محمد بن فائد السعيدي
:: متخصص ::
- إنضم
- 23 مارس 2008
- المشاركات
- 677
- التخصص
- الحديث وعلومه
- المدينة
- برمنجهام
- المذهب الفقهي
- شافعي
أهم نتائج بحث"الإمام النووي ومنهجه في الأسماء الحسنى"
(أهم نتائج بحث"الإمام النووي ومنهجه في الأسماء الحسنى"
من خلال شرحه لصحيح مسلم ) بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير
الجمهورية اليمنية
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة الإيمان
عمادة الدراسات العليا والبحث العلمي
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة الإيمان
عمادة الدراسات العليا والبحث العلمي
إعداد : صفوان بن أحمد مرشد حمود الأزدي
إشراف الدكتور : عبد الرحمن بن إبراهيم الخميسي
المقدمة
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(1) ، ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (2)، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (3) ، أما بعد :
فإن أفضل العلوم التي ترفع صاحبها إلى عليين ، وتعلو به منازل الصديقين ، هي علوم الشريعة الغراء ، التي تجعل الراسخين فيها من العلماء بين عبودية الخوف والرجاء ، وتورثهم الخشية من رب الأرض والسماء، وتدخلهم في صفوة الله المختارة من الأنبياء والصديقين والشهداء ، قال تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)(4)، ولما كان شرف العلم بشرف المعلوم ، كان العلم بالله تعالى هو أعظم وأجل وأشرف العلوم على الإطلاق ، والعلم بالله تعالى ومعرفة أسمائه وصفاته ، هو أصل كل العلوم ومستندها من حصّله فقد أدرك من الخير غايته ، ونال شرف العبودية وتحقيق التوحيد من كل طريق ، وحصل له بهذا العلم اليقين والهداية والتوفيق .
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بعبادته ومناجاته ودعائه بالأسماء الحسنى فقال : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (5)، فنتوسل إليه ، ونتقرب منه بأسمائه الحسنى التي يختم لمن أحصاها وعمل بمقتضاها بالحسنى ، لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين : ( إن لله تسعة وتعسين اسماً من أحصاها دخل الجنة) (6) .
والتعبد بهذا العلم وبآثار الأسماء الحسنى والصفات العلى ، وحفظ حدودها ولزوم مقتضياتها ومعانيها ، يورث العبد الإخلاص في عبوديته لمولاه جل في علاه ، بالرقابة له والتوكل عليه وحده ، واستشعار عظمته وسعة ملكه وسلطانه ، والتذلل بين يديه وهذا كله يؤثر على أخلاقه وسلوكه وكافة مناحي حياته ويقرب العبد من بارئه ، فيكسبه ذلك القرب قوة في الإيمان وصلابة في الحق ، تجعله كالراسيات الشُمّخ أمام عاديات المحن ، وقواصم الفتن ، لأنه قد لاذ بالله وبجواره اعتصم ، ولا يطلبه من ذمة الله وحماه إلا خاسر مقطوع بخسرانه .
ويكفي لبيان أهمية هذا الموضوع تسابق أهل العلم من الأئمة المحدثين والفقهاء المجتهدين للتأليف والتصنيف في هذا الموضوع نثراً وشعراً ، فبينوا معانيها ، وأظهروا مقاصدها .
ولما كان نظام جامعة الإيمان بصنعاء ، ملزماً لطلبته الدارسين في المراحل العليا تقديم بحث تكميلي متمم للدراسة في هذه المرحلة ـ والتي كانت لثلاث سنوات بعد الأربع الأولى ـ كان من توفيق الله لي اختيار موضوعي هذا الموسوم بـ " الإمام النووي ومنهجه في الأسماء الحسنى " من خلال شرحه لصحيح مسلم ، وكان من أسباب اختياري لهذا العنوان :
1- رغبتي في الوقوف على الأسماء الحسنى كمقصود أصلي من الدراسة أستنيربه وأتبرك بمطالعته ، ولطوله قصدت تبعاً التعرف على منهج الإمام النووي في هذا الباب الهام من أبواب العقيدة ، واقتصرت في دراستي على ما تطرق إليه من مسائل في كتاب له هو من أعظم كتبه ، التي زخرت بها المكتبة الإسلامية " وهو المناهج شرح صحيح مسلم بن الحجاج " .
ورغبني في إبراز هذا الجانب من العقيدة لهذا الإمام الجليل، الوقوف على مذهب أهل السنة والجماعة من سلف هذه الأمة ، وبيان مدى وفاق النووي لهم في هذا الباب .
2 ـ دراستي لصحيح مسلم كاملاً بشرح النووي ، ضمن منهج جامعة الإيمان ، وعلى أيدي شيوخها الأجلاء ، دفعني إلى جمع ما تناثر من كلام النووي في مجمل أبواب العقيدة خدمة لهذا الكتاب العظيم الحافل بمختلف العلوم ، ولما قصر بي الوقت اقتصرت على دراسة ما يتعلق بالأسماء الحسنى .
4 ـ التحقيق فيما يطلقه البعض من نسبة الإمام النووي إلى المذهب الأشعري نسبة مطلقة وبيان مدى موافقته ـ رحمه الله ـ لما كان عليه السلف .
وتكونت خطة البحث التي سرت عليها من مقدمة وبابين وخاتمة تفصيلها فيما يلي:
المقدمة : واشتملت على خطبة الحاجة وكلمة موجزة عن أهمية العلم بالله ومعرفة أسمائه وصفاته ، وذكر أسباب اختياري للموضوع ، وخطة البحث ومنهج العمل فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
خطة البحث
الباب الأول : ترجمة الإمام النووي . ويشتمل على فصلين :
الفصل الأول : سيرته الذاتية ويشتمل على أربعة مباحث :
المبحث الأول : اسمه ونسبه وكنيته ولقبه ونسبته.
المبحث الثاني : مولده ونشأته .
المبحث الثالث : ورعه وزهده واحتسابه ونصحه .
المبحث الرابع : وفاته ورثاء أهل العلم له .
الفصل الثاني : سيرته العلمية . ويشتمل على أربعة مباحث :
المبحث الأول : طلبه للعلم ورحلاته .
المبحث الثاني : شيوخه وتلاميذه .
المبحث الثالث : مصنفاته .
المبحث الرابع : مكانته العلمية وثناء العلماء عليه.
الباب الثاني : منهج الإمام النووي في الأسماء الحسنى . ويشتمل على فصلين :
الفصل الأول : القواعد التأصيلية في الأسماء الحسنى عند الإمام النووي وفيه خمسة مباحث :
المبحث الأول : الاسم والمسمى عند النووي والسلف . وفيه مطلبان :
المطلب الأول : أقوال العلماء في الاسم والمسمى ، والأدلة .
المطلب الثاني : مناقشة الأدلة والترجيح .
المبحث الثاني : طريق ثبوت الأسماء والصفات .وفيه مطالب :
المطلب الأول : توطئة .
المطلب الثاني : الأصل في ثبوت الأسماء والصفات ، التوقيف على الشرع أم الاجتهاد .
المطلب الثالث : ما لم يرد فيه إذن ولا منع من الألفاظ واقتضى مدحاً وكمالاً ، هل يثبت اسماً أو صفةً لله تعالى .
المبحث الثالث : خبر الآحاد وثبوت الأسماء والصفات به وفيه مطالب :
المطلب الأول : خبر الآحاد وحجيته ودلالته .
المطلب الثاني : ما ذهب إليه النووي وأقوال من وافقه من أهل العلم على ذلك .
المبحث الرابع : أشهر الأسماء الحسنى ، وأعظمها وفيه مطلبان :
المطلب الأول : أشهر أسمائه سبحانه وتعالى .
المطلب الثاني : الاسم الأعظم لله سبحانه وتعالى .
المبحث الخامس : الإحصاء والحصر والتعيين للأسماء وفيه ثلاثة مطالب
المطلب الأول : الخلاف الوارد في الحديث حول معنى الإحصاء وترجيح النووي
المطلب الثاني : حصر الأسماء الحسنى .
المطلب الثالث : تعيين الأسماء الحسنى .
الفصل الثاني : المسائل التفصيلية في الأسماء الحسنى عند الإمام النووي . ( نماذج من تفسير النووي للأسماء الحسنى ) وفيه مبحثان :
المبحث الأول : في أسمائه سبحانه " الوتر" و"الجميل" و"الحق" . وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : اسم الله سبحانه وتعالى " الوتر " .
المطلب الثاني : اسمه سبحانه وتعالى " الجميل " .
المطلب الثالث : اسمه سبحانه وتعالى " الحق " .
المبحث الثاني : في أسمائه سبحانه"المقدم والمؤخر"و" السلام"و"النور" وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : في اسميه سبحانه وتعالى" المقدم والمؤخر" .
المطلب الثاني : في اسمه سبحانه وتعالى"السلام" .
المطلب الثالث : في اسمه سبحانه وتعالى "النور .
وهذه الخاتمة التي أورد فيها النتائج
الخاتمــة الحمد لله الذي بنعمته وحده ، تتم الصالحات ، وتنال الكرامات ، وبفضله دون سواه أخذ بيدي حتى بلغ البحث منتهاه ، فله جزيل الحمد والثناء الجميل الذي لا حدود لمداه .
وفي بحثي هذا لا أدعي إحاطة فيه ولا كمالاً ، وحسبي في ذلك أني بذلت قصارى جهدي وغاية وسعي ، فإن أصبت فيما عرضت ورجحت فمن الله منة وتفضلاً أن هداني وسدد قولي وأوضح بياني ، وإن أخطأت أو قصرت ؛ فمن نفسي والشيطان وأسأل المغفرة من الرحمن ، والعذر والنصيحة من المشايخ والإخوان .
وهذا عرض لأبرز ما وصلت إليه من نتائج البحث في هذا الموضوع :
1 ـ وقفت في ترجمة النووي على صورة مشرقة لطلب العلم والمثابرة فيه والجد في تحصيله ، لا يزهد فيها مستزيد للفضل مريد لتحصيل العلم ، ووقفت على سيرة لإمام ورع زاهد مثّل بقية السلف في عصره ، أناخ مطيته في محراب العلم وعكف عليه حتى وافته منيته ، وقفت معه وقفات وسرت في ركابه خطوات ، وأشرت إلى الفوائد والدروس إشارات عابرات ، على استحياء من حالي وحال طلبة العلم اليوم .
2 ـ تعرفت على جِلَّةِ شيوخ النووي وتلامذته ، وترجمت لهم بما يتناسب مع المقام ، وعرفت بمؤلفاته المنسوبة إليه المطبوعة والمخطوطة بحسب الفنون والعلوم. وبينت عزوها إليه .
3 ـ بينت منهج وطريقة النووي في الأسماء الحسنى فتناولت القواعد التأصيلية، وألحقت بها المسائل الكلية ، التي تعرض لها النووي في مقوله ومنقوله في باب الأسماء الحسنى ، والتي سلك فيها طريق السلف في الإثبات والاستدلال.
ولم تتبين لي في هذا الباب مخالفة بالجملة .
وبيان ذلك بحسب الورود في البحث ، كالتالي :
أ ـ وقفت في البحث على مسألة الاسم والمسمى ، ناقلاً ما نقله النووي عن القشيري مثبتاً استدلاله ، فذكرت أبرز المذاهب ودللت على ما ذهب إليه القشيري ووافقه النووي بنقله لقوله دون سواه ، ولم يعقب عليه ولم يستدرك، وبينت موافقة طائفة من السلف على أن الاسم هو المسمى خلافاً للجهمية المعطلة القائلين بأن الاسم غير المسمى ، ووقفت على كلام للإمام ابن حزم من اجتزأه ووقف على ظاهره ، عده موافقاً للجهمية ، ومن تأمله وقرأ كامل مقاله في المسألة وجد ابن تيمية قد التمس منه أو قال بمثله واختاره ، فبينت ذلك ونبهت عليه .
وذهبت طائفة من السلف إلى لزوم التوقف والإمساك عن الخوض فيها ، وطائفة منهم إلى أن الاسم وضع للمسمى فلا يجوز فيه إطلاق القول بأن الاسم غير المسمى ولا أن الاسم هو عين وذات المسمى ، وجمعت بين الأقوال المنسوبة إلى السلف في ترجيحي بعد مناقشة أدلتها ، وجعلتها مؤتلفة غير مختلفة .
ب ـ بينت طريق ثبوت الأسماء والصفات ـ لتلازم الأمر وعدم فكاكه ـ وأن الأصل في ثبوتها هو التوقيف على الشرع من نص صحيح أو إجماع ثابت ، ولا مدخل للاجتهاد في ذلك وهو ما قرره النووي في نقله عن إمام الحرمين الجويني ، وأقوال علماء السلف ومتبعيهم من علماء الخلف تُبَيِّن ذلك في مواضعها من الرسالة.
ثم بينت ما قرره النووي في نقله عن الجويني ، من التوقف عن إطلاق الاسم أو الصفة لله تعالى مما لم يرد به شرع واقتضى مدحاً وكمالاً .
وحررت محل النزاع ودللت على رجحان هذا القول وعلى اختيار السلف له في منهجهم وطريقتهم ، ودفعت ما يوهم خلافه من عبارات غريبة وردت عن شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ تتعارض مع مجمل أقواله وكافة ضوابطه وقواعده التي أصل فيها لمذهب السلف ، فأولتها بما يصح تأويلها به فجاءت متفقة مع منهج النووي الموافقة لمنهج السلف في هذه المسألة .
ج ـ بينت ثبوت الأسماء والصفات بخبر الآحاد ، بعد التعريف له ، ونقل اتفاق أكثر أهل العلم على حجيته وشذوذ المخالف في هذا ، ثم عرجت على خلاف السلف من أهل السنة والجماعة في دلالته من حيث القطع والظن ، وحررت محل النزاع وأسندت الأقوال إلى أصحابها ، وبينت رجحان ما ذهب إليه النووي فيما نقله عن الجويني والقاضي عياض اليحصبي، من دلالة خبر الآحاد المتجرد عن القرائن على الظن ، وثبوت العقيدة به والأسماء والصفات .
وبهذا لا يظهر للخلاف أثر مع من ذهب إلى أن صحة الحديث الآحاد مجردة عن القرائن تفيد القطع لا الظن ليلزم خصمه إثبات العقائد والأسماء والصفات بهذا النوع من الحديث .
وأسديت نصحي لأهل الصحوة المباركة بالوفاق وعدم الافتراق في هذه المسألة وأمثالها ؛ فبينت أن المذموم هو رد خبر الآحاد جملة ، وهوى ، وانتصاراً لبدعة ، ومذهب ، أما رد خبر الآحاد لعارض صحيح معتبر عند أهل السنة والجماعة فلا نكير على صاحبه ولا تفسيق ولا تكفير له. وهذه المسألة وإن لم ترد في كلام النووي إلا أني زدتها للفائدة الجمة والضرورة الملحة .
د ـ بينت اختيار النووي لما ذهب إليه الخطابي من أن لفظ الجلالة "الله" هو أشهر أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى وعرضت أدلته وزدت عليها أدلة وأقوالاً للسلف في ذلك .
وأشار النووي من طرف ليس بالخفي إلى مسألة الاسم الأعظم ومال إلى خفائه ، فعرضت أدلة إثباته من السنة ودرست أسانيدها بما يناسب المقام ، وذكرت أقوال القائلين بتعينه ورجحت عدم التعيين كما مال إليه النووي ، وبينت وقوع التفاضل بين الأسماء الحسنى مشيراً إلى خلاف أهل السنة والجماعة في ذلك ، ودللت على الراجح عندي بحسب ما غلب على ظني من دلالة الأدلة ، وتفاضل الأسماء الحسنى يدل على تفاضل الصفات ، ولا يعني قطعاً اختلاف الذات فهي ذات واحدة مسماة وموصوفة بأوصاف متعددة .
هـ- بينت ما ذهب إليه النووي في معاني الإحصاء ، ورجحان ما ذهب إليه من تضعيف قول القائل بأن الإحصاء الوارد في الحديث هو حفظ القرآن وتلاوته، ورجحان ما ذهب إليه من تصحيح واستظهار القول بأن الإحصاء هو الحفظ للأسماء لورود الرواية المفسرة لذلك .
واخترت أصوب من هذا الصواب وأرجح من هذا الراجح من أن الإحصاء على مراتب هي : العد واستيفاؤها في الدعاء ثم إدراك معانيها وتعقل وفهم مقاصدها ثم إطاقتها والقيام بحقها والعمل بمقتضياتها ، ونص على هذا القرطبي وابن القيم وسبقهما إلى معناه الخطابي .
و ـ بينت ترجيح النووي لعدم صحة الحديث الوارد في تعيين الأسماء الحسنى التي روي أن النبي صلى الله عليه وسلم علق على إحصائها دخول الجنة ، وتناولت بالدراسة الحديثية أقوى الروايات في ذلك ، وتبين لي عدم ثبوتها فاستغنيت عن دراسة ما عداها من الروايات .
ز ـ بينت اختيار النووي وموافقته لأهل السنة والجماعة على عدم انحصار الأسماء الحسنى في عدد معين ، وحديث "إن لله تسعة وتسعين اسماً…" ليس فيه دلالة على الحصر ؛ وإنما فيه دلالة على زيادة فضل أو اختصاص لهذه الأسماء الحسنى على سائر وبقية الأسماء التي ثبتت بالأدلة الصحيحة ، أو خص الله بالعلم بها أحداً من خلقه، أو استأثر بها في علم الغيب عنده ، وفي حصر الأسماء إحصاء للثناء عليه سبحانه ، وذلك منفي بخبر الصادق المصدوق في قوله : (... لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ... ) . هذا ما تعلق بمنهج النووي رحمه الله في القواعد التأصيلية والمسائل الكلية.
أما ما تعلق بمنهجه رحمه الله في المسائل التفصيلية في الأسماء الحسنى ؛ فقد تناولت فيه نماذج من تفسيره للأسماء الحسنى وبينت معانيها اللغوية حيث يلزم البيان ، ومعانيها الشرعية المتعلقة بالله سبحانه وتعالى أولاً من كلام النووي ثم من كلام أهل العلم ، وبينت موافقته للسلف في تفسير الأسماء بالمعاني اللائقة بالله سبحانه ، وإثبات لوازمها من صفات الأفعال ، وصفات الذات غالباً ،وعرض النووي من الأقوال في اسم الله "الجميل" واسمه "النور" ما لا ينفي ثبوت صفة الذاتية لله تعالى ولا يثبتها ، وهذا لا يتعارض مع مذهب من أثبت صفة الذات من هذين الاسمين من السلف .
ولكنه في اسم الله "النور" نقل عن القاضي عياض والخطابي نفي أن يكون "النور" صفة ذاتية لله تعالى ، ورجحت خلاف هذا مع قبولي واستساغتي الخلاف في هذه المسألة الدقيقة التي شحت فيها النصوص الصريحة التي ترفع الخلاف في مثل هذا بما لا يحتمل إلا الراجح ، ووردت فيها أحاديث موضوعة وضعيفة لا يعتبر بها في هذا الباب ، ولم أعثر على أقوال لأصحاب القرون المفضلة تجعل المخالف فيها شاذاً في قوله ، والله أعلم وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل .