العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الاجتهاد بين الحرية والمسؤولية

إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
الاجتهاد بين الحرية والمسؤولية
للدكتور :
أحمد الريسوني
حين نجد الإسلام يقر الاجتهاد في الدين ويجازي عليه ، وحين نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يغري به ويدرب عليه ويعطي القدوة بنفسه ، فإن هذا لا يعني حرية مطلقة في ممارسة الاجتهاد والسير به في أي اتجاه ، ولا يعني أن لكل مجتهد أن يقول ما شاء وكيف شاء مما يعن له وتميل إليه نفسه ويزينه له عقله وفكره.
بل الاجتهاد علم وأثر ، مع استدلال ونظر = الاجتهاد أمانة ، بل هو أخطر درجات الأمانة.

 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
رد: الاجتهاد بين الحرية والمسؤولية

أقول هذا الكلام : لأنه في الوقت الذي يخوض فيه دعاة الاجتهاد وأنصاره معركة مع أنصار التقليد والجمود والتهيب ، تتصاعد أصوات متزايدة على الطرف الآخر تدعو إلا اجتهاد بلا حدود ولا قيود ، وإلى تأويل بلا قواعد ولا ضوابط ، وهو اتجاه"يمكن أن نسميه اتجاه التغيير ، وهو أشبه ما يكون باتجاه الباطنية في التاريخ الإسلامي ، حيث يخرج النص عن كل معنى للمردود اللغوي ومما عليه تعارف الناس ، على عد اللغة وسيلة لنقل الأفكار ، إلى شئ يشبه الرمز ، بحيث نتحررمن النصوص ، ونصل إلى تحقيق المصلحة كيف كانت..." (علي جمعة ، قضية تجديد أصول الفقه : 46).
وأنا الآن ما يهمني أن أتقصى أصحاب هذا الاتجاه وأسرد أسماءهم وأنقل أقوالهم واجتهاداتهم ، بل حسبي أن أحاور وأناقش التوجه ذاته وأهم مستنداته لنرى مدى علميتها ومدى معقوليتها ، ومن ثم مدى صلاحية هذا التوجه ومدى إمكان الأخذ به والاعتماد عليه.
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
رد: الاجتهاد بين الحرية والمسؤولية

يقولون :
ـ ليس لأحد حق تفسير الدين وحده.
ـ ليس لأحد حق التحدث باسم الإسلام ، وباسم الشريعة.
ـ ليس في الإسلام بابوية ولا كهنوت ولا إكليروس.
ـ لكل واحد حق فهم الدين وتفسيره ، وذلك راجع إلى قناعته وضميره.
ـ تفسير الدين يجب أن يخضع للتطورات ويواكب المستجدات ، حتى لا نكون ماضويين متحجرين عند القرن الأول الهجري أو القرون الأولى.
ولا شك أن في هذه الأقوال كثيرا من الحق ومن الصواب . ولكنه من الحق الذي قد يراد به الباطل ، أو هو من قبيل المقدمات الصحيحة التي تسخر لخدمة نتائج غير صحيحة ، وقد تكون النتائج مقررة ومقصودة سلفا.
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
رد: الاجتهاد بين الحرية والمسؤولية

وبيان ذلك :
إن تفسير الدين ، فضلا عن الاجتهاد فيه ، يحتاج إلى علم ومعرفة وخبرة. وإنما يحق للشخص أن يمارس ذلك ، وأن يتمادى فيه قليلا أو كثيرا ، بقدر ماله من العلم والمعرفة والخبرة .
وهذه مسألة لاغبار عليها ، ليس بخصوص الدين وحده ، ولكن في كل علم ، وفي كل فن وفي كل اختصاص ، وفي كل صناعة أو حرفة.
ـ فمن يتكلم في الطب والعلاج بغير علم ومن دون تمكن يعد مشعوذا.
ـ ومن يمارس ذلك من غير أهلية ومن دون إجازة يحاكم ويعاقب.
ـ ومن يخطئ في ذلك يلحق الضرر بالناس يكون متعديا وضامنا.
ـ ومن يتكلم في السياسة بلا علم يعد مهرجا وانتهازيا وديماغوجيا.
ـ ومن يتكلم في التاريخ بلا علم يعد مخرفا.
فهل يعقل ويقبل أن يكون الدين وحده ـ بأصوله وفروعه وقواعده ـ مجالا مباحا يقول فيه م نشاء ما شاء ، بدعوى حرية الفكر وعدم احتكار الحقيقة؟!
فهلا عُد الدين ـ على الأقل ، مجالا علميا كسائر المجالات العلمية الأخرى ، يحتاج المتكلم فيه إلى مستوى علمي معين وإلى شروط علمية متعارف عليها ، حتى يسمع له ويقبل منه أن يقول ويفسر ويؤول ويجتهد؟!


 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
رد: الاجتهاد بين الحرية والمسؤولية

والحق أن تفسير الدين وتأويله والاجتهاد فيه أحوج من أي مجال علمي آخر إلى اشتراط الشروط والتأكد من الأهلية والصلاحية ، وإلى التأني والتروي والاحتياط.
بينما نجد في كثير من الحالات اليوم من يتجرأ على الدين ويفرض عليه آراءه ونظرياته ، ويُعمل فيه مقصه ومبضعه ، ويؤوله ويوجهه ذات اليمين وذات الشمال ، يعتبر مفكرا حرا ، ومجتهدا مبدعا ، ومبدعا رائدا ... وهوقد لا يكون له اختصاص أصلا في الموضوع ، ولايكون لديه أكثر من الإلمام ببعض الهوامش والتقاط بعض المعلومات المنتقاة واستظهار بعض المواقف والآراء المبتورة...
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
رد: الاجتهاد بين الحرية والمسؤولية

أنا لا أمانع في أن يلج مجال الدراسات الإسلامية أي باحث وأي مفكر مهما كان اختصاصه الأصلي ، سواء كان طبيبا ، أو مهندسا ، أو صحافيا ، أو فيلسوفا ، أو مؤرخا ، أو سياسيا.
ولكن المطلوب من هؤلاء وأمثالهم : أن يتريثوا ويتواضعوا بقدر تواضع اطلاعهم وتفقههم واستيعابهم في هذا المجال ، ومطلوب منهم أن ينظروا بعين التقدير والتقديم إلى من هم أهل الاختصاص وتمكن ورسوخ ، مثلما يطلب من غيرهم أن ينظر إليهم بهذه النظرة في مجال تخصصهم وتمكنهم ورسوخهم.
وهذا نحسبه من بدهيات العلم والمنهج العلمي عموما ، لا فرق في ذلك بين فقه واقتصاد ، وطب وفيزياء ، وفلك وكيمياء ، وتاريخ وفلسفة...
فحيثما خاض الانسان واجتهد ، وحيثما أراد أن يكون له رأي ونظر ، وقول مسموع وحكم متبوع ، فيجب أن يكون أهلا لذلك ومن أهل ذلك ،وإلا أورد نفسه ـ وربما غيره ـ المضايق والمهالك.

 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
رد: الاجتهاد بين الحرية والمسؤولية

......
صحيح أن (شروط المجتهد) قد وقع تعسيرها وتعقيدها على مر العصور ، حتى كادت تصبح شروطا تعجيزية ، وأنها قد أضحت اليوم في أمس الحاجة إلى نوع من التحرير والتيسير ، ولكن هذا لا يسوغ أبدا إسقاطها أو تجاوزها . فهي أمر ضروري من حيث الأصل والمبدأ ، وهي شروط صحيحة ووجيهة في جملتها.
وكما قلتُ أكثر من مرة : فإن هذا من بدهيات البحث العلمي ، والاجتهاد في أي علم من العلوم . فلا ينبغي أن نقبل التسيب والتطفل والتطاول في العمل العلمي ، وخاصة إذا ادعى صاحبه الاجتهاد والتجديد والريادة.


{ الاجتهاد : النص ، الواقع ، المصلحة : ص 15 وما بعدها بتصرف يسير}
 
أعلى