العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تلخيص "حكم النكاح" من كتاب الإنصاف

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص حكم النكاح من كتاب الإنصاف

قال العلامة المرداوي في الإنصاف: قوله: ( النكاح سنة ) اعلم أن للأصحاب في ضبط أقسام النكاح طرقا، أشهرها واصحها:

أن الناس في النكاح على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: من له شهوة، ولا يخاف الزنى.
- فهذا النكاح في حقه مستحب، على الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب.
- وعنه: أنه واجب على الإطلاق، وحمل القاضي الرواية الثانية على من يخشى على نفسه مواقعة المحظور بترك النكاح.

تنبيه: ظاهر كلام المصنف وغيره:
- أنه لا فرق في ذلك بين الغنى والفقير، وهو صحيح، وهو المذهب، نص عليه. نقل صالح: "يقترض ويتزوج". قال الآمدي: يستحب في حق الغني والفقير والعاجز والواجد والراغب والزاهد، فإن الإمام أحمد رحمه الله تزوج وهو لا يجد القوت.
- وقيل: لا يتزوج فقير إلا عند الضرورة. وقيده بن رزين في مختصره بـ "موسر"، وجزم به في النظم. قلت: وهو الصواب في هذه الأزمنة.

القسم الثاني: من ليس له شهوة كالعنين، ومن ذهبت شهوته لمرض أو كبر أو غيره.
- فعموم كلام المصنف هنا أنه سنة في حقه أيضا، وهو إحدى الروايتين والوجهين.
- والقول الثاني: هو في حقهم مباح، وهو الصحيح من المذهب.
- وقيل: يكره، وما هو ببعيد في هذه الأزمنة.
- وحكي عنه: يجب. قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: كلام صاحب المحرر يدل على أن رواية وجوب النكاح منتفية في حق من لا شهوة له. وكذلك قال القاضي وابن عقيل والأكثرون. ومن الأصحاب: من طرد فيه رواية الوجوب أيضا. نقله صاحب الترغيب، وهو مقتضى إطلاق الأكثرين.

القسم الثالث: من خاف العنت.
- فالنكاح في حق هذا واجب، قولا واحدا.
- إلا أن ابن عقيل ذكر رواية: أنه غير واجب.قال الزركشي ولعله أراد "بخوف العنت": خوف المرض والمشقة، لا خوف الزنى، فإن العنت يفسر بكل واحد من هذه.

تنبيهات:

أحدها: العنت هنا: هو الزنى على الصحيح.

الثاني: مراده بقوله: "إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور"
- إذا علم وقوع ذلك أو ظنه، قاله الأصحاب.
- وقال في الفروع: ويتوجه إذا علم وقوعه فقط.

الثالث: هذه الأقسام الثلاثة هي أصح الطرق، وهي طريقة المصنف والشارح وغيرهما، قال الزركشي: هي الطريقة المشهورة.

فـوائـد:

الأولى: حيث قلنا بالوجوب، فإن المرأة كالرجل في ذلك.

الثانية: على القول بالوجوب:
- لا يكتفي بمرة واحدة في العمر، على الصحيح من المذهب.
قال بن خطيب السلامية في النكت [على المحرر]: جمهور الأصحاب: أنه لا يكتفي بمرة واحدة، بل يكون النكاح في مجموع العمر، لقول الإمام أحمد رحمه الله: "ليست العزوبة في شيء من أمر الإسلام". قال أبو الحسين في فروعه: وهذا الاسم -[أي العزوبة]- لا يزول بمرة.
- وفي المذهب لابن الجوزي وغيره: يكتفي بالمرة الواحدة لرجل وامرأة. ونقل بن الحكم: أن الإمام أحمد رحمه الله قال: "المتبتل هو الذي لم يتزوج قط".
قلت: وينبغي أن يتمشى هذا الخلاف على القول بالاستحباب أيضا. وهو ظاهر كلامه في الفروع، بخلاف صاحب النكت.

الثالثة: وعلى القول بوجوبه، إذا زاحمه الحج الواجب. فقد تقدم لو خاف العنت من وجب عليه الحج في كتاب الحج. وذكرنا هناك الحكم والتفصيل فليراجع.

الرابعة: في الاكتفاء بالعقد، استغناء بالباعث الطبعي عن الشرعي وجهان:
- قال ابن عقيل في المفردات: قياس المذهب عندي يقتضي إيجابه شرعا، كما يجب على المضطر تملك الطعام والشراب وتناولهما.
- قال بن خطيب السلامية في نكته على المحرر: وحيث قلنا بالوجوب، فالواجب هو العقد، وأما نفس الاستمتاع فقال القاضي: لا يجب، بل يكتفي فيه بداعية الوطء، وحيث أوجبنا الوطء، فإنما هو لإيفاء حق الزوجة لا غير. انتهى.

الخامسة: هل يكتفي عنه بالتسري؟ فيه وجهان:
- أحدهما: يجزئ عنه التسري.
- والثاني: لا يجزئ.
قال ابن خطيب السلامية: ويشهد لسقوط النكاح: قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:3] انتهى. قلت: وهو الصواب.
- وقال بعض الأصحاب: الأظهر أن الوجوب يسقط به مع خوف العنت، وإن لم يسقط مع غيره.

السادسة: على القول باستحبابه، هل يجب بأمر الأبوين أو بأمر أحدهما به؟.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح وأبي داود: "إن كان له أبوان يأمرانه بالتزويج، أمرته أن يتزوج، أو كان شابا يخاف على نفسه العنت، أمرته أن يتزوج". فجعل أمر الأبوين له بذلك، بمنزلة خوفه على نفسه العنت. قال الإمام أحمد رحمه الله: "والذي يحلف بالطلاق لا يتزوج أبدا، إن أمره أبوه تزوج".

السابعة: وعلى القول أيضا بعدم وجوبه، هل يجب بالنذر؟.
صرح أبو يعلى الصغير في مفرداته: أنه يلزمه بالنذر. قلت: وهو داخل في عمومات كلامهم في نذر التبرر.

الثامنة:
- يجوز له النكاح بدار الحرب للضرورة، على الصحيح من المذهب. وإن لم تكن به ضرورة للنكاح فليس له ذلك على الصحيح.
- ونقل بن هانئ: "لا يتزوج وإن خاف". قال بن خطيب السلامية في نكته: ليس له النكاح سواء كان به ضرورة أو لا.
قال الزركشي: فعلى تعليل الإمام أحمد رحمه الله، لا يتزوج ولا مسلمة، ونص عليه في رواية حنبل، ولا يطأ زوجته إن كانت معه، ونص عليه في رواية الأثرم وغيره. وعلى مقتضى تعليله: له أن يتزوج آيسة أو صغيرة، فإنه علل وقال: "من أجل الولد لئلا يستعبد".
وقال في المغني في آخر الجهاد: وأما الأسير، فظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله، لا يحل له التزوج ما دام أسيرا. انتهى.
- وقيل: يباح له النكاح مع عدم الضرورة. انتهى مختصرا مع تصرف يسير.

قال العلامة الفتوحي في المنتهى:
سن: لذي شهوة لا يخاف زنا، واشتغاله به، أفضل من التخلي لنوافل العبادات.
ويباح: لمن لا شهوة له.
ويجب: على من يخاف زنا ولو ظنا، من رجل وامرأة.
ويقدم حينئذ على حج واجب.
ولا يكتفى بمرة، بل يكون في مجموع العمر.
ويجوز بدار حرب لضرورة، لغير أسير، ويعزل.
ويجزئ تسرٍّ عنه. اهـ. والله أعلم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
1 نوفمبر 2009
المشاركات
220
الكنية
أبو جنة الحنبلي
التخصص
التاريخ و الآثار
المدينة
الشارقة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: تلخيص "حكم النكاح" من كتاب الإنصاف

جزاكم الله خيراً شيخنا

ونفعنا الله بعلومكم
 
أعلى