العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل قاعدة (الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب ) مطردة؟؟؟

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
قاعدة (الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب) من القواعد التي وجدت في كتب القواعد الفقهية وذكرها الفقهاء والأصوليون القدماء، ثم تناقلها من بعدهم واتفقوا عليها حتى أصبحت عندهم وكأنها ثابتة لا تقبل المناقشة أو التعديل، مع أنها من المسائل والقواعد التي وضعها بشر اجتهدوا في استنباطها.
فهل هذه القاعدة على إطلاقها مطردة وصحيحة في جميع الأحوال؟ وهل الإيثار في القرب محرم أو مكروه؟ وهل اتفق العلماء على اطرادها ؟ أم أنهم اختلفوا حولها؟؟
 
التعديل الأخير:

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
هل من الممكن يا أختي أم طارق أن تشرحي هذه القاعدة؟
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
الإيثار بالقرب معناه أن يقدم المسلم أخاه في أمر من الأمور الدينية التي تقرب إلى الله تعالى.
وهذا القول (لا إيثار في القرب)، ذكره بعض أهل العلم في القواعد الفقهية، واستدلوا له بما في الصحيحين وغيرهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً، فتله (وضعه) رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده.


قال النووي في شرح مسلم:
وقد نص أصحابنا وغيرهم من العلماء على أنه لا يؤثر في القرب، وإنما الإيثار المحمود ما كان في حظوط النفس دون الطاعات، قالوا: فيكره أن يؤثر غيره بموضعه من الصف الأول وكذلك نظائره.
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
أشكرك أختي الفاضلة، جزاك الله خيراً.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
أشكرك أختي الفاضلة، جزاك الله خيراً.
جزانا الله وإياكم ونفع بنا وبكم العلم وأهله
والآن إليكم دراسة هذه القاعدة بشيء من التفصيل وتحرير الأمثلة التي ذكرت فيها، وذكر شروطها وضوابطها
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
إن قاعدة (الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب)– كما سبق وأسلفنا- ذكرها الفقهاء والأصوليون القدماء ثم تناقلها من بعدهم واشتهرت بينهم حتى أصبحت عندهم وكأنها ثابتة لا تقبل المناقشة أو التعديل، مع أنها من المسائل والقواعد التي وضعها بشر اجتهدوا في استنباطها.
فهل هذه من القواعد المتفق عليها بالإجماع؟ أم أنها مختلف حولها؟ وهل هي على إطلاقها صحيحة؟ أم أنها تحتاج إلى تقييد؟

أولاً: هل هذه القاعدة متفق عليها بالإجماع:
عند الاطلاع على ما كتب قديماً حول هذه القاعدة في كتب الأصول يلاحظ أولاً أنها -على الرغم من اشتهارها عند جماهير العلماء- لم تكن من القواعد المتفق عليها بالإجماع، فقد خالف في ذلك بعض العلماء فقالوا بجواز الإيثار في القرب وعدم الكراهة.
أما المشهور في كتب الأصول والذي يتداول في كتب القواعد الفقهية الحديثة فهو رأي القائلين بهذه القاعدة.
ومن أهمهم الإمام السيوطي الذي ذكر هذه القاعدة في كتابه الأشباه والنظائر كقاعدة مسلم بها ومتفق عليها، واستشهد لها بأقوال علماء آخرين فقال:
"الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب، قال تعالى: ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) ، قال الشيخ عز الدين: لا إيثار في القربات، فلا إيثار بماء الطهارة، ولا بستر العورة ولا بالصف الأول، لأن الغرض من العبادات: التعظيم والإجلال، فمن آثر به، فقد ترك إجلال الإله وتعظيمه. واستدل الجمهور بما في الصحيحين وغيرهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً، فتله (وضعه) رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده. وقال الخطيب في الجامع : كره قوم إيثار الطالب غيره بنوبته في القراءة، لأن قراءة العلم والمسارعة إليه قربة، والإيثار بالقرب مكروه،انتهى .
قال النووي في شرح مسلم: وقد نص أصحابنا وغيرهم من العلماء على أنه لا يؤثر في القرب، وإنما الإيثار المحمود ما كان في حظوط النفس دون الطاعات، قالوا: فيكره أن يؤثر غيره بموضعه من الصف الأول وكذلك نظائره".

وبعد نقله أقوال العلماء المختلفة واستنتاجه بأن الإيثار في القرب عند العلماء حصل له ثلاثة أوجه، مكروه، وخلاف الأولى، ومحرم ذكر رأيه في المسألة فقال:
" قلت : ليس كذلك ، بل الإيثار إن أدى إلى ترك واجب فهو حرام : كالماء ، وساتر العورة ، والمكان في جماعة لا يمكن أن يصلي فيه أكثر من واحد ، ولا تنتهي النوبة، لآخرهم إلا بعد الوقت ، وأشباه ذلك ، وإن أدى إلى ترك سنة ، أو ارتكاب مكروه فمكروه ، أو لارتكاب خلاف الأولى ، مما ليس فيه نهي مخصوص ، فخلاف الأولى وبهذا يرتفع الخلاف".
ثم نبه إلى مسألة تتعارض مع القاعدة فقال:
"تنبيه: من المشكل على هذه القاعدة : من جاء ولم يجد في الصف فرجة ، فإنه يجر شخصا بعد الإحرام ، ويندب للمجرور أن يساعده ، فهذا يفوت على نفسه قربة ، وهو أجر الصف الأول".

أما القول الثاني وهو جواز الإيثار بالقرب وعدم كراهته فهو وإن كان غير مشتهر مثل القول الأول إلا أنه رأي بعض أهل العلم أمثال الإمام ابن القيم الذي أجاز ذلك بل عده غاية الكرم والسخاء والإيثار، فقال رحمه الله تعالى في زاد المعاد:
" وقول مَن قال من الفقهاء: لا يجوز الإيثار بالقُرَبِ، لا يصح. وقد آثرتْ عائشةُ عمرَ بن الخطاب بدفنه فى بيتها جوار النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسألها عمرُ ذلك، فلم تكره له السؤال، ولا لها البذلَ، وعلى هذا، فإذا سأل الرجل غيره أن يؤثره بمقامه فى الصف الأول، لم يُكره له السؤال، ولا لذلك البذل، ونظائره. ومَن تأمل سيرةَ الصحابة، وجدهم غيرَ كارهين لذلك، ولا ممتنعين منه، وهل هذا إلا كرمٌ وسخاء، وإيثارٌ على النفس بما هوأعظمُ محبوباتها تفريحاً لأخيه المسلم، وتعظيماً لقدره، وإجابة له إلى ما سأله، وترغيباً له فى الخير، وقد يكون ثواب كل واحد من هذه الخصال راجحاً على ثواب تلك القُرْبة، فيكون المؤثر بها ممن تاجر، فبذل قُرْبةً، وأخذ أضعافها، وعلى هذا فلا يمتنع أن يُؤثر صاحب الماءِ بمائه أن يتوضأ به ويتيمم هو إذا كان لا بُد مِن تيمم أحدهما، فآثر أخاه، وحاز فضيلة الإيثار، وفضيلة الطُّهر بالتراب، ولا يمنع هذا كتاب ولا سُنَّة، ولا مكارم أخلاق، وعلى هذا فإذا اشتد العطش بجماعة، وعاينوا التلف ومع بعضهم ماء، فآثر على نفسه، واستسلم للموت، كان ذلك جائزاً، ولم يقل: إنه قاتل لنفسه، ولا أنه فعل مُحَرَّماً، بل هذا غاية الجود والسخاء كما قال تعالى: {وَيُؤثِرُونَ عَلَى أنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}، وقد جرى هذا بعينه لجماعة من الصحابة فى فتوح الشام، وعُدَّ ذلك من مناقبهم وفضائلهم، وهل إهداء القُرَب المجمَع عليها والمتنازَع فيها إلى الميتِ إلا إيثارٌ بثوابها، وهو عَيْن الإيثار بالقُرَب، فأى فرق بين أن يُؤثره بفعلها ليحرز ثوابَها، وبين أن يعمل، ثم يؤثره بثوابها. وبالله التوفيق" .

يظهر من قول ابن القيم أمران،
الأول:أن القاعدة غير متفق عليها، بل الخلاف حولها قديم.
والأمر الثاني: أن هناك أمثلة كثيرة تثبت عدم اطراد هذه القاعدة دائماً،
وفي جميع الأحوال، فالإيثار بالقرب جائز، بل ومطلوب في حالات مثل حالة القرب عن الأموات، كالدعاء والصدقة والصيام والحج عنهم كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإيثار الشيخ الكبير أو العالم أو الوالد بالصف الأول والتراجع إلى الثاني أمر جائز بل ومستحب، وإيثار الأخ بالأذان وتقديمه مما اعتاده الصحابة والتابعون وهو من الإيثار بالقرب.
كل هذا يدل على أن هذه القاعدة ليست مطلقة كما هو مشتهر في الكتب بل تحتاج إلى دراسة وتحرير لتقييدها وضبطها
.



ثانياً: إذاً الأمر فيه خلاف قديم فكيف نجمع بين القولين؟
يمكن الجمع بين القولين بأن الإيثار في الأصل مكروه لما فيه من ترك فرصة للحصول على الثواب، ولكن تزول الكراهة في بعض الأحوال، ومنها:
أن يطلب الغير تقديمه ونيله فرصة فعل الطاعة بمباشرته سببها ، كما ورد في الوقائع التي استدل بها المجيزون، حيث لم يتم فيها الإيثار من تلقاء نفس المؤثر، وإنما بعد الطلب .
ومنها: أن يكون في الإيثار مصلحة دينية، كإيثار الأقرأ والأعلم بالصف الأول ليكون خلف الإمام، ففي ذلك مصلحة للصلاة عملا بما روي عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى، ثم الذي يلونهم، ولا تختلفوا ، فتختلف قلوبكم ، وإياكم وهيشات الأسواق" .
ففي مثل هذه الحالات لا يكره الإيثار، بل يجوز، لأن المؤثر في هذه الحالة يكون قد حصل على الثواب، إما بالنية والعزم بعد التمكن من المباشرة ووجود مانع، وإما بمراعاته مصلحة دينية غير الطاعة والقربة التي آثر بها غيره.
من هنا نستنتج أن الإيثار في القرب قد يكون مكروهاً، وقد يكون مستحباً، وقد يكون محرماً، وقد يكون جائزاً، ويختلف هذا الأمر باختلاف أنواع القرب والأحوال والأشخاص . فهل يمكن اقتراح صياغة جديدة لهذه القاعدة تجعلها أكثر ضبطاً؟

ثالثاً: نص القاعدة بعد التحرير والتحقيق:
خلاصة القول أن هذه قاعدة كانت من القواعد المشتهرة والمتفق عليها عند أغلب الفقهاء. وعند التحقيق فيها ثبت أنها ليست من القواعد المطلقة بل تحتاج إلى تقييد، مثل جعلها "جواز الإيثار بالقرب التي تقبل الإيثار لمن يستحقون الإيثار".

والله تعالى أعلم
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الأستاذة الفاضلة أم طارق بارك الله فيكم
فقد أجدتم وأفدتم
حقيقة هذه القاعدة حولها كلام طويل وتفصيلات دقيقة وقد بحث شيخنا أ . د . صالح اليوسف هذه القاعدة في بحث خاص منشور في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد ( 72 ) وللشيخ أ. د . صالح الجديعي بحث عن الإيثار عموما وجعل قسما منه في الإيثار في القرب وفصل فيه تفصيلا جيداً وهو منشور في مجلة العلوم الشرعية في جامعة القصيم في المجلد الأول / العدد الأول .

وأما ابن القيم فكلامه يختلف في بعض كتبه وقد تكلم عن القاعدة في عدد من كتبه كزاد المعاد ومدارج السالكين والروح وطريق الهجرتين وكلامه في الزاد هو ما نقلته الأستاذة أم طارق وهو في بقية الكتب الأخرى يقرر ما اشتهر من قول الفقهاء من التحريم أو الكراهة ويذكر جواب أهل العلم عن إيثار عائشة رضي الله عنها لعمر رضي الله عنه بأن الميت لا قربة له بعد الموت فهذا ليس من الإيثار في القرب ويقرر في مدارج السالكين ان هذا ما عليه الصحابة رضي الله عنهم وهو عدم الإيثار وأنهم يتسابقون لذلك .
وربما يكون الإيثار سائغا في مواضع منها :
1 - أن يكون في الإيثار مصلحة أعظم من مصلحة القربة وقد أشارت الأستاذة أم طارق إلى هذا .
2 - أن تكون القربة تسع الاثنين أو أنها لا تفوت .
 
التعديل الأخير:

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله بك أختي الفاضلة، تفصيل جميل، لكنني لم أفهم هذا المقطع:
ثم نبه إلى مسألة تتعارض مع القاعدة فقال:
"تنبيه: من المشكل على هذه القاعدة : من جاء ولم يجد في الصف فرجة ، فإنه يجر شخصا بعد الإحرام ، ويندب للمجرور أن يساعده ، فهذا يفوت على نفسه قربة ، وهو أجر الصف الأول".


 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
وأما ابن القيم فكلامه يختلف في بعض كتبه وقد تكلم عن القاعدة في عدد من كتبه كزاد المعاد ومدارج السالكين والروح وطريق الهجرتين وكلامه في الزاد هو ما نقلته الأستاذة أم طارق وهو في بقية الكتب الأخرى يقرر ما اشتهر من قول الفقهاء من التحريم أو الكراهة ويذكر جواب أهل العلم عن إيثار عائشة رضي الله عنها لعمر رضي الله عنه بأن الميت لا قربة له بعد الموت فهذا ليس من الإيثار في القرب ويقرر في مدارج السالكين ان هذا ما عليه الصحابة رضي الله عنهم وهو عدم الإيثار وأنهم يتسابقون لذلك .

بارك الله بكم، الأخ الفاضل أبا حازم.
كلامكم أثار عندي سؤالاً: عندما يختلف كلام المؤلف من كتاب لآخر، فيقرر شيئاً مخالفاً لما قرره من قبل، كما فعل ابن القيم، فأي الأقوال نعدّه من قوله المعتمد؟ هل الأخير؟
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
الأستاذة الفاضلة أم طارق بارك الله فيكم
فقد أجدتم وأفدتم
حقيقة هذه القاعدة حولها كلام طويل وتفصيلات دقيقة وقد بحث شيخنا أ . د . صالح اليوسف هذه القاعدة في بحث خاص منشور في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد ( 72 ) وللشيخ أ. د . صالح الجديعي بحث عن الإيثار عموما وجعل قسما منه في الإيثار في القرب وفصل فيه تفصيلا جيداً وهو منشور في مجلة العلوم الشرعية في جامعة القصيم في المجلد الأول / العدد الأول .

جزاكم الله خيراً أستاذي الفاضل على الإحالة لأنني لم أعثر على كثير من البحث في الموضوع أو تفصيل، فأغلب العلماء والشيوخ يذكرون القاعدة وكأنها من المسلمات كما أسلفت.
وأما ابن القيم فكلامه يختلف في بعض كتبه وقد تكلم عن القاعدة في عدد من كتبه كزاد المعاد ومدارج السالكين والروح وطريق الهجرتين وكلامه في الزاد هو ما نقلته الأستاذة أم طارق وهو في بقية الكتب الأخرى يقرر ما اشتهر من قول الفقهاء من التحريم أو الكراهة ويذكر جواب أهل العلم عن إيثار عائشة رضي الله عنها لعمر رضي الله عنه بأن الميت لا قربة له بعد الموت فهذا ليس من الإيثار في القرب ويقرر في مدارج السالكين ان هذا ما عليه الصحابة رضي الله عنهم وهو عدم الإيثار وأنهم يتسابقون لذلك .
وربما يكون الإيثار سائغا في مواضع منها :
1 - أن يكون في الإيثار مصلحة أعظم من مصلحة القربة وقد أشارت الأستاذة أم طارق إلى هذا .
2 - أن تكون القربة تسع الاثنين أو أنها لا تفوت .
بارك الله فيكم وهذا قيد حسن للمسألة يمكن أن يفسر اختلاف الأقوال في قبول ورد هذا النوع من الإيثار
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
بارك الله بك أختي الفاضلة، تفصيل جميل، لكنني لم أفهم هذا المقطع:
"تنبيه: من المشكل على هذه القاعدة : من جاء ولم يجد في الصف فرجة ، فإنه يجر شخصا بعد الإحرام ، ويندب للمجرور أن يساعده ، فهذا يفوت على نفسه قربة ، وهو أجر الصف الأول"


من المعروف أن خير الصفوف في الصلاة للرجال أولها وشرها آخرها، وعند دخول شخص إلى المسجد متأخراً وقد امتلأت الصفوف - وكما هو معروف- يكره له الوقوف في الصف التالي وحيداً فيشرع له أن يسحب شخصاً آخر معه للصف التالي ويندب للمسحوب أن يساعده ويرجع معه مما يفوت عليه أجر الصف المتقدم. وهذا الذي حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم يظهر تعارضاً مع القاعدة التي نتحدث عنها لذلك قالوا : "من المشكل على هذه القاعدة".
 
التعديل الأخير:

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
من المعروف أن خير الصفوف في الصلاة للرجال أولها وشرها آخرها، وعند دخول شخص إلى المسجد متأخراً وقد امتلأت الصفوف - وكما هو معروف- يكره له الوقوف في الصف التالي وحيداً فيشرع له أن يسحب شخصاً آخر معه للصف التالي ويندب للمسحوب أن يساعده ويرجع معه مما يفوت عليه أجر الصف المتقدم. وهذا الذي حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم يظهر تعارضاً مع القاعدة التي نتحدث عنها لذلك قالوا : "من الشكل على هذه القاعدة".

أشكرك أختي الطيبة، بارك الله بك وزادك علماً ونوراً!!
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله بكم، الأخ الفاضل أبا حازم.
كلامكم أثار عندي سؤالاً: عندما يختلف كلام المؤلف من كتاب لآخر، فيقرر شيئاً مخالفاً لما قرره من قبل، كما فعل ابن القيم، فأي الأقوال نعدّه من قوله المعتمد؟ هل الأخير؟

بارك الله فيكم
ينبغي التأكد من تحقق التعارض بين أقوال العالم بحيث لا يمكن الجمع بينها وهذا يقتضي عدم الاستعجال وعدم الجزم بالتعارض لأن هذا قد يكون سببه قصور الفهم أحيانا أو التقصير في استقراء كلام العالم أو عدم الالتفات لبعض القيود في بعض المواضع أو قرائن الكلام اللفظية والحالية .
لكن حيث تأكد حصول التعارض فلا شك أن المتأخر من أقوال العالم هو المعتمد ويبقى النظر في تواريخ الكتب أيها المتقدم وأيها المتأخر .
على أن هناك من تكلم حول إثبات القولين للعالم وهذا مبحوث في كتب الأصوليين وكتب المذاهب الفقهية الخاصة بمصطلحات الأئمة ومذاهبهم وكتب أدب الفتوى .

وهذا موضوع كتبته قبل مدة في عدم الاستعجال في الحكم على أقوال العلماء وكيفية الوصول إلى مقصود العالم واختياره :
مفاتيح العلماء - ملتقى أهل الحديث
 
التعديل الأخير:

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله فيكم
ينبغي التأكد من التعارض بين اقوال العالم حقيقة بحيث لا يمكن الجمع بينها وهذا يقتضي عدم الاستعجال وعدم الجزم بالتعارض لأن هذا قد يكون سببه قصور الفهم أحيانا أو التاقصير في استقراء كلام العالم أو عدم الالتفات لبعض القيود في بعض المواضع أو قرائن الكلام اللفظية والحالية .
لكن حيث تأكد حصول التعارض فلا شك أم المتأخر من اقوال العلماء هو المعتمد ويبقى النظر في تواريخ الكتب أيها المتقدم وأيها المتأخر .
وهذا موضوع كتبته قبل مدة في عدم الاستعجال في الحكم على أقوال العلماء وكيفية الوصول إلى مقصود العالم واختياره :
مفاتيح العلماء - ملتقى أهل الحديث


شكراً وجزاكم الله خيراً.
 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
يمكن ان يضاف:
من أدخل السرور على أخيه بتقديمه لقربة فقد قدم قربة "إدخال السرور" على القربة الأخرى وهو مفاضلة بين القرب وليس تركا للقربة
بل يرجى له أجر القربتين الأولى بفعله والأخرى بتسببه والدال على الخير كفاعله

فحينما يقدم الولد والده للصف الأول قد حصل ما هو أعظم من القربة المؤثر بها -إن سميته إيثار- وهو بر الوالد
فيبدو أن النزاع وارد على صور مختلفة ولو حرر مقام البحث لارتفع النزاع أو قل وانحسر
وما أكثر المسائل التي يحكى فيها خلاف لو حررت لتبين ألا خلاف فيها
شكرا لإثارة المسألة ورفع الله قدركم
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
يمكن ان يضاف:
من أدخل السرور على أخيه بتقديمه لقربة فقد قدم قربة "إدخال السرور" على القربة الأخرى وهو مفاضلة بين القرب وليس تركا للقربة
بل يرجى له أجر القربتين الأولى بفعله والأخرى بتسببه والدال على الخير كفاعله

فحينما يقدم الولد والده للصف الأول قد حصل ما هو أعظم من القربة المؤثر بها -إن سميته إيثار- وهو بر الوالد
فيبدو أن النزاع وارد على صور مختلفة ولو حرر مقام البحث لارتفع النزاع أو قل وانحسر
وما أكثر المسائل التي يحكى فيها خلاف لو حررت لتبين ألا خلاف فيها
شكرا لإثارة المسألة ورفع الله قدركم

بارك الله فيكم شيخنا الكريم الدكتور عامر
حقيقة المسألة دقيقة إذ يجتذبها مصالح متعارضة فالإشكال يأتي من جهة كون الإيثار هل يتعارض مع العبودية أو لا وهل ثمة مجال آخر ينوب عن المصلحة المعارضة للإيثار أو لا ؟
مثال ذلك :
كون الابن يقدم والده في الصف الأول برا به فيه مصلحتان متعارضتان مصلحة العبودية والتقرب إلى الله ومصلحة بر الوالد :
قال أحمد في رواية حنبل وقد سئل عن الرجل يتأخر عن الصف الأول ويقدم أباه في موضعه قال : ما يعجبني هو يقدر أن يبر أباه بغير هذا .
ويقول ابن القيم : " الإيثار بالقرب يدل على قلة الرغبة فيها والتأخر عن فعلها فلو ساغ الإيثار بها لأفضى إلى التقاعد والتكاسل والتأخر ...
الله سبحانه وتعالى يحب المبادرة أو المسارعة إلى خدمته والتنافس فيها فإن ذلك ابلغ في العبودية فإن الملوك تحب المسارعة والمنافسة في طاعتها وخدمتها فالإيثار بذلك مناف لمقصود العبودية فإن الله سبحانه أمر عبده بهذه القربة أما إيجابا وأما استحبابا فإذا أثر بها ترك ما أمره وولاه غيره ...
وقد كان الصحابة يسابق بعضهم بعضا بالقرب ولا يؤثر الرجل منهم غيره بها قال عمر والله ما سابقني أبو بكر إلى خير إلا سبقني إليه حتى قال والله لا أسابقك إلى خير أبدا
وقد قال تعالى : " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " يقال نافست في الشيء منافسة ونفاسا إذا رغبت فيه على وجه المباراة ومن هذا قولهم شيء نفيس أي هو أهل أن يتنافس فيه ويرغب فيه وهذا أنفس مالي أي أحبه إلى وأنفسني فلان في كذا أي أرغبني فيه وهذا كله ضد الإيثار به والرغبة عنه " الروح ( ص 130 - 131 ) بتصرف يسير .
ويندرج في المسألة مسائل منها :
1 - الإيثار الطهارة عند قلة الماء .
2 - الإيثار بالصف الأول .
3 - اهداء ثواب الأعمال .
4 - الإيثار بالدعاء بتقديم الدعاء لغيره على نفسه .
5 - المجرور من الصف في الصلاة .
 
التعديل الأخير:

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
وهذا موضوع كتبته قبل مدة في عدم الاستعجال في الحكم على أقوال العلماء وكيفية الوصول إلى مقصود العالم واختياره :
مفاتيح العلماء - ملتقى أهل الحديث

قد قرأتُ المقال، ووجدته جامعاً نافعاً،فجزاكم الله خيراً، ولكن كيف السبيل إلى هذه؟
أولاً : يجب على القاريء لكتب أهل العلم أن يكون على مستوى من التحصيل العلمي فيما يريد قراءته من الكتب المتخصصة في علوم الشريعة وذلك بالتتلمذ على أهل العلم ليكون ملماً بمسائل هذا الفن فيدرس متناً معينا أو كتاباً في ذلك الفن ليستوعب أصول مسائله وأبوابه ومباحثه فتكون عنده القدرة بعد ذلك على قراءة الكتب المتخصصة في هذا الفن وهذا لا يتحقق غالباً إلا بالتتلمذ على الشيوخ ؛
وقد قيل لي ذلك مراراً وتكراراً حتى أقلقني!! ولكن لا سبيل لي إليه..
لأنه كما قيل : ( كان العلم في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب ومفاتحه بأيدي الرجال ) والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئا دون فتح العلماء وهو مشاهد معتاد ، ولذلك نجد الخطأ يكثر عند من تتلمذ على الكتب دون العلماء أكثر من غيرهم فيحصل عندهم من الشذوذ في الفهم والشذوذ في الفتيا ما لا يحصل عند من تتلمذ على العلماء . اللهم لا تجعلنا منهم..

 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
سيدي أبا حازم
أفدتني كثيرا
لكن هل ثمة تعارض بين البر والعبودية في المثال المذكور؟
إذا قصد بالبر العبودية فإنما هو مفاضلة بين نوعين من العبودية
هذا فهمي القاصر والله أعلم
 
إنضم
13 مارس 2011
المشاركات
14
الكنية
أبو يوسف
التخصص
أصول الدين
المدينة
عروس النيل
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: هل قاعدة (الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب ) مطردة؟؟؟

"وهذا الذي حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم يظهر تعارضاً مع القاعدة التي نتحدث عنها "
أختي الفاضلة أم طارق جزاك الله خيرا
أرجو توضيح المراد بالعبارة السابقة وهي حث النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أين وجه الخروج عن القاعدة بشيء من الوضوح وعذرا.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: هل قاعدة (الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب ) مطردة؟؟؟

كون الابن يقدم والده في الصف الأول برا به فيه مصلحتان متعارضتان مصلحة العبودية والتقرب إلى الله ومصلحة بر الوالد :
كم أشكلت علي هذه المسألة يا دكتور:
وهل يكتمل بر الوالدين إن لم نترك أموراً نحبها تدخل تحت بند العبودية الخالصة رغبة في إسعادهما؟
وسأضرب لك أمثلة على ذلك:
- فلو أنك أردت القيام مثلاً وإطالة الركوع والسجود ووالدك جالس لا يجد من يناجيه ويكلمه فخففت من صلاتك لتجلس بجانبه فتسعده ألا تكون قدمت بره على صلاتك؟
- ولو أنك أخذته لأداء عمرة أو زيارة مثلاً فتعب وأحب البقاء في السكن الخاص بكما وأنت ترغب في الذهاب للمسجد لاغتنام ركعات بأجور مضاعفة هناك فتركتها وجلست معه لتسليته ومناجاته أسا تكون قد قمت بره على العبودية الخالصة؟

ألم يكن بلاء القاضي جريج من هذا الباب عندما قدم صلاته على أمه فقال: ربي أمي وصلاتي؟
فابتلي بسبب دعوتها

تدور هذه الأسئلة في ذهني كثيراً وأبحث لها إجابات ولكن بعد طول تفكير سأجتهد فأقول:
إن الضابط في الأمر النية والرغبة في إرضاء الله
والمفاضلة بين المصالح ودرجاتها
وكما قال الدكتور عامر:
إذا قصد بالبر العبودية فإنما هو مفاضلة بين نوعين من العبودية
 
أعلى