العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مشروعية الإفتاء الجماعي

إنضم
6 يناير 2011
المشاركات
45
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
مشروعية الإفتاء الجماعي

دل على مشروعيته الكتاب و السنة و عمل الصحابة و التابعين y
أولا: الكتاب: دلت الآيات الداعية إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

على العمل الجماعي لأن الله عز و جل خاطب المسلمين باسم الجماعة، فهذه

الآيات تعبر عن وحدة الأمة، و أن ذلك يستدعي الاجتماع لحل قضاياها

كقوله تعالى: ﴿ و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و

ينهون عن المنكر ﴾([1]) و كقوله تعالى: ﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس

تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ﴾([2]).

كما يدل على الإفتاء الجماعي أمر الحق - سبحانه و تعالى – الأمة

بالشورى في قوله تعالى: ﴿ و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و

أمرهم شورى بينهم ﴾([3]) كما أمر نبيه r أن يتخذ الشورى منهج حياة

فقال: ﴿ فاعف عنهم و استغفر لهم و شاورهم في الأمر ﴾([4]).

و الشورى كما تكون في الأمور الدنيوية فأحرى أن تكون في الأمور

الدينية و خاصة في أمر يهم المسلمين.

ثانيا: من السنة
1 ـ ما جاء عن علي t " قلت: يا رسول الله، الأمر ينزل بنا لم ينزل

فيه القرآن، و لم تمض فيه منك سنة، قال r: (( اجمعوا له العالمين - أو

قال: العابدين من المؤمنين - فاجعلوه شورى بينكم، و لا تقضوا فيه برأي

واحد ))([5]).

2 ـ عن أبي هريرة t قال: (( ما رأيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه من

رسول الله r ))([6]).

و لم تكن مشاورة النبي r في أمر التشريع، و لكن كما قال الحسن

البصري: " إن كان النبي r لغنيا عن المشاورة و لكنه أراد أن يستن بذلك

الحكام بعده "([7]).

ثالثا: عمل الصحابة

لقد طبق الصحابة y مبدأ النظر الجماعي للوقائع النازلة أو المستجدة، فمن

أمثلة ذلك:
1 ـ ما رواه ميمون بن مهران – رحمه الله – أنه قال: (( كان أبو بكر

t إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم

قضى به، و إن لم يكن في الكتاب و علم من رسول الله r في ذلك سنة

قضى بها، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين و قال: أتاني كذا و كذا، فهل

علمتم أن رسول الله r قضى في ذلك بقضاء ؟ فربما اجتمع عليه النفر

كلهم يذكر فيه عن رسول الله r قضاء، فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن

رسول الله r جمع رؤوس الناس و خيارهم فاستشارهم، فإذا أجمع رأيهم

على شيء قضى به.

و كان عمر t يفعل ذلك، فإن وجد أبا بكر قضى فيه بقضاء قضى به، و

إلا دعا رؤوس الناس، فإذا اجتمعوا على أمر قضى به ))([8]).

و في ذلك يقول الإمام القرطبي – رحمه الله -: " و عمر بن الخطاب قد

جعل الخلافة و هي أعظم النوازل شورى. قال البخاري: و كانت الأئمة بعد

النبي r يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها

"([9]).
2 ـ كان عمر بن الخطاب t مع علمه و فقهه يستشير الصحابة y،

فكان إذا رفعت إليه قضية قال: (( ادعوا لي عليا و ادعوا لي زيدا، و كان

يستشيرهم ثم يفصل بما اتفقوا عليه ))([10]).


3 ـ عن المسيب بن رافع – رحمه الله – قال: (( كانوا إذا نزلت بهم

قضية ليس فيها من رسول الله r أمر اجتمعوا لها و أجمعوا، فالحق فيما رأوا ))([11]).

رابعا: عمل التابعين

و على هذا النهج من المشاورة و الإفتاء الجماعي سار التابعون أيضا فقد

روي عن عمر بن عبد العزيز t أنه لما ولي المدينة، جمع عشرة من

فقهائها، و هم سادة الفقهاء في ذلك الزمان، و قال لهم: (( إني دعوتكم لأمر

تؤجرون عليه ونكون فيه أعوانا على الحق، ما أريد أن أقطع أمرا إلا برأيكم

أو برأي من حضر منكم ))([12]).



[1] ـ سورة آل عمران، الآية: 104

[2] ـ سورة آل عمران، الآية: 110

[3] ـ سورة الشورى، الآية: 38

[4] ـ سورة آل عمران، الآية: 159

[5] ـ الهيثمي، مجمع الزوائد: 1/178-180، و قال: " رواه الطبراني في الكبير، و فيه عبد الله بن كيسان، قال البخاري: منكر الحديث "

[6] ـ البيهقي، السنن الكبرى: كتاب النكاح، جماع أبواب ما خص به رسول الله r - باب ما أمره الله تعالى به من المشورة فقال و شاورهم في الأمر – رقم 13082 : 7/45

[7] ـ البيهقي، السنن الكبرى: كتاب النكاح – باب ما أمره الله تعالى به من المشاورة – رقم 13083 : 7/46





[8] ـ سنن الدارمي: المقدمة – باب الفتيا و ما فيه من الشدة – رقم 161 : 1/69 ؛ البيهقي، السنن الكبرى: كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي – رقم 20128 : 10/114

[9] ـ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: 4/162

[10] ـ ابن القيم، إعلام الموقعين: 1/54

[11] ـ سنن الدارمي: المقدمة – باب التورع عن الجواب فيما ليس فيه كتاب و لا سنة – رقم 115 1/61

[12] ـ الذهبي، سير أعلام النبلاء: 5/118
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مشروعية الإفتاء الجماعي

بارك الله فيك
ضربت لنا أمثلة عن الإفتاء الجماعي في عهد الصحابة والتابعين
لكننا نرى ظاهرة الإفتاء الجماعي قد اختفت بعد ذالك من خلال العصور الذهبية
مما لا شك فيه انه في زمن الشيخ الغزالي حجة الإسلام وابن العربي وابن الجوزي وحتى عصر ابن تيمية وابن القيم كان العلماء بالآلاف إن لم يكونوا بعشرات الآلاف ولانرى وضوحا ماثلا للعيان لظاهرة الإفتاء الجماعي
أم توجد هناك أمثلة تخفى على العوام
نرجوا الاستفادة
 
أعلى