هشام بن محمد البسام
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 22 مايو 2009
- المشاركات
- 1,011
- الكنية
- أبو محمد
- التخصص
- شريعة
- المدينة
- الدمام
- المذهب الفقهي
- حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
فضل علم الفرائض
فضل علم الفرائض
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هداه، أما بعد:
فإن علم الفرائض من أفضل العلوم الشرعية، دل على فضله الكتاب والسنة وأقوال الصحابة:
- فالكتاب دل على فضله من وجوه:
منها: أن الله تعالى تولى تقدير الفرائض بنفسه، فلم يتركها لنبي مرسل، ولا لِمَلَكٍ مقرب، بخلاف سائر الأحكام، كالصلاة، والزكاة، والحج، وغيرها، فإن الآيات فيها مجملة، بينتها السنة.
ومنها: أن الله تعالى بعد أن بين الفرائض في كتابه، قال: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ ﴾ أي: هذه أحكام الله قد بينها لكم ﴿ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ في قسمة المواريث، فيُقرّ بها، ويعمل بها كما أمره الله تعالى، فلم يزد بعض الورثة، ولم ينقص بعضًا، بحيلة ووسيلة، بل تركهم على حكم الله وفريضته وقسمته ﴿ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾، ثم توعد من عصاه فيها، بقوله: ﴿ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ [النساء:13-14]. لكونه غيَّر ما حكم الله به، وضادّ الله في حكمه، وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به، ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم [1].
- وروي عن النبي r ما يدل على فضل هذا العلم، فمن ذلك:
1- حديث أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِr: « يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَهُوَ يُنْسَى وَهُوَ أَوَّلُ شَيْءٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي » رواه ابن ماجه والدار قطني والحاكم والبيهقي، وضعفه الذهبي وابن الملقن والألباني.
وفي معنى كونه " نصف العلم " أقوال:
فقيل: إن هذا الحديث من المتشابه، فلا نؤوله ولا نتكلم فيه، بل يجب علينا اتباعه.
وقيل: المراد بالنصف هنا: أحد قسمي الشيء وإن لم يتساويا، ومنه قوله r: « الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ »[2]، وقول العرب: "نصف السنة حضر ونصفها سفر" أي: تنقسم إلى زمنين وإن تفاوتت عدتهما، وقول الشاعر:
إذا متُ كان الناسُ نِصفان[3] شامتٌ ... وآخرُ مثنٍ بالذي كنتُ أصنعُ
وقيل: المراد المبالغة في فضله، كقوله r: « الدِّينُ النَّصِيحَةُ »[4]، وقوله: « الْحَجُّ عَرَفَةُ »[5]، وقوله: « الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ » [6].
وقيل: لأنه يُبتلى به الناس كلهم. قاله سفيان بن عيينة رحمه الله.
وقيل: لثبوته بالنص لا غير، وأما غيره فبالنص تارة، وبالقياس أخرى.
وقيل: لأن للإنسان حالتين، حالة حياة، وحالة موت، وفي الفرائض معظم الأحكام المتعلقة بالموت [7].
وقيل: باعتبار سبب الملك، لأن أسباب الملك نوعان: اختياري وهو: ما يملك رَدّه، كالشراء والهبة ونحوهما، وقهري وهو: ما لا يملك ردّه، وهو الإرث [8].
وقوله r: " وَهُوَ يُنْسَى " أي: يسرع إليه النسيان، قال العلامة الشِّنْشَوري [9] (ت:999هـ): لما كان علم الفرائض من يشتغل به قليل، لتوقفه على علم الحساب، وتشعب مسائله، وارتباط بعضها ببعض، كما في مسائل الجد وغيره، كان عرضة للنسيان، فلأجل هذا حث r على تعلمه وتعليمه. اهـ.
[1] تفسير القرآن العظيم (2/166)، الجامع لأحكام القرآن (5/54)، التحقيقات المرضية (12)، فقه المواريث (1/11).
[2] رواه مسلم من حديث أبي مالكٍ الأَشعري t.
[3] ورد هذا البيت على لغة من يلزم المثنى الألف. حاشية الباجوري ص 35.
[4] رواه مسلم من حديث تمِم الداري.
[5] رواه الخمسة من حديث عبد الرحمن بن يَعْمَر.
[6] رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث النعمان بن بشير ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
[7] وذكر العلامة الشنشوري (ت:999هـ): أن هذا القول أقربها. وإنما قيل: " معظم " لأن بعض الأحكام المتعلقة بالموت كغسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، لا يبحث عنه في الفرائض، بل في علم الفقه. الفوائد الشنشورية وحاشية الباجوري ص35.
[8] قيل: وهذا الأخير هو أحسن الأقوال.
وقيل: باعتبار الثواب، لأن له بتعليم مسألة واحدة من الفرائض مائة حسنة، وبغيرها من العلوم عشر حسنات.
وقيل: لأن ثوابه مثل ثواب بقية العلوم.
وهذان القولان تخرص وظن، إذ لا مستند لهما من كتاب ولا سنة.
انظر: كشاف القناع (4/490)، رد المحتار (10/492)، العذب الفائض (1/8)، الشنشورية وحاشية الباجوري ص35، فتح الباري (12/8).
[9] الفوائد الشنشورية ص 35، بهامش حاشية الباجوري.