العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

إنضم
21 مايو 2009
المشاركات
116
الجنس
ذكر
الكنية
أبو البراء
التخصص
الفقه وأصوله
الدولة
الأردن
المدينة
عمّان
المذهب الفقهي
الشافعي
الخلاصة في الصلاة على الكراسي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد :
فقد كثر في الآونة الأخيرة الصلاة على الكراسي في المساجد وقد حدثت إشكالات ومسائل حول هذا الموضوع مما جعل كثير من الناس في حيرة وتساؤل بالجواز وعدمه والكيفية ، وإنه من باب تعميم الفائدة ونفع المسلمين لا بد من توضيح بعض الأمور .
بداية أقول إن المشقة تجلب التيسير ومن المعلوم أن رفع الحرج ودفع المشقة أصل قطعي من أصول الشريعة ومقصد بارز من مقاصد الشريعة السمحة دلت عليه أدلة كثيرة منها قوله تعالى { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} سورة البقرة 286 وقوله سبحانه وتعالى { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } سورة البقرة185
والقيام والركوع والسجود من أركان الصلاة ، فمن استطاع فعلها وجب عليه فعلها على هيئتها الشرعية ،ومن عجز عنها لمرضٍ أو كبر سنٍّ أو عجز فله أن يجلس على الأرض أوعلى كرسي . قال تعالى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } البقرة/238 . وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) رواه البخاري
قال ابن قدامة المقدسي في المغني 1/443 : أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً .
وقال النووي في المجموع 4/226: أجمعت الأمة على أن من عجز عن القيام في الفريضة صلاها قاعداً ولا إعادة عليه ، قال أصحابنا : ولا ينقص ثوابه عن ثوابه في حال القيام ؛ لأنه معذور ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي بردة سمعت أبا موسى مراراً يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا )
وحتى أنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته في مرضه على كرسي أو سرير أو دكه وكانت هذه كلها موجودة في زمن النبي صلى الله علية وسلم. وعن أنس بن مالك كما في مسند احمد قال : كان آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد متوشحا به وهو قاعد . وفي المسند أيضاً عن عائشة قالت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه : (مروا أبا بكر يصلي بالناس )وصلى النبي خلفه قاعداً.
فان كان الجالس على الكرسي قادراً على القيام دون مشقة كثيرة لم تصح صلاته لفوات ركن منها وينبغي عليه أن يحاول القيام ولو أثناء قراءة الفاتحة فقط ومن كان قادراً على أن يصلى على الأرض فالأولى ألا يصلي على الكرسي لأنه قد يفوته عمل السجود وهو قادر عليه فلا تصح صلاته ، ومن لا يستطيع الركوع كمصاب القدم أو القدمين ويجلس أرضاً أو على كرسي فلا يحوز له ترك السجود وهو قادر عليه فكل ركن له أحواله الخاصة به فقد يستطيع المريض القيام ولا يستطيع الركوع وقد يستطيع الركوع ولا يستطيع السجود أو لا يستطيع الركوع ويستطيع السجود فلا بد أن يؤدي ما يستطيعه من تلك الأركان وإلا لم يصح صلاته لفوات ركن منها أما في صلاه النافلة فيجوز الجلوس فيها لعذر أو لغير عذر لقوله صلى الله عليه وسلم :( من صلى قائماً فهو أفضل ومن صلى قاعداً فله نصف اجر القائم ومن صلى نائماً فله نصف اجر القاعد )
إي أن من صلى الفريضة جالساً وهو قادر على القيام فصلاته باطلة .
و أنه إن كان معذوراً في ترك القيام فلا يبيح له عذره هذا الجلوس على الكرسي لركوعه وسجوده .
وإن كان معذوراً في ترك الركوع والسجود على هيئتهما فلا يبيح له عذره هذا عدم القيام والجلوس على الكرسي .
فالمصلي ما استطاع فعله وجب عليه فعله ، وما عجز عن فعله سقط عنه . فمن كان عاجزاً عن القيام جاز له الجلوس على الكرسي أثناء القيام ، ويأتي بالركوع والسجود على هيئتهما ، فإن استطاع القيام وشقَّ عليه الركوع والسجود فيصلي قائماً ثم يجلس على الكرسي عند الركوع والسجود ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه .
قال ابن قدامة المقدسي في المغني 1/444 : ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود : لم يسقط عنه القيام ، ويصلي قائماً فيومئ بالركوع ، ثم يجلس فيومئ بالسجود ، وبهذا قال الشافعي لقول الله تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صل قائماً ) ؛ ولأن القيام ركن لمن قدر عليه ، فلزمه الإتيان به كالقراءة ، والعجز عن غيره لا يقتضي سقوطه كما لو عجز عن القراءة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
الواجب على من صلى جالسا على الأرض ، أو على الكرسي ، أن يجعل سجوده أخفض من ركوعه ، والسنة له أن يجعل يديه على ركبتيه في حال الركوع ، أما في حال السجود فالواجب أن يجعلهما على الأرض إن استطاع ، فإن لم يستطع جعلهما على ركبتيه ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة - وأشار إلى أنفه - واليدين ، والركبتين ، وأطراف القدمين ).
ومن عجز عن ذلك وصلي على الكرسي فلا حرج في ذلك ، لقول الله سبحانه : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) متفق على صحته .
فإن كان المصلي سيجلس على الكرسي من أول الصلاة إلى آخرها فإنه يحاذي الصف بموضع جلوسه .
فإن كان سيصلي قائماً غير أنه سيجلس على الكرسي في موضع الركوع والسجود ،فإنه يحاذي الصف عند قيامه ويُبقي كرسيّه في ركوعه إن استطاع أن يركع بدونه وإذا أراد السجود سحب كرسيه وجلس عليه بحيث يبقى جسمه داخل الصف وبمحاذاته .
لذا فإن كان ولا بد من الصلاة على الكرسي فينبغي مراعاة كثير من الأمور ، أولها استواء الصف في الصلاة فقد جاء في الصحيحين عن النعمان بن بشير قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لتسوّنَّ صفوفكم أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم ) وعن انس بن مالك انه قدم المدينة فقيل له : ما انكرت منا منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ما انكرت شيئا إلا إنكم لا تقيمون الصفوف.وعنه كما في البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة ) ولقوله صلى الله عليه وسلم (أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري ) وقال انس وهو راوي الحديث وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه .وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( راصُّوا صفوفكم وقاربوا بينها ، وحاذوا بالأعناق) رواة أبو داود والنسائي
وكذلك يجب مراعاة عدم التسبب في أذية المسلمين المحاذين ومن خلف الصف باختيار كرسي لا يشغل ولا يأخذ حيزاً أو مكاناً أكثر من جسمه في الصلاة ولا كرسياً كبيراً. هذا والله أعلم وأحكم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الراجي عفو ربّه الباري
سمير بن أحمد الحراسيس
 
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
8
التخصص
دعوة واصول الدين
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
اهل الحديث
رد: الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

اثابكم الله واحسن اليكم
وكنت اود ان انقل كلاما لابن رشد المالكي في بداية المجتهد فلعلي افعل حيث اتمكن من مراجعته
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

صدر عن مكتبة المزيني بالطائف رسالة لطيفة بعنوان: "تنبيه الناسي بحكم صلاة أهل الكراسي" للشيخ/ ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي، في قرابة خمس وخمسين صفحة.
 
إنضم
7 يناير 2008
المشاركات
39
التخصص
فقه مقارن
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

جزاكم الله خيرا يا شيخ سمير .
لا شك فيما ذهبت اليه من جواز الصلاة على الكراسي لمن لم يستطع القبام ، وقد تناول الشيخ أبو عبدالله الرفاعي في صفة الصلاة مسالة صلاة المريض بشكل مفصل، لكنه لم يعرج على الصلاة على الكراسي، وسألته عن هذه المسألة فقال : .الصلاة على الكراسي جائزة بأضيق الحدود، والصلاة على هيئة القعود لمن قدر عليها دون كبير مشقة أولى ، والصلاة على هيئة القعود في الجماعة أولى لمن قدر عليها.، لأن الكراسي كثيرا ما تقطع الصفوف .

أقول :
إن المسالة بحاجة إلى ضوابط، لأن الكراسي فعلا كثيرا ما تقطع صفوف المصلين، وإن استطعنا أن نستغني عن هذه الكراسي بوسيلة لا تقطع الصفوف يكون أولى ، فقد رأيت في بعض المساجد مسانيد خلف الصف الأول ملاصقة لمؤخر رجل المصلي ، فمن يستطيع القيام يقم ، ومن لا يجلس ، ويكون الصف منتظما ولا ينقطع .

أما عن الكتاب الذي أشار اليه الشيخ أبو بكر ، فلعل الشيخ ناقش فيه هذه المسائل، فليتكم تنقلون الينا ما جاء فيه أو خلاصة ما جاء فيه.
وبارك الله فيكم.
 
إنضم
21 سبتمبر 2011
المشاركات
17
الكنية
أبو عبد العزيز
التخصص
دراسات إسلامية
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

جزى الله الشيخ سمير فقد أفادنا رحمه الله وكتب أجره وأطلب من الشيخ أبي بكر ماطلبه منه الشيخ أبو عبد الله المقدسي وهو نقل ما قاله الشيخ ذياب في هذه المسألة
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

صَلاةُ أهْلِ الكَرَاسِي


السُّؤالُ : مَا حُكْمُ صَلاةِ الفَرِيْضَةِ على الكَرَاسِي وما صَفَتُهَا؟
الجَوَابُ : الحَمْدُ لله رَبِّ العَالمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ .
وبَعْدُ : فإنَّ الجَوَابَ عَنْ هَذِهِ المَسْألَةِ، كَمَا يَلي باخْتِصَارٍ :
قُلْتُ : لَقَدْ أجمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ للصَّلاةِ أرْكَانًا لا تَصِحُّ إلَّا بِهَا : مِثْلُ القِيَامِ والرُّكُوْعِ والسُّجُوْدِ وغَيْرِهَا مِنَ الأرْكَانِ، فَمَنْ تَرَكَ مِنْهَا رُكْنًا قَادِرًا عَلَيْهِ عَالمًا بِهِ مُخْتَارًا لفِعْلِهِ : فَصَلاتُهُ بَاطِلَةٌ بالإجْمَاعِ .
وقَدْ دَلَّ على ذَلِكَ قَوْلُ الله تَعَالى : «وارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعينَ» (43)، وقَوْلُهُ تَعَالى : «وقُوْمُوا لله قَانِتِينَ» (البَقَرَةُ : 238)، وقَوْلُهُ تَعَالى : «يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا واسْجُدُوا واعْبُدُوا رَبَّكُم» (الحَجُّ 77) . وقَوْلُهُ ﷺ : «صَلُّوا كَما رَأيْتُمُوني أُصَلِّي»، وقَوْلُهُ ﷺ : «صَلِّ قَائِمًا» أخْرَجْهُما البُخَارِيُّ، وهَذَا في صَلاةِ الفَرِيْضَةِ، أمَّا صَلاةُ النَّافِلَةِ فيَجُوْزُ فِيْهَا ما لا يَجُوْزُ في غَيْرِهَا، ولاسِيَّما في القِيَامِ .
كَما أجمَعَ أهْلُ العِلْمِ أيْضًا على أنَّ تَحْقِيْقَ أرْكَانِ الصَّلاةِ مُتَوَقِّفٌ على الاسْتِطَاعَةِ والقُدْرَةِ، فَكُلُّ مُسْلِمٍ عَاجِزٍ عَنِ القِيَامِ بأحَدِ أرْكَانِ الصَّلاةِ، فَهُوَ مَعْذُوْرٌ شَرْعًا وعَقْلًا، لقَوْلِهِ تَعَالى : «لا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا» (البقرة :286)، وقَوْلِهِ تَعَالى : «فاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم» (التغابن :16)، وقَوْلِهِ ﷺ : «إذَا أمَرْتُكُم بأمْرٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وقَوْلِهِ ﷺ : «صَلِّ قَائِمًا، فَإنْ لم تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإنْ لم تَسْتَطِعْ فَعَلى جَنْبٍ» البُخَارِيُّ، وتَحْقِيْقًا أيْضًا للقَاعِدَةِ الفِقْهِيَّةِ : المَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيْرَ، وقَاعِدَةِ : لا وَاجِبَ مَعَ العَجْزِ.
يُوضِّحُهُ؛ أنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ القِيَامِ في الصَّلاةِ صَلَّى جَالِسًا، ومَنْ عَجَزَ عَنِ الرُّكُوْعِ أوْمَأ برَأسِهِ حَالَ قِيَامِهِ، ومَنْ عَجَزَ عَنِ السُّجُوْدِ أوْمَأ برَأسِهِ حَالَ جُلُوْسِهِ، ويَكُوْنُ سُجُوْدُهُ أخْفَضَ مِنْ رُكُوْعِهِ وُجُوبًا، ويَكُوْنُ في جُلُوْسِهِ مُفْتَرِشًا أو مُتَورِّكًا . وقِيْلَ : يَجْلِسُ مُتربِّعًا، لقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا : «رَأيْتُ رَسُوْلَ الله ﷺ يُصَلِّي مُترَبِّعًا» النَّسَائيُّ، ورِجَالُهُ ثِقاتٌ .
ومَنْ عَجَزَ أيْضًا عَنِ القِيَامِ والرُّكُوْعِ والسُّجُوْدِ : صَلَّى على جَنْبِهِ، وقِيْلَ : مُسْتَلقِيًا على ظَهْرِهِ، ووَجْهُهُ ورِجْلاهُ إلى القِبْلَةِ ليَكُوْنَ إيْماؤهُ إلَيْهَا، والأوَّلُ أصَحُّ لظَاهِر السُّنَّةِ .
وأمَّا إنْ عَجَزَ المُسْلِمُ أنْ يُصلِّيَ على جَنْبِهِ : صَلَّى على أيِّ حَالٍ، سَوَاءٌ على ظَهْرِهِ أو على الكُرْسِي، كَما سَيَأتي بَيَانُهُ .
وكَذَا؛ فَإنَّ كُلَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الإتْيَانِ برُكْنٍ مِنْ أرْكَانِ الصَّلاةِ أو غَيْرِهَا مِنَ العِبَادَاتِ الشَّرعِيَّةِ؛ فَإنَّ لَهُ أجْرَ الصَّحِيْحِ القَادِرِ، لقَوْلِهِ ﷺ : «إذَا مَرِضَ العَبْدُ أو سَافَر كُتِبَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيْحًا مُقِيمًا» البُخَارِيُّ.
ý أمَّا صَلاةُ الفَرِيْضَةِ على الكَرَاسِي فلا تَخْلُو مِنْ أرْبَعِ صُوَرٍ :
الصُّوْرَةُ الأوْلى : مَنْ يُصَلِّي الفَرِيْضَةَ على الكَرَاسِي، وهُوَ قَادِرٌ على السُّجُوْدِ، بحُجَّةِ أنَّهُ إذَا صَلَّى جَالِسًا لَنْ يَسْتَطِيْعَ على القِيَامِ سَوَاءٌ في أوَّلِ صَلاتِهِ أو في أثْنَائِهَا!
قُلتُ : مَنْ هَذِهِ حَالُهُ، فَصَلاتُهُ بَاطِلَةٌ بالإجْمَاعِ، لأنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا قَادِرًا عَلَيْهِ شَرْعًا وطَبْعًا، وتَكَلَّفَ رُكْنًا هُوَ مَعْذُوْرٌ فِيْهِ شَرْعًا! وذَلِكَ لكَوْنِهِ قَدْ تَرَكَ كَثِيرًا مِنْ أرْكَانِ الصَّلاةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا : وهِيَ السُّجُوْدُ، والجَلسَةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، والجُلُوْسُ للتَّشَهُّدِ وغَيْرَهَا . وقَدْ صَحَّ عَنْهُ ﷺ في الصَّحِيْحَيْن أنَّهُ صَلَّى جَالِسًا حِيْنَما سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، ولم يَتَكَلَّفْ حِيْنَهَا الصَّلاةَ على الكُرْسِي!
كَمَا أنَّهُ بصَلاتِهِ على الكُرْسِي قَدْ خَالَفَ تَسْوِيَةَ الصُّفُوْفِ، وذَلِكَ مِنْ خِلالِ تَقَدُّمِهِ أو تَأخُّرِهِ على أهْلِ الصَّفِ، سَوَاءٌ بصَدْرِهِ أو برِجْلِهِ، وكِلاهُمَا فِيْهِ مُخالَفَةٌ شَرْعِيَّةٌ، لقَوْلِهِ ﷺ عِنْدَمَا رَأى رَجُلًا باديًا صَدْرُهُ : «لَتُسَوُّنَّ صُفُوْفَكُم؛ أو لَيُخَالِفَنَّ الله بَيْنَ وُجُوْهِكِم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
ثم إنَّ العِبْرَةَ في تَسْوِيَةِ الصُّفُوْفِ : هِي اصْطِفَافُ الأقْدَامِ، وتَسْوِيَتُهَا بمُحَاذَاةِ الأكْعُبِ، لا بتَسْوِيَةِ أطْرَافِ الأصَابعِ، كَما هُوَ فِعْلُ كَثِيرٍ مِنَ المُصَلِّيْنَ، أمَّا مَنْ جَازَ لَهُ الصَّلاةُ على الكَرَاسِي فالعِبرَةُ بتَسْوِيَةِ الصَّدْرِ والمَنْكِبِ مَعَ المُصَلِّيْنَ، كَما هُوَ ظَاهِرُ السُّنَّةِ، وحَالُ جُلُوسِنَا في الصَّلاةِ .
لِذَا؛ كَان وَاجِبًا على مَنْ هَذِهِ حَالهُ أنْ يُصَلِّيَ الصَّلاةَ بحَسَبِ الاسْتِطَاعَةِ والقُدْرَةِ، فَكُلُّ رُكْنٍ يَسْتَطِيْعُهُ أتَى بِهِ، ومَا لا يَسْتَطِيْعُهُ فَهُوَ مَعْذُوْرٌ فِيْهِ شَرْعًا!
الصُّوْرَةُ الثَّانِيَةُ : مَنْ يَعْجَزُ عَنِ السُّجُوْدِ فَقَطُ، بحُجَّةِ أنَّ في سُجُوْدِهِ ضَرَرًا يَشُقُّ عَلَيْهِ .
فمَنْ هَذِهِ حَالُهُ؛ فَصلاتُهُ بِاطِلَةٌ اتِّفَاقًا، لأنَّهُ تَرَكَ رُكْنَ القِيَامِ والرُّكُوْعِ والجُلُوْسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ والجُلُوْسِ للتَّشَهُّدِ!
لِذَا كَانَ عَلَيْهِ شَرْعًا؛ أنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا؛ حَتَّى إذَا أرَادَ السُّجُوْدَ جَلَسَ على الأرْضِ، ثُمَّ أوْمَأ للسُّجُوْدِ برَأسِهِ، وهَكَذَا يَفْعَلُ في جَمِيْعِ صَلاتِهِ .
الصُّوْرَةُ الثَّالِثَةُ : مَنْ يَعْجَزُ عَنِ الجُلُوْسِ رَأسًا، بحُجَّةِ أنَّ في جُلُوْسِهِ ضَرَرًا، يَشُقُّ عَلَيْهِ .
فَهَذا أيْضًا صلاتُهُ بِاطِلَةٌ اتِّفَاقًا، لأنَّهُ تَرَكَ رُكْنَ القِيَامِ والرُّكُوْعِ، لِذَا كَانَ عَلَيْهِ شَرْعًا؛ أنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا؛ حَتَّى إذَا أرَادَ السُّجُوْدَ جَلَسَ على الكُرْسِي أخْذًا باسْتِشَارَةِ الطَّبِيْبِ الثِّقَةِ، لقَوْلِهِ تَعَالى : «فَاسْألُوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُم لا تَعْلَمُوْنَ» (الأنبياء :7)، وأوْمَأ عِنْدَ السُّجُوْدِ برَأسِهِ، وهَكَذَا في جَمِيْعِ صَلاتِهِ.
الصُّوْرَةُ الرَّابِعَةُ : مَنْ يُصَلِّي مُتَوكِّئًا على العَصَا؛ حَتَّى إذَا أرَادَ الرُّكُوْعَ أو السُّجُوْدَ صَلَّى على الكُرْسِي!
فَمَنْ هَذِهِ حَالُهُ؛ فَصَلاتُهُ غَيرُ صَحِيْحَةٍ، لأنَّهُ تَرَكَ رُكْنَ الرُّكُوْعِ والسُّجُوْدِ والجُلُوْسِ عَمْدًا، لِذَا كَانَ عَلَيْهِ شْرَعًا : أنْ يُصَلِّيَ مُتَوَكِّئً على العَصَا حَالَ قِيَامِهِ ورُكُوْعِهِ وُجُوْبًا، دُوْنَ الجُلُوْسِ على الكُرْسِي، حَتَّى إذَا أرَادَ السُّجُوْدَ جَلَسَ على الأرْضِ وسَجَدَ، وهَكَذَا يَفْعَلُ في صَلاتِهِ .
وأمَّا بُطْلانُ صَلاةِ أهْلِ الكَرَاسِي ممَّن جَاءَ ذِكْرُهُم في الصُّوَرِ الأرْبَعِ؛ فَهُوَ مُتَوَقِّفٌ على كَوْنِ المُصَلِّي مِنْهُم : عَالمًا ذَاكِرًا مُخْتَارًا في صَلاتِهِ، وإلَّا فَصَلاتُهُم صَحِيْحَةٌ بعُذْرِ الجَهْلِ أو النِّسْيَانِ أو الإكْرَاهِ .
أمَّا الصُّوَرُ الَّتِي تَصِحُّ فِيْهَا الصَّلاةُ على الكَرَاسِي، فَهِي صُوْرَتَانِ :
الأوْلى : مَنْ ضَعُفَتْ قُوَاهُ عَنْ حَمْلِهِ قَائًما وجَالِسًا على حَدٍّ سَوَاء، وهُوَ أشْبَهُ اليَوْمَ بحَالِ مَرْضَى العِظَامِ، أو بالمُصَابِيْنَ بالشَّلَلِ، أو غَيرَهُم ممَّنْ يعَجَزُوْنَ عَنِ القِيَامِ والجُلُوْسِ، فمَنْ هَذِهِ حَالهُم؛ فَعَلَيْهِم شَرْعًا أنْ يُصَلُّوا على الكَرَاسِي ابْتِدَاءً، ويُومِئُوْنَ برُؤوْسِهِم عِنْدَ الرُّكُوْعِ والسُّجُوْدِ، ومَنْ كَانَ مِنْهُم لا يَسْتَطِيْعُ الإيْماءَ برَأسِهِ، نَوَى بقَلْبِهِ عِنْدَ كُلِّ رُكْنٍ .
الثَّانِيَةُ : مَنْ كَانَ يعَجَزُ عَنِ الجُلُوْسِ فَقَطُ، لخَوْفِ مَرْضٍ، أو لرَجَاءِ بُرْءٍ بَعْدَ اسْتِشَارَةِ طَبِيْبٍ ثِقَةٍ، فمِثْلُ هَذَا عَلَيْهِ شَرْعًا أنْ يُصَلِّيَ قَائمًا ورَاكِعًا؛ حَتَّى إذَا أرَادَ السُّجُوْدَ جَلَسَ على الكُرْسِي، وأوْمَأ برَأسِهِ بِنِيَّةِ السُّجُوْدِ، ثُمَّ يَنْوي الجُلُوْسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وهَكَذَا يَفْعَلُ في صَلاتِهِ .
وأخِيرًا؛ فإنَّنا قَدْ فَصَّلْنَا الحَدِيْثَ عَنْ حُكْمِ صَلاةِ أهْلِ الكَرَاسِي في رِسَالَةٍ مُختَصَرَةٍ، تَحْتَ عُنْوَانِ : «تَنْبِيْهِ النَّاسِي بحُكْمِ صَلاةِ أهْلِ الكَرَاسِي»، فمَنْ أرَادَ زِيَادَةَ تَفْصِيْلٍ فليَنْظُرْهَا مَشْكُوْرًا، والله تَعَالى أعْلَمُ.
وكَتَبهُ




ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي


(1/6/1430)
منقول من هذا الرابط
http://majles.alukah.net/showthread...صلي-قائما-ثم-يجلس-أم-يجلس-ثم-يقوم-قبل-الركوع؟
 

محمد إبراهيم صبري

:: مطـًـلع ::
إنضم
16 يوليو 2011
المشاركات
125
الكنية
ابو إبراهيم
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
القدس
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

جزى الله الاخوة الكرام خير الجزاء على هذا الموضوع القيم وهذا العرض المبارك للمسألة...
وأثني على اقتراح الاخ ابي عبد الله ، بأن يكون في المساجد أماكن معدة ومخصصة لأصحاب الأعذار ممن يصلون على الكراسي ، بحيث لا تقطع الصفوف ولا تؤذي المصلين ، وكذلك لا تحرج أصحاب الأعذار ، فكم منهم قد فارق المساجد خوفا من هذا الإحراج ، وفي تخصيص مكان لهم إشعارا لهم بالاهتمام بهم وحسن المعاملة ، وإشارة للترحيب بهم وعدم نبذهم أو التأفف منهم ، وهو اقتراح طيب وجدته في بعض المساجد ، وأسال الله عز وجل أن يوفق القائمين على المساجد لتعميمه على بقية المساجد لما فيه من مصلحة ، والله تعالى أعلم.
 

عصام أحمد الكردي

:: متفاعل ::
إنضم
13 فبراير 2012
المشاركات
430
الإقامة
الأردن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو يونس
التخصص
عابد لله
الدولة
الأردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
ملة إبرهيم حنيفا
رد: الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

مِنْ بَابِ الإِلْتِزَامِ بِالأَمَانَةِ العِلْمِيةِ

كتب على الصفحة الرئيسية لمنتدى الرقية الشرعية
لقب أبو البراء منسوبًا إلى
أسامه بن ياسين المعاني
فهل من تعقيب
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

كتب على الصفحة الرئيسية لمنتدى الرقية الشرعية
لقب أبو البراء منسوبًا إلى
أسامه بن ياسين المعاني
فهل من تعقيب
استفساركم غير مفهوم بارك الله فيكم
 

عصام أحمد الكردي

:: متفاعل ::
إنضم
13 فبراير 2012
المشاركات
430
الإقامة
الأردن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو يونس
التخصص
عابد لله
الدولة
الأردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
ملة إبرهيم حنيفا
رد: الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

استفساركم غير مفهوم بارك الله فيكم

لقب (لسان العرب)
في التنزيل العزيز: ولا تَنَابَزُوا بالأَلْقَابِ ؛ يقول : لا تَدْعوا الرجلَ إِلا بأَحَبّ أَسمائِه إِليه.
لقد دعوت الأخ الفاضل سمير أحمد الحراسيس بأَحَبّ أَسمائِه إِليه المعلومة ، كنيته ، وأردت أن أعرف هل لهذه الكنية ما يربطها بها منسوبة بها لقبًا به معلوم ما هم عليه أُولئك الذين أنعم الله عليهم بها لقبًا ، وإن كان منهم من لا يكنى بها ، أم هل أن الأخ الفاضل أنعم الله عليه بها كنية وما هو عليه سوى ما هم عليه أولئك . أم هل ما هو عليه هو ما هم عليه أُولئك ولكن من باب منهجية أخرى .

 
أعلى