عزة
:: فريق طالبات العلم ::
- إنضم
- 18 يوليو 2009
- المشاركات
- 540
- التخصص
- فقه
- المدينة
- ...........
- المذهب الفقهي
- حنبلي
مدخل إلى الفــروق الفقهيــة
فضيلة الشيخ الدكتور/ يعقوب بن عبدالوهاب الباحسين
الحمدُلله الذي بنعمتِه تتمُّ الصالحات، والصلاةُ والسلامُ على نبيّنا محمدٍ المبعوثِ بالاّيات البيّنات. وبعد:
فإنّ البحث في الفروق يُعَدّ من مكمّلات العلوم، إن لم يكن من ضرورتها، إذ به يقع التمييز بين المتشابهات، وإليه يستند التفريق بين الأحكام،وعليه يعتمد العلماء في كثير من القضايا والواقعات.
وقد استهوى البحثُ عن الفروق العلماءَ من كلِ صنفٍ. فظهرت فيه المؤلَفاتُ المتنوّعة، والأبحاثُ الكثيرة، في العلوم الشرعيّة،والعلوم اللغوية، والعلوم الأخرى([1]).
فإنّ البحث في الفروق يُعَدّ من مكمّلات العلوم، إن لم يكن من ضرورتها، إذ به يقع التمييز بين المتشابهات، وإليه يستند التفريق بين الأحكام،وعليه يعتمد العلماء في كثير من القضايا والواقعات.
وقد استهوى البحثُ عن الفروق العلماءَ من كلِ صنفٍ. فظهرت فيه المؤلَفاتُ المتنوّعة، والأبحاثُ الكثيرة، في العلوم الشرعيّة،والعلوم اللغوية، والعلوم الأخرى([1]).
وقد كان الاهتمام بالفروق والجوامع في مجالي الفقه وأصوله كبيرَاً، حتى عدّه بعض العلماء أحد أنواع الفقه العشرة. وترجع أهميّة ذلك إلى أنّ معرفة الفروق مما تترتّبُ عليها معرفةُ الأحكام الشرعية، والمأخذِ التي تتوجَّهُ إلى ما يبدو أنّه جامع بين أحكام الفروع الفقهية، حتى أنّهم جعلوه من أقوى الاعتراضات على العلّة وأجدرها بالاعتناء به([2]).
وعلى الرغم من كثرة الكتب المؤلّفة في المجال التطبيقي لهذا العلم، إلاّ أنّني لم أجد دراسةً مستقلّةً تبحث عن هذا العلم، من حيث هو، بحيث أنّها تبيّنُ موضوعَه، ومقوّماتِه، ونشأتَه،وتطوّرهُ ومناهجَهُ، وجلُّ ما رأيته كان مقدّماتٍ لكتب محقّقة، تتناول هذا الموضوع، بتعريفه، وبيان أهميته، وتعداد طائفة من مؤلّفاته، وهي مقدّمات ليست بمستوى واحد، منها ما تتصف بالسطحية والعجلة في التأليف، ومنها ما كانت مقدّمات فيها نوع من الجدّيّة،والالتزام بالمنهج العلمي. وأورد كثير من الباحثين كلامهم عن الفروق الفقهيّة، في ضمن كلامهم عن القواعد الفقهيّة، بعَدّها نوعاً منها، أو متفرّعة عنها، وقد يكون لما فعله علماء السلف، من جمعهم بيّن القواعد والفروق الفقهية، في ضمن كلامهم عن القواعد الفقهية، بعدها نوعا ً منها، أو متفرعة عنها، وقد يكون لما فعله علماء السلف، من جمعهم بين القواعد والفروق في كتبهم المؤلّفة في الأشباه والنظائر، سندٌ في صنيعهم هذا، وليس ذلك ببعيدٍ للعلاقة القائمة بين الجمع والفرق. مما دعاني إلى أن أكتب في هذا الموضوع على وجه الاستقلال بإقامة دعامة له، تؤصّله، وتبيّن حدوده‘ وموضوعه، ومباحثه، ونشأته، وتطوّرها، فأخرجت كتابي (الفروق الفقهية والأصولية- مقوماتها- شروطها، نشأتها، تطوّرها، دراسة نظرية، وصفيّة، تاريخيّة) في سنة 1419هـ/1998م. ولعله الكتاب الوحيد في هذا الشأن حتى الآن، فيما أعلم.
ومهما يكن من أمر، فأنّ ما ظهر من دراسات في الفروق، كان في المجال التطبيقي، أي في ذكر الجزئيات المتشابهة ذوات الأحكام المختلفة، مع بيان أسباب اختلافها، وهذا أمر يتَّصل بمباحث الأصوليين في الفرق، بعَدِّهِ واحداً من قوادح العلّة في القياس، ولهذا فانّ تعريف الأصوليين للفرق يلقي بظلالهِ على تعريفاتِ الفقهاءِ، ولسنا هنا بصدد استقراءِ التعريفات، ومناقشتِها، وإّنما سنكتفي بما يصوّر ذلك ويوضّحه.الفرق في اللغة:
إنّ الفرق في اللغة، هو ما يميّز بين الشيئين، ويذكر ابن فارس (ت395هـ) أنّ مادةَ الكلمةِ أي الفاء والراء والقاف أصل صحيح يدل على تمييز وتزييل.([3])
إنّ الفرق في اللغة، هو ما يميّز بين الشيئين، ويذكر ابن فارس (ت395هـ) أنّ مادةَ الكلمةِ أي الفاء والراء والقاف أصل صحيح يدل على تمييز وتزييل.([3])
ويبدو أنّ الأصل الذي ذكره هو الأساس في تعريف الفروق في اصطلاح الفقهاء والأصوليين. وقد تكلّم الأصوليون والجدليون عن الفروق كثيراً، إذ هي كما ذكرنا،من الأمور المتفرّعة عن مباحث القياس عندهم,إذ هي من قوادح العلة المانعة من جريان حكم الأصل إلى الفرع، ولهذا فانّ تعريفَ الفروقِ الفقهيّة ينبغي أن يُبْحثَ عنه في هذه المواقع، أي مباحث العّلة في القياس.
الفرق عند الأصوليين والفقهاء:
وحينما تنظر إلى تعريفات الأصوليين نجد اختلافاً في عباراتهم عن الفرق، ولكنّ أكثرها يلتقي في المعنى، إذ الفرق،عندهم، يعني: الأمر المانع من إلحاقِ الفرعِ بالأصل في الحكم، مع وجود الوصف المشترك المُدَّعى علّةً، سواء كان ذلك لوجود وصف مختصّ بالأصل، هو شرط‘ ولم يوجد في الفرع، أو لوجود وصفٍ في الفرع، هو مانع، ولم يوجد في الأصل([4]).أمّا الفقهاء الذين ألّفوا في الأشباه والنظائر، والتي في محتوياتها الفروق الفقهيّة، فإنّهم عَنَوا بذلك النظائَر التي يخالف بعضُها الأخر في الحكم لمدرك خاص. يقول السيوطي (ت 911هـ). واصفاً فنّ الفروق إنّه الذي يذكر فيه الفرقُ بين النظائرِ المتحدةِ تصويراً و معنى، المختلفةِ حكماً وعلّةً([5]).
والذي يبدو أنّ التعريفاتِ الأصولية، أكثرُ دقّةً في هذا الشأن، إذ بها يُعْرَف الفرق نَفْسُهُ، لا الفروعُ المفرَّقُ فيما بينها.
يتبع...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعديل الأخير بواسطة المشرف: