د.محمود محمود النجيري
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 19 مارس 2008
- المشاركات
- 1,171
- الكنية
- أبو مازن
- التخصص
- الفقه الإسلامي
- المدينة
- مصر
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
حكم ارتداء المرأة للبنطال
ظاهرة غريبة تفشت في بعض مجتمعات المسلمين، وهي ارتداء كثير من النساء للبنطال في الشوارع والمتاجر وأماكن الترفيه والعمل، حتى صارت صرعة تنتشر انتشارًا سريعًا من مكان لآخر، وكأنها صرخة شيطان هوى بها في آذان أهل الأرض. فأتبعه هؤلاء كما قال الله تعالى: إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً {117} لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً {118} وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً {119} [النساء].
وتبين هذه الآية الكريمة أن الشيطان اللعين تعهد بأن يقتطع نصيبًا من بني آدم، يضلهم ويمنيهم الغرور، ويأمرهم بتغيير خلق الله عز وجل، ومن ذلك التغيير لبس النساء ملابس الرجال، فتصير المرأة بذلك من المسترجلات.
وهناك بعض من يرتدين البنطال والقميص القصير، ويضعن خمرًا على رؤسهن.. وهذا عجيب أن يجتمع لبس الخمار والبنطال معًا. فلا ندري لماذا سترت شعرها بخمار، وأبرزت معالم جسدها بالبنطال؟!
وانتشار لبس المرأة البنطلون في بلادنا دليل على ضعف في العقيدة عند كثير من النساء، وتشوه في الوعي الديني، وغلبة نزعة التشبه بالغرب، وفقدان الإحساس بالخصوصية، والانتماء لحضارة الإسلام بما عرف عن المسلمين في تاريخهم من أزياء سابغة تدل على العناية بالأخلاق والحشمة والوقار والتستر.
ومن المؤكد أن الفضائيات والمجلات النسائية التي تنبع من الغرب وتنتشر في العالم، ساعدت على انتشار البنطال، فالأزياء الغربية تهاجمنا وتقتحم حياتنا ،وتجد من الكثيرين رغبة في المحاكاة دون تفكير، فيما يمكن أن يسمى عولمة الثياب.
ومن عجب أن نسمع فتاوى لبعض المنتسبين للعلم تبيح للمرأة ارتداء البنطال والصلاة فيه، حتى رأينا بعض النساء يذهبن إلى المساجد للصلاة وهن يرتدين البنطال، وفي صلاة العيدين من ذلك الكثير الكثير!
ونقول: إن ارتداء المرأة للبنطلون في بيتها كان حتى وقت فريب يعد منقصة وقدحًا في أخلاقها. فما بالنا اليوم نرى كثيرًا من النساء تجرأن، بل اعتدن ارتداء البنطلون خارج بيوتهن؟! ثم إن المرأة من الجيل الماضي كانت تستحي أن تلبس ذلك أمام محارمها كأبيها وأخيها، فصارت الآن ترتديه من دون خجل، وقمصانًا قصيرة في كل مكان.. وتزاحم الرجال دون أن تستحي من نظراتهم الحادة إلى مفاتنها، بل ربما تزدهيها نظرات الإعجاب الجائعة التي هي سهام مسمومة من سهام إبليس.
ولا ريب أن المرأة التي ترتدي البنطلون تثير شهوة الرجال، وتجعل الشباب العابث يتبعها ويعاكسها. وقد يندفع للاعتداء عليها، فارتداء البنطلون ليس عنوانًا على العفة والحشمة، وكأنه دعوة من صاحبته إلى الطمع فيها. والله حذر المرأة من اللين في الكلام حتى لا يطمع أصحاب الأهواء فيها فقال: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب: 32]. وكم من فتاة خطفت، وانتهك عرضها، بسبب ارتداء البنطلون، والملابس الضيقة!
وقد حدد الله سبحانه لباس المرأة في القرآن الكريم بالجلباب، وأمر بأن تنزله المرأة حتى يستر قدميها بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]. ومع الجلباب أمر القرآن الكريم المرأة أن تختمر بخمار ، وتطيل هذا الخمار حتى يستر صدرها وعنقها بقوله سبحانه: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور: 31].
وثبت في الصحيح لعن النبي المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، وفيه أيضًا لعن المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء. وروى أبو داود بسند صحيح: "لعن رسول الله الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل".
ولا يجادل أحد في أن ارتداء البنطال- حتى وقت قريب- كان عنوانًا على أن المرأة أجنبية أو متفرنجة، وكان هذا المشهد نادرًا ما يُرى في بلادنا نحن المسلمين، إلى أن صار كالنار تنتشر في الهشيم، ولا ينجو منها إلا قليل من النساء، اللواتي يحفظن عفتهن، ويخفن الله تعالى في أنفسهن، ويجدن في أزواجهن وآبائهن ناصحين ومربين.
دكتور محمود النجيري