هشام ربيع إبراهيم
:: متابع ::
- إنضم
- 19 يوليو 2009
- المشاركات
- 53
- الإقامة
- مصر
- الجنس
- ذكر
- التخصص
- شريعة
- الدولة
- مصر
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- شافعي
تطورت الأحداث سريعا بعد 25 يناير وتصور الناس أنها فرصة حقيقية للمصريين ليبدؤوا في بناء مصر وفي العمل الدؤوب لإعمارها واستدراك ما فات بعد أن ساد بينهم شعور حقيقي بأن هذا البلد ملك لهم، وإذا بنا نُفاجَأ بالكثير من التظاهرات الفئوية في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، وراحت كل مجموعة تقوم بمظاهرة صغيرة أو كبيرة تطالب فيها بما تريده، بغض النظر عن كونه حقًّا في نفسه وبغض النظر عن كون ما يطالبون به داخلا في دائرة حقوقهم الأصيلة أو لا.
طلبات جزئية متلاحقة تستغل الموقف باندفاع سطحي يسعى لتحقيق ما يظنه مكاسب آنية، ويطالب بتحقق أشياء بلا روية أو دراسة لعواقب ومآلات حصولها، ولا ينظر إلا إلى مصالح جزئية متوهمة وفي نفس الوقت يهدر مصالح كلية متحققة، في وضع لو استمر لا قدر الله فستكون الدولة هي التي أُسقِطَتْ لا النظام ولا الفساد.
وممن خرج لينادي بمطالب لا يعرف خطورتها ولا المفاسد المترتبة عليها جماعة من حسني النية من المنتمين للأزهر الشريف وغيرهم، وهم بهذا يشاركون في زيادة تشتيت انتباه الحكومة بدلا من أن يكفوا أيديهم عن مشاركة الدَّهْماء فيما يفعلون، خرجوا محتجين ومطالبين بالآتي:
1- استعادة أملاك الأزهر.
2- استقلال الأزهر عن الحكومة ماليًّا وإداريًّا.
3- إلغاء وزارة الأوقاف.
4- دمج وزارة الأوقاف في الأزهر الشريف.
5- نقل دار الإفتاء ومخصصاتها وأملاكها واختصاصاتها من وزارة العدل إلى الأزهر كأحد قطاعات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.
6- دمج دار الإفتاء في الأزهر الشريف.
وهذه الطلبات وإن بدت للوهلة الأولى تريد القوة والإعزاز للمؤسسة الدينية بظاهرٍ فيه الرحمة إلا أنها في باطنها ومآلها ومنتهاها تحمل الدمار والخراب للمؤسسة الدينية وللبلاد:
أما المطالبة باستعادة أملاك وأوقاف الأزهر، واستقلاله عن الحكومة ماليًّا وإداريًّا: فإن هذا المطلب نابع من عدم إدراك الواقع؛ فالأوقاف ليست كلها خاصة بالأزهر، بل منها ما يخص الأزهر ومنها ما يخص الكنيسة، ومنها ما يخص جهات خيرية غير الأزهر والكنيسة.
وجملة الأوقاف كلها: 250 ألف فدان، ضاع منها 100 ألف فدان بشغلها والبناء عليها ونحو ذلك بما يجعله في حكم المستهلك الذي لا يمكن إعادته، فتبقى 150 ألف فدان، تم استرداد 100 ألف فدان منها وهي تخص الأزهر، وبقي 50 ألف فدان تعمل وزارة الأوقاف على استردادها منذ زمن ونجحت في استرداد بعضها وتعمل على استرداد الباقي، ونصيب الأزهر فيها لا يزيد عن الـ (20) %. أما تلك الـ (150) ألف فدان فليست كلها للأزهر كما تقدم. والأوقاف الخاصة بالأزهر فإن حصيلتها السنوية لا تزيد عن (15) مليون جنيه.
فأي عقل يطالب بضم الأوقاف إلى الأزهر، والأوقاف ليست كلها خاصة بالأزهر؟!
ونظارة الأوقاف قبل أن تصبح وزارة كانت هي الجهة التي لها الولاية في حفظ الأعيان الموقوفة وإدارة شؤونها واستغلالها وعمارتها وصرف غلاتها إلى المستحقين، ثم تطورت وشملت شؤون المساجد والأئمة والوعظ والإرشاد، ودخلت في التشكيل الحكومي كوزارة، ولم تكن يومًا تابعة للأزهر؛ لأنه حتى بعد أن توسعت اختصاصاتها فإن جانبًا منها لا علاقة له بالأزهر، فكيف تتبعه؟!
ثم إن استقلال الأزهر بموارده وانقطاع ميزانية الدولة عنه مصيبة عظمى يجب ألا تحدث، والمطالبون به لا يعلمون أنه أنهم إذا نظروا في ميزانية الدولة المنشورة لوجدوا أن الميزانية التي تخصصها الدولة للأزهر بوضعه الحالي هي فوق المليار جنيه سنويًّا، ولو قطعت عنه هذه الميزانية وتُرِك ومحض موارده لانخرب الأزهر؛ لأن موارده كلها كما سبق 15 مليون جنيه في السنة، وسيزداد خرابًا على خراب لو ضم إليه دار الإفتاء والأوقاف، فالأعباء ستزيد والنفقات ستتتضاعف والدخل ثابت كما هو.
أما المطالبة باستقلال دار الإفتاء المصرية عن وزارة العدل إلى الأزهر كأحد قطاعات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، فلها شقان؛ الشق الأول: هو المطالبة بالاستقلال عن وزارة العدل، والثاني: هو طلب الضم.
أما الأول: فهو تحصيل حاصل؛ لأن دار الإفتاء قد استَقلت بالفعل ماليًّا وإداريًّا عن وزارة العدل بتاريخ 1/ 11/ 2007م، وأصبح لها لائحة داخلية ومالية تم اعتمادهما ونشرهما في جريدة الوقائع المصرية، وهذا الإنجاز العظيم لا ينفي أن دار الإفتاء تتبع وزارة العدل تبعية سياسية هيكلية فقط، دون أن يكون لوزارة العدل أي سلطة على الدار، وسبب هذه التبعية هو ما بين المؤسستين من جانب مشترك يتمثل فيما تقوم به دار الإفتاء من نظرٍ في قضايا الإعدام، وشأن دار الإفتاء في هذا الاستقلال عن وزارة العدل كشأن كثير من الهيئات القضائية الأخرى التي استقلت عن وزارة العدل مع بقاء تبعيتها السياسية لوزارة العدل؛ كمجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا وهيئة قضايا الدولة.
وضمها إلى الأزهر سيعني أن إشرافها على قضايا الإعدام سينتهي، وستنسلخ أحكام الإعدام عن النظرة الشرعية، وإضافة إلى قضايا الإعدام التي تحال إلى دار الإفتاء فإنه ينبغي أن ننبه إلى أن كثيرًا من القوانين تحال من مجلسي الشعب والشورى إلى دار الإفتاء قبل إقرارها لإبداء الرأي الشرعي فيها، وكذلك فإن المحاكم تحيل أحيانًا بعض قضايا المواريث والزواج والطلاق والنسب وما يتعلق بمسائل الأسرة إلى دار الإفتاء المصرية للاستشارة الشرعية. وغياب دار الإفتاء يعني اختفاء أحد المربعات الأربعة التي تؤكد على إسلامية المجتمع من الحياة المصرية.
وأول هذه المربعات: هو وجود الأزهر وعدم استقلاله عن ميزانية الدولة بما يعني أن الدولة تعمل على دعم الجانب الديني في البلاد متمثلا في مؤسسته الكبرى؛ بتخصيص ميزانية مالية لها بما يزيد عن موارد تلك المؤسسة الفعلية مرات ومرات.
والمربع الثاني: هو بقاء دار الإفتاء مستقلة ماليًّا وإداريّا مع تبعيتها من حيث الهيكل لوزارة العدل؛ لأن هذا البقاء يضمن استمرار نظرها في قضايا الإعدام، وهو ما يعطي انطباعًا بمرجعية الدين والشريعة، حتى لو كان انطباعًا صوريًّا، فبقاء الصورة مع عدم تحقق المضمون كاملا، أفضل من انتفاء الصورة والمضمون معًا.
والمربع الثالث: هو استقلال وزارة الأوقاف، فما دامت هي وزارة مستقلة ضمن الحكومة فهي تحقق بوجودها ملمحًا إسلاميًّا في التشكيل الوزاري، أما رفعها فيعني أن يخلو التشكيل الوزاري من أي صبغة إسلامية أو قيادة دينية.
والمربع الرابع: هو المادة الثانية من الدستور؛ وهذه المادة لم يخل منها دستور من الدساتير التي مرت بالبلاد بدءًا من دستور 1923 التي كانت هي المادة رقم 149 منه، ومرورًا بدستور 1930 التي كانت هي المادة 138 منه، ثم دستور 1956 التي كانت هي المادة رقم 5 منه، وانتهاءًا بدستور 1971 التي كانت هي المادة الثانية فيه.
فهذه المادة هي السقف المهيمن على نظام الدولة، وتَدَرُّج موضعها في الدساتير المذكورة وتقدُّمُه فيه شيئًا فشيئًا يدل على أهميتها في الدلالة على الهوية الإسلامية للبلاد.
شأنها في ذلك شأن كل مربع من المربعات الأخرى: الأزهر وبقاؤه مدعومًا من الدولة، واستقلال دار الإفتاء وبقاؤها تابعة تبعية سياسية هيكلية لوزارة العدل، وبقاء وزارة الأوقاف مستقلة وموجودة ضمن التشكيل الوزاري.
وإبقاء المظهرية الإسلامية للدولة ببقاء كل مربع من هذه المربعات كما هو، يجب أن نحرص عليه وعلى بقائه وعلى ترسيخه وعلى ازدياده؛ لأن زوالها وانحسارها لا يعني إلا انطماس هوية مصر الإسلامية.
وتعدد المؤسسات لا يعني انقسام وتشتت المؤسسة الدينية، بل هو تنوع اعتباري بحسب الاختصاصات يجب أن نحرص عليه وعلى بقائه لتظل الصبغة الإسلامية سارية في البلاد والعباد.
ويمكن التنسيق بين المؤسسات الدينية كما هو حادث الآن عن طريق مجمع البحوث الإسلامية الذي يضم رئيس الجامعة ومفتي الديار ووزير الأوقاف برئاسة شيخ الأزهر.
ويمكن تطوير هذا المجمع ليشمل نقيب الأشراف وشيخ الطرق الصوفية ويهتم برسم استراتيجية المؤسسة الدينية والاهتمام بالحالة الدينية في مصر والعالم كما كان مخططًا له في قانون 103 لسنة (61)، ومثل هذه الأفكار التي تبني ولا تهدم هي الأفكار التي ينبغي أن نسير في طريقها.
فأفيقوا يا عباد الله ولا تخربوا بيوتكم بأيديكم.
طلبات جزئية متلاحقة تستغل الموقف باندفاع سطحي يسعى لتحقيق ما يظنه مكاسب آنية، ويطالب بتحقق أشياء بلا روية أو دراسة لعواقب ومآلات حصولها، ولا ينظر إلا إلى مصالح جزئية متوهمة وفي نفس الوقت يهدر مصالح كلية متحققة، في وضع لو استمر لا قدر الله فستكون الدولة هي التي أُسقِطَتْ لا النظام ولا الفساد.
وممن خرج لينادي بمطالب لا يعرف خطورتها ولا المفاسد المترتبة عليها جماعة من حسني النية من المنتمين للأزهر الشريف وغيرهم، وهم بهذا يشاركون في زيادة تشتيت انتباه الحكومة بدلا من أن يكفوا أيديهم عن مشاركة الدَّهْماء فيما يفعلون، خرجوا محتجين ومطالبين بالآتي:
1- استعادة أملاك الأزهر.
2- استقلال الأزهر عن الحكومة ماليًّا وإداريًّا.
3- إلغاء وزارة الأوقاف.
4- دمج وزارة الأوقاف في الأزهر الشريف.
5- نقل دار الإفتاء ومخصصاتها وأملاكها واختصاصاتها من وزارة العدل إلى الأزهر كأحد قطاعات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.
6- دمج دار الإفتاء في الأزهر الشريف.
وهذه الطلبات وإن بدت للوهلة الأولى تريد القوة والإعزاز للمؤسسة الدينية بظاهرٍ فيه الرحمة إلا أنها في باطنها ومآلها ومنتهاها تحمل الدمار والخراب للمؤسسة الدينية وللبلاد:
أما المطالبة باستعادة أملاك وأوقاف الأزهر، واستقلاله عن الحكومة ماليًّا وإداريًّا: فإن هذا المطلب نابع من عدم إدراك الواقع؛ فالأوقاف ليست كلها خاصة بالأزهر، بل منها ما يخص الأزهر ومنها ما يخص الكنيسة، ومنها ما يخص جهات خيرية غير الأزهر والكنيسة.
وجملة الأوقاف كلها: 250 ألف فدان، ضاع منها 100 ألف فدان بشغلها والبناء عليها ونحو ذلك بما يجعله في حكم المستهلك الذي لا يمكن إعادته، فتبقى 150 ألف فدان، تم استرداد 100 ألف فدان منها وهي تخص الأزهر، وبقي 50 ألف فدان تعمل وزارة الأوقاف على استردادها منذ زمن ونجحت في استرداد بعضها وتعمل على استرداد الباقي، ونصيب الأزهر فيها لا يزيد عن الـ (20) %. أما تلك الـ (150) ألف فدان فليست كلها للأزهر كما تقدم. والأوقاف الخاصة بالأزهر فإن حصيلتها السنوية لا تزيد عن (15) مليون جنيه.
فأي عقل يطالب بضم الأوقاف إلى الأزهر، والأوقاف ليست كلها خاصة بالأزهر؟!
ونظارة الأوقاف قبل أن تصبح وزارة كانت هي الجهة التي لها الولاية في حفظ الأعيان الموقوفة وإدارة شؤونها واستغلالها وعمارتها وصرف غلاتها إلى المستحقين، ثم تطورت وشملت شؤون المساجد والأئمة والوعظ والإرشاد، ودخلت في التشكيل الحكومي كوزارة، ولم تكن يومًا تابعة للأزهر؛ لأنه حتى بعد أن توسعت اختصاصاتها فإن جانبًا منها لا علاقة له بالأزهر، فكيف تتبعه؟!
ثم إن استقلال الأزهر بموارده وانقطاع ميزانية الدولة عنه مصيبة عظمى يجب ألا تحدث، والمطالبون به لا يعلمون أنه أنهم إذا نظروا في ميزانية الدولة المنشورة لوجدوا أن الميزانية التي تخصصها الدولة للأزهر بوضعه الحالي هي فوق المليار جنيه سنويًّا، ولو قطعت عنه هذه الميزانية وتُرِك ومحض موارده لانخرب الأزهر؛ لأن موارده كلها كما سبق 15 مليون جنيه في السنة، وسيزداد خرابًا على خراب لو ضم إليه دار الإفتاء والأوقاف، فالأعباء ستزيد والنفقات ستتتضاعف والدخل ثابت كما هو.
أما المطالبة باستقلال دار الإفتاء المصرية عن وزارة العدل إلى الأزهر كأحد قطاعات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، فلها شقان؛ الشق الأول: هو المطالبة بالاستقلال عن وزارة العدل، والثاني: هو طلب الضم.
أما الأول: فهو تحصيل حاصل؛ لأن دار الإفتاء قد استَقلت بالفعل ماليًّا وإداريًّا عن وزارة العدل بتاريخ 1/ 11/ 2007م، وأصبح لها لائحة داخلية ومالية تم اعتمادهما ونشرهما في جريدة الوقائع المصرية، وهذا الإنجاز العظيم لا ينفي أن دار الإفتاء تتبع وزارة العدل تبعية سياسية هيكلية فقط، دون أن يكون لوزارة العدل أي سلطة على الدار، وسبب هذه التبعية هو ما بين المؤسستين من جانب مشترك يتمثل فيما تقوم به دار الإفتاء من نظرٍ في قضايا الإعدام، وشأن دار الإفتاء في هذا الاستقلال عن وزارة العدل كشأن كثير من الهيئات القضائية الأخرى التي استقلت عن وزارة العدل مع بقاء تبعيتها السياسية لوزارة العدل؛ كمجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا وهيئة قضايا الدولة.
وضمها إلى الأزهر سيعني أن إشرافها على قضايا الإعدام سينتهي، وستنسلخ أحكام الإعدام عن النظرة الشرعية، وإضافة إلى قضايا الإعدام التي تحال إلى دار الإفتاء فإنه ينبغي أن ننبه إلى أن كثيرًا من القوانين تحال من مجلسي الشعب والشورى إلى دار الإفتاء قبل إقرارها لإبداء الرأي الشرعي فيها، وكذلك فإن المحاكم تحيل أحيانًا بعض قضايا المواريث والزواج والطلاق والنسب وما يتعلق بمسائل الأسرة إلى دار الإفتاء المصرية للاستشارة الشرعية. وغياب دار الإفتاء يعني اختفاء أحد المربعات الأربعة التي تؤكد على إسلامية المجتمع من الحياة المصرية.
وأول هذه المربعات: هو وجود الأزهر وعدم استقلاله عن ميزانية الدولة بما يعني أن الدولة تعمل على دعم الجانب الديني في البلاد متمثلا في مؤسسته الكبرى؛ بتخصيص ميزانية مالية لها بما يزيد عن موارد تلك المؤسسة الفعلية مرات ومرات.
والمربع الثاني: هو بقاء دار الإفتاء مستقلة ماليًّا وإداريّا مع تبعيتها من حيث الهيكل لوزارة العدل؛ لأن هذا البقاء يضمن استمرار نظرها في قضايا الإعدام، وهو ما يعطي انطباعًا بمرجعية الدين والشريعة، حتى لو كان انطباعًا صوريًّا، فبقاء الصورة مع عدم تحقق المضمون كاملا، أفضل من انتفاء الصورة والمضمون معًا.
والمربع الثالث: هو استقلال وزارة الأوقاف، فما دامت هي وزارة مستقلة ضمن الحكومة فهي تحقق بوجودها ملمحًا إسلاميًّا في التشكيل الوزاري، أما رفعها فيعني أن يخلو التشكيل الوزاري من أي صبغة إسلامية أو قيادة دينية.
والمربع الرابع: هو المادة الثانية من الدستور؛ وهذه المادة لم يخل منها دستور من الدساتير التي مرت بالبلاد بدءًا من دستور 1923 التي كانت هي المادة رقم 149 منه، ومرورًا بدستور 1930 التي كانت هي المادة 138 منه، ثم دستور 1956 التي كانت هي المادة رقم 5 منه، وانتهاءًا بدستور 1971 التي كانت هي المادة الثانية فيه.
فهذه المادة هي السقف المهيمن على نظام الدولة، وتَدَرُّج موضعها في الدساتير المذكورة وتقدُّمُه فيه شيئًا فشيئًا يدل على أهميتها في الدلالة على الهوية الإسلامية للبلاد.
شأنها في ذلك شأن كل مربع من المربعات الأخرى: الأزهر وبقاؤه مدعومًا من الدولة، واستقلال دار الإفتاء وبقاؤها تابعة تبعية سياسية هيكلية لوزارة العدل، وبقاء وزارة الأوقاف مستقلة وموجودة ضمن التشكيل الوزاري.
وإبقاء المظهرية الإسلامية للدولة ببقاء كل مربع من هذه المربعات كما هو، يجب أن نحرص عليه وعلى بقائه وعلى ترسيخه وعلى ازدياده؛ لأن زوالها وانحسارها لا يعني إلا انطماس هوية مصر الإسلامية.
وتعدد المؤسسات لا يعني انقسام وتشتت المؤسسة الدينية، بل هو تنوع اعتباري بحسب الاختصاصات يجب أن نحرص عليه وعلى بقائه لتظل الصبغة الإسلامية سارية في البلاد والعباد.
ويمكن التنسيق بين المؤسسات الدينية كما هو حادث الآن عن طريق مجمع البحوث الإسلامية الذي يضم رئيس الجامعة ومفتي الديار ووزير الأوقاف برئاسة شيخ الأزهر.
ويمكن تطوير هذا المجمع ليشمل نقيب الأشراف وشيخ الطرق الصوفية ويهتم برسم استراتيجية المؤسسة الدينية والاهتمام بالحالة الدينية في مصر والعالم كما كان مخططًا له في قانون 103 لسنة (61)، ومثل هذه الأفكار التي تبني ولا تهدم هي الأفكار التي ينبغي أن نسير في طريقها.
فأفيقوا يا عباد الله ولا تخربوا بيوتكم بأيديكم.