رد: نازلة تحتاج نظركم... الجمع بين الصلاتين للمشقة الحاصلىة بسبب الغبار الكثيف والعواصف الرملية.
الحمدلله رب العالمين.
- مع مراعاة التقسيم السالف -
صلاة الجماعة فرض كفاية يجب إظهارها في الناس، فإن امتنعوا من إظهارها قوتلوا عليها،وهو المنصوص في [كتاب]الإمامة [للإمام الشافعي]، والدليل عليه ما روى أبو الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذعليهم الشيطان، عليك بالجماعة، فإنما يأخذ الذئب من الغنم القاصية)).المجموع شرح المهذب (4/182).ما عدا بين المعقوفتين.
سأورد الحديث عن هذه المسألة في مقدمة, ومطالب:
المقدمة:صلاة الجماعة واجبة في المسجد على الرجال القادرين على الحضور إليها. وهي واجبة فيحق من تكون لديه جماعة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر ) . سنن ابن ماجه (1/260).
وقال صلى الله عليه و سلم : (( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد )), رواه الدارقطني. وقيل: لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه و سلم . وذكر عبد الحق انه رواه بإسناد كلهم ثقات. ينظر: التذكرة في الأحاديث المشتهرة ص60.
ولقد أخذ الإمام أحمد رحمه الله - في أحد قوليه - بالحديث ؛ فإن ظاهره نفي الصحة عن صلاة الفذّ المجاور للمسجد, وجار المسجد من يسمع النداء كما قاله علي رضي الله عنه.
والنداء مشروع ويقاتل على تركه.
أسباب الجمع التي ذكرها الفقهاء:
- السفر ...
- وهناك أدلة على الجمع ؛ للمطر, والريح - الشديدة الباردة - في الليلة المظلمة , والدّحض والطين.
- وهناك أسباب أخرى بطريق الالحاق والتبعية للجامع المشترك.
والاسباب
عموماً هي : السفر,والمطر, والبرد الشديد, والريح الشديدة ليلاً, والوَحَل, والبَرَد إذا كان يبل الثوب, وتأخير صلاة الظهر؛ لشدّة الحرّ, والغيم. وإلا فالمستحب عدم التأخير.
ويجمع المريض والمستحاضة والمرضع. المجموع 4/99, مجموع الفتاوى24/ 14.
- ومن العلماء من قال لا يجمع بكل حال إلا بعرفة (ح)
[1].وما جاء من جمع غيره فهو صوري.
وعليه فهناك أسباب لجمع الصلاة بعضها متفق عليه, وبعضها مختلف فيه.
وهناك أعذار خاصة لمن يحق له التخلف عن الجماعة...
[فمثلاً المريض اختلف العلماء في صحة جمعه للصلاة, فمنهم من قيّده بالمغمى عليه, أو كان به بطن (م). ومنهم من منع (ش). ومنهم من قال يجمع جمع تقديم.
لاختلافهم في تعدّي علة الجمع في السفر (المشقة).
ومنهم من قال يجمع من به مرض يحرجه؛ إن حصلت له مشقة, كمشقة المطر إن بلّ الثوب. [
ومع هذا فله دليل (ابي الدرداء)؟ أو قياس , أو روي ان النبي صلى الله عليه و سلم جمع بين الصلاتين ؟(كشاف القناع أو المبدع).أوقياسا على المستحاضة لأنها نوع مرض. أو هي مرض. (تحقق)]
ثم السفر برمّته منهم من قال: هو مبيح للجمع مطلقاً - ما دام يطلق عليه السفر الوارد والمعروف , أي سفر كان , وعلى أي صفة -.(ش) و(حم) في إحدى الروايتين.
ومنهم من قال: السير الجادّ (م) ورواية (حم)؛ وذلك بالنظر إلى صفته ؛ قال مالك : لا يجمع المسافر إلا أن يجدّ به السير.
ومنهم من نظر إلى نوع السفر, ومقصده, فأجازه في سفر القربة كالحج والجهاد (وهو ظاهر رواية ابن القاسم) , ومنهم من قال هو السفر المباح دون سفر المعصية (ظاهر رواية المدنيين عن (م) وقول (ش)].
ما بين المعقوفتين بتصرف... من بداية المجتهد ونهاية المقتصد 1/126.
ولاختلاف النظر في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (إذا عجّل به السير). وحديث أنس رضي الله عنه المشهور وغيرهما.
وحتى الجمع بعذر المطر من العلماء من منعه (ح) و(ظ), ومنهم من خصّه بوقتي المغرب والعشاء وهو رأي (م). ينظر:الاستذكار لابن عبد البر ( 6 /37 ), إكمال إكمال المعلم (3/30), المغني 3/132- 134,مجموع الفتاوى 22/31, الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (4/80).
والجمع بعذر الريح الشديدة منهم من خصه بالليل (ش), وصحح النووي رحمه الله ان البرد الشديد عذر في الليل والنهار...حاشية الروض المربع لابن قاسم (2/363).
ومن العلماء من قال : العبرة بالدليل. فقد ورد الجمع في غير ذلك (ج).
ومنهم(حم)من قال العبرة بالمعنى الحاصل والسبب الجامع, وهو المشقة؛ فمتى ما وِجدت وجدالحكم, ومتى ما انتفت انتفى الحكم. فيترخص بالجمع كلما ترتّب على عدمه حرج ومشقة.
ولهذا نصّ أحمد - رحمه الله - على أنه يجمع إذا كان له شغل. قال في رواية محمد بن مشيش الجمع في الحضر إذا كان من ضرورة من مرض أو شغل. ينظر: كشاف القناع .ط قديمة - الشاملة- 2/ 6, ط وزارة العدل 3/290.
ومما وقع للنبي صلى الله عليه و سلم شغله عن صلاة العصر يوم الخندق - وهو في جهاد صلى الله عليه و سلم -
قال القاضى أبو يعلى : كل عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة يبيح الجمع ، ولهذا يجمع للمطروالوحل وللريح الشديدة الباردة في ظاهر مذهب الإمام أحمد ، ويجمع المريض والمستحاضة والمرضع.
وفي هذا جمع بين المعنى الحاصل بالسبب العام أو ما مشقته عامة, وبين التخلف عن الجماعة للعذر الفردي والمشقة الفردية. يؤيّده ما جاء في مطالب أولي النهى (1/ 735)ن 2/234: (ولو صلى ببيته أو ) صلى ( بمسجد طريقِهِ تحت ساباط ونحوه ) كمجاور بالمسجد ؛ فالمعتبر وجود المشقة في الجملة لا لكل فرد من المصلين؛ لأن الرخصة العامة يستوي فيها حال وجود المشقة وعدمها كالسفر.
والمعتبر فيها : المشقة في الجملة. وهنا كمن ضبط المرض مثلاً؛ بما يذهب الخشوع؛ لأن الخشوع مقصود الصلاة. كما ذكره إمام الحرمين في ضبط
العجز عن القيام, قال: أن يلحق بالقيام مشقة تُذهب خشوعه, وقال الإمام النووي رحمه الله في روضة الطالبين (1/ 345): ومن الأعذار الخاصة المرض ولا يشترط بلوغه حدّاً يسقط القيام في الفريضة بل يعتبر أن يلحقه مشقة كمشقة الماشي في المطر.
وهل يلحق بالمصلّي - الذي ليس له عذر خاص - في مساجدنا مشقة. أعنى المساجد الحالية المبنية من الجدران القوية والتي لا يتسلل إليها غبار. ويمكن الوصول إليها بالوسائل والوسائط المريحة. بل وبالسلالم المتحركة, ولله الحمد والمنة.
- قد يترجّح في كثير من الأحياء السلامة من الدحض والزلق مع وجود الأرصفة وتخطيط الشوارع وميولها -إن روعي ذلك بشكل هندسي - وأحيانا لا يعتبر ذلك فقد يُنقل الطين بواسطة السيل فيأتي من مكان بعيد!
وكماهو معلوم فالخروج للصلاة له اعتبار؛ بمعنى ان البعض يريد الجمع ويجمع, وبعدها يخرج من بيته فيسير في الشوارع ويتمشى ويتنزّه, ولا وجه للمقارنة بين خروجه ذا وبين فضل الخروج لصلاة الجماعة الواجبة عليه.
وعليه فالغبار لا يكون مبيحاً للجمع بين الصلاتين بمفرده, إلا أنه يكون عذراً في حق من لا يتقيه ويتأذّى لسببه لمرض ونحوه؛ لأنه يُتوقّى.
ومن في المسجد أو مجاور له أو يصل بسيارة مكيفة ومريحة, أو يستخدم غطاء رأس أو خُمرة وينتفع بذلك, لا يكون من أهل الأعذار مالم يشق عليه.
وقاعدة المشقة تجلب التيسير والتي يخرَّج عليها رُخَص الشرع ([2]),لا تنطبق على مسألة الغبار؛ لأن الجمع ورد في أشياء معينة ([3]) على رأي كثير من العلماء فلا يتم تجاوز ما ورد. وحتى على رأي الحنابلة لا يعتبرالغبار سبباً للجمع لأنه يُتوقى ولا يكون بلا ريح تثيره وتحرّكه وتدفعه, فهو غيرمؤثّر بذاته وهو من جنس الأرض, ويُتمسح به إن عدم الماء.
ويخرَّج على تلك القاعدة أيضاً تخفيفات الشرع والتي هي في قضيتنا تكون لكل شخص بحسب حاله وكونه من أهل الأعذار.
ملحوظة:
ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتغّير وجهه عند رؤيته مخيلة أو عند رؤيته عارضاً ! فقد ترسل بالرحمة وقد ترسل بالعذاب عياذاً بالله, والرسول صلى الله عليه وسلم قد استعاذ منها ومن شرها, ينظر: صحيح البخاري (4/1827)رقم4551.
ومقدمة الواجب - المشي للصلاة - واجبة , ولا تترك بتوقّع أو مظنون لم يقع.
فلا يكون ذلك مبرّراً لجمع الصلاة إن كان الغبار بلا ريح. وحتى لو صاحبه تأثّر! والذي قد يصل في البعض إلى الخوف المجرّد والهلع المفرط.. لأن ذلك حالة فردية وعذر قديختص به البعض.
والغبار لا يُسلم منه في الصحراء.. فيعتاد عليه, وفي المساجد والمدن يُتقى؛جاء في تبيين الحقائق (2/ 4):" ما سلمت البادية من الآفات أي لا تخلو عنها كقلة الماء وشدة الحرّ وهيجان الريح السّموم..." ومثله في شرح فتح القدير 2/418 ؛وإن كان الأمر قد ورد في أمر آخر لكنه نقل جيد. والله أعلم.
مصطلحات: (ج) الجمهور.(ح) أحناف. (م) مالكية. (ش)شافعية. (حم) حنابلة. (ظ) ظاهرية.
(المطالب):
أولاً: حكم الجمع بين الصلاتين.
ثانياً: ذكر الفقهاء الغبار باعتباره مبيحاً للجمع بين الصلاتين فيكتبهم.
ثالثاً: رفع الصوت في الأذان.
رابعاً: ورود "الصلاةفي الرحال" وحكمه ومشروعيته ومتى تقال.
خامساً: متى تقال وأقوال العلماء.
أولاً: حكم الجمع بين الصلاتين – عموما – رخصة.
والمذهب الحنبلي : أنه جائز, فلا يكره ولا يستحب. وتركه أفضل من فعله خروجا من الخلاف. غيرجَمْعَي عرفةَ ومزدلفة لغير مكي ومن نوى إقامة بمكة فوق أربعة أيام. ينظر: مطالب أولي النهى, ط المكتب الاسلامي 1/731 , ن: 2/230.
ثانياً: لم يذكر الفقهاء - في باب أو فصل : الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة, أو ضمن الأسباب المبيحة للجمع - فيما ذكروا من أعذار للجمع - الغبار باعتباره مبيحاً للجمع بين الصلاتين أو كونه عذراً لترك الجمعة والجماعات أو مسقطاً لحضورها - فيما اطّلعت عليه من كتب المتقدمين ولا حتى المتأخرين فلقد نظرت في بعض الشروح والحواشي -
لماذا؟
لأنهم لا يعتبرونه عذرا بمجرده ! والغبار لا يتحرك إلا بريح تدفعه. كما تقدم وكما هو معروف؛ بل الريح سرعات في عرف من يقيسها. فمنها الخطرة ومنها دون ذلك.
بعض الفقهاء قالوا بالجمع؛ لأجل الريح؛ بأن تكون شديدة باردة وفي ليلة مظلمة.؛لخبر: (أذّن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان. ثم قال: صلوا في رحالكم. فأخْبَرنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر مؤذناً يؤذن, ثم يقول على إثره: ( ألا صلوا في الرحال ) . في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر. صحيح البخاري (1/ 227) برقم 606
وبعضهم قيّدها بكونها باردة فقط.
وبعضهم قيّدها بالليل...(ش)
وبعضهم بالليلة (المظلمة).
والحق جواز الجمع؛ لأجل الريح التي يشقّ معها الحضور للمسجد (أو الجماعة إن كانوا بسفر أو ثغر) ليلاً ونهاراً سفراً وحضراً؛ فلقد ورد في السنة ما يدل على ذلك.
فعن نافع أن ابن عمر نادى بالصلاة ليلة ذات برد وريح فذكر مثله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر أو ذات ريح في السفر فيقول ( أَلاصلوا في الرحال ) ينظر مسند أبي عوانة (1/ 361). وأصل الحديث في البخاري تقدم بلفظه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وفي صحيح أبي عوانة ليلة
باردة أو ذات مطر أو ذات ريح ودلّ ذلك على أن كلا من الثلاثة عذر في التأخير عن الجماعة ونقل بن بطال فيه الإجماع لكن المعروف عند الشافعية أن الريح عذر في الليل فقط. وظاهر الحديث اختصاص الثلاثة بالليل؛ لكن في السنن من طريق بن اسحاق عن نافع في هذا الحديث في الليلة المطيرة والغداة القرّة. وفيها بإسناد صحيح من حديث أبي المليح عن أبيه: أنهم مطروا يوما فرخص لهم. ولم أر في شيء من الأحاديث الترخّص بعذر الريح في النهار صريحاً؛ لكن القياس يقتضى إلحاقه. وقد نقله ابن الرفعة وجهاً. قوله (في السفر) ظاهره اختصاص ذلك بالسفر. ورواية مالك عن نافع الآتية في أبواب صلاة الجماعة مطلقة. وبها أخذ الجمهور, لكن قاعدة حمل المطلق على المقيد؛ تقتضي أن يختص ذلك بالمسافر مطلقاً
, ويلحق به من تلحقه بذلك مشقة في الحضر دون من لا تلحقه والله أعلم". ينظر: فتح الباري (2/113).
-وهل ضبطت الريح -وصفاً - ؟ الذي يظهر : أن تكون مؤذية في نظر
الجماعة, ويحدث حرج ومشقة للخروج فيها, ولا يقتصر ذلك على من كان مغتسلاً, أو به بأس فالوصف لابد أن يكون عاما ولايتعلق بأشخاص معينين.
الجنازة إذا شهد لها
الناس وجبت لا خاصّتهم... والحديث في مسلم.
ومن ذلك أن تكون الريح عاصفة وهائجة, وان لا تكون خفيفة, وعند أصحاب الأحوال الجوية وصف للريح في درجات معيّنة أنها قوية, ويقيسونها في العُقَد أي إذا كانت أكثر من كذا عقدة فهي شديدة, وكما هو معلوم فالريح تؤثّر في الرماية والنبل والطيران ونحوها, والعبرة في ذلك بقوتها على انحراف المرميّ. أما في الصلاة والجماعة لها فكما تقدم.
والأهم أن لا يحصل ضرر بسبب الريح في أثناء خروج المصلين للمسجد ,فقد يحدث أن تحرّك وتدفع الريح أشياء ثقيلة تسبب الأضرار في الأشخاص والسيارات.
ثالثاً:رفع الصوت ركن [في الأذان] مالم يؤذّن لحاضر.
والذي يظهر أنه مطلقاً لحاضر, ومتبدي, وبعيد ؛ لحديث أبي سعيد الخدري [رضي الله عنه] قال له صلى الله عليه وسلم: ((
إني أراك تحبُّ الغنم والبادية؛ فإذا كنتَ في غنمك أو باديتك فأذّنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء ؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جِنٌ ولا إنس ولا شيء إلا شَهِد له يوم القيامة )
قال أبو سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم. ينظر: صحيح البخاري (1/ 221), مختصر الإفادات للبلباني ص62.[4]
رابعاً:"صلوا في رحالكم" وما ورد في معناها . ما حكمها, ومتى تقال؛ في الأذان أو بعده, أو تقال عن الأذان؟
حكمها: المشروعية.
فقد ورد في السنة قول المؤذن عند وجود المطر أو الريح أو البرد: "ألا صلوا في رحالكم"، أو "الصلاة في الرحال". في أحاديث متفق عليها.
وهل هي خاصة في السفر؟
ورد في السنة مشروعيتها في السفر والحضر, فالنداء يكون في السفر كما يكون في الحضر, بل يكون للمنفرد بأرض قِي – صحراء – وله أجرعظيم, وحتى الصلاة في الفلاة - الصحراء , أرض قي - لها أجر خاص !
فعن أبي سعيدالخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( الصلاة في الجماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة )) رواه أبو داود.
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا كان الرجل بأرض قِي فحانت الصلاة فليتوضأ فإن لم يجد ماء فليتيمم فإن أقام صلى معه ملكاه
وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه )) رواه عبد الرزاق في كتابه عن ابن التميمي عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عنه . ينظر: الترغيب والترهيب 1/ 113, وصحيح الترغيب والترهيب 1/61 و 99.
وقال ابن قدامه في المغني (1/ 461: فصل : ويشرع الأذان في السفر للراعي وأشباهه في قول أكثر أهل العلم...
خامساً: الصلاة في الرحال ونحوها, متى تقال وأقوال العلماء في ذلك:
جاء في شرح مسلم للنووي رحمه الله ج5/ 206 : "... وفي حديث بن عباس رضي الله عنهما أنه قال لمؤذن في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة! قل:صلوا في بيوتكم. قال: فكأن الناس استنكروا ذلك! فقال: (أتعجبون من ذا! فقد فعل هذا منهو خير مني. أن الجمعة عزْمة, وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدّحض). وفي رواية: (فعله من هو خير مني). يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم.
متى يقال: "صلوا في رحالكم":
هناك أقوال للفقهاء – ملخّصها - :
1- على ظاهر حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - المتقدم, فتقال أثناء الأذان (بدلاً) من الحيعلة... (وهو وجه للشافعية، وظاهر مذهب الحنابلة) وهو اختيار ابن خزيمة؛ نظراً إلى المعنى ؛ لأن معنى "حي على الصلاة": هلمّوا إليها. ومعنى "الصلاة في الرحال": تأخروا عن المجئ. ولا يناسب إيراد اللفظين معاً؛ لأن أحدهما نقيض الآخر.
2- انها تقال (بعدالحيعلة). (وجه للشافعية).
3- بعد الفراغ من الأذان، (مذهب الحنفية والمالكية، ووجه للشافعية). قال النووي رحمه الله " لكن قوله بعده أحسن؛ ليبقى نظم الأذان على وضعه" اهـ. ينظر: شرح النووي لصحيح مسلم 5/213ط المعرفة, ك/الصلاة. باب/ الصلاة في الرحال في المطر.
4- كل ذلك جائز , والأولى بعد الفراغ من الأذان. (بعض الحنفية، ومذهب الشافعية).
5- من الشافعية من قال: لا يقوله إلا بعد الفراغ, قال النووي: وهذا ضعيف؛ مخالف لصريح حديث بن عباس رضي الله عنهما...شرح النووي لمسلم رحمهما الله 5/213ط المعرفة.
الألفاظ الواردة : صلّوا في بيوتكم. و " ألا صلّوا في الرحال". "ألا صلّوا في رحالكم".
ينظر: الأم1/88, التمهيد 3 /56-57، المجموع 3 /136, فتح الباري 2 /113، مغني المحتاج 1 /136,عمدة القاري5 /128, كشاف القناع ط قديمة - الشاملة- 1/497, ط وزارة العدل 3/245.
----------------
الغريب:
رحل: قال الليث : الرَّحْلُ : مَرْكَبٌ للبعير.
والرَّحْل في غير هذا منزِلُ الرجل ومسكَنُه وبَيْتُه ، يقال : دخلتُ على الرَّجُل رحْلَه أي منزِلَه وفي حديث يزيدَ بْنِ شَجَرَة : ( أنه خطب الناس في بَعْثٍ كان هو قائِدَهم، فحثَّهُم على الجهادِ وقال إنكم تَرَوْن مَا أَرَى من بَيْن أَصْفَرَ وأَحمَرَ ،وفي الرحَالِ ما فيها ، فاتقوا الله ولا تخزوا الحُورَ العِينَ ) وقال الليث : رَحْلُ الرَّجُلِ : مسكَنُه .
وإنَّه لخَصِيبُ الرَّحْل . وانتهيْنَا إلى رِحَالِنَا : أيإلى مَنَازِلِنا. اهـ مختصراً من تهذيب اللغة.
قال النووي رحمه الله: قال أهل اللغة: الرحال: المنازل سواء كانت من حجر ومدر وخشب أوشعر وصوف ووبر وغيرها, واحدها: رحل.
عزْمة: أي واجبة متحتّمة, فلو قال المؤذّن : حي على الصلاة [ولم يذكرالصلاة في الرحال] لكلفتم المجيء إليها, ولحقتكم المشقة.
الغداة القرة : الغداة : الصبح وتطلق على الصبح. القرّة : الباردة
ينظر:تهذيب اللغة (5/5- 6), شرح النووي 5/211- 214 ط المعرفة الثالثة 1417هـ.
والله أعلم . هذه (الكتابة مدارسة وهي بحاجة إلى مراجعة)
وكتب أبو محمد ملفي بن ساير بن مجاهد
------------------------------
[1] سيأتي في آخر المقدمة بيان هذه الأحرف الاصطلاحية.
[2] ينظر : مختصر الفوائد المكية ص24.
[3] وعلى رأي الأحناف ورد الجمع في شيء واحد وهو الجمع بعرفة, وإلا فالدليل الشرعي المؤكّد في هذه القضية هوالدليل العام: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} .
[4] (كان صلى الله عليه وسلم كان يبدو إلى هذه التلاع). ينظر: سنن ابي داود 2480, مسند أحمد ط الرسالة(40/353)حديث رقم: 24307, الأدب المفرد (ص: 203).