العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الخريطة الفكرية عالمياً قبل مجيء الإسلام والموقف من الأخر

إنضم
29 مايو 2010
المشاركات
159
التخصص
مقاصد الشريعة
المدينة
حلب
المذهب الفقهي
شافعي
ما الخريطة الفكرية قبل ولادة الدعوة الإسلامية ,حين سلخت البشرية من عمرها يوم ذاك الكثير وبقي القليل , وما هي الحالة السياسية والعقلية التي كانت تعيشها أكبر الدول آنذاك (الروم والفرس واليونان والحبشة والهند) و العرب بما يشكلونه من قبائل غير منظمة إن لم تكن متحاربة ؟.

لقد كان مصير حضارات هذه الدول هو الوثنية الوضعية التي تجعل الإنسان عبداً مسخراً لأبسط الأشياء وهو الذي خلق ليكون الملك والخليفة والسيد , وماذا أكثر من تقديس الأبقار والعجول والأحجار والأشجار وجعل الولد لله ؟.
ترى ما هو موقف الناس من بعضهم البعض يومها , وكيف نظروا لبعضهم البعض دينياً وثقافياً واجتماعياً وقومياً وحتى داخل القومية الواحدة ؟. وإذا علمنا ذلك أدركنا ماذا فعل الإسلام وماذا أسس ؟ .

في اليونان كانت هناك قلة حاكمة من السادة ( طبقة الأرستقراطيين ) يستمتعون بالحياة وينعمون بها ,أما الآخرون وهم الكثرة فهم في نظر السادة "همج رعاع برابرة " ليس لهم حقوق ولا يعترف بحقهم في الحياة الكريمة وبعضهم يعدون العبودية في اليونان قد لعبت "درواً تقدمياً" http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=5#_edn1 .
وأما الرومان فمع شهرة القانون الروماني إلا أن هذا القانون كان يطبق على الضعفاء ويأخذ الأقوياء منه ما يفيدهم والآخرون محرومون .

وفي فارس حدّث و لا حرج عن سجود بعضهم لبعض والمُلك ينحصر في الأسرة الحاكمة ويعمل الآخرون على خدمة الأسرة .وعندما جاء ربعيّ بن عامر (جندي مسلم في جيش القادسية )إلى قائد جيش الفرس ولم يسجد له أثار ذلك العجب في نفوس الفارسيين لأنهم لم يألفوا شخصاً لا يسجد للملك والقائد .

وأما العرب فقد كانت حالهم الاجتماعية و الدينية والاقتصادية في الحضيض ضعفاً وجهلاً وخرافات , وينحصر الرأي في شخص " شيخ القبيلة " الوارث للمشيخة في أكثر الأحيان .
وعمت لدى تلك الشعوب جميعها –إذا استثنينا الحبشة على تحفّظ – الظلم والجهالة والظلمات على الأفئدة والعقول , فكانت الأرض يومها أشبه بمذأبة يسودها الفتك والقتل والاغتيال ويفقد الضعفاء وهم الأكثرية نعمة الأمن والسكينة والعيش المحترم .
وأي خير يرتجى في أحضان الوثنية التي كفرت أول ما كفرت بالعقل ونسيت الله ولانت في أيدي الدجالين وتجار الدين ؟.
لا غرابة أن الله رفع يده عن هؤلاء يوم ذاك كما جاء في الحديث الشريف (وهو تلخيص للحالة العامة ) :" إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب "[ii] " .
فما هو الموقف من الآخر يومها في ظل هذه الظروف التي شرحناها ؟.
الموقف في أغلب الأحيان هو الرفض المتمثل بالحرب المستمرة التي يحكمها الدور والتسلسل ,وأهل الكتاب المعول عليهم التسامح والتعايش مع الآخر شاركوا في هذا الرفض , ولعل الرفض الثقافي المتمثل ب "التكفير الديني" هو من أقسى أنواع الرفض , لأنه يدعي احتكار الحقيقة المطلقة وفي الوقت نفسه يحكم على الآخرين بأن يكونوا نسخة منه أو أنهم حينها لا يستحقون الحياة .
وهذا ما فعله اليهود والنصارى تجاه بعضهم البعض وهو ما سجله القرآن , قال تعالى :"وقالت اليهود :ليست النصارى على شيء "
والرد هو :" وقالت النصارى ليست اليهود على شيء "
يقولون ذلك ويتبادلون الاتهامات والرفض " وهم يتلون الكتاب".
بل إن الثقافة التي تتشكل من خلالها الشخصية اليهودية هي ثقافة عنصرية مميّزة, حيث تعتبر هذه الثقافة أن اليهود " شعب الله المختار " والآخرين "غوييم" خلقوا لخدمة الشعب المفضّل المختار .علماً أن اليهودي هو من كان يهودي النسب لا الدين .
وهنا قد تثار إشكاليةٌ مفادها أن المسلمين يعتبرون أنفسهم "خير أمة أخرجت للناس".
والإجابة بسيطة وسهلة وهي أن الآية الكريمة تراعي الصفات وليس العرق والجنس والهوية , ومن تحصّل على الصفات كان من الأخيار , والصفات هي "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " .
هذا ولم تكن النصرانية يومها أفضل من اليهودية , فالسلطة السياسية مارست أقسى وأبشع الجرائم وألوان القهر والاضطهاد , حتى ضد شعبها , ومعروف لدى النصارى ما يسمى " عصر الشهداء " الذي ذهب فيه أكثر من مليون قتيل قبطي سنة 284م , ويدفع القبطي ضرائب للدولة الرومانية باهضة , على النفس وعلى البهائم وحتى على أساس البيت ,وهناك ضريبة اسمها "ضريبة الموت" وهذه الضرائب جميعاً يدفعها المواطن القبطي ثلاث مرات في السنة [iii] .
في ظلال هذا الضباب الكثيف والرؤية المعتمة ضد الآخر جاء الإسلام يحمل تباشير الخير ويبشر بمستقبلٍ أفضل للإنسان , ويعدّل المسار الفكري والعقلي الذي انحرف , ويجمع الناس تحت ظلال الإنسانية ويحمل مبادئ العدالة والحرية, محترماً الإنسان بوصفه إنساناً على حد قول الإمام علي كرم الله وجهه : " أخٌ لك في الدين أو مساوٍ لك في الإنسانية ".


http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=5#_ednref1
الإحالات :
- محمد مرشحة و فؤاد مرعي 125 .محاضرات في الآداب العالمية ط جامعة حلب.

[ii]- صحيح مسلم -مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري - دار إحياء التراث العربي - بيروت عن عياض بن جمار المجاشعي رقم 2865-/ ج 4/ص2197.

[iii] - د- نبيل لوقا –حوار في قناة اقرأ الفضائية .
 

الدرَة

:: نشيط ::
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
653
التخصص
الفقه
المدينة
..
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الخريطة الفكرية عالمياً قبل مجيء الإسلام والموقف من الأخر

جزاك الله خيرا ونفع بك
ننتظر جديد
 
أعلى