بومدين مختار ديداني
:: متابع ::
- إنضم
- 6 يناير 2011
- المشاركات
- 45
- التخصص
- فقه و أصوله
- المدينة
- سعيدة
- المذهب الفقهي
- مالكي
مشروعية الإفتاء الجماعي
دل على مشروعيته الكتاب و السنة و عمل الصحابة و التابعين y
أولا: الكتاب: دلت الآيات الداعية إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
على العمل الجماعي لأن الله عز و جل خاطب المسلمين باسم الجماعة، فهذه
الآيات تعبر عن وحدة الأمة، و أن ذلك يستدعي الاجتماع لحل قضاياها
كقوله تعالى: ﴿ و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و
ينهون عن المنكر ﴾([1]) و كقوله تعالى: ﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس
تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ﴾([2]).
كما يدل على الإفتاء الجماعي أمر الحق - سبحانه و تعالى – الأمة
بالشورى في قوله تعالى: ﴿ و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و
أمرهم شورى بينهم ﴾([3]) كما أمر نبيه r أن يتخذ الشورى منهج حياة
فقال: ﴿ فاعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر ﴾([4]).
و الشورى كما تكون في الأمور الدنيوية فأحرى أن تكون في الأمور
الدينية و خاصة في أمر يهم المسلمين.
ثانيا: من السنة
1 ـ ما جاء عن علي t " قلت: يا رسول الله، الأمر ينزل بنا لم ينزل
فيه القرآن، و لم تمض فيه منك سنة، قال r: (( اجمعوا له العالمين - أو
قال: العابدين من المؤمنين - فاجعلوه شورى بينكم، و لا تقضوا فيه برأي
واحد ))([5]).
2 ـ عن أبي هريرة t قال: (( ما رأيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه من
رسول الله r ))([6]).
و لم تكن مشاورة النبي r في أمر التشريع، و لكن كما قال الحسن
البصري: " إن كان النبي r لغنيا عن المشاورة و لكنه أراد أن يستن بذلك
الحكام بعده "([7]).
ثالثا: عمل الصحابة
لقد طبق الصحابة y مبدأ النظر الجماعي للوقائع النازلة أو المستجدة، فمن
أمثلة ذلك:
1 ـ ما رواه ميمون بن مهران – رحمه الله – أنه قال: (( كان أبو بكر
t إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم
قضى به، و إن لم يكن في الكتاب و علم من رسول الله r في ذلك سنة
قضى بها، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين و قال: أتاني كذا و كذا، فهل
علمتم أن رسول الله r قضى في ذلك بقضاء ؟ فربما اجتمع عليه النفر
كلهم يذكر فيه عن رسول الله r قضاء، فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن
رسول الله r جمع رؤوس الناس و خيارهم فاستشارهم، فإذا أجمع رأيهم
على شيء قضى به.
و كان عمر t يفعل ذلك، فإن وجد أبا بكر قضى فيه بقضاء قضى به، و
إلا دعا رؤوس الناس، فإذا اجتمعوا على أمر قضى به ))([8]).
و في ذلك يقول الإمام القرطبي – رحمه الله -: " و عمر بن الخطاب قد
جعل الخلافة و هي أعظم النوازل شورى. قال البخاري: و كانت الأئمة بعد
النبي r يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها
"([9]).
2 ـ كان عمر بن الخطاب t مع علمه و فقهه يستشير الصحابة y،
فكان إذا رفعت إليه قضية قال: (( ادعوا لي عليا و ادعوا لي زيدا، و كان
يستشيرهم ثم يفصل بما اتفقوا عليه ))([10]).
3 ـ عن المسيب بن رافع – رحمه الله – قال: (( كانوا إذا نزلت بهم
قضية ليس فيها من رسول الله r أمر اجتمعوا لها و أجمعوا، فالحق فيما رأوا ))([11]).
رابعا: عمل التابعين
و على هذا النهج من المشاورة و الإفتاء الجماعي سار التابعون أيضا فقد
روي عن عمر بن عبد العزيز t أنه لما ولي المدينة، جمع عشرة من
فقهائها، و هم سادة الفقهاء في ذلك الزمان، و قال لهم: (( إني دعوتكم لأمر
تؤجرون عليه ونكون فيه أعوانا على الحق، ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم
أو برأي من حضر منكم ))([12]).
[1] ـ سورة آل عمران، الآية: 104
[2] ـ سورة آل عمران، الآية: 110
[3] ـ سورة الشورى، الآية: 38
[4] ـ سورة آل عمران، الآية: 159
[5] ـ الهيثمي، مجمع الزوائد: 1/178-180، و قال: " رواه الطبراني في الكبير، و فيه عبد الله بن كيسان، قال البخاري: منكر الحديث "
[6] ـ البيهقي، السنن الكبرى: كتاب النكاح، جماع أبواب ما خص به رسول الله r - باب ما أمره الله تعالى به من المشورة فقال و شاورهم في الأمر – رقم 13082 : 7/45
[7] ـ البيهقي، السنن الكبرى: كتاب النكاح – باب ما أمره الله تعالى به من المشاورة – رقم 13083 : 7/46
[8] ـ سنن الدارمي: المقدمة – باب الفتيا و ما فيه من الشدة – رقم 161 : 1/69 ؛ البيهقي، السنن الكبرى: كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي – رقم 20128 : 10/114
[9] ـ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: 4/162
[11] ـ سنن الدارمي: المقدمة – باب التورع عن الجواب فيما ليس فيه كتاب و لا سنة – رقم 115 1/61
[12] ـ الذهبي، سير أعلام النبلاء: 5/118
دل على مشروعيته الكتاب و السنة و عمل الصحابة و التابعين y
أولا: الكتاب: دلت الآيات الداعية إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
على العمل الجماعي لأن الله عز و جل خاطب المسلمين باسم الجماعة، فهذه
الآيات تعبر عن وحدة الأمة، و أن ذلك يستدعي الاجتماع لحل قضاياها
كقوله تعالى: ﴿ و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و
ينهون عن المنكر ﴾([1]) و كقوله تعالى: ﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس
تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ﴾([2]).
كما يدل على الإفتاء الجماعي أمر الحق - سبحانه و تعالى – الأمة
بالشورى في قوله تعالى: ﴿ و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و
أمرهم شورى بينهم ﴾([3]) كما أمر نبيه r أن يتخذ الشورى منهج حياة
فقال: ﴿ فاعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر ﴾([4]).
و الشورى كما تكون في الأمور الدنيوية فأحرى أن تكون في الأمور
الدينية و خاصة في أمر يهم المسلمين.
ثانيا: من السنة
1 ـ ما جاء عن علي t " قلت: يا رسول الله، الأمر ينزل بنا لم ينزل
فيه القرآن، و لم تمض فيه منك سنة، قال r: (( اجمعوا له العالمين - أو
قال: العابدين من المؤمنين - فاجعلوه شورى بينكم، و لا تقضوا فيه برأي
واحد ))([5]).
2 ـ عن أبي هريرة t قال: (( ما رأيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه من
رسول الله r ))([6]).
و لم تكن مشاورة النبي r في أمر التشريع، و لكن كما قال الحسن
البصري: " إن كان النبي r لغنيا عن المشاورة و لكنه أراد أن يستن بذلك
الحكام بعده "([7]).
ثالثا: عمل الصحابة
لقد طبق الصحابة y مبدأ النظر الجماعي للوقائع النازلة أو المستجدة، فمن
أمثلة ذلك:
1 ـ ما رواه ميمون بن مهران – رحمه الله – أنه قال: (( كان أبو بكر
t إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم
قضى به، و إن لم يكن في الكتاب و علم من رسول الله r في ذلك سنة
قضى بها، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين و قال: أتاني كذا و كذا، فهل
علمتم أن رسول الله r قضى في ذلك بقضاء ؟ فربما اجتمع عليه النفر
كلهم يذكر فيه عن رسول الله r قضاء، فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن
رسول الله r جمع رؤوس الناس و خيارهم فاستشارهم، فإذا أجمع رأيهم
على شيء قضى به.
و كان عمر t يفعل ذلك، فإن وجد أبا بكر قضى فيه بقضاء قضى به، و
إلا دعا رؤوس الناس، فإذا اجتمعوا على أمر قضى به ))([8]).
و في ذلك يقول الإمام القرطبي – رحمه الله -: " و عمر بن الخطاب قد
جعل الخلافة و هي أعظم النوازل شورى. قال البخاري: و كانت الأئمة بعد
النبي r يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها
"([9]).
2 ـ كان عمر بن الخطاب t مع علمه و فقهه يستشير الصحابة y،
فكان إذا رفعت إليه قضية قال: (( ادعوا لي عليا و ادعوا لي زيدا، و كان
يستشيرهم ثم يفصل بما اتفقوا عليه ))([10]).
3 ـ عن المسيب بن رافع – رحمه الله – قال: (( كانوا إذا نزلت بهم
قضية ليس فيها من رسول الله r أمر اجتمعوا لها و أجمعوا، فالحق فيما رأوا ))([11]).
رابعا: عمل التابعين
و على هذا النهج من المشاورة و الإفتاء الجماعي سار التابعون أيضا فقد
روي عن عمر بن عبد العزيز t أنه لما ولي المدينة، جمع عشرة من
فقهائها، و هم سادة الفقهاء في ذلك الزمان، و قال لهم: (( إني دعوتكم لأمر
تؤجرون عليه ونكون فيه أعوانا على الحق، ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم
أو برأي من حضر منكم ))([12]).
[1] ـ سورة آل عمران، الآية: 104
[2] ـ سورة آل عمران، الآية: 110
[3] ـ سورة الشورى، الآية: 38
[4] ـ سورة آل عمران، الآية: 159
[5] ـ الهيثمي، مجمع الزوائد: 1/178-180، و قال: " رواه الطبراني في الكبير، و فيه عبد الله بن كيسان، قال البخاري: منكر الحديث "
[6] ـ البيهقي، السنن الكبرى: كتاب النكاح، جماع أبواب ما خص به رسول الله r - باب ما أمره الله تعالى به من المشورة فقال و شاورهم في الأمر – رقم 13082 : 7/45
[7] ـ البيهقي، السنن الكبرى: كتاب النكاح – باب ما أمره الله تعالى به من المشاورة – رقم 13083 : 7/46
[8] ـ سنن الدارمي: المقدمة – باب الفتيا و ما فيه من الشدة – رقم 161 : 1/69 ؛ البيهقي، السنن الكبرى: كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي – رقم 20128 : 10/114
[9] ـ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: 4/162
[10] ـ ابن القيم، إعلام الموقعين: 1/54
[11] ـ سنن الدارمي: المقدمة – باب التورع عن الجواب فيما ليس فيه كتاب و لا سنة – رقم 115 1/61
[12] ـ الذهبي، سير أعلام النبلاء: 5/118