العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكم المرابحة للآمر بالشراء في معتمد مذهب أصحابنا المالكية.

إنضم
14 يناير 2010
المشاركات
545
الجنس
أنثى
التخصص
دراسات
الدولة
بريطانيا
المدينة
لندن
الحمد لله
من المعلوم أنه مع هذه العولمة الاقتصادية ظهرت كثير من أنواع المعاملات الاقتصادية ومن هاته المعاملات ما يسمى بـ "بيع المرابحة للآمر بالشراء"، و خصوصاً أن الأبناك الإسلامية تعتمد هذه المعاملة كوسيلة استثمار.
وعليه، فقد بيضت هذه الورقات لبيان حكم هذه المعاملة في مذهب أصحابنا المالكية لأنه مذهب كاتب هذه الورقات.
وألفت أنظار السادة الكرام أنه يجب على المتخصصين في فقه المذاهب الأربعة إحياءها ببيان أحكام كثير من المستجدات على قواعدها، والله الموفق.
1- صورة بيع (المرابحة للأمر بالشراء)
هي: أن يتقدم العميل إلى المصرف أو إلى شركة التمويل طالبا شراء سلعة معينة له يحدد أوصافها، وهي ليست في حوزة المطلوب منه (أو المأمور) الشراءَ مع وعد العميل بالشراء مرابحة بقدر يتفقان عليه، على أن يكون دفع الثمن مقسطا وحسب إمكاناته.
و هذه المعاملة صورة من صور بيع العينة في مذهب الأصحاب.
و هذه المعاملة مركبة من:
1- الآمر الواعد بالشراء.
2- المأمور(المصرف أو شركة التمويل).
3- بيع المرابحة.

2- أقوال فقهاء السادة المالكية :

· تعريف هذه المعاملة في مذهب الأصحاب:
قال العلامة الدسوقي في "حاشيته":"إنَّمَا سُمِّيَتْ عِينَةً لِإِعَانَةِ أَهْلِهَا لِلْمُضْطَرِّ عَلَى تَحْصِيلِ مَطْلُوبِهِ عَلَى وَجْهِ التَّحَيُّلِ بِدَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ"إهـ.
*- تحرير مذهب الأصحاب في المسألة:

- قال يحيى الليثي وحدثني مالك أنه بلغه :"أن رجلا قال لرجل ابتع لي هذا البعير بنقد حتى ابتاعه منك إلى أجل فسئل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه" (الموطأ برقم 1343 ترقيم فؤاد عبد الباقي).
- يقول العلامة ابن رشد في "البيان والتحصيل" ( كتاب السلم والأجال) (7/88-89): والخامسة أن يقول له اشتر لي سلعة كذا وكذا بعشرة نقدا وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل، فهذا حرام، لا يحل ولا يجوز لأنه رجل ازداد في سلعة فإن وقع ذلك لزمت السلعة للآمر، لأن الشراء كان له وإنما أسلفه المأمور ثمنها ليأخذ منه أكثر إلى أجل فيعطيه العشرة معجلة، ويطرح عنه ما أربى، ويكون له أجرة مثله بالغة مابلغت في قول، والأقل منه أجرة مثله، أو الدينار دين في قول ولا يكون له شيء في قول لئلا يكون ذلك تتميما للربا فيها بينهما على ما مضى ما مضى من الاختلاف في المسألة التي قبلها.".إهـ
قلت: فالصورة التي ذكرها العلامة ابن رشد و ذكر حرمتها هي نفس صورة " المرابحة للآمر بالشراء" التي انتشرت في هذا العصر.
- يقول العلامة ابن جزي الكلبي رحمه الله في " القوانين الفقهية"(ص:171):" ( ( النوع الثاني ) ) في بيع العينة وهو أن يظهرا فعل ما يجوز ليتوصلا به إلى ما لا يجوز فيمنع للتهمة سدا للذرائع خلافا لهما وهي ثلاثة أقسام:
( الأول ):أن يقول رجلا لآخر اشتر لي سلعة بكذا وأربحك فيها كذا مثل أن يقول اشترها بعشرة وأعطيك فيها خمسة عشر إلى أجل فإن هذا يئول إلى الربا لأن مذهب مالك أن ينظر ما خرج عن اليد ودخل به ويلغي الوسائط فكأن هذا الرجل أعطى لأحد عشرة دنانير وأخذ منه خمسة عشر دينارا إلى أجل والسلعة واسطة ملغاة.
( الثاني ):لو قال له اشتر لي سلعة وأنا أربحك فيها ولم يسم الثمن فهذا مكروه وليس بحرام.
( الثالث ):أن يطلب السلعة عنده فلا يجدها ثم يشتريها الآخر من غير أمره ويقول قد اشتريت السلعة التي طلبت مني فاشترها مني إن شئت فيجوز أن يبيعها منه نقدا أو نسيئة بمثل ما اشتراها به أو أقل أو أكثر."إهـ
قلت: فالقسم الأول هو بيع المرابحة للآمر بالشراء في صورتها المعاصرة، و هي محرمة في مذهب مالك رحمه الله.
- يقول العلامة الدردير في الشرح الكبير(3/89):" (أو اشترها) أي يكره أن يقول شخص لبعض أهل العينة إذا مرت عليك السلعة الفلانية فاشترها (ويومئ لتربيحه) اعترض بأن الذي في توضيحه وأنا أربحك ولا يلزم من الكراهة مع التصريح الكراهة مع الايماء وأيضا فإن كلامه هنا يوهم حرمة التصريح وأجيب بأن مراده بالايماء ذكر الربح من غير تسمية قدره فسماه إيماء لانه لم يذكر قدر الربح فإن صرح بقدره حرم".إهـ
قلت: فقوله " فإن صرح بقدره-الربح- حرم" صريح في حرمة تلك الصورة للمرابحة للآمر بالشراء.
- و قال العلامة الخرشي في "شرح المختصر"(5/107):" والمعنى أن الشخص إذا قال لآخر اشتر سلعة كذا بعشرة نقدا وآخذها منك باثني عشر لأجل كشهر مثلا فإنه لا يجوز لما فيه من سلف جر نفعا".إهـ
قلت: و هذا القول هو المعتمد في المذهب و ليس في هذه الصورة خلاف في المذهب.
مسألة: هب أن هذا البيع وقع على هذه الصورة المحرمة، فما العمل؟
الجواب:
قال العلامة الخرشي في"شرح المختصر"(5/107):" والمعنى أن الشخص إذا قال لآخر اشتر سلعة كذا بعشرة نقدا وآخذها منك باثني عشر لأجل كشهر... فإن قال لي فإن السلعة تلزم الآمر بالعشرة ويفسخ البيع الثاني باثني عشر لأجل."إهـ
قلت: معناه أن الآمر إذا قال للمأمور اشتر لي، فإن السلعة تلزمه بالعشرة و يفسخ البيع الثاني إلى الأجل.
و الحمد لله، انتهى ما أردت تحريره من هذه المسألة.
هذا، و الله أعلم و نسبة العلم إليه أسلم.
و كتب: ياسين أحمد علوين المالكي
 
إنضم
12 مارس 2008
المشاركات
39
التخصص
القضاء الشرعي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
المالكي
جزاك الله خيرا على هذه المشاركات الطيبة النافعة
 
إنضم
30 يونيو 2009
المشاركات
112
التخصص
فقه مالكي
المدينة
اوترخت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم المرابحة للآمر بالشراء في معتمد مذهب أصحابنا المالكية.

شكرا على هذا التفصيل.

اذا اشتراء البيت عبر البنوك الاسلامية غير جائز في وقتنا الان؟

لان البيع يتم بنفس الطريقة المذكورة
 

محمد ياسين شرف

:: متابع ::
إنضم
15 سبتمبر 2016
المشاركات
3
التخصص
الفقه المالكى
المدينة
الفيوم
المذهب الفقهي
مالكى
رد: حكم المرابحة للآمر بالشراء في معتمد مذهب أصحابنا المالكية.

نرجو من فضيلتكم المساعدة حول اختيارات بن القاسم فى المعاملات المالية على البريد الاتى:
mohamedyassin812@gmail.com
 
إنضم
21 سبتمبر 2013
المشاركات
19
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
تاجوراء
المذهب الفقهي
المالكي
رد: حكم المرابحة للآمر بالشراء في معتمد مذهب أصحابنا المالكية.

جزاك الله خيرا
وتسمى هذه الصورة المواعدة على بيع ما ليس عندك
وهي جائزة عند الإمام الشافعي في كتابه الأم على أصله في تجويز بعض أنواع الحيل
 
إنضم
18 أبريل 2017
المشاركات
36
الكنية
مصعب
التخصص
فقه مالكي واصوله
المدينة
وادي ارهيو غليزان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: حكم المرابحة للآمر بالشراء في معتمد مذهب أصحابنا المالكية.

اخي الكريم راجع جيدا ما كتبت، فالعبد الضعيف على مذهبك، لكن كلامك يتناقض، كيف تسميه عقدا مستحدثا، ثم تنقل صور المسألة من كلام احد رواة الموطأ ـ يحي الليثي ـ مما يؤكد قدم العقد.
ولو سلمنا لقولك في المسألة؟ فأنت لم تكيفها، بل حتى تصورها الصحيح يحتاج منك بسط الكلام اكثر، مع العلم انك تخالف المالكية في فصلك في المسألة، وهل تعلم ان هذا العقد المركب الذين أجازوه بنو حكمهم على قول ابن شبرمة المالكي في مسألة الالزام بالوفاء بالوعد قضاء، والكلام جد جد جد طويل ولي معك فيه باذن الله تعالى كرة ، اني احبك في الله
 
إنضم
14 سبتمبر 2012
المشاركات
3
الكنية
أبو عبد الله
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
غرداية
المذهب الفقهي
المالكي
رد: حكم المرابحة للآمر بالشراء في معتمد مذهب أصحابنا المالكية.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الاولين والاخرين، وبعد:
بارك الله تعالى في الاخوة الكرام على مشاركتهم الطيبة، ولي في الموضوع رأي:
أولا: بخصوص هل العقد مستحدث أولا؟ فيقول الشيخ بكرأبو زيد: ((وَهِلَ جماعة من الباحثين في أبحاثهم فحسبوها من نوازل العصر وقضاياه، فصار الوقوع في أنواع من الغلط والوهم...والحال أن هذا الفرع الفقهي بصوره مدوَّن عند الفقهاء المتقدمين في مباحث الحيل، والبيوع، فهو عند: محمد بن الحسن الشيباني في كتاب (الحيل) ص / 79، ص / 127، ومالك في (الموطأ) ومعه (المنتقى للباجي) ص / 38 - 39، والشافعي في (الأم) 3 / 39، وابن القيم في (أعلام الموقعين) 4 / 39. وغيرها كثير)).اهـ
ثانيا: هذا العقد ليس على صورة واحدة بل له ثلاث صور هي كالآتي:
الصورة الأولى: وتنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين مع عدم ذكر مسبق لمقدار الربح.
وهي: أن يرغب العميل شراء سلعة بعينها فيذهب إلى المصرف ويقول: اشتروا هذه البضاعة لأنفسكم ولي رغبة بشرائها بثمن مؤجل أو معجل بربح، أو سأربحكم فيها.
الصورة الثانية: وتنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين، مع ذكر مقدار ما سيبذله من ربح.
وهي: أن يرغب العميل شراء سلعة معينة ذاتها أو جنسها، فيذهب إلى المصرف ويقول: اشتروا هذه السلعة لأنفسكم، ولي رغبة بشرائها بثمن مؤجل أو معجل، وسأربحكم زيادة عن رأس المال: ألف ريال مثلاً.
الصورة الثالثة: وتنبني على المواعدة الملزمة بالاتفاق بين الطرفين، مع ذكر مقدار الربح.
وهي: أن يرغب العميل شراء سلعة معينة ذاتها أو جنسها المنضبطة عينها بالوصف، فيذهب إلى المصرف ويتفقان على أن يقوم المصرف ملتزماً بشراء البضاعة من عقار أو آلات أو نحو ذلك، ويلتزم العميل بشرائها من المصرف بعد ذلك، ويلتزم المصرف ببيعها للعميل بثمن اتفقا عليه مقداراً أو أجلاً أو ربحاً.
ثالثا: حكم كل صورة من الصور الثلاث:
الصورة الأولى: التي تنبني على التواعد بين الطرفين - غير الملزم مع عدم ذكر مسبق لمقدار الربح وتراوض عليه - فالظاهر الجواز: عند الحنفية والمالكية والشافعية، كما تقدم نقله من كلام ابن رشد في المذهبالمالكي.
وذلك لأنه ليس في هذه الصورة التزام بإتمام الوعد بالعقد أو بالتعويض عن الضرر لو هلكت السلعة فلا ضمان على العميل فالبنك يخاطر لشراء السلعة لنفسه وهو على غير يقين من شراء العميل لها بربح، فلو عدل أحدهما عن رغبته فلا إلزام ولا يترتب عليه أي أثر فهذه الدرجة من المخاطرة هي التي جعلتها في حيز الجواز والله أعلم (1) .
الصورة الثانية: التي تنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين مع ذكر مسبق لمقدار ما سيبذله من الربح ومراوضته عليه فقد تقدم في كلام ابن رشد أنها من العينة المحظورة لأنه رجل ازداد في سلفه وتقدم نقل كلام الشرح الصغير والله أعلم. وكلام ابن رشد: ((...وأما الثانية وهو أن يقول اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقداً وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل فذلك حرام لا يحل ولا يجوز لأنه رجل ازداد في سلفه ))؛ (المقدمات: 2 / 537 - 539) وكلام الدردير: (( العينة: وهي بيع من طلبت منه سلعة للشراء وليست عنده، لطالبها بعد شرائها - جائز، إلا أن يقول الطالب: اشترها بعشرة نقداً، وأنا آخذها منك باثني عشر إلى أجل فيمنع فيه من تهمة (سلف جر نفعاً) ، لأنه كأنه سلفه ثمن السلعة يأخذ عنها بعد الأجل اثني عشر )) اهـ. (الشرح الصغير 3 / 129)الصورة الثالثة: التي تنبني على المواعدة والالتزام بالوفاء بها بالاتفاق بين الطرفين قبل حوزة المصرف للسلعة، واستقرارها في ملكه، مع ذكر مقدار الربح مسبقاً واشتراط أنها إن هلكت فهي من ضمان أحدهما بالتعيين - فهذه حكمها البطلان والتحريم فهي أخية القرض بفائدة، وذلك للأدلة الآتية:

1- أن حقيقتها عقد بيع على سلعة مقدرة التملك للمصرف بثمن مربح قبل أن يملك المصرف السلعة ملكاً حقيقياً وتستقر في ملكه.
2- عموم الأحاديث النبوية التي نصت على النهي عن بيع الإنسان ما ليس عنده.



3- عموم الأحاديث النبوية التي نصت على نهي الإنسان عن بيع ما اشتراه ما لم يقبضه.
4- إن حقيقة هذا العقد: بيع نقد بنقد أكثر منه إلى أجل بينهما سلعة محللة فغايته (قرض بفائدة).
5- ما فيها من الغرر.
((مستفاد من بحث الشيخ بكر أبو زيد: بيع المواعدة))
والله أعلم
 

محمد سليم مصطفى

:: متابع ::
إنضم
13 ديسمبر 2014
المشاركات
10
الكنية
أبو عبادة
التخصص
فقه مقارن
المدينة
القدس
المذهب الفقهي
gh
رد: حكم المرابحة للآمر بالشراء في معتمد مذهب أصحابنا المالكية.

السلام عليكم ورحمة الله بركاته جزاكم الله خيرا استاذ ياسين على هذه المشاركة النافعة والذي يلفت النظر أنه مع ما جاء من تحريم لهذه الصورة وأدلة عليها إلا أننا نجد المصارف الإسلامية تجعل بيع المرابحة للآمر بالشراء أساسا لمعاملاتها وكأنه المنتج الوحيد عندها ،مع أن باب المعاملات الإسلامية المشروعة واسع في الشريعة الإسلامية !
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
إنضم
26 يناير 2017
المشاركات
10
الكنية
أبو محمد
التخصص
العلوم الشرعية
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
المالكي
رد: حكم المرابحة للآمر بالشراء في معتمد مذهب أصحابنا المالكية.

مفيد
 
أعلى