه ليس منها وسبب الخلاف هـو إن التخصيص عند الحنفية لا يكون إلا بدليل مستقل مقارن, وبذالك فهم يعرفون التخصيص بأنه : قصر العام على بعض إفراده بدليل مستقل مقارن . والاستثناء ليس دليلا مستقلا، فإذن ليس هو من أدلة التخصيص .
وإما الجمهور فالتخصيص يكون بدليل مستقل وغير مستقل فلاستثناء عندهم من أدلة التخصيص .
فان قيل : إن قصر اللفظ على بعض إفراده حاصل بما هو مستقل وبما هو غير مستقل بالاتفاق بين الجمهور والحنفية ، غاية ما هنالك إن الحنفية اصطلحوا على تسمية القصر بالدليل المستقل تخصيصا ، والقصر بالدليل غير المستقل بيانا، فهذا يجعل الخلاف لفظيا؟
فالجواب: ظاهر كلام صدر الشريعة (62 ) وان عبد الشكور (63) هو كذالك. إلا إن الشيخ الأنصاري (64) جعل الخلاف معنويا وذالك لان الحنفية يقولون إن ما عدا الخاص يأخذ حكم عام ، بخلاف ما عدا المستثنى فانه إلا يأخذ حكم المستثنى منه، على ما تقدم في مسالة الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي. وهذا الذي ذكره الأنصاري له وجه قوي . والله اعلم (65) والراجح هو قول الجمهور وقد ذهب إليه من الأحناف الكمال بن الهمام وابن عبد الشكور رحمه الله.
المسألة السابعة عشرة
الفرق بين الاستثناء والتخصيص
قال الرازي في المحصول : وإما الفرق بين التخصيص والاستثناء فهو فرق ما بين العام والخاص عندي أ. هــ يقصد إن التخصيص اعم من الاستثناء لان الاستثناء دليل من أدلة التخصيص المتصلة ، فالنسبة بينهما العموم والخصوص المطلق ، أي كل استثناء فهو تخصيص وليس كل تخصيص استثناءا.
وإما أكثر الحنفية ومعهم إمام الحنفيين والغزالي من الشافعية، والقاضي أبو يعلى من الحنابلة ، عندهم تباين بين التخصيص والاستثناء على ما سبق إيراده من الخلاف ،ولذالك ذكروا عدة فروق بينهما :
1- الاستثناء ينحصر بصيغ معينه بخلاف التخصيص .
2- التخصيص يكون بالادله اللفظية وغير اللفظية بخلاف الاستثناء لا يكون إلا بالا دله اللفظية
3- الاستثناء يصح من النص ومن الظاهر . تقول : اقتلوا المشركين إلا زيدا. وتقول : له عشرة ألا ثلاثة . فلفظ المشركين ظاهر في دلالته على جميع إفراده وليس نصا لاحتمال عدم إرادة بعض الإفراد ،وإما لفظ العشرة فهو نصفي دلالته ، وقد دخل الاستثناء على كل منها .
إما التخصيص فلا يطرق إلى النص أصلا (66)
المسالة الثامنة عشرة
الفرق بين الشرط والاستثناء
يتفقان في أمور :
1- كل منهما دليل مخصص مستقل عند الجمهور
2- كل منهما يجب اتصاله بالكلام .
ويفترقان في أمور :
1- الشرط عود على جميع الجمل المتقدمة بالاتفاق والاستثناء مختلف
فيه.
2- الشرط يجوز إن يخرج به المساوي والنصف والأكثر بالاتفاق
والاستثناء مختلف فيه .
3- لا يجوز الاستغراق في الاستثناء بالاتفاق والشرط يجوز في ذالك .
وقد بين القرافي سبب ذالك فقال : وسر الفرق إن المتكلم بالاستثناء
مقدم في أول أمره على بطلان جميع كلامه وتصييره هذرا من القول
من علمه بذالك وقصده ، فكان معدودا من السفهاء والمشتغلين بالهذيان
وإما المتكلم بالشرط فلم يقصد بطلان قوله من أول الأمر بل علق ذالك على أمر جائز ثبوته كله أو بعضه فلم يكن المتكلم في تعليق
كلامه على شرط متكلما بالهذر من القول (67).
المسألة التاسعة عشرة
الاستثناء من المنطوق
يكون الاستثناء من الأمور المنطوق بها, أما من الإحكام, وأما من الصفات. فأما الاستثناء من الأحكام فحاصلة انه كل استثناء يرجع إلى فعل منطوق به, أو ما في معنى الفعل, مثل اسم الفاعل والمفعول. فمثال الفعل : قولك قام القوم إلا زيدا. ومثال اسم الفاعل : كل رجل قائم إلا زيدا. ومثال اسم المفعول: كل احد مكرم إلا زيدا.
وأما الاستثناء من الصفات كقوله تعالى حكاية عن الكفار : أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى حيث تم استثناء الموتة الأولى من الموت وهي الصفة المنفية والموتة الأولى نوع منها (68).
المسألة العشرون
الاستثناء من غير المنطوق :
يكون الاستثناء من الأمور غير المنطوق بها على أنواع :
1- الاستثناء من الأسباب :
مثال ( 1 ) : قوله تعالى : وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله المعنى والله اعلم : وما تنفقون لسبب من الأسباب إلا لسبب قصد وجه الله.
مثال ( 2 ) : قوله تعالى : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا المعنى والله أعلم : وما نحدث هذه الحوادث الكونية (69) لسبب من الأسباب إلا لسبب تخويف الناس (70).
مثال ( 3 ) : قوله تعالى : والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى المعنى والله اعلم : أن المشركين يقولون ما نعبدهم من سبب من الأسباب إلا لسبب واحد هو التقرب الى الله بالشفاعة.
2- الاستثناء من الشرط :
مثال ( 1 ) : قول النبي (صلى الله عليه وسلم ) : ( لا نكاح إلا بولي ) المعنى والله أعلم : لا نكاح صحيح بشرط من الشروط إلا بشرط وجود ولي.
مثال ( 2 ) : قول النبي (صلى الله عليه وسلم ) : ( لا صلاة إلا بطهور ) وقوله : ( لا تبيعوا الذهب إلا مثلا بمثل ).
3- الاستثناء من الموانع :
مثال : لا تسقط الزكاة إلا بالدين أي لا تسقط الزكاة بمانع من الموانع إلا مانع الدين.
4- الاستثناء من الأمكنة :
مثال : سرت إلا أمامك. أي سرت البقعة إلا أمامك.
5- الاستثناء من الأزمنة :
مثال ( 1 ) : قوله تعالى : إن لبثتم إلا يوما المعنى والله أعلم : ما لبثتم من الزمان شيئا إلا يوما.
مثال ( 2 ) : قوله تعالى : وما أختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم المعنى والله اعلم : وما اختلفوا في زمان إلا في الزمان المتأخر عن مجيء العلم.
6 – الاستثناء من الأحوال :
مثال : قوله تعالى : أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين المعنى والله اعلم : لا يدخلونها في حال من الحالات ألا في حالة الخوف.
والاستثناء في كل هذه الأنواع استثناء متصل. ذكر هذا كله القرافي في الاستغناء ص ( 592 – 656 )
ثم ما أردته والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
الهوامش
( 1 ) جزء من حديث روي بألفاظ مختلفة عن أبي أمامه عن النبي ( ) انه قال : ( من قال في دبر الصلاة الغداة : لا اله إلا الله لا شريك له, له الملك وله الحمد يحي ويميت, وهو على كل شي قدير, مائة مرة قبل أن يثني رجليه, كان أفضل أهل الأرض عملا إلا من قال مثل مقالته ) رواه أبن السني في عمل اليوم والليلة. ورواه الترمذي بلفظ أخر في السنن ( 3470 ) وانظر تحفة الاحوذي ( 4 / 252 ) , وجامع الأصول ( 4 / 230 ) والحديث لا يترك عن مرتبة الحسن.
( 2 ) النهاية في غريب الحديث ( 1 / 224 ).
( 3 ) المستصفى ( 1 / 170 ) وأحكام الامدي ( 2 / 425 ) العدة لأبي يعلى ( 2 / 673 ) شرح الكوكب المنير للفتوحي ( 3 / 281 ).
( 4 ) لسان العرب مادة ( ثني ).
( 5 ) هذا البيت من معلقة طرفة بن العبد.
العمر : بفتح أوله أو بضمه بمعنى واحد. وإنما يستعمل في القسم الفتح دون الضم.
الطول : بكسر الطاء وفتح الواو, هو الحبل يطول للدابة فترعى.
ثنياه : بكسر الثاء وسكون النون,ة طرفاه المعطوفان.
ما اخطأ : ( ما ) هنا مصدرية.
والمعنى : أقسم بحياتك أن الموت مدة تجاوزه الفتى كالحبل يطول للدابة لترعى, إذا نزل به لا يتخلص منه فيهلك. انظر الشعر والشعراء لأبن قتيبه ( ص 77 ).
( 6 ) فتح القدير للشوكاني ( 2 / 481 ).
( 7 ) القاموس المحيط ( ثني ).
( 8 ) تفسير الرازي ( 1 / 176 ) , ( 19 / 207 ) , تفسير ابن كثير ( 1 / 9 ) , ( 2 / 557 ).
( 9 ) رواه أبن شيبه في المصنف ( 2 / 431 ) برقم ( 10734 ).
( 10 ) تهذيب الصحاح للجهوري ( ثني ).
( 11 ) فتح القدير للشوكاني ( 4 / 271 ).
( 12 ) هو محمد بن الحسن بن الفراء الموصلي, محدث, أصولي, حنبلي بل شيخ الحنابلة في وقته, ت 458 هــ في بغداد . رحمه الله تعالى.
( 13 ) العدة في أصول الفقه ( 2 / 659 ).
( 14 ) هو محمد بن محمد الطوسي, فقيه, أصولي, شافعي, ت 505 هـ . رحمه الله تعالى.
( 15 ) المستصفى ( 2 / 163 ).
( 16 ) هو محمد بن عمر بن الحسين, مفسر, فقيه, أصولي, شافعي, ت 606 هـ رحمه الله تعالى.
( 17 ) التحصيل من المحصول ( 1 / 370 ).
( 18 ) هو علي بن محمد بن سالم التغلبي, فقيه, أصولي, شافعي, ت 631 هـ , رحمه الله تعالى.
( 19 ) أحكام الامدي ( 2 / 418 ).
( 20 ) هو عثمان بن عمر بن أبي بكر الكردي, فقيه, أصولي, نحوي, مالكي, ت 646 هـ , رحمه الله تعالى.
( 21 ) مختصر أبن الحاجب بشرح العضد مع حاشية التفتازاني ( 2 / 132 ).
( 22 ) هو عبد الله بن عمر بن محمد, فقيه, أصولي, شافعي, ت 685 هـ , رحمه الله تعالى.
( 23 ) نهاية السول شرح منهاج الوصول ( 2 / 93 ).
( 24 ) هو احمد بن ادريس, فقيه, أصولي, مالكي, ت 684 هـ, رحمه الله تعالى.
( 25 ) الاستغناء ( ص 98 ).
( 26 ) هو محمد بن عبد الله, فقيه, أصولي, مفسر, محدث, شافعي, ت 794 هـ , رحمه الله تعالى.
( 27 ) البحر المحيط ( 3 / 275 ).
( 28 ) هو محمد بن علي المعتزلي, أصولي, ت 436 هـ , رحمه الله تعالى.
( 29 ) المعتمد ( 1 / 219 ).
( 30 ) التبصرة الصيمري ( 1 / 382 ) المساعد لأبن عقيل ( 1 / 590 ) الاستغناء ( ص 103 ).
( 31 ) متفق عليه.
( 32 ) العدة ( 2 / 661 – 663 ) المستصفى ( 3 / 165 ) أحكام الامدي ( 2 / 421 – 422 ) تيسير التحرير لأمير باد شاه ( 1 / 298) التحصيل من المحصول للآرموري ( 1 / 373 ) البحر المحيط ( 3 / 284 – 286 ) المذكرة للشنقيطي ( ص 226 ).
( 33 ) الاستغناء ( ص 562 ).
( 34 ) تيسير التحرير ( 1 / 300 ) مسلم الثبوت لأبن عبد الشكور ( 1 / 323 – 324 ) التنقيح مع التوضيح التفتازاني ( 3 / 59 ) التمهيد للاسنوي ( ص 389 ) أصول السرخسي ( 1 / 145 – 146 ) البحر المحيط ( 3 / 287 ) التحصيل من المحصول ( 1 / 376 ).
( 35 ) الاستثناء ( ص 124 ) أصول السرخسي ( 2 / 36 ) إرشاد الفحول للشوكاني ( ص 146 ).
( 36 ) هذا البيت من رجز عامر بن حارث نسبه إليه البغدادي في الخزانة الأدب ( 4 / 197 ) .
اليعافير : جمع يعفور وهو ولد البقرة الوحشية.
العيس : بكسر العين جمع عيساء وهي الإبل البيض يخالط بياضها شي من الشقرة.
( 37 ) ديوان النابغة الذبياني ( ص 49 ).
الفلول : جمع فل, وهو الثلم.
القراع : الضرب.
الكتائب : جمع كتيبة.
( 38 ) هذان البيتان للنابغة الذبياني من قصيدته التي مطلعها.
يا دار مية بالعلياء فالسند أقوت وطال عليها سالف الأمد
أصيلانا : مصغرة أصيل وهو العشي.
عيت : عجزت عن الجواب.
الربع : الدار.
الاواري : جمع أرى وهي مجالس الخيل.
لأيا : بطيئا.
النؤي : حاجز حول الخباء يمنع الماء.
المظلومة : ارض حفر فيها حوض لغير اقامه.
الجلد : الصلبة. أنظر خزانة الأدب ( 2 / 125 ).
( 39 ) البرهان لإمام الحرمين ( 1 / 397 – 398 ) شرح الكوكب المنير ( 2 / 286 – 287 ) المستصفى ( 2/ 169 ) أحكام الامدي ( 2 / 425 ) العدة ( 2 / 673 ) المسودة ( ص 156 ) روضة الناظر ( ص 132 ) المذكرة ( ص 226 ).
( 40 ) الاستغناء ( ص 74 ) شرح تنقيح الفصول ( ص 239 ) المساعد لأبن عقيل ( 2 / 550).
( 41 ) الاستغناء ( ص 242 ) نهاية السول ( 2 / 103 ).
( 42 ) الاستغناء ( ص 572 ) العدة ( 2 / 166 ) شرح جمل الزجاجي ( 2 / 158 ) المنهاج بشرح البدخشي والاسنوي ( 2 / 102 – 104 ).
( 43 ) أحكام الأمدي ( 2 / 432 ) العدة ( 2 / 666 – 667 ) أحكام أبن حزم ( 4 / 15) المستصفى ( 2 / 171 ) المسودة ( ص 154 – 155 ) القواعد والفوائد لأبن اللحام ( ص 247 ) مسلم الثبوت ( 1 / 324 ) تيسير التحرير ( 1 / 300 ) إرشاد الفحول ( 149 ) الاستغناء ( ص 537 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 306 – 308 ) شرح جمل الزجاجي ( 2 / 349 ) روضة الناظر ( 2 / 181 ).
( 44 ) الاستغناء ( ص 145 ).
( 45 ) أي الرازي.
( 46 ) التمهيد ( ص 380 ).
( 47 ) متفق عليه.
( 48 ) انظر : المنهاج للبيضاوي بشرح البدخشي والاسنوي ( 2 / 74 ) أحكام الامدي ( 2 / 312 ) مسلم الثبوت ( 1 / 361 ) حاشية العطار على جمع الجوامع ( 2 / 14 ) تيسير التحرير ( 1 / 291 ) إرشاد الفحول ( ص 147 ) مختصر أبن الحاجب بشرح العضد ( 2 / 134 ) البرهان للجويني ( 1 / 400 ) شرح جمل الزجاجي ( 2 / 251 ).
( 49 ) أنظر : أصول السرخسي ( 2 / 36 ) مسلم الثبوت ( 1 / 327 ).
( 50 ) مثل الرازي في المحصول والاسنوي في نهاية السول والشوكاني في إرشاد الفحول.
( 51 ) أنظر ك أحكام الامدي ( 2 / 451 ) أصول السرخسي ( 1 / 36 ) كشف الأسرار ( 3 / 122 ) شرح العضد على المختصر لأبن الحاجب ( 2 / 142 – 143 ) المسودة ( ص 160 ) تيسير التحرير ( 1 / 294 ) مسلم الثبوت ( 1 / 326 – 327 ) شرح جمع الجوامع ( 2/154) شرح الكوكب المنير ( 3 / 327 -328 ) المنهاج بشرح البدخشي والاسنوي ( 2 / 96 ) البحر المحيط ( 2 / 108) التحصيل من المحصول ( 1 / 377 ) إرشاد الفحول ( ص 150 ).
( 52 ) أحكام الامدي.
( 53 ) تفسير الرازي ( 6 / 182 ).
( 54 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 316 ).
( 55 ) تفسير الشوكاني ( 1 / 498 ).
( 56 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 319 ).
( 57 ) العدة ( 2 / 678 – 679 ) أحكام الامدي ( 2 / 438 ) المسودة ( ص 156 ) أحكام أبن حزم ( 4 / 21 ). مجموعة الفتاوي لأبن تيمية ( 31 / 167 ). أضواء البيان للشنقيطي ( 6 / 92 ).
( 58 ) الأحكام في أصول الأحكام ( 4 / 22 ).
( 59 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 323 ) وأنظر لهذه الأدلة المصادر التالية : العدة ( 2 / 680 ) المستصفى ( 2 / 175 ) روضة الناظر ( ص 134 ) إرشاد الفحول ( ص 151 ) أحكام الامدي ( 2 / 441 ) تيسير التحرير ( 1 / 307 ).
( 60 ) فتح القدير ( 8 / 356 ).
( 61 ) أنظر: المسودة ( ص 159 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 282 ) العدة ( 2 / 673 ) تيسير التحرير ( 1 / 206 ) مسلم الثبوت ( 1 / 268 ) المنهاج بشرح الاسنوي والبدخشي ( 2 / 63 ) حاشية البناني على جمع الجوامع ( 1 / 417 ) البحر المحيط ( 3 / 267 ) المستصفى ( 2 / 36 ) أحكام الامدي ( 2 / 290 ) أحكام ابن حزم ( 4 / 109 ) أصول السرخسي ( 1 / 151 ) الاستغناء ( ص 373 ) المغني لأبن قدامه ( 5 / 190 ) شرح جمل الزجاجي ( 2 / 352 ).
( 62 ) التوضيح ( 1 / 76 – 77 ).
( 63 ) مسلم الثبوت ( 1 / 300 ).
( 64 ) فواتح الرحموت ( 1 / 300 ).
( 65 ) أنظر : أحكام الامدي ( 2 / 416 ) أحكام أبن حزم ( 4 / 10 ) المختصر بشرح العضد ( 2 / 131 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 281 ) تيسير التحرير ( 1 / 273 ) مسلم الثبوت ( 1 / 316 ) البرهان لإمام الحرمين ( 1 / 400 ) المستصفى ( 2 / 164 ) المنخول ( ص 162 ) العدة ( 2 / 660 ) المنهاج بشرح الاسنوي والبدخشي ( 2 / 75 ) جمع الجوامع بشرح المحلي ( 2 / 31 ) أصول السرخسي ( 2 /35 ) إرشاد الفحول ( ص 147 ) الفصول في الأصول للجصاص ( 1 / 245 – 254 ).
( 66 ) المستصفى ( 2 / 164 ).
( 67 ) الاستغناء ( ص 562 ).
( 68 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 294 ) الاستغناء ( ص 581 ).
( 69 ) المقصود بالآيات هنا الحوادث الكونية كالزلزال والرياح ....
( 70 ) انظر تفسير الشوكاني ( 3 / 238 ).
الفهرست
المقدمة .................................................. .............................. 1
المسالة الأولى : تعريف الاستثناء لغة ........................................... 3
المسالة الثانية : تعرف الاستثناء اصطلاحا ......................................5
المسالة الثالثة : أدوات الاستثناء .................................................. .8
المسالة الرابعة : شروط الاستثناء ،الشرط الأول ...............................9
المسالة الخامسة : الشرط الثاني :عدم الاستغراق ..............................11
المسالة السادسة : الاستثناء من الجنس ..........................................11
المسالة السابعة : الاستثناء من غير الجنس .....................................12
المسالة الثامنة : هل الاستثناء من غير الجنس هو الاستثناء المنقطع ؟ ….14
المسالة التاسعة : تكرار الاستثناء بالعطف......................................15
المسالة العاشرة : تكرار الاستثناء بدون عطف .................................15
المسالة الحادية عشرة : استثناء النصف والأكثر .................................16
المسالة الثانية عشرة :الاستثناء من الإعداد......................................17
المسالة الثالثة عشرة :الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي أثبات ..................17
المسالة الرابعة عشر :الاستثناء الواو عقب جملتين فصاعدا ........................19
المسالة الخامسة عشرة :استثناء المجهولات ......................................23
المسالة السادسة عشره :هل الاستثناء من أدلة التخصيص ........................25
المسالة السابعة عشرة :الفرق بين الاستثناء والتخصيص ..........................26
المسالة الثامنة عشرة : الفرق بين الاستثناء والشرط .............................27
المسالة التاسعة عشرة : الاستثناء من المنطوق ...................................29
المسالة العشرون : الاستثناء من غير المنطوق ...................................29
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, ومن يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد إن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وبعد :
فهذه هي الرسالة الثالثة وقد تقدمتها رسالتان :
الأولى – التلخيصات والعليقات على كتاب افعال الرسول .
الثانية – الترك انواعه وأحكامه.
وهي بفضل الله مثل سابقتيها لا تخلو من المباحث الأصولية الجليلة, والمسائل المهمة, والترجيحات المبنية على صحيح المنقول وصريح المعقول, وغير ذلك من الفوائد التي تجدها, ما تقربه عين الناظر فيها. ومنهجي في ذلك إني اقتصرت على القول الراجح بدليله دون التطرق إلى ذكر الخلافيات إلا إذا رأيت المناسبة تدعو إلى ذلك. كما إني تركت مسائل الاستثناء التي لا علاقة لها بالأصول التي موضعها علم النحو. وقد رتبتها على شكل مسائل, وقد استفدت كثيرا من كتابين أثنين أولهما كتاب الاستغناء في أحكام الاستثناء للإمام القرافي, والثاني كتاب الاستثناء عند الأصوليين للدكتور أكرم بن محمد بن حسين, وهي رسالة ماجستير مطبوعة. أقول ذلك للأمانة العلمية. أضف إلى ذلك المصادر التي تراها أثناء البحث.
وأخيرا أسأل الله تبارك وتعالى الصدق والإخلاص في القول والعمل.
وكتب
أبو عبد الله المصلحي
10 / جمادي الآخرة / 1421 هــ
أبو عبد الله المصلحي
10 / جمادي الآخرة / 1421 هــ
مسائل الاستثناء
في علم اصول الفقه
المسألة الأولى
تعريف الاستثناء لغةﹰ
الاستثناء لغة مصدر استثنى من الثني. وللثني في اللغة معان منها :
• الصرف : تقول ثنيته عن حاجته إذا صرفته, وفي الحديث : (( من قال قبل أن يثني رجله )) (1). أي يصرفها عن موضعها الذي كانت عليه في التشهد (2).
فالمتكلم يصرف كلامه بالاستثناء عن وجهه الأول إلى وجه آخر. فان كان الكلام إثباتا جعله نفيا, وبالعكس (3).
• العطف : تقول ثنيت الحبل, إذا عطفت بعضه على البعض (4).
وفي الشعر :
لعمرك إن الموت ما أخطا الفتى لكا لطول المرخى وثنياه باليد (5)
أي : طرفاه المعطوفان.
وفي الآية : ألا أنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه .
أي : يعطفونها عليه استخفاء من الله (6).
فالمتكلم يعطف على المستثنى ليخرجه من حكم المستثنى منه.
• القطع : ومنه ثني الحبل والوادي وهو منقطعهما (7). والمتكلم يقطع المستثنى من حكم المستثنى منه.
• التكرير : ومن هذا المعنى سميت الفاتحة بالسبع المثاني لأنها تعاد وتكرر في كل ركعة أو لأنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة (8).
وفي الحديث (( لا ثنى في الصدقة )) (9). أي لا تؤخذ الصدقة في السنة مرتين.
فالمتكلم يذكر المستثنى مرتين من حيث شمول المستثنى منه له أولا والنص عليه ثانيا.
والاسم من الاستثناء هو ( الثنيا ) و ( الثنوى ) كالفتيا والفتوى (10). وثنيا الجزور : قوائمه ورأسه, لأن بائع الجزور في الجاهلية كان يستثنيها من البيع. وقال تعالى : اذا أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون أي : لا يخرجون نصيب المساكين الذي كان أبوهم يخرجه من ثمرة البستان, أو معنى لا يستثنون لا يعلقون ذلك. بمشيئة الله سبحانه (11).
المسألة الثانية
تعريف الاستثناء إصلاحا
اختلفت عبارات العلماء في تعريف الاستثناء إصلاحا وذلك بحثا منهم عن تعريف جامع مانع. فقد عرفه القاضي أبو يعلى (12) بأنه كلام ذو صيغ محصورة تدل على إن المذكور فيه لم يرد بالقول الأول (13). وعرفه الغزالي (14) بالتعريف الذي ذكره القاضي مع تصرف قليل فقال : وحده أنه قول ذو صيغ مخصوصة محصورة دالة على إن المذكور فيه لم يرد بالقول الأول (15).وعرفه الرازي (16) بتعريفين فقال انه : إخراج بعض الجملة من الجملة بلفظ ( الا ) أو ما يقوم مقامه. وقال أنه : مالا يدخل في الكلام إلا لإخراج بعضه بلفظة ولا يستقل بنفسه (17). وعرفه الامدي (18) بأنه : عبارة عن لفظ متصل بجملة لا يستقل بنفسه دال بحرف ( الا ) أو أخواتها على إن مدلوله غير مراد مما اتصل به, ليس بشرط ولا صفة ولا غاية (19).
وعرفه ابن حاجب (20) بأنه : إخراج بـــ ( الا ) وأخواتها (21).
وعرفه البيضاوي (22) بأنه : الإخراج بـــ ( الا ) غير الصفة ونحوها (23).
وعرفه القرافي (24) بأنه : إخراج بعض الجملة أو ما يعرض لها من الأحوال والأزمنة والبقاع والمحال (25).
وعرفه الزركشي (26) بأنه : الحكم بإخراج الثاني من الحكم الأول بواسطة موضوعة لذلك (27).
وعرفه أبو الحسين البصري (28) بأنه : عبارة عما يخرج من الكلام ما لولاه لدخل تحته (29).
هذا ولا يوجد تعريف الا وعليه إيرادات, لأن الحدود على مقتضى الشرائط التي وضعها المتكلمون عسيرة ولا تكاد تحصل, وقد صرح بذلك جماعة من العلماء, وعلى كل حال, فأن المطلوب فهم المراد, وليس الاعتناء بالألفاظ, بل ذاك أصل وهذا تبع, وهو أسلوب العرب في مخاطباتها, وما جرى عليه المعهود في كلامها, وانظر طرفا من ذلك الموافقات للشاطبي رحمه الله , وهو غاية الشافعي رحمه الله من وضع الرسالة. وبعد هذا يمكن القول بأن الاستثناء هو إخراج بلفظ موضوع لذلك, والله اعلم.
المسألة الثالثة
أدوات الاستثنــاء
وهي اثنتا عشرة أداة في ستة أقسام من حيث النوع.
1- حرف : وهو ( الا ) وهي الأصل في أدوات الاستثاء.
2- اسم : وهو ( غير – سوى – بيد ).
3- أفعال : وهي ( ماعدا – ماخلا – ليس – لا يكون ).
4- اتفقوا على حرفيته, واختلفوا في فعليته : وهو ( حاشا ).
5- متردد بين الحرفية والفعلية : وهو ( عدا – خلا ).
6- مركب من الاسم والحرف : وهو ( لا سيما ).
فائدة ( 1 ) أما ( سوى ) فهي تساوي ( غير ) مطلقا في الاستثناء وغيره. وأما ( بيد ) فهي تساوي ( غير ) في الاستثناء المنقطع فقط مضافة إلى ( أن ) وما بعدها, تقول : المسلمون كثير عددهم بيد أنهم غثاء كغثاء السيل.
فائدة ( 2 ) جاء في ( سوى ) أربع لغات :
1- كسر السين مع القصر ( سوى ).
2- كسر السين مع المد ( سواء ).
3- ضم السين مع القصر ( سوى ).
4- فتح السين مع المد ( سواء ).
فائدة ( 3 ) جاء في ( لا سيما ) ثلاث لغات :
1- لا سيما – بالتشديد.
2- لا سيما – بالتخفيف.
3- لا سواء ما.
فائدة ( 4) اختلف أهل اللغة في مجيء ( لا سيما ) للاستثناء, فذهب سيبويه إلى أنها ليست من أدوات الاستثناء. وذهب الكوفيون وجماعة من البصريين إلى أنها تأتي للاستثناء (30).
المسألة الرابعة
شروط الاستثنـاء
وفيه شرطان ونتناول في هذه المسألة الشرط الأول
شرط الاتصال
للعلماء هنا عدة أقوال في اعتبار هذا الشرط, وقد تصل إلى ستة أقوال, والصحيح منها إن الاتصال شرط في صحة الاستثناء مطلقا اتصالا عاديا.
والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة والإجماع المعقول.
أما الكتاب :
قوله تعالى لأيوب ( ) : وخذ بيدك ضغثا فأضرب به ولا تخنث .
وجه الدلالة : انه لو جاز تأخير الاستثناء لما أمر الله تعالى أيوب ( ) بذلك ولقال له : استثن. أو لخيره بين الاستثناء والضرب لأنه أسهل.
وأما السنة : فقوله ( ) : ( من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ). (31).
وجه الدلالة : لو كان تأخير الاستثناء جائزا لما عين الكفارة, ولأمر بالاستثناء للخروج من الحنث لأنه أسهل, فلما ترك ذلك وأمر بالكفارة, دل على عدم جواز فصل الاستثناء.
وأما الإجماع :
فقد ذكر العلماء إجماع أهل اللغة على وجوب اتصال الاستثناء بالمستثنى منه, فلو قال : له عشرة دراهم. ثم قال بعد أيام : إلا ثلاثة. فأنه لا يعد هذا الكلام منتظما, بل يعد لغوا لا يعتد به.
وأما المعقول :
فانه لو حكم بصحة الفصل لتعذر ثبوت الأحكام الفقهية من البيوع والنكاح وغير ذلك, وهذا يؤدي إلى فساد الحياة. ويذكر إن بعض الناس قال للمنصور, الخليفة العباسي, إن أبا حنيفة يخالف جدك أبن عباس في عدم تجويزه الاستثناء المنفصل وقد قال به أبن عباس (رضي الله عنهما). فعتب الخليفة أبا حنيفة, فأجابه الإمام رحمه الله : إن الذي قام بالسعاية إليك في هذه المسألة يريد إفساد دولتك عليك. فقال المنصور وكيف ؟ قال له : إن صحة فصل الاستثناء تؤدي إلى جواز نقض بيعتك بعد فترة لمن بايعك الآن !
وهذا القول هو مذهب جمهور العلماء (32).
تنبيه : المراد بالاتصال ما يحكم به العرف أنه اتصال مما لا يخل بنظم الكلام عند أهل اللغة, وأما الفصل اليسير مثل سعال أو انقطاع نفس ونحو ذلك فلا يضر.
المسالة الخامسة
الشرط الثاني
شرط عدم الاستغراق
لا يجوز أن يكون الاستثناء مستغرقا للمستثنى منه, لأنه إقرار منطوق به والمنطوق به لا يرفع كليا, وإلا لكان كلاما هدرا وباطلا من القول. قال القرافي : ( فإذا قلت له عندي عشرة أمتع, لأنه نطق بالهدر ومالا فائدة فيه, لأنك أبطلت عين ما أثبت ) (33). وأيضا فإن المستثنى جزء من المستثنى منه ,فلو جاز الاستغراق لصار كلا لا جزءا وبطل أن يكون إخراج شيء من شيء, فيبطل مونه استثناءا. ومنع الاستغراق مطلقا هو مذهب الجمهور. وأما الحنفية فعندهم في ذلك تفصيل, لكن ليس عليه أي دليل (34).
المسألة السادسة
الاستثناء من الجنس
وهو متفق عليه بين جميع العلماء نحو قولك : جاءني القوم إلا زيدا. والدليل على ذلك عدم ذكرهم الخلاف في الاستثناء من الجنس (35).
المسألة السابعة
الاستثناء من غير الجنس
وهو جائز في أصح قول العلماء ومن الأدلة على ذلك :
قوله تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه استثنى إبليس من الملائكة وهو ليس من جنسهم. وقال تعالى حكاية عن إبراهيم ( عليه السلام ) فإنهم عدو لي وإلا رب العالمين وليس سبحانه تعالى من جنس المخلوقين.
وقال تعالى وما لهم به من علم إلا إتباع الظن والظن ليس من جنس العلم. قوله تعالى لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما غلا قيلا سلاما سلاما والسلام ليس من جنس اللغو. وقوله تعالى لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم والتجارة عن تراض ليست من الأكل بالباطل. وقوله تعالى لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم الله ومن رحمه الله معصوم لا عاصم. وقوله تعالى فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلا رحمه منا والرحمة ليست من جنس الصريخ والإنقاذ.
وقد وقع الاستثناء من غير الجنس في الشعر العربي ومنه قول الشاعر :
وبلدة ليست بها أنيس إلا اليعافير والا العيس (36)
حيث استثنى اليعافير والعيس من الأنيس, وليست من جنسه, لأن الأنيس من المؤانسة, وهي تحصل بذوي العقول.
وقال النابغة الذبياني :
لا عيب فيهم غير إن سيوفهم بعن فلول من قراع الكتائب (37)
استثنى الفلول من العيب, وهي فخر لأصحاب السيوف وليست بعيب, فهو استثناء من غير الجنس.
ومنه :
وقفت بها أصيلانا أساءلها عيت جوابا وما بالربع من احد
إلا أواري لأيا ما أبينهـا والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد (38)
استثنى الاواري من أحد وهي ليست من جنسه, لأن أحدا لذوي العقول.إلا أواري لأيا ما أبينهـا والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد (38)
وهذا هو مذهب أصحاب أبي حنيفة وأصحاب مالك وبعض الشافعية وبعض الظاهرية وجماعة من المتكلمين وهو قول الشافعي وقال به أبو حنيفة في المكيل والموزون فقط (39).
المسألة الثامنة
هل الاستثناء من غير الجنس وهو الاستثناء المنقطع ؟
أكثر العلماء على عدم التفريق بينهما, وقد ذهب القرافي إلى الفرق بينهما على النحو التالي :
الاستثناء المنقطع ينقسم الى قسمين :
الأول : ما يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه كقولك رأيت أخوتك إلا ثوبا, فهذا استثناء منقطع واستثناء من غير الجنس في نفس الوقت.
الثاني : ما يكون المستثنى من جنس المستثنى منه كقولك رأيت أخوتك إلا زيدا ولم يسافر. فهذا استثناء منقطع لكنه استثناء من الجنس.
وهذا يعني أن الاستثناء من غير الجنس أحد أنواع الاستثناء المنقطع (40).
المسألة التاسعة
تكرر الاستثناء بالعطف
إذا تكرر الاستثناء بواسطة حرف العطف فأن جميع جميع الاستثناءات تتبع الاستثناء المعطوف عليه في العود أصل الكلام ( المستثنى الأول ). فإذا قال قائل له على مائة إلا ثلاثة, وإلا اثنين عاد الاستثناء الى صدر الكلام, فيلزمه خمسة وتسعون. وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم (41).
المسألة العاشرة
تكرر الاستثناء بدون العطف
إذا تكرر الاستثناء بغير العطف فانه كان مستغرقا للاستثناء الذي قبله فهو راجع إلى صدر الكلام لما تقدم من بطلان الاستثناء المستغرق. سواء كان الاستثناء المستغرق مساويا لمتلوه كقولك : له علي عشرة إلا أثنين إلا اثنين. أو أكثر قولك : له علي عشرة إلا أثنين إلا ثلاثة ففي كل من المثالين يرجع الاستثناء إلى صدر الكلام فيلزم المقر في المثال الأول ستة وفي المثال الثاني خمسة. أما وان لم يكن مستغرقا وأمكن استثناؤه من متلو فأصح أقوال أهل العلم إن كل استثناء يعود إلى ما قبل لا إلى صدر الكلام, وذلك لأن رجوع الاستثناء إلى متلوه أقرب من رجوعه إلى أصل الكلام, وترجيح القريب على البعيد قاعدة في لسان العرب. وهذا هو قول النحاة البصريين, والكسائي من الكوفيين, وجماعة من الأصوليين, كالرازي وأبي يعلى والقرافي (42).
المسألة الحادية عشرة
استثناء النصف والأكثـر
تقدم بيان بطلان الاستثناء المستغرق. وقد اتفق العلماء على جواز استثناء الأقل من النصف, وأما استثناء النصف أو الأكثر فقد اختلفوا فيه إلى ثلاثة مذاهب. والراجح هو جواز ذلك والدليل عليه قوله تعالى : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاويين والغاوون أكثر الفريقين لقوله تعالى : لكن أكثر الناس لا يؤمنون وقوله : وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين فباستثناء الغاوين من العباد, وهم أكثر من نصف العباد بشهادة القرآن على ذلك ثبت وقوع استثناء الأكثر والوقوع دليل الجواز. وهو بدوره يدل على جواز استثناء النصف من باب أولى.
والى هذا ذهب جمهور العلماء من الأصوليين والفقهاء والنحاة الكوفيين (43).
المسألة الثانية عشرة
الاستثناء من الإعداد
الاستثاء من الإعداد إذا لم يكن مستغرقا جائز مطلقا على الصحيح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة.
قال القرافي : ( ما علمت في لغة العرب لفظا لا يدخله الاستثناء ) (44)
قال الاسنوي : ( الاستثناء من الإعداد جائز كما جزم به الإمام (45) والامدي وغيرهما ولا فرق بين أن يكون معين أم لا ) (46) , ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى : فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما وقوله ( ) : ( إن لله تسعة وتسعين إسما مائة إلا واحدا ) (47).
هذا هو مذهب جمهور العلماء وماعدا ذلك من الأقوال فضعيف (48).
المسألة الثالثة عشرة
قاعدة : الاستثناء من النفي أثبات ومن الإثبات نفي. وذهب الجمهور إلى القول بهذه القاعدة وذهب أبو حنيفة رحمه الله وأكثر أصحابه إلى أن الاستثناء لا يفيد نفيا ولا أثباتا وإنما غاية ما يدل عليه هو أن ما بعد المستثنى غير داخل في المستثنى منه إنما نفي هذا الحكم عنه أو إثبات حكم أخر له فهذا لا يدل عليه الاستثناء.
وهذا الذي نقلناه من مخالفة الحنفية للجمهور في طرفي القاعدة هو الصحيح الموافق لكت الحنفية وأقوال المحققين منهم (49). وبه يظهر لك ما نقله بعض العلماء (50) من إن مذهب الحنفية يخالف في طرف واحد وهو كون الاستثناء من النفي إثبات ويوافق الجمهور في إن الاستثناء من الإثبات نفي, نقل غير محرر.
وبعد هذا كله كان من مقتضى الخلاف بين الجمهور والحنفية أن يقع الخلاف بينهم في جميع الأحكام الشرعية الفرعية التي دخلها الاستثناء لكن شي من ذلك لم يكن سوى مسائل قليلة, والواقع إن الطرفين متفقان في كثير من المسائل وان طال بينهما الجدل (51).
ثم إني أقول إن الأولى أن يكون البحث منصبا على تلك المسائل القليلة التي حصل فيها الاختلاف, وأن يترك البحث في القواعد العامة التي توضع لهذه المسائل القليلة, وذلك لان هذا يحصر الخلاف, ويحدد موضع النزاع, وأيضا فان ذلك أدعى لفهم المسألة بعينها من أن تناقش على صورة قاعدة عامة, وخلاصة القول إن البحث في مثل هذه الأوجه من الاختلافات أن يتم النزول إلى الجزئيات, وتترك الكليات, هذا ما أرى والله أعلم.
المسالة الرابعة عشرة
الاستثناء الوارد عقب جملتين فصاعدا
قبل الخوض في هذه المسالة نذكر شيئا عن ترجمتها .
قال الامدي ) الجمل المتعاقبة بالواو إذا تعقبها الاستثناء رجع إلى جميعها ).(52)
وكذالك قال كثيرون ،وتعقب ذالك القرافي من ثلاثة وجوه :
الأول : إن تخصيص تعاقب الجمل بالواو يفهم منه عدم وجود الخلاف في حروف العطف الأخرى ، وليس بصحيح إذ الخلاف جار في حكم الاستثناء الواقع بعد الجمل المتعاقبة بحروف العطف الأخرى .
الثاني : إن عبارة الامدي توهم إن الخلاف يكون بين الجمل المتعاطفة فقط وليس بصحيح بل الخلاف يجري أيضا بين الجمل المتعاقبة بدون عطف مثل الجمل المتعاقبة على سبيل التعداد .
الثالث : إن لفض الجمل يشعر إن الخلاف لا يجري في الجملتين وليس بصحيح بل الخلاف حاصل بين الجملتين كذالك .
ولهذا فالصواب إن يقال في ترجمه هذه المسالة ما قدمناه أعلاه والله اعلم .إذا فهم ذالك نقول :
إذا ورد الاستثناء بـــ (إلا) أو إحدى أخواتها عقب جملتين فصاعدا وهناك دليل يدل على رجوع الاستثناء إلى إحدى الجمل فالعلماء متفقون على العمل . بمقتضى ذالك الدليل
أمثله : مثال (1)
قوله تعالى إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني إلا من اغترف غرف بيده ) فالاستثناء ( إلا من اغترف غرفه بيده ) راجع إلى الجملة الأولى (فمن شرب منه فليس مني )(53).
مثال (2) :
قوله تعالى ( لا يحل لك النساء من بعد ولا إن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ) فالاستثناء (إلا ما ملكت يمينك )
راجع إلى (النساء) لا إلى (الأزواج) لان الأزواج لا يدخل تحتها ملك اليمين من الإماء ، بعكس لفض النساء يشتمل الأزواج وملك اليمين (54)
مثال (3) :
قوله تعالى ( ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنه ودية مسلمه إلى أهله إلا إن يصدقوا ) فالاستثناء (إلى إن يصدقوا ) راجع إلى الدية دون ألكفاره وهي عتق الرقبة لان أهل المقتول لهم الحق يتصدقوا بالدية وإما ألكفاره فهي من حق الله سبحانه فليس لهم الحق في إسقاطها (55).
مثال (4) :
قوله تعالى ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا إن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أين ينفوه من الأرض ذالك لهم فالدنيا خزي وله فالاخره عذاب عظيم إلى الذين تابوا) فالاستثناء (إلا الذين تابوا) راجع إلى كل الجمل السابقة. ونقل ابن النجار عن السمعاني الإجماع على ذالك (56) .
وإما إذا تجرد الكلام عن قرينه فقد اختلف أعلماء في ذالك إلى تسعة أقوال والصحيح منها إن الاستثناء يعود إلى جميع الجمل المتقدمة وهو قول مالك والشافعي واحمد وابن حزم وابن تيميه رحمهم الله تعالى (57)
والدليل على ذالك :
1- إن الشرط إذا ورد عقب جمل متعددة فانه يعود على الجميع اتفاقا، فكذالك الاستثناء لان الاستثناء كالشرط من حيث المعنى إلا ترى إن قوله تعالى ( أولائك هم الفاسقون إلا الذين تابوا ) بمعنى أولائك هم الفاسقون إن لم يتوبوا.
2- إن حرف العطف جعل الجمل المتعددة كالجملة الواحدة وكما إن الاستثناء يرجع إلى جميع أجزاء الجملة الواحدة فكذالك هو يرجع إلى جميع الجمل المتعددة.
3- إن الاستثناء صالح للعود على الجميع فتخصيص ذالك ببعض الجمل دون بعض تحكم.
4- قال ابن حزم :
إن كل ألفاظ جمعت في حكم واحد فلم يكمل بعد أمرها حتى ينقضي الكلام فإذا جاء يعقبها استثناء فقد صح الاستثناء يقينا وإذا صح يقينا فقد حصل التخصيص بالنص وصار الاقتصار به على بعض ما قبله دون بعض دعوى مجرده لا دليل عليه (58) .
5- قال ابن النجار :
واحتج الشيخ تقي الدين فقال : من تأمل غالب الاستثناء في الكتاب وألسنه واللغة وجدها للجميع والأصل إلحاق المفرد بالغالب (59).
ثمرة الخلاف:
قال تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلده ولا تقبلوا لهم الشهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ألا الذين تابوا من بعد ذالك وأصلحوا فان الله غفور رحيم ). ذهب جمهور العلماء إلى قبول شهادة المحدود في حد القذف إذا تاب وقالوا إن الاستثناء ( إلا الذين تابوا ) راجع إلى جميع الجمل المتقدمة . وذهب الحنفية إلى عدم قبول شهادته لان الاستثناء راجع إلى الجملة الاخيره فقط وان التوبة ترفع الفسق فقط . والصحيح هو قول الجمهور كما قدمنا أنفا ، وان التوبة ترفع الفسق وتقبل الشهادة بها .
فان قيل: يلزم الجمهور القول بسقوط الحد بالتوبة أي إن الاستثناء يعود إلى الجملة ( فاجلدوهم ثمانين جلده ) وهو ليس بصحيح ؟
فالجواب : إن الجمهور يقولون إن الاستثناء يقولون يرجع إلى جميع الجمل المتقدمة مال لم يمنع من ذالك مانع هو إن الحد من حقوق الآدمي ليسقط بالتوبة على ما قد علو في موضعه .
وانظر هذه المسألة في المصادر التالية :
إحكام بن حزم (4/22) إلام للشافعي (7/45) تفسير الطبري (18/76) المصنف لعبد الرزاق (8/362) التخليص ألحبري (4/204)
المسألة الخامسة عشر
استثناء المجهولات
الأول : إن يكون المستثنى والمستثنى منه معلومين ،كقولك :
أعتقت عبيدي كلهم إلا زيدا
الثاني : إن يكون المستثنى منه معلوما والمستثنى مجهولا كقولك :
له علي مائة درهم إلا دينار
الثالث : إن يكون المستثنى منه مجهولا والمستثنى معلوما كقولك :
له عندي نقودا ألا دينارا.
الرابع : إن يكون المستثنى والمستثنى منه مجهولين كقولك :
له علي إلف إلا ثيابا
فالقسم الأول لا خلاف في جوازه وإما بقيه الأقسام فقد حصل فيها خلاف على ثلاثة أقوال : الجواز مطلقا ،؟المنع مطلقا ،الجواز إذا أفاد الاستثناء.
وتجد هذه المسالة في كتب الأصول مترجمه بـ ( الاستثناء من المنكرات ) وخلاف العلماء حول إفادة الجمع المنكر للعموم .
وبالرغم من الاختلاف الأصولي في هذه المسالة إلا إن أي اثر لم يترتب على ذالك من الناحية الفقهية ، فالجميع متفقون على الحكم ،لكن يختلفون في مأخذه إي طرق إثباته . فالمنكرين لهذه القاعدة والمثبتين لها قالوا جميعا بقبول الجهالة في الاقارير والطلاق ونحوها إلا إن المثبتين للقاعدة يأخذون الحكم من الاستثناء والنافين للقاعدة يلغون الاستثناء ويأخذون الحكم من طريق أخر وهو الرجوع إلى المقر نفسه بتوضيح ما أبهمه ، وتفصيل ما أجمله ففي شرح الهدايه : ( إن جهالة المقر به لا تمنع صحة الإقرار ولكن جهالة المستثنى تمنع صحة الاستثناء لأن جهالة المستثنى تورث جهالة في المستثنى منه فبقى المقر به مجهولا ) (60). وهذه المسألة تشبه المسألة الثالثة عشرة (61).
المسألة السادسة عشرة
هل الاستثناء من أدلة التخصيص ؟
قولان لأهل العلم. ذهب الجمهور إلى الاســـتثناء من أدلة التخصيص المتصلة بينما ذهب الحنفية إلى انه ليس منها وسبب الخلاف هـو إن التخصيص عند الحنفية لا يكون إلا بدليل مستقل مقارن, وبذالك فهم يعرفون التخصيص بأنه : قصر العام على بعض إفراده بدليل مستقل مقارن . والاستثناء ليس دليلا مستقلا، فإذن ليس هو من أدلة التخصيص .
وإما الجمهور فالتخصيص يكون بدليل مستقل وغير مستقل فلاستثناء عندهم من أدلة التخصيص .
فان قيل : إن قصر اللفظ على بعض إفراده حاصل بما هو مستقل وبما هو غير مستقل بالاتفاق بين الجمهور والحنفية ، غاية ما هنالك إن الحنفية اصطلحوا على تسمية القصر بالدليل المستقل تخصيصا ، والقصر بالدليل غير المستقل بيانا، فهذا يجعل الخلاف لفظيا؟
فالجواب: ظاهر كلام صدر الشريعة (62 ) وان عبد الشكور (63) هو كذالك. إلا إن الشيخ الأنصاري (64) جعل الخلاف معنويا وذالك لان الحنفية يقولون إن ما عدا الخاص يأخذ حكم عام ، بخلاف ما عدا المستثنى فانه إلا يأخذ حكم المستثنى منه، على ما تقدم في مسالة الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي. وهذا الذي ذكره الأنصاري له وجه قوي . والله اعلم (65) والراجح هو قول الجمهور وقد ذهب إليه من الأحناف الكمال بن الهمام وابن عبد الشكور رحمه الله.
المسألة السابعة عشرة
الفرق بين الاستثناء والتخصيص
قال الرازي في المحصول : وإما الفرق بين التخصيص والاستثناء فهو فرق ما بين العام والخاص عندي أ. هــ يقصد إن التخصيص اعم من الاستثناء لان الاستثناء دليل من أدلة التخصيص المتصلة ، فالنسبة بينهما العموم والخصوص المطلق ، أي كل استثناء فهو تخصيص وليس كل تخصيص استثناءا.
وإما أكثر الحنفية ومعهم إمام الحنفيين والغزالي من الشافعية، والقاضي أبو يعلى من الحنابلة ، عندهم تباين بين التخصيص والاستثناء على ما سبق إيراده من الخلاف ،ولذالك ذكروا عدة فروق بينهما :
1- الاستثناء ينحصر بصيغ معينه بخلاف التخصيص .
2- التخصيص يكون بالادله اللفظية وغير اللفظية بخلاف الاستثناء لا يكون إلا بالا دله اللفظية
3- الاستثناء يصح من النص ومن الظاهر . تقول : اقتلوا المشركين إلا زيدا. وتقول : له عشرة ألا ثلاثة . فلفظ المشركين ظاهر في دلالته على جميع إفراده وليس نصا لاحتمال عدم إرادة بعض الإفراد ،وإما لفظ العشرة فهو نصفي دلالته ، وقد دخل الاستثناء على كل منها .
إما التخصيص فلا يطرق إلى النص أصلا (66)
المسالة الثامنة عشرة
الفرق بين الشرط والاستثناء
يتفقان في أمور :
1- كل منهما دليل مخصص مستقل عند الجمهور
2- كل منهما يجب اتصاله بالكلام .
ويفترقان في أمور :
1- الشرط عود على جميع الجمل المتقدمة بالاتفاق والاستثناء مختلف
فيه.
2- الشرط يجوز إن يخرج به المساوي والنصف والأكثر بالاتفاق
والاستثناء مختلف فيه .
3- لا يجوز الاستغراق في الاستثناء بالاتفاق والشرط يجوز في ذالك .
وقد بين القرافي سبب ذالك فقال : وسر الفرق إن المتكلم بالاستثناء
مقدم في أول أمره على بطلان جميع كلامه وتصييره هذرا من القول
من علمه بذالك وقصده ، فكان معدودا من السفهاء والمشتغلين بالهذيان
وإما المتكلم بالشرط فلم يقصد بطلان قوله من أول الأمر بل علق ذالك على أمر جائز ثبوته كله أو بعضه فلم يكن المتكلم في تعليق
كلامه على شرط متكلما بالهذر من القول (67).
المسألة التاسعة عشرة
الاستثناء من المنطوق
يكون الاستثناء من الأمور المنطوق بها, أما من الإحكام, وأما من الصفات. فأما الاستثناء من الأحكام فحاصلة انه كل استثناء يرجع إلى فعل منطوق به, أو ما في معنى الفعل, مثل اسم الفاعل والمفعول. فمثال الفعل : قولك قام القوم إلا زيدا. ومثال اسم الفاعل : كل رجل قائم إلا زيدا. ومثال اسم المفعول: كل احد مكرم إلا زيدا.
وأما الاستثناء من الصفات كقوله تعالى حكاية عن الكفار : أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى حيث تم استثناء الموتة الأولى من الموت وهي الصفة المنفية والموتة الأولى نوع منها (68).
المسألة العشرون
الاستثناء من غير المنطوق :
يكون الاستثناء من الأمور غير المنطوق بها على أنواع :
1- الاستثناء من الأسباب :
مثال ( 1 ) : قوله تعالى : وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله المعنى والله اعلم : وما تنفقون لسبب من الأسباب إلا لسبب قصد وجه الله.
مثال ( 2 ) : قوله تعالى : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا المعنى والله أعلم : وما نحدث هذه الحوادث الكونية (69) لسبب من الأسباب إلا لسبب تخويف الناس (70).
مثال ( 3 ) : قوله تعالى : والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى المعنى والله اعلم : أن المشركين يقولون ما نعبدهم من سبب من الأسباب إلا لسبب واحد هو التقرب الى الله بالشفاعة.
2- الاستثناء من الشرط :
مثال ( 1 ) : قول النبي (صلى الله عليه وسلم ) : ( لا نكاح إلا بولي ) المعنى والله أعلم : لا نكاح صحيح بشرط من الشروط إلا بشرط وجود ولي.
مثال ( 2 ) : قول النبي (صلى الله عليه وسلم ) : ( لا صلاة إلا بطهور ) وقوله : ( لا تبيعوا الذهب إلا مثلا بمثل ).
3- الاستثناء من الموانع :
مثال : لا تسقط الزكاة إلا بالدين أي لا تسقط الزكاة بمانع من الموانع إلا مانع الدين.
4- الاستثناء من الأمكنة :
مثال : سرت إلا أمامك. أي سرت البقعة إلا أمامك.
5- الاستثناء من الأزمنة :
مثال ( 1 ) : قوله تعالى : إن لبثتم إلا يوما المعنى والله أعلم : ما لبثتم من الزمان شيئا إلا يوما.
مثال ( 2 ) : قوله تعالى : وما أختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم المعنى والله اعلم : وما اختلفوا في زمان إلا في الزمان المتأخر عن مجيء العلم.
6 – الاستثناء من الأحوال :
مثال : قوله تعالى : أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين المعنى والله اعلم : لا يدخلونها في حال من الحالات ألا في حالة الخوف.
والاستثناء في كل هذه الأنواع استثناء متصل. ذكر هذا كله القرافي في الاستغناء ص ( 592 – 656 )
ثم ما أردته والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
الهوامش
( 1 ) جزء من حديث روي بألفاظ مختلفة عن أبي أمامه عن النبي ( ) انه قال : ( من قال في دبر الصلاة الغداة : لا اله إلا الله لا شريك له, له الملك وله الحمد يحي ويميت, وهو على كل شي قدير, مائة مرة قبل أن يثني رجليه, كان أفضل أهل الأرض عملا إلا من قال مثل مقالته ) رواه أبن السني في عمل اليوم والليلة. ورواه الترمذي بلفظ أخر في السنن ( 3470 ) وانظر تحفة الاحوذي ( 4 / 252 ) , وجامع الأصول ( 4 / 230 ) والحديث لا يترك عن مرتبة الحسن.
( 2 ) النهاية في غريب الحديث ( 1 / 224 ).
( 3 ) المستصفى ( 1 / 170 ) وأحكام الامدي ( 2 / 425 ) العدة لأبي يعلى ( 2 / 673 ) شرح الكوكب المنير للفتوحي ( 3 / 281 ).
( 4 ) لسان العرب مادة ( ثني ).
( 5 ) هذا البيت من معلقة طرفة بن العبد.
العمر : بفتح أوله أو بضمه بمعنى واحد. وإنما يستعمل في القسم الفتح دون الضم.
الطول : بكسر الطاء وفتح الواو, هو الحبل يطول للدابة فترعى.
ثنياه : بكسر الثاء وسكون النون,ة طرفاه المعطوفان.
ما اخطأ : ( ما ) هنا مصدرية.
والمعنى : أقسم بحياتك أن الموت مدة تجاوزه الفتى كالحبل يطول للدابة لترعى, إذا نزل به لا يتخلص منه فيهلك. انظر الشعر والشعراء لأبن قتيبه ( ص 77 ).
( 6 ) فتح القدير للشوكاني ( 2 / 481 ).
( 7 ) القاموس المحيط ( ثني ).
( 8 ) تفسير الرازي ( 1 / 176 ) , ( 19 / 207 ) , تفسير ابن كثير ( 1 / 9 ) , ( 2 / 557 ).
( 9 ) رواه أبن شيبه في المصنف ( 2 / 431 ) برقم ( 10734 ).
( 10 ) تهذيب الصحاح للجهوري ( ثني ).
( 11 ) فتح القدير للشوكاني ( 4 / 271 ).
( 12 ) هو محمد بن الحسن بن الفراء الموصلي, محدث, أصولي, حنبلي بل شيخ الحنابلة في وقته, ت 458 هــ في بغداد . رحمه الله تعالى.
( 13 ) العدة في أصول الفقه ( 2 / 659 ).
( 14 ) هو محمد بن محمد الطوسي, فقيه, أصولي, شافعي, ت 505 هـ . رحمه الله تعالى.
( 15 ) المستصفى ( 2 / 163 ).
( 16 ) هو محمد بن عمر بن الحسين, مفسر, فقيه, أصولي, شافعي, ت 606 هـ رحمه الله تعالى.
( 17 ) التحصيل من المحصول ( 1 / 370 ).
( 18 ) هو علي بن محمد بن سالم التغلبي, فقيه, أصولي, شافعي, ت 631 هـ , رحمه الله تعالى.
( 19 ) أحكام الامدي ( 2 / 418 ).
( 20 ) هو عثمان بن عمر بن أبي بكر الكردي, فقيه, أصولي, نحوي, مالكي, ت 646 هـ , رحمه الله تعالى.
( 21 ) مختصر أبن الحاجب بشرح العضد مع حاشية التفتازاني ( 2 / 132 ).
( 22 ) هو عبد الله بن عمر بن محمد, فقيه, أصولي, شافعي, ت 685 هـ , رحمه الله تعالى.
( 23 ) نهاية السول شرح منهاج الوصول ( 2 / 93 ).
( 24 ) هو احمد بن ادريس, فقيه, أصولي, مالكي, ت 684 هـ, رحمه الله تعالى.
( 25 ) الاستغناء ( ص 98 ).
( 26 ) هو محمد بن عبد الله, فقيه, أصولي, مفسر, محدث, شافعي, ت 794 هـ , رحمه الله تعالى.
( 27 ) البحر المحيط ( 3 / 275 ).
( 28 ) هو محمد بن علي المعتزلي, أصولي, ت 436 هـ , رحمه الله تعالى.
( 29 ) المعتمد ( 1 / 219 ).
( 30 ) التبصرة الصيمري ( 1 / 382 ) المساعد لأبن عقيل ( 1 / 590 ) الاستغناء ( ص 103 ).
( 31 ) متفق عليه.
( 32 ) العدة ( 2 / 661 – 663 ) المستصفى ( 3 / 165 ) أحكام الامدي ( 2 / 421 – 422 ) تيسير التحرير لأمير باد شاه ( 1 / 298) التحصيل من المحصول للآرموري ( 1 / 373 ) البحر المحيط ( 3 / 284 – 286 ) المذكرة للشنقيطي ( ص 226 ).
( 33 ) الاستغناء ( ص 562 ).
( 34 ) تيسير التحرير ( 1 / 300 ) مسلم الثبوت لأبن عبد الشكور ( 1 / 323 – 324 ) التنقيح مع التوضيح التفتازاني ( 3 / 59 ) التمهيد للاسنوي ( ص 389 ) أصول السرخسي ( 1 / 145 – 146 ) البحر المحيط ( 3 / 287 ) التحصيل من المحصول ( 1 / 376 ).
( 35 ) الاستثناء ( ص 124 ) أصول السرخسي ( 2 / 36 ) إرشاد الفحول للشوكاني ( ص 146 ).
( 36 ) هذا البيت من رجز عامر بن حارث نسبه إليه البغدادي في الخزانة الأدب ( 4 / 197 ) .
اليعافير : جمع يعفور وهو ولد البقرة الوحشية.
العيس : بكسر العين جمع عيساء وهي الإبل البيض يخالط بياضها شي من الشقرة.
( 37 ) ديوان النابغة الذبياني ( ص 49 ).
الفلول : جمع فل, وهو الثلم.
القراع : الضرب.
الكتائب : جمع كتيبة.
( 38 ) هذان البيتان للنابغة الذبياني من قصيدته التي مطلعها.
يا دار مية بالعلياء فالسند أقوت وطال عليها سالف الأمد
أصيلانا : مصغرة أصيل وهو العشي.
عيت : عجزت عن الجواب.
الربع : الدار.
الاواري : جمع أرى وهي مجالس الخيل.
لأيا : بطيئا.
النؤي : حاجز حول الخباء يمنع الماء.
المظلومة : ارض حفر فيها حوض لغير اقامه.
الجلد : الصلبة. أنظر خزانة الأدب ( 2 / 125 ).
( 39 ) البرهان لإمام الحرمين ( 1 / 397 – 398 ) شرح الكوكب المنير ( 2 / 286 – 287 ) المستصفى ( 2/ 169 ) أحكام الامدي ( 2 / 425 ) العدة ( 2 / 673 ) المسودة ( ص 156 ) روضة الناظر ( ص 132 ) المذكرة ( ص 226 ).
( 40 ) الاستغناء ( ص 74 ) شرح تنقيح الفصول ( ص 239 ) المساعد لأبن عقيل ( 2 / 550).
( 41 ) الاستغناء ( ص 242 ) نهاية السول ( 2 / 103 ).
( 42 ) الاستغناء ( ص 572 ) العدة ( 2 / 166 ) شرح جمل الزجاجي ( 2 / 158 ) المنهاج بشرح البدخشي والاسنوي ( 2 / 102 – 104 ).
( 43 ) أحكام الأمدي ( 2 / 432 ) العدة ( 2 / 666 – 667 ) أحكام أبن حزم ( 4 / 15) المستصفى ( 2 / 171 ) المسودة ( ص 154 – 155 ) القواعد والفوائد لأبن اللحام ( ص 247 ) مسلم الثبوت ( 1 / 324 ) تيسير التحرير ( 1 / 300 ) إرشاد الفحول ( 149 ) الاستغناء ( ص 537 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 306 – 308 ) شرح جمل الزجاجي ( 2 / 349 ) روضة الناظر ( 2 / 181 ).
( 44 ) الاستغناء ( ص 145 ).
( 45 ) أي الرازي.
( 46 ) التمهيد ( ص 380 ).
( 47 ) متفق عليه.
( 48 ) انظر : المنهاج للبيضاوي بشرح البدخشي والاسنوي ( 2 / 74 ) أحكام الامدي ( 2 / 312 ) مسلم الثبوت ( 1 / 361 ) حاشية العطار على جمع الجوامع ( 2 / 14 ) تيسير التحرير ( 1 / 291 ) إرشاد الفحول ( ص 147 ) مختصر أبن الحاجب بشرح العضد ( 2 / 134 ) البرهان للجويني ( 1 / 400 ) شرح جمل الزجاجي ( 2 / 251 ).
( 49 ) أنظر : أصول السرخسي ( 2 / 36 ) مسلم الثبوت ( 1 / 327 ).
( 50 ) مثل الرازي في المحصول والاسنوي في نهاية السول والشوكاني في إرشاد الفحول.
( 51 ) أنظر ك أحكام الامدي ( 2 / 451 ) أصول السرخسي ( 1 / 36 ) كشف الأسرار ( 3 / 122 ) شرح العضد على المختصر لأبن الحاجب ( 2 / 142 – 143 ) المسودة ( ص 160 ) تيسير التحرير ( 1 / 294 ) مسلم الثبوت ( 1 / 326 – 327 ) شرح جمع الجوامع ( 2/154) شرح الكوكب المنير ( 3 / 327 -328 ) المنهاج بشرح البدخشي والاسنوي ( 2 / 96 ) البحر المحيط ( 2 / 108) التحصيل من المحصول ( 1 / 377 ) إرشاد الفحول ( ص 150 ).
( 52 ) أحكام الامدي.
( 53 ) تفسير الرازي ( 6 / 182 ).
( 54 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 316 ).
( 55 ) تفسير الشوكاني ( 1 / 498 ).
( 56 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 319 ).
( 57 ) العدة ( 2 / 678 – 679 ) أحكام الامدي ( 2 / 438 ) المسودة ( ص 156 ) أحكام أبن حزم ( 4 / 21 ). مجموعة الفتاوي لأبن تيمية ( 31 / 167 ). أضواء البيان للشنقيطي ( 6 / 92 ).
( 58 ) الأحكام في أصول الأحكام ( 4 / 22 ).
( 59 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 323 ) وأنظر لهذه الأدلة المصادر التالية : العدة ( 2 / 680 ) المستصفى ( 2 / 175 ) روضة الناظر ( ص 134 ) إرشاد الفحول ( ص 151 ) أحكام الامدي ( 2 / 441 ) تيسير التحرير ( 1 / 307 ).
( 60 ) فتح القدير ( 8 / 356 ).
( 61 ) أنظر: المسودة ( ص 159 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 282 ) العدة ( 2 / 673 ) تيسير التحرير ( 1 / 206 ) مسلم الثبوت ( 1 / 268 ) المنهاج بشرح الاسنوي والبدخشي ( 2 / 63 ) حاشية البناني على جمع الجوامع ( 1 / 417 ) البحر المحيط ( 3 / 267 ) المستصفى ( 2 / 36 ) أحكام الامدي ( 2 / 290 ) أحكام ابن حزم ( 4 / 109 ) أصول السرخسي ( 1 / 151 ) الاستغناء ( ص 373 ) المغني لأبن قدامه ( 5 / 190 ) شرح جمل الزجاجي ( 2 / 352 ).
( 62 ) التوضيح ( 1 / 76 – 77 ).
( 63 ) مسلم الثبوت ( 1 / 300 ).
( 64 ) فواتح الرحموت ( 1 / 300 ).
( 65 ) أنظر : أحكام الامدي ( 2 / 416 ) أحكام أبن حزم ( 4 / 10 ) المختصر بشرح العضد ( 2 / 131 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 281 ) تيسير التحرير ( 1 / 273 ) مسلم الثبوت ( 1 / 316 ) البرهان لإمام الحرمين ( 1 / 400 ) المستصفى ( 2 / 164 ) المنخول ( ص 162 ) العدة ( 2 / 660 ) المنهاج بشرح الاسنوي والبدخشي ( 2 / 75 ) جمع الجوامع بشرح المحلي ( 2 / 31 ) أصول السرخسي ( 2 /35 ) إرشاد الفحول ( ص 147 ) الفصول في الأصول للجصاص ( 1 / 245 – 254 ).
( 66 ) المستصفى ( 2 / 164 ).
( 67 ) الاستغناء ( ص 562 ).
( 68 ) شرح الكوكب المنير ( 3 / 294 ) الاستغناء ( ص 581 ).
( 69 ) المقصود بالآيات هنا الحوادث الكونية كالزلزال والرياح ....
( 70 ) انظر تفسير الشوكاني ( 3 / 238 ).
الفهرست
المقدمة .................................................. .............................. 1
المسالة الأولى : تعريف الاستثناء لغة ........................................... 3
المسالة الثانية : تعرف الاستثناء اصطلاحا ......................................5
المسالة الثالثة : أدوات الاستثناء .................................................. .8
المسالة الرابعة : شروط الاستثناء ،الشرط الأول ...............................9
المسالة الخامسة : الشرط الثاني :عدم الاستغراق ..............................11
المسالة السادسة : الاستثناء من الجنس ..........................................11
المسالة السابعة : الاستثناء من غير الجنس .....................................12
المسالة الثامنة : هل الاستثناء من غير الجنس هو الاستثناء المنقطع ؟ ….14
المسالة التاسعة : تكرار الاستثناء بالعطف......................................15
المسالة العاشرة : تكرار الاستثناء بدون عطف .................................15
المسالة الحادية عشرة : استثناء النصف والأكثر .................................16
المسالة الثانية عشرة :الاستثناء من الإعداد......................................17
المسالة الثالثة عشرة :الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي أثبات ..................17
المسالة الرابعة عشر :الاستثناء الواو عقب جملتين فصاعدا ........................19
المسالة الخامسة عشرة :استثناء المجهولات ......................................23
المسالة السادسة عشره :هل الاستثناء من أدلة التخصيص ........................25
المسالة السابعة عشرة :الفرق بين الاستثناء والتخصيص ..........................26
المسالة الثامنة عشرة : الفرق بين الاستثناء والشرط .............................27
المسالة التاسعة عشرة : الاستثناء من المنطوق ...................................29
المسالة العشرون : الاستثناء من غير المنطوق ...................................29