أدلة الجمهور
أدلة الجمهور
الدليل الأول : قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْعَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً﴾ [ النساء : 43] وجه الدلالة من الآية كما قالوا: قوله﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ﴾ فالصلاة إما أن تكون الركوع والسجود أو تكون موضع الصلاة ،والمقصود بها المسجد،وموضع الصلاة مقول و القرينة هى ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ لأن الجنب لا يجوز له أن يصلي ،ولا تصح صلاته أذن ليس المقصود هنا الركوع والسجود ،ولكن مكان الصلاه ؛لأنه بالإجماع لا تجوز صلاة الجنب وقوله﴿ إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ﴾ يقصد بها من يمر مرور الكرام من المسجد فله ذلك والحائض أغلظ من الجنب فتمنع من المسجد إذن وجه الدلالة عندهم : إذا منع الجنب من المسجد إذن من باب أولى أن تمنع الحائض. مناقشة الاستدلال: هذا أحد تأويلى السلف لمعنى الآية ، والتأويل الآخر أن المراد الصلاة ذاتها لا المسجد فيكون المعنى :ولا تقربوا الصلاة جنباً إلا بعد أن تغتسلوا إلا فى حال السفر فصلوا بالتيمم ،ولذا قال بعدها :﴿وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾ فقـوله تعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ﴾المراد بها الصلاة ذاتها ، و ليس موضع الصلاة , وذلك لأن الأرض إنما هي مسجدكما في الحديث الذي أخرجه البخاري و غيره من حديث جابر بن عبد الله " وجعلت ليالأرض مسجدا و طهورا " , وهذا القول هو قول آخر في الآية لعلي بن أبي طالب و ابنعباس و سعيد بن الجبير و الضحاك، ،والقول بأن المقصود موضع الصلاة خلاف الأصل ، و إذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال فبقى الحكم على البراءة الأصلية ، و يؤيد هذا ماروى البخارىمن مكوث أهل الصفّة في المسجد باستمرار و لا شك أنهم كانوا يجنبون , و كان عبد الله بن عمر ينام و هو شاب أعزب لا زوج له في مسجد النبي صلى اللَّه عليه وسلم متفق عليه ،وذهاب بعض العلماء إلى قياس الحيض و النفاس على الجنابة في حرمة المكث ،وإن كان خلاف الصحيح فهوغير مسلّم ، بل الظاهر أنّ حكمهما مختلف لوجود الفارق بين الحالتين ، إذ يُفرَّقُ بين الجنابة و بين الحدث الأكبر الحاصل بالحيض و النفاس ، بكون رفع الجنابة مقدوراً عليه في كلّ وقت ، بخلاف ما يعرِض للمرأة من شئون النساء التي لا ترتفع إلا لأجل الله أعلم به فالجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالاغتسال ، و أما الحائض فليس باختيارها أن تزيل هذا المانع.