تنبيه :
تنبيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلى الله على أشرف المرسلين أما بعد
اعلم أخي بارك الله فيك أن أعلام التصوف كابن عربي والحلاج والشبلي وأبو يزيد البسطامي وابن الفارض وغيرهم خصوصا من ورد عنهم ألفاظ وكلمات ظاهرها كفر صريح . فهي ما جعلت شيخ الإسلام ومن قال بقوله أن يكفرهم . إذ إن مثل هذه العبارات هي لا شك في ظاهرها أنها صريحة في كفر من يقول بها .
ولكن السؤال: هل هذه العبارات على ظاهرها كما تقرأ أم أن لقائلها قصد آخر ؟
الجواب على هذا الإشكال حول هذه العبارات وحول قائليها باطلاعي القاصر إجمالاً على مرتبتين :
الأولى : أن العلماء لم يتفقوا على تكفير أصحاب هذه الكلمات , فهم قد انقسموا إلى ثلاثة أقسام :
1- قائل بكفرهم كابن تيمية والذهبي وغيرهم .
2- متأول لهم حامل لمقصدهم على غير ظاهر ما ورد من عباراتهم وهم كالسبكي وابن حجر والسيوطي وغيرهم جماعات كثر .
3- متوقف في النطق بتكفيرهم لما بلغه من صلاح أحوالهم .
الثانية : في صحة اتباع طرق التصوف من عدمها .
أما الطرق الصوفية , وأصحاب هذه الطرق أيضاً ورد الخلاف حولها وحول المتسلكين عليها.
والقول مختصرا بدون تفصيل بل على إجمال. أنه لا شك ولا خلاف في صحة طرق التصوف المعتدلة التي وردت عن علماء معتدلين . أما ما كان فيها من ابتداع واتباغ غير النهج الصحيح فهي مردودة على صاحبها .
والقول بصحتها هو ما اعتمده كثير من أهل العلم من الشافعية والمالكية والحنفية كالسبكي وابن حجر الهيتمي والعز بن عبد السلام وابن دقيق العيد من الشافعية ومن الشواهد على صحة بعض الطرق لا كلها . هي طريقة الإمام عبد القادر الجيلاني والتي قبلها كل العلماء ولم يقل أحد بنكارتها إلا نزر يسير .
وإني أنصح كل إخواني بجملة نصائح :
1- أن يكون طالب العلم عفيف اللسان عن عامة الناس فضلا عن علمائهم وصلحائهم .
2- أن لا يقلد أحدا في التكفير إلا إذا اجتمعت لديه الشروط وانتفت الموانع .
3- أن ابن تيمية وغيره قد أداهم اجتهادهم إلى القول بتكفير هؤلاء أما أنت مالذي أداك إلى القول بتكفيرهم .
4- أن من قال بتكفيرهم عنده من الحجة والدليل ما يقف ويخاصم بها المكفر إذا قدموا إلى الله تعالى والله يفصل بينهم .ولا تنسى قول المصطفى عليه الصلا والسلام : ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) وهذا في عامة الناس فما ظنك بمن ظهر واشتهر صلاحهم وزهدهم وورعهم كما ذكر هذا ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية وغيره .
5- أن يحسن الظن طالب العلم بأهل العلم حتى يرد عنهم أنهم أحدوا في الله .
6- أن ينظر طالب العلم في سير هؤلاء قبل أن يتحدث فيهم . فابن عربي مثلا قد صرح باعتقاده وأنه على العقيدة الصحيحة التي عليها سلف الأمة وهذا الذي أثبته غير واحد منهم . السيوطي في ( تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي ) فكيف يصرح بعقيدته وأنه لا يدين الله إلا بها , ومع ذلك يكفر .
فإن قال قائل : ماذا نقول في مثل هذه العبارات التي وردت عنهم ؟
الجواب : 1- إما أن تكون مدسوسة عليهم .
2- إما أن تكون من كلامهم فحينئذ تقف ثلاثة مواقف :
1- أن تحسن الظن بهم وأنهم إن قالوا بها فإنهم لم يقصدوا ظاهرها بل ربما تكون زلة لسان وجل من لا يخطيء.
2- أن تتأول وتحمل هذه العبارات على أحسن المحامل إذا كان لها تأويل سائغ في اللغة .
3- أن تتوقف فيها .
ولعلي أذكر قصة استحضرها عن بعض أهل التصوف لا يحضرني اسمه ولكن المهم , أنه كان ممن شاع عنه بعض العبارت التي ظاهرها كفر عند من يسمعها لأول وهلة . ففي يوم من الأيام خرج إلى خارج البلدة وتبعه جمع من طلبة االعلم فوقف وقال لهم انظروا معبودكم تحت قدمي ففزعوا من قوله واجتمعو عليه فقال ألا تصدقوني احفروا هنا فلما حفروا فإذا بهم يجدون كنزًا مدفونا .
هذه بعض الكلمات سطرتها على عجالة واعتذر للقارئ الكريم إن وقع زلل وخطأ فجل من لا يخطئ واعتذر عن بعد مواضع العزو ولكن سأوافيكم بها إن تيسر ذلك إن شاء الله .
والله من وراء القصد , وصلى الله على سيدنا محمد وعل آله وصحبه وسلم .