د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هذا بحث مختصر في أربع ورقات قرره شيخنا أ.د. صالح السلطان قبل أكثر من خمس سنوات لطلابه في المستوى الخامس في جامعة الإمام محمد بن سعود بالقصيم، أسأل الله عز وجل أن ينفع به.
الإجارة المنتهية بالتمليك
لـ
أ.د. صالح السلطان
تعريفها:
هي عقد بين طرفين يؤجر فيه أحدهما الآخر عيناً كدار أو سيارة مقابل أجرة تسدد على أقساط مدة معينة تنتقل بعدها ملكية العين إلى المستأجر على صفة معينة.
حكمها:
اختلف في حكمها فمنعها بعض فقهاء العصر وذلك لما في صور بعض عقودها من الغرر والظلم للمستأجر مما يخرجها عن مسمى الإجارة، وأجازها آخرون وخرجوا جوازها على عقود منها:
التخريج الأول: أنها بيع تقسيط
وبيانه: أن من نظر في بعض صيغ عقود الإجارة المنتهية بالتمليك فيلحظ أن الطرفين تعاقدا أصلا على عقد البيع بالتقسيط مشروطا فيه عدم انتقال المبيع للمشتري إلا بعد سداد جميع الأقساط ونية البيع من الطرفين ظاهرة يدل عليها الالتزام المذكور في بنود بعض الشركات بالوعد في البيع ونقل الملكية للمشتري بعد الوفاء بكامل الشروط.
ويشهد لذلك أن الأجرة المدفوعة على أقساط أكثر من أجرة المثل وتتناسب مع ثمن البيع وكذلك ما في بنود بعض الشركات من أن المؤجر لا يقبل بأي حال أن تعود السلعة إليه
ويناقش هذا التخريج بالآتي:
أولاً: أن القول بأنه بيع غير مسلم لأن المبيع في البيع لا يصح اشتراط الاحتفاظ بملكيته للبائع حتى يتم سداد الثمن.
كما أن الاحتفاظ بالملكية مع كونه عقد بيع فيه غرر بين لأن المستأجر (المشتري) لو تخلف عن أداء قسط أو أقساط أخذت منه العين وضاع عليه حقه وما دفعه من ثمن وهذا غرر وظلم وأكل للمال بالباطل، إذ إن المستأجر دفع أقساطا لا تناسب الإجارة لأنها تتجاوز قيمة المنافع وهي في الأصل قيمة للرقبة فقد خسر الثمن والمثمون الذين ربحهما البائع فيكون جمع العوض والمعوض خلافاً للقاعدة الشرعية في العقود.
وكل هذا تخرجة عن مسمى البيع.
أقول: وهذا المذكور قوي إذا لم يتم نقل الملكية من آخر الأمر لسبب من الأسباب كعجز عن التسديد.
ومن ثم فتخريج هذا العقد على بيع التقسيط لا يصح للفرق بين العقدين في ماهية كل عقد وما يترتب عليه من الملكية والضمان والإصلاح وغيرها أو عدم ذلك.
التخريج الثاني:تخريج الإجارة المنتهية بالتمليك على الإجارة مع شرط الهبة
فتكون صيغة العقد: آجرتك هذه الدار مثلا بثلاثمائة ألف ريال تدفع على خمسة عشر قسطا على أنك إذا وفيت بهذه الأقساط فالدار هبة لك ويقبل الآخر.
وبيانه: أن هذا العقد عقد إجارة اقترن به شرط الهبة فالهبة معلقة على الوفاء بجميع الأجرة.
وقد يناقش بالآتي:
1- أنه تضمن اشتراط عقد هبة في عقد إجارة والجمهور على منع اشتراط عقد في عقد.
ويجاب: بأن الراجح جوازه - إذا لم يكن المشروط عقد قرض أو حيلة على الربا- ولا محذور في ذلك وهو مذهب مالك، واختيار الشيخ عبد الرحمن السعدي.
2- أن فيه تعليق الهبة على شرط وتعليق العقود لا يصح وهو قول الجمهور.
وأجيب: بأن الصحيح صحة تعليق العقود لأن الأصل الحل ولتعليق النبي صلى الله عليه وسلم الولاية (أميركم زيد فإن قتل فجعفر ...) وهذا اختيار شيخ الإسلام وابن القيم.
3- أن فيه آخذا لزيادة على أجرة المثل مقابل هبته في النهاية فترجع إلى أنها هبة بعوض وهي بيع فيرجع إلى أن العقد عقد بيع وقد تقدم أنه لا يصح لما فيه من الظلم للمستأجر وأخذ حقه من غير مقابل والمستأجر رضي بالدفع لما زاد على أجرة المثل على أمل تسديد سائر الأقساط وقد يعجز عن ذلك.
ويجاب من وجهين:
أحدهما: أنه ليس كل من يمارس هذه العقود يأخذ بأكثر من أجرة المثل فمن الشركات من تأخذ قدر أجرة المثل.
ومن ثم فلا يرد عليها هذا الاعتراض.
الثاني: أن من الشركات من ترد إلى المستأجر ما أخذته زائدا عن أجرة المثل إذا عجز عن إتمام العقد لعذر مقبول كإعساره ونحو ذلك.
ومن ثم فلا يرد عليها هذا الاعتراض لكن يبقى هذا الاعتراض وجيها فيما عدا هذين الوجهين.
التخريج الثالث: تخريج هذا العقد على الإجارة مع شرط البيع.
فتكون الصيغة: آجرتك هذه الدار لمدة خمسة عشر عاما كل عام بعشرين ألف ريال مثلا ويقبل الآخر.
فهو بيع معلق على سداد أقساط الإجارة وقد تقدم صحة التعليق، ولا محذور فيما يظهر لكن بشرط مراعاة المستأجر إذا عجز عن الوفاء لعذر مقبول وكانت الأجرة أكثر من أجرة المثل لئلا يترتب على ذلك أخذ ماله وأكله بالباطل.
أما إذا كانت الأجرة بقدر المثل فلا محذور في ذلك والله أعلم.
التخريج ا لرابع:تخريج هذا العقد على الإجارة مع الوعد بالبيع:
أولاً: اختلف في حكم الوفاء بالوعد على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه مستحب وهو قول الشافعية وقول عند المالكية والحنابلة.
الثاني: أنه واجب مطلقا وهو قول المالكية ووجه عند الحنابلة اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
الثالث: أنه واجب إن كان له سبب وهو قول المالكية، وقول الحنفية قريب منه وأرجحها الثاني لعموم الأدلة الدالة على وجوب الوفاء بالوعد والعهد.
ثانياً: صيغة هذا العقد: أن يقول المؤجر: أجرتك هذه الدار مثلا لمدة خمسة عشر عاما وأجرة كل قسط مثلا عشرين ألف ريال، وأعدك وعدا ملزما ببيعها لك إن وفيت الأقساط بثمن قدره مثلا عشرين ألف ريال ويقبل الآخر.
ومثل ذلك الوعد بالهبة فيقول: وأعدك وعدا ملزما بهبة الدار لك إن وفيت بجميع الأقساط وقد أجازها بصيغة الوعد عددا من العلماء المعاصرين.
وقد يعترض على هذا التخريج بالآتي:
1- هل الوعد ملزم، وقد تقدم أن الراجح وجوب الوفاء به.
2- هل مجرد الوعد بالبيع أو الهبة يكفي لانتقال الملك إذا تم سداد جميع الأقساط؟
الظاهر والله أعلم: أن الوعد بمفرده لا يكفي لانتقال الملك وأنه لا بد من إتمام العقد ويلزم بذلك ديانة وقضاء الممتنع من ذلك، إذ الوعد لا يصلح إيجابا أو قبولا.
هل البيع الموعود به له ثمن أو بدون ثمن؟
الغالب أن البيع الموعود به له ثمن وإلا فلا يصدق عليه أنه بيع وإنما يكون هبة وهذا بيع صحيح لكن مع مراعاة المستأجر إذا عجز عن الوفاء لعذر مقبول كما تقدم..
هذه خلاصة تخريج حكم الإجارة المنتهية بالتمليك:
وهي جائزة فيما يظهر تخريجا على الأمور الثلاثة المتقدمة مع مراعاة ما تقدم:
1- من حفظ حقوق المستأجر وعدم استغلاله وأكل ماله بالباطل.
2- وينبه إلى أنه متى طلبت الشركة أو المؤسسة المؤجرة إلى مسمى البيع أو المال غير الأقساط فإن هذا لا يجوز لأنه يخرجها عن مسمى الإجارة إلى مسمى البيع أو مسمى آخر لأن الإجارة لا يقدم فيها الأجرة.
3- وكذلك إذا شرط ضمان العين المؤجرة على المستأجر فإنه لا يجوز لأن الأصل أنها أمانة في يده والأمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط.
4- ومثل ذلك إذا شرط عليه صيانة العين فإنه لا يجوز لأن هذا مجهول ولأن الملك للمؤجر فإصلاحها على المالك ولأن الأجرة في مقابل الانتفاع بالعين سليمة ألا أن يكون الخلل حدث بفعل المستأجر.
5- ومثل ذلك إذا شرط عليه التأمين فإنه يجوز لأن الأمين لا يؤمن على فعله مع أن الراجح عدم جواز التأمين لما فيه من القمار.
التعديل الأخير: