د.محمود محمود النجيري
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 19 مارس 2008
- المشاركات
- 1,171
- الكنية
- أبو مازن
- التخصص
- الفقه الإسلامي
- المدينة
- مصر
- المذهب الفقهي
- الحنبلي
هل يجوز
نكاح ابنته من الزنا؟
نكاح ابنته من الزنا؟
يثبت إجماعاً تحريم البنت على أبيها. فإذا كانت ابنته من الزنا، فهل يصح أن يتزوجها، وتصير زوجته؟ أم تحرم عليه، كابنته من النسب؟
الأقوال في المسألة:
في هذه المسألة قولان للعلماء، أحدهما للجمهور، والآخر للشافعي كما يلي:
القول الأول: لا تحرم المخلوقة من ماء الزاني عليه، فيجوز له أن يتزوجها.
وهذا مذهب الشافعي.
ودليله أنها أجنبية عنه، وليست بنتًا له في الشرع، إذ لا حرمة لماء الزنا؛ بدليل انتفاء سائر أحكام النسب من: إرث ونفقة وولاية، وغيره عنها .
القول الثاني: تحْرُم المخلوقة من ماء الزاني عليه.
وبه قال جمهور أئمة المسلمين، كأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد وأصحابه، ومالك وجمهور أصحابه، وهو قول كثير من أصحاب الشافعي .
واستدل الجمهور بقول الله تعالى: حرِّمت عليكم أمَّهاتُكم وبناتُكم [النساء: 23]. وهذه بنته؛ فإنها أنثى مخلوقة من مائه. هذه حقيقة لا تختلف بالحِلِّ والحرمة. ويدل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم، في امرأة هلال بن أمية، في حديث اللعان: انظروه- يعني ولدَها- فإن جاءت به على صفة كذا، فهو لشريك بن سحْماء . يعني الزاني، لأنها مخلوقة من مائه. وهذه حقيقة، لا تختلف بالحِل والحُرْمة. ولأنها بَضْعة منه، فلم تحل له، كابنته من النكاح الشرعي. وتخلُّف بعض الأحكام، لا ينفي كونها بنته .
وقد اختار ابن القيم قول الجمهور قائلاً:
"وقد دلَّ التحريم بلبن الفحل، على تحريم المخلوقة من ماء الزاني دلالةَ الأَوْلى والأحرى؛ لأنه إذا حرُم عليه أن ينكح من قد تغذت بلبنٍ ثارَ بوطئه، فكيف له أن ينكح من قد خُلق من مائه نفسه بوطئه؟ وكيف يحرِّم الشارع بنته من الرضاع لما فيه من لبن كان وطء الرجل سببًا فيه، ثم يبيح له نكاح من خُلق بوطئه ومائه نفسه؟ وهذا من المستحيل" .
واستدل ابن القيم بما يلي:
1. أن الله تعالى أنطقَ الرضيع ابن الراعي بقوله: أبي فلان الراعي . وهذا الإنطاق لا يحتمل الكذب.
2. أجمعت الأمة على أن ابن الزنا: تحرم أمُّه عليه، وخلْقه من مائها وماء الزاني- خلْق واحد، وإثمهما فيه سواء. وكونه بعضًا لأبيه، مثل كونه بعضًا لأمه. فكما يحرم ابن الزنا على أمه، تحرم بنت الزنا على أبيها .
الترجيح: من الواضح أن قول الشافعي بحلِّ نكاح ابنته من الزناـ فيه من البشاعة ما فيه. والصواب الأخذ بقول الجمهور في التحريم بالزنا للفرع مهما نَزَلَ، وهذا اختيار ابن تيمية . وبهذا أخذ القانون الكويتي ، وكذلك مشروع القانون المصري السوري الموحد .
____________________________________________________
مغني المحتاج: الخطيب الشربيني، دار المعرفة، بيروت، 1418هـ ـ 3/233•
نقلت بعض الكتب: أن مذهب مالك هو أن المخلوقة من ماء الزاني لا تحرم عليه، مثل المغني 6/578، ولكن في كتب المالكية غير ذلك، ففي الشرح الكبير للدردير، دار الفكر، بيروت، 1419هـ 2/396: "فمن زنى بامرأة، فحملت منه ببنت، فإنها تحرم عليه وعلى أصوله وفروعه". ونقل ابن تيمية عن الإمام أحمد إنكاره أن يكون في ذلك نزاع بين السلف، وكذَّب النقل عن مالك بإباحة ذلك، وأنكر أن يكون الشافعي نصَّ على خلاف ذلك. (مجموع الفتاوى، 32/90).
أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة النور (4470). ومسلم، كتاب اللعان (1496).
المغني 6/578 ـ 579.
زاد المعاد 5/506. وانظر أيضًا: أعلام الموقعين 1/658. وتهذيب سنن أبي داود 2/259. وأحكام أهل الذمة مج 2، ص 545.
أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب { واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها } [مريم: 16] (3253). مسلم، كتاب البر والصلة، باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة (2550).
زاد المعاد 5/507.
مجموع الفتاوى 32/86.
تقول المادة (15): "يحرم على الشخص فرعه من الزنا وإن نزل، ولا يحرم سواء بسبب الزنا".
جاء في المادة (12) من المشروع: "يحرم على الشخص فرعه من الزنا وإن نزل، ولا يثبت تحريمٌ بسبب الزنا سوى ما ذُكر".
التعديل الأخير: