العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

فلسفة الفقه الشافعي ( الحلقة الأولى )

د.محمد جمعة العيسوي

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
إنضم
12 يونيو 2008
المشاركات
212
الكنية
ابو عبد الله
التخصص
الفقه
المدينة
محافظة كفر الشيخ
المذهب الفقهي
الشافعي
فلسفة الفقه
العلم النافع أي علم لابد أن يعالج عددا من المشكلات وأن يقدم حلولا لمسائله المكونة له ، والتي تمثل موضوع ذلك العلم غير أن هذا العلم نفسه قد يتعرض لمشاكل لا تتعلق بأحد جزيئاته أو مسائله التي تكون جسده المحسوس والنامي ؛ بل تتعلق بكيانه المعرفي تلك المشكلات التي تمس مبادئه وجذوره المعرفية التي اسند إليه العلم في مراحل تكونه معرفيا .
وبعبارة أخرى ؛ فإن الفقيه قد يجتهد في مسألة ما بغية الوصول إلى حكم شرعي ، وهو في اجتهاده هذا قد يستخدم أحد منهاج الاجتهاد وقبل ذلك كله فإن منهجه وأدواته ومعارفه المكتسبة التي يستخدمها وينتمي بها إلى مرتبة من مراتب الاجتهاد تكون خارج نطاق بحثه رغم كونها تمثل الأسس التي يستند إليها العلم كمنظومة عقلانية .
لكن عندما يتجه بتفكره ويبذل جهده في هذه الأدوات أنفسها وإلى مراتب الاجتهاد بل إلى الاجتهاد والفقه نفسيهما كيف تكونا وما خصائصه ومميزاته فهو لا يستخدم العقلية الفقهية بل ينظر إليه كيف تكونت ولماذا وجدت وكيف نمت لماذا وجود الاجتهاد وما هي أسباب كونه مراتب وأثره هذه المراتب على الفقه وكيفية قياس هذا كله ،وحين يفكر في المجتهد المطلق كيف تكون عقله ولماذا اختفى من الوجود بعد فترة زمنية معينة ، وما هي الطرق التي يمكن بها إن ننشئ مجتهدا مطلقا من جديد ... فإن كل هذا وما شابهه يمثل فلسفة الفقه فنجد فلسفة الفقه ذات قدمين أحدهما داخل العلم والأخرى خارج أسوار موضوعاته .
وذلك أن فلسفة العلوم تتخلص في :" امتحان الأسس التي يستند إليها العلم كمنظومة عقلانية " ([1]).
ولا شك أن الاشتغال بهذه الموضوعات هو أهم عوامل النهضة في أي علم من العلم ومن هنا تتضح أهمية فلسفة العلوم وفلسفة الفقه على وجه الخصوص .
فمما لا يخفى على أحد أننا رغم المحاولات المبذولة لمعرفة المكون الاجتهادي والعلوم التي يجب أن تتوافر في المجتهد المطلق أو غيره ورغم توفر الأدوات التي تساعد على إيجاد هذا المجتهد إلا أن أننا ندرك تماما أن ذلك لم يتحقق في الواقع العملي بل إنك لتدرك ذبول العقل الفقهي شيئا فشيء مع مرور الوقت وأن محاولات النهضة - من حين لآخر - لم تؤتي ثمرتها المرجوة تلك المشكلة التي يرجعها بعض الباحثين إلى عدم تطبيق الفقه في الواقع العملي وقد يقال : إن هذا الذبول كان قبل تلك الكارثة بكثير وأنه موجود أيضا في مناطق تطبيق الفقه ، ويرجعها بعضهم إلى مناهج التدريس أو المدرس نفسه أو هما معا ، وقد أرجعتها إلى المقومات الخمسة التي يقوم عليها العقل الفقهي وهي :
1- الاستعداد العقلي والروحي والشخصي للمتفقه.
2- المدرس الحاذق القدوة .
3- المنهاج الدراسي الأصيل .
4- الطريقة المثلى في تدريس الفقه .
5- البيئة الفكرية الخصبة . ([2])
وهذه المقومات بحاجة إلى دارسة أثرها في تكوين العقل مقاديرها وتأثير فقدها في ذلك العقل أي إيجاد وحدات قياس جديدة ودقيقة لكل هذه المكونات وهذه إشكالية أخرى .
ولسنا بحاجة إلي إجراء تجارب على بعض الطالب ؛ لأن هذا موجود بالفعل ويكفينا المنهج شبه التجريبي هنا ولكننا نحتاج إلى فلاسفة الفقه وتلك إشكالية جديدة .
إذ الفلسفة كما عرفها هوبز بأنها " معرفة النتائج من أسبابها والأسباب من نتائجها "([3]).

http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=9#_ftnref1([1])- علم النفس – فلسفته وحاضره ومستقبله ككيان اجتماعي ، د/مصطفى سويف ، ص32 ، مكتبة الأسرة 2000م.

http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=9#_ftnref2([2])- البحث الفقهي ، المقومات والخطوات ، للمؤلف ، ص 7 .

http://www.mmf-4.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=9#_ftnref3([3])- الفيزياء والفلسفة ، جيمس جينز ، ترجمة : جعفر رجب ، ص 32، دار المعارف .
 
إنضم
30 أبريل 2010
المشاركات
138
التخصص
علوم طبيعة
المدينة
........
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: فلسفة الفقه الشافعي ( الحلقة الأولى )

جزاك الله خيراً أخي الفاضل ..

لكن هل من الممكن أن توضح بشكل أسهل أهمية فلسفة الفقه في الواقع وأثر فقدانه ؟؟

لأن كلامك مبهم بعض الشيئ عندي .

بارك الله فيك يا شيخنا ..
 

د.محمد جمعة العيسوي

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
إنضم
12 يونيو 2008
المشاركات
212
الكنية
ابو عبد الله
التخصص
الفقه
المدينة
محافظة كفر الشيخ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: فلسفة الفقه الشافعي ( الحلقة الأولى )

فلسفة الفقه الشافعي ( الحلقة الثانية )
تنقسم فلسفة الفقه عموما والفقه الشافعي خاصة إلى قسمين :
القسم الأول : الفلسفة الكلية .
القسم الآخر : الفلسفة الجزئية .
أما الأولى : فتسمد من علم أصول الفقه والفقه وتاريخه .
أما الأخرى : فتستمد من علم أصول الفقه والفقه وقواعد الفقه وحكمة التشريع ومقاصد الشريعة .
تهتم الأولى : بالعقل الفقهي تكوينه وعوارضه وأثرهما في الفقه .
وأما الأخرى : فهي خادمة الفقه إذ تساعد على تكوين الملكة وضبط الفروع وتعليها تعليلا صحيحا .
وإذا أطلقت فلسفة الفقه فالمراد الفلسفة الكلية .

بين تاريخ الفقه وفلسفته

لا يمكن دارسة فلسفة علم ما دون دراسة تاريخه وهذا ما جعل فلسفة العلوم متأخرة في الوجود الحقيقي عن علومها .
فأما الفرق بين فلسفة الفقه وتاريخه .
فالفلسفة هي جواب سؤال كيف ولماذا ما .
وأما التاريخ فجواب سؤال متى ، وأين ، ومن .
ولاشك في أن جواب كيف ولماذا وما يستدعي معرفة جواب متى وأين ومن ومن هنا يبدو التشابك والتأثير واضحا .
حتى وهم بعضهم فظن فلسفة الفقه هي تاريخه " تاريخ التشريع .
 
إنضم
16 فبراير 2010
المشاركات
8
التخصص
كلية تجارة
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: فلسفة الفقه الشافعي ( الحلقة الأولى )

بارك الله فيكم شيخنا موضوع رااااائع و جميل
 

د.محمد جمعة العيسوي

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
إنضم
12 يونيو 2008
المشاركات
212
الكنية
ابو عبد الله
التخصص
الفقه
المدينة
محافظة كفر الشيخ
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: فلسفة الفقه الشافعي ( الحلقة الأولى )

وجزاكم كل خير وبارك فيكم
 
أعلى