بشرى عمر الغوراني
:: فريق طالبات العلم ::
- إنضم
- 29 مارس 2010
- المشاركات
- 2,121
- الإقامة
- لبنان
- الجنس
- أنثى
- الكنية
- أم أنس
- التخصص
- الفقه المقارن
- الدولة
- لبنان
- المدينة
- طرابلس
- المذهب الفقهي
- حنبلي
ليس للسعد قرار..
تومض الأفراح في أيامنا برقاً، ثم تتلوها سحائبُ دُهْمٌ مُرْبَدّة تمطر التعس، تسكب الأحزان.
إن يطِبْ عيشُنا وأزهرَتْ وعوده، عرّجت على حُسْن آمالنا الدنيا، ومرّغتْ أنوفنا بمرارة الحرمان، وظلّتْ تحشد جنود الذكريات البئيسة في قلوبنا المنطفئة حتى تشعلها قهراً وأسى.
ذكريات احتضنها شعبٌ رغم أشواكها، وابتلعها رغم سمومها، فعاش في ظلال آثارها بعدما طبعت بصمتها على جبينه الشامخ كأرز بلاده.
لا زلتُ أذكر تلك الليالي الواجمة، لما كانت والدتي توقظنا لتنقلنا من أسرّتنا إلى فُرُشٍ قد هيّأتها في غرفة وسط الدار، خوفاً من تساقط القنابل والقذائف علينا، ويأبى أبي أن يهجر سريره، واثقاً بأنْ لا فرار من الموت، فلماذا ينتقل هرباً منه؟!
أخبرتْني والدتي أن القوات المحتلة داهمت المباني و أرغمت شيوخها ورجالها وشبابها على النزول إلى الشوارع ليلاً شتاءً، وبعضهم في ثياب النوم، ثم صعدوا إلى البيوت بعدما أخلوْها من الرجال كي يفتشوها، علّهم يجدوا أسلحة مخبّأة وما شابه.
أذكر ولن أنسى يوم خرجنا في السيارة لزيارة جدّيْنا، فوقف لنا عدوٌّ لله بالمرصاد، وغرز رشاشه الحاقد في كتف أمي لإجبارها على كشف النقاب عن وجهها، ولما رفضتْ مدّ أبي يده وكشفه، منقذاَ دموعي ودموع إخوتي.
أذكر أنا كنا نبيتُ على خوف، ونستيقظ على هلع.
نعيش أياماً في شحّة من الماء، وانقطاع الكهرباء.
ننزح من بيوتنا.
نتعثّر في معاشنا.
لكن، رغم كل ذلك، نحن شعبٌ إن أحبَّ أحبَّ بصدق ووفاء، وإن أعطى سبقه إخلاصُه، وإن عبّر عن مشاعره، كانت الأريحيّة دواته، والصراحة مداده.
صحيحٌ أنه لم يعشْ حياة الترف والتنعّم بالملذّات، إلا أنّ بداخله:
قصراً منيفاً
وروضاً فسيحاً
وفجراً طليقاً.
وروضاً فسيحاً
وفجراً طليقاً.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: