العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الحيل الشرعية وضابط الصحيح منها والمردود

إنضم
6 مارس 2011
المشاركات
30
الكنية
ابو أنس
التخصص
الفقة وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الحنفي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحيل الشرعية وضابط الصحيح منها والمردود
إعداد
علاء أحمد محمود القضاة
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة :
لعل من البدهي أن الشريعة الإسلامية معللة بمصالح العباد في العاجل والآجل، وما من حكم شرعي سواء في العبادات أو المعاملات شرعه الله -عز وجل- في كتابه، أو على لسان نبيه إلا وفيه مصلحة، سواء أدركتها العقول أو قصرت عن ذلك. كما أن الأحكام الشرعية مقترنة بهذه المصالح اقتران الوسيلة بالمقصد، لذلك وجب الالتزام بها تحقيقاً لمقصد الشارع. فإذا ثبت هذا فلابد من أن تكون مقاصد المكلف من التزامه بالحكم مطابقة لمقاصد الشارع من التشريع، وذلك لتتحقق المصالح المقررة من الشارع من خلال تلك الأحكام، فإذا خالفت مقاصد المكلف لمقاصد الشارع كانت كل أعماله وتصرفاته باطلة ولا اعتداد بها. والتحيل غير الشرعي أحد الوسائل التي تؤدي إلى المناقضة بين مقاصد المكلف ومقاصد الشارع؛ لأن باعث المكلف أو قصده يخالف به مقاصد الشرع. أما إذا كان فعله لا يناقض الشريعة ويحقق مقاصدها فهو جائز ؛ لأنه لا مخالفة بين مقاصد المكلف ومقاصد الشارع. وعليه فموضوع المخارج أو الحيل الشرعية من الموضوعات المهمة للدراسة والبحث، وذلك ؛لأن كثيراً ممن تناول الحيل بالبحث لم يبينوا ما هو جائز منها وما هو محرم، وما ضوابط ذلك. والسبب يعود إلى أن الحيلة في واقع الأمر ليس من الضروري أن تكون وسيلة إلى محرم، إذ من الممكن أن تكون وسيلة إلى جائز، فتعد عندها مخرجاً من المخارج، لذلك فالأصل أن الحيل هي كل وسيلة تتخذ لتحقيق غرض، سواء كان مشروعا أو غير مشروع، يحقق مقصداً أو يهدمه. لكن جرى عرف بعض العلماء على إطلاق مصطلح الحيل على كل فعل القصد منه هو إبطال مقاصد الشرع بتحريم ما أحل أو بتحليل ما حرم. غير أن ذلك غير صحيح، وهذا ما سيتضح في هذا البحث.
خطة البحث :
قسم الباحث دراسته إلى مقدمة وفصلين وخاتمة .
الفصل الأول: تناولت فيه الدراسة مفهوم الحيل وموقف الفقهاء منها، وجعلته في ثلاثة مباحث :
المبحث الأول: تعريف الحيلة لغةً واصطلاحاً .
المبحث الثاني : نشأة القول بالحيل .
المبحث الثالث : أقسام الحيل عند الفقهاء .
الفصل الثاني: موقف الفقهاء من الحيل الفقهية وبيان أدلتهم وجعلته في أربعة مباحث :
المبحث الأول: موقف الفقهاء من الحيل .
المبحث الثاني : أدلة المجيزين للحيل .
المبحث الثالث : أدلة المانعين للحيل .
المبحث الرابع : المناقشة والترجيح .







الفصل الأول
مفهوم الحيل وموقف الفقهاء منها

وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول: تعريف الحيلة لغةً واصطلاحاً .
المبحث الثاني : نشأة القول بالحيل .
المبحث الثالث : أقسام الحيل عند الفقهاء .









المبحث الأول
تعريف الحيلة لغةً واصطلاحاً
الحيلة في اللغة:
جاء في لسان العرب :" الحول : الحيلة ويراد بها أيضاً القوة ، قال ابن سيده : الحول و الحيل و الحول و الحيلة و الحويل و المحالة و الاحتيال و التحول و التحيل ، كل ذلك : الحذق وجودة النظر والقدرة على دقة التصرف، والحيل والحول جمع حيلة ، ورجل حول حوالي: محتال شديد الاحتيال ويقال: رجل حوالي للجيد الرأي ذي الحيلة .....والمحالة : الحيلة نفسها ويقال تحول الرجل و احتال إذا طلب الحيلة "[1] .
وفي المصباح المنير :" والحيلة : الحذق في تدبير الأمور وهو تقليب الفكر حتى يهتدي إلى المقصود وأصلها الواو و احتال طلب الحيلة " [2].
وخلاصة القول : الحيلة هي حذق وقدرة على التدبير والتصرف .
الحيلة في الاصطلاح :​
عرفها ابن تيمية بقوله : " ومعناها نوع مخصوص من التصرف والعمل الذي هو التحول من حال إلى حال هذا مقتضاه في اللغة ثم غلبت بعرف الاستعمال على ما يكون من الطرق الخفية إلى حصول الغرض وبحيث لا يتفطن له إلا بنوع من الذكاء والفطنة فإن كان المقصود أمراً حسناً كانت حيلة حسنة وإن كان قبيحاً كانت قبيحة ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلون محارم الله بأدنى الحيل"[3]. صارت في عرف الفقهاء إذا أطلقت قصد في الحيل التي يستحل بها المحارم كحيل اليهود وكل حيلة تضمنت إسقاط حق الله أو الآدمي فهي تندرج فيما يستحل بها المحارم " [4] .
وعرفها ابن القيم : " هي نوع مخصوص من التصرف والعمل الذي يتحول به فاعله من حال إلى حال ثم غلب عليها بالعرف استعمالها في سلوك الطرق الخفية التي يتوصل بها الرجل إلى حصول غرضه بحيث لا يتفطن له الا بنوع من الذكاء والفطنة فهذا اخص من موضوعها في أصل اللغة وسواء كان المقصود أمراً جائزاً أو محرماً أو وأخص خص من هذا استعمالها في التوصل إلى الغرض الممنوع منه شرعا أو عقلا أو عادة" [5] .
عرفها الشاطبي : " تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر" [6] .
وعرفها ابن حجر العسقلاني : "جمع حيلة وهي ما يتوصل به إلى مقصود بطريق خفي " [7] .
وعرفها الحموي : " ما يكون مخلصاً شرعياً لمن ابتلي بحادثة دينية "[8].
وعرفها محمد سعيد رمضان البوطي بأنها:" قصد التوصل إلى تحويل حكم لآخر بواسطة مشروعة في الأصل [9].
خلاصة القول : من خلال نظرة فاحصة إلى التعريفات السابقة يتبين أن الحيل بمعناها الاصطلاحي أخص من معناها اللغوي على اعتبار أن الحيلة في معناها اللغوي إنما تدور حول التحول من حال إلى حال بنوع من الحذق والقدرة على التصرف وهي لا تدرك إلا بنوع من الذكاء أما عند الفقهاء فغالباً ما تطلق على ما كان مذموماً شرعاً إلا أن بعض الفقهاء استعمال الحيلة بمعنى المخرج وهذا ما يكثر عند الحنفية على ما سيجيء في موضعه.
المبحث الثاني
نشأة الحيل في الفقه الإسلامي
لم تظهر الحيل بمفهومها الفقهي الآنف الذكر والذي يقضي قلب الأحكام الشرعية وتغييرها في الظاهر إلى حكم آخر بتقديم عمل ظاهر الجواز لا في عصر النبوة ولا في عصر الصحابة من بعده وليس أدل على ذلك من قوله علية الصلاة والسلام : " لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة " [10] ، وهذا نص قاطع في منع الاحتيال لإسقاط الزكاة بالكلية أو تنقيصها .
أما الصحابة فقد أجمعوا على ترك الحيل وبطلانها ومن ذلك ما روي أن عمر رضي الله عنها قال : "لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما " [11] .
كما أفتى عثمان وعلي وبن عباس وبن عمر أن المرأة لا تحل بنكاح التحليل كما نهى غير واحد من أعيان الصحابة كأبي وبن مسعود وعبد الله بن سلام وبن عمر وبن عباس نهوا المقرض عن قبول هدية المقترض وجعلوا قبولها ربا .
كما جاء عن عائشة وابن عباس وانس رضي الله عنهم تحريم مسألة العينة والتغليظ فيها ... وهذه وقائع متعددة لأشخاص متعددين في أوقات متعددة والعادة توجب اشتهارها وظهورها بينهم لا سيما وهؤلاء أعيان المفتين من الصحابة الذين كانت تضبط أقوالهم وتنتهي إليهم فتاويهم والناس عنق واحد إليهم متلقون لفتاويهم ومع هذا فلم يحفظ عن احد منهم الإنكار ولا إباحة الحيل مع تباعد الأوقات وزوال أسباب السكوت[12] .
إذن متى ظهرت الحيل ؟
حدد ابن تيمية أول ظهور للحيل كان في أواخر عصر التابعين وأوائل عصر من بعدهم وفي ذلك يقول: " الأدلة على لزوم طريقة الصحابة والتابعين لهم ومجانبة ما أحدث بعدهم مما يخالف طريقهم من الكتاب والسنة والآثار كثيرة جدا وإذا كان كذلك فهذه الحيل من الأمور المحدثة ومن البدع الطارئة أما الإفتاء بها وتعليمها للناس وإنفاذها في الحكم واعتقاد جوازها فأول ما حدث في الإسلام في أواخر عصر صغار التابعين بعد المائة الأولى بسنين كثيرة وليس فيها و الحمد حيلة واحدة تؤثر عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بل المستفيض عن الصحابة أنهم كانوا إذا سئلوا عن فعل شيء من ذلك أعظموه وزجروا عنه"[13] .

ولعل أول من تكلم في الحيل وأفتى بها من الفقهاء الأربعة هم بعض الحنفية وهو ما يرجحه أكثر الباحثين [14] .
ومن هنا كان مذهب الحنفية هو أكثر المذاهب توسعاً وأخذا بالحيل حتى ألف محمد بن الحسن الشيباني كتاباً اسماه : " المخارج في الحيل " غير أن في نسبة هذا الكتاب لمحمد بن الحسن الشيباني عليه بعض التحفظ ، حيث جاء في المبسوط : " اختلف الناس في كتاب الحيل أنه من تصنيف محمد رحمه الله أم لا ؟ كان أبو سليمان الجوزجاني ينكر ذلك ويقول من قال : أن محمدا ًرحمه الله صنف كتابا سماه الحيل فلا تصدقه وما في أيدي الناس فإنما جمعه وراقو بغداد وقال: إن الجهال ينسبون علماءنا رحمهم الله إلى ذلك على سبيل التعيير فكيف يظن بمحمد رحمه الله أنه سمى شيئاً من تصانيفه بهذا الاسم ليكون ذلك عوناً للجهال على ما يتقولون وأما أبو حفص رحمه الله كان يقول: هو من تصنيف محمد رحمه الله وكان يروي عنه ذلك، وهو الأصح فإن الحيل في الأحكام المخرجة عن الإمام جائزة عند جمهور العلماء وإنما كره ذلك بعض المتعسفين لجهلهم وقلة تأملهم في الكتاب والسنة " [15] .
وقد ساق الحنفية في معظم كتبهم الفقهية كتاباً أطلقوا عليه اسم [كتاب الحيل] وهو ما نجده على سبيل المثال في الفتاوى الهندية والمبسوط للسرخسي وغيرها من كتب المذهب .
وقد ألف بعض الشافعية في الحيل وممن ألف فيها أبو حاتم محمد بن الحسين القزويني ووضع كتاباً أسماه [الحيل في الفقه] [16] .


أما المالكية والحنابلة فلم يؤثر عنهم كتاباً مستقلاً في الحيل إلا ما نجده في بعض كتبهم من عدم إنكار بعض الحيل المحمودة كما هو واضح في كتاب إعلام الموقعين وهو كتاب حنبلي وكما هو واضح في كتاب الموافقات للشاطبي وهو مالكي على ما سيأتي .
أقسام الحيل​
يتضح لنا من خلال ما تقدم أن الحيل ليست نوعاً واحداً ، وبالتالي فلا يمكن إعطائها حكماً واحداً إذ إنها أقسام متعددة كل واحد منها يأخذ حكماً شرعياً مختلفاً ، وعلماء الإسلام يقسمونها إلى نوعين رئيسين : جائزة شرعاً وغير جائزة وهي أيضاً باعتبار الطرق المفضية إليها مختلفة وهي على النحو الآتي [17]:
القسم الأول : الحيل الجائزة شرعاً :
وهي الحيل التي يقصد بها التوصل إلى الحلال أو فعل واجب أو ترك حرام أو إثبات حق أو دفع باطل ونحو ذلك مما فيه تحقيق لمقاصد الشريعة الغراء وهي الحيل التي لا تهدم أصلاً شرعياً ولا تناقض مصلحة معتبرة ويتنوع هذا القسم بالنظر إلى الطرق المفضية إلية إلى ثلاثة أنواع :
النوع الأول : أن تكون الطريق مشروعة وما تفضي إليه مشروع وضعت له أصلا ً وهذا النوع لا خلاف في حله .
ومن الأمثلة عليه جميع الأسباب لتي جعلها الشارع بحيث تكون مفضية إلى مسبباتها كعقد الزواج المفضي إلى إباحة الاستمتاع ونحو ذلك من العقود المشروعة [18].
النوع الثاني : أن تكون الطريقة مشروعة ولكنها لم توضع بالقصد الأول لذلك المقصود شرعاً بل وضعت لغيره فيجعلها المتحيل طريقاً يسلكه للوصول إلى هذا المقصود الصحيح أو قد تكون وضعت له ولكنها خفية لا ينتبه إليها .
والفرق بين هذا النوع والذي قبله أن الطريق في الذي قبله نصبت مفضية إلى مقصودها ظاهراً فسار عليها السالك على اعتبار أنها طريق معهودة والطريق في هذا النوع نصبت لتكون مفضية إلى غيرها فيتوصل بها إلى ما لم توضع له أو تكون مفضية إليه لكن بخفاء ،ومثاله : أن المرأة إذا خافت أن يتزوج عليها زوجها فالحيلة في منع هذا الزواج من الإقدام على هذا الفعل أن تشترط هي أوليها في العقد أنه متى تزوج عليها فأمرها بيدها ،وقد ذكر ابن القيم على هذا النوع ما يزيد على المائة[19]. وكلام السلف الصالح في ذم الحيل لا يدور حول هذا النوع .
النوع الثالث : أن يكون الطريق محرماً في نفسه والمقصود به حقاً ومن أمثلة هذا النوع أن يطلق الرجل امرأته ثلاثاً ويجحد الطلاق ولا بينة لها فتقيم شاهدين يشهدان أنه طلقها ولم يسمعا الطلاق منه ففي هذا المثال نلحظ أن الغاية والقصد هي الوصول إلى الحق وليس إسقاط الواجب ولا إبطال الحق ولكن يحرم هذا النوع من الحيل بالنظر إلى الوسيلة على اعتبار أن من شرط صحة العمل صحة الوسيلة والمقصد ولما كان المقصد صالحاً والوسيلة ممنوعة كان الكل ممنوعاً .
إلا أننا نجد أن ابن القيم يرى أن هذا النوع من الحيل يأثم صاحبه بالنظر إلى الوسيلة دون المقصد ويطلق عليها "مسألة الظفر بالحق "[20] خلافاً لابن تيمية الذي يرى بطلان الوسيلة والمقصد معاً وهو ظاهر مذهبي الإمام مالك وأحمد [21] .
القسم الثاني : الحيل المحرمة شرعاً :
وهي ما كان المقصود منها محرماً أو محظوراً كإسقاط واجب أو استحلال حرام أو تحريم حلال أو إبطال حق أو إثبات باطل سواء كانت الوسيلة مشروعة أو غير مشروعة وهي الحيل التي تهدم أصلاً شرعياً أو تناقض مصلحة معتبرة وهذا القسم ينقسم بالنظر إلى الطرق المفضية إليه إلى ثلاثة أنواع :
النوع الأول : أن تكون الطريق محرمة بنفسها ويقصد بها محرماً وهذا لنوع لاخلاف في تحريمه ومثاله : لو أراد رجل وطء امرأة لا تحل له فأقام شاهدي زور على أنه تزوجها فقضى الحاكم بذلك ثم وطئها [22] .
ففي هذا المثال قصد المتحيل أمراً محرماً وهو وطء امرأة لا تحل له وقد توسل إليها بوسيلة محرمه وهي شهادة الزور فهي أمر محرم لذاته .
النوع الثاني : أن تكون الطريق مباحة في نفسها ويقصد بها محرم فتصير حراماً تحريم وسائل ، ومثالة : السفر لقطع الطريق .
النوع الثالث : أن تكون الطريق أو الوسيلة لم توضع بالقصد الأول للإفضاء إلى محرم وإنما وضعت مفضية إلى المشروع كالبيع والهبة فيتخذها المتحيل طريقاً إلى الحرام وهذا النوع هو موضع النزاع ، ومثالة : أن يهب ماله لمن يثق برده إليه قبيل حولان الحول فراراً من الزكاة ثم يسترده من الموهوب له بعد ذلك .
فهذا النوع من التصرف لم يشرع بالقصد الأول موصله إلى الحرام بل شرعت من أجل التوسعة على المكلفين والمتحيل لم يقصد بها مقاصدها التي شرعت لها بل جعلها وسيلة موصلة إلى مقصده المحرم الذي يناقض به مقصود الشارع هذا النوع على عده أضرب[23] .
الأول : الاحتيال لحل ماهر حرام في الحال كالحيل الربوية .
الثاني : الاحتيال لحل ما انعقد سبب تحريمه ولم يحرم ولكنه صائر إلى التحريم لا محالة كما إذا علق الطلاق على شرط محقق مثل أن يقول الرجل لزوجته : إذا طلع الفجر فأنت طالق ثم أراد منع وقوع الطلاق عند الشرط فخالعها خلع الحيلة حتى يطلع الفجر وهي على غير عصمته ثم تزوجها بعقد جديد .
الثالث : الاحتيال على إسقاط ما هو واجب في الحلال كالاحتيال على إسقاط النفقة الواجبة عليه بأن يملك ماله لزوجته فيصبح معسراً فل تجب عليه النفقة .
الرابع : الاحتيال على إسقاط ما انعقد سبب وجوبه و لم يجب ولكنه صائر إلى الوجوب كالاحتيال لإسقاط الزكاة قبيل الحول بتمليكه لبعض أهله ثم استرجاعه .
تقسيم الشاطبي للحيل :
قال الشاطبي: " فالحيل التي تقدم إبطالها وذمها والنهي عنها ما هدم أصلا شرعيا وناقض مصلحة شرعية ... ومرجع الأمر فيها إلى أنها على ثلاثة أقسام:
النوع الأول : لا خلاف فى بطلانه كحيل المنافقين والمرائين .
النوع الثاني : لا خلاف في جوازه كالنطق بكلمة الكفر إكراها عليها فإن نسبة التحيل بها في إحراز الدم بالقصد الأول من غير اعتقاد لمقتضاها كنسبة التحيل بكلمة الإسلام في إحراز الدم بالقصد الأول كذلك إلا أن هذا مأذون فيه لكونه مصلحة دنيوية لا مفسدة فيها بإطلاق لا في الدنيا ولا في الآخرة بخلاف الأول فإنه غير مأذون فيه لكونه مفسدة أخروية بإطلاق والمصالح والمفاسد الأخروية مقدمة في الاعتبار على المصالح والمفاسد الدنيوية باتفاق .
النوع الثالث : وهو ما كان محل الإشكال والغموض وفيه اضطربت أنظار النظار من جهة أنه لم يتبين فيه بدليل واضح قطعي لحاقه بالقسم الأول أو الثاني ولا تبين فيه للشارع مقصد يتفق على أنه مقصود له ولا ظهر أنه على خلاف مصلحة التي وضعت لها الشريعة بحسب المسألة المفروضة فيه فصار هذا القسم هذا الوجه متنازعا فيه [24] .
















الفصل الثاني
موقف الفقهاء من الحيل الفقهية وبيان أدلتهم
وجعلته في أربعة مباحث :
المبحث الأول: موقف الفقهاء من الحيل .
المبحث الثاني : أدلة المجيزين للحيل .
المبحث الثالث : أدلة المانعين للحيل .
المبحث الرابع : المناقشة والترجيح .












المبحث الأول
موقف الفقهاء من الحيل​
أولاً :المذهب الحنفي :
تقدم أن بينا أن الحنفية أكثر المذاهب الفقهية اهتماماً بموضوع الحيل وأنه قد اشتهر عن الإمام أبي حنيفة القول بها حتى نسب إليه كتاباً في الحيل[25] ، إلا أننا نجد بوضوح أن ما ورد من حيل عن أبي حنيفة وغيره من أئمة المذهب الحنفي تفيد بأن الحيل في المذهب الحنفي لا يقصد بها هدم مقاصد الشارع وتفويت أحكامه وانما هي وسيلة لتيسير الحياة العملية والتوفيق بين مقتضيات الحياة وفي هذا يقول الحموي : " مذهب علمائنا : أن كل حيلة يحتال بها الرجل لإبطال حق الغير أو لإدخال شبهة فيه أو لتمويه باطل فهي مكروهة – تحريماً - وكل حيلة يحتال بها الرجل ليتخلص بها عن حرام أو ليتوصل بها إلى حلال فهي حسنة " [26] .
ومن هنا نلحظ أن الحنفية لا يقولون بكل حيلة بل إنهم يحرمون ما لا يوافق مقاصد الشريعة منها ويؤكد هذا أنه لم يؤثر في كتابي محمد والخصاف حيلة واحدة في باب العبادات سوى حيلة واحدة وهي التي تتعلق بالزكاة وهم يستندون فيها على في الأوفق مع مقاصد الشريعة لأن العبادات تقوم على أساس النية وهي بين العبد وربه فلا يحتاج فيها الى الوقوف على العلل والمقاصد ولذلك فإن هذا يعد دليلاً جلياً أن هؤلاء الأئمة لم يقصدوا بحيلهم التوصل إلى حرام أو ترك واجب[27] بل قصدوا التيسير والتخفيف .
ثانياً : مذهب الإمام الشافعي:
حيث بينه ابن القيم في كتابة أعلام الموقعين إذ يقول : " ومن عرف سيرة الشافعي وفضله ومكانه من الإسلام علم انه لم يكن معروفا بفعل الحيل ولا بالدلالة عليها ولا كان يشير على مسلم بها وأكثر الحيل التي ذكرها المتأخرون المنتسبون إلى مذهبه من تصرفاتهم تلقوها عن المشرقيين وادخلوها في مذهبه وإن كان رحمه الله تعالى يجري العقود على ظاهرها ولا ينظر إلى قصد العاقد ونيته كما تقدم حكاية كلامه فحاشاه ثم حاشاه أن يأمر الناس بالكذب والخداع والمكر والاحتيال وما لا حقيقة له بل ما يتيقن أن باطنه خلاف ظاهره ولا يظن بمن دون الشافعي من أهل العلم والدين انه يأمر أو يبيح ذلك فالفرق إذا ظاهر واضح بين أن لا يعتبر القصد في العقد ويجريه على ظاهره وبين أن يسوغ عقداً قد علم بناؤه على المكر والخداع وقد علم أن باطنه خلاف ظاهره " [28] , ومن هنا يتضح جلياً أن الإمام الشافعي لم يكن يسوغ الحيل بل كان خصماً لها وأن ما قيل أن الإمام الشافعي كان يجوز بعض الحيل فهو قول لا غير صحيح وفهم قاصر لمنهج الإمام الشافعي إذ كان يجري العقود على ظاهرها[29] .

ثالثاً : المالكية والحنابلة :
فيعدون أبعد الناس عن الحيل بحكم اعتبارهما المقاصد وقولهم بسد الذرائع حتى حمل ابن تيمية وتلميذه ابن القيم لواء التشنيع على القائلين بالحيل .
قال الشاطبي : " الحيل في الدين بالمعنى المذكور غير مشروعة في الجملة " [30] .
وجاء في المغني : " الحيل كلها محرمة ولا تجوز في شيء من الدين " [31] .
غير أننا نجد أن ابن القيم يورد الكثير من الحيل المباحة في كتابية : أعلام الموقعين وإغاثة اللهفان من مصايد الشيطان وكذلك يذكر الإمام الشاطبي في الموافقات ألواناً من الحيل الجائزة وغير الجائزة واضعين لذلك مقياسس وضوابط علمية دقيقة وهذا يدل على أن المالكية والحنابلة لا يقولون ببطلان كل الحيل بل ما كان مخالفاً ومناقضاً منها لمقاصد الشريعة أما ما كان موافقاً فالحكم فيه الإباحة .
يقول الإمام الشاطبي : " الحيل التي تقدم إبطالها وذمها والنهي عنها ما هدم أصلا شرعيا وناقض مصلحة شرعية فإن فرضنا أن الحيلة لا تهدم أصلا شرعيا ولا تناقض مصلحة شهد الشرع باعتبارها فغير داخلة في النهي ولا هي باطلة " [32] .
وقال أيضاً : " لا يمكن إقامة دليل في الشريعة على إبطال كل حيلة كما أنه لا يقوم دليل على تصحيح كل حيلة فإنما يبطل منها ما كان مضادا لقصد الشارع خاصة وهو الذي يتفق عليه جميع أهل الإسلام ويقع الاختلاف في المسائل التي تتعارض فيها الأدلة " [33] .

فالحيل إذن كما يرى الشاطبي تعد من مسائل الخلاف بين الفقهاء فيحكم عليها كل فقيه حسب ما يعتمده من قواعد الاجتهاد على أن لا تناقض أصلاً شرعياً مجمعاً عليه .
المبحث الثاني
أدلة المجيزين للحيل​
القائلون بالحيل والمجيزون لها , لم يقولوا ذلك اشتطاطاً بدون دليل , بل استدلوا لذلك بأدلة من الكتاب والسنة والقياس والمعقول , وهذا طبعاً فيما يتعلق بالحيل المتفق على جوازها , أو الراجحة عندهم , باعتبارها رخصاً ومخارج مما يقع فيه الإنسان من ضيق وحرج و نتيجة ظروف وملابسات معينة.
وفيما يلي سأورد أهم هذه الأدلة التي اعتمدوها , مبيناً وجه الدلالة منها, حسب فهمهم لها[34]:-
أدلتهم من الكتاب :
1. قوله تعالى لنبيه أيوب عليه السلام : {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [35]، حيث حلف ليضربن امرأته ضربه , وهي المتعارف الظاهر , إنما تكون متفرقة , ثم عز عليه فعل هذا بمن أحسنت إليه في عشرتها , وأخلصت له في خدمتها , فأرشده الله تعالى إلى طريقة يتحلل بها من يمينه , بأن يضربها ضربه واحدة , بضغث فيه مائه عود .
وهذه حيلة في خروجه من اليمن والبر به , فيقاس عليه غيره , ونسميه : وجوه المخارج من المضائق, ولا نسميه بالحيل,التي ينفر الناس من اسمها [36].
ولا يخدش هذا الدليل أنه متعلق بشرع غيرنا , لأنا إن جرينا على القول ,بأن شرع من قبلنا شرع لنا , ما لم يرد ما يخالفه , فذاك , وان جرينا على انه ليس بشرع لنا فإنما ذلك عند عدم وجود ما يؤيده ويدعمه في شرعنا وما ثبت في شرع أيوب عليه السلام جاءت السنة بمثله في شرعنا أيضاً[37] قال أبو حيان في تفسيره : " وقد وقع مثل هذه الرخصة في الإسلام , ( أُتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بمخدج قد خبث بأمة , فقال : خذوا عثكالاً فيه مائة شمراخ ,فاضربوه بها ضربه)[38] قال بذلك بعض أهل العلم في الأيمان )[39] .
2. قصة نبي الله يوسف عليه السلام عندما أوحى إليه الله إن يجعل الصواع في رحل أخيه ليتوصل بذلك إلى أخذه من أخوته , وإمساكه عنده,وقد مدحه الله بذلك واخبر انه برضاه وإذنه ومشيئته .قال تعالى : {فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ{70} قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ{71} قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ{72} قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ{73} قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ{74} قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ{75} فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } [40] .
وجه الدلالة : أن هذه حيلة ظاهرة من كيده تعالى لنبيه يوسف , حتى يصل بها إلى مقصوده الحسن . قال الزمخشري في الكشاف : (... وحكم هذا الكيد حكم الحيل الشرعية , التي يتوصل بها إلى مصالح ومنافع دينيه, كقوله تعالى لأيوب عليه السلام : ({وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً) ليتخلص من جلدها ولا يحنث , وكقول إبراهيم عليه السام : ( هي أختي ) لتسلم من يد الكافر , وما الشرائع كلها إلا مصالح وطرق إلى التخلص من الوقوع في المفاسد , وقد أعلم الله تعالى في هذه الحيلة التي لقنها يوسف , مصالح عظيمه ,فجعلها سلماً وذريعة إليها , فكانت حسنة جميلة ,وانزاحت عنها وجوه القبح لما ذكرنا " [41] .
3. قوله تعالى : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } [42] .
وجه الدلالة : أن الله تعالى أخبر أنه يفرج كرب المتقين , ويخرجهم مما ضاق عليهم ,والحيل ما هي إلا نوع من هذه المخارج , لما وقع فيه الناس من ضيق ,ألا ترى أن الحلف يضيق عليه إلزام ما حلف عليه , فيكون له بالحيلة مخرج منه [43].
4. قوله تعالى : {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } [44] .
وجه الدلالة : أن الله تعالى أخبر أنه مكر بمن مكر بأنبيائه ورسله وكثير من الحيل هذا شأنها , يمكر بها على الظالم والفاجر , ومن يعسر تخليص الحق منه , فتكون وسيله إلى نصر المظلوم وقهر الظالم , ونصر الحق وإبطال الباطل ، والله تعالى قادر على أخذ أعداء رسله بغير المكر الحسن , إلا أنه جازاهم بجنس عملهم , وليعلم عباده إن المكر الذي يتوصل به إلى إظهار الحق وبيانه , ليس قبيحاً ومقبول شرعاً[45] .
5. قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً }[46]
وجه الدلالة : إن الله سبحانه أراد بالحيلة هنا , سلوك الطرق الخفية للتخلص من الكفار وأذاهم والهجرة إلى دار الإسلام إذا تعذرت الطرق الظاهرة أو تعسرت .وهذه حيله محمودة , مقصودها نصرة الله ورسوله ,فيقاس عليها سائر الحيل المحمودة الأخرى[47] .
6. كما استدلوا على جواز الحيل بآيات قرآنيه أخرى , نحو قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } [48] وقوله تعالى : { وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }[49] .
وجه الدلالة من هذه الآيات : أن نسبة المكر والخداع والكيد والمحال [ الحيلة ] إلى الله جل جلاله , لا يجوز إلا على هذا الوجه الحسن الذي ذكرناه وهو الحيلة إلى المباح واستخراج الحقوق ودفع الظلم ,لا على الوجه المذموم , تعالى الله عن القبيح[50] .
أدلتهم من السنة :
1. ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنها : " أن رسول -صلى الله عليه وسلم- , استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب [51], فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكل تمر خيبر هكذا ؟ فقال لا والله يا رسول الله , إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين ,والصاعين بالثلاثة ,فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فلا تفعل , بع الجمع[52] بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً" .
وجه الدلالة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- , قد أمره أن يتوصل إلى مراده , وهو أخذ الجيد من التمر بالرديء منه , بطريق مشروع في الأصل وهو أن يتوسط عقد آخر, فقال له- صلى الله عليه وسلم- : بع الرديء بالدراهم ,ثم اشتر بالدراهم التمر الجيد , ولم يفرق بين أن يبتاع من المشتري نفسه أو من غيره , فشمله بعمومه , ولو كان الابتياع من المشتري حراماً , لنهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -,فإن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان ، وفي هذا حيله للتخلص من الربا , وحصول المقصود بعد عقدين[53] .
قال النووي في شرح هذا الحديث : ( واحتج بهذا الحديث أصحابنا وموافقوهم ، في أن مسألة العينة ليست بحرام ، وهي الحيلة التي يعملها بعض الناس توصلاً إلى مقصود الربا، بأن يريد أن يعطيه مائة درهم بمائتين فيبيعه ثوباً بمائتين ، ثم يشتريه منه بمائة، وموضع الدلالة من هذا الحديث : أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال له : بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا ولم يفرق بين أن يشتري من المشتري أو من غيره ، فدل على أنه لا فرق ، وهذا كله ليس بحرام عند الشافعي وآخرين) [54] .
2. ما روي عن أبي أمامه بن سهل , عن سعيد بن سعد بن عباده قال : ( كان بين أبياتنا رويجل ضعيف مخدج ,فلم يرع الحي , إلا وهو على أمه من إمائهم , يخبث بها , فذكر ذلك سعد بن عباده لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان ذلك الرجل مسلماً فقال : اضربوه حده ,فقالوا : يا رسول الله إنه أضعف مما تحسب ,لو ضربناه مائة قتلناه , فقال : خذوا له عثكالاً فيه مائة شمراخ , ثم اضربوه به ضربه واحدة , قال : ففعلوا)[55] .
وجه الدلالة : أن الضرب بالشمراخ , ليس هو الحد الواجب في الأصل , بدليل أنه – صلى الله عليه وسلم - قال لهم قبل أن يرشدهم إلى هذا : اضربوه حده , وإنما هو واسطة شرعها الله تعالى , للتواصل إلى إسقاط الحد, في حق مثل هذا الرجل, فقد صدق عليه حد الحيلة السابق ذكره, في قصة النبي أيوب عليه السلام[56] .
جاء في نيل الأوطار : " وهذا العمل من الحيل الجائزة شرعاً وقد جوز الله مثله في قوله : {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً } [57]. [58] .
وقال الكمال ابن الهمام في شرحه على الهداية ما نصه:" ولو كان المرض لا يرجى زواله كالسل أو كان خداجاً ضعيف الخلقة فعندنا وعند الشافعى يضرب بعثكال فيه مائة شمراخ فيضرب به دفعة " [59] .
3. ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه : ( أن رجلاً شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , من جاره أنه يؤذيه ,فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يطرح متاعه في الطريق , ففعل , فجعل كل من مر عليه والمتاع أمامه , يسأله عن شأن المتاع , فيخبره بأن جار صاحبه يؤذيه, فيسبه ويلعنه , فجاء إليه الجار فقال : رد متاعك إلى مكانه , فو الله لا أؤذيك بعد ذلك أبدا " [60] .
وجه الدلالة : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , ارشد الرجل المشتكي إلى حيلة عملية , لتوصل بها إلى رفع ظلم جاره عنه , وكف شره وعدوانه . ولو كانت الحيلة محرمة , لما ارشد إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- فدل على جواز العمل بها.
4. ما رو ي عن عبد الله بن بريده , حيث قال : ( سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن أعظم آية في كتاب الله فقال : لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بها , فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من مجلسه , فلما أخرج إحدى رجليه , اخبره بالآية قبل إن يخرج رجله الأخرى " [61].
وجه الاستدلال به : انه عيه السلام أخبره بالآية , بعد إخراج إحدى رجليه , لتحرز عن خلف الوعد فان الوعد من الأنبياء عليهم السلام , كالعهد من غيرهم , وفيه الدليل على انه لا يصير خارجا بإخراج إحدى الرجلين , ولا داخلاً بإحدى الرجلين , ولهذا من حلف إلا يفعل شيئاً , فأراد التخلص من الحنث بفعل بعضه لم يكن حانثا , فإذا حلف ألا يأكل هذا الرغيف ولا يأخذ هذا المتاع فليدع بعضه ويأخذ الباقي لا يحنث وهذا أصل في بابه في التخلص من الأيمان[62] .
دليلهم من القياس :
حيث قاسموا الحيل على المعاريض ,فقالوا : إن الحيل ما هي إلا معاريض في الفعل على وزن المعاريض في القول ,وإذا كان في المعاريض مندوحة عن الكذب ففي معاريض الفعل مندوحة عن المحرمات وتخلص من المضايق .
والمعاريض هي : أن يتكلم الرجل بكلام جائز , يقصد به معنى صحيحاً , ويتوهم السمع انه قصد به معنى آخر[63] .
ويدل على إباحة استعمال المعاريض , قوله تعالى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء }[64] .
وجه الاستدلال بهذه الآية الكريمة , أن الله تعالى أباح للراغب في الزواج من معتدة الوفاة أن يسلك طريق التعريض لها بالخطبة زمن التربص , ليصل إلى مقصوده ,كأن يقول لها : أنت امرأة حسنة , أو مثلي يرغب في الزواج ,أو إذا انقضت عدتك فأخبريني .وذلك ؛لأنه لا يحل له أن يخطبها خطبة صريحة .فيقاس على ذلك ما كان بمعناه .
كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أقر المعاريض , واستعملها في المزاح والملاطفة , وفي الحروب ،وتتابع الصحابة والسلف الصالح على ذلك ,والشواهد عليه كثيرة منها :
ما أخرجه البخاري عن انس رضي الله عنه , قال : " أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وهو مردف أبا بكر , وأبو بكر شيخ يعرف ,ونبي الله شاب لا يعرف ,قال : فليلقى الرجل أبا بكر فيقول : يا أبا بكر ,من هذا الرجل الذي بين يديك ,فيقول : هذا الرجل يهديني السبيل ,فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق ,وإنما يعني سبيل الخير " [65].
فظاهر كلام أبي بكر ,أنه يدله على طريق السفر , وهو الذي يفهمه السامع ولا يذهب ذهنه لغيره ,وباطنه الطريق إلى الله ,بالدين الحق ، وهو المقصود ,والذي بعثه على ذلك ,كتمان أمر النبي - صلى الله عليه وسلم-,حتى لا يعلم به عدو فيؤذيه .
ولقد لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- طائفة من المشركين ,وهو في نفر من أصحابه ,فقال المشركون : ممن أنتم ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " نحن من ماء "[66] , فنظر بعضهم إلى بعض , فقالوا : أحياء اليمن كثير , فلعلهم منهم ,وانصرفوا .
كما روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- , أنه لاطف عجوزاً قائلاً لها : " لا يدخل الجنة عجوز" فجعلت تبكي , فقال " أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ,إن الله تعالى يقول : { إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء{35} فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً{36} عُرُباً أَتْرَاباً{37}[67] .[68]فقد أخبرها النبي - صلى الله عليه وسلم- بلفظ , أضمر فيه سوى ما فهمت من كلامه, فدل إن ذلك لا بأس به .


وقد جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال احملني , فقال : " إنا حاملوك على ولد الناقة ) ,فقال : ما أصنع بولد الناقة ؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : " وهل يلد الإبل إلا النوق ؟ ! "[69] .
وأما استعمال الصحابة رضوان الله عليهم للمعاريض في حوائجهم ,فيدل عليه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " أما في المعاريض ما يغني الرجل عن الكذب " , وقال ابن عباس : " ما يسرني بمعاريض الكلام حمر المنعم" , والمراد بذلك : أن بمعاريض الكلام يتخلص المرء من الإثم , ويحصل مقصوده ,فهو خير من حمر النعم[70] .
وأخيراً ما يستدل به عن السلف الصالح , في استعمالهم للمعاريض , أن رجلاً سأل عن المروزي ,وهو في دار أحمد بن حنبل ,فكره الخروج إليه ,فوضع احمد إصبعه في كفه ,فقال :ليس المروزي ههنا ,وما يصنع المروزي ههنا ؟ .
وحضر سفيان الثوري مجلساً فلما أراد النهوض منعوه , فحلف إن يعود ثم خرج وترك نعله كالناسي لها ,فلما خرج عاد وأخذها وانصرف[71] .
دليلهم من المعقول : واستدلوا من المعقول بما يلي :
إن العقود الشرعية , ما هي إلا حيل يتوسل بها إسقاط الحدود والمآثم , ولهذا لو وطئ الإنسان امرأة أجنبيه من غير عقد ولا شبهة , لزمه الحد فإذا عقد عليها عقد النكاح ثم وطئها ,لم يلزمه الحد فكان العقد حيلة على إسقاط الحد ,بل قد جعل الله تعالى الأكل والشرب واللباس ,حيله على دفع أذى الجوع والعطش والبرد ,وعقد التبايع حيلة على حصول الانتفاع بملك الغير ,وسائر العقود حيلة على التوصل إلى ما لا يباح إلا بها , وشرع الرهن حيلة على رجوع صاحب الدين في ماله ,من عين المرهون ,إذا أفلس الراهن أو تعذر الاستيفاء منه .
كما إن قواعد الفقه وأدلته ,لا تحرم عقود الحيل التي لم يشترط المحرم في صلبها ,فهي عقود صدرت من أهلها في محلها ,مقرونة بشروطها , فيجب الحكم بصحتها , نظراً لتمام العقد , بصرف النظر عن القصد المقرون بالعقد , فلا تأثير له في بطلان الأسباب الظاهرة , ولان القصد لا يقدح في اقتضاء السبب لحكمه , لأن خارج عما يتم به العقد , ولهذا لو اشترى عصيراً ومن نيته أن يتخذه خمراً , أو جاريه ومن نيته أن يكرهها على البغاء أو يجعلها مغنيه , أو سلاحاً ومن نيته أن يقتل به معصوماً , فكل ذلك لا أثر له في صحة البيع , من جهة أنه منقطع عن السبب , فلا يخرج السبب عن اقتضاء حكمه [72].
وأيضاً: فإن الشريعة لو أوقفت صحة هذه العقود والتصرفات ,الى إن ينقطع كل احتمال مخالف لما هي عليه في الظاهر , لتعطلت معظم المعاملات , ولعادت بذلك على الناس أضعاف المفاسد ,التي يمكن إن تعود عليهم من جراء الاحتمالات المحجوبة عن الظاهر ,عدا ما في ذلك من المشقة والعسر , في تمييز المقاصد السليمة من غيرها , ولذلك أناطت الشريعة صحة هذه العقود , بأركانها وشروطاً الجلية الواضحة , وأناطت البواطن والسرائر إلى تعالى , الذي لا تخفى عليه خافيه .
وإذا ثبت أن العقود والتصرفات ,التي يتوخى منها فائدة عاجلة تشيع بين الناس , لا أثر للقصد فيها من ناحية الصحة والبطلان , وإنما الأثر لأركانها وشروطها المنصوص عليها ,وجميعها أمور ظاهره , فإن الواسطة المشروعة التي يتوصل بها الفرد إلى حكم شرعي , لم يطرأ عليها ما يفسدها من نقص في الأركان او الشروط , ما دامت مشروعة ,وإنما الذي طرأ عليها هو القصد , فقد أراد به غير ما شرعت له في اعم الأحوال . وما دامت هذه الواسطة ,مما لا أثر للقصد فيه صحة وبطلاناً ,فإن هذا الطارئ لا يمكن أن يفسد صحيحاً وأما إذا كانت مما للقصد أثر فيه كالعبادات , فلا ريب أن تغيير النية عن وجهتها الصحيحة ,يفسدها ويبطلها ,ولم يقل احد من المسلمين : إنه يجوز إن تستعمل الحيلة في شيء من هذا [73].
وقالوا أيضاً : إن الخروج من الحرام إلى الحلال , والتخلص من المآثم أمر واجب شرعاً , والتحيل له باتخاذ الوسائل والأسباب المؤذية لديه أمر مطلوب شرعاً كذلك ولا تخرج الحيل المباحة عن هذا [74].
وهذا مجمل ما استدل به المجيزون للحيل من أدله, وقد نقلها ابن القيم بأمانه ونزاهة وربما أجاد في نقلها والاحتجاج بها , أكثر من أصحابها أنفسهم .
أدلة المانعين للحيل
استدل المانعون للحيل على قولهم بأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول وهي على النحو الآتي :
أولاً : الأدلة من الكتاب :
1. ما ذكر في القرآن الكريم من صفات المنافقين والمرائين وذمهم ، ومن صفات أهل الكتاب وتحايلهم على الشرع ، وكذلك ما ورد من النهي عن اتخاذ آيات الله هزواً ومن ذلك قوله تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ }[75] .
ومنها أيضاً قوله تعالى : {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً }[76] .
ففي هذه الآيات بين الله سبحانه وتعالى أن هناك صنفاً من الناس يحاولون أن يخادعوا الله وفي حقيقة الأمر أنهم هم المخدوعون من حيث لا يشعرون ويتجلى ذلك بإتيانهم أفعال أو أقوال ظاهرها الخير وموافقة لمقصد الشارع إلا أنهم يبطنون خلاف ذلك لأجل تحصيل مرادهم وهذه هي حقيقة الحيل ؛ كون المحتال يقصد بأفعاله وأقواله خلاف ما يظهر إذ يقصد إسقاط التكاليف واستحلال المحرمات وعليه فتكون الحيل المحرمة لما تتضمنه من مخادعه لله وهو أمر محرم دلت عليه الآيات السابقه وغيرها الكثير [77] .
2. كما استدلوا بقوله تعالى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [78] .
وهذه الآية جاءت فيمن أمسك المرأة لا لأجل المعاشرة بالمعروف ولكن لأجل المضارة وتطويل العدة عليها وهي حيلة ممنوعة ؛لأن غرضها الوصول إلى غرض غير مشروع لم يشرع الحكم لأجله [79] .
3. ومنها أيضاً ما جاء في قصة أصحاب السبت الذين حرم الله عليهم الصيد في هذا اليوم فحفروا حياضهم بحيث يكون لها قنوات تصلها بالبحر حتى تدخلها الحيتان يوم السبت وكانت الحيتان لا تظهر إلا في هذا اليوم ثم يحبسونها ويصيدونها في الأيام الجائزة فعاقبهم الله سبحانه وتعالى بالمسخ ، قال تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ }[80] .


وجه الدلالة :حيث تدل الآية على أن الأعمال بمقاصدها لا بصورها وأن العبرة للمعاني لا للظواهر وأن كل حيلة يترتب عليها العبث بالشرع تكون محرمة وأن صاحبها لا شك ذائق أشد أنواع العذاب [81] .
ثانياً : أدلتهم من السنة :
1. قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " [82] .
يعتبر هذا الحديث أصلاً في إبطال الحيل إذ دل على أن الأعمال بمقاصدها وأنه ليس للعبد من ظاهر قوله وعمله إلا ما نواه لا ما أعلنه فمن نوى بعقد النكاح التحليل كان محللاً وكان داخلاً في اللعن الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام ولا يخلصه من ذلك اللعن صورة النكاح إذ أن كل شيء قصد به تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله كان ممنوعاً [83] .
2. قوله – صلى الله عليه وسلم - :" لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة " [84] فهذا نهي عن الاحتيال لإسقاط الزكاة أو التقليل منها بالجمع بين المتفرق أو تفريق المجتمع مع أن الجمع والتفريق لا حرمة فيهما لذاتهما وإنما ترتبت الحرمة على القصد ؛ كونه مخالف لمقصد الشارع الحكيم فيكون هذا الفعل حراماً [85] .
3. ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى حيلة أو أدنى الحيل " [86] .
يعتبر هذا الحديث نصاً في تحريم استحلال محارم الله بالاحتيال ومعنى أدنى الحيل أي أقربها وأسهلها ومثاله : المطلق ثلاثاً فإنه يسهل عليه أن يدفع مالاً لمن ينكح مطلقته ليحلها له بخلاف الطريق الشرعي التي هي نكاح الدوام والرغبة فإنه يصعب معها عودها إليه [87] .
وأخيراً فإن هذا غيض من فيض إذ أن الأدلة كثيرة وفي ذلك يقول ابن تيمية : " ودلائل تحريم الحيل من الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار كثيرة ذكرنا منها نحوا من ثلاثين دليلا فيما كتبناه في ذلك وذكرنا ما يحتج به من يجوزها " [88] .
ثالثاً : دليلهم من الإجماع :
أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على ذم الحيل وتحريمها واستدلوا على قولهم بعده وجوه منها [89] .
الأول : أنه لم يؤثر عن أحد منهم أنه عمل بالحيل أو أفتى بها أو أرشد إليها مع قيام الداعي على القول بها فدل ذلك على عدم مشروعيتها بالإجماع لأنها لو كانت مشروعة لفعلوها عند قيام الداعي والحاجة إلا أنه لم ينقل عنهم ذلك .

الثاني : على الرغم من أنه لم يرد أنهم أفتوا بشيء من الحيل ولم يعملوا بها مع قيام الداعي على ذلك فقد أفتوا بتحريمها والإنكار على من فعلها ولم يخالف هذا الإنكار أحد منهم على مر الزمان وزوال ما كان يظن أن السكوت لأجله وليس أدل على ذلك مما ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما " وقد أقره على ذلك سائر الصحابة على ذلك وتبعة في الفتوى عثمان وعلي وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين وغيره الكثير وتبعهم في ذلك أيضاً عامة التابعين فدل ذلك بوجه قاطع على منع الحيل وتحريمها [90] .
الثالث : عدم النقل إذ لم يرد إلينا في الكتب المصنفة في فتاوى الصحابة شيئاً يدل أو يشير أنهم كانوا يقولون بالحيل أو يفتون بها إلا ما ورد عن بعضهم من المعاريض القولبة أو الفعلية وليس هذا من قبيل الحيل التي هي محل حديثنا[91] .
رابعاً : دليلهم من المعقول :
1. الشريعة وضعت لتحصيل مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم على نحو لا يختل معه انتظامها ومن هنا كان على المكلف أن لا يقصد خلاف ما قصد الشارع الحكيم تحقيقاً لمعنى العبودية من جهة وتحقيقاً للمصالح المرجوة من جهة أخرى والمتحايل قد جعل مقصد الشارع مهملاً وما أهمله الشارع معتبراً وذلك فيه مضادة للشريعة ومناقضة واضحة وإن كل ما يفضي إلى تلك المضادة يكون باطلاً وعليه فإن الحيل أمر باطل [92] .
قال الشاطبي : " كل من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شرعت له فقد ناقض الشريعة وكل من ناقضها فعمله في المناقضة باطل فمن ابتغى في التكاليف ما لم تشرع له فعمله باطل " [93] .
2. أن الله تعالى فرض الفرائض وحرم المحرمات لم تحقيقاً لمصالح العباد ودرأً للمفاسد عنهم ، واحتيال الإنسان لأجل إسقاط التكاليف أو للوصول إلى محرم بفعل موافق للشرع ظاهراً ومخالف له في الباطن يكون من قبيل العبث بمقاصد الشريعة [94] ، قال الشاطبي : " الملكف إنما كلف بالأعمال من جهة قصد الشارع بها الأمر والنهي فإذا قصد بها غير ذلك كانت بفرض القاصد وسائل لما قصد لا مقاصد إذ لم يقصد بها قصد الشارع فتكون مقصودة بل قصد قصد آخر جعل الفعل أو الترك وسيلة له فصار ما هو عند الشارع مقصود وسيلة عنده وما كان شأنه هذا نقض لإبرام الشارع وهدم لما بناه وهو بذلك أيضاً مستهزىء بآيات الله لأن من آياته أحكامه التي شرعها " [95] .
3. أن الحيل فيها مناقضة لسد الذرائع على اعتبار أن الشارع الحكيم يسد الطرق الموصلة إلى الحرام بكل ممكن والمحتال يفتح تلك الطرق بكل وسيلة ممكنه وعليه فإن منع الحيل يكون من باب أولى إذ أن الشارع لما سد الذرائع المفضية إلى الحرام هو مانع لكل ما يوصل إلى الحرام من وسائل[96] .
المناقشة والترجيح​
بعد هذا العرض لأدلة المجيزين والمانعين نذكر ما رد به المبطلون للحيل على أدلة المجيزين لها إذ أنها لم تسلم من المعارضة والمناقشة وعلى النحو الأتي :
أولا : الرد على أدلتهم من الكتاب :
1. أما بالنسبة للآية التي تحدثت عن قصة يعقوب عليه الصلاة والسلام : {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [97] فهي لم ترد مورد العموم بل هي خاصة له والذي يؤكد هذه الخصوصية وجوه عده منها :
الوجه الأولى : قوله تعالى :{ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [98]، حيث خرجت الآية مخرج التعليل فعرف بذلك أن الله تعالى كافأه بهذا نظير صبره ورحمة بزوجه.
الوجه الثاني : ليس في الآية دليل على جواز الحيل بل غاية ما في الأمر أن الله أفتى أيوب عليه السلام بهذه الفتيا لئلا يحنث لأن كفارة الأيمان لم تكن مشروعة وعليه فليس في قوله تعالى: { فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ } [99] دليلاً على مشروعية الحيل أما في شرعنا فلا داعي لهذه الفتوى على اعتبار أن الله شرع لنا كفارة اليمين[100] .
الوجه الثالث : أن هذه الفتيات لو كان الحكم فيها عاماً في حق كل واحد ,لم يخفَ على نبي كريم موجب يمينه ,ولم يكن في قصها علينا كبير عبرة , فإنما يقص ما خرج عن نظائره لنعتبر به ,ونستدل به على حكمة الله فيما قصه علينا ,أما ما كان هو مقتضى العادة والقياس ,فلا يقص .
ويرد عليه أيضاً أن هذا شرع من قبلنا :إن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا مطلقاً ,فظاهر وإن قلنا :هو شرع لنا ,فهو مشروط بعدم مخالفته لشرعنا ,وقد انتفى الشرط ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة من بعده والتابعين ومن بعدهم ,فهموا من قوله تعالى : {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ } [101] وقوله {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }[102] أن يكون الضرب متفرقاً لا مجموعاً ,وبه عملوا فكانت مخالفة ذلك لشرعنا ظاهرة [103].
2- وأما قصة يوسف عليه السلام في وضعه الصواع في رحل أخيه , وان هذه حيلة يتوصل بها لأخذه ,فيتجه عليه :
أن هذا ليس من جنس الحيل المحرمة في شيء فليس فيه إبطال لشرع الله تعالى ولا استباحه لمحرماته , إذ لم يقصد يوسف بما فعل , إلا إن يضم أخاه إليه , تمهيداً لجمع شمل أسرته , وإيواء أبويه إليه ,وهو عمل مشروع نافع لهم جميعاً .
وقول بعضهم : إن يوسف قد روع أخاه إذ أظهره في صورة المتهم بالسرقة ,مردود ,بأن ما وقع لم يكن إلا باتفاق مع أخيه ورضاً منه , بدليل قوله تعالى : {وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [104] .


هذا بالإضافة إلى أن تحمل المشقة الهينة لتحصيل خير عظيم , معهود في كل الشرائع ومقبول عند كل العقول[105] .
3- أما قوله تعالى : { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً }[106] فلا علاقة له بالحيل ,بل المقصود منه الدعوى إلى تقوى الله , والوقوف عند حدوده ,وبيان نتائج ذلك ,حيث ينتج عن تقوى الله تعالى تيسير السبل وتذليل الصعاب والمضائق بوجه عام ,والحصول على الرزق الحلال بغير احتساب [107].
4- وأما ما استروحتم به من الآيات التي تنسب الخداع والمحال والكيد إلى الله تعالى ,وقلتم : إن نسبت ذلك على الله تعالى لا تجوز إلا على الوجه الحسن , وهو الحيلة إلى المباح واستخراج الحقوق ودفع الظلم .
فجوابه : إن كلامنا في الحيل التي يفعلها العبد لا فيما يفعله الله تعالى ,بل إن فيه تنبيه على بطلان الحيل , وان من كاد كيداً محرماً فإن الله يكيده , ويعامله بنقيض قصده ,وبمثل عمله, وهذه سنة الله في أرباب الحيل المحرمة أنه لا يبارك لهم فيما نالوه بهذه الحيل ,ويهيئ لهم كيداً على يد من يشاء من خلقه , يجزون به من جنس كيدهم وحيلهم[108] .
ثانياً : الرد على أدلتهم من السنة :
1. أما حديث التمر الجنيب ,فيرد عليه :أن الحديث لا يدل على جواز بيع العينة وغيرها من الحيل الربوية ,بل إن دلالة الحديث على تحريم الحيل الربوية ,اقرب منه إلى تحليلها من وجوه:
الأول : أن التحيل على استباحة الربا لو كان مشروعاً , لم يكن في تحريم الربا حكمه إلا تضييع الزمان ,وإتعاب النفوس بلا فائدة فإنه لا يشاء أحد أن يستحل رباً حرمه الله تعالى , إلا فعله بأدنى الحيل وأقربها , ففي ربا الفضل يمكنه في كل مال ربوي أن يقول: بعتك هذا المال بكذا ويسمي ما شاء ثم يقول : اتبعت به هذا المال الذي هو من جنسه , وفي ربا النسيئة فيمكنه أن يقول : بعتك هذه الحريرة بألف درهم إلى سنه مثلا ً ثم يقول: اشتريتها منك بتسعمائة حالة ,أو نحو ذلك . وهكذا ينقض المحتال ما احكمه الله تعالى بأيسر الطرق وأدناها بصور من العبث والخداع لم يكن لها حقيقته وليس فيها مقصود المتقاعدين قط , ثم ينسب ذلك إلى شريعة احكم الحاكمين !! [109] .
الثاني : أن النبي- صلى الله عليه وسلم- منع الرجل من أخذ الصاع من التمر الجيد بالصاعين من التمر الرديء ؛ لئلا يقع في الربا , ومعلوم أنه لو جاز ذلك بحيلة , وهي أن يتواطأ البائع والمشتري على الصاع بالصاعين, ثم يتوصلا إلى ذلك ببيع الصاعين بدراهم ثم يشتري بها الصاع كما زعم لم يكن في منعه -صلى الله عليه وسلم -, من ذلك فائدة أصلاً بل كان بيعه الصاعين بالصاع أسهل واقل مفسدة من توسط حيلة ,لا تغني عن المفسدة شيئاً بل قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث : [لا تفعل ] نهي يقتضي المنع بحيلة أو غير حيلة؛ لأن المنهي عنه لابد أن يشتمل على مفسده لأجلها ينهى عنه وتلك المفسدة لا تزول بالتحيل عليه بل تزيد [110].
الثالث : أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أمر الرجل ببيع مطلق وشراء مطلق , فقال : ( بع الجمع بالدراهم واتبع بالدراهم جنيباً) والمطلق بالشرع إنما يصدق على الصور التي أحلها لا على الصور التي حرمها , فهو مقيد بالبيع الصحيح الذي تترتب عليه آثاره , فحيث وقع فيه ما يفسده لم يدخل هذا في الإطلاق وبيع العينة وما في معناه من البيوع الربوية هي بيوع فاسدة قد حرمها الشارع بالأدلة العامة والخاصة وبذلك يكون قد خرج من هذا المطلق صور كثيرة نهى الشارع عنها , فإنه لا يمكن إن يصدق على هذه البيوع المحرمة , ما يجيء على لسان الشارع من بيع مطلق وشراء مطلق .
الرابع : أن مقصوده -صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث إنما هو بيان الطريق الشرعي الذي به يحصل شراء التمر الجيد لمن عنده تمر رديء ، وهو أن يبيع الرديء بثمن ثم يبتاع بالثمن تمراً جيداً ولم يكن مقصودة بيان صور البيع الجائزة أو المحرمة ولذلك لم يتعرض لشروط البيع وموانعه وإنما ذكر الحكم على وجه الجملة أو ؛ لأن المخاطب يفهم البيع الصحيح فلا يحتاج إلى بيان .
وعليه: فلا معنى للاحتجاج بهذا الحديث على حل صور معينة من صور البيع أو تحريم أخرى كما يزعم المحتالون وما هذا إلا بمثابة من يحتج بقوله تعالى : " وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ " [111] على حل نوع ما من الأطعمة المحرمة أو الأشربة المحرمة بدعوى أنه أطلق الأكل والشرب ولم يفصل مع أن المقصود بالآية بيان حل الأكل والشرب بحق الصائم في هذا الوقت وأن الإمساك عن الطعام يكون بطلوع الفجر الصادق فالاستدلال بمثل هذا باطل ومغالطة ظاهرة تؤدي إلى هدم أحكام الشرعية وزعزعة أركانها [112].

2. وأما حديث الرويجل وضربه بالشمراخ ، فيرد عليه :
أن هذا ليس من باب الحيل المحرمة التي فيها إسقاط التكاليف ، بل من باب الحرص عليها وإحلال ما هو أخف منها وأيسر محل ما يشق أو يتعذر ولهذا كان وارداً في من تدعو حاله إلى التخفيف عنه من مقعد أو مريض يخشى عليه ولا يرجى زوال مرضه أو شيخ قد ظهرت عروقه أي لا يطيق الحد المعرف فهؤلاء يجوز أن يضربوا بما يطيقون كشمراخ النخل وطرف الثوب وهي على خفتها قد يذوقوا منها من ألم العذاب مالا يذوقه الصحيح من الأسواط وبذلك يتحقق ما طلبه الله إلينا من الحد وهذا أولى من ترك حدهم بالكلية أو قتلهم بما يوجب القتل[113]
والتخفيف على ذوي الأمراض والأعذار وكبار السن وغيرهم ممن يتطلب مراعاة حالهم ومصالحهم في التكاليف مبدأ ثابت في الشريعة الإسلامية فأين هذا من الحيل المحرمة التي هي على خلاف ذلك .
3. وأما حديت الرجل الذي أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يطرح متاعه في الطريق ليتخلص من ظلم جاره له فالجوب عليه :
أنه من قال : إن هذا من الحيل المحرمة في شيء بل هو من أحسن المعاريض الفعلية وألطف الحيل العملية التي يتوصل بها إلى دفع ظلم الظالم وكف شره وعدوانه ونحن لا ننكر هذا النوع من الحيل وإنما الكلام في التحيل على استحلال محارم الله وإسقاط فرائضه وإبطال حقوق عباده أما هذا النوع من الحيل الواردة في هذا الحديث فليس فيها ضياع حق الله أو العبد فالمقصود منها مصلحة والطريق مباحة وفي إفضائها إليها نوع خفاء لعدم التفات الذهن إليها فانطبق عليها حد الحيلة [114] .

4. وأما حديث عبد الله بن بريده والذي استدلوا به على أن من حلف أن لا يفعل شيئا ثم أتى يبعضه لم يكن حانثا فيرد عليه :
إن هذا الاستنتاج غير مسلم به كحجة لإباحة الحيل في هذا المثل وأنه متى فعل ذلك فقد أتى بحقيقة الحنث ؛لأنه لم يرد مثل هذه الصورة قطعاً وإنما أراد به إذا أكل لقمه مثلاً من الطعام الذي حلف أنه لا يأكله أو حبه من القطف الذي حلف على تركه ولم يرد أنه يأكل القطف إلا حبة واحدة منه وعالم لا يقول هذا .
ثم إنه يلزم من هذا أن المكلف متى فعل القدر اليسير من الفعل المأمور به أو ترك القدر اليسير من الفعل المنهي عنه كان مطيعاً في الأمر والنهي وإن فعل جملة المنهي عنه أو ترك جملة المأمور به ؛لأن البر والحنث في الأيمان نظير الطاعة والمعصية في الأمر والنهي وعليه فأنه يجوز للمحرم في الإحرام حلق تسعة أعشار رأسه بل وتسعة أعشار العشر الباقي ؛لأن الله تعالى إنما نهاه عن حلق رأسه كله لاعن بعضه كما يفتي لمن حلف أن لا يحلق رأسه أن يحلقه إلا القدر اليسير منه .
ولذلك لا يبر من حلف على شيء إلا بفعل المحلوف عليه جميعه لا بفعل بعضه كما لا يكون مطيعا إلا بفعل ما أمر به جميعه ويحنث بفعل بعض ما حلف عليه كما يعصي بفعل بعض ما نهى عنه [115] .
وهذا كله إن سلمنا بصحة رواية إخراج الرسول - صلى الله عليه وسلم - إحدى رجليه من المسجلان ؛لأن الحديث قد روي بطرق أخرى ولم يذكر فيها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- اخرج إحدى رجليه من المسجد وبذلك يضطرب الاستدلال بهذا الحديث ؛ لأن الشاهد منه يعتمد على هذه العبارة والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال .
الرد على دليلهم من القياس :
أما قياسهم الحيل على المعاريض فيرد عليه أن هذا القياس مع الفارق وذلك للأسباب التالية :
1. أنه من سلم لكم أن المعارض إذا تضمنت استباحة الحرام وإسقاط التكاليف وبطال التكاليف كانت جائزة بل هي محرمة قطعاً وإنما تجوز المعاريض إذا كان فيها تخلص من ظالم أو فعل واجب أو مستحب أو مباح ولا مناقضة لقصد الشارع في هذا فكيف يقاس عليها الحيل المناقضة لقصد الشارع .
2. أن كل ما وجب بيانه فالتعريض فيه حرام ؛ لأنه كتمان وتدليس ويدخل في هذا الإقرار بالحقوق والتعرض في الأيمان الواجبة والشهادات الملزمة والعقود بأسرها ووصف المعقود عليه والفتيا والتحديث والقضاء ونحو ذلك وكل ما حرم بيانه فالتعريض فيه جائز بل واجب إن اضطر إلى الخطاب وأمكن التعريض فيه كالتعريض لسائل عن مال معصوم أو نفس معصومة يريد أن يعتدي عليهما .
قال الغزالي في الإحياء , بعد أن تحدث عن المعاريض وجواز استعمالها : ( وإنما أرادوا بذلك , إذا اضطر الإنسان إلى الكذب , فأما إذا لم تكن حاجه وضرورة فلا يجوز التعريض ولا التصريح جميعاً , ولكن التعريض أهون ) [116] .
3. أن المعرض إنما تكلم بحق ونطق بصدق فيما بينه وبين الله تعالى , وإنما فهم السمع خلاف ما عناه المعرض , لضعف فهمه وقصوره في معرفة دلالة الألفاظ .
ومعاريض النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده , أكثرها كانت من هذا النوع ,فكيف يقاس عليها الحيل التي هي على العكس من ذلك والتي قصد المحتال بها خلاف ما يقتضيه قوله أو فعله .
وإذ تبين الفرق الكبير بين الحيل والمعاريض , فأين أحد البابين من الآخر؟! وهل هذا إلا من أفسد القياس ؟ وهو كقياس الربا على البيع والميتة على المذكى !
وأخيراً استدلالهم من المعقول :
حيث قالوا : إن العقود الشرعية ما هي إلا حيل يتوصل بها إلى إسقاط الحدود والمآثم , فعقد البيع حيلة على حصول الانتفاع بملك الغير , وعقد النكاح حيلة للاستمتاع بالبضع دون حد, وهكذا سائر العقود الأخرى ,حيلة على حصول المقصود الذي لا يباح إلا بها .
والجواب عليه :
أن هذا مجرد قياس للفاسد على الصحيح ,فإن العقود ليست حيلاً بل طرقاً شرعية لجلب المنافع ودفع المضار ,ونحن لا نقول ببطلان الحيلة إذا كانت وسيلة إلى منفعة مشروعة , وإنما نقول ببطلان الحيل التي يتوصل بها إلى استباحة المحرمات وإسقاط التكاليف .
ثم إن القضية ليست قضية ألفاظ مجردة فحسب, بل قضية مقاصد مصاحبة لتلك الألفاظ ,كما أقرها الشارع بمراعاة شروطها وموانعها .والمحتال بعيد كل الُبعد عن ذلك , فهو لا يقصد باللفظ أو التصرف مقصودة الذي جعل لأجله , بل يريد أن يأتي بصورته ليستحل ما حرمه الله تعالى , من الأشياء التي لم يأذن في قصد إحلالها [117].
أما قولهم: إن قصد الاحتيال أمر باطن في القلب ,ونحن قد أمرنا أن نقبل من الناس علانيتهم ,ولم نؤمر أن ننقب عن قلوبهم وبواطنهم فيرد عليه:
أننا نسلم لكم أن الأحكام في الدنيا مبني على الظاهر لا على الباطن ,ولكن إذا تبين لنا بقرينة لفظية أو عُرفيه أو حالية أو غيرها , أن الباطن مخالف للظاهر , فإنا نرتب الحكم على الباطن المدلول عليه بالأمارات والقرائن وعندها نكون قد حكمنا أيضاً بالظاهر الدال على الباطن ,لا بمجرد الباطن.
فإن إذا رأينا تيساً من التيوس معروفاً بكثرة التحليل وهو من اسقط الناس ديناً وخلقاً ودنيا , قد تزوج فتاة الحي التي ينتخب لها الأكفاء , بعد أن طلقت ثلاثاً بدراهم معدودة أو بصداق يبلغ ألوفاً مؤلفه لا يصدق مثلها من أمثاله ثم عجل لها بالطلاق أو بالخلع وربما انضم إلى ذلك استعطاف قلبه والإحسان إليه علم قطعاً أنه تحليل لا نكاح ومن شك في هذا فهو مصاب في عقله وكذلك سائر الحيل الربوية وغيرها فواجب من تبين له ذلك أن لا يعين عليه وأن يعظ فاعله وينهاه عنه وإن كان ذا سلطة يأخذ فاعله بالعقوبة المناسبة [118].
النتيجة:
وبعد هذا العرض لأدلة الفريقين المانعين للحيل ,والمجيزين لها والرد عليهم ويتضح لنا أن غالب أدلة المانعين والمجيزين لا تلتقي على محل واحد إذ تقدم – في بيان موقف الفقهاء من الحيل – أن من الحيل ما هو مجمع على تحريمه وعدم القول به وأنه حينما يقصد المكلف التحايل على ما حرمه الله والخروج عن شريعته فإن ذلك ممنوع لدى جميع علماء الأمة . وأن منها ما هو مباح ومقبول باتفاق العلماء أيضاً وإنما الخلاف في صوره معينه – كما تقدم-.
وعلى هذا : فإن غالبية الأدلة التي أتى بها المجيزون الحيل كانت تفيد جواز الحيل المباحة التي تتفق ومقاصد الشارع أما الحيل التي تؤدي استحلال المحرمات أو إسقاط الواجبات أو إبطال الحقوق فلا ينطبق عليها ذلك .وأن ما أتى بها المانعون من أدله إنما تفيد تحريم الحيل المناقضة لأصول التشريع والتي تلغي حكمه وأسراره ,وأما الحيل التي يقصد بها فعل واجب أو ترك محرم أو إحقاق حق أو دفع ظلم أو إبطال باطل ونحو ذلك مما يحقق مقصود الشارع الحكيم فلا ينطبق علها ذلك أيضاً .
وهذا لم يختلف فيه الفقهاء بل هو محل اتفاقهم وبذلك يكون الخلاف بين المجيزين للحيل والمانعين لها خلافاً شكلياً في الظاهر أما في الحقيقة فهو وجهان لشيء واحد أما من أراد الاستدلال بأدلة المجيزين للحيل ,على جواز الحيل مطلقاً , فإنه غير مدرك لحقيقة تلك الأدلة , ولم يستعرضها بفهم ثاقب ,لأنها لا تفيد ذلك قطعاً بل هي معارضة بأدلة أقوى منها دلالة وأكثر عدداً.
يقول الطاهر بن عاشور , بعد ذكره لأنواع الحيل وبعض أدلتها :
( فإذا تقررت هذه الأنواع , لدى من يستعرضها بفهم ثاقب ويجعل المكابرة ظهرياً , يوقن بأن ما يجب لصحة التحيل الشرعي من الأدلة إنما هي أدلة غير متبصر بها , ولا يعسر عليه بعد هذا تنزيلها منازلها وإبداء الفروق بينها)[119].
وأما الصورة التي يقع فيها الخلاف بين الفقهاء والتي هي محل الإشكال والغموض , فهذه لا يمكن الحكم عليها جملة, وإنما يحكم على كل مسألة بمفردها , وبعُد النظر إلى ما يعتمده كل فقيه من قواعد وأدلة , لإباحة تلك الحيلة أو منعها .
على أنه لا يصح أن يقال – وكما قال الإمام الشاطبي -: إن من أجاز التحيل في بعض المسائل , مقّر بأنه خالف في ذلك قصد الشارع , وإنما أجازه بناءً على تحري قصده , ,وأن مسألته لاحقه بقسم التحيل الجائز , الذي علم قصد الشارع إليه , ؛لأن مصادمة الشارع صراحةً علماً أو ظناً لا تصدر من عوام المسلمين ,فضلاً عن أئمة الهدى وعلماء الدين , كما أن المانع إنما منع , بناءً على أن ذلك مخالف لقصد الشارع ولما وضع في الأحكام من المصالح[120] .


الخاتمة
بعد هذا التطواف في موضوع الحيل الفقهية فقد خرجت بجملة من النتائج أهمها :
1. الحيل في أصلها اللغوي يراد بها : الحذق وجودة النظر ثم صارت تطلق في عرف الناس على الطرق الخفية التي يتوصل بها إلى بلوغ المراد . أما في عرف الفقهاء فالمقصود بها الطرق الخفية التي يتوصل بها إلى إبطال الأحكام الشرعية وتعطيل مقاصد الشريعة .
2. الحيل المحرمة لم يقل بها أحد من العلماء وأن ما أثر عنهم من الحيل كان بقصد التيسير على الناس وهذا لا يتعارض مع ما هو مقرر في الشريعة .
3. لا يمكن إطلاق القول على حرمة كل الحيل كما لا يمكن القول بإباحة كل الحيل فإن من الحيل ما هو متفق على حرمتها ومنها ما هو متفق على تحليله ومنها ما هو مختلف فيه والضابط فيه هو النظر على مقصود الشارع .
قائمة المصادر والمراجع​

1. ابن إبراهيم، محمد ، الحيل الفقهية في المعاملات، الدار العربية للكتاب ، تونس .
2. ابن القيم ، أبو عبد الله ، شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان ، تحقيق : د. السيد الجميلي ، دار ابن زيدون ، بيروت / لبنان .
3. ابن القيم ، أبو عبد الله ، شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، أعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد ،دار النشر: دار الجيل - بيروت – 1973 .
4. ابن الهمام ، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، شرح فتح القدير، ط/ 2 ، دار النشر: دار الفكر – بيروت .
5. ابن تيمية ، أبو العباس ، أحمد عبد الحليم الحراني، كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، ط/2 ، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي ، دار النشر: مكتبة ابن تيمية .
6. ابن تيمية،أبو العباس ، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ، الفتاوى الكبرى، تحقيق: قدم له حسنين محمد مخلوف ، دار النشر: دار المعرفة – بيروت.
7. ابن حجر ، أحمد بن علي ، أبو الفضل العسقلاني الشافعي ، فتح الباري شرح صحيح البخاري ، دار النشر: دار المعرفة - بيروت، تحقيق: محب الدين الخطيب .
8. ابن عاشور ، محمد الطاهر ،مقاصد الشريعة الإسلامية، الشركة التونسية للتوزيع ، تونس ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، 1985م .
9. ابن قدامة ، أبو محمد، عبد الله بن أحمد ، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني،ط/1 ، دار النشر: دار الفكر - بيروت – 1405 .
10.ابن كثير ، أبو الفداء ، إسماعيل بن عمر الدمشقي ، تفسير القرآن العظيم ، دار النشر: دار الفكر - بيروت – 1401 .
11.ابن ماجه ، أبو عبد الله ، محمد بن يزيد القزويني ، سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار النشر: دار الفكر - بيروت .
12.ابن منظور، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب ،ط/1 ، دار النشر: دار صادر – بيروت .
13.أبو حيان ، محمد بن يوسف ، تفسير الشهير ( البحر المحيط ) ، ط/1 ، دار الكتب العلمية – بيروت .
14.أبو داود ، سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي ، سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار النشر: دار الفكر.
15.أبو زهره ، محمد ، الإمام أبو حنيفة حياته وعصره – آراؤه وفقهه ، ط2 ، دار الفكر العربي للنشر .
16.الأصفهاني ، أبو القاسم، الحسين بن محمد ، المفردات في غريب القرآن، دار النشر: دار المعرفة - لبنان، تحقيق: محمد سيد كيلاني .
17.بحيري ، الحيل في الشريعة الإسلامية وشرح ما ورد فيها من الآيات والأحاديث( أو كشف النقاب عن موقع الحيل من السنة والكتاب )
18.بحيري ، محمد عبد الوهاب ،الحيل في الشريعة الإسلامية وشرح ما ورد فيها من الآيات والأحاديث( أو كشف النقاب عن موقع الحيل من السنة والكتاب ) مطبعة السعادة ، القاهرة / مصر 1394هـ ،/ 1974م.
19.البخاري، أبو عبد الله ، محمد بن إسماعيل الجعفي ، الجامع الصحيح المختصر، ط/ 2 ، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا ، دار النشر: دار ابن كثير , اليمامة - بيروت – 1407هـ – 1987 .
20.البوطي ، محمد سعيد رمضان ، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية ، ط/4 ، دمشق ، دار الفكر ، 2005م .
21.البيهقي ، أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ، سنن البيهقي الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار النشر: مكتبة دار الباز - مكة المكرمة – 1414ه – 1994م .
22.حسب الله ، علي ، أصول التشريع الإسلامي ، دار المعارف ، القاهرة ، 1985م .
23.الحموي ، أبو العباس ، شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني، غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )، ط/ 1 ، تحقيق: شرح مولانا السيد أحمد بن محمد الحنفي الحموي، دار النشر: دار الكتب العلمية - لبنان/بيروت - 1405هـ - 1985م .
24.الخطيب البغدادي ، أبو بكر ، أحمد بن علي ، تاريخ بغداد، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت ، ابن إبراهيم، محمد ، الحيل الفقهية في المعاملات، ، الدار العربية للكتاب ، تونس .
25.الدارقطني ، أبو الحسن، علي بن عمر البغدادي، سنن الدارقطني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم يماني المدني ، دار النشر: دار المعرفة - بيروت - 1386 – 1966.
26.الزمخشري ، أبو القاسم ، محمود بن عمر الخوارزمي ، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: عبد الرزاق المهدي .
27.السرخسي ، شمس الدين، المبسوط، دار النشر: دار المعرفة – بيروت .
28.الشاطبي ، إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي ، الموافقات في أصول الفقه، دار النشر: دار المعرفة - بيروت، تحقيق: عبد الله دراز .
29.شمس الدين ، محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي ، تنقيح تحقيق أحاديث التعليق ،ط/1 ، تحقيق: أيمن صالح شعبان ، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1998م .
30.الشوكاني ، محمد بن علي بن محمد ،نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، دار النشر: دار الجيل - بيروت – 1973 م .
31.الطبري، أبو جعفر ، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت .
32.العراقي، أبو الفضل ،المغني عن حمل الأسفار، ط/1 ، تحقيق: أشرف عبد المقصود، دار النشر: مكتبة طبرية - الرياض - 1415هـ - 1995م .
33.الغزالي ، أبو حامد ، محمد بن محمد ،إحياء علوم الدين، دار النشر: دار االمعرفة – بيروت.
34.الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي ، دار النشر: المكتبة العلمية – بيروت .
35.الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي ، دار النشر: المكتبة العلمية – بيروت .
36.محمصاني ، صبحي رجب ، فلسفة التشريع في الإسلام ، ط/5، دار العلم للملايين بيروت ، 1980 .
37.الموسوعة الفقهية، ط/1، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية،الكويت ، 1409هـ - 1989م .
38.نظام ، وجماعة من علماء الهند ، الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، دار النشر: دار الفكر - 1411هـ - 1991م .
39.النووي ، أبو زكريا ، يحيى بن شرف بن مري ، صحيح مسلم بشرح النووي، ط/2،دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت – 1392.
40.الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار النشر: دار الريان للتراث/‏دار الكتاب العربي - القاهرة , بيروت – 1407 .

[1] ابن منظور، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب ،ط/1 ، دار النشر: دار صادر – بيروت (1/ 185- 186 ) .

[2] الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي ، دار النشر: المكتبة العلمية – بيروت، (1/157 ) .

http://www.feqhweb.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref3 [3] شمس الدين ، محمد بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي ، تنقيح تحقيق أحاديث التعليق ،ط/1 ، تحقيق: أيمن صالح شعبان ، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1998م، ( 3/ 426 ) .

[4] ابن تيمية،أبو العباس ، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ، الفتاوى الكبرى، تحقيق: قدم له حسنين محمد مخلوف ، دار النشر: دار المعرفة – بيروت، (3 / 191 ) .

[5] ابن القيم ، أبو عبد الله ، شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد ،دار النشر: دار الجيل - بيروت – 1973، (3/240) .

[6] الشاطبي ، إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي ، الموافقات في أصول الفقه، دار النشر: دار المعرفة - بيروت، تحقيق: عبد الله دراز ، (4/201 ) .

[7] ابن حجر ، أحمد بن علي ، أبو الفضل العسقلاني الشافعي ، فتح الباري شرح صحيح البخاري ، دار النشر: دار المعرفة - بيروت، تحقيق: محب الدين الخطيب ، (12/326 ) .

[8] الحموي ، أبو العباس ، شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني، غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )، ط/ 1 ، تحقيق: شرح مولانا السيد أحمد بن محمد الحنفي الحموي، دار النشر: دار الكتب العلمية - لبنان/بيروت - 1405هـ - 1985م ، ( 1/ 38) .

[9] البوطي ، محمد سعيد رمضان ، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية ، ط/4 ، دمشق ، دار الفكر ، 2005م ، (305 )

[10] البخاري، أبو عبد الله ، محمد بن إسماعيل الجعفي ، الجامع الصحيح المختصر، ط/ 2 ، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا ، دار النشر: دار ابن كثير , اليمامة - بيروت – 1407هـ – 1987 م .(2 / 526) .

[11] البيهقي ، أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى ، سنن البيهقي الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار النشر: مكتبة دار الباز - مكة المكرمة – 1414ه – 1994م، ( 7/ 208 ) .

[12] ابن القيم ، إعلام الموقعين عن رب العالمين، (3/173) .

[13] ابن تيمية،أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ، الفتاوى الكبرى ، تحقيق: قدم له حسنين محمد مخلوف ، دار النشر: دار المعرفة – بيروت، ( 3/164) .

[14] ابن حجر ، فتح الباري شرح صحيح البخاري ،( 12/ 326 )

[15] السرخسي ، شمس الدين، المبسوط، دار النشر: دار المعرفة – بيروت ، (30/209 ) .

[16] محمصاني ، صبحي رجب ، فلسفة التشريع في الإسلام ، ط/5، دار العلم للملايين بيروت ، 1980 ، (348 ) .

[17] ابن القيم ، إعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3 / 334 ) .

[18] المرجع السابق ، ( 3 / 336 ) .

[19] ابن القيم ، إعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3/ 337 ، وما بعدها ) .

[20] المرجع السابق ، ( 3 / 335 ) .

[21] ابن القيم ، أبو عبد الله ، شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان ، تحقيق : د. السيد الجميلي ، دار ابن زيدون ، بيروت / لبنان ، ( 3 / 194 – 203 ) .

[22] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3/ 242 ) .

[23] ابن تيمية ، الفتاوى الكبرى ، ( 3/ 202 ) .

[24] الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه ، ( 2/ 387- 388 ) .

[25] وهو كتب مذموم ذمه أهل العلم حتى عدو واضعه شيطاناً كما قال ابن المبارك . انظر أقوال العلماء في هذا الكتاب في : ابن القيم ، أعلام الموقعين عن رب العالمين، ( 3 / 177) ، وقد حاول الخطيب البغدادي نسبة هذا الكتاب إلى الإمام إذ يروي عن عبد الله بن المبارك أنه قال :" من نظر في كتاب الحيل لأبي حنيفة أحل ما حرم الله وحرم ما أحل الله " وما روي أيضاً عن احمد بن سعيد الدارمي إذ يقول: "سمعت النضر بن شميل يقول في كتاب الحيل كذا كذا مسألة كلها كفر " .انظر : الخطيب البغدادي ، أبو بكر ، أحمد بن علي ، تاريخ بغداد، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت ،(13/426 - 427 ) ، إلا أن نسبة هذا الكتاب إلى الإمام أبي حنيفة مردودة إ؛ ذ كيف يوفق بين هذا النقل عن ابن المبارك وبين النقل الذي يفيد أن ابن المبارك كان يحسن الظن بالإمام أبي حنيفة . انظر : الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ،(13/337) .

[26] نظام ، وجماعة من علماء الهند ، الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، دار النشر: دار الفكر - 1411هـ - 1991م (6/390 ) .

[27] أبو زهره ، محمد ، الإمام أبو حنيفة حياته وعصره – آراؤه وفقهه ، ط2 ، دار الفكر العربي للنشر ، ( 426) .

[28] أعلام الموقعين عن رب العالمين ، (3/281 ) .

[29] المرجع السابق ، (3/199) .

[30]الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه ، ( 2/380 ) .

[31] ابن قدامة ، أبو محمد، عبد الله بن أحمد ، المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني،ط/1 ، دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1405، ( 4 / 56) .

[32] الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه ، (2/387 ) .

[33] المرجع السابق ، (2/337 ) .


[34] انظر أدلة المجيزين في كتاب : ابن القيم ، أعلام الموقعين عن رب العالمين ،( 3/ 189، وما بعدها ) ، والسرخسي ، المبسوط ،( 30 / 209 وما بعدها ) .

[35] سورة : ص الآية رقم : ( 44 ) .

[36] ابن كثير ، أبو الفداء ، إسماعيل بن عمر الدمشقي ، تفسير القرآن العظيم ، دار النشر: دار الفكر - بيروت – 1401 ، ( 4 / 41 ) ، البوطي ، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية ،( 316 ) .

[37] البوطي ، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية ( 304-305 ) .

[38] ابن ماجه ، أبو عبد الله ، محمد بن يزيد القزويني ، سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار النشر: دار الفكر - بيروت ، ( 2/ 859-860 ) .

[39] أبي حيان ، محمد بن يوسف ، تفسير الشهير ( البحر المحيط ) ، ط/1 ، دار الكتب العلمية – بيروت ، ( 7 / 385 ) ، البوطي ، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية ، ( 316 -317 ) .

[40] سورة يوسف : الآية رقم : ( 70-76 )

[41] الزمخشري ، أبو القاسم ، محمود بن عمر الخوارزمي ، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار النشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: عبد الرزاق المهدي ، (2/ 464 ) .

[42] سورة الطلاق : الآية رقم : (2) .

[43] ابن حجر ، فتح الباري شرح صحيح البخاري ، ( 12 / 326 ) .

[44] سورة النمل: الآية رقم : (50 ) .

[45] ابن القيم ، أعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3/ 190 ) .

[46] سورة النساء ، الآية رقم : (97) .

[47] بحيري ، محمد عبد الوهاب ،الحيل في الشريعة الإسلامية وشرح ما ورد فيها من الآيات والأحاديث( أو كشف النقاب عن موقع الحيل من السنة والكتاب ) مطبعة السعادة ، القاهرة / مصر 1394هـ ،/ 1974م، ( 324 ) .

[48] سورة النساء : الآية رقم : ( 142 ) .

[49] سورة الأنفال : الآية رقم : (30 ) .

[50] الأصفهاني ، أبو القاسم، الحسين بن محمد ، المفردات في غريب القرآن، دار النشر: دار المعرفة - لبنان، تحقيق: محمد سيد كيلاني ، ( 138 ) .

[51] الجنيب : الجيد من التمر .

[52] الجمع: الرديء من التمر .

[53] ابن القيم ، أعلام الموقعين عن رب العالمين ، (3 / 190 ) .

[54] النووي ، أبو زكريا ، يحيى بن شرف بن مري ، صحيح مسلم بشرح النووي، ط/2،دار النشر: دار إحياء= = التراث العربي - بيروت - 1392، ( 11/ 21 ) .

[55] سبق تخريجه .

[56] البوطي ، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية ، ( 309 ) .

[57] سورة ، ص ، الآية رقم (44 ) .

[58] الشوكاني ، محمد بن علي بن محمد ،نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، دار النشر: دار الجيل - بيروت – 1973 م، (7 / 285 ) .

[59] ابن الهمام ، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، شرح فتح القدير، ط/ 2 ، دار النشر: دار الفكر – بيروت ، (5/245 ) .

[60] أبو داود ، سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي ، سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار النشر: دار الفكر ( 4/339) .

[61] الدارقطني ، أبو الحسن، علي بن عمر البغدادي، سنن الدارقطني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم يماني المدني ، دار النشر: دار المعرفة - بيروت - 1386 – 1966، (1 / 310) .

[62] ابن القيم ، أعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3/193 ) .

[63] ابن تيمية ، الفتاوى الكبرى ، ( 3 / 205 ) .

[64] سورة البقرة : الآية رقم : (235 ) .

[65] البخاري ، الجامع الصحيح المختصر ، (3 / 1432) .

[66] الطبري، أبو جعفر ، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت ، (2 /435-436).

[67] سورة الواقعة ، الآية رقم : 35- 37 ) .

[68] أخرجه ، الترمذي في الشمائل هكذا مرسلا وأسنده ابن الجوزي في الوفاء من حديث أنس بسد ضعيف . انظر : العراقي، أبو الفضل ،المغني عن حمل الأسفار، ط/1 ، تحقيق: أشرف عبد المقصود، دار النشر: مكتبة طبرية - الرياض - 1415هـ - 1995م، (2/795 ) ، الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار النشر: دار الريان للتراث/‏دار الكتاب العربي - القاهرة , بيروت – 1407 ،، ( 10 / 419) .

[69] أبو داود ، سنن أبي داود ، ( 4/ 300 ) .

[70]الغزالي ، أبو حامد ، محمد بن محمد ،إحياء علوم الدين، دار النشر: دار االمعرفة – بيروت ، (3 / 139) .

[71] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ، (3/ 191- 192) .

[72] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ،( 3 / 192، 197 ، 198 ) .

[73] البوطي ، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية ، ( 299 ، 303 ، 304 ) .

[74] الموسوعة الفقهية، ط/1، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية،الكويت ، 1409هـ - 1989م ،( 18/ 332 ) .

[75] سورة البقرة ، الآية رقم : (8 -9) .

[76] النساء ، الآية رقم :( 142) .


[77] الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه ، (2 / 380- 381) .

[78] سورة البقرة ، الآية رقم : (231 ) .

[79] الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه ، ( 2 / 381 ) .

http://www.feqhweb.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref80 [80] سورة البقرة ، الآية رقم : ( 65 ) .


[81] ابن القيم ، أعلام الموقعين عن رب العالمين ، (3 / 162 ) .

[82] البخاري ، الجامع الصحيح المختصر ، ( حديث 54 / ج 1 / ص30 ) ، النووي ، صحيح مسلم بشرح النووي ، ( حديث 1907 ، 3 /ص 1516 ) .

[83] ابن حجر ، فتح الباري شرح صحيح البخاري ، (12 / 327-328 ) ، ابن القيم ، أعلام الموقعين عن رب العالمين ( 3 / 164) .

[84] البخاري ، الجامع الصحيح المختصر،( حديث 1382 ، ج2 /ص 526 ) .

http://www.feqhweb.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref85 [85] الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه ، ( 2/382 ) .

http://www.feqhweb.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref86 [86] شمس الدين، تنقيح تحقيق أحاديث التعليق،( 3/ 426 ) .

[87] ابن تيمية ، الفتاوى الكبرى ، ( 3 / 132 ) .

[88] ابن تيمية ، أبو العباس ، أحمد عبد الحليم الحراني، كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، ط/2 ، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي ، دار النشر: مكتبة ابن تيمية، (29/ 29 ) .

[89] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3/ 173 وما بعدها ) .

[90] ابن تيمية ، الفتاوى الكبرى ، (3 / 165، 165 ) ، ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ،( 3/ 173 -174) .

[91] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3/ 173 -174) .

[92] الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه، ( 2 / 331 ) .

[93] الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه ، (2/ 333) .

[94] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3 / 180 -181) .

[95] الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه ،( 2 / 334- 335 ) .

[96] بحيري ، الحيل في الشريعة الإسلامية وشرح ما ورد فيها من الآيات والأحاديث( أو كشف النقاب عن موقع الحيل من السنة والكتاب ) ، ( 242 ) .

[97] سورة ص : الآية رقم : ( 44 ) .

[98] سبق تخريجها .

[99] سبق تخريجها .

[100] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3 / 210 ) .

[101] سورة النور : الآية رقم : ( 2) .

[102] سورة النور : الآية رقم : ( 4) .

[103] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3 / 210-212 ) .

[104] سورة يوسف : الآية رقم : (69 ) .

[105] حسب الله ، علي ، أصول التشريع الإسلامي ، دار المعارف ، القاهرة ، 1985م ،( 325 )

[106] سورة الطلاق : الآية رقم : (2) .

[107] ابن إبراهيم، محمد ، الحيل الفقهية في المعاملات، ، الدار العربية للكتاب ، تونس ، ( 107 ) .

[108] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3/ 220 ) .

[109] ابن تيمية ، الفتاوى الكبرى، ( 3/ 220-221 ) .

[110] ابن القيم ، اعلام الموقعين عن رب العالمين ، ( 3/ 233 ) .

[111] سورة البقرة ، الآية رقم : (187) .

[112] ابن تيمية، الفتاوى الكبرى ، ( 3 / 224 ، 225)

[113] ابن تيمية، الفتاوى الكبرى ، ( 3 / 225 ) .

[114] ابن القيم ، أعلام الموقعين عن رب العالمين ،( 3 / 239-240 ) .

[115] ابن القيم ، أعلام الموقعين عن رب العالمين ،( 3 / 294 -295 ) .

[116] الغزالي ، إحياء علوم الدين ، (3 / 139 ) .

[117] ابن ابراهيم ، الحيل الفقهية ،( 112) .

[118]ابن تيمية ، الفتاوى الكبرى ، ( 3 / 275) .

[119] ابن عاشور ، محمد الطاهر ،مقاصد الشريعة الإسلامية، الشركة التونسية للتوزيع ، تونس ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، 1985م ، ( 114) .

[120] الشاطبي ، الموافقات في أصول الفقه ، (2 / 388 ) .
 
أعلى