طارق يوسف المحيميد
:: متخصص ::
- إنضم
- 29 مايو 2010
- المشاركات
- 159
- التخصص
- مقاصد الشريعة
- المدينة
- حلب
- المذهب الفقهي
- شافعي
المقاصد عند الصحابة رضي الله عنهم :
عايش الصحابة رضوان الله عليهم تنزل الوحي وخبروا أسباب النزول وكيفية معالجة الآيات لشؤون حياتهم ومشاكل المجتمع اليومية , واستقوا من منبع السنة النبوية ورافقوا الرسول صلى الله عليه وسلم , فما خفي عليهم شيء من تفاصيل حياته الخاصة والعامة , فما أحراهم بالنظر المقاصدي وإعمال المقاصد في فتاواهم واجتهاداتهم وتصرفاتهم , وحين ظن الإمام الشاطبي أن هناك من سيعارض كتابه وطريقة عرضه للمقاصد نسبها – محقا- للصحابة رضي الله عنهم فقال " فإنه بحمد الله أمر قررته الآيات والأخبار وشد معاقله السلف الصالح الأخيار , ورسم معالمه العلماء الأحبار " وأن الصحابة " عرفوا مقاصد الشريعة فحصلوها وأسسوا قواعدها وأصلوها وجالت أفكارهم في آياتها "
وقال ابن القيم رحمه الله : " وقد كانت الصحابة أفهم الأمة لمراد نبيها صلى الله عليه وسلم وأتبع له , وإنما كانوا يدندنون حول معرفة مراده ومقصوده , ولم يكن أحد منهم يظهر له مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعدل عنه إلى غيره البتة "
ومن الأمثلة على عمل الصحابة رضوان الله عليهم بالمقاصد والمصلحة المرسلة جمع القرآن فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول : هو والله خير , ومن الأمثلة قتل الجماعة بالواحد والنطق بكلمة الكفر حفاظا على كلي النفس .
والحاصل أن الصحابة "نظروا إلى الشريعة في مجموعها ملاحظين مبادئها العامة وقواعدها الشاملة كلها في آن واحد " .
وكانت طريقتهم في التعرف إلى الأحكام في الوقائع هي انه إذا عرضت لهم مسألة ما أو نزل بهم أمر بحثوا عن حكمه في كتاب الله فإن وجدوا أمضوه و إن لم يجدوا بحثوا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسألوا الناس هل فيهم من يحفظ في هذا الأمر شيئا أو قضاء للرسول صلى الله عليه وسلم فإن وجدوا قضوا به وأفتوا ,.وإلا اجتهدوا في تعرف حكمه مسترشدين بالكتاب والسنة مستوحين ما عرفوه منها من القواعد الكلية والأسس العامة ومن أسرار الشريعة وحكمها " . والشكل الأقرب إلى تعرف الأحكام هو القياس فكان الصحابة يجتهدون في النوازل ويقيسون بعض الحكام على بعض ويعتبرون النظير بنظيره , ذكر ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين وأيده ووضحه الغزالي في شفاء الغليل حين قال :" حكم الصحابة بالرأي والقياس لا من تلقاء أنفسهم ,بل فهموا مصادر الشرع وموارده ومداخل أحكامه ومخارجه ومجاريه ومباعثه , وان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبع المعاني ويتبع الحكام الأسباب المتقاضية لها من وجوه المصالح ".
والحق أن اجتهادات الصحابة المقاصدية لم تأخذ حظها الحقيقي من البحث والدرس , إذا استثنينا اجتهادات عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقد كان له اجتهادات "غيرت بعض الأحكام التي كان يجري العمل بها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تبعا لما رآه من تغير وجه المصلحة التي هي مقصود الشارع " واجتهادت عمر رضي الله عنه كثيرة مبثوثة في كتب التراجم والحديث والأصول , خصص لها أبحاث ودراسات .
وقد سمح النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بالاجتهاد وشجعهم على ذلك في غير ما موضع وحادثة , ومن أشهر الأحاديث حديث معاذ رضي الله عنه حين أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وسأله : " كيف تصنع إن عرض لك قضاء ؟ فقال أقضي بما في كتاب الله , قال : فإن لم يكن ؟ قال : فبسنة رسول الله , قال : فإن لم يكن , قال : أجتهد رأيي ولا ألو , قال : فضرب رسول الله صدري ثم قال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله " .
ومن المؤكد أن معاذا مارس عملية الاجتهاد فيما طرأ له ولم يجد فيها نصا من كتاب الله
أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم , حيث استشهد البخاري بإحدى تلك الاجتهادات معلقة في صحيحه في أبواب الزكاة حين استبدل معاذ رضي الله عنه زكاة الحبوب بثياب فقال لأهل اليمن :" ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة , أهون عليكم وخير لأصحاب النبي في المدينة " وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه في دفع العروض في الصدقة بما يوافق مصلحة الطرفين,أهل اليمن وأصحاب النبي في المدينة .
ومن الجدير بالذكر أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يومها صغير السن , حيث إنه مات في خلافة عمر رضي الله عنه بالأردن وعمره 34 سنة .
ومن اجتهادات الصحابة مقاصدياً ما رواه البخاري عن الأزرق بن قيس قال : كنا بالأهواز نقاتل الحرورية فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي و إذا لجام دابته بيده , فجعلت الدابة تنازعه , وجعل يتبعها , قال شعبة : هو أبو برزة الأسلمي , فجعل رجل من الخوارج يقول : اللهم افعل بهذا الشيخ, فلما انصرف قال : إني سمعت قولكم , وإني غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات وثمان وشهدت تيسيره وإني إن كنت أن أراجع مع دابتي أحب إليّ من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشقّ عليّ ".
قال ابن حجر في الفتح : في القصة إشارة إلى أن فعله كان من شأن النبي صلى الله عليه وسلم تجويز مثله .
ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصرح بجواز هذا الفعل إلا أن اجتهاد هذا الصحابي أداه إلى فهم الحكم هذا من باب التيسير وهو مقصد من مقاصد الشريعة
ومن اجتهادهم مقاصدياً أيضا صلاة بعضهم العصر في الطريق إلى بني قريظة بعد غزوة الخندق مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم " لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة " فقد فهم الذين أدوا الصلاة في الطريق على وقتها أن مقصود النبي هو السرعة إلى بني قريظة وليس حقيقة تأخير الصلاة .
ويبقى لهذا المقال أن يشير أنه من الممكن إفراد هذه الاجتهادات وأمثالها ببحث منفصل مستقل ليخرج الباحث بفائدة عظيمة .
عايش الصحابة رضوان الله عليهم تنزل الوحي وخبروا أسباب النزول وكيفية معالجة الآيات لشؤون حياتهم ومشاكل المجتمع اليومية , واستقوا من منبع السنة النبوية ورافقوا الرسول صلى الله عليه وسلم , فما خفي عليهم شيء من تفاصيل حياته الخاصة والعامة , فما أحراهم بالنظر المقاصدي وإعمال المقاصد في فتاواهم واجتهاداتهم وتصرفاتهم , وحين ظن الإمام الشاطبي أن هناك من سيعارض كتابه وطريقة عرضه للمقاصد نسبها – محقا- للصحابة رضي الله عنهم فقال " فإنه بحمد الله أمر قررته الآيات والأخبار وشد معاقله السلف الصالح الأخيار , ورسم معالمه العلماء الأحبار " وأن الصحابة " عرفوا مقاصد الشريعة فحصلوها وأسسوا قواعدها وأصلوها وجالت أفكارهم في آياتها "
وقال ابن القيم رحمه الله : " وقد كانت الصحابة أفهم الأمة لمراد نبيها صلى الله عليه وسلم وأتبع له , وإنما كانوا يدندنون حول معرفة مراده ومقصوده , ولم يكن أحد منهم يظهر له مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يعدل عنه إلى غيره البتة "
ومن الأمثلة على عمل الصحابة رضوان الله عليهم بالمقاصد والمصلحة المرسلة جمع القرآن فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول : هو والله خير , ومن الأمثلة قتل الجماعة بالواحد والنطق بكلمة الكفر حفاظا على كلي النفس .
والحاصل أن الصحابة "نظروا إلى الشريعة في مجموعها ملاحظين مبادئها العامة وقواعدها الشاملة كلها في آن واحد " .
وكانت طريقتهم في التعرف إلى الأحكام في الوقائع هي انه إذا عرضت لهم مسألة ما أو نزل بهم أمر بحثوا عن حكمه في كتاب الله فإن وجدوا أمضوه و إن لم يجدوا بحثوا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسألوا الناس هل فيهم من يحفظ في هذا الأمر شيئا أو قضاء للرسول صلى الله عليه وسلم فإن وجدوا قضوا به وأفتوا ,.وإلا اجتهدوا في تعرف حكمه مسترشدين بالكتاب والسنة مستوحين ما عرفوه منها من القواعد الكلية والأسس العامة ومن أسرار الشريعة وحكمها " . والشكل الأقرب إلى تعرف الأحكام هو القياس فكان الصحابة يجتهدون في النوازل ويقيسون بعض الحكام على بعض ويعتبرون النظير بنظيره , ذكر ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين وأيده ووضحه الغزالي في شفاء الغليل حين قال :" حكم الصحابة بالرأي والقياس لا من تلقاء أنفسهم ,بل فهموا مصادر الشرع وموارده ومداخل أحكامه ومخارجه ومجاريه ومباعثه , وان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتبع المعاني ويتبع الحكام الأسباب المتقاضية لها من وجوه المصالح ".
والحق أن اجتهادات الصحابة المقاصدية لم تأخذ حظها الحقيقي من البحث والدرس , إذا استثنينا اجتهادات عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقد كان له اجتهادات "غيرت بعض الأحكام التي كان يجري العمل بها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تبعا لما رآه من تغير وجه المصلحة التي هي مقصود الشارع " واجتهادت عمر رضي الله عنه كثيرة مبثوثة في كتب التراجم والحديث والأصول , خصص لها أبحاث ودراسات .
وقد سمح النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بالاجتهاد وشجعهم على ذلك في غير ما موضع وحادثة , ومن أشهر الأحاديث حديث معاذ رضي الله عنه حين أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وسأله : " كيف تصنع إن عرض لك قضاء ؟ فقال أقضي بما في كتاب الله , قال : فإن لم يكن ؟ قال : فبسنة رسول الله , قال : فإن لم يكن , قال : أجتهد رأيي ولا ألو , قال : فضرب رسول الله صدري ثم قال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله " .
ومن المؤكد أن معاذا مارس عملية الاجتهاد فيما طرأ له ولم يجد فيها نصا من كتاب الله
أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم , حيث استشهد البخاري بإحدى تلك الاجتهادات معلقة في صحيحه في أبواب الزكاة حين استبدل معاذ رضي الله عنه زكاة الحبوب بثياب فقال لأهل اليمن :" ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة , أهون عليكم وخير لأصحاب النبي في المدينة " وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه في دفع العروض في الصدقة بما يوافق مصلحة الطرفين,أهل اليمن وأصحاب النبي في المدينة .
ومن الجدير بالذكر أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يومها صغير السن , حيث إنه مات في خلافة عمر رضي الله عنه بالأردن وعمره 34 سنة .
ومن اجتهادات الصحابة مقاصدياً ما رواه البخاري عن الأزرق بن قيس قال : كنا بالأهواز نقاتل الحرورية فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي و إذا لجام دابته بيده , فجعلت الدابة تنازعه , وجعل يتبعها , قال شعبة : هو أبو برزة الأسلمي , فجعل رجل من الخوارج يقول : اللهم افعل بهذا الشيخ, فلما انصرف قال : إني سمعت قولكم , وإني غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات وثمان وشهدت تيسيره وإني إن كنت أن أراجع مع دابتي أحب إليّ من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشقّ عليّ ".
قال ابن حجر في الفتح : في القصة إشارة إلى أن فعله كان من شأن النبي صلى الله عليه وسلم تجويز مثله .
ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصرح بجواز هذا الفعل إلا أن اجتهاد هذا الصحابي أداه إلى فهم الحكم هذا من باب التيسير وهو مقصد من مقاصد الشريعة
ومن اجتهادهم مقاصدياً أيضا صلاة بعضهم العصر في الطريق إلى بني قريظة بعد غزوة الخندق مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم " لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة " فقد فهم الذين أدوا الصلاة في الطريق على وقتها أن مقصود النبي هو السرعة إلى بني قريظة وليس حقيقة تأخير الصلاة .
ويبقى لهذا المقال أن يشير أنه من الممكن إفراد هذه الاجتهادات وأمثالها ببحث منفصل مستقل ليخرج الباحث بفائدة عظيمة .