العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مقالة - بخاخ الربو للصائم

إنضم
17 أغسطس 2010
المشاركات
3
الإقامة
الكويت
الجنس
ذكر
التخصص
دكتوراة في الحديث الشريف وعلومه
الدولة
الكويت
المدينة
الكويت
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
و بعد ...

فكثير من الناس يعاني من الربو الذي يصفه الأطباء بأنه عبارة عن وجود التهاب في المسالك الهوائية ، و من أشهر الأدوية التي يستخدمها الناس هو بخاخ الربو ، فما هو حكم استخدام هذا البخاخ للصائم ؟
قيل بأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، فلمعرفة حكم دواء الربو - البخاخ – لابد أولا من توصيف لهذا الدواء .


ما هو البخاخ الذي نتحدث عنه في هذا الموضع ؟

لمعرفة و تصور هذا الدواء يمكننا أن نتحدث عنه من خلال نقطتين :

أولا / توصيف هذا البخاخ و مكوناته :
هو عبارة عن عبوة تحتوي على مادة دوائية تتكون من ثلاثة أشياء ( مستحضرات طبية + ماء + أوكسجين ) ، و يوجد بداخل هذه العبوة 10ملليتر من المادة الدوائية ، و هذه الكمية ( 10 ملليلتر ) مُعدة على أساس أن يبخ منه 200 بخة (أي أن أل10مللتر تنتج 200 بخة) ، و في البخة الواحدة يخرج جزء من المللتر الواحد ، فكل بخة تشكل أقل من قطرة واحدة .

ثانيا/ ما هو الدور الذي يقوم به هذا الدواء ؟
هذا البخاخ كما هو معلوم يتم استعماله بأخذ شهيق عميق مع الضغط على البخَّاخ في نفس الوقت ، لتخرج بخة واحدة و التي هي عبارة عن جزء واحد من 1 ملليلتر [ 0,1 ملليلتر ] فهي كمية قليلة جدا ، وعندئذ يكون الآتي :
يتطاير الرذاذ ويدخل عن طريق الفم إلى البلعوم الفمي، ومنه إلى الرغامي، ثم إلى القصباتِ الهوائية ، ولكن يبقى جزء منه في البلعوم الفمي، وقد تدخل كمية قليلة جداً إلى المريء ، ثم قد ينزل جزء قليل جدا من هذا الدواء إلى المعدة ، و أكرر بأنه جزء قليل ، فالجزء الأكبر سيذهب إلى جهاز التنفس، وجزء آخر يترسب على جدار البلعوم الفمي، والباقي قد ينزل إلى المعدة .
كلامنا في هذا الموضع سيكون حول البخاخ الذي وصفه هو ما سبق ذكره ، و هو ما يسمى الفونتلين ، و ليس البخاخ الذي فيه كبسولات أو غيرذلك
[ ملاحظة : هذا التوصيف مأخوذ عن : مجلة الفقه الإسلامي 10 / 2 / 76 ، 259 – 260 ، المفطرات المعاصرة د. أحمد الخليل ]


ما هو حكم استخدام الصائم لهذا الدواء ؟

في الحالات العادية يمكن أن يتم استخدامه أثناء فترة الإفطار أو السحور فهذا هو الأفضل خروجا من الخلاف ، و لكن ماذا لو استخدم شخص هذا البخاخ و هو صائم ؟
اختار جمع كثير من أهل العلم القول بأن استخدام هذا البخاخ لا يعتبر مفطرا للصائم ، و هذا القول قوي جدا ، و قد اختار هذا القول :

من الهيئات :
اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية [ فتاوى إسلامية (1/130) ]

و من العلماء و طلبة العلم :
العلامة ابن باز [ فتاوى الدعوة : ابن باز عدد 979 ] ، العلامة ابن عثيمين [فتاوى أركان الإسلام ص 475 – فتاوى نور على الدرب – اللقاء الشهري رقم 41 – لقاء الباب المفتوح ] ، العلامة ابن جبرين [ فتاوى علماء البلد الحرام - الطبعة الأولى - 298-299 ] ، د. عبدالله بن حمد السكاكر [ فقه نوازل الصيام ] ، الشيخ د. أحمد الخليل [ المفطرات المعاصرة ] ، الشيخ عبد المحسن الزامل [ شرح عمدة الفقه / كتاب الصيام ] ، أستاذي د. عادل المطيرات [ بتاريخ 1 / 8 / 2005 نقلا عن الموقع الذي يشرف عليه د.عادل المطيرات http://ftawa.ws/fw/thread14426 ] ، د. حسام الدين عفانة ، أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، شيخنا عثمان الخميس [ قاله في تاريخ 2 رمضان 1431 – 13 / 8 /2010 ] ، شيخنا محمد بن سليمان السنين [ قاله في تاريخ 3 رمضان 1431 – 14 / 8 /2010 ] و غيرهم


أدلة جواز استخدامه للصائم

أولا/ إن هذا البخاخ يكاد أن يكون مماثلا للمضمضة و الاستنشاق و الاغتسال من كل وجه تقريبا فلا يكاد يرد استشكال على هذا الدواء إلا ورد على المضمضة و الاستنشاق و الاغتسال استشكال مثله ، فكما أن هذا الدواء ربما يدخل منه شيء قليل جدا في المعدة ، فكذلك عند المضمضة يُعلم يقينا بأنه سيدخل المعدة شيء يسير من هذا الماء [ أكثر مما قد يدخل بسبب البخاخ ] ، و مع ذلك يجوز للصائم المضمضة و الاستنشاق ، و اعْتُبِرَ ذلك مما يُعفى عنه ، بل و حتى لو ثبت من الناحية الطبية أن الذي يصل إلى المعدة من الدواء يقارب الثمانين بالمائة والباقي يذهب إلى الجهاز التنفسي فهذه الكمية أقل من الكمية التي تدخل في المعدة عند المضمضة .
نوقش هذا القياس : بأن صاحب هذا البخاخ يتعمد و يقصد إدخاله إلى جوفه ، بينما في المضمضة و الاستنشاق فإن المتوضئ لا يقصد ذلك
و الجواب عليه :
إذا كان مرجع الأمر إلى القصد و النية فيقال أيضا في حق من يستخدم هذا البخاخ أنه لم يتعمد أو يقصد إدخاله للجوف ( و هي المعدة كما رجحه جمع من أهل العلم [ انظر المفطرات المعاصرة د.أحمد الخليل ] ) ، و إنما قصد إدخاله للجهاز التنفسي ( الرئة )

ثانيا/ ذكر الأطباء أن السواك يحتوي على ثمانية مواد كيميائية، تقي الأسنان، واللثة من الأمراض، وهي تنحل باللعاب وتدخل البلعوم ، و مع ذلك يجوز أن يتسوك الإنسان و هو صائم استدلالا بعموم الأدلة في الحث على السواك و بما ورد في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم صراحة في التسوك للصائم ، قال الإمام الألباني : (( وما أحسن ما روى الطبراني عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل : أتسوك وأنا صائم ؟ قال : نعم قلت : أي النهار ؟ قال : غدوه أو عشية . قلت : إن الناس يكرهونه عشية ويقولون : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ؟ قال : سبحان الله لقد أمرهم بالسواك وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا ما في ذلك من الخير شئ بل فيه شر . قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 113 ) : إسناده جيد " ))

عبدالعزيز أحمد العباد
الكويت
8 رمضان 1431 - الموافق 18 / 8 / 2010م​
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مقالة - بخاخ الربو للصائم

قد ناقش الأخ الفاضل فؤاد بن يحيى الهاشمي بشكل موسع أكثر هنا:
www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=3707

وهنا يشكل علي أمرين:
الأول : تصوير المسألة علمياً، حيث تقرر أنت هنا أن المقدار الأكبر يذهب إلى الرئة، بينما يقرر الأخ الهاشمي أن القدر الأكبر أو ثمانين في المائة يذهب إلى المعدة.
وإذا اختلف التقدير بهذا الشكل فالظاهر أن الفقيه يلتزم التسوية، أي لا ينظر إلى قلة الداخل إلى الجوف وكثرته ويجعل للقليل حكم الكثير.​

والثاني: في الحاجة هل ترفع حكم الفطر أو تعطي جوازه ثم القضاء؟
في الحقيقة هذا الثاني ليس بإشكال بقد ما هو استشكال.
ولتوضيحه نفرض فرضاً خالياً من الحاجة إلى البخة، بأن نقول: لو كانت علبة البخاخ مليئة بعشرة مليلتر عصير ليمون، وقام الصائم ببخ بخة واحدة مع أخذه لنفس عميق، لغير غرض صحيح بل اعتباطاً وسفهاً، وتلذذا بطعمه أو ريحه أو كليهما أو لأي غرض كان، السؤال: ما حكم صيامه إذا كان متعمداً ذاكراً لصومه؟
إن قلتم : يفطر؟
قلنا: فلم تستفيدوا شيئاً من الكلام في قلة الداخل وتشبهه بمواد السواك.
وإن قلتم : لا يفطر.
قلنا: فما سبب عدم الفطر؟
إن قلتم : قلة الداخل.
قلنا: خالفتم الإجماع على عدم الفرق بين قليل الطعام وكثيره في حصول الفطر به لمن تناوله عامداً ذاكراً لصيامه.
فإن قلتم: إن كان محتاجاً له لم يفطر، وإن لم يحتج إليه أفطر.
قلنا: إن الحاجة إن كانت لمرض فالمرض يبيح الفطر، ولا يرفع حكمه عند وجود سببه. بمعنى أن المريض إذا ازدرد حبة دواء أفطر، ولم يستفد من مرضه وحاجته إلى الدواء سوى إباحة الفطر ورفع الإثم، ولا يقال: لا يفطر لأنه تناول الدواء لحاجة. ولا يقال: حبة الدواء أكثر من البخة لما تقدم من عدم الفرق بين القليل والكثير في حصول الفطر بالداخل إلى الجوف.
فالظاهر والله أعلم أن العبرة بتعمد إدخال العين إلى الجوف من غير نظر إلى الحاجة وعدمها. وهو ما لا يتوفر في المضمضة والإستنشاق والتسوك. ويوضحه في التسوك أن الصائم لو عمد إلى سواك رطب ولاكه ومص مائه وبلعه أفطر، ولا فرق بينه وبين تخليل الأسنان به سوى تعمد إدخال المادة الخارجة من السواد إلى الجوف.
أما الكلام في كون الراجح من الجوف هو المعدة، إن أردت المعدة خاصة، فابغنا وجهه ودليله. وإن أردت التمثيل للجوف الذي يحصل به الهضم، فيشكل عليه حصول الفطر بما لا ينهضم كبلع حصاة عمداً مع ذكر الصوم، فلا يكون لاشتراط الهضم والإحالة في الجوف معنى. والله أعلم.
فالراجح على قواعد المذاهب الأربعة حصول الفطر ببخاخ الربو إلى إن حكمنا عليه بأنه كالدخان فمذهب الشافعية أن لا يحصل الفطر به. والله أعلم.
وجزاك الله خيراً​
 
أعلى