العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. أما بعد:

فإن القياس من الأدلة الكبرى في الأصول، ومنه ما هو جلي ومنه ما هو خفي.
وَمن الخفي: قِيَاس الشّبَه، وهو: أَن يتَرَدَّد فرع بَين أصلين لَهُ شبه بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا، وَشَبَهُه بِأَحَدِهِمَا أَكثر، فَيُرَدّ إِلَى أكثرهما شبهاً بِهِ.

ووجه كونه قياساً خفياً هو أن معنى الأصل ليس متحققاً بكماله في الفرع كما هو ظاهر من تعريفه آنفاً.

قال الشيرازي في "اللُّمَع": وذلك مثل أن يتردد الفرع بين أصلين يشبه أحدهما في ثلاثة أوصاف ويشبه الآخر في وصفين، فيرد إلى أشبه الأصلين به.
- وذلك كالعبد يشبه الحر في أنه آدمي مخاطب مثاب معاقب، ويشبه البهيمة في أنه مملوك مقوَّم، فيُلحق بما هو أشبه به..
- وكالوضوء يشبه التيمم في إيجاب النية من جهة أنه طهارة عن حدث، ويشبه إزالة النجاسة في أنه طهارة بمائع، فيلحق بما هو أشبه به". أهـ

وقد تنازع الناس في هذا النوع من القياس اختلافاً كثيراً:
- فمنهم من منع الاحتجاج به وأنه لا يصح؛ لأنه ليس بقياس العلة الذي هو حجة.
- ومنهم من صححه بشرط، أو شرطين، أو ثلاثة.

فلنناقش هذه المسألة: حجية قياس الشبه، والله أسأل أن يوفقنا أجمعين ويسدد أقوالنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

وإياكم،، ولكنني لا أزال أرى قياسَ غلبةِ الأشباه داخلاً فيه من وجه، ولعلكم توضحون مقصودكم لمزيد فائدة.
حتى إنه قد يُفهَم وجه إدخاله تحته بما ذكره أبو محمد ابن حزم -أيضاً- في "الإحكام": ومنه قياس الشبه، ثم اختلفوا في هذا النوع من القياس فقالوا: هو على الصفات الموجودة في العلة، وذلك مثل أن يكون في الشيء خمسة أوصاف من التحليل وأربعة من التحريم فيغلب الذي فيه خمسة أوصاف على الذي فيه أربعة أوصاف، وقال آخرون منهم: وهو على الصور كالعبد يشبه البهائم في أنه سلعة متملكة، ويشبه الأحرار في الصور الآدمية. أهـ الغرض منه
وقال الغزالي : ولعل جُل أقيسة الفقهاء ترجع إلى قياس الشبه. أهـ
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

يرى الدكتور عبد الكريم النملة في كتابه "المهذب" ما قررته الدكتورة الفاضلة، فيقول:
كثير من العلماء يذهبون إلى أن قياس الأشباه أو غلبة الأشباه داخل في قياس الشبه، لذلك تجدهم عرفوا قياس الشبه بنفس تعريفنا لقياس الأشباه، أو غلبة الأشباه، وهذا ليس بصحيح.
بل الحق: أن قياس الشبه هو الذي سميناه بــ"الوصف الشبهي"، وهو يعتبر طريقاً من طرق إثبات العلة غير الوصف المناسب. أهـ
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

وقال الدكتور عبد الكريم -أيضاً- في مناقشة حجيته :
"هل الوصف الشبهي - أو الشبه - مثبت للعلية، وحجة؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن الوصف الشبهي يعتبر طريقاً من طرق ثبوت العلة، فهو حُجَّة.
وهو مذهب الإمام الشافعي في ظاهر مذهبه، والإمام أحمد في رواية صحيحة عنه، وهو اختيار جمهور الشافعية، والحنابلة، وأكثر الفقهاء، وهو الحق؛ قياساً على الوصف المناسب.
بيان ذلك:
أن الوصف المناسب أثبت العلة؛ لأنه يفيد غلبة الظن، فكذلك الوصف الشبهي يفيد الظن الغالب، فكان مفيداً للعلة مثل الوصف المناسب، فيكون حجة بجامع: إفادة كل واحد منهما للظن.

وإنما قلنا: إن الوصف الشبهي يفيد ظن العِلَّة؛ لأن الحكم متى ما ثبت في محل، ولم يعلم وجود وصف مناسب فيه، بل علم وجود وصف شبهي مع أوصاف طردية أخرى، فإن هذا لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون الحكم غير معلل بمصلحة أصلاً، وهذا بعيد؛ لأن الأحكام معللة بالمصالح؛ حيث إن أحكام الشرع لا تخلو من حكمة، فاحتمال كون الحكم لمصلحة وعلة ظاهرة أرجح من احتمال كونه تعبدياً.
الأمر الثاني: إذا ثبت أن الحكم معلل بمصلحة، فإن تلك المصلحة لما لم تكن وصفا مناسبا مستقلاً، فإنها لا بد أن تكون موجودة ضمن الوصف الشبهي، أو ضمن الوصف الطردي - أي: لمصلحة ضمن أوصاف أخرى غير معتبرة عند الشارع -.
أما وجود المصلحة ضمن الوصف الطردي فهو باطل؛ لأن الوصف الشبهي دائر بين أن يكون مستلزما للمناسبة، وبين أن يكون موهماً للمناسبة بخلاف الوصف الطردي، فإنه لم يكن دائراً بينهما، بل هو خال من المناسبة قطعا، ولا يوهم وجودها فيه.
فاتضح بذلك أن احتمال اشتمال الوصف الشبهي على المصلحة أغلب وأظهر من اشتمال الأوصاف الباقية عليها.
فبان - من ذلك - أن ظن كون الوصف الشبهي متضمنا لتلك المصلحة أكثر، فلا يجوز إسناد الحكم إلى الوصف الطردي؛ لأن العمل المرجوح مع وجود الظن الراجح غير جائز، فثبت أن الحكم يثبت بالوصف الشبهي.
إذن الوصف الشبهي يفيد ظن العلية؛ فيجب العمل به؛ لقيام الأدلة على أن العمل بالظن واجب.

المذهب الثاني: أن الوصف الشبهي لا يعتبر طريقا لثبوت العِلَّة فليس بحُجَّة.
وهو مذهب المحققين من الحنفية، وبعض المالكية كالقاضي أبي بكر، وبعض الشافعية كأبي إسحاق المروزي، وأبي إسحاق الشيرازي، وبعض الحنابلة كالقاضي أبي يعلى، وهو رواية عن الإمام أحمد".
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

بينما يرى الشيخ الجديع أن هذا القياس ظاهر الفساد؛ إذ يقول في "تيسير علم أصول الفقه" (190): هذا القياسُ مع ظُهورِ فسادِهِ فقد ذهب إلى القولِ بهِ جماعَةٌ من الفُقهاءِ، منهُمُ الشَّافعيُّ.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

وقال ابن رشد في "بداية المجتهد": وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْقِيَاسِ مَرْدُودٌ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

يرى الدكتور عبد الكريم النملة في كتابه "المهذب" ما قررته الدكتورة الفاضلة، فيقول:
كثير من العلماء يذهبون إلى أن قياس الأشباه أو غلبة الأشباه داخل في قياس الشبه، لذلك تجدهم عرفوا قياس الشبه بنفس تعريفنا لقياس الأشباه، أو غلبة الأشباه، وهذا ليس بصحيح.
بل الحق: أن قياس الشبه هو الذي سميناه بــ"الوصف الشبهي"، وهو يعتبر طريقاً من طرق إثبات العلة غير الوصف المناسب. أهـ
ويقول الماوردي -رحمه الله- في "الحاوي":
وَالْقِيَاسُ قِيَاسَانِ: قِيَاسُ مَعْنًى، وَقِيَاسُ شَبَهٍ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قِيَاسِ الْمَعْنَى وَقِيَاسِ الشَّبَهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ قِيَاسَ الْمَعْنَى مَا أُخِذَ حُكْمُ فَرْعِهِ مِنْ مَعْنَى أَصْلِهِ، وَقِيَاسُ الشَّبَهِ مَا أُخِذَ حُكْمُ فَرْعِهِ مِنْ شَبَهِهِ بِأَصْلِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قِيَاسَ الْمَعْنَى مَا لَمْ يَكُنْ لِفَرْعِهِ إِلَّا أَصْلٌ وَاحِدٌ أُخِذَ حُكْمُهُ مِنْ مَعْنَاهُ، وَقِيَاسُ الشَّبَهِ مَا تَجَاذَبَتْهُ أُصُولٌ أُلْحِقَ بِأَقْوَاهَا شَبَهًا، فَصَارَ قِيَاسُ الْمَعْنَى أَقْوَى من قياس الشبه على الوجهين.

 

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
رد: الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

وقفتُ في الترجيح عند الحنفية في تيسير التحرير 4/ 96-97 بتصرف:
والثاني: الترجيح (بغلبة الأشباه) هو
أن يكون للفرع وجوه شبه بأصل أو أصول؛ يعني وجوه شبه الفرع تارة تكون بالنسبة إلى أصل واحد وتارة بالنسبة إلى أصول؛ فلا يترجح القياس المشتمل على فرعٍ ذي وجوه على القياس الذي لفرعه به- أي بأصل- شبه واحد؛ لأن الأشباه تعدد أوصاف؛ فكل شبه وصف على حدا يصلح علة؛ فترجع الأشباه التي هي في الحقيقة تعدد الأوصاف إلى تعدد الأقيسة؛ فإنك إذا قصدتَ إلحاق الفرع بالأصل باعتبار كل شبهٍ هو وصف صالح للعلية حصل بذلك الاعتبار قياس على حدا،فالترجيح بها ترجيح بكثرة الأدلة وهو غير جائز، وفيه أنه يجوز أن لا يصلح كل واحد من تلك الأشباه للاستقلال، ولكن بسببها يحصل للفرع زيادة مناسبة بالأصل..الخ
ثم ذكر مثالاً على الترجيح بغلبة الأشباه فيقول: والترجيح بغلبة الأشباه كما لوقيل: ا
لأخ كالأبوين في المحرمية وابن العم في حل الحليلة، يعني يحل لابن العم أن ينكح زوجته ابن عمه بعده، والزكاة والشهادة والقصاص من الطرفين، أي وفي حل زكاته له، وفي حل شهادته له ، وفي حل القصاص من الطرفين بأن يقتص لكل واحد منهما من الآخر، فيرجح إلحاقه- أي الأخ- بابن العم؛ فلا يعتق بملكه إياه كما لا يعتق ابن العم بملكه إياه؛ لأن شبه الأخ به أكثر من شبهه بالأبوين؛ فيمنع ترجيح إلحاق الأخ بابن العم بكثرة الأشباه بأنه الترجيح بها ترجيح بوصف مستقل إذ كل من وجوه الشبه يستقل وصفاً جامعاً بين الأخ وابن العم في الحكم ولا ترجيح بمستقل.
فمن يوضح لنا هذا المثال مشكورين؟
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

وقفتُ في الترجيح عند الحنفية في تيسير التحرير 4/ 96-97 بتصرف:
ثم ذكر مثالاً على الترجيح بغلبة الأشباه فيقول: والترجيح بغلبة الأشباه كما لوقيل: الأخ كالأبوين في المحرمية وابن العم في حل الحليلة، يعني يحل لابن العم أن ينكح زوجته ابن عمه بعده، والزكاة والشهادة والقصاص من الطرفين، أي وفي حل زكاته له، وفي حل شهادته له ، وفي حل القصاص من الطرفين بأن يقتص لكل واحد منهما من الآخر، فيرجح إلحاقه- أي الأخ- بابن العم؛ فلا يعتق بملكه إياه كما لا يعتق ابن العم بملكه إياه؛ لأن شبه الأخ به أكثر من شبهه بالأبوين؛ فيمنع ترجيح إلحاق الأخ بابن العم بكثرة الأشباه بأنه الترجيح بها ترجيح بوصف مستقل إذ كل من وجوه الشبه يستقل وصفاً جامعاً بين الأخ وابن العم في الحكم ولا ترجيح بمستقل.
فمن يوضح لنا هذا المثال مشكورين؟
يقصد -فيما أفهم- أن الأخ يشبه الأبوين في وصف، ويشبه ابن العم في أوصاف، فكل من الأخوين يباح له أن يتزوج حليلة أخيه بعده وأن يدفع إليه زكاته ويشهد له ويقتص منه، كما هو الحال في ابن العم، فيلحق الأخ بابن العم لذلك -لا بالأبوين- في مسألة العتق بالملك على القول بحجية قياس غلبة الأشباه.
 
التعديل الأخير:
إنضم
8 فبراير 2013
المشاركات
14
الكنية
أبو محمد
التخصص
أصول فقه
المدينة
البصرة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الندوة الفقهية (20): قياس الشبه وحجيته

هناك من العلماء من قال فيه وهناك من لم يعده حجة وجزاكم الله خير الجزاء
 
أعلى