العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

تساؤل حول تأصيل الإمام القرافي لقول المالكية باشتراط المسجد لصلاة الجمعة

فوزي منصور حسن

:: مشارك ::
إنضم
25 فبراير 2010
المشاركات
229
التخصص
فقه
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
فقه الدليل من الكتاب والسنة (والاصل مالكي)
قال الإمام القرافي -رحمه الله - في كتابه الذخيرة (2/336 ) ط دار الغرب الإسلامي:"متى كان فعله عليه السلام بيانًا لمجمل , كان حكمه حكم ذلك المجمل , إن واجبًا فواجب , وإن مباحًا فمباح, لأن البيان مراد المتكلم حالة التخاطب , فهو موجود في الكلام الأول, وآية الجمعة مجملة لم تدل على خصوص صلاة , فيحتمل الصبح والظهر والعصر والسر والجهر وغير ذلك, فبين عليه السلام جميع ذلك , فجميع بيانه يكون واجبًا إلا ما دل الدليل على خلافه, فبهذه القاعدة يستدل على وجوب المسجد والخطبة وسائر الفروض".


لقد استوقفني النقل السابق , وأنا أبحث مسألة اشتراط المسجد لصحة صلاة الجمعة على رأي المالكية خلافًا للجمهور, وهذه بعض الإستفسارات المتعلقة بهذه المسألة:

أولا:
هل هذا التأصيل يفضي حقيقة إلى القول باشتراط المسجد لصحة الجمعة بحيث تنقطع حجة الخصم أمامه لقوة دلالته؟أم أن هناك ثمة مأخذ عليه؟


ثانيا:
هذه العبارة التي قالها الإمام القرافي " فجميع بيانه يكون واجبًا إلا ما دل الدليل على خلافه" ...هل الأصل في بيانه صلى الله عليه وسلم هو الوجوب أم ذلك بحسب نوعية الخطاب النبوي الدائر بين الأحكام التكليفية الخمسة ؟


ثالثا:
ما هو رد المالكية عندما يقال لهم : أن مجرد صلاته صلى الله عليه وسلم في المسجد لا يدل على الوجوب أو الشرطية كما متقرر في أصول الفقه..فمن أين أتيتم بقول الوجوب؟



وبارك الله فيكم
 

فوزي منصور حسن

:: مشارك ::
إنضم
25 فبراير 2010
المشاركات
229
التخصص
فقه
المدينة
لندن
المذهب الفقهي
فقه الدليل من الكتاب والسنة (والاصل مالكي)
رد: تساؤل حول تأصيل الإمام القرافي لقول المالكية باشتراط المسجد لصلاة الجمعة

أخي الكريم ياسين بارك الله فيك
فرق بين مسألة اشتراط المسجد للجمعة وبين مسألة اشتراط الخطبة لها وذلك لما يلي :
أولاً :
اشتراط الخطبة نقل فيه الإجماع ولم ينقل خلاف في ذلك إلا عن الحسن البصري على أن الحسن البصري نقل ذلك عنه الفقهاء ، وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف عنه ما يوافق قول عامة أهل العلم فإما أن يكون له في المسألة قولان أو أن الثابت ما روي عنه مسنداً في كتب السنة والأثر ، وحتى لو فرض خلافه فهو مسبوق بالإجماع الذي نقله غير واحد من أهل العلم .
وهذا بخلاف اشتراط المسجد فإن جمهور أهل العلم على عدم الاشتراط والنصوص تدل على عدم اشتراطه كما سبق ، والأمر في الآية بالسعي لا يتضمن المسجد وإلا لزم أن يكون كل فعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة شرطاً وهذا لا يقول به المالكية ، ثم لو سلم بدخوله في الأمر فإنه خارج بالأدلة التي سبق ذكرها والآثار الآتية .

ثانياً :
قد جاء عن الصحابة والتابعين ما يفيد عدم اشتراط المسجد ومن ذلك :
1 - روى عمرو بن شعيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " كانت الجمعة أربعاً ، فجعلت ركعتين من أجل الخطبة ، فمن فاتته الخطبة فليصل أربعاً " رواه ابن أبي شيبة في المصنف وفيه انقطاع .
وروى ابن أبي شيبة من طريق يحيى بن أبي كثير قال : حُدِّثتُ عن عمر بن الخطاب أنه قال : " إنما جعلت الخطبة مكان الركعتين ، فإن لم يدرك الخطبة فليصل أربعاً " وفيه انقطاع .
2 - روى سعيد بن منصور في سننه وابن أبي شيبة في مصنفه وابن المنذر في الأوسط عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كتب إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو بالبحرين يسأله عن الجمعة ، فكتب إليه عمر - رضي الله عنه - " أن جمعوا ، حيث ما كنتم " صححه ابن خزيمة والعيني وحسن إسناده البيهقي .
3 - روى عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر في الأوسط عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون ولا ينكر عليهم " قال الحافظ ابن حجر : " إسناده صحيح " .
4 - جاء عن عطاء وطاووس ومجاهد ومكحول وقتادة وغيرهم من التابعين ما يفيد اشتراط الخطبة في الصلاة وآثارهم مروية في مصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق وسنن البيهقي الكبرى .

ثالثاً :
لا يخفى أن قوله تعالى : ( فاسعوا إلى ذكر الله ) نص على السعي إلى الذكر ، والخطبة إما أنها هي الذكر المأمور بالسعي إليه أو جزء من الذكر بخلاف المسجد فهو أمر خارج عن المأمور به في الآية وهو السعي إلى الذكر .

الدكتور الكريم..أبو حازم
بارك الله فيكم , ونفع بكم. فلقد استفدت كثيرًا من تفصيلكم في هذه المسألة التي أبحثها حاليًا..كما أود أن أشكر الأخ أبا محمد لانه أثرى هذا الحوار ببيان وجهة نظر المالكية , واستأذن منه في متابعة الحوار عن بعد , فما كان لمثلي أن يتقدم أمثال الدكتور الفاضل أبا حازم , وهو من نعرف في سعة العلم والاطلاع.
 
أعلى