العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
[font=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم[/font][font=&quot]
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ؛ ليظهره على الدين كله ، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، وأشهد أنه قد ترك أمته على محجةٍ بيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك، وأشهد أنه قد بيّن لها سُبُلَ نجاتها ، وجميع شؤونها ، فهو كما قال عنه أبو ذر رضي الله عنه قال: "تركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم"[/font] [font=&quot]فعند مذاكرتي لأحكام الحج ، استوقفتني عبارة : " إن المحرمة لا تلبس النقاب ولا بأس بأن تسدل الخمار على وجهها من فوق رأسها على وجه لا يصيب وجهها كأن تضع على رأسها تحت الساتر خشبة أو شيئا يبعد الساتر عن ملامسة وجهها " [/font]
[font=&quot]ولقد كررت النظر في هذه العبارة وقرأتها مرة بعد مرة ، ولقد تحيّرت في أمرها ! وراودني فكر كنت أخشى أن أعلنه ، فما ملكت إلا أن أسررته وطويته ثم مضيت ؛ ظنا مني أن الإفصاح عنه والخروج عليه من قبيل الإجماع الذي يكفر منكره ، مع إني نفسي لم تهدأ ولم أسلّم لذلك إطلاقا ، وحقيقة الفكر الذي راودني هو: لماذا لا يكون وجه المرأة مثل بدن الرجل ؟ فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من يريد الحج أو العمرة من الذكور أن يتجرد من لباسه المعتاد ، لكنه لم يأمره بأن يُبقي جسده مكشوفا من غير غطاء ، بل أوجب عليه أن يغطي جسده بلباس الإحرام -أي بلباس غير معتاد وغير ما يلبسه في حياته اليومية – فلماذا لا يتوجه النهي إلى النقاب خاصة ؟ ذلك لانه لباس خاص بالوجه ، وتغطي المرأة المحرمة وجهها بما شاءت من الأغطية بما دون النقاب وما في حكمه مما يُفَصَّلُ للوجه خاصة.[/font]
[font=&quot]هذا ما ترددت في إظهاره ، ولكني سوف اشرع بدراسة هذه المسالة حتى يتبين لي ما يرفع الحرج عن النساء اللواتي يحجمن عن الذهاب إلى الحج أو العمرة خوفا من الحرج ، وسوف ابدأ بذلك مستعينا بالله متوكلا عليه ، وأسأله جل وعلا أن يعينني ويجعل عملي وجهدي خالصا لوجهه الكريم ، انه ولي ذلك والقادر عليه .[/font]
[font=&quot]
[/font]
[font=&quot]واني ارغب ان يكون هذا البحث على هيئة المدارسة والمشاركة، فارجو الاخوة الكرام والسادة الاجلاء بالتكرم بابداء الراي والنصح والنقاش العلمي ؛ لعل الله يُيَسر الامر ، ونخرج بنتيجة تكون قائمة على الدليل والنظر في المآلات ، والله الموفق .
[/font]
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

النقاب والقفازان للمرأة المحرمة:
جاء في بعض روايات حديث ابن عمر –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: ( لا تنتقبِ المرأةُ المحرِمة، ولا تلبسِ القفازين ) رواه البخاري وغيره.

قال الشيخ عبد الله السعد في "الحج أحكامه وصفته" حاشية 29: (روى هذه الزيادة البخاري في «صحيحه»(1838) من طريق الليث عن نافع عن عبدالله بن عمر , وقال بعدها : ( تابعه موسى بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية وابن إسحاق في النقاب والقفازين,وقال عبيد الله : ولا ورس , وكان يقول : لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين , وقال مالك عن نافع عن ابن عمر : لا تتنقب المحرمة , وتابعه ليث بن أبي سليم ) .

وشرح الحافظ ابن حجر في «الفتح» كلام البخاري هذا , وملخص كلامه أن هذه الزيادة فيها أربعة أوجه :
الأول : من روى هذه الزيادة ضمن الحديث المرفوع , ورواه على هذا الوجه : الليث وموسى بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وجويرية .
الثاني : من روى هذه الزيادة مرفوعة ولكن جعلها في أول الخبر , ورواه على هذا الوجه : ابن إسحاق .
الثالث : من روى هذه الزيادة لوحدها موقوفة , ورواه على هذا الوجه : الإمام مالك وفضيل بن غزوان وليث بن أبي سليم .
الرابع : من روى الحديث فجعل أول الخبر مرفوعا , ووقف هذه الزيادة على ابن عمر , ورواه على هذا الوجه : عبيد الله بن عمر العمري .

قال الحافظ ابن حجر : ( الثقات إذا اختلفوا وكان مع أحدهم زيادة قدمت ولا سيما إن كان حافظا ولا سيما إن كان أحفظ , والأمر هنا كذلك فإن عبيد الله بن عمر في نافع أحفظ من جميع من خالفه , وقد فصل المرفوع من الموقوف , وأما الذي اقتصر على الموقوف فرفعه فقد شذ بذلك وهو ضعيف , وأما الذي ابتدأ في المرفوع بالموقوف فإنه من التصرف في الرواية بالمعنى , وكأنه رأى أشياء متعاطفة فقدم وأخر لجواز ذلك عنده , ومع الذي فصل زيادة علم فهو أولى , أشار إلى ذلك شيخنا في «شرح الترمذي» ) ا.هـ .

قلت : هذه الزيادة إن كانت ثابتة مرفوعة فلا كلام , وإن كانت موقوفة فمثل هذا قد لا يقال بالرأي , ويؤيد ذلك ما سيأتي ذكره عن عائشة والحسن وعطاء ) أهـ كلام السعد

قال الشوكاني: ( والانتقاب: لبس غطاء للوجه فيه نقبان على العينين تنظر المرأة منهما )

وقال في القُفَّاز: ( ما تلبسه المرأة في يديها فيغطي أصابعها وكفها عند معاناة الشيء كغزل ونحوه، وهو لليد كالخف للرِّجل )، وقال الحجاوي في "الإقناع" وغيره : ( وهما: كل ما يُعمَل لليدين إلى الكوعين، يُدخِلهما فيه، يسترهما من الحر، كالجورب للرِّجلَين، كما يعمل البُزاة ). والبُزاة هم الذين يحملون البازي والصقر للصيد، وقد اعتادوا أن يضعوا على أيديهم شيئاً ليقف عليه الصقر.


أقوال العلماء في المسألة:

ذهب جمهور العلماء إلى منع المحرمة من لبس القفازين، وأباحه الحنفية، وهو قول عند الشافعية. وحكي جواز ذلك عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وعن الثوري رحمه الله تعالى، وحكي عن علي وعائشة وابن عمر رضي الله عنهم قولان كالمذهبين.

ولعل حجة المجيزين ما جاء من أن إحرام المرأة في رأسها، وما جاء عن بعض الصحابة من إباحة ذلك.
قال الحافظ ابن عبد البر: ( وأما القفازان فاختلفوا فيهما أيضاً، وروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يلبس بناته وهن محرمات القفازين، ورخصت فيهما عائشة أيضاً، وبه قال عطاء والثوري ومحمد بن الحسن، وهو أحد قولي الشافعي وقد يشبه أن يكون مذهب ابن عمر لأنه كان يقول إحرام المرأة في وجهها.
وقال مالك: إن لبست المرأة قفازين افتدت، وللشافعي قولان في ذلك: أحدهما تفتدي، والآخر لا شيء عليها.
قال أبو عمر -هو ابن عبد البر-: الصواب عندي قول من نهى المرأة عن القفازين وأوجب عليها الفدية؛ لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ) .

واتفقوا على أن للمحرمة أن تغطي رأسها وتلبس المخيط، والخلاف في النقاب والبرقع والقفازين، والخَلْخال والسوار وما شابههما من الحلي، والكحل.

وحكي الإجماع على أنها يحرم عليها أن تغطي وجهها إلا لحاجة؛ فإحرامها في وجهها كما أن إحرام الرجل في رأسه. حكاه ابن المنذر، وابن عبد البر، وابن قدامة، وابن حجر، وابن رشد .. أما اليدان فلها أن تغطيهما بثوب أو عباءة أو خمار.

ونازع في ذلك ابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وجمع من المتأخرين.
قال شيخ الإسلام: ( ولأن وجه المرأة كبدن الرجل وكيَدِ المرأة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين"، ولم ينهها عن تخمير الوجه مطلقاً، فمن ادعى تحريم تخميره مطلقاً فعليه الدليل، بل تخصيص النهي بالنقاب وقرانه بالقفاز دليل على أنه إنما نهاها عما صنع لستر الوجه كالقفاز المصنوع لستر اليد والقميص المصنوع لستر البدن.
فعلى هذا يجوز أن تخمره بالثوب من أسفل ومن فوقما لم يكن مصنوعاً على وجه يثبت على الوجه، وأن تخمره بالملحفة وقت النوم، ورأس الرجل بخلاف هذا كله، وقال ابن أبي موسى: ومتى غطت وجهها أو تبرقعت افتدت ).

وقال ابن القيم في "بدائع الفوائد": (ومن قال إن وجهها كرأس المحرم فليس معه بذلك نص ولاعموم ولا يصح قياسه على رأس المحرم؛ لما جعل الله بينهما من الفرق ).

وقال في "تهذيب السنن": ( وأما نهيه في حديث ابن عمر المرأة أن تنتقب وأن تلبس القفازين، فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه, فيحرم عليها فيه ما وضع وفُصِّل على قدر الوجه كالنقاب والبرقع , ولا يحرم عليها ستره بالمقنعة والجلباب ونحوهما , وهذا أصح القولين ).

وقال الصنعاني في "سبل السلام": (ومن قال إن وجهها كرأس الرجل المحرم لا يغطى شيء فلا دليل معه ).


قد رأيتَ أن بعض أهل العلم جنح إلى أن المرأة المحرِمة إنما نُهِيَت عن تغطية وجهها "بأشياء مخصوصة"، لا أن المنهي عنه مطلق تغطية الوجه، كما أن الرجل منهي عن تغطية البدن بأشياء مخصوصة..
على أن الجمهور، وحكاه كثيرون إجماعاً، يرون المحرِمةَ منهيةً عن تغطية الوجه مطلقاً بأي شيء إلا لحاجة، كما أن الرجل منهي عن تغطية رأسه مطلقاً.


وللجمهور ما جاء عن محمد بن المنكدر قال: رأى ابن عمر امرأة قد سدلت ثوبها على وجهها وهي محرمة، فقال لها: اكشفي وجهك فإنما حرمة المرأة في وجهها. وصححه ابن حزم.
وعند الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر قال: إحرام المرأة في وجهها،واحرام الرجل في رأسه. وصححه البيهقي وابن حجر، وقد جاء مرفوعاً ولا يصح.
وظاهر ما رواه أحمد وأبو داود والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه. وهو ضعيف

وأجيب عن قول الجمهور بأجوبة:
الأول: أن ابن عمر رضي الله عنهما قد خالفته عائشة زوج النبي وأسماء وهما أعلم بأحكام النساء في هذا الباب منه رضي الله عنه، ثم إن ابن عمر قد خالف جمهورالصحابة في كثير من مسائل الإحرام لما عرف عنه من الورع، فقد ذكر ابن حزم في "المحلى" عن معاذة العدوية قالت:سئلت عائشة أم المؤمنين : ما تلبس المحرمة؟ فقالت : لا تنتقب ولا تلثم وتسدل الثوب على وجهها.
وروى ابن ابي شيبة عن عائشة قالت :تلبس المحرمة ما شاءت من الثياب إلا البرقع والقفازين ولاتنقب.


ونوقش بأن ابن عمر رضي الله عنهما هو راوي: (ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)، وهو أعلم بمرويِّه فلا يصح الانتقال عن قيله ما لم تتحقق مخالفة الصحابة له.. فلا يُعتَرَض بمثل آرائه الاجتهادية التي نقلتموها وثبت مخالفتها للحديث، أو ثبت (وتحقق) أن من الصحابة من خالفه فيها.
ثم قد ثبت أن أسماء -رضي الله عنها- إنما كانت تغطي وجهها من الرجال:
فقد روى علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنا نمشط قبل ذلك في الإحرام. أخرجه الحاكم، وقال : صحيح على شرط الشيخين. قال الألباني: ووافقه الذهبي وهو كما قالا.

فقول الموفق -رحمه الله- في "المغني"(3/305) : ( لا نعلم في هذا خلافاً إلا ما رُوي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة.
ويحتمل أنها كانت تغطيهِ بالسدل عند الحاجة فلا يكون اختلافاً )
فها هو قد جاء ما يقوي هذا الاحتمال الذي ذكره وأنها إنما كانت تغطي وجهها من الرجال، فلا ينخرم الإجماع المحكي بمثل هذا، ولا يجوز طعنٌ في إجماعٍ منقولٍ من أئمةٍ معتبرين إلا بما لا يتطرق إليه احتمالٌ مما هو منسوب صراحةً إلى قائليه من أهل العلم.
قال الباجي بعد ذكر أثر أسماء: ( وإنما يجوز أن يخمرن وجوههن على ما ذكرنا بأن تسدل ثوباً على وجهها تريد الستر، ولا يجوز أن تسدله لحر ولا لبرد، فإن فعلت ذلك فعليها الفدية ).

واعتُرِض بأن زيادة "من الرجال" في هذه الرواية عند الحاكم مرجوحة؛ لأنه من الكوفيين، ورواية أهل المدينة عن هشام أثبت من رواية أهل الكوفة؛ لتغير هشام.

الثاني: كيف تكون تغطية الوجه من المحظورات مع أنه لم يرد في المسألة شيء مرفوع، ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي اللهعنهم ما يوجب كشف الوجه على المحرمة إلاهذا الأثر.

وجوابه : أن هذا ليس بغريب، بل إبطال الحج بالجماع وفدية ذلك لم يرد فيه شيء مرفوع، وتقليم الأظفار لم يرد فيه شيء مرفوع..
والمرفوع : (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) يحصل به المقصود عن بُعد، وكون المرفوع الآخر لا يثبت سنداً: لا يعني أنه لا يمكن أن يكون قد سمعه ابن عمر فيأخذ موقوفه حكم الرفع. والله أعلم.

الثالث: أن اعتماد قول ابن عمر: إحرام المرأة في وجهها، يلزم منه أنه يباح لها لبس القفازين؛ لأنهما في اليدين لا في الوجه.

ويناقش بأن قوله بأن إحرامها في وجهها لا يستلزم هذا، كما أن قوله: "إحرام الرجل في رأسه" لا يستلزم عدم المنع من لبس المحرم للخفين.

أقول: لا شك أن ما ذكره من خالف الجمهور قويٌّ من جهة النظر، ولكنَّ الإجماع المدعى يوجب أن يتهيب المرء المخالفةَ، لا سيما أن المذكور عن الصحابة غير ابن عمر -رضي الله عنهما- يدخله الاحتمال، ولو كان صريحاً عنهم -رضي الله عنهم- في المسألة لكان للطعن في الإجماع المذكور مستمسَك، والله أعلم.
وكأن المخالف لهذا الإجماع لم يرتضِه، ولذا جرى الخلاف فيها.


من هنا: http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=4231&page=2
 
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة


بسم الله الرحمن الرحيم
احسن الله اليك
، وجزاك الله خيرا على ما قدمت ، ولكني كنت اود ان تحرر محل النزاع في المسالة ، وان تخرج بنتيجة واضحة المعالم
، اذا ان هذا البحث قد تناول مواضيع كثيرة :



فقلتَ:
وحكي الإجماع على أنها يحرم عليها أن تغطي وجهها إلا لحاجة


ليتك وضعت ضابطا للحاجة في نهاية البحث - على فرض التسليم بهذا الاجماع-، اذ ان ما قيل سابقا في الكتب لا يمكن انزاله على واقع هذه الايام بسهولة .

وقلت :
والخلاف في النقاب والبرقع ..

والحقيقة ان هذا ليست من المسائل الخلافية ، بل هو بالاجماع ! حرمة النقاب والبرقع ثبتت بالاجماع .

وقلتَ :

أقول: لا شك أن ما ذكره من خالف الجمهور قويٌّ من جهة النظر، ولكنَّ الإجماع المدعى يوجب أن يتهيب المرء المخالفةَ، لا سيما أن المذكور عن الصحابة غير ابن عمر -رضي الله عنهما- يدخله الاحتمال، ولو كان صريحاً عنهم -رضي الله عنهم- في المسألة لكان للطعن في الإجماع المذكور مستمسَك، والله أعلم.
وكأن المخالف لهذا الإجماع لم يرتضِه، ولذا جرى الخلاف فيها.




أرأيت بارك الله فيك ، كلام جميل ، فهذه النتيجة ،وقد خلت عن تحرير محل النزاع ، والترجح الصريح، الا اذا كان محل النزاع ، هو عدم التسليم بالاجماع الوارد ، فهذا ممكن .
 

متولى أمين حلوة

:: مشارك ::
إنضم
31 مايو 2010
المشاركات
248
الجنس
ذكر
التخصص
طب الأطفال
الدولة
saudia
المدينة
الأحساء - الهفوف
المذهب الفقهي
غير متمذهب
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

فائدة لغوية من فقه اللغة للثعالبي

الفصل الثالث عشر (في ترتيب الخمار)
(عَنِ الأئِمَّةِ)


البُخْنُقُ خِرْقَةٌ تَلبَسُها المَرْأةُ فَتُغَطِّي بِهَا رَأسَهَا مَا قَبَلَ مِنهَا ومَا دَبَرَ غَيْرَ وَسَطِ رَأْسِها، عَنِ الفَرّاءِ عَنِ الدُّبيريَّةِ
ثُمَّ الغِفَارَةُ فَوْقَها ودُونَ الخِمَارِ
ثُمَّ الخِمَار أكْبَر مِنْهَا
ثُمَّ النَّصِيفُ وَهُوَ كالنِّصْفِ مِنَ الرِّدَاءِ
ثُمَّ المِقْنَعَةُ
ثُمَّ المِعْجَرُ وهًوَ أصْغَرُ مِنَ الرِّدَاءِ وأكْبَرُ مِنَ المِقْنَعَةِ
ثُمَّ الرِّداءُ.
 
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم[/FONT]

[FONT=&quot]الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
[/FONT]

[FONT=&quot]من خلال تقليب النظر في كتب اهل العلم ، والاستئناس بما كتبه فضيلة الشيخ [/FONT][FONT=&quot]أبي بكر بن سالم باجنيد[/FONT][FONT=&quot]حفظه الله ، يمكنني اجمال مواضع الاتفاق والخلاف في حكم غطاء وجه المحرمة فيما يأتي :[/FONT]​
[FONT=&quot]-----------------------------[/FONT]​
[FONT=&quot]لا خلاف بين الفقهاء رحمهم الله [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][1][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] في عدم جواز تغطية وجه المرأة المحرمة بالنقاب [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][2][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] أو البرقع [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][3][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ولا خلاف بينهم أيضا في جواز غطاء وجه المحرمة بغير النقاب والبرقع في حال ما إذا احتاجت لذلك [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][4][/FONT]) [/FONT][FONT=&quot] وعلى الرغم من أنهم قد اتفقوا على جواز غطاء وجه المحرمة بغير ما ذكر ، إلا أنهم اختلفوا في الغطاء الذي يمس وجهها، فمنهم من يرى أن ملامسة الغطاء لوجه المحرمة يعتبر محظورا من محظورات الإحرام وأوجب فيه الفدية ، ويرى بعضهم جواز ملامسة الغطاء للوجه ولا شيء فيه ، وهذا هو محل النزاع ومادة هذا البحث ، وعلى هذا فإني لن أبحث في حكم النقاب للمراة المحرمة ؛ لجلاء حكمه وان لم يمس الوجه ، وانما سوف اقتصر على ما سوى الخمار والبرقع -مثل الخمار الذي هو متعارف عليه عند الناس ، وهو وصل غطاء الراس بقطعة قماش تسدلها المراة على وجهها - وسوف اشرع مستعينا بالله متوكلا عليه في ببيان هذه الأقوال مع أدلتها ثم مناقشتها وصولا للقول الراجح . وأما ما يتعلق بلبس القفازين فسياتي في حينه ان شاء الله .[/FONT]


[FONT=&quot]وأرى أن اتبّع في بحثي هذا المنهج الاستقرائي التحليلي ، وبناء عليه فقد يقتضى هذا البحث أن يكون فيه مطلبان وعلى النحو الآتي :[/FONT]
[FONT=&quot]المطلب الأول : ملامسة الغطاء لوجه المحرمة ، وفيه ما يأتي : [/FONT]
[FONT=&quot]أولا : الذين قالوا بعدم جواز ملامسة الغطاء لوجه المرأة المحرمة وأدلتهم.[/FONT]
[FONT=&quot]ثانيا : الذين قالوا بجواز ملامسة الغطاء لوجه المحرمة وأدلتهم .[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثا: الترجيح[/FONT]
[FONT=&quot]المطلب الثاني: لبس القفاز للمرأة المحرمة، وفيه ما يأتي: [/FONT]
[FONT=&quot]أولا: القائلون بإباحة لبس القفازين للمرأة المحرمة وأدلتهم[/FONT]
[FONT=&quot]ثانيا: القول الثاني : القائلون بتحريم لبس القفازين للمرأة المحرمة وأدلتهم [/FONT]
[FONT=&quot]ثالثا : الترجيح .[/FONT]



[FONT=&quot]([/FONT][1][FONT=&quot]) قال ابن عبد البر : وقد اجمعوا على أن على المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام . انتهى . انظر: ابن قدامة، عبد الله بن أحمد 1405هـ ، المغني ، ط1 ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت . ج3 ص 155 ، وقال ابن قدامة : إن المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في إحرامها ، كما يحرم على الرجل تغطية رأسه ، لا نعلم خلافا إلا ما روي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة ، ويحتمل أنها كانت تغطيه بالسدل عند الحاجة فلا يكون اختلافا . انتهى . المغني ؛ وقال ابن المنذر : وكراهية البرقع ثابتة عن سعد وابن عمر وابن عباس وعائشة ولا نعلم أحدا خالف فيه . انتهى . انظر : ابن قدامة ، المغني . ج3 ص 155 ؛ ابن تيمية، احمد بن عبد الحليم ، 1413هـ، شرح عمدة الفقه، ط1 ، تحقيق:سعود بن صالح العطيشان، مكتبة العبيكان ،الرياض . ج 3 ص268[/FONT]


[FONT=&quot]([/FONT][2][FONT=&quot]) النقاب هو الخمار الذي يُشدُّ على الأنف أو تحت المحاجر . ابن حجر ، احمد بن علي ، 1379هـ ، فتح الباري شرح صحيح البخاري ،دار المعرفة ، بيروت، ج4 ص 53[/FONT]

[FONT=&quot] ([/FONT][3][FONT=&quot])ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ،1416هـ ، فتاوى بن تيمية، (د.ط) ، مجمع الملك فهد ، السعودية . ج 26 ص 113 ؛ والبرقع هو الذي فُصِّل على قدر ستر الوجه . الصنعاني ، محمد بن اسماعيل، 1426هـ، سبل السلام شرح بلوغ المرام ، (د.ط) ، دار الفجر للتراث، القاهرة .ج2ص 273[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][4][FONT=&quot])ابن تيمية ، مجموع الفتاوى . ج 26 ص 113 ؛ أبادي ، محمد شمس الحق العظيم، 1415هـ ، عون المعبود شرح سنن أبي داوود ،ط2 دار الكتب العلمية ، بيروت . ج4 ص219 ؛ قال ابن عبد البر : " وقد اجمعوا على أن إحرام المرأة في وجهها وان لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها وهي محرمة وان لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال إليها . انتهى ، انظر : ابن عبد البر ، أبو عمر يوسف بن عبد الله ، 1423هـ ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار ، ط4 ، تحقيق : حسان عبد المنان و محمود احمد القيسية، مؤسسة النداء ، الإمارات العربية المتحدة ، أبو ظبي . ج4 ص 215[/FONT]
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

[font=&quot]لا خلاف بين الفقهاء رحمهم الله [/font][font=&quot]([font=&quot][1][/font])[/font][font=&quot] في عدم جواز تغطية وجه المرأة المحرمة بالنقاب [/font][font=&quot]([font=&quot][2][/font])[/font][font=&quot] أو البرقع [/font][font=&quot]([font=&quot][3][/font])[/font][font=&quot] [/font]​

هل تعني أن المرأة إذا كانت بحضرة النساء فقط فلا يجوز لها أن تغطي وجهها ؟
 
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

[/center]

هل تعني أن المرأة إذا كانت بحضرة النساء فقط فلا يجوز لها أن تغطي وجهها ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله واصحابة اجمعين

ايها المكرم
النقاب ومثله البرقع ، يعتبر من محظورات الاحرام ، وعليه فلا يجوز للمراة لبسه بحضرة النساء او الرجال على السواء ، هذا من الامور المتفق عليها بين الفقهاء ولم يخالف فيها احد ، ولا زال البحث في بدايات الطريق ، أسال الله التوفيق والسداد .
 
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله واصحابه اجمعين

هذا المطلب الاول من البحث ، وقد اوردت فيه الجزء الاول ، وهم الذين قالوا بعدم جواز ملامسة الغطاء لوجه المراة المحرمة ، وذكرت عمدة ادلتهم ، وما يمكن ان يجاب عليها .
---------------------------------------------------------------------------------------
[FONT=&quot]المطلب الأول[/FONT]​
[FONT=&quot]ملامسة الغطاء لوجه المرأة المحرمة[/FONT]​

[FONT=&quot]أولا : الذين قالوا بعدم جواز ملامسة الغطاء لوجه المرأة المحرمة وأدلتهم.[/FONT]
[FONT=&quot]ذهب الحنفية[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][1][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] والمالكية[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][2][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] والشافعية [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][3][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] إلى أنه للمرأة إذا احتاجت أن تغطي وجهها وهي محرمة ، فلها أن تسدل[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][4][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] عليه غطاء من غير النقاب والبرقع ، بشرط أن لا يصيب بشرتها ، وقد عَدُّوا ملامسة الغطاء لوجهها من محظورات الإحرام التي يجب على المرأة ان تتجنبها ، فإذا أرادت أن تغطي وجهها ، فعليها أن تضع خشبة أو نحوها على وجهها كي تمنع الغطاء من ملامسة وجهها ؛ ولأن بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها فلم يحرم عليها ستره على الإطلاق كالعورة[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][5][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] وهو مروي عن عائشة وعثمان وعطاء وإسحاق ومحمد بن الحسن رضي الله عنهم [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][6][/FONT]) [/FONT]

[FONT=&quot]جاء في المبسوط :[/FONT]
[FONT=&quot] " ولا باس بأن تسدل الخمار على وجهها من فوق رأسها على وجه لا يصيب وجهها "[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][7][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]وجاء في بلغة السالك :[/FONT]
[FONT=&quot] " يحرم على الأنثى بالإحرام لبس محيط بكف أو أصبع إلا الخاتم وستر وجهها إلا لفتنة بلا غرز وربط وإلا ففدية "[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][8][/FONT]) [/FONT]


[FONT=&quot]وجاء في الحاوي"[/FONT]
[FONT=&quot]"وتسدل عليه الثوب وتمسكه بيديها حتى لا يماس وجهها "[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][9][/FONT])[/FONT][FONT=&quot].[/FONT]

[FONT=&quot]وجاء فيه أيضا:[/FONT]
[FONT=&quot]" فان سترت سوى ذلك من وجهها بما يماس البشرة ، فعليها الفدية قليلا كان او كثيرا ، ولو غطته بكفيها لم تفتد "[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][10][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]واستدل أصحاب هذا القول بما يأتي : [/FONT]
1. [FONT=&quot]عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : { قام رجل فقال يا رسول الله ، ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ، إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين ، وليقطع أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا شيئا مسه الزعفران ولا الورس ، ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين} [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][11][/FONT])[/FONT]
[FONT=&quot]والشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : " ولا تنتقب المحرمة ".[/FONT]

[FONT=&quot]وجه الدلالة[/FONT]
[FONT=&quot]نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تلبس النقاب،وفي حكمه كل ما تُغطي به وجهها إذا لامسه ، وذلك لأن وجه المحرمة كرأس الرجل ، فكما أنه لا يجوز للرجل أن يخمر رأسه بمخيط ولا غير مخيط فكذلك وجه المرأة [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][12][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] لكن للمرأة أن تسدل على وجهها شيئا بشرط أن تجافيه عن وجهها ولا يمسه لأنها إذا جافته عن وجهها صار كما لو جلست في قبة أو استترت بفسطاط [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][13][/FONT]).[/FONT]

[FONT=&quot]وقد يجاب عن هذا :[/FONT]
[FONT=&quot] إن غاية ما في الحديث هو نهي المرأة عن الانتقاب ، وهو لبس النقاب ، وقد نهى الرجال ايضا عن لبس القميص والخفين ، فيحرم عليها النقاب ومثله البرقع ، وهو الذي فُصِّل على قدر الوجه وخاصاً به ؛ وهذا هو الظاهر ، فكما ان النهي قد ورد للرجال عن لبس القميص مع جواز ستر الرجل لبدنه بغيره اتفاقا ، فكذلك المرأة المحرمة تستر وجهها بغر ما ذكر كالخمار والثوب [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][14][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ، اذا فالنهي وارد على اللباس المخصوص ، ولا يقاس عليه غيره .[/FONT]

[FONT=&quot]جاء في عون المعبود :[/FONT]
[FONT=&quot] "وَأَمَّا نَهْي الرسول صلى الله عليه وسلم الْمَرْأَة أَنْ تَنْتَقِب . وَأَنْ لا تَلْبَس الْقُفَّازَيْنِ ، فَهُوَ دَلِيل عَلَى أَنَّ وَجْه الْمَرْأَة كَبَدَنِ الرَّجُل ، لَا كَرَأْسِهِ ، فَيَحْرُم عَلَيْهَا فِيهِ مَا وُضِعَ وَفُصِّلَ عَلَى قَدْر الْوَجْه كَالنِّقَابِ وَالْبُرْقُع ، وَلَا يَحْرُم عَلَيْهَا سَتْره بِالْمِقْنَعَةِ وَالْجِلْبَاب وَنَحْوهمَا ، فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَّى بَيْن وَجْههَا وَيَدَيْهَا ، وَمَنَعَهَا مِنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَاب ، وَمَعْلُوم أَنَّهُ لَا يَحْرُم عَلَيْهَا سَتْر يَدَيْهَا ، وَأَنَّهُمَا كَبَدَنِ الْمُحْرِم يَحْرُم سَتْرهمَا بِالْمُفَصَّلِ عَلَى قَدْرهمَا وَهُمَا الْقُفَّازَانِ ، فَهَكَذَا الْوَجْه إِنَّمَا يَحْرُم سَتْره بِالنِّقَابِ وَنَحْوه ، وَلَيْسَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرْف وَاحِد فِي وُجُوب كَشْف الْمَرْأَة وَجْههَا عِنْد الْإِحْرَام ، إِلَّا النَّهْي عَنْ النِّقَاب ، وَهُوَ كَالنَّهْيِ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ فَنِسْبَة النِّقَاب إِلَى الْوَجْه كَنِسْبَةِ الْقُفَّازَيْنِ إِلَى الْيَد سَوَاء ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَسْمَاء أَنَّهَا كَانَتْ تُغَطِّي وَجْههَا وَهِيَ مُحْرِمَة وَاشْتِرَاط الْمُجَافَاة عَنْ الْوَجْه كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْره ضَعِيف لَا أَصْل لَهُ دَلِيلًا وَلَا مَذْهَبًا [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][15][/FONT])[/FONT]
[FONT=&quot]وقد قال الله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نهيتكم عن شيء فدعوه)، وقال تعالى: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) فصح أن ما لم يفصل لنا تحريمه فمباح، وما لم ينه عنه فحلال .[/FONT]

2. [FONT=&quot]عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : { كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا ، وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَاذَوْنَا ، سَدَلَتْ إحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا ، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ }[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][16][/FONT]) [/FONT]

[FONT=&quot]وجه الدلالة[/FONT]
[FONT=&quot] دل الحديث على انه ليس للمرأة أن تغطي وجهها إلا إذا احتاجت لذلك ، كـأن تستره عن الرجال ، ويكون ستره بان ترخي عليه غطاء من الأعلى وتجافيه عنه بحيث لا يمس وجهها ؛ ولأنها إذا جافته عن وجهها صار كما لو جلست في قبة أو استترت بفسطاط [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][17][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]وقد يجاب عن هذا[/FONT]
[FONT=&quot]ما يقال في الجواب عن الحديث السابق يقال عن هذا ، وكذلك فان ظاهر الحديث لا يدل على مجافاة ؛ لان الثوب المسدول لا يكاد يسلم من اصابة البشرة ، فلو كان التجافي شرط لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][18][/FONT])[/FONT]

3. [FONT=&quot]عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قال رسول صلى الله عليه وسلم: إِحْرَامُ الْمَرْأَةِ في وَجْهِهَا وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ في رَأْسِهِ. [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][19][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]وجه الدلالة[/FONT]
[FONT=&quot]دل الحديث على أن إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها ، وكما انه لا يجوز للرجل ان يغطي راسه بمخيط ولا غيره ، فكذلك وجه المرأة ، فالواجب عليها اذا ابعاد الغطاء ومجافاته عن وجهها[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][20][/FONT]) [/FONT]

[FONT=&quot]وقد يجاب عن هذا[/FONT]
[FONT=&quot]هذا الحديث لا أصل له ، ولم يروه أحد من أصحاب الكتب المعتمد عليها ، ولا يُعرف له إسناد ، ولا تقوم به حجة [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][21][/FONT])[/FONT]


[FONT=&quot]قال ابن حجر: [/FONT]
[FONT=&quot]"وفي إسناده أيوب بن محمد أبو الجمل وهو ضعيف ، وقال العقيلي لا يتابع على رفعه إنما يُروى موقوفا ، وقال الدارقطني في العلل الصواب وقفه ، وقال البيهقي قد رُوي من وجه مجهول والصحيح وقفه ، قال البيهقي : قد رُوي من وجه آخر مجهول ، والصحيح وقفه" [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][22][/FONT])[/FONT]

4. [FONT=&quot]عن محمد بن المنكدر قال: رأى ابن عمر امرأة قد سدلت ثوبها على وجهها وهى محرمة فقال لها: اكشفي وجهك فإنما حرمة المرأة في وجهها[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][23][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]وجه الدلالة [/FONT]
[FONT=&quot]دل هذا الأثر على أن المرأة تكشف وجهها ، لأنه يحتمل انه رآها سترته بما يلامس وجهها فنهاها .[/FONT]

[FONT=&quot]وقد يجاب عن هذا [/FONT]
[FONT=&quot]صح خلاف هذا عن غير ابن عمر رضي الله عنهما ، فقد صح أن أسماء بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنهما كانت تغطى وجهها وهى محرمة [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][24][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][1][FONT=&quot]) السرخسي، محمد بن احمد ، 1409هـ ، (د.ط) ، المبسوط ، دار المعرفة . ج4ص 128[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][2][FONT=&quot]) الصاوي ، احمد ، 1415هـ ، بلغة السالك لأقرب المسالك ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت . ج2 ص 48 [/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][3][FONT=&quot]) الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد ، 1414هـ ، الحاوي في فقه الشافعي (الحاوي الكبير) ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت . ج4 ص 211[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][4][FONT=&quot]) السدل : هو الإسبال والإرسال ،وسدل الثوب : وضعه على الرأس وإرساله من غير لبس معتاد وفسره في القاموس بالإرخاء . قلعة جي ، محمد رواس ، 1427هـ ، معجم لغة الفقهاء ، ط2، دار النفائس، ص 217[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][5][FONT=&quot])ابن قدامة ، المغني . ج3ص 155[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][6][FONT=&quot])ابن قدامة ، المغني . ج3ص 155[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][7][FONT=&quot]) السرخسي ، المبسوط . ج4 ص 128[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][8][FONT=&quot])الصاوي ، بلغة السالك . ج2 ص 48-49 [/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][9][FONT=&quot]) الماوردي ، الحاوي . ج4 ص 211[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][10][FONT=&quot])الماوردي ، الحاوي . ج4 ص 211[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][11][FONT=&quot]) البخاري، محمد بن إسماعيل ، 1414هـ ، صحيح البخاري ، دار ابن كثير . ج2 ص 653 . حديث رقم [/FONT]1567[FONT=&quot] باب ما لا يلبس المحرم من الثياب[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][12][FONT=&quot]) ابن تيمية ، شرح عمدة الفقه . ج3ص 270[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][13][FONT=&quot]) الكاساني ، علاء الدين (ت587هـ) ، 1406هـ ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، ط2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ج2ص186[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][14][FONT=&quot]) الصنعاني ، سبل السلام . ج2 ص 272[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][15][FONT=&quot]) أبادي ، عون المعبود . ج4 ص 221[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][16][FONT=&quot]) أبو داوود ، سنن أبي داوود ، حديث رقم 1835 ، باب في المحرمة تغطي وجهها . [/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][17][FONT=&quot])الكاساني ، بدائع الصنائع . ج2ص187[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][18][FONT=&quot])الشوكاني ، محمد بن علي ، 1415هـ ، نيل الأوطار ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت . ج5 ص 7 .[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][19][FONT=&quot])الدارقطني ، أبو الحسن علي بن عمر ( ت306 هـ ) ، 1966 ، سنن الدارقطني ، تحقيق : عبد الله هاشم يماني المدني ، ( د . ط ) ، دار المعرفة ، بيروت .حديث رقم 2794 ، كتاب الحج .[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][20][FONT=&quot]) ابن تيمية ، شرح عمدة الفقه . ج3 ص 270[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][21][FONT=&quot]) أبادي ، عون المعبود . ج4 ص 22[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][22][FONT=&quot]) ابن حجر ، احمد بن علي العسقلاني ، 1416هـ ، التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ، ط1 ، مؤسسة قرطبة ، ج2 ص 520[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][23][FONT=&quot])ابن حزم ، علي بن أحمد بن سعيد ( ت456هـ )، ( د . ت ) ، المحلى ، ( د . ط ) ، دار الفكر ، بيروت . المحلى ج5 ص 79[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][24][FONT=&quot])ابن حزم ، المحلى . ج5ص 80[/FONT]
 
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين


في هذا الجزء تكملة لمسألة حكم ملامسة الغطاء لوجه المحرمة بحج أو عمرة

-----------------------------------
ثانيا : الذين قالوا بجواز ملامسة الغطاء لوجه المحرمة وأدلتهم .
يرى الإمام احمد بن حنبل رحمه الله : أنه يباح للمرأة أن تغطي وجهها بغير النقاب والبرقع ولا شيء عليها حتى لو لمس وجهها([1]) وقد ذهب إلى هذا ابن حزم([2]) وابن قدامة([3]) وابن تيمية([4]) والشوكاني([5]) رحمهم الله .

جاء في المغني
" وذكر القاضي : أن الثوب يكون متجافيا عن وجهها بحيث لا يصيب البشرة ، فان أصابها ثم زال أو إزالته بسرعة فلا شيء عليها ، كما لو أطارت الريح الثوب عن عورة المصلي ثم عاد بسرعة لا تبطل صلاته ، وان لم ترفعه مع القدرة افتدت ؛ لأنها استدامت الستر
، ولم أر هذا الشرط عن أحمد ولا هو في الخبر ، مع أن الظاهر خلافه ، فإن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة ، فلو كان هذا شرطا لبُيِّن ، وإنما مُنِعت المرأة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يعد لستر الوجه ([6])

وجاء في المحلى:
" وما نهيت المرأة عن تغطية وجهها ، بل هو مباح لها في الإحرام ، وان نهيت عن النقاب فقط "([7])

وقال ابن تيمية:
"ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق ، وان كان يمسه ، فالصحيح انه يجوز أيضا ، ولا تُكلف المرأة أن تجافي سُتْرَتَهَا عن الوجه لا بعود ولا بيد ولا غير ذلك ، فان النبي صلى الله عليه وسلم سَوَّى بين وجهها ويديها ، وكلاهما كبدن الرجل لا كراسه([8])"

واستدلوا بما يأتي :
1. استدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق : " ...ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين([9]) ، وبحديث عائشة رضي الله عنها قالت : كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا ، وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَاذَوْنَا ، سَدَلَتْ إحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا ، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ .
وجه الدلالة
ظاهر الحديث الأول يدل على نهي المرأة عن لبس النقاب وحسب ، وأما الحديث الثاني ففيه فعل عائشة رضي الله عنها فقد كانت تسدل على وجهها الغطاء ولم تذكر شرط مجافاة الساتر .

قال الشوكاني :
" وليس فيه ما يدل على أن الكشف لوجوههن كان لأجل الإحرام ، بل كن يكشفن وجوههن عند عدم وجود من يجب سترها منه ويسترنها عند وجود من يجب سترها منه وهكذا ما رواه الحاكم وصححه من حديث أسماء بنحوه فإن معناه معنى ما ذكرناه ، فليس في المنع من تغطية وجه المرأة ما يتمسك به والأصل الجواز حتى يرد الدليل الدال على المنع ([10])

قال ابن تيمية رحمه الله :
" والذي يدل عليه كلام أحمد وقدماء أصحابه جواز الإسبال سواء وقع البشرة أو لم يقع لأن أحمد قال تسدل الثوب ... لأن عائشة ذكرت أنهن كن يدلين جلابيبهن على وجوههن من رؤوسهن ولم تذكر مجافاتها فالأصل عدمه لا سيما وهو لم يذكر مع أن الحاجة والظاهر أنه لم يفعل لأن الجلباب متى أرسل مس ببشرة الوجه ولأن في مجافاته مشقة شديدة والحاجة إلى ستر الوجه عامة وكل ما احتيج إليه لحاجة عامة أبيح مطلقا كلبس السراويل والخف"([11])

وفيه أيضا:
" ولأن وجه المرأة كبدن الرجل وكيد المرأة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين . ولم ينهها عن تخمير الوجه مطلقا ، فمن ادعى تحريم تخميره مطلقا فعليه الدليل ، بل تخصيص النهي بالنقاب وقرانه بالقفاز دليل على أنه إنما نهاها عما صنع لستر الوجه كالقفاز المصنوع لستر اليد والقميص المصنوع لستر البدن ، فعلى هذا يجوز أن تخمره بالثوب من أسفل ومن فوق ما لم يكن مصنوعا على وجه يثبت على الوجه ، وأن تخمره بالملحفة وقت النوم ، ورأس الرجل بخلاف هذا كله ([12])


ثالثا: الترجيح

قبل الترجيح أسأل الله تعالى أن يغفر لي الزلل ، وان يظهر لي الحق الذي يرضاه ، فانه ولي ذلك والقادر عليه .

وأما عن الترجيح ، فبعد إعادة النظر في الأدلة التي استدل بها الطرفان ، والتي عمدتها حديثان: الأول حديث ابن عمر رض الله عنهما ، فقد تبين لي أن غاية ما فيه هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى المرأة عن لبس النقاب فقط ، وأما الحديث الثاني ، وهو حديث عائشة رضي الله عنها ، فغاية ما فيه هو فعل عائشة رضي الله عنها فقد كانت تسدل على وجهها الغطاء إذا مر بها الرجال ، ولم تذكر شرط مجافاة الساتر ، ولم يدل الحديث بمنطوقه ولا بمفهومه على اشتراط مجافاة الساتر عن الوجه ، بل دل الحديثان بمفهومهما على إباحة ما سوى النقاب والقفازين من غير شرط وقيد ، ولو كان هذا واجبا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ([13]) وأيضا لم يبين ذلك الرسول صلى الله عليه في وقت الحاجة([14]) عندما كان محرما برفقة النساء ورآهن يغطين وجوههن فلم ينهاهن ولم يأمرهن بمجافاة الساتر عن وجوههن ، فدل على عدم اشتراطه.
وكذلك فان مما لا شك فيه ، أن اللباس نعمة منّ الله تعالى بها على الناس ، وهو من الزينة التي أخرجها الله لعباده وأباحها لهم ، ولقد أنكر الله تعالى على من حرمها بغير دليل أو بينة ، فمرجع الحل والحرام هو النص ، وعلى هذا قال الله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين ءامنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون [سورة الأعراف:32]. وكذلك قوله تعالىهو الذي خلق لكم ما في الأرض [سورة البقرة:29]. ولا شك أن اللباس مما خلق الله لنا في هذه الأرض وأباحه ، ولا شك أيضا ، أن هذا العموم قيدته الشريعة المحكمة بما يتناسب مع حدود التكليف التي أمر الله تعالى بها ، فقد فصَّل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يباح ويحرم من اللباس ، ولقد امتلأت بطون الكتب والمؤلفات بذلك ، ومما هو فيها : أمر المرأة بستر وجهها وعدم إبدائه إلا لمن أذن لهم الشرع برؤيته ؛ حماية للمرأة وصيانة لها ، فأصبح عندنا وجوب غطاء وجه المرأة عقيدة محكمة وحكم لا ينتسخ ، غير مؤقت بوقت أو مرتبط بمكان ، فحيثما حل غير المحارم وجب الغطاء لا فرق في هذا بين المُحرِمَةِ وغيرها ، وكيف يأمرها الشرع بما يشق عليها ! ولا شك أن في اشتراط مجافاة الساتر عن وجهها غاية المشقة وتحقق الحرج ، مع العلم أن هذا لم يذكره الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل يُرَدُّ على من قال بوجوب المجافاة بنفس حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق ، فقال رسول الله عليه وسلم " إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين " ، فقد فصّل الرسول صلى الله عليه وسلم القول للرجل، ولم يبين من شأن المرأة إلا أنها لا تلبس النقاب والقفازين، أي ذلك اللباس المعهود المخصص للوجه والكفين ، أما تغطيته فنرجع فيه إلى الأصل وهو وجوب الستر ، تماماً كحال الرجال ، فكما أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الرجال عن لبس اللباس المعهود ، فقد أمره بستر بدنه ولكن بلباس خاص وهو الإحرام .
وعلى هذا فالذي يتبين رجحانه أنه للمرأة أن تغطي وجهها بغير النقاب والبرقع بما شاءت من اللباس ولا فدية عليها إن لامس هذا الساتر وجهها ، والله اعلم .


وبهذا أفتي

---------------------------------------------------------------------------------------
([1])قال احمد رحمه الله : لها أن تسدل على وجهها من فوق ، وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل . انتهى . قال ابن قدامه معلقا على ذلك : كأنه يقول إن النقاب من أسفل على وجهها . انتهى . انظر : ابن قدامة ، المغني . ج3ص 155

([2]) ابن حزم ، المحلى ، ج5ص 80

([3])ابن قدامة ، المغني ، ج3ص 155

([4]) ابن تيمية ، مجموع الفتاوى . ج 26 ص 113

([5]) الشوكاني ، نيل الاوطار . ج5 ص 7

([6]) ابن قدامة ، المغني ، ج3ص 155

([7]) ابن حزم ، المحلى ، ج5 ص 80

([8])ابن تيمية ، مجموع الفتاوى . ج 26 ص 113

([9]) سبق تخريجه .

([10])الشوكاني، محمد بن علي ،1405هـ ، السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار ، تحقيق: محمود إبراهيم زايد ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت . ج2 ص 180

([11]) ابن تيمية ، شرح عمدة الفقه . ج3 ص 270

([12]) ابن تيمية ، شرح عمدة الفقه . ج3 ص 270

([13])الآمدي ، علي بن محمد أبو الحسن ( ت 631هـ ) ، 1404هـ ، الإحكام في أصول الأحكام ، تحقيق : سيد الجميلي ، ط1 ، دار الكتاب العربي ، بيروت. ج1 ص 189

([14])اتفق جميع الفقهاء على عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة سوى القائلين بجواز التكليف بما لا يطاق ، وأما تأخيره عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة، ففيه مذاهب: فذهب الشافعية وجماعة من أصحاب أبي حنيفة إلى جوازه، وذهب بعض الشافعية ، كأبي إسحاق المروزي وأبي بكر الصيرفي، وبعض أصحاب أبي حنيفة والظاهرية، إلى امتناعه ، وذهب الكرخي وجماعة من الفقهاء إلى جواز تأخير بيان المجمل دون غيره، وذهب بعضهم إلى جواز تأخير بيان الأمر دون الخبر ، وذهب الجبائي وابنه والقاضي عبد الجبار إلى جواز تأخير بيان النسخ دون غيره وذهب أبو الحسين البصري إلى جواز تأخير بيان ما ليس له ظاهر كالمجمل، وأما ماله ظاهر وقد استعمل في غير ظاهره، كالعام والمطلق والمنسوخ ونحوه، فقال يجوز تأخير بيانه التفصيلي، ولا يجوز تأخير بيانه الإجمالي، وهو أن يقول وقت الخطاب: هذا العموم مخصوص، وهذا المطلق مقيد وهذا الحكم سينسخ .الآمدي ، المرجع نفسه .



-----------------------------------------------------------------------------------

وأما حكم غطاء كفي المحرمة فسيأتي بيانه لاحقاً ان شاء الله
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله واصحابة اجمعين

ايها المكرم
النقاب ومثله البرقع ، يعتبر من محظورات الاحرام ، وعليه فلا يجوز للمراة لبسه بحضرة النساء او الرجال على السواء ، هذا من الامور المتفق عليها بين الفقهاء ولم يخالف فيها احد ، ولا زال البحث في بدايات الطريق ، أسال الله التوفيق والسداد .

أيها المكرم , بل الخلاف محفوظ عن بعض السلف , منهم عائشة وأسماء والنخعي والحسن وعطاء وهو قول ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني والشيخ محمد ابن عثيمين , وفي الرابط أدناه مدارسة قديمة قبل ثلاث سنوات دارت مع الشيخين أبي حازم الكاتب وباجنيد , وكاتب هذه السطور ..
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=119234
 
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

أيها المكرم , بل الخلاف محفوظ عن بعض السلف , منهم عائشة وأسماء والنخعي والحسن وعطاء وهو قول ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني والشيخ محمد ابن عثيمين , وفي الرابط أدناه مدارسة قديمة قبل ثلاث سنوات دارت مع الشيخين أبي حازم الكاتب وباجنيد , وكاتب هذه السطور ..
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=119234

بوركت يمينك ايها الغالي ، وجزاك الله خيرا ، هكذا العلم رحم بين اهله ، واني عندما قلت ما قلت كان بحثي في بدايات الطريق ، وكنت قد اطلعت على آراء المذاهب الاربعة فقط ،ولم اجد عندهم ما يشير الى جواز النقاب ‘ ولكن لعلي قد نسيت تقييد ذلك بالفقهاء الاربعة ، وعموما فنتيجة البحث واحدة ، جواز السدل من غير شرط المجافاة .
 
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

أيها المكرم , بل الخلاف محفوظ عن بعض السلف , منهم عائشة وأسماء والنخعي والحسن وعطاء وهو قول ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني والشيخ محمد ابن عثيمين , وفي الرابط أدناه مدارسة قديمة قبل ثلاث سنوات دارت مع الشيخين أبي حازم الكاتب وباجنيد , وكاتب هذه السطور ..
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=119234

وددت لو قام احد الاخوة ماجورا ان شاء الله بتخريج الاقوال التي احلتني عليها ، وبين ما ذكرته انا هنا ، فكلام الائمة يوحي بانه لا خلاف في المسالة في عدم جواز النقاب والبرقع ..

قال ابن قدامة رحمه الله : إن المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في إحرامها ، كما يحرم على الرجل تغطية رأسه ، لا نعلم خلافا إلا ما روي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة ، ويحتمل أنها كانت تغطيه بالسدل عند الحاجة فلا يكون اختلافا . انتهى . المغني ؛ وقال ابن المنذر : وكراهية البرقع ثابتة عن سعد وابن عمر وابن عباس وعائشة ولا نعلم أحدا خالف فيه . انتهى . انظر : ابن قدامة ، المغني . ج3 ص 155 ؛ ابن تيمية، احمد بن عبد الحليم ، 1413هـ، شرح عمدة الفقه، ط1 ، تحقيق:سعود بن صالح العطيشان، مكتبة العبيكان ،الرياض . ج 3 ص268


جزاكم الله خيرا
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

الشيخ فهد حفظه الله
اعترضتَ -جزاك الله خيراً- على نقل الإجماع في التغطية بالنقاب والبرقع
وذكرتَ أن الخلاف محفوظ، وعددتَ فيمن عددتَ: ابن حزم وابن تيمية!
فهل أباح ابن حزم أو ابن تيمية أن تنتقب المحرِمة أو تلبس البرقع؟!!

أظن الأوراق اختلطت.. فمرادك في المناقشة -وفقك الله- أن لا إجماع في تغطية المحرِمة وجهها بما سوى النقاب والبرقع.

فابن حزم يحرّم اللثام أيضاً على المحرمة لأنه نقاب.. قال في "المحلى": ( وأما اللثام فإنه نقاب بلا شك فلا يحل لها ).
وقال ابن تيمية في "شرح العمدة": ( الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ إِحْرَامَهَا فِي وَجْهِهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ النِّقَابَ وَالْبُرْقُعَ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ ).
 
التعديل الأخير:
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

الشيخ باجنيد وفقه الله
لو تتبعت مشاركتي لعرفت أن اعتراضي انما هو على من ينقل الاجماع على وجوب كشف المرأة وجهها اذا كانت بحضرة النساء .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

جزاك الله خيراً، وبارك فيك
الذي جعلني أناقش في ذلك أن الاقتباس الذي نقلتم من كلام الكاتب إنما كان في النقطة الأولى..
ثم سألتموه عن الثاني
فأجابكم فيما يخص الأول
فاكتفيتم بإجابته عن الأول ودعواه الإجماع فيه، وقلتم: إن الإجماع محفوظ


أعلم أنك تعني الثاني، ولكنَّ تعليقك بعد إجابته عن الأول يُفهِم أنه محل النزاع، والله يرعاكم
 
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

جزاك الله خيراً، وبارك فيك
الذي جعلني أناقش في ذلك أن الاقتباس الذي نقلتم من كلام الكاتب إنما كان في النقطة الأولى..
ثم سألتموه عن الثاني
فأجابكم فيما يخص الأول
فاكتفيتم بإجابته عن الأول ودعواه الإجماع فيه، وقلتم: إن الإجماع محفوظ


أعلم أنك تعني الثاني، ولكنَّ تعليقك بعد إجابته عن الأول يُفهِم أنه محل النزاع، والله يرعاكم

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

رعاك الله يا ابا بكر على هذه الاحجية إن جاز التعبير..

فلقد تاملتها وكاد ان يصيبني الدوار وانا أحلل هذه الرموز التي كتبتها ، ولا ادري ما هو حال من يمر عليها ... هل يصاب بالدوار مثلي ؟
فهذا اشبه ما يكون بالمتون ، فلعل الله أن يمن على الاخوة بمن يفك مغاليقه لهم
 
إنضم
13 أغسطس 2009
المشاركات
56
التخصص
الفقه وأصوله / الصيرفة الإسلامية/الأوراق المالية ( الصكوك) فقها وقانونا
المدينة
الطفيلة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: غطاء وجه المحرمة وكفيها ، دراسة فقهية مقارنة

[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم[/FONT]​
[FONT=&quot]هذا هو الجزء الثاني من البحث الذي تعهدت بإكماله ، وفي هذا المطلب تحدثت عن لبس القفازين للمرأة المحرمة بحج أو عمرة ، وقد تبين لي عدم جواز لبس القفازين للمرأة ، وجواز تغطية كفيها بما شاءت من غير القفازين ، والله الموفق .[/FONT]
[FONT=&quot]---------------------------------------------------[/FONT]

[FONT=&quot]المطلب الثاني[/FONT]​
[FONT=&quot]لبس القفاز للمرأة المحرمة[/FONT]​
[FONT=&quot]أولا : القائلون بإباحة لبس القفازين للمرأة المحرمة وأدلتهم.[/FONT]
[FONT=&quot]ذهب الحفية[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][1][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] والشافعية في احد القولين وهو الظاهر[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][2][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] إلى إباحة لبس القفازين للمرأة المحرمة ، وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يُلبس بناته القفازين وهن محرمات[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][3][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] ، ورخّص فيه علي وعائشة وعطاء ، وهو مروي عن الثوري ومكحول وحماد والحسن رضي الله عنهم [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][4][/FONT])[/FONT]
[FONT=&quot]وجاء في المبسوط : [/FONT]
[FONT=&quot]" ولا باس لها أن تلبس القفازين"[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][5][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT]

[FONT=&quot]وجاء في الحاوي:[/FONT]
[FONT=&quot] "لبس القفازين في كفيها فيه قولان منصوصان : أحدهما قاله في هذا الموضع ، فلها لبسهما ولا فدية عليها[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][6][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]واستدلوا بما يأتي : [/FONT]
1. [FONT=&quot]َمَا رُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُلْبِسُ بَنَاتِهِ وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ الْقُفَّازَيْنِ[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][7][/FONT])[/FONT]
[FONT=&quot]وقد يجاب عن هذا :[/FONT]
[FONT=&quot]لعل ذلك كان بسبب المرض فيكون قد أخذ بالرخصة ، أو لعله لم يصل إليه النهي ، أو لعل المقصود أنه كان يغطي أيدي بناته بغير القفازين وحُمِل هذا على أنه قفاز ، وكذلك فقد ثبت عن غيره من الصحابة من يقول بتحريم القفازين للمحرمة .وكما هو مقرر في الأصول : إن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال .[/FONT]

2. [FONT=&quot]ولأن لبس القفازين ليس إلا تغطية يديها بالمخيط وإنها غير ممنوعة عن ذلك ، فان لها أن تغطيهما بقميصها وإن كان مخيطا فكذا بمخيط آخر بخلاف وجهها[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][8][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT]

[FONT=&quot]وقد يجاب عن هذا :[/FONT]
[FONT=&quot]لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى المرأة عن المحرمة عن لبس القفازين ، فلا وجه لهذا القول .[/FONT]

3. [FONT=&quot]قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ " قال الكاساني : نهي ندب حملناه عليه جمعا بين الدلائل بقدر الإمكان [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][9][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT]

[FONT=&quot]وقد يجاب عن هذا :[/FONT]
[FONT=&quot]بأنه لا حاجة لهذا الحمل ، لأنه إنما يصار إليه عند تعارض النصوص ، ولم يرد في المسالة نص يبيح للمرأة لبس القفازين وهي محرمة ، فيبقى الأمر على التحريم .[/FONT]

1. [FONT=&quot]عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قال رسول صلى الله عليه وسلم: إِحْرَامُ الْمَرْأَةِ في وَجْهِهَا وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ في رَأْسِهِ. [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][10][/FONT])[/FONT]
[FONT=&quot]وجه الدلالة:[/FONT]
[FONT=&quot]دل هذا الحديث على وجوب كشف وجه المرأة المحرمة ؛ لأن إحرامها في وجهها ، وأما كفيها فهما كباقي جسدها ؛ لذا هما من الجزء الواجب ستره حتى بالمحيط والمفصل .[/FONT]
[FONT=&quot]وقد يجاب عن هذا :[/FONT]
[FONT=&quot]هذا الحديث لا أصل له ولم يروه أصحاب الكتب المعتمد عليها ولا يُعرف له إسناد ، ولا تقوم به حجة [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][11][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]ثانيا : القائلون بتحريم لبس القفازين للمرأة المحرمة وأدلتهم [/FONT]
[FONT=&quot]ذهب المالكية[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][12][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] والشافعي في احد القولين وهو الظاهر[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][13][/FONT]) [/FONT][FONT=&quot]والحنابلة[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][14][/FONT])[/FONT][FONT=&quot] إلى تحريم لبس المرأة للقفازين ، والى هذا ذهب ابن تيمية وهو مروي عن ابن عمر عطاء وطاووس ومجاهد وإبراهيم النخعي وإسحاق ابن راهوية رضي الله عنهم[/FONT][FONT=&quot] ([FONT=&quot][15][/FONT])[/FONT]
[FONT=&quot]جاء في المغني :[/FONT]
[FONT=&quot] "ولا تلبس القفازين"[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][16][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]وجاء في بلغة السالك [/FONT]
[FONT=&quot]"يحرم على الأنثى بالإحرام لبس محيط بكف لا بدن ورجل كقفاز وكيس تدخله في كفها [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][17][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]الأدلة [/FONT]
1. [FONT=&quot]حديث ابن عمر السابق وفيه : " ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين} [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][18][/FONT])[/FONT]
[FONT=&quot]وجه الدلالة:[/FONT]
[FONT=&quot]الحديث واضح الدلالة على نهي المرأة عن لبس القفازين ، فدل على تحريمه .[/FONT]

2. [FONT=&quot]عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب، معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا أو خفا [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][19][/FONT]) [/FONT]
[FONT=&quot]وجه الدلالة :[/FONT]
[FONT=&quot]هذا الحديث فيه نهي وإباحة ، فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة عن لبس القفازين والنقاب ، وأباح لها أن تلبس ما شاءت من اللباس باستثناء ما ذُكر ، فيجب حمله على ظاهره ، فلها أن تغطي يديها بغير القفازين ، كأن تدخلهما في كمها أو نحو ذلك ، لتقييد النهي في القفازين .[/FONT]


[FONT=&quot]ثالثا : الترجيح[/FONT]
[FONT=&quot]نظرا لعدم سلامة أدلة من يرى إباحة القفازين للمرأة المحرمة من المقال، ولقوة أدلة أصحاب القول الثاني وخلوها عن المقال ، فانه يبدو لي أن القول الثاني هو الراجح ، وهو تحريم لبس القفازين للمرأة المحرمة ، ولكن مما ينبغي الانتباه إليه أن القول بتحريم لبس القفازين للمراة لا يعني أنها تترك كفيها بلا غطاء ،بل يباح للمرأة أن تغطيهما بغير القفازين ، فلها أن تدخل كفيها في كم الجلباب أو تغطيهما بقطعة قماش كأن تلفها عليهما طالما أنها لا تسمى قفازا ، وقد جاء ذلك في كتب السلف رضي الله عنهم ومن ذلك:[/FONT]

[FONT=&quot]قال ا بن حجر الهيتمي:[/FONT]
[FONT=&quot]ولها لف خرقة إلخ .. أي ستر يدها بغير القفاز كَكُمٍ وخرقة لفتها عليها بشدٍّ أو غيره [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][20][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]وقال ابن تيمية:[/FONT]
[FONT=&quot]" للمرأة أن تلبس ما تدعوا إليه الحاجة لأنها عورة ولا حاجة بها إلى أن تستر يدها بذلك لأن سترها يحصل بالكم وبإدخالها في العب ونحو ذلك فلا حاجة إلى صنع القفاز ونحوه[/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][21][/FONT])[/FONT]

[FONT=&quot]وقال : أن اليدين لا يجب كشفهما ولا يحرم تعمد تخميرهما بما لم يصنع على قدرهما بالإجماع [/FONT][FONT=&quot]([FONT=&quot][22][/FONT])[/FONT]



[FONT=&quot]والله الموفق[/FONT]​
-----------------------------------------------------------------------------------------------
[FONT=&quot]([/FONT][1][FONT=&quot]) الكاساني ، بدائع الصنائع . ج2ص187[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][2][FONT=&quot])الهيتمي ، عمر بن علي ( ت807 هـ )، (د.ت) ، تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج، (د.ط) ، دار إحياء التراث العربي[/FONT]
[FONT=&quot]ج4 ص 166[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][3][FONT=&quot]) ابن عبد البر ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار . ج4 ص216[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][4][FONT=&quot]) ابن قدامة ، المغني ، ج3ص 157 ؛ ابن حزم ، المحلى ، ج5 ص 81[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][5][FONT=&quot])السرخسي ، المبسوط . ج4 ص129[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][6][FONT=&quot])الماوردي ، الحاوي . ج 4 ص 211[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][7][FONT=&quot])ابن عبد البر ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار . ج4 ص216[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][8][FONT=&quot])الكاساني ، بدائع الصنائع . ج2ص187[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][9][FONT=&quot])الكاسانس ، المرجع نفسه . ج2ص187[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][10][FONT=&quot]) الدارقطني ، سنن الدارقطني ج2 ص 294 ، كتاب الحج .[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][11][FONT=&quot]) أبادي ، عون المعبود . ج4 ص 22[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][12][FONT=&quot]) ابن رشد، محمد بن احمد ، 1420هـ ، بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، (د.ط ) ، دار ابن حزم .ص 273 ؛ الصاوي ، بلغة السالك . ج2 ص 48[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][13][FONT=&quot]) الهيتمي ، تحفة المحتاج في شرح المنهاج . ج4 ص 166[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][14][FONT=&quot])ابن قدامة ، المغني . ج3ص 157[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][15][FONT=&quot])ابن تيمية ، مجموع الفتاوى . ج 26 ص 114[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][16][FONT=&quot]) ابن قدامة، المغني . ج3ص 157[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][17][FONT=&quot])الصاوي ، بلغة السالك . ج2 ص 48[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][18][FONT=&quot]) سبق تخريجه . [/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][19][FONT=&quot])أبو داود ، سليمان بن الأشعث السجستاني ( ت275هـ ) ، ( د . ت ) ، سنن أبي داود ، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد ، ( د . ط ) ، ( د . ن ) . سنن أبي داوود ، رقم 1827 ، باب ما يلبس المحرم ، قال الألباني رحمه الله :حديث حسن صحيح [/FONT]


[FONT=&quot]([/FONT][20][FONT=&quot]) الهيتمي ، تحفة المنهاج في شرح المنهاج . ج 4 ص 166[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][21][FONT=&quot]) ابن تيمية ، شرح العمدة . ج3ص 271[/FONT]

[FONT=&quot]([/FONT][22][FONT=&quot]) ابن تيمية ، شرح العمدة . ج3ص 271[/FONT]
 
أعلى